الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«الخلوق» بفتح الخاء المعجمة: طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب.
وفي الحديث دليل على تنظيف المسجد وتنزيهه عما يستقذر وتطييبه بالخلوق أو غيره. قال ابن عبد البر:
«وفي حكم البصاق في المسجد تنزيهه عن أن يؤكل فيه مثل البلوط والزبيب لعجمه وما له دسم وتلويث وحب دقيق وما يكنسه المرء من بيته» . ذكره العراقي في «شرح التقريب» «2/ 385» .
[الثمر المستطاب (2/ 590)].
حرمة إلقاء شئ في المسجد كالحشرات ونحوها
ولذلك فإنه لا يجوز أن يلقى في المسجد شيئا من الحشرات ونحوها مما في معناها من بدنه لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا وجد أحدكم القملة في ثوبه فليصرها ولا يلقها في المسجد» . [حسن لغيره].
[الثمر المستطاب (2/ 593)].
من آداب المساجد: إنارتها بما لا إسراف فيه
[ذكر الإمام من آداب المساجد]: «إنارتها بما لا إسراف فيه لقوله عليه الصلاة والسلام في بيت المقدس: «ائتوه فصلوا فيه فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله» . [صحيح].
الحديث رواه أبو داود وهذا لفظه ورواه أحمد وابن ماجه بلفظ آخر سبق ذكره مع تخريجه في الكلام على المسجد الأقصى.
والحديث فيه مشروعية إيقاد السرج في المساجد لإنارتها وأقل ما يفيده الاستحباب وقد ترجم له أبو داود وكذا البيهقي بـ «باب السرج في المساجد» .
وأخرج ابن ماجه «1/ 356» عن خالد بن إياس عن يحيى بن عبد الرحمن ابن حاطب عن أبي سعيد الخدري قال: أول من أسرج في المساجد تميم الداري. قال في «الزوائد» : «هو موقوف وفي إسناده خالد بن إياس اتفقوا على ضعفه» .
وقد روي هذا مفصلا في «تفسير القرطبي» «12/ 274» :
«روى سعيد بن زبان: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن أبي هند رضي الله عنه قال: حمل تميم - يعني الداري - من الشام إلى المدينة قناديل وزيتا ومقطا فلما انتهى إلى المدينة وافق ذلك ليلة الجمعة فأمر غلاما يقال له: أبو البزاد فقام فنشط المقط وعلق القناديل وصب فيها الماء والزيت وجعل فيها الفتيل، فلما غربت الشمس أمر أبا البزاد فأسرجها وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فإذا هو بها تزهر فقال: «من فعل هذا؟ » قالوا: تميم الداري يا رسول الله فقال: «نورت الإسلام نور الله عليك في الدنيا والآخرة أما إنه لو كانت لي ابنة لزوجتكها» قال نوفل بن الحارث: لي ابنة يا رسول الله تسمى المغيرة بنت نوفل فافعل بها ما أردت. فأنكحه إياها.
زبان «بفتح الزاي وتشديدها بنقطة واحدة من تحتها» ينفرد بالتسمي به سعيد (1) وحده فهو أبو عثمان سعيد بن زبان بن فائد بن زبان أبي هند.
وأبو هند هذا مولى ابن بياضة حجام النبي صلى الله عليه وسلم.
و«المقط» : جمع المقاط: وهو الحبل فكأنه مقلوب القماط. والله أعلم».
قلت: هذا كله كلام القرطبي وسكت على الحديث وما كان ينبغي له السكوت عليه فإنه شديد الضعف فإن سعيدا هذا أورده الذهبي في «الميزان» وسمى أباه زيادا - بالمثناة التحتية - وساق له أحاديث بإسناد هذا المذكور عن آبائه عن أبي هند مرفوعا:
(1) كذا في القرطبي ولعل الصواب: والد سعيد. فإنك ترى أن زبان اسم أبيه وقد ذكر الحافظ عبد الغني بن سعيد في «المؤتلف والمختلف» «ص 59» أن زبان بن قائد يكنى أبا جوين حمراوي. [منه].
«نعم الطعام الزبيب يشد العصب ويذهب الوصب ويطفئ الغضب ويطيب النكهة ويذهب البلغم ويصفي اللون» . قال الأزدي:
«متروك. وساق ابن حبان له هذا وقال: لا أدري البلية ممن هي؟ منه أو من أبيه أو جده» .
قلت: والظاهر أن القناديل لم تكن معهودة الاستعمال في عهده عليه الصلاة والسلام لا في المساجد ولا في البيوت إلا أن يكون نادرا فإنه لم ينقل إلينا - فيما علمت - أي حديث يثبت ذلك. بل قد جاء ما ينفي ذلك في أحاديث:
الأول: عن عائشة قالت:
كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني
…
الحديث وفيه قالت عائشة: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح. متفق عليه.
الثاني: عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه:
أنه عليه الصلاة والسلام كان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه.
متفق علي أيضا.
وهو ظاهر في أنه لم يكن في المساجد مصابيح يعرفون بها وجوه بعضهم بعضا ولذلك جعل انتهاء صلاته عليه الصلاة والسلام من الفجر حين ذهاب الغلس وابتداء انتشار النور الذي يكشف عن الوجوه. والله أعلم.
«راجع «التراتيب الإدارية» فصل: هل أوقدت الشموع في المدينة على عهده عليه الصلاة والسلام. ج 1 ص 85».
ولكن ذلك لا ينفي مشروعية تنوير المسجد طالما أنه عليه الصلاة والسلام قد رغب إلى ذلك في الحديث السابق وعليه جرى العمل فيما بعد. وإنما قيدنا ذلك «بما لا إسراف فيه» لأن الإسراف لا خير فيه ولأنه من إضاعة المال سدى وقد نهينا عنه. فما اعتاده الناس من زيادة وقود القناديل الكثيرة من الأنوار الكهربائية في كثير
من المساجد بمناسبة بعض المواسم والأعياد.
- كأول جمعة من رجب وليلة النصف من شعبان وشهر رمضان كله والعيدين - محرم ممنوع لا سيما في العيدين فإن الأنوار فيهما تبقى متقدة إلى الضحوة فيهما.
وقد قال ابن الحاج رحمه الله في «المدخل» في أثناء الكلام على بدع ليلة النصف من شعبان «1/ 308» :
«ألا ترى إلى ما فعلوه من زيادة الوقود الخارج الخارق حتى لا يبقى في الجامع قنديل ولا شيء مما يوقد إلا أوقده، حتى إنهم جعلوا الحبال في الأعمدة والشرفات وعلقوا فيها القناديل وأوقدوها وقد تقدم التعليل الذي لأجله كره العلماء رحمهم الله التمسح بالمصحف والمنبر والجدران
…
إلى غير ذلك إذ إن ذلك كان السبب في ابتداء عبادة الأصنام، وزيادة الوقود فيه تشبه بعبدة النار في الظاهر وإن لم يعتقدوا ذلك لأن عبدة النار يوقدونها حتى إذا كانت في قوتها وشعشعتها اجتمعوا إليها بنية عبادتها، وقد حث الشارع صلوات الله وسلامه على ترك تشبه المسلمين بفعل أهل الأديان الباطلة حتى في زيهم المختص بهم. وانضم على ذلك اجتماع كثير من النساء والرجال والولدان الصغار الذي يتنجس الجامع بفضلاتهم غالبا وكثرة اللغط واللغو الكثير مما هو أشد وأكثر وأعظم من ليلة السابع والعشرين من رجب وقد تقدم ما في ذلك من المفاسد وفي هذه الليلة أكثر وأشنع وأكبر وذلك بسبب زيادة الوقود فيها، فانظر رحمنا الله وإياك إلى هذه البدع كيف يجر بعضها إلى بعض حتى ينتهي ذلك إلى المحرمات». ا. هـ كلامه.
وفي «الباعث على إنكار البدع والحوادث» «ص 22 - 23» نقلا عن أبي بكر الطرطوشي رحمه الله أنه قال:
«ومما أحدثه المبتدعون وخرجوا به عما وسمه المتشرعون وجرُوا فيه على سنن المجوس واتخذوا دينهم لهوا ولعبا: الوقيد ليلة النصف من شعبان ولم يصح فيها شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نطق بالصلاة فيها والإيقاد صدوق من الرواة، وما أحدثه [إلا] متلاعب بالشريعة المحمدية راغب في دين المجوسية لأن النار معبودهم. وأول ما حدث