الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مداخلة: لو كان الصور ممتهنة؟
الشيخ: ما في فرق عندي ممتهنة أو غير ممتهنة، يجب أن يقضى عليها.
(رحلة النور: 01 ب/00: 00: 10)
حكم الخروج من المسجد بعد سماع الأذان
الشيخ: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، يقول الحافظ المنذري في كتاب الترغيب والترهيب، وفي الفصل الرابع من كتاب الصلاة من صحيح الترغيب والترهيب: الترهيب من الخروج من المسجد بعد الأذان لغير عذر:
أورد المؤلف رحمه الله في هذا الباب بعض الأحاديث المترجمة للباب، وفي بعضها ما هو ضعيف، [ولما] كان كتابنا هذا خاصاً بما صح وثبت فقد قلنا: ورواه - يعني: حديث أبي هريرة الذي في الكتاب الآخر برقم كذا - مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه دون قوله: «وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم» إلى آخره.
هنا تعبير قلت: في صحيح مسلم في الباب عشرين: الترهيب من ترك أمور الجماعة، هناك اللفظ الصحيح عن أبي الشعثاء المحاربي قال:«كنا قعوداً في المسجد فأذن المؤذن، فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد وقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم» ورواه مسلم وغيره، وتقدم في الضعيف رقم كذا برواية أحمد، هذه الرواية التي هي من حصة الضعيف من الترغيب فيها:«أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم الخروج بعد الأذان من المسجد» فالفرق بين الرواية الصحيحة التي رواها مسلم وبين الرواية الضعيفة التي رواها أحمد هي: أن رواية مسلم عن أبي هريرة أنه لما رأى الرجل خرج من المسجد بعد الأذان قال أبو هريرة: قد عصى هذا أبا القاسم، أما رواية أحمد الضعيفة: ففيها أن أبا هريرة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الخروج من المسجد، فالفرق في اللفظ وليس في المعنى.
هذا الحديث الأول وهو من حديث أبي هريرة واللفظ الصحيح قول أبي هريرة: «فقد عصا أبا القاسم» ثم ذكر أحاديث أخرى تؤيد هذا المعنى، وفيه شيء من الترهيب المناسب للباب، قال: وعنه - يعني: أبا هريرة - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يسمع النداء في مسجدي هذا، ثم يخرج منه إلا لحاجة، ثم لا يرجع إليه إلا منافق» رواه الطبراني في الأوسط ورواته محتج به في الصحيح، وفي الكلام على هذا التخريج ليس هذا الآن محل ذكره وإنما الشاهد أن في هذا الحديث بيان أن الذي يخرج من المسجد بعد أن يسمع الأذان دون حاجة يضطر بسببها للخروج فهو منافق، ولو أنه خرج بحاجة ناوياً الرجوع إلى المسجد فينتفي عنه هذا الوصف وهو أنه منافق؛ لأنه إنما خرج من المسجد لحاجة ألحت عليه بالخروج، فما دام أنه خرج ينوي الرجوع وفعلاً رجع فلا يصح أن يقال فيه: إنه منافق.
كذلك الأحاديث الأخرى التي ساقها من بعد حديث أبي هريرة، قال: وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدركه الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة وهو لا يريد الرجعة فهو منافق» فهذا بمعنى الحديث الأول؛ ولذلك كان الحديث الأول يشهد لهذا الحديث وبهذا الاعتبار صحح.
ونحوه أيضاً حديث الأخير في الباب، وهو قوله عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يخرج من المسجد أحد بعد النداء إلا منافق، إلا أحد أخرجته حاجة وهو يريد الرجوع» الشاهد: بين هذا الحديث الذي جاء من عدة طرق وفيه: حكم النبي صلى الله عليه وسلم لمن خرج من المسجد في غير حاجة فهو منافق، وبين حديث أبي هريرة حيث قال:«فقد عصى أبا القاسم» ولا شك أن كل من أطلق عليه منافق فهو عاص، وليس كل من كان عاصياً يصح أن يطلق عليه أنه منافق، ولذلك فهناك فرق بين حديث أبي هريرة وبين روايته الثانية وهي من الروايات الأخرى التي جاءت عن غيره رضي الله عنه، فهي تلتقي كلها في أن من خرج من المسجد بعد الأذان لغير حاجة فهو منافق إلا أن يكون خرج لحاجة وهو ينوي الرجوع إلى المسجد.
ولا شك أن هذا الحكم الذي صدر من النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الذي يخرج من
المسجد بعد الأذان هو الذي تقتضيه عمومات الشريعة؛ لأنه قد ثبت في صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: «كنا نشهد لمن يسمع النداء ولا يخرج إلى الصلاة أنه منافق» ولا فرق بين هذا الذي لم يأت المسجد لصلاة الجماعة فلا عذر له، وبين هذا الذي حضر المسجد ثم سمع النداء وخرج لا ينوي على شيء ما أخرجه أيضاً حاجة ولا هو ينوي الرجوع إلى المسجد لإدراك صلاة الجماعة، وقد عرفتم إن شاء الله أن حكمها بالفرضية، وأن فضيلتها بسبع وعشرين درجة، فالذي يخرج من المسجد معرضًا عن هذا الأجر وعن إطاعة الله ورسوله في تنفيذ مثل قوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43].
وحينئذٍ فيرد هنا عادةً سؤال: هل يجوز لأحد أن يخرج من المسجد بعد الأذان ليس له حاجة ملحة، كل ما في الأمر أنه يريد أن يصلي في مسجد آخر، فقد تحدثت آنفاً مع بعض الإخوان ونحن قادمون إلى هذا المكان: بأن الأصل أنه لا يجوز، ولكن أحياناً تأتي عارضة توجب شيئاً من الاستثناء في مثل هذا الحديث، وضربت على ذلك مثلاً: من خرج من مسجد بعد الأذان بغير حاجة لكن يريد أن يصلي في مسجد آخر، فهذا وحده فقط لا يعتبر عذراً، بخلاف ما لو كان حضر في مسجد لحضور درس أو علم يستفيده، وما كاد أن يسمع الأذان إلا خرج إلى مسجد الصلاة فيه أفضل من الصلاة في المسجد الذي حضر الدرس فيه، وضربت على ذلك مثلاً: الخروج من مسجد من المساجد العامة إلى المسجد النبوي، في ذاك المسجد من المساجد العامة حضر درساً استفاده، فلما أذن للصلاة خرج ليكسب فضيلة الصلاة في المسجد النبوي ففي هذه الحالة وما يشابهها ممكن أن يقال بجواز الخروج، ويكون ذلك من الحاجة التي أشار إليها الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقد أضاف إلى الحاجة: أنه ينوي الرجوع إليه، والمقصود بهذه النية أن لا يفوت عليه صلاة الجماعة، فإذا نوى الصلاة في مسجد هو أفضل من الصلاة في المسجد الذي حضر الدرس فيه، فما يشمله هذا الوعيد الشديد وهو وصفه بأنه منافق.