المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من مناهي المساجد البصق لا سيما نحو القبلة - جامع تراث العلامة الألباني في الفقه - جـ ٨

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌متفرقات في أحكام المساجد

- ‌المساجد أحب البقاع إلى الله

- ‌فضل إتيان المساجد

- ‌يجب بناء المساجد في كل قرية أو محلة لا مساجد فيها وهم بحاجة إليها

- ‌في بناء المساجد فضل عظيم وأجر كبير

- ‌يستحب للمرء أن يباشر بناء المسجد بنفسه ما أمكنه

- ‌آداب المساجد

- ‌من آداب المساجد تطهيرها وتكنيسها وتطييبها

- ‌فضل القيام على العناية بالمساجد

- ‌حرمة إلقاء شئ في المسجد كالحشرات ونحوها

- ‌من آداب المساجد أن يمشي إلى المسجد بالسكينة والوقار

- ‌من آداب المساجد أن يدلك نعليه بالتراب إن أراد الدخول بهما

- ‌من آداب المساجد أن يبتدئ دخوله بالرجل اليمنى

- ‌من آداب المساجد أن يقول عند الدخول استحبابا:(أعوذ بالله العظيم

- ‌دعاء الدخول والخروج من المسجد

- ‌من آداب المساجد أن يُصَلَّى فيه صلاة القدوم من السفر

- ‌من آداب المساجد أن يبدأ الخروج منه بالرجل اليسرى

- ‌من آداب المساجد أن يقول عند الخروج: (بسم الله

- ‌من آداب المساجد أن يخرج منه وفي نيته أن يعود إليه

- ‌الأفضل لمن كان فارغًا لا عملَ له أو كان غنيًّا عن الكسب أن يبقى في المسجد انتظارًا للصلاة الأخرى

- ‌لا يحل الخروج من المسجد بعد الأذان قبل الصلاة

- ‌مناهي المساجد

- ‌النهي عن تشبيك الأصابع في المسجد

- ‌حكم تشبيك الأصابع في المسجد

- ‌يحرم قربان المساجد لمن أكل ثوما ونحوه من البقول والنباتات المنتنة

- ‌أهمية التفريق بين من كانت رائحة فمه كريهة بكسبه ومن ليس كذلك في حكم دخول المساجد

- ‌لا يجوز للمصلي اتخاذ مكان معين من المسجد للصلاة فيه لا يجاوزه

- ‌من مناهي المساجد جلوس الناس على هيئة الحلقة قبل صلاة الجمعة ولو للعلم والمذاكرة

- ‌من مناهي المساجد تناشد الأشعار

- ‌من مناهي المساجد نشدان الضالة وطلبها والسؤال عنها برفع الصوت

- ‌من مناهي المساجد البيع والشراء فيه

- ‌من مناهي المساجد إقامة الحدود والقصاص فيه

- ‌من مناهي المساجد البصق لا سيما نحو القبلة

- ‌من مناهي المساجد البول ونحوه فيه

- ‌مناهي المساجد وآدابها هي من الرفع المذكور في قوله تعالى: في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه

- ‌من مناهي المساجد اتخاذه طريقًا

- ‌تحريم البصاق إلى القبلة داخل المسجد أو خارجه

- ‌كراهة النخاعة في المسجد

- ‌هل يوجد حديث صحيح ينهى عن الكلام في المسجد والمصلي يصلي

- ‌فرقعة الأصابع في المسجد

- ‌تسليم الداخل إلى المسجد

- ‌التَحَدُّث بأمور دنيوية بين الأذان والإقامة في المسجد

- ‌اصطحاب الأولاد غير المميزين إلى المسجد

- ‌من دخل المسجد وعليه ثياب فيها تصاوير

- ‌حكم الخروج من المسجد بعد سماع الأذان

- ‌حكم حجز المكان في المسجد

- ‌حكم تقصُّد الذهاب للمسجد الأبعد لتكثير الخُطا

- ‌مباحات المساجد

- ‌من مباحات المساجد المرور فيه أحيانا لحاجة

- ‌من مباحات المساجد إتيانه من النساء بشروط

- ‌من مباحات المساجد دخول الحائض والجنب لا سيما لحاجة

- ‌من مباحات المساجد الدخول بالسلاح غير مسلول

- ‌من مباحات المساجد إدخال الصبيان فيه

- ‌من مباحات المساجد إدخال الميت للصلاة عليه

- ‌من مباحات المساجد إدخال المشرك لحاجة إلا المسجد الحرام فيستثنى من هذا الحكم

- ‌من مباحات المساجد إدخال الدابة للحاجة

- ‌من مباحات المساجد الوضوء فيه

- ‌من مباحات المساجد الاجتماع والتحلق لدراسة القرآن والعلم

- ‌من مباحات المساجد إنشاد الشعر الحسن أحيانا ولا سيما إذا كان في الذب عن الإسلام

- ‌من مباحات المساجد نصب الخيمة للمريض وغيره للحاجة

- ‌من مباحات المساجد اللعب بالحراب ونحوها من آلات الحرب

- ‌من مباحات المساجد ربط الأسير بالسارية

- ‌من مباحات المساجد القضاء واللعان

- ‌من مباحات المساجد الاستلقاء

- ‌من مباحات المساجد النوم والقيلولة للمحتاج

- ‌من مباحات المساجد السكن في ناحية منه لمن لا مأوى له من الرجال أو النساء

- ‌من مباحات المساجد قسمة المال

- ‌من مباحات المساجد تعليق العذق أو العنقود للفقراء

- ‌من مباحات المساجد السؤال من المحتاج والتصدق عليه

- ‌من مباحات المساجد الكلام المباح أحيانا بحيث أن لا يجعل ذلك ديدنه

- ‌من مباحات المساجد الأكل والشرب أحيانًا

- ‌صلاة المأموم خارج المسجد

- ‌حكم صلاة المأموم خارج المسجد

- ‌الملحقات بالمسجد

- ‌الصلاة في مكان تابع للمسجد، مع العلم أن طريقاً يقطع بينهما

- ‌الغرفة أو الملاصقة للمسجد التي بابها إلى المسجد هل تعد من المسجد

- ‌الغرفة التي تكون داخل المسجد وبابها داخل المسجد هل تُعطى أحكام المسجد

- ‌هل يشرع إنشاء المرافق مع المسجد، وكلمة حول عدم مشروعية فصل مصلى النساء بفاصل عن باقي المسجد

- ‌إمام أو مؤذن سكن في غرفة في فناء المسجد فهل يُطبق أحكام المسجد في هذه الغرفة

- ‌دخول الحائض والجنب المسجد

- ‌حكم دخول المرأة الحائض المسجد لسماع الدرس، مع التنبيه على أن إقامة النساء للدروس في المساجد من البدع

- ‌حكم دخول الجنب المسجد

- ‌حكم دخول الحائض المسجد

- ‌إقامة مسجد على بيت أو في مكان بيت

- ‌حكم إقامة مسجد على بيت

- ‌حكم استئجار البيوت وتحويلها إلى مساجد تقام فيها الجمع والجماعات

- ‌الصلاة في الصف الأول بالمسجد النبوي أفضل، أم في الروضة

- ‌حكم الصلاة في المساجد المبنية تحت دورات المياه، وحكم بناء بيوت أو غرف على المسجد

- ‌حكم صلاة الجمعة في المساجد التي هي في أصلها بيوت مستأجرة

- ‌حكم النداء بمكبرات الصوت في المسجد على ابن ضائع

- ‌مواصفات المسجد السني وبيان مخالفات المساجد

- ‌أحكام في بناء المساجد: وجوب إتقان البناء

- ‌أحكام في بناء المساجد: ألا يشيده ويرفع بنيانه

- ‌أحكام في بناء المساجد: أن لا يُزَخْرَف ويُزيَّن

- ‌حكم المحراب في المسجد

- ‌بدعية المحراب في المسجد

- ‌حكم المحراب في المسجد، وحكم السواري، وكلمة حول بعض منهيات المساجد

- ‌أحكام في بناء المساجد: ألا يبنيه على قبر

- ‌أحكام في بناء المساجد: تقليل السواري

- ‌أحكام في بناء المساجد: أن يُجعل فيه بابًا خاصًّا للنساء

- ‌من أحكام المساجد: أن لا يجعل فيه خوخات وأبواب ينفذ إليه منها من حوله من ساكني البيوت

- ‌جواز بناء المساجد على متعبدات الكفار بعد كسرها وتغيير معالمها

- ‌جواز بناء المساجد على قبور المشركين بعد نبشها

- ‌مواصفات المسجد السني

- ‌لون فرش المساجد

- ‌المسجد المبني على السنة

- ‌السنة في بناء المساجد

- ‌المخالفات الحاصلة في بناء المساجد

- ‌المخالفات الحاصلة في المساجد

- ‌حكم تعليق لوحات فيها تذكير بالسنن في المساجد

- ‌حكم فصل مصلى النساء عن باقي المسجد بفاصل

- ‌نصيحة من الشيخ تضمنت الحديث على مخالفات المساجد

- ‌حكم الخط الذي يُشد في المسجد لتسوية الصفوف، وحكم المحاريب والمآذن

- ‌السواري في المساجد

- ‌هل المنارة للمسجد كانت معروفة في العهد النبوي

- ‌الصلاة في المساجد المخالفة للسنة وكيفية معالجة هذه المخالفات

- ‌الصلاة في المساجد المزخرفة

- ‌حكم إلتزام نفس المواد التي بنى النبي صلى الله عليه وسلم بها مسجده في بناء مسجد في هذا العصر

- ‌إذا دُفن ميت في صحن المسجد

- ‌الخيط لتسوية الصفوف

- ‌شد الخيط في المسجد لتسوية الصفوف

- ‌حكم شد الخيط في المسجد لتسوية الصفوف

- ‌وقفيات المساجد

- ‌إذا أخفى إمام المسجد الكتب الموقوفة على المسجد هل يجوز سرقتها

- ‌التصرف في الأموال الموقوف على المسجد

- ‌حكم التصرف بالفائض من حاجة المسجد

- ‌إقامة حفلات في المسجد

- ‌حكم إقامة الحفلات في المساجد

- ‌حكم العرس في المسجد

- ‌فصل مصلى النساء

- ‌حكم فصل مصلى النساء عن باقي المسجد بفاصل

- ‌عدم تخصيص مكان للنساء في المسجد

- ‌حكم فصل مصلى النساء في المسجد بجدار أو ستارة أو نحوه

- ‌المنبر

- ‌الزيادة في المنبر على ثلاث درجات

- ‌هل هيئة المنبر النبوي تُعد من العادات

- ‌المساجد الثلاث وأحكامها

- ‌المسجد الحرام هو أول مسجد بني على وجه الأرض

- ‌اختص المسجد الحرام بجواز صلاة النافلة فيه في كل وقت

- ‌الكعبة بحاجة إلى إصلاحات

- ‌حال حديث: تحية البيت الطواف

- ‌المسجد النبوي أفضل المساجد وأعظمها حرمة بعد المسجد الحرام

- ‌المسجد النبوي أفضل من المسجد الأقصى

- ‌من فضائل المسجد النبوي أن من أتاه لا لشئ إلا لخير يتعلمه فهو في منزلة المجاهد

- ‌من فضائل المسجد النبوي أن ما بين البيت النبوي والمنبر روضة من رياض الجنة

- ‌المسجد النبوي هو المسجد الذي أسس على التقوى كمسجد قباء

- ‌الزيادة والتوسعة في المسجد النبوي من المسجد

- ‌المسجد الأقصى أفضل المساجد بعد المسجدين الحرام والنبوي

- ‌لا يجوز قصد السفر إلى مسجد أو موضع من المواضع الفاضلة والصلاة فيها إلا إلى المساجد الثلاثة

- ‌من السنة شد الرحل إلى المسجد الأقصى

- ‌الصلاة في بيت المقدس بمئتي صلاة وخمسين صلاة

- ‌فضيلة مسجد قباء

- ‌فضل الصلاة في مسجد قباء

- ‌كان صلى الله عليه وسلم يأتي قباء كل سبت راكبا وماشيا فيصلي فيه ركعتين

- ‌هل باقي المساجد بينها تفاضل

- ‌هل مكة كلها لها فضل الصلاة في المسجد الحرام

- ‌حكم الصلاة في المسجد الحرام مع كثرة الرجال والنساء، وحكم السترة فيه، وحكم ما يحدث في الحرم عند الإزدحام من صلاة الرجال خلف النساء

- ‌صلاة المرأة في المسجد النبوي

- ‌الصلاة المضاعفة في الحرم، هل هي عامة في الصلوات أم في الفريضة فقط، ما تحقيقكم في المسألة

- ‌هل الأفضل للمراة الصلاة في الفندق أم في الحرم

- ‌حدود المسجد الحرام

- ‌التوسعات التي طرأت على المسجد الحرام هل لها فضل المسجد

- ‌هل لغسل الكعبة وقت معين

- ‌حكم الصلاة في العمائر المطلة على الحرم اقتداءً بصلاة إمام الحرم

- ‌كيفية السجود مع الإزدحام الشديد في الحرم

- ‌هل للصلاة في مسجد قباء ثواب معين

- ‌تحية المسجد

- ‌من آداب المساجد أن يصلي ركعتين قبل القعود وجوبًا

- ‌تحية المسجد واجبة أم غير واجبة

- ‌حكم تحية المسجد واتخاذ السترة في الصلاة

- ‌هل المسجد الذي لا تقام فيه الجمعة يصلى له تحية المسجد

- ‌هل يصلي تحية المسجد عند دخول مصلى البيت وما شابه

- ‌تحية المسجد للداخل إلى البيت الحرام

- ‌هل تجوز صلاة تحية المسجد في أوقات الكراهة

- ‌حكم صلاة تحية المسجد في أوقات الكراهة

- ‌حكم صلاة تحية المسجد وقت الكراهة

- ‌تحية المسجد لمن دخل المسجد قبل أذان المغرب بقليل

- ‌حكم صلاة تحية المسجد قبل أذان المغرب

- ‌لا تسقط تحية المسجد عن الداخل يوم الجمعة والخطيب على المنبر

- ‌إذا دخل شخص المسجد يوم الجمعة والمؤذن يؤذن الأذان الذي بين يدي الخطيب فهل يردد الأذان أم يشرع في تحية المسجد

- ‌من جلس في المسجد قبل أن يصلي تحية المسجد

- ‌من دخل المسجد والمؤذن يُؤَذِّن

- ‌أقيمت الصلاة وهو في الركعة الثانية من النافلة فهل يقطع الصلاة

- ‌هل تصلى الحائض تحية المسجد

- ‌من دخل المسجد قبيل غروب الشمس بدقائق

- ‌هل الفرض يغني عن تحية المسجد ركعتين

- ‌حكم مصافحة من على اليمين واليسار بعد صلاة تحية المسجد

- ‌مَن صلَّى تحية المسجد ثم خرج ثم رجع هل يعيد التحية

- ‌المصليات

- ‌ضابط المسجد والمصلى

- ‌هل يُصلَّى في مصلى الشركة أم في المسجد

الفصل: ‌من مناهي المساجد البصق لا سيما نحو القبلة

المسجد الحرام فيبسط النطع ويستوفي فيه تعجيلا لاستيفاء الحق عند الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يقتل في الحرم بل يلجأ إلى الخروج».

قلت: والظاهر ما قاله أبو حنيفة لأن الحديث أطلق ولم يفصل، وفي «المرقاة»:

«لأن في ذلك نوع هتك لحرمته ولاحتمال تلوثه بجرح أو حدث وقول ابن أبي ليلى: تقام شاذ. كذا ذكره ابن حجر. قال ابن الملك: لئلا يتلوث المسجد. وفي «شرح السنة» : قال عمر رضي الله عنه فيمن لزمه حد في المسجد: أخرجوه. وعن علي مثله.

والمعروف من هديه عليه الصلاة والسلام إقامة الحدود خارج المسجد كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة ماعز فقال رضي الله عنه:

أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله إني زنيت. فأعرض عنه حتى رد عليه أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع مرات

الحديث. وفيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اذهبوا به فارجموه» قال جابر ابن عبد الله: فرجمناه بالمصلى. ا. هـ مختصرا من البخاري ومسلم وأحمد.

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال:

أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم اليهودي واليهودي عند باب المسجد

الحديث.

أخرجه أحمد والحاكم. [وإسناده حسن].

[الثمر المستطاب (2/ 695)].

‌من مناهي المساجد البصق لا سيما نحو القبلة

[ذكر الإمام من مناهي المساجد]: «البصق لا سيما نحو القبلة واليمين وهو حرام فقد رأى صلى الله عليه وسلم بصاقا في جدار القبلة فحكه ثم أقبل على الناس [فتغيظ عليهم] فقال:

«إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه إذا صلى» .

الحديث من رواية نافع عن ابن عمر رضي الله عنه.

ص: 57

أخرجه البخاري ومسلم.

وهو يدل على تحريم البصاق في المسجد نحو القبلة من وجهين:

الأول: تغيظه صلى الله عليه وسلم عليهم حينما رأى البصاق في القبلة.

والآخر: نهيه عليه الصلاة والسلام إياهم عن ذلك والنهي الأصل فيه التحريم. قال الحافظ العراقي في «شرح التقريب» :

«هذا النهي عن بصاق المصلي أمامه أو عن يمينه هل هو على التحريم أو التنزيه؟ قال القرطبي: إن إقباله صلى الله عليه وسلم على الناس مغضبا يدل على تحريم البصاق في جدار القبلة وعلى أنه يكفر بدفنه وبحكه كما قال في جملة المسجد: البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها. قلت: ويدل على تحريم البصاق في القبلة ما رواه أبو داود بإسناد جيد من حديث السائب بن خلاد أن رجلا أمَّ قوما فبصق في القبلة. قلت: فذكر الحديث الآتي بعد هذا وفيه: أنه عليه الصلاة والسلام قال له: إنك آذيت الله ورسوله. وأطلق جماعة من الشافعية كراهة البصاق في المسجد منهم المحاملي وسليم الرازي والروياني وأبو العباس الجرجاني وصاحب «البيان» وجزم النووي في «شرح المهذب» التحقيق بتحريمه وكأنه تمسك بقوله في الحديث الصحيح أنه خطيئة». وقال الحافظ:

«وهذا التعليل «يعني قوله: «فإن الله قبل وجهه» يدل على أن البزاق في القبلة حرام سواء كان في المسجد أم لا ولا سيما من المصلي فلا يجري فيه الخلاف في أن كراهية البزاق في المسجد هل هي للتنزيه أو للتحريم؟ ».

ثم ساق حديث السائب وحديث حذيفة ويأتي أيضا.

«وأم رجل قوما فبصق في القبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ: «لا يصلي لكم» فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم» فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «نعم» وحسبت أنه قال: «إنك آذيت الله ورسوله» . [حسن صحيح].

ص: 58

الحديث أخرجه أبو داود والزيادة له وأحمد من طريق عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة الجذامي عن صالح ابن خيوان عن أبي سهلة السائب بن خلاد أن رجلا أم قوما

الحديث.

سكت عليه المنذري في «مختصره» وكذا الحافظ في «الفتح» وقال شيخه العراقي في «شرح التقريب» :

«إسناده جيد» .

ورواه ابن حبان أيضا في «صحيحه» كما في «الترغيب» .

ورجال إسناد الحديث ثقات رجال مسلم غير صالح بن خيوان - بالمعجمة ويقال: بالمهملة - وثقه العجلي وابن حبان مع أنه ما روى عنه سوى بكر هذا كما صرح به الذهبي في «الميزان» ولذلك قال عبد الحق الأزدي:

«لا يحتج به» .

وعاب ذلك عليه ابن القطان وصحح حديثه.

قلت: والقواعد العلمية تشهد لما قاله الأزدي غير أن الحديث حسن أو صحيح لأن له شاهدا من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه بمعناه أورده المنذري وقال:

رواه الطبراني في «الكبير» بإسناد جيد ورجاله ثقات» كما في «المجمع» .

- «وقال عليه الصلاة والسلام: «من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة تفله بين عينيه» . [صحيح].

وهذا الحديث يدل بظاهره على كراهة التفل في القبلة داخل الصلاة وخارجها لعدم تقييده بحال الصلاة. قال الحافظ:

«وقد جزم النووي بالمنع في كل حالة داخل الصلاة وخارجها سواء كان في المسجد أم غيره وقد نقل عن مالك أنه قال: لا بأس به - يعني خارج الصلاة -

ص: 59

ويشهد للمنع ما رواه عبد الرزاق وغيره عن ابن مسعود أنه كره [أن] يبصق عن يمينه وليس في صلاة. وعن معاذ بن جبل قال: ما بصقت عن يميني منذ أسلمت. وعن عمر بن عبد العزيز أنه نهى عنه ابنه مطلقا».

قلت: وأثر ابن مسعود أخرجه الطبراني أيضا في «الكبير» ورجاله ثقات كما في «المجمع» . وأما حديث عمرو بن حزم:

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بزق عن يمينه وعن يساره وبين يده.

فلا يصح بل هو ضعيف جدا فيه الواقدي أخرجه الطبراني في «الكبير» أيضا.

«وإن كان لا بد من البصق فليبصق عن شماله إن كان فارغا من المصلين، وإلا فتحت قدمه اليسرى بشرط أن يمكن دفنه فيه بأن يكون أرضه من رمل أو حصى لا من بلاط أو مفروشا بالبسط، وإلا فليبصق في ثوبه أو نعله لقوله عليه السلام:

«[ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع أمامه؟ أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخع في وجهه؟ ] إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكا وليبصق عن يساره «زاد في حديث ثان: «إن كان فارغا» أو تحت قدمه [اليسرى] فليدفنه» زاد في حديث ثالث: «فإن لم يجد مبصقا ففي ثوبه أو نعله» .

الحديث ورد عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم. [صحيح].

وفي هذه الأحاديث دلالة على تحريم البصاق في المسجد نحو القبلة واليمين لنهيه عليه الصلاة والسلام وتغليظه على من خالف ذلك حتى إنه عزل الإمام الذي فعل ذلك من الإمامة وقال له: «إنك آذيت الله ورسوله» فهو أكبر دليل على التحريم وقد سبق ذكر ما قاله الأئمة في ذلك قريبا.

وفيها دلالة صريحة على جواز البصق فيه نحو اليسار أو تحت القدم اليسرى بشرطه وهو الدفن ففيه رد على النووي حيث قال في «شرحه» على مسلم: «وقوله صلى الله عليه وسلم: «وليبزق تحت قدمه وعن يساره» هذا في غير المسجد أما المصلي في المسجد فلا يبزق إلا في ثوبه».

ص: 60

ووجه الرد عليه أن قوله عليه الصلاة والسلام هذا إنما قاله بخصوص المسجد حينما رأى النخامة في قبلته فنهاهم عن ذلك وعن البصق نحو اليمين ورخص لهم بالبزق فيه تحت القدم وعن اليسار وأمرهم بدفنه بقوله: «فليدفنه» . فمن خالف ولم يدفن فقد أثم وإلا فلا.

وأما تعليق النووي لما ذهب بقوله: «لقوله صلى الله عليه وسلم: «البزاق في المسجد خطيئة» فكيف يأذن فيه صلى الله عليه وسلم».

قلت: قد قضي الأمر وأذن فيه عليه الصلاة والسلام وإنما جاء الإشكال من فهمه للحديث الذي ذكره والآتي بعده على خلاف ما فهم العلماء كما صرح هو نفسه وسننقل كلامه في ذلك إن شاء الله ليتبين لك الحق.

«وقال عليه الصلاة والسلام: «البصاق «وفي لفظ: التفل. وفي آخر: النخاعة» في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها».

الحديث رواه قتادة عن أنس مرفوعًا.

أخرجه البخاري ومسلم.

«البصاق» . بالصاد بدل الزاي.

«التفل» - بالمثناة الفوقية -: نفخ معه أدنى بزاق وهو أكثر من النفث.

«و «النخامة» وهي «النخاعة» من الرأس أيضا ومن الصدر ويقال: تنخم وتنخع».

«وفي رواية: «التفل في المسجد سيئة ودفنه حسنة» .

هي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعا.

وقال: «عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن» .

الحديث من رواية أبي ذر رضي الله عنه.

أخرجه مسلم.

ص: 61

«وقال: إذا تنخم أحدكم في المسجد فليغيب نخامته أن تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فيؤذيه» .

هو من حديث سعد بن أبي وقاص. [حسن].

«رواه أحمد بإسناد حسن» .

وهذه الأحاديث تدل على ما دل عليه حديث أبي هريرة المتقدم وهو جواز البصق في المسجد - عند الحاجة طبعا - إذا دفنه قال الحافظ العراقي في «شرح التقريب» :

«قال أبو الوليد الباجي: فإن بصق في المسجد وستر بصاقه فلا إثم عليه وحكى القرطبي أيضا عن ابن مكي أنه إنما يكون خطيئة لمن تفل فيه ولم يدفنه. قال القرطبي: وقد دل على صحة هذا قوله في حديث أبي ذر: «ووجدت في مساوئ أعمالها النخامة تكون في المسجد لا تدفن» فلم يثبت لها حكم السيئة بمجرد إيقاعها في المسجد بل بذلك وببقائها غير مدفونة. قلت: ويدل عليه أيضا إذنه في ذلك في حديث الباب «يعني حديث أبي هريرة السابق» بقوله: «أو تحت رجليه فيدفنه» . إن حملنا الحديث على إرادة كونه في المسجد كما تقدم وهو مصرح به في حديث أبي سعيد وأبي هريرة المذكور في أول الباب».

وخالف في ذلك النووي وبالغ حيث قال في «شرح مسلم» :

«واعلم أن البزاق في المسجد خطيئة مطلقا سواء احتاج إلى البزاق أو لم يحتج بل يبزق في ثوبه، فإن بزق في المسجد فقد ارتكب الخطيئة وعليه أن يكفر هذه الخطيئة بدفن البزاق. هذا هو الصواب أن البزاق خطيئة كما صرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال العلماء والقاضي عياض: فيه كلام باطل حاصله أن البزاق ليس بخطيئة إلا في حق من لم يدفنه وأما من أراد دفنه فليس بخطيئة واستدل له بأشياء باطلة فقوله هذا غلط مخالف لنص الحديث» . قال الحافظ:

«وحاصل النزاع أن هنا عمومين تعارضا وهما قوله: «البزاق في المسجد خطيئة» وقوله: «وليبصق عن يساره أو تحت قدمه» . فالنووي يجعل الأول عاما

ص: 62

ويخص الثاني بما إذا لم يكن في المسجد، والقاضي بخلافه يجعل الثاني عاما ويخص الأول بمن لم يرد دفنها وقد وافق القاضي جماعة منهم ابن مكي في «التنقيب» والقرطبي في «المفهم» وغيرهما. ويشهد لهم، ثم ذكر حديث سعيد بن أبي وقاص ثم حديث أبي أمامة وقال:«إنه أوضح منه في المقصود» . ثم حديث أبي ذر وكلام القرطبي المتقدم فيه ثم قال: «وروى سعيد بن منصور عن أبي عبيدة بن الجراح:

أنه تنخم في المسجد ليلة فنسي أن يدفنها حتى رجع إلى منزله فأخذ شعلة من نار ثم جاء فطلبها حتى دفنها ثم قال: الحمد لله الذي لم يكتب علي خطيئة الليلة.

فدل على أن الخطيئة تختص بمن تركها لا بمن دفنها وعلة النهي ترشد إليه وهي تأذي المؤمن بها، ومما يدل على أن عمومه مخصوص: جواز ذلك في الثوب ولو كان في المسجد بلا خلاف وعند أبي داود من حديث عبد الله ابن الشخير أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فبصق تحت قدمه اليسرى ثم دلكه بنعله. إسناده صحيح وأصله في مسلم. والظاهر أن ذلك كان في المسجد فيؤيد ما تقدم».

قلت: وتخصيص النووي للحديث الثاني الذي أشار إليه الحافظ بما إذا لم يكن في المسجد باطل لأنه ورد في خصوص المسجد كما سبق عن العراقي.

فكيف يجوز تخصيصه بغير ما ورد الحديث لأجله؟

والحق أنه لا تعارض بين الحديثين مطلقا:

فالحديث الأول - وما في معناه - أفاد أن البصق في المسجد خطيئة إذا لم يدفنها وأما إذا دفنها فليست بخطيئة لأنه - أعني الدفن - حسنة أطاحت خطيئة البصق كما في حديث أبي أمامة.

والحديث الثاني - أي حديث أبي هريرة المتقدم - إنما أجاز البصق مع الدفن كما سبق فإذا لم يدفنها فقد ارتكب الخطيئة لا محالة وحينئذ فالحديثان متفقان. والحمد لله.

ثم قال الحافظ العراقي:

«في قوله: «فيدفنه» . ما يقتضي أن الترخص في البصاق في المسجد هو ما إذا كان

ص: 63

فراش المسجد حصى أو ترابا دون ما إذا كان رخاما أو بلاطا أو بساطا أو حصيرا وقد حكاه صاحب «المفهم» عن بعضهم فقال: وقد سمعنا من بعض مشايخنا أن ذلك إنما يجوز إذا لم يكن في المسجد إلا التراب أو الرمل كما كانت مساجدهم في الصدر الأول فأما إذا كانت في المسجد بسط وما له بال من الحصير بما يفسده البصاق ويقذره فلا يجوز احتراما للملائكة. قلت: قد ورد دلكها بالنعل عوضا عن الدفن فيما رواه مسلم من حديث عبد الله بن الشخير قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته تنخع فدلكها بنعله. وهذا يحتمل أن يكون أيضا في تراب أو حصباء فيحصل بدلكها دفنها في التراب. وقال الباجي: ليس له أن يبصق في الأرض ويحكه برجله لأن ذلك يقذر الموضع لمن أراد الجلوس فيه. قلت: قد روى أبو داود من رواية أبي سعيد «كذا في الأصل والصواب: أبو سعد» قال:

رأيت واثلة بن الأسقع في مسجد دمشق يبصق على البوري ثم مسحه برجله فقيل له لم فعلت؟ قال: لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.

والبوري: الحصير المعمولة من القصب قاله الهروي في «الغريبين» وعلى هذا فهي لا تفسد بذلك والحديث أيضا لا يصح».

قلت: وعلة هذا الحديث أبو سعد هذا وهو الحمصي الحميري رواه عنه الفرج بن فضالة عند أبي داود. قال الذهبي في «الميزان» :

«ما روى عنه سوى الفرج بن فضالة» .

قلت: فهو مجهول وقد صرح بذلك الحافظ في «التقريب» .

والفرج بن فضالة ضعيف أيضا كما قال المنذري في «مختصره» وبه أعل الحديث وكذلك قال في «التقريب» .

[الثمر المستطاب (2/ 703)].

ص: 64