الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بدعية المحراب في المسجد
مع التنبيه على ضعف حديث في ذلك
[روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال]: «لا تزال هذه الأمة، أو قال: أمتي بخير ما لم يتخذوا فى مساجدهم مذابح كمذابح النصارى» . ضعيف.
[قال الإمام]:
فائدة: المذابح: هي المحاريب كما في «لسان العرب» وغيره، وكما جاء مفسرا في حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ: اتقوا هذه المذابح يعني المحاريب. رواه البيهقي «2/ 439» وغيره بسند حسن، وقال السيوطي في «رسالته» «ص 21» حديث ثابت واستدل به على النهي عن اتخاذ المحاريب في المساجد، وفيه نظر بينته في «الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب» ، خلاصته أن المراد به صدور المجالس، كما جزم به المناوي في «الفيض» ، نعم جزم السيوطي في الرسالة السابقة، أن المحراب في المسجد بدعة. وتبعه الشيخ علي القاري في «مرقاة المفاتيح» «1/ 473» وغيره، فهذا أعني كونه بدعة يغني عن هذا الحديث المعضل، وإن كان صريحا في النهي عنه، فإننا لا نجيز لأنفسنا الاحتجاج بما لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم، وقد روى البزار «1/ 210 / 416 - كشف الأستار» عن ابن مسعود أنه كره الصلاة في المحراب وقال: إنما كانت للكنائس، فلا تشبهو ابأهل الكتاب يعني أنه كره الصلاة في الطاق. قال الهيثمي «2/ 51»: ورجاله موثقون. قلت: وفيما قاله نظر فقد أشار البزار إلى أنه تفرد به أبو حمزة عن إبراهيم واسم أبي حمزة ميمون القصاب وهو ضعيف اتفاقا ولم يوثقه أحد فإعلاله به أولى من إعلاله بشيخ البزار محمد بن مرداس بدعوى أنه مجهول، فقد روى عنه جمع من الحفاظ منهم البخاري في «جزء القراءة» وقال ابن حبان في ثقاته «9/ 107»: مستقيم الحديث لكن يقويه ما رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن إبراهيم قال: قال عبد الله: اتقوا هذه المحاريب. وكان إبراهيم لا يقوم فيها.
قلت: فهذا صحيح عن ابن مسعود، فإن إبراهيم وهو ابن يزيد النخعي وإن
كان لم يسمع من ابن مسعود، فهو عنه مرسل في الظاهر، إلا أنه قد صحح جماعة من الأئمة مراسيله، وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود. قلت: وهذا التخصيص هو الصواب لما روى الأعمش قال: قلت: لإبراهيم: أسند لي عن ابن مسعود، فقال إبراهيم: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله، فهو الذي سمعت، وإذا قلت: قال عبد الله، فهو عن غير واحد عن عبد الله. علقه الحافظ هكذا في «التهذيب» ، ووصله الطحاوي «1/ 133» ، وابن سعد في «الطبقات» «6/ 272» ، وأبو زرعة في «تاريخ دمشق» «121/ 2» بسند صحيح عنه. قلت: وهذا الأثر قد قال فيه إبراهيم: «قال عبد الله» ، فقد تلقاه عنه من طريق جماعة، وهم من أصحاب ابن مسعود، فالنفس تطمئن لحديثهم لأنهم جماعة، وإن كانوا غير معروفين لغلبة الصدق على التابعين، وخاصة أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه، ثم روى ابن أبي شيبة عن سالم بن أبي الجعد قال:«لا تتخذوا المذابح في المساجد» . وإسناده صحيح.
ثم روى بسند صحيح عن موسى بن عبيدة قال: رأيت مسجد أبي ذر، فلم أر فيه طاقا، وروى آثارا كثيرة عن السلف في كراهة المحراب في المسجد، وفي ما نقلناه عنه كفاية. وأما جزم الشيخ الكوثري في كلمته التي صدر بها رسالة السيوطي السالفة «ص 17»: أن المحراب كان موجودا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فهو مع مخالفته لهذه الآثار التي يقطع من وقف عليها ببدعية المحراب، فلا جرم جزم بذلك جماعة من النقاد، كما سبق، فإنما عمدته في ذلك حديث لا يصح، ولا بد من الكلام عليه دفعا لتلبيسات الكوثري، وهو من حديث وائل بن حجر، وهو قوله:«حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهض إلى المسجد، فدخل المحراب [يعني موضع المحراب]، ثم رفع يديه بالتكبير، ثم وضع يمينه على يسراه على صدره» . ضعيف. [ثم فصل الإمام الكلام على ضعفه].
السلسلة الضعيفة (1/ 639 - 643).