الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي غَصْبِ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ
(قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ فَغَصَبَهُ رَجُلٌ) وَسَرَى فَمَاتَ (مِنْهُ ضَمِنَ) الْغَاصِبُ (قِيمَتَهُ أَقْطَعَ وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ وَهُوَ فِي يَدِ غَاصِبٍ فَمَاتَ مِنْهُ بَرِئَ) الْغَاصِبُ لِصَيْرُورَتِهِ مُتْلِفًا فَيَصِيرُ مُسْتَرِدًّا.
(غَصَبَ عَبْدٌ مَحْجُورٌ مِثْلَهُ فَمَاتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ) لِأَنَّ الْمَحْجُورَ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ لَا بِأَقْوَالِهِ إلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ.
(مُدَبَّرٌ جَنَى عِنْدَ غَاصِبِهِ) فَرَدَّ (ثُمَّ جَنَى عِنْدَ سَيِّدِهِ) أُخْرَى (ضَمِنَ السَّيِّدُ قِيمَتَهُ لَهُمَا) نِصْفَيْنِ (وَرَجَعَ) الْمَوْلَى (بِنِصْفِ) قِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَدَفَعَهُ أَيْ دَفَعَ الْمَوْلَى نِصْفَ قِيمَتِهِ (إلَى) وَلِيِّ الْجِنَايَةِ (الْأَوَّلِ) لِأَنَّ حَقَّهُ لَمْ يَجِبْ إلَّا وَالْمُزَاحِمُ قَائِمٌ (ثُمَّ رَجَعَ) الْمَوْلَى (بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ) لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَ الْغَاصِبِ (وَبِعَكْسِهِ) بِأَنْ جَنَى عِنْدَ مَوْلَاهُ ثُمَّ عِنْدَ غَاصِبِهِ (لَا يَرْجِعُ) الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ (بِهِ ثَانِيًا) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى كَانَتْ فِي يَدِ مَالِكِهِ
ــ
[رد المحتار]
[فَصْلٌ فِي غَصْبِ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ]
ِ الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ الْمُدَبَّرُ وَالصَّبِيُّ وَالْمُرَادُ حُكْمُ جِنَايَتِهِمْ حَالَةَ الْغَصْبِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: لَمَّا ذَكَرَ جِنَايَةَ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ، ذَكَرَ جِنَايَتَهُمَا مَعَ غَصْبِهِمَا، لِأَنَّ الْمُفْرَدَ قَبْلَ الْمُرَكَّبِ ثُمَّ جَرَّ كَلَامُهُ إلَى بَيَانِ غَصْبِ الصَّبِيِّ اهـ (قَوْلُهُ قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ إلَخْ) فَلَوْ الْقَاطِعُ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ مِنْهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ مَقْطُوعًا، وَلَوْ خَطَأً فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ صَحِيحًا مِنْ عَاقِلَةِ الْقَاطِعِ وَرَجَعَتْ الْعَاقِلَةُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ مَقْطُوعًا أَوْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ مَقْطُوعًا، وَاتَّبَعَ غَيْرَهُ فِي الْبَاقِي كَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ فُرُوعٍ فِي الْمَقْدِسِيَّ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ أَقْطَعَ) لِأَنَّهُ لَمَّا قَطَعَهُ الْمَوْلَى فِي يَدِهِ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِالْقَطْعِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ مُسْتَرِدًّا) لِاسْتِيلَاءِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَبَرِئَ الْغَاصِبُ مِنْ ضَمَانِهِ لِوُصُولِ مِلْكِهِ إلَى يَدِهِ زَيْلَعِيٌّ
(قَوْلُهُ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ) أَيْ فِي حَالِ رِقِّهِ عِنَايَةٌ، حَتَّى لَوْ ثَبَتَ الْغَصْبُ بِالْبَيِّنَةِ يُبَاعُ فِيهِ دُرَرٌ (قَوْلُهُ لَا بِأَقْوَالِهِ إلَخْ) أَيْ فِيمَا يَجِبُ بِهِ الْمَالُ فَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي رِقِّهِ، وَإِنَّمَا يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَأَمَّا فِيمَا يُوجِبُ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ، فَيُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ كَالْأَفْعَالِ أَفَادَهُ فِي الْعِنَايَةِ وَأَمَّا الْمَأْذُونُ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِالْأَقْوَالِ أَيْضًا عِنْدَنَا مِعْرَاجٌ
(قَوْلُهُ ضَمِنَ السَّيِّدُ قِيمَتَهُ لَهُمَا) لِأَنَّ مُوجَبَ جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ وَاحِدَةٌ، فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْلَى، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَعْجَزَ نَفْسَهُ عَنْ الدَّفْعِ بِالتَّدْبِيرِ السَّابِقِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِيرَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ زَيْلَعِيٌّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وُجُوبُ الْقِيمَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ لِأَنَّ حُكْمَ جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ أَنْ يَلْزَمَ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا عَلَى الْمَوْلَى أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ الْمَوْلَى بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ) لِأَنَّهُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ بِالْجِنَايَتَيْنِ نِصْفَهَا بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بِسَبَبٍ وُجِدَ عِنْدَهُ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ لَحِقَهُ مِنْ جِهَةِ الْغَاصِبِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ نِصْفَ الْعَبْدِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ دَفَعَ الْمَوْلَى نِصْفَ قِيمَتِهِ) أَيْ النِّصْفَ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْغَاصِبِ، وَهَذَا الدَّفْعُ الثَّانِي عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ حَقَّهُ لَمْ يَجِبْ إلَخْ) حَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ دُونَ الثَّانِي، لِأَنَّ حَقَّهُ إلَخْ كَمَا عَبَّرَ ابْنُ كَمَالٍ أَيْ حَقَّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الثَّانِي
قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَلَهُمَا أَنَّ حَقَّ الْأَوَّلِ فِي جَمِيعِ الْقِيمَةِ، لِأَنَّهُ حِينَ جَنَى فِي حَقِّهِ، لَا يُزَاحِمُهُ أَحَدٌ وَإِنَّمَا انْتَقَصَ حَقُّهُ بِمُزَاحَمَةِ الثَّانِي فَإِذَا وَجَدَ شَيْئًا مِنْ بَدَلِ الْعَبْدِ فِي يَدِ الْمَالِكِ فَارِغًا أَخَذَهُ إتْمَامًا لِحَقِّهِ اهـ
وَأَوْرَدَ أَنَّ هَذَا يُنَاقِضُ مَا تَقَدَّمَ: إنَّ جِنَايَةَ الْمُدَبَّرِ لَا تُوجِبُ إلَّا قِيمَةً وَاحِدَةً وَهُنَا أَوْجَبَتْ قِيمَةً وَنِصْفًا، وَأُجِيبَ أَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا تَعَدَّدَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِ شَخْصٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِهِ هُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَ الْمَوْلَى لَهُ) أَيْ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى أَحَدٍ، لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَى الْوَالِيَيْنِ تَمَامُ حَقِّهِمَا أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى كَانَتْ فِي يَدِ مَالِكِهِ) أَيْ وَمَا دَفَعَهُ الْمَالِكُ ثَانِيًا إنَّمَا كَانَ بِسَبَبِهَا فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ كَانَ بِسَبَبٍ عِنْدَ
(وَالْقِنُّ) فِي الْفَصْلَيْنِ (كَالْمُدَبَّرِ غَيْرَ أَنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُ الْعَبْدَ) نَفْسَهُ (هُنَا وَثَمَّةَ) أَيْ فِي الْمُدَبَّرِ (الْقِيمَةَ) كَمَا مَرَّ
(مُدَبَّرٌ جَنَى عِنْدَ غَاصِبٍ فَرَدَّهُ فَغَصَبَ) ثَانِيًا (فَجَنَى عِنْدَهُ) كَانَ (عَلَى سَيِّدِهِ قِيمَتُهُ لَهُمَا وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ) لِكَوْنِهِمَا عِنْدَهُ (وَدَفَعَ) الْمَوْلَى (نِصْفَهَا) أَيْ الْقِيمَةِ مَأْخُوذَةً ثَانِيًا (إلَى) وَلِيِّ الْجِنَايَةِ (الْأَوَّلِ وَرَجَعَ) الْمَوْلَى (بِذَلِكَ النِّصْفِ عَلَى الْغَاصِبِ) وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي كُلِّهَا كَمُدَبَّرٍ.
(غَصَبَ) رَجُلٌ (صَبِيًّا حُرًّا) لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ بِغَصْبِهِ الذَّهَابُ بِهِ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ (فَمَاتَ) هَذَا الْحُرُّ (فِي يَدِهِ فُجَاءَةً أَوْ بِحُمَّى لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ مَاتَ بِصَاعِقَةٍ أَوْ نَهْشِ حَيَّةٍ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلِهِ الْغَاصِبِ) اسْتِحْسَانًا لِتَسَبُّبِهِ بِنَقْلِهِ لِمَكَانِ الصَّوَاعِقِ أَوْ الْحَيَّاتِ حَتَّى لَوْ نَقَلَهُ لِمَوَاضِعَ يَغْلِبُ فِيهِ الْحُمَّى وَالْأَمْرَاضُ ضَمِنَ فَتَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِكَوْنِهِ قَتْلًا تَسَبُّبًا هِدَايَةٌ وَغَيْرُهَا.
قُلْت: بَقِيَ لَوْ نَقَلَ الْحُرُّ الْكَبِيرَ لِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ تَعَدِّيًا إنْ مُقَيَّدًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ
ــ
[رد المحتار]
الْغَاصِبِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ وَالْقِنُّ فِي الْفَصْلَيْنِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَالْمُدَبَّرِ: أَيْ أَنَّ التَّصْوِيرَ السَّابِقَ بِالْمُدَبَّرِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا عَنْ الْقِنِّ وَيَأْتِي أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ يَدْفَعُ الْعَبْدُ نَفْسَهُ) لِإِمْكَانِ نَقْلِهِ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفِدَاءِ وَالدَّفْعِ إلَى الْوَلِيَّيْنِ تَأَمَّلْ ثُمَّ إذَا دَفَعَهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ
(قَوْلُهُ فَغَصَبَ ثَانِيًا) أَيْ فَغَصَبَهُ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ غَصْبًا ثَانِيًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَغَصَبَهُ بِالضَّمِيرِ وَهِيَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ قِيمَتُهُ لَهُمَا) أَيْ لِلْوَلِيَّيْنِ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ بِالتَّدْبِيرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِمَا) أَيْ الْجِنَايَتَيْنِ عِنْدَهُ أَيْ الْغَاصِبِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ، لِأَنَّ إحْدَاهُمَا عِنْدَهُ فَلِذَا رَجَعَ بِالنِّصْفِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ الْمَوْلَى بِذَلِكَ النِّصْفِ) أَيْ الَّذِي دَفَعَهُ ثَانِيًا إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي كُلِّهَا) أَيْ كُلِّ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ كَمُدَبَّرٍ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِ الْمَانِعِ مِنْ الدَّفْعِ لِلْجِنَايَةِ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى دُرَرٌ
(قَوْلُهُ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُعَبِّرُ يُعَارِضُهُ بِلِسَانِهِ، فَلَا تَثْبُتُ يَدُهُ حُكْمًا كَذَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ الْبُرْهَانِ؛ وَمِثْلُهُ فِي الْكِفَايَةِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: لَكِنَّ الْفَرْقَ الْآتِي بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَالصَّبِيِّ، يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الصَّبِيِّ، فَإِنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي يُزَوِّجُهُ وَلِيُّهُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِغَصْبِهِ إلَخْ) فَيَكُونُ ذِكْرُ الْغَصْبِ بِطَرِيقِ الْمُشَاكَلَةِ وَهُوَ أَنْ يَذْكُرَ الشَّيْءَ بِلَفْظِ غَيْرِهِ لِوُقُوعِهِ فِي صُحْبَتِهِ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ فَجْأَةً) بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ أَوْ بِالْفَتْحِ، وَسُكُونِ الْجِيمِ بِلَا مَدٍّ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ بِصَاعِقَةٍ) أَيْ نَارٍ تَسْقُطُ مِنْ السَّمَاءِ أَوْ كُلِّ عَذَابٍ مُهْلِكٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، فَيَشْمَلُ الْحَرَّ الشَّدِيدَ وَالْبَرْدَ الشَّدِيدَ وَالْغَرَقَ فِي الْمَاءِ، وَالتَّرَدِّي مِنْ مَكَان عَالٍ كَمَا فِي الْجِنَايَةِ وَغَيْرِهَا قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا، لِأَنَّ غَصْبَ الْحُرِّ لَا يَتَحَقَّقُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُكَاتَبًا صَغِيرًا لَا يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ حُرٌّ يَدًا فَهَذَا أَوْلَى.
وَالْجَوَابُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ: وَهُوَ أَنَّ الضَّمَانَ لَا بِالْغَصْبِ بَلْ بِالْإِتْلَافِ تَسَبُّبًا، وَقَدْ أَزَالَ حِفْظَ الْوَلِيِّ، فَيُضَافُ الْإِتْلَافُ إلَيْهِ أَمَّا الْمُكَاتَبُ، فَهُوَ فِي يَدٍ لِنَفْسِهِ وَلَوْ صَغِيرًا وَلِذَا لَا يُزَوِّجُهُ أَحَدٌ، فَهُوَ كَالْحُرِّ الْكَبِيرِ أَمَّا الصَّبِيُّ فَإِنَّهُ فِي يَدِ وَلِيِّهِ وَلِذَا يُزَوِّجُهُ اهـ مِنْ الْهِدَايَةِ وَالْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ لِمَوْضِعٍ يَغْلِبُ فِيهِ الْحُمَّى وَالْأَمْرَاضُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمَكَانُ مَخْصُوصًا بِذَلِكَ فَيَضْمَنُ لَا بِسَبَبِ الْعَدْوَى لِأَنَّ الْقَوْلَ بِهِ بَاطِلٌ بَلْ، لِأَنَّ الْهَوَاءَ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى مُؤَثِّرٌ فِي بَنِي آدَمَ وَغَيْرِهِ كَالْغِذَاءِ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ لِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ) أَيْ الْغَالِبِ فِيهَا الْهَلَاكُ وَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى (قَوْلُهُ ضَمِنَ) لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ عَجَزَ
حِفْظِ نَفْسِهِ لَا لِأَنَّهُ بِتَقْصِيرِهِ. فَحُكْمُ صَغِيرٍ كَكَبِيرٍ مُقَيَّدٌ عِنَايَةٌ
(وَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا فَغَابَ عَنْ يَدِهِ حُبِسَ) الْغَاصِبُ (حَتَّى يَجِيءَ بِهِ أَوْ يُعْلَمَ مَوْتُهُ) خَانِيَّةٌ كَمَا لَوْ خَدَعَ امْرَأَةَ رَجُلٍ حَتَّى وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَرُدَّهَا أَوْ تَمُوتَ خُلَاصَةٌ.
(أَمَرَ خِتَانًا لِيَخْتِنَ صَبِيًّا فَفَعَلَ) الْخِتَانُ ذَلِكَ (فَقَطَعَ حَشَفَتَهُ وَمَاتَ الصَّبِيُّ) مِنْ ذَلِكَ (فَعَلَى عَاقِلَةِ الْخَتَّانِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ كُلُّهَا) وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ وَفِي مُعَايَاةِ الْوَهْبَانِيَّةِ نَظْمًا:
وَمَنْ ذَا الَّذِي إنْ مَاتَ مَجْنِيُّهُ فَمَا
عَلَيْهِ إذَا مَاتَ بِالْمَوْتِ يُشْطَرُ
(كَمَنْ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ وَقَالَ: امْسِكْهَا لِي فَسَقَطَ الصَّبِيُّ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَسْيِيرٌ فَمَاتَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ حَمَلَهُ دِيَتُهُ) أَيْ دِيَةُ الصَّبِيِّ (كَانَ الصَّبِيُّ مِمَّنْ يَرْكَبُ مِثْلُهُ أَوْ لَا) يَرْكَبُ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ
(كَصَبِيٍّ أُودِعَ عَبْدًا فَقَتَلَهُ) أَيْ قَتَلَ الصَّبِيُّ الْعَبْدَ الْمُودَعُ ضَمِنَ عَاقِلَتُهُ قِيمَتَهُ
ــ
[رد المحتار]
عَنْ حِفْظِ نَفْسِهِ بِمَا صُنِعَ فِيهِ عِنَايَةٌ وَكَذَا يَضْمَنُ لَوْ صَنَعَ بِالْمُكَاتَبِ كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ فَحُكْمُ صَغِيرٍ كَكَبِيرٍ مُقَيَّدٍ) الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ؛ فَحُكْمُ كَبِيرٍ مُقَيَّدٍ كَصَغِيرٍ، لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الصَّغِيرِ مَنْصُوصَةٌ فِي الْمُتُونِ، وَمَسْأَلَةَ الْكَبِيرِ ذَكَرَهَا الشُّرَّاحُ عَنْ الْإِمَامِ الْمَحْبُوبِيِّ
وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ: اسْتَشْكَلَ هَذَا الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ بِقَوْلِهِمْ لَوْ كَتَّفَ شَخْصًا، وَقَيَّدَهُ وَأَلْقَاهُ فَأَكَلَهُ السَّبُعُ لَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ، وَلَكِنْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ، وَعَنْ الْإِمَامِ إنَّ عَلَيْهِ الدِّيَةَ، وَلَوْ قَمَطَ صَبِيًّا وَأَلْقَاهُ فِي الشَّمْسِ أَوْ الْبَرْدِ حَتَّى مَاتَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي الْحَافِظِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَلَعَلَّ الْقَوْلَ بِالضَّمَانِ فِي الْحُرِّ الْكَبِيرِ الْمُقَيَّدِ مَحْمُولٌ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ وَأَصْلُ الِاسْتِشْكَالِ لِصَاحِبِ الْمِعْرَاجِ حَيْثُ قَالَ: وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ حَبَسَ إنْسَانًا فَمَاتَ مِنْهُ مِنْ الْجُوعِ، لَا يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ عَجَزَ عَنْ حِفْظِ نَفْسِهِ بِمَا صَنَعَ حَابِسُهُ اهـ
أَقُولُ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ مَسْأَلَةَ الصَّبِيِّ عَلَى اسْتِحْسَانٍ، وَأَلْحَقُوا بِهِ الْكَبِيرَ فَهُوَ اسْتِحْسَانٌ أَيْضًا وَمَا أُورِدَ عَلَيْهِ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقِيَاسِ، وَالِاسْتِحْسَانُ رَاجِحٌ عَلَيْهِ، وَتِلْكَ الرِّوَايَةُ مُوَافِقَةٌ لِلِاسْتِحْسَانِ، فَقَدْ يَدَّعِي تَرْجِيحَهَا بِذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ حَبَسَهُ فَمَاتَ جُوعًا فَعَدَمُ ضَمَانِهِ قَوْلُ الْإِمَامِ؛ وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْجِنَايَاتِ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَأَنَّ الْفَرْقَ هُوَ أَنَّ الْجُوعَ وَالْعَطَشَ مِنْ لَوَازِمِ الْإِنْسَانِ، فَلَا يُضَافُ لِلْجَانِي بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ، فَلَا تُشْكِلُ عَلَى مَسْأَلَتِنَا، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ
(قَوْلُهُ حَتَّى وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِالْأَبْدَانِ رَحْمَتِيٌّ أَيْ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ الزَّوْجُ مَكَانَهَا، وَمِثْلُهُ أَقَارِبُهَا فِيمَا يَظْهَرُ ط (قَوْلُهُ أَوْ تَمُوتُ) أَيْ أَوْ يَعْلَمُ مَوْتَهَا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ يَمُوتُ أَيْ إلَى أَنْ يَمُوتَ ط
(قَوْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْخَتَّانِ نِصْفُ دِيَتِهِ إلَخْ) أَيْ لَوْ حُرًّا وَلَوْ عَبْدًا يَجِبُ نِصْفُ الْقِيمَةِ أَوْ تَمَامُهَا، لِأَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ بِفِعْلَتَيْنِ أَحَدُهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ، وَهُوَ قَطْعُ الْقَلَفَةِ وَالْآخَرُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَهُوَ قَطْعُ الْحَشَفَةِ فَيَجِبُ نِصْفُ الضَّمَانِ أَمَّا إذَا بَرِئَ جُعِلَ قَطْعُ الْجِلْدَةِ وَهُوَ مَأْذُونٌ فِيهِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ، فَوَجَبَ ضَمَانُ الْحَشَفَةِ كَامِلًا وَهُوَ الدِّيَةُ مِنَحٌ وَعَزَا الْمَسْأَلَةَ إلَى الْخَانِيَّةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ، وَذَكَرَ نَظْمَهَا لِلْعَلَّامَةِ الطَّرْطُوسِيِّ سُؤْلًا وَجَوَابًا (قَوْلُهُ فَمَا عَلَيْهِ إلَخْ) مَا الْأُولَى مَوْصُولَةٌ، وَالثَّانِيَةُ نَافِيَةٌ خِلَافُ مَا هُوَ الشَّائِعُ مِنْ زِيَادَتِهَا بَعْدَ إذَا وَالْمَعْنَى: إنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ وَقْتَ عَدَمِ الْمَوْتِ يُشْطَرُ أَيْ يُنَصَّفُ بِالْمَوْتِ
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَسْيِيرٌ) أَمَّا لَوْ سَيَّرَهَا وَهُوَ بِحَيْثُ يَصْرِفُهَا انْقَطَعَ التَّسَبُّبُ بِهَذِهِ الْمُبَاشَرَةِ الْحَادِثَةِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ) ذَكَرَ عِبَارَتَهَا فِي الْمِنَحِ
(قَوْلُهُ كَصَبِيٍّ أُودِعَ عَبْدًا) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ فَقَتَلَهُ) أَمَّا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَانَ أَرْشُهُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ بِالْإِجْمَاعِ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ ضَمِنَ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ قِيمَتَهُ) تَصْرِيحٌ بِمَا أَفَادَتْهُ كَافُ التَّشْبِيهِ، لَكِنْ