المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب في رد المغصوب وفيما لو أبى المالك قبوله] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٦

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌[رُكْن الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَرْصَدِ وَالْقِيمَةِ وَمِشَدِّ الْمُسْكَةِ]

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَمَعْنَى الِاسْتِحْكَارُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ تَفَاسَخَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ]

- ‌بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْبِنَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْمَعَاصِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِئْجَارِ الْمَاءِ مَعَ الْقَنَاةِ وَاسْتِئْجَارِ الْآجَامِ وَالْحِيَاضِ لِلسَّمَكِ]

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ

- ‌[مَبْحَثُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ الْخَاصِّ أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْحَارِسِ وَالْخَانَاتِيِّ]

- ‌[مَبْحَثُ اخْتِلَافِ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ إصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ وَإِخْرَاجُ التُّرَابِ وَالرَّمَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَجْمِ الدَّارِ مِنْ الْجِنِّ هَلْ هُوَ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِسْقُ الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ عُذْرًا فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ إرَادَةُ السَّفَرِ أَوْ النُّقْلَةِ مِنْ الْمِصْرِ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَخْلِيَةِ الْبَعِيدِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْمُؤَجِّرِ وَلِغَيْرِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أُجْرَةِ صَكِّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُقْطَعِ وَانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ الْمُقْطِعِ وَإِخْرَاجُهُ لَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْكَرَ الدَّافِعُ وَقَالَ لَيْسَ هَذَا مِنْ دَرَاهِمِي فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا]

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ

- ‌بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ

- ‌بَابٌ: مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى

- ‌كِتَابُالْوَلَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ

- ‌كِتَابُالْإِكْرَاهِ

- ‌كِتَابُالْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ.(بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ

- ‌كِتَابُالْمَأْذُونِ

- ‌[مَبْحَثٌ فِي تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ وَمَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ وَتَرْتِيبُهَا]

- ‌[فروع أَقَرَّ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونَانِ بِمَا مَعَهُمَا مِنْ كَسْبٍ أَوْ إرْثٍ]

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ هُدِمَ حَائِطٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَفِيمَا لَوْ أَبَى الْمَالِكُ قَبُولَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَبْحَاثِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي لُحُوقِ الْإِجَازَةِ لِلْإِتْلَافِ وَالْأَفْعَالِ فِي اللُّقَطَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِمَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةً تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ مَنَافِعِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ السَّاعِي]

- ‌كِتَابُالشُّفْعَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ غَصَبَ السُّلْطَانُ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ مِنْ شِرْبٍ أَوْ دَارٍ وَقَالَ لَا أَغْصِبُ إلَّا نَصِيبَهُ]

- ‌بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌[بَابُ مَا تَثْبُتُ الشُّفْعَة فِيهِ أَوْ لَا تَثْبُتُ]

- ‌[بَابُ مَا يُبْطِل الشُّفْعَة]

- ‌[فُرُوعٌ]بَاعَ مَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ شَفِيعُهَا

- ‌كِتَابُالْقِسْمَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ السُّكْنَى فِي بَعْضِ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ]

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌[مُطْلَبٌ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْحُورِ وَالصَّفْصَافِ]

- ‌[مُطْلَبٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُنَاصَبَةِ بَيَانُ الْمُدَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ قَامَ الْعَامِلُ عَلَى الْكَرْمِ أَيَّامًا ثُمَّ تَرَكَ فَلَمَّا أَدْرَكَ الثَّمَرَ جَاءَ يَطْلُبُ الْحِصَّةَ]

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةَ

- ‌فُرُوعٌ]

- ‌[فُرُوعٌ]لَوْنُ أُضْحِيَّتِهِ عليه الصلاة والسلام سَوْدَاءُ

- ‌كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ]

- ‌فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ

- ‌بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ

- ‌فَرْعٌ]يُكْرَهُ إعْطَاءُ سَائِلٍ الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ الشِّرْبُ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ

- ‌بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتُهُ أَيْ الرَّهْنُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْأَبُ مِنْ مَالِ طِفْلِهِ شَيْئًا بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ لِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ عِنْدَ غَرِيمٍ مِنْ غُرَمَائِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

- ‌[فَرْعٌ] رَهْنُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ

- ‌بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

- ‌[فُرُوعٌ] أَلْقَى حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا فِي الطَّرِيقِ فَلَدَغَتْ رَجُلًا

- ‌فَصْلٌ فِي الْفِعْلَيْنِ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ

- ‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

- ‌[فُرُوعٌ لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكَرْمِ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ]

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَصْبِ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌[تَتِمَّةٌ صَبِيٌّ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ فِي مَاءٍ فَمَاتَ]

- ‌كِتَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌[فُرُوعٌ وُجِدَ الْقَتِيل فِي دَارِ صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوه]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَرْعٌ]أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فُلَانٌ أَوْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ

- ‌ بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَصَايَا الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ

- ‌[فُرُوعٌ]أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلصَّلَوَاتِ

- ‌بَابُ الْوَصِيِّ

- ‌فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ

- ‌[فُرُوعٌ]يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ

- ‌كِتَابُ الْخُنْثَى

- ‌مَسَائِلُ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَصَبَاتِ

- ‌بَابُ الْعَوْلِ

- ‌ مَسَائِلُ الرَّدِّ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ

- ‌بَابُ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى وَغَيْرِهِمْ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُنَاسَخَةِ

- ‌بَابُ الْمَخَارِجِ

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[مطلب في رد المغصوب وفيما لو أبى المالك قبوله]

فَلَوْ نَقَلَهَا لِمَكَانٍ ضَمِنَ الْمِثْلَ؛ لِأَنَّهُ غَصَبَهُ وَهُوَ مِثْلِيٌّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الْحِنْطَةُ بِغَيْرِ نَقْلٍ اهـ وَالْآجُرُّ قِيَمِيٌّ وَسَيَجِيءُ أَنَّ الْخَمْرَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ قِيَمِيٌّ حُكْمًا.

وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا: أَنَّ كُلَّ مَا يُوجَدُ لَهُ مِثْلٌ فِي الْأَسْوَاقِ بِلَا تَفَاوُتٍ يُعْتَدُّ بِهِ فَهُوَ مِثْلِيٌّ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَقِيَمِيٌّ فَلْيُحْفَظْ (فَإِنْ ادَّعَى هَلَاكَهُ) مُرْتَبِطَةٌ بِوُجُوبِ رَدِّ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ وَرَدُّ الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةِ مُخْلَصٌ عَلَى الرَّاجِحِ (حُبِسَ حَتَّى يَعْلَمَ) الْحَاكِمُ (أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ لَظَهَرَ) أَيْ لَأَظْهَرَهُ (ثُمَّ قَضَى) الْحَاكِمُ (عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ) مِنْ مِثْلٍ وَقِيمَةٍ

[مَطْلَبٌ فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَفِيمَا لَوْ أَبَى الْمَالِكُ قَبُولَهُ]

(وَلَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ الْهَلَاكَ عِنْدَ صَاحِبِهِ بَعْدَ الرَّدِّ وَعَكْسُهُ الْمَالِكُ) أَيْ ادَّعَى الْهَلَاكَ عِنْدَ الْغَاصِبِ (وَأَقَامَا الْبُرْهَانَ فَبُرْهَانُ الْغَاصِبِ) أَنَّهُ رَدَّهُ وَهَلَكَ عِنْدَ الْمَالِكِ (أَوْلَى) خِلَافًا لِلثَّانِي مُلْتَقًى، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ

ــ

[رد المحتار]

؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَصْبٌ مُتَقَدِّمٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ نَقَلَهَا لِمَكَانٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مُجَرَّدُ تَحْوِيلِهَا عَنْ مَكَانِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَبَّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ حَصَلَ بِالْإِتْلَافِ وَلَيْسَ سَابِقًا عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ حِينَ الْإِتْلَافِ لَمْ يَبْقَ مِثْلِيًّا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ سَابِقًا عَلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ إلَخْ) أَيْ فِي وَسَطِهِ الْفَصْلُ الْآتِي (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْوِقَايَةِ: وَيَجِبُ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ.

قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: اعْلَمْ أَنَّهُ جَعَلَ هَذِهِ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ مِثْلِيًّا مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمَوْزُونَاتِ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ بَلْ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَالْقُمْقُمَةِ وَالْقِدْرِ وَنَحْوِهِمَا. فَأَقُولُ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَزْنِيِّ مَثَلًا مَا يُوزَنُ عِنْدَ الْبَيْعِ بَلْ مَا يَكُونُ مُقَابَلَتُهُ بِالثَّمَنِ مَبْنِيًّا عَلَى الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ وَلَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ، فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ هَذَا الشَّيْءُ بِدِرْهَمٍ إنَّمَا يُقَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَفَاوُتٌ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِثْلِيًّا، وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَ كَالْقُمْقُمَةِ وَالْقِدْرِ لَا يَكُونُ مِثْلِيًّا، ثُمَّ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ إمَّا غَيْرُ مَصْنُوعٍ، وَإِمَّا مَصْنُوعٌ لَا يَخْتَلِفُ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِثْلِيٌّ. وَإِذَا عَرَفْت هَذَا عَرَفْت حُكْمَ الْمَذْرُوعَاتِ وَكُلَّمَا يُقَالُ يُبَاعُ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ ذِرَاعٌ بِكَذَا فَهَذَا إنَّمَا يُقَالُ فِيمَا لَا يَكُونُ فِيهِ تَفَاوُتٌ. وَقَدْ فَصَّلَ الْفُقَهَاءُ الْمِثْلِيَّاتِ وَذَوَاتِ الْقِيَمِ وَلَا احْتِيَاجَ إلَى ذَلِكَ، فَمَا يُوجَدُ لَهُ الْمِثْلُ فِي الْأَسْوَاقِ بِلَا تَفَاوُتٍ يُعْتَدُّ بِهِ فَهُوَ مِثْلِيٌّ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَمِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْكَيْلِيِّ وَأَخَوَاتِهِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا اهـ (قَوْلُهُ بِلَا تَفَاوُتٍ يُعْتَدُّ بِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِسَبَبِهِ الثَّمَنُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُرْتَبِطَةٌ إلَخْ) أَيْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ وَارْتِبَاطُهَا مِنْ جِهَةِ التَّفْرِيعِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ رَدِّ الْعَيْنِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيَمِيِّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ وَأَكْمَلُ فِي رَدِّ الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى، وَلِذَا يُطَالَبُ بِهِ قَبْلَ الْهَلَاكِ، وَلَوْ أَتَى بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلِذَا يَبْرَأُ بِرَدِّ الْعَيْنِ بِلَا عِلْمِ الْمَالِكِ بِأَنْ سَلَّمَهُ بِجِهَةٍ أُخْرَى بِهِبَةٍ أَوْ إطْعَامٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إيدَاعٍ، وَقِيلَ هُوَ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ وَرَدُّ الْعَيْنِ مُخْلَصٌ وَلِذَا صَحَّ إبْرَاؤُهُ عَنْ الضَّمَانِ مَعَ قِيَامِ الْعَيْنِ، فَلَا يُضْمَنُ بِالْهَلَاكِ. وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْمَغْصُوبِ وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْعَيْنِ وَلَا الْكَفَالَةُ بِهَا وَتَمَامُهُ تَحْقِيقُهُ فِي التَّبْيِينِ. وَأَفَادَ الْقُهُسْتَانِيُّ ضَعْفَ الْأَوَّلِ وَأَنَّ الْجُمْهُورَ ذَهَبُوا إلَى الثَّانِي وَعَزَاهُ إلَى رَهْنِ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي (قَوْلُهُ وَرَدُّ الْمِثْلِيِّ) الْأَصْوَبُ الْمِثْلُ بِلَا يَاءٍ (قَوْلُهُ حُبِسَ حَتَّى يَعْلَمَ) يَعْنِي الْقَاضِيَ لَا يُعَجِّلُ بِالْقَضَاءِ، وَلَيْسَ لِمُدَّةِ التَّلَوُّمِ مِقْدَارٌ بَلْ ذَلِكَ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَهَذَا التَّلَوُّمُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ لَهُ، وَأَمَّا إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ أَوْ تَلَوَّمَ الْقَاضِي فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قِيمَتِهَا عَلَى شَيْءٍ أَوْ أَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا يَدَّعِي مِنْ قِيمَتِهَا قَضَى بِذَلِكَ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَقِيمَةٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ

(قَوْلُهُ وَعَكْسَهُ) فِعْلٌ مَاضٍ أَوْ مَصْدَرٌ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الْهَلَاكِ وَالْمُرَادُ عَكْسُ قَوْلِهِ عِنْدَ صَاحِبِهِ، وَأَمَّا عَكْسُ قَوْلِهِ بَعْدَ الرَّدِّ فَهُوَ صَحِيحٌ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ إلَّا إنْ كَانَ الْهَلَاكُ بِهَلَاكِ الْبَعْضِ أَوْ بِالنُّقْصَانِ أَيْ هَلَاكِ الْوَصْفِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَوْلَى) أَيْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ الرَّدُّ وَهُوَ عَارِضٌ وَالْبَيِّنَةُ لِمَنْ يَدَّعِي الْعَوَارِضَ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلثَّانِي) فَعِنْدَهُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ وُجُوبَ الضَّمَانِ وَالْآخَرُ

ص: 185

وَبَرْهَنَا فَالْبَيِّنَةُ لِلْمَالِكِ وَسَيَجِيءُ وَلَوْ فِي نَفْسِ الْمَغْصُوبِ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ

(وَالْغَصْبُ) إنَّمَا يَتَحَقَّقُ (فِيمَا يُنْقَلُ فَلَوْ أَخَذَ عَقَارًا وَهَلَكَ فِي يَدِهِ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَغَلَبَةِ سَيْلٍ (لَمْ يَضْمَنْ) خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَبِقَوْلِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ وَبِهِ يُفْتَى فِي الْوَقْفِ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ.

وَذَكَرَ ظَهِيرُ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ الْفَتْوَى فِي غَصْبِ الْعَقَارِ وَالدُّورِ الْمَوْقُوفَةِ بِالضَّمَانِ، وَأَنَّ الْفَتْوَى فِي غَصْبِ مَنَافِعِ الْوَقْفِ بِالضَّمَانِ. وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ: اشْتَرَى دَارًا وَسَكَنَهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ كَانَتْ لِلصَّغِيرِ لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ صِيَانَةً لِمَالِ الْوَقْفِ وَالصَّغِيرِ وَفِي إجَارَةِ الْفَيْضِ إنَّمَا لَا يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ عِنْدَهُمَا فِي الْعَقَارِ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ أَمَّا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَيَتَحَقَّقُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ فِي الرَّدِّ فَكَذَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ اهـ فَلْيُحْفَظْ

ــ

[رد المحتار]

يُنْكِرُ وَالْبَيِّنَةُ لِلْإِثْبَاتِ زَيْلَعِيٌّ: وَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْقَضَاءِ ط (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ أَوَّلُ الْفَصْلِ وَسَيَجِيءُ أَيْضًا أَنَّ الْقَوْلَ لِلْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُبَرْهِنْ الْمَالِكُ، وَمَا لَوْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ قِيمَتَهُ لَكِنْ عَلِمْت أَنَّهَا أَقَلُّ مِمَّا يَقُولُهُ الْمَالِكُ، وَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي نَفْسِ الْمَغْصُوبِ) بِأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ لِثَوْبٍ هَذَا هُوَ الَّذِي غَصَبْته وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ هُوَ هَذَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ) ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لِلْقَابِضِ فِي تَعْيِينِ مَا قَبَضَ أَمِينًا كَانَ أَوْ ضَمِينًا

(قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ عِنْدَهُمَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عَدَمِ إمْكَانِ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ النِّهَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْغَصْبُ عِنْدَهُ بِإِزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ لَكِنَّهُ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ يُقِيمُ الِاسْتِيلَاءَ مَقَامَ الْإِزَالَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى فِي الْوَقْفِ) أَيْ بِأَنْ هَلَكَ لَا بِفِعْلِ الْغَاصِبِ كَسُكْنَاهُ مَثَلًا بَلْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، فَالْمُرَادُ ضَمَانُ ذَاتِهِ لَا مَنَافِعِهِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ، وَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ لَا فِي الْمَنَافِعِ. وَسَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ مَتْنًا أَنَّ مَنَافِعَ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ فَصَرَّحَ بِضَمَانِ مَنَافِعِ الثَّلَاثَةِ، وَهُنَا صَرَّحَ بِضَمَانِ ذَاتِ الْوَقْفِ وَهَلْ مِثْلُهُ مَالُ الْيَتِيمِ وَالْمُسْتَغِلِّ؟ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ قَالَ الْكَمَالُ الْفَتْوَى عَلَى ضَمَانِ الْعَقَارِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إلَخْ (قَوْلُهُ الْمَوْقُوفَةِ) نَعْتٌ لِلْعَقَارِ وَالدُّورِ جَمِيعًا ح. مَطْلَبٌ شَرَى دَارًا وَسَكَنَهَا فَظَهَرَتْ لِوَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ وَجَبَ الْأَجْرُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ

(قَوْلُهُ لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ) خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي الْعُمْدَةِ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْقُنْيَةِ وَإِنْ أَفْتَى بِهِ فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا فِي وَقْفِ الْبَحْرِ. وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ: ادَّعَى الْقَيِّمُ مَنْزِلًا وَقْفًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَجَحَدَ، فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَحَكَمَ بِالْوَقْفِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ أَوْ كَانَ مُتَعَنِّتًا فِي الْإِنْكَارِ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ اهـ وَفِي الِاخْتِيَارِ: بَاعَ الْمُتَوَلِّي مَنْزِلَ الْوَقْفِ فَسَكَنَهُ الْمُشْتَرِي فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَجْرُ الْمِثْلِ اهـ.

قَالَ الْحَمَوِيُّ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَصْحِيحِ الْمُحِيطِ، وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ وَقَالَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي التَّنْجِيسِ وَالْمَزِيدِ.

قُلْت: وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ فِي وَقْفِ الْبَحْرِ وَمَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَاكَ فِي مَوْضِعَيْنِ وَهُنَا وَأَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَلْيُحْفَظْ (قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ) أَيْ فِي وُجُوبِ رَدِّهِ عَلَى مَالِكِهِ، فَلَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْغَصْبُ عِنْدَهُمَا أَيْضًا فِيمَا عَدَا الضَّمَانَ لَمَا تَحَقَّقَ وُجُوبُ الرَّدِّ (قَوْلُهُ فَكَذَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ) اسْتَشْكَلَهُ مَحْشُوُّ هَذَا الْكِتَابِ بِأَنَّ مَنَافِعَ الْغَصْبِ إذَا اسْتَوْفَاهَا الْغَاصِبُ لَا تُضْمَنُ إلَّا فِي الثَّلَاثَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْفَصْلِ.

وَأَقُولُ: كَأَنَّهُمْ ظَنُّوا وُجُوبَ الْأَجْرِ عَلَيْهِ بِسُكْنَاهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَهُ الْغَاصِبُ فَالْأَجْرُ الْمُسَمَّى يَسْتَحِقُّهُ الْعَاقِدُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَطِيبُ لَهُ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ يَرُدُّهُ عَلَى الْمَالِكِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا، وَكَيْفَ يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا ظَنُّوا مَعَ مُنَاقَضَتِهِ لِصَدْرِ الْعِبَارَةِ فَإِنَّ وُجُوبَ الْأَجْرِ عَلَيْهِ ضَمَانٌ، وَوَجْهُ تَحَقُّقِ الْغَصْبِ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ

ص: 186

(قِيلَ) قَائِلُهُ الْأُسْرُوشَنِيُّ وَعِمَادُ الدِّينِ فِي فَصُولَيْهِمَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْعَقَارُ (يُضْمَنُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَ) كَذَا (بِالْجُحُودِ فِي) الْعَقَارِ (الْوَدِيعَةِ وَبِالرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ) بَعْدَ الْقَضَاءِ وَفِي الْأَشْبَاهِ الْعَقَارُ لَا يُضْمَنُ إلَّا فِي مَسَائِلَ وَعَدَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ (وَإِذَا نَقَصَ) الْعَقَارُ (بِسُكْنَاهُ وَزِرَاعَتِهِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ) بِالْإِجْمَاعِ فَيُعْطِي مَا زَادَ الْبَذْرُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُجْتَبَى وَعَنْ الثَّانِي مِثْلُ بَذْرِهِ وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَلَوْ ثَبَتَ لَهُ قَلْعُهُ

ــ

[رد المحتار]

لَكَانَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْأُجْرَةِ الْمَالِكُ لَا الْغَاصِبُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ قِيلَ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ مَتْنِ الدُّرَرِ وَتَعْبِيرُهُ بِقِيلِ رُبَّمَا يُشْعِرُ بِالضَّعْفِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْفُصُولِ، ثُمَّ قَوْلُهُ الْأَصَحُّ إلَخْ يُفِيدُ الِاخْتِلَافَ فِيهِ، وَقَوْلُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: يَضْمَنُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ بِالِاتِّفَاقِ وَالْعَقَارُ يُضْمَنُ بِالْإِنْكَارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله حَتَّى لَوْ أَوْدَعَ رَجُلًا وَجَحَدَ الْوَدِيعَةَ هَلْ يَضْمَنُ فِيهِ رِوَايَتَانِ أَيْضًا عَنْهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ بِالْجُحُودِ أَيْضًا اهـ يُفِيدُ أَوَّلُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَآخِرُهُ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.

أَقُولُ: تَعْبِيرُهُ بِقِيلَ مُنَاسِبٌ؛ لِأَنَّ الْمُتُونَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّ الْغَصْبَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْعَقَارِ، وَذِكْرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَقَوْلُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْأَصَحُّ إلَخْ أَيْ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ، فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ قَبْلَهُ بِالِاتِّفَاقِ: أَيْ بَيْنَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثِ فَتَدَبَّرْ. نَعَمْ صُحِّحَ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْغَصْبِ. قَالَ الْأَتْقَانِيُّ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّهَا بِالِاتِّفَاقِ، وَفِي التَّبْيِينِ وَمَسْأَلَةُ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَئِنْ سَلَّمَ أَيْ أَنَّهَا عَلَى الِاتِّفَاقِ فَالضَّمَانُ فِيهَا بِتَرْكِ الْحِفْظِ الْمُلْتَزَمِ بِالْجُحُودِ وَالشُّهُودُ إنَّمَا يَضْمَنُونَ الْعَقَارَ بِالرُّجُوعِ،؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ إتْلَافٍ لَا ضَمَانُ غَصْبٍ اهـ. وَظَاهِرُهُ تَسْلِيمُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الشُّهُودِ عَلَى الْوِفَاقِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ) يَعْنِي إذَا بَاعَهُ الْغَاصِبُ وَسَلَّمَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ فِي الْعَقَارِ الْوَدِيعَةِ) الَّذِي فِي أَغْلَبِ النُّسَخِ الْوَدِيعَةِ بِالْعَطْفِ وَلَا مَحَلَّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ جُحُودُ الْعَقَارِ إذَا كَانَ وَدِيعَةً (قَوْلُهُ وَبِالرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ) بِأَنَّ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِالدَّارِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ضَمِنَا دُرَرٌ (قَوْلُهُ وَعَدَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ) الضَّمَانُ فِيهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ إتْلَافًا لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ غَصْبًا كَمَا أَفَادَهُ تَعْلِيلُهُمْ ط وَزَادَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى الْوَقْفُ وَمَالُ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ قَالَ فَهِيَ سِتَّةٌ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ بِالْإِجْمَاعِ) ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ وَقَدْ يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ مَا لَا يَضْمَنُ بِالْغَصْبِ أَصْلُهُ الْحُرُّ أَتْقَانِيٌّ.

وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ النُّقْصَانِ قَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى: إنَّهُ يَنْظُرُ بِكَمْ تَسْتَأْجِرُ هَذِهِ الْأَرْضَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ وَبَعْدَهُ، فَيَضْمَنُ مَا تَفَاوَتَ بَيْنَهُمَا مِنْ النُّقْصَانِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِالشِّرَاءِ يَعْنِي أَنَّهُ يَنْظُرُ بِكَمْ تُبَاعُ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ وَبِكَمْ تُبَاعُ بَعْدَهُ فَنُقْصَانُهَا مَا تَفَاوَتَ مِنْ ذَلِكَ فَيَضْمَنُهُ وَهُوَ الْأَقْيَسُ. قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الْكُبْرَى؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لَقِيمَةِ الْعَيْنِ لَا الْمَنْفَعَةِ ثُمَّ يَأْخُذُ الْغَاصِبُ رَأْسَ مَالِهِ وَهُوَ الْبَذْرُ وَمَا غَرِمَ مِنْ النُّقْصَانِ، وَمَا أَنْفَقَ عَلَى الزَّرْعِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ فَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا كُرَّيْنِ فَأَخْرَجَتْ ثَمَانِيَةً، وَلَحِقَهُ مِنْ الْمُؤْنَةِ قَدْرَ كُرٍّ وَنَقَصَهَا قَدْرَ كُرٍّ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ أَرْبَعَةَ أَكْرَارٍ وَيَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَبَيَانُهُ فِي التَّبْيِينِ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يَصْرِفُهُ لِحَاجَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ فَقِيرًا كَالْغَنِيِّ لَوْ تَصَرَّفَ تَصَدَّقَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ أَدَّى لِمَالِكِهِ حَلَّ لَهُ التَّنَاوُلُ لِزَوَالِ الْخُبْثِ وَلَا يَصِيرُ حَلَالًا بِتَكْرَارِ الْعُقُودِ وَتَدَاوُلِ الْأَلْسِنَةِ ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ فَيُعْطِي مَا زَادَ الْبَذْرَ) التَّفْرِيعُ غَيْرُ ظَاهِرٍ. قَالَ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْمُجْتَبَى: زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ وَنَبَتَ، فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ فَإِنْ أَبَى يَقْلَعُهُ بِنَفْسِهِ، وَقَبْلَ النَّبَاتِ تَرَكَ الْأَرْضَ حَتَّى تَنْبُتَ، فَيَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ أَوْ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الْبَذْرَ، فَتُقَوَّمُ مَبْذُورَةً بِبَذْرِ غَيْرِهِ لَهُ حَقُّ الْقَلْعِ، وَتُقَوَّمُ غَيْرَ مَبْذُورَةٍ فَيُعْطِي فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ

ص: 187

وَتَمَامُهُ فِي الْمُجْتَبَى (كَمَا) يَضْمَنُ اتِّفَاقًا (فِي النَّقْلِيِّ) مَا نَقَصَ بِفِعْلِهِ كَمَا فِي قَطْعِ الْأَشْجَارِ، وَلَوْ قَطَعَهَا رَجُلٌ آخَرَ أَوْ هَدَمَ الْبِنَاءَ ضَمِنَ هُوَ لَا الْغَاصِبُ (كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا وَآجَرَهُ فَنَقَصَ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ) بِالِاسْتِعْمَالِ وَهَذَا سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ لِدُخُولِهِ تَحْتَ قَوْلِهِ (وَإِنْ اسْتَغَلَّهُ) فَنَقَصَهُ الِاسْتِغْلَالَ أَوْ آجَرَ الْمُسْتَعَارَ وَنَقَصَ ضَمِنَ النُّقْصَانَ

ــ

[رد المحتار]

يُعْطِيهِ مِثْلَ بَذْرِهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ اهـ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْمُجْتَبَى) حَيْثُ قَالَ بَعْدَ مَا مَرَّ وَلَوْ زَرَعَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ صَاحِبُهُ نِصْفَ الْبَذْرِ، لِيَكُونَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ النَّبَاتِ لَمْ يَجُزْ وَبَعْدَهُ يَجُوزُ وَإِنْ أَرَادَ قَلْعَ الزَّرْعِ مِنْ نَصِيبِهِ يُقَاسِمُهُ الْأَرْضَ فَيَقْلَعُهُ مِنْ نَصِيبِهِ وَيَضْمَنُ الزَّارِعُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ بِالْقَلْعِ.

قَالَ أُسْتَاذُنَا الصَّوَابُ نُقْصَانُ الزَّرْعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ اهـ قَالَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الصَّوَابَ الْأَوَّلُ كَمَا هُوَ الْمَرْوِيُّ لِنَقْصِهَا بِقَلْعِ الزَّرْعِ مِنْهَا قَبْلَ إدْرَاكِهِ لِضَعْفِهَا عَنْ الْغَلَّةِ الْكَامِلَةِ فِي عَامِهَا ذَلِكَ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَلَيْسَ لَهُ وَجْهٌ (قَوْلُهُ بِفِعْلِهِ) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ بِفِعْلِهِ أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ:؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْغَصْبِ، فَلَمْ يَتَفَاوَتْ هَلَاكُهُ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، وَلِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ اهـ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْهِدَايَةِ أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ لِشُمُولِهِ نَحْوَ الْعَوَرِ وَالشَّلَلِ وَالصَّمَمِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِهِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مِسْكِينٍ (قَوْلُهُ ضَمِنَ هُوَ لَا الْغَاصِبُ) كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِتَقْيِيدِهِ أَوَّلًا بِفِعْلِهِ لَكِنْ عَلِمْت مَا فِيهِ، وَقَالَ السَّائِحَانِيُّ: الَّذِي فِي الْمَقْدِسِيَّ إنْ كَانَ النَّقْصُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي أَوْ يَضْمَنُ الْجَانِي، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ اهـ وَنَقَلَهُ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ فَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا ضَمِنَ،؛ لِأَنَّهُ قَرَّرَ عَلَيْهِ ضَمَانًا كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهُ بِرَدِّ الْعَيْنِ اهـ.

أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَدَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْجَانِي قَالَ ضَمِنَ هُوَ لَا الْغَاصِبُ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ.

[تَنْبِيهٌ] النُّقْصَانُ أَنْوَاعُ أَرْبَعَةٌ: بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ، وَبِفَوَاتِ أَجْزَاءِ الْعَيْنِ، وَبِفَوَاتِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْيَدِ وَالْأُذُنِ فِي الْعَبْدِ وَالصِّيَاغَةِ فِي الذَّهَبِ وَالْيُبْسِ فِي الْحِنْطَةِ وَبِفَوَاتِ مَعْنًى مَرْغُوبٍ فِيهِ.

فَالْأَوَّلُ: لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إذَا رَدَّ الْعَيْنَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ. وَالثَّانِي: يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ. وَالثَّالِثُ: يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي غَيْرِ مَالِ الرِّبَا نَحْوَ أَنْ يَغْصِبَ حِنْطَةً فَعَفِنَتْ عِنْدَهُ أَوْ إنَاءَ فِضَّةٍ فَهُشِّمَ فِي يَدِهِ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ ذَلِكَ نَفْسَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَضَمَّنَهُ مِثْلَهُ تَفَادِيًا عَنْ الرِّبَا. وَالرَّابِعُ: هُوَ فَوَاتُ الْمَعْنَى الْمَرْغُوبِ فِيهِ فِي الْعَيْنِ كَالْعَبْدِ الْمُحْتَرَفِ إذَا نَسِيَ الْحِرْفَةَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، أَوْ كَانَ شَابًّا فَشَاخَ فِي يَدِهِ يُوجِبُ الضَّمَانَ أَيْضًا هَذَا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ قَلِيلًا أَمَّا إذَا كَانَ كَثِيرًا فَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَتَرْكِهِ مَعَ أَخْذِ جَمِيعِ قِيمَتِهِ وَسَتَعْرِفُ الْحَدَّ الْفَاصِلَ بَيْنَهُمَا مِنْ مَسْأَلَةِ الْخَرْقِ الْيَسِيرِ وَالْفَاحِشِ مِسْكِينٌ (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ) الَّذِي فِي الْمِنَحِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَهِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ) أَيْ مِنْ الْمَتْنِ الْمَمْزُوجِ فِيهِ (قَوْلُهُ لِدُخُولِهِ إلَخْ) إنَّمَا يَظْهَرُ دُخُولُهُ عَلَى مَا فِي نُسَخِ الْمِنَحِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ اسْتَغَلَّهُ ضَمِنَ مَا نَقَصَ وَتَصَدَّقَ بِالْغَلَّةِ وَالشَّارِحُ ذَكَرَ ضَمَانَ النُّقْصَانِ شَرْحًا لَا مَتْنًا عَلَى مَا وَجَدْنَاهُ مِنْ النُّسَخِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ فَوَاتُ الْجُزْءِ لَا مِنْ حَيْثُ

ص: 188

وَ (تَصَدَّقَ بِ) مَا بَقِيَ مِنْ (الْغَلَّةِ) وَالْأُجْرَةُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى لَكِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْغَنِيَّ يَتَصَدَّقُ بِكُلِّ الْغَلَّةِ فِي الصَّحِيحِ (كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ فِي الْمَغْصُوبِ الْوَدِيعَةِ) بِأَنْ بَاعَهُ (وَرَبِحَ) فِيهِ (إذَا كَانَ) ذَلِكَ (مُتَعَيِّنًا بِالْإِشَارَةِ أَوْ بِالشِّرَاءِ بِدَرَاهِمِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْغَصْبِ وَنَقْدِهَا) يَعْنِي يَتَصَدَّقُ بِرِبْحٍ حَصَلَ فِيهِمَا إذَا كَانَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالْإِشَارَةِ وَإِنْ كَانَا مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ فَعَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ فَإِنْ أَشَارَ إلَيْهَا وَنَقَدَهَا فَكَذَلِكَ يَتَصَدَّقُ (وَإِنْ أَشَارَ إلَيْهَا وَنَقَدَ غَيْرَهَا أَوْ) أَشَارَ (إلَى غَيْرِهَا) وَنَقَدَهَا (أَوْ أَطْلَقَ) وَلَمْ يُشِرْ (وَنَقَدَهَا لَا) يَتَصَدَّقُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ قِيلَ (وَبِهِ يُفْتَى) وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ

ــ

[رد المحتار]

السِّعْرُ وَمُرَادُهُ غَيْرُ الرِّبَوِيِّ إذْ فِيهِ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ إلَخْ) أَصْلُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْغَاصِبِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ وَالْعَاقِدُ هُوَ الْغَاصِبُ فَهُوَ الَّذِي جَعَلَ مَنَافِعَ الْعَبْدِ مَالًا بِعَقْدِهِ، فَكَانَ هُوَ أَوْلَى بِبَدَلِهَا، وَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا لِاسْتِفَادَتِهَا بِبَدَلٍ خَبِيثٍ وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْغَيْرِ دُرَرٌ

(قَوْلُهُ بِمَا بَقِيَ) أَخْرَجَ بِهِ عِبَارَةَ الْمَتْنِ كَالْكَنْزِ عَنْ ظَاهِرِهَا لَمَّا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا زَادَ عَلَى مَا ضَمِنَ عِنْدَهُمَا لَا بِالْغَلَّةِ كُلِّهَا اهـ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ذَكَرَهُ بَحْثًا لَكِنْ جَزَمَ بِهِ فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْقُولٌ وَالْمُلْتَقَى مِنْ الْمُتُونِ الْمُعْتَبَرَةِ. هَذَا وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ بَعْدَ مَا اسْتَغَلَّهُ لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِالْغَلَّةِ فِي أَدَاءِ الضَّمَانِ،؛ لِأَنَّ الْخُبْثَ كَانَ لِأَجْلِ الْمَالِكِ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ فَهَلَكَ وَضَمَّنَ الْمَالِكُ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهُ فَرَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ لَا يَسْتَعِينُ بِهَا فِي أَدَاءِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَيْسَ بِمَالِكٍ إلَّا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ فَقِيرًا اهـ مُلَخَّصًا فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النُّقْصَانِ وَالْهَلَاكِ فِي أَنَّهُ يَسْتَعِينُ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا بَقِيَ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى إطْلَاقِ قَوْلِهِ: وَتَصَدَّقَ بِمَا بَقِيَ أَيْ فَإِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالْفَقِيرِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْغَاصِبُ إذَا أَجَّرَ الْمَغْصُوبَ فَالْأَجْرُ لَهُ، فَإِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ أَوْ تَلِفَ لَا مِنْهُ وَضَمِنَهُ الْغَاصِبُ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِالْأَجْرِ فِي أَدَاءِ الضَّمَانِ وَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي إذَا كَانَ فَقِيرًا فَإِذَا كَانَ غَنِيًّا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِالْغَلَّةِ فِي أَدَاءِ الضَّمَانِ فِي الصَّحِيحِ اهـ وَهَذِهِ مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ الزَّيْلَعِيِّ وَكَلَامُنَا فِي النُّقْصَانِ وَهَذِهِ فِي الْهَلَاكِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ فَيَصِحُّ الِاسْتِدْرَاكُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ الْوَدِيعَةِ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ مُتَعَيِّنًا بِالْإِشَارَةِ) وَذَلِكَ كَالْعُرُوضِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ الرِّبْحُ أَيْ وَلَوْ بَعْدَ ضَمَانِ الْقِيمَةِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ مِنْهُ قَبْلَ ضَمَانِ الْقِيمَةِ وَبَعْدَهُ يَحِلُّ إلَّا فِيمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَةِ، وَهُوَ الرِّبْحُ فَإِنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ إلَى الْمَالِكِ، وَيَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ لِزَوَالِ الْخُبْثِ (قَوْلُهُ أَوْ بِالشِّرَاءِ) لَا مَحَلَّ لَلْعَطْفِ هُنَا وَلِذَا قَالَ ط الْأَخْصَرُ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: أَوْ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ وَنَقَدَهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي يَتَصَدَّقُ بِرِبْحٍ) تَفْسِيرٌ لِلتَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ وَبَيَانٌ لِمَا بَعْدَهُ بِعِبَارَةِ أَوْضَحَ

(قَوْلُهُ فَعَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ) زَادَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ خَامِسًا، وَهُوَ مَا إذَا دَفَعَهَا إلَى الْبَائِعِ ثُمَّ اشْتَرَى وَحُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ يَتَصَدَّقُ) ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ لَا تُفِيدُ التَّعْيِينَ، فَيَسْتَوِي وُجُودُهَا وَعَدَمُهَا إلَّا إذَا تَأَكَّدَ بِالنَّقْدِ مِنْهَا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ الْغَصْبِ أَوْ الْوَدِيعَةِ عَزْمِيَّةٌ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يُشِرْ، فَإِنْ نَوَى النَّقْدَ مِنْهَا فَلَا يَخْلُو إنْ حَقَّقَ نِيَّتَهُ فَنَقَدَ مِنْهَا، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَطِيبُ، وَإِنْ لَمْ يُحَقِّقْ نِيَّتَهُ بِطِيبٍ،؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَزْمِ لَا أَثَرَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ثُمَّ نَقَدَ مِنْهُ طَابَ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: إنَّمَا يَطِيبُ إذَا نَوَى أَنْ لَا يَنْقُدَ مِنْهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ فَنَقَدَ أَمَّا إذَا نَوَى النَّقْدَ مِنْهَا مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ يَنْقُدُ لَا يَطِيبُ اهـ مُلَخَّصًا.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَوْلُ الْكَرْخِيِّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ فِي الْفَتْوَى ثُمَّ حُمِلَ مَا مَرَّ عَلَى حُكْمِ الدَّيَّانَةِ (قَوْلُهُ قِيلَ وَبِهِ يُفْتَى) قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْغُرَرِ وَمُخْتَصَرِ الْوِقَايَةِ وَالْإِصْلَاحِ، وَنَقَلَهُ فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَرْتَضِهِ الشَّارِحُ فَأَتَى بِقِيلِ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ. قَالَ مَشَايِخُنَا لَا يَطِيبُ قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَ

ص: 189

مُطْلَقًا كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَلَوْ بَعْدَ الضَّمَانِ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي فَتَاوَى النَّوَازِلِ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ فِي زَمَانِنَا لِكَثْرَةِ الْحَرَامِ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قَوْلِهِمَا. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فَلْيُحْفَظْ

(فَإِنْ غَصَبَ وَغَيَّرَ) الْمَغْصُوبَ (فَزَالَ اسْمُهُ وَأَعْظَمُ مَنَافِعِهِ) أَيْ أَكْثَرُ مَقَاصِدِهِ احْتِرَازًا عَنْ دَرَاهِمَ فَسَبَكَهَا بِلَا ضَرْبٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ زَالَ اسْمُهُ

ــ

[رد المحتار]

وَكَذَا بَعْدَ الضَّمَانِ بِكُلِّ حَالٍّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِإِطْلَاقِ الْجَوَابِ فِي الْجَامِعَيْنِ وَالْمُضَارَبَةِ: أَيْ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ مِنْ الْمَبْسُوطِ واني عَلَى الدُّرَرِ.

قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَوَجْهُهُ أَنَّ بِالنَّقْدِ مِنْهُ اسْتَفَادَ سَلَامَةَ الْمُشْرَى، وَبِالْإِشَارَةِ اسْتَفَادَ جَوَازَ الْعَقْدِ، لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِهِ فِي حَقِّ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ، فَيَثْبُتُ فِيهِ شُبْهَةُ الْحُرْمَةِ لِمِلْكِهِ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْأَوْجُهِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) هَذَا مِنْ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ الْمَعْزُوِّ آخِرَ الْعِبَارَةِ وَأَتَى بِهِ، وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لِإِشْعَارِ هَذَا التَّعْبِيرِ بِعَدَمِ اعْتِمَادِهِ نَفْيَهُ تَأْيِيدٌ لِتَعْبِيرِهِ بِقِيلِ مُخَالِفًا لِمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَلَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ فِيمَا إذَا صَارَ بِالتَّقَلُّبِ مِنْ جِنْسِ مَا ضَمِنَ بِأَنْ ضَمِنَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَصَارَ فِي يَدِهِ مِنْ بَدَلِ الْمَضْمُونِ دَرَاهِمُ: وَلَوْ طَعَامٌ أَوْ عُرُوضٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يَتَبَيَّنُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَمَا لَمْ يَصِرْ بِالتَّقَلُّبِ مِنْ جِنْسِ مَا ضَمِنَ لَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ اهـ ثُمَّ هَلْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ هُنَا جِنْسٌ وَاحِدٌ نَظَرًا لِلثَّمَنِيَّةِ أَوْ جِنْسَانِ يُرَاجَعُ رَحْمَتِيٌّ.

أَقُولُ: رَأَيْت فِي الطُّورِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ وَلَوْ اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ الْمَغْصُوبَةِ طَعَامًا حَلَّ التَّنَاوُلُ، وَلَوْ اشْتَرَى بِهَا دَنَانِيرَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا، فَوَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِي الطَّعَامِ لَا يُنْتَقَضُ بِاسْتِحْقَاقِ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهَا لَا عَيْنِهَا اهـ فَأَفَادَ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ حَيْثُ أَوْجَبَ رَدَّهَا مَعَ أَنَّ الْمَغْصُوبَ دَرَاهِمُ، وَهَذِهِ مِمَّا يُزَادُ عَلَى قَوْلِ الْعِمَادِيَّةِ الدَّنَانِيرُ تَجْرِي مَجْرَى الدَّرَاهِمِ فِي سَبْعَةٍ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. وَفِي الطُّورِيِّ أَيْضًا: وَلَوْ اشْتَرَى بِالثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ جَارِيَةً يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا حَتَّى يَدْفَعَ قِيمَةَ الثَّوْبِ إلَى صَاحِبِهِ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا بِالدَّرَاهِمِ يَحِلُّ وَطْؤُهَا لِفَسَادِهِ بِاسْتِحْقَاقِ الثَّوْبِ لِتَعَلُّقِ الْبَيْعِ بِعَيْنِهِ دُونَ الدَّرَاهِمِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ بِالثَّوْبِ امْرَأَةً لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُنْتَقَضُ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَهْرِ اهـ.

وَفِي الْمُلْتَقَى وَشَرْحِهِ: وَلَوْ اشْتَرَى بِأَلْفٍ الْغَصْبَ أَوْ الْوَدِيعَةَ جَارِيَةً تَعْدِلُ أَلْفَيْنِ، فَوَهَبَهَا أَوْ طَعَامًا فَأَكَلَهُ، أَوْ تَزَوَّجَ بِأَحَدِهِمَا امْرَأَةً أَوْ سَرِيَّةً أَوْ ثَوْبًا حَلَّ الِانْتِفَاعُ، وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَنَقَلَ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ عَنْ صَدْرِ الْإِسْلَامِ: أَنَّ الصَّحِيحَ لَا يَحِلُّ لَهُ الْأَكْلُ وَلَا الْوَطْءُ؛ لِأَنَّ فِي السَّبَبِ نَوْعُ خُبْثٍ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَغَيَّرَ الْمَغْصُوبَ) أَيْ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ احْتِرَازًا عَنْ صَبِيٍّ غَصَبَهُ، فَصَارَ مُلْتَحِيًا عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِلَا ضَمَانٍ قُهُسْتَانِيُّ. وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِيهَا وَلَوْ غَصَبَ جَارِيَةً نَاهِدَةَ الثَّدْيَيْنِ فَانْكَسَرَ ثَدْيُهَا عِنْدَهُ أَوْ عَبْدًا مُحْتَرِفًا فَنَسِيَ ذَلِكَ عِنْدَهُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ اهـ وَمِثْلُهُ مَا سَيَذْكُرُهُ آخِرًا عَنْ الْوَهْبَانِيَّةِ تَأَمَّلْ. وَفِي الدُّرَرِ: صَارَ الْعِنَبُ زَبِيبًا بِنَفْسِهِ أَوْ الرُّطَبُ تَمْرًا أَخَذَهُ الْمَالِكُ أَوْ تَرَكَهُ وَضَمِنَهُ (قَوْلُهُ فَزَالَ اسْمُهُ) احْتِرَازٌ عَنْ كَاغَدٍ فَكَتَبَ عَلَيْهِ أَوْ قُطْنٍ، فَغَزَلَهُ أَوْ لَبَنٍ فَصَيَّرَهُ مَخِيضًا أَوْ عَصِيرًا فَخَلَّلَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ، وَقِيلَ يَنْقَطِعُ قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ الْمُحِيطِ، وَعَمَّا إذَا غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا فَإِنَّ مِلْكَ مَالِكِهَا لَمْ يَزُلْ بِالذَّبْحِ الْمُجَرَّدِ حَيْثُ يُقَالُ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ دُرَرٌ (قَوْلُهُ فَسَبَكَهَا) عُطِفَ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ غَصَبَهَا فَسَبَكَهَا (قَوْلُهُ بِلَا ضَرْبٍ) كَذَا قَيَّدَ بِهِ فِي السِّرَاجِ، فَلَوْ صَاغَ الدَّرَاهِمَ بَعْدَ سَبْكِهَا دَرَاهِمَ

ص: 190

لَكِنْ يَبْقَى أَعْظَمُ مَنَافِعِهِ وَلِذَا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ عَنْهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ فَلَمْ يَكُنْ زَوَالُ الِاسْمِ مُغْنِيًا عَنْ أَعْظَمِ مَنَافِعِهِ كَمَا ظَنَّهُ مُنْلَا خُسْرو وَغَيْرُهُ

(أَوْ اخْتَلَطَ) الْمَغْصُوبُ (بِمِلْكِ الْغَاصِبِ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ امْتِيَازُهُ) كَاخْتِلَاطِ بُرِّهِ بِبُرِّهِ. (أَوْ يُمْكِنُ بِحَرَجٍ) كَبُرِّهِ بِشَعِيرِهِ (ضَمِنَهُ وَمَلَكَهُ بِلَا حِلِّ انْتِفَاعٍ قَبْلَ أَدَاءِ ضَمَانِهِ) أَيْ رِضَا مَالِكِهِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ تَضْمِينِ قَاضٍ وَالْقِيَاسُ حِلُّهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ، فَلَوْ غَصَبَ طَعَامًا فَمَضَغَهُ حَتَّى صَارَ مُسْتَهْلِكًا يَبْتَلِعُهُ حَلَالًا فِي رِوَايَةٍ

ــ

[رد المحتار]

لَا يَنْقَطِعُ بِالْأَوْلَى وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِثْلَ الدَّرَاهِمِ الْأُولَى أَمْ لَا وَحَرِّرْهُ اهـ ط (قَوْلُهُ لَكِنْ يَبْقَى أَعْظَمُ مَنَافِعِهِ) مِنْ جَعْلِهَا ثَمَنًا وَالتَّزَيُّنِ بِهَا ط (قَوْلُهُ مُغْنِيًا عَنْ أَعْظَمِ مَنَافِعِهِ) أَيْ عَنْ هَذَا اللَّفْظِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) هُوَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ، فَإِنَّ هَذَا الْقَيْدَ جَعَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ احْتِرَازًا عَنْ حِنْطَةٍ غَصَبَهَا وَطَحَنَهَا، قَالَ: فَإِنَّ الْمَقَاصِدَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِعَيْنِ الْحِنْطَةِ كَجَعْلِهَا هَرِيسَةً وَنَحْوِهَا تَزُولُ بِالطَّحْنِ، قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَتَبِعَهُ فِي الدُّرَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَأْكِيدٌ،؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ زَالَ اسْمُهُ يَتَنَاوَلُهُ فَإِنَّهَا إذَا طُحِنَتْ صَارَتْ دَقِيقًا لَا حِنْطَةً اهـ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ بَيَانِ الْمُحْتَرَزِ وَالْإِيرَادِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْقُهُسْتَانِيِّ

(قَوْلُهُ بِمِلْكِ الْغَاصِبِ) وَكَذَا بِمَغْصُوبٍ آخَرَ لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْيَنَابِيعِ: غَصَبَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا فَخَلَطَهُمَا لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِمَا شَيْئًا مَأْكُولًا فَيَأْكُلُهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ مَا اشْتَرَى حَتَّى يُؤَدِّيَ عِوَضَهُ اهـ.

وَفِيهَا عَنْ الْمُنْتَقَى مَعَهُ سَوِيقٌ وَمَعَ آخَرَ سَمْنٌ فَاصْطَدَمَا فَانْصَبَّ السَّمْنُ فِي سَوِيقِهِ يَضْمَنُ مِثْلَ السَّمْنِ،؛ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ دُونَ الْآخَرِ،؛ لِأَنَّ هَذَا زِيَادَةٌ فِي السَّوِيقِ وَفِيهَا عَنْ الْخَانِيَّةِ اخْتَلَطَتْ نُورَتُهُ بِدَقِيقٍ آخَرَ بِلَا صُنْعِ أَحَدٍ يُبَاعُ الْمُخْتَلَطُ، وَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقِيمَتِهِ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِإِيجَابِ النُّقْصَانِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَبُرِّهِ بِشَعِيرِهِ) أَيْ بُرِّ الْغَاصِبِ بِشَعِيرِ الْغَصْبِ أَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ ضَمِنَهُ وَمَلَكَهُ) أَمَّا الضَّمَانُ فَلِلتَّعَدِّي، وَأَمَّا الْمِلْكُ فِي التَّغَيُّرِ وَزَوَالِ الِاسْمِ، فَلِأَنَّهُ أَحْدَثَ صَنْعَةً مُتَقَوِّمَةً وَفِي الِاخْتِلَاطِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْبَدَلَانِ فِي مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ.

[تَتِمَّةٌ] كُلُّ مَوْضِعٍ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ فِيهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَحَقُّ بِذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ فَإِنْ ضَاعَ ذَلِكَ ضَاعَ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ اهـ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة، وَزَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ بِلَا حِلِّ انْتِفَاعٍ إلَخْ) وَفِي الْمُنْتَقَى كُلُّ مَا غَابَ صَاحِبُهُ، وَيَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بَعْدَ مَا يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ بِضَمَانِهِ، وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنْ إثْمِ الْغَصْبِ. وَفِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ: اشْتَرَى الزَّوْجُ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً مِنْ مَالٍ خَبِيثٍ جَازَ لِلْمَرْأَةِ أَكْلُهُ وَلُبْسُهَا وَالْإِثْمُ عَلَى الزَّوْجِ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ أَيْ رِضَا مَالِكِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَدَاءِ رِضَا الْمَالِكِ وَهُوَ أَعَمُّ (قَوْلُهُ أَوْ تَضْمِينِ قَاضٍ) فَإِنَّ الرِّضَا مِنْ الْمَالِكِ مَوْجُودٌ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي إلَّا بِطَلَبِهِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ عَزْمِيَّةٌ: هَذَا وَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَغْصُوبِ ثَابِتٌ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ، وَإِنَّمَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَى أَدَاءِ الضَّمَانِ الْحِلُّ هُوَ مَا فِي عَامَّةِ الْمُتُونِ، فَمَا فِي النَّوَازِلِ مِنْ أَنَّهُ بَعْدَ الْمِلْكِ لَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ لِاسْتِفَادَتِهِ بِوَجْهٍ خَبِيثٍ كَالْمَمْلُوكِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ عِنْدَ الْقَبْضِ إلَّا إذَا جَعَلَهُ صَاحِبُهُ فِي حِلٍّ اهـ مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ الْمُتُونِ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمِنَحِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ الْغَصْبُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ، فَلَوْ أَبَى الْمَالِكُ أَخْذَ الْقِيمَةِ، وَأَرَادَ أَخْذَ الْمُغَيَّرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ) جَعَلَهَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَالِاسْتِحْسَانُ قَوْلُهُمَا. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَانَ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ، وَيَقُولُ: أَجْمَعَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِأَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَقَالُوا جَمِيعًا الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا اهـ. قُلْت: مَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ الْمُتُونِ كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ نَقَلَ أَنَّ الْعَلَّامَةَ قَاسِمًا تَعَقَّبَهُ

ص: 191

وَحَرَامًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ (كَذَبْحِ شَاةٍ) بِالتَّنْوِينِ بَدَلِ الْإِضَافَةِ: أَيْ شَاةِ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ سُلْطَانٍ (وَطَبْخِهَا أَوْ شَيِّهَا وَطَحْنِ بُرٍّ وَزَرْعِهِ وَجَعْلِ حَدِيدٍ سَيْفًا وَصُفْرٍ آنِيَةً وَالْبِنَاءِ عَلَى سَاجَةٍ) بِالْجِيمِ خَشَبَةٌ عَظِيمَةٌ تَنْبُتُ بِالْهِنْدِ (وَقِيمَتُهُ) أَيْ الْبِنَاءِ (أَكْثَرُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ قِيمَةِ السَّاجَةِ يَمْلِكُهَا الْبَانِي بِالْقِيمَةِ وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَبَنَى عَلَيْهَا أَوْ غَرَسَ أَوْ ابْتَلَعَتْ دَجَاجَةٌ لُؤْلُؤَةً أَوْ أَدْخَلَ الْبَقَرُ رَأْسَهُ فِي قِدْرٍ أَوْ أَوْدَعَ فَصِيلًا فَكَبُرَ فِي بَيْتِ الْمُودَعِ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ إلَّا بِهَدْمِ الْجِدَارِ أَوْ سَقَطَ دِينَارُهُ فِي مَحْبَرَةِ غَيْرِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ إلَّا بِكَسْرِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ قِيمَةَ الْأَقَلِّ وَالْأَصْلُ أَنَّ الضَّرَرَ الْأَشَدَّ يُزَالُ بِالْأَخَفِّ، كَمَا فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ.

ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ ابْتَلَعَ لُؤْلُؤَةً فَمَاتَ لَا يُشَقُّ بَطْنُهُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْآدَمِيِّ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَالِ وَقِيمَتُهَا فِي تَرِكَتِهِ وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ قِيَاسًا عَلَى الشَّقِّ لِإِخْرَاجِ الْوَلَدِ.

قُلْت: وَقَدَّمْنَا فِي الْجَنَائِزِ عَنْ الْفَتْحِ أَنَّهُ يُشَقُّ أَيْضًا فَلَا خِلَافَ. وَفِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ فَلْيُحْفَظْ.

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ كَذَبْحِ شَاةٍ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ فَإِنْ غَصَبَ وَغَيَّرَ، أَوْ تَنْظِيرٌ لِقَوْلِهِ ضَمِنَهُ وَمَلَكَهُ أَيْ كَمَا يَضْمَنُهُ فِي ذَبْحِ شَاةٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ بِالتَّنْوِينِ بَدَلِ الْإِضَافَةِ) فِيهِ أَنَّهُمْ قَسَّمُوا تَنْوِينَ الْعِوَضِ إلَى مَا يَكُونُ عِوَضًا عَنْ جُمْلَةٍ أَوْ عَنْ حَرْفٍ أَوْ عَنْ كَلِمَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253]{وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ} [يس: 40]{أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الإسراء: 110]- وَالْإِضَافَةُ أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ، فَالْأَنْسَبُ إبْدَالُهَا بِالْمُضَافِ إلَيْهِ، عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ أَنْكَرَ الْقِسْمَ الثَّالِثَ، وَقَالَ إنَّهُ مِنْ تَنْوِينِ التَّمْكِينِ يَزُولُ مَعَ الْإِضَافَةِ وَيَثْبُتُ مَعَ عَدَمِهَا (قَوْلُهُ وَطَبْخِهَا أَوْ شَيِّهَا) إنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ الذَّبْحِ لَا يَتَغَيَّرُ الِاسْمُ بَلْ وَلَوْ مَعَ التَّأْرِيبِ أَيْ التَّقْطِيعِ،؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّبْحِ بَلْ يُحَقِّقُهُ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْبِنَاءِ عَلَى سَاجَةٍ) فِي الْهِدَايَةِ قَالَ الْكَرْخِيُّ وَالْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إنَّمَا لَا يُنْقَضُ إذَا بَنَى فِي حَوَالِي السَّاجَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي الْبِنَاءِ، أَمَّا إذَا بَنَى عَلَى نَفْسِ السَّاجَةِ يُنْقَضُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَجَوَابُ الْكِتَابِ يَرُدُّ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ بِالْجِيمِ) أَمَّا السَّاحَةُ بِالْحَاءِ فَتَأْتِي (قَوْلُهُ خَشَبَةٌ عَظِيمَةٌ إلَخْ) أَيْ صُلْبَةٌ قَوِيَّةٌ تُسْتَعْمَلُ فِي أَبْوَابِ الدُّورِ وَبِنَائِهَا وَأَسَاسِهَا أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ أَيْ الْبِنَاءِ أَكْثَرُ مِنْهَا) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَأَمَّا إذَا كَانَ قِيمَةُ السَّاجَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ، فَلَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّ الْمَالِكِ عَنْهَا، كَمَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَبِهِ قَيَّدَ الزَّيْلَعِيُّ كَلَامَ الْكَنْزِ اهـ وَفِيهَا عَنْ الْمُجْتَبَى، فَلَهُ أَخْذُهُ وَكَذَا فِي السَّاحَةِ أَيْ بِالْحَاءِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أَرْضًا إلَخْ) هَذِهِ مَسْأَلَةُ السَّاحَةِ بِالْحَاءِ وَسَتَأْتِي مَتْنًا: أَيْ فَلَوْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَكْثَرُ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْأَرْضِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ وَهَذَا قَوْلُ الْكَرْخِيِّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ أَوْفَقُ لِمَسَائِلِ الْبَابِ: أَيْ مَسْأَلَةِ الدَّجَاجَةِ الْآتِيَةِ وَنَحْوِهَا، لَكِنْ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَنَحْنُ نُفْتِي بِجَوَابِ الْكِتَابِ اتِّبَاعًا لِمَشَايِخِنَا فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتْرُكُونَهُ أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ وَالرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ مُطْلَقًا

وَفِي الْحَامِدِيَّةِ عَنْ الْأَنْقِرْوِيِّ: أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ، صَرَّحَ بِهِ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ الْمُفْتِي قَالَ: وَبِالْأَمْرِ بِالْقَلْعِ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي مُفْتِي الرُّومِ أَخْذًا مِنْ فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَنِعْمَ هَذَا الْجَوَابُ، فَإِنَّ فِيهِ سَدَّ بَابِ الظُّلْمِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ اللُّؤْلُؤَةِ وَنَحْوِهَا بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ أَمْرٌ اضْطِرَارِيٌّ صَدَرَ بِدُونِ قَصْدٍ مُعْتَبَرٍ، وَأَمَّا الْغَصْبُ فَهُوَ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ مَقْصُودٌ اهـ مُلَخَّصًا.

وَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ الشَّارِحَ جَرَى هُنَا عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ، وَكَذَا فِيمَا سَيَأْتِي حَيْثُ قَيَّدَ قَوْلَ الْمَتْنِ، يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ أَكْثَرَ فَمَا اقْتَضَاهُ التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ: وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أَرْضًا مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ صَحِيحٌ،؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَكْثَرَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَلَامِ غَيْرِ الْكَرْخِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا عَلِمْت فَافْهَمْ (قَوْلُهُ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ قِيمَةَ الْأَقَلِّ) فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا عَلَى السَّوَاءِ يُبَاعُ عَلَيْهِمَا، وَيَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَمَاتَ) فَلَوْ بَقِيَ حَيًّا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَلَا يَنْظُرُ إلَى أَنْ تَخْرُجَ مِنْهُ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَفِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ) وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَا يَشُقُّ بَطْنَهُ لَوْ دُرَّةً، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الدُّرَّةَ تَفْسُدُ فِيهِ فَلَا يُفِيدُ الشِّقُّ

ص: 192

بَقِيَ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ السَّاجَةِ وَالْبِنَاءِ سَوَاءً فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ، وَإِنْ تَنَازَعَا يُبَاعُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِمَا، وَيَقْسِمُ الثَّمَنَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالِهِمَا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. بَقِيَ لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ نَقْضَ الْبِنَاءِ وَرَدَّ السَّاجَةِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ إنْ قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لَا يَحِلُّ وَقَبْلَهُ قَوْلَانِ لِتَضْيِيعِ الْمَالِ بِلَا فَائِدَةٍ وَتَمَامُهُ فِي الْمُجْتَبَى

(وَإِنْ ضَرَبَ الْحَجَرَيْنِ دِرْهَمًا وَدِينَارًا أَوْ إنَاءً لَمْ يَمْلِكْهُ وَهُوَ لِمَالِكِهِ مَجَّانًا) خِلَافًا لَهُمَا (فَإِنْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ) وَنَحْوَهَا مِمَّا يُؤْكَلُ (طَرَحَهَا الْمَالِكُ عَلَيْهِ وَأَخَذَ قِيمَتَهَا أَوْ أَخَذَهَا وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَهَا وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ قَطَعَ يَدَهَا) أَوْ قَطَعَ طَرَفَ دَابَّةٍ غَيْرِ مَأْكُولَةٍ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى قِيلَ: وَلَفْظُ غَيْرِ: غَيْرُ سَدِيدٍ هُنَا. قُلْت: قَوْلُهُ غَيْرُ سَدِيدٍ غَيْرُ سَدِيدٍ لِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي غَيْرِ الْمَأْكُولَةِ أَيْضًا لَكِنْ إذَا اخْتَارَ رَبُّهَا أَخْذَهَا لَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ فَلْيُحْفَظْ بِخِلَافِ طَرَفِ الْعَبْدِ فَإِنَّ فِيهِ الْأَرْشَ (أَوْ خَرَقَ ثَوْبًا)

ــ

[رد المحتار]

وَالدَّنَانِيرُ لَا تَفْسُدُ. وَفِي الْبِيرِيِّ عَنْ تَلْخِيصِ الْكُبْرَى: لَوْ بَلَعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَمَاتَ يَشُقُّ وَأَفَادَ الْبِيرِيُّ عَدَمَ الْخِلَافِ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِعَدَمِ فَسَادِهَا، وَقَدْ عُلِمَ اخْتِلَافُ التَّصْحِيحِ فِي الدُّرَّةِ وَلَفْظُ الْفَتْوَى أَقْوَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يُبَاعُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِمَا) هَكَذَا الْعِبَارَةُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ والشُّرُنبُلالِيَّة، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ يُبَاعُ مَعَ السَّاجَةِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إنْ قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لَا يَحِلُّ) وَإِذَا نَقَصَ لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّ السَّاجَةِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ لِتَضْيِيعِ الْمَالِ) عِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ قِيلَ: يَحِلُّ وَقِيلَ لَا يَحِلُّ لِتَضْيِيعِ الْمَالِ

(قَوْلُهُ وَهُوَ لِمَالِكِهِ مَجَّانًا) فَلَا يَضْمَنُ لِلْغَاصِبِ شَيْئًا لِأَجْلِ الصِّيَاغَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مُجَرَّدُ الْعَمَلِ إلَّا إذَا جَعَلَهُ مِنْ أَوْصَافِ مِلْكِهِ، بِحَيْثُ يَكُونُ فِي نَزْعِهِ ضَرَرٌ كَمَا لَوْ جَعَلَهُ عُرْوَةً مُزَادَةً أَوْ صَفَائِحَ فِي سَقْفٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَقَدْ انْقَطَعَ لِصَاحِبِهِ الْيَدُ عَنْهُ وَقْتَ غَصْبِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَخَذَهَا وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَهَا) ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ لِفَوَاتِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ كَالْحَمْلِ وَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ، وَبَقَاءِ بَعْضِهَا وَهُوَ اللَّحْمِ دُرَرٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَطَعَ يَدَهَا) ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ أَيْضًا وَهَذَا فِي مِثْلِ الْبَقَرِ وَنَحْوُهُ ظَاهِرٌ، وَكَذَا فِي الشَّاةِ؛ لِأَنَّهَا تَضْعُفُ عَنْ الذَّهَابِ إلَى الْمَرْعَى فَيَقِلُّ دَرُّهَا وَيَضْعُفُ نَسْلُهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ قَطَعَ طَرَفَ دَابَّةٍ غَيْرِ مَأْكُولَةٍ) لِوُجُودِ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ هِدَايَةٌ، وَقَيَّدَ بِالْيَدِ وَالطَّرَفِ؛ لِأَنَّ فِي عَيْنِ الْحِمَارِ أَوْ الْبَغْلِ أَوْ الْفَرَسِ رُبُعَ الْقِيمَةِ، وَكَذَا فِي عَيْنِ الْبَقَرَةِ وَالْجَزُورِ وَفِي عَيْنِ الشَّاةِ مَا نَقَصَهَا، وَسَيَجِيءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ غَيْرُ سَدِيدٍ هُنَا) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَخَذَهَا وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَهَا خَاصٌّ بِالْمَأْكُولَةِ وَعَلَى إسْقَاطِ لَفْظَةِ غَيْرُ يَكُونُ مِنْ التَّعْمِيمِ بَعْدَ التَّخْصِيصِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الْمُلْتَقَى.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ مُرَادَهُ بِإِلْحَاقِ غَيْرِ الْمَأْكُولَةِ بِالْمَأْكُولَةِ فِي الْحُكْمِ مِنْ حَيْثُ وُجُودُ التَّخْيِيرِ فِيهِمَا بَيْنَ طَرْحِهَا عَلَى الْغَاصِبِ، وَبَيْنَ إمْسَاكِهَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا أَمْسَكَ الْمَأْكُولَةَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ النُّقْصَانَ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْكُولَةِ لِمَا عَلِمْت مِنْ وُجُودِ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَقَدْ نَبَّهَ الشَّارِحُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ بِقَوْلِهِ: لَكِنْ إذَا اخْتَارَ إلَخْ فَافْهَمْ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ أَيْضًا كَالْمَأْكُولَةِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ، وَلَكِنْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ لِمَا بَقِيَ قِيمَةٌ، لِعَدَمِ وُجُودِ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْقَرِينَةُ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ لَفْظُ النُّقْصَانِ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِمَا بَقِيَ قِيمَةٌ لَمْ يَقُلْ لَهُ نُقْصَانٌ، بَلْ هَلَاكٌ وَدَلِيلُ ذَلِكَ مَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ الْمُنْتَقَى بِالنُّونِ قَطَعَ يَدَ حِمَارٍ أَوْ رِجْلَهُ وَكَانَ لِمَا بَقِيَ قِيمَةٌ، فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيَأْخُذَ النُّقْصَانَ وَكَذَا لَوْ ذَبَحَهُ، وَكَانَ لِجِلْدِهِ ثَمَنٌ لَا إنْ قَتَلَهُ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ بِمَنْزِلَةِ الدِّبَاغِ اهـ مُلَخَّصًا هَذَا وَفِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِغَيْرِ الْمَأْكُولَةِ مَا يَشْمَلُ الْفَرَسَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ طَرَفِ الْعَبْدِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ لَكِنْ إذَا اخْتَارَ رَبُّهَا أَخْذَهَا لَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِيهِ الْأَرْشَ) أَيْ لَهُ أَخْذُهُ مَعَ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ أَقْطَعُ، وَلَا كَذَلِكَ الدَّابَّةُ الْغَيْرُ الْمَأْكُولَةِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ خَرَقَ ثَوْبًا إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ:

ص: 193

خَرْقًا فَاحِشًا (وَ) هُوَ مَا (فَوَّتَ بَعْضَ الْعَيْنِ وَبَعْضَ نَفْعِهِ لَا كُلَّهُ) فَلَوْ كُلُّهُ ضَمِنَ كُلَّهَا (وَفِي خَرْقٍ يَسِيرٍ) نَقْصَهُ وَ (لَمْ يُفَوِّتْ شَيْئًا) مِنْ النَّفْعِ (ضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ مَعَ أَخْذِ عَيْنِهِ لَيْسَ غَيْرُ) لِقِيَامِ الْعَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مَا لَمْ يُجَدِّدْ فِيهِ صَنْعَةً أَوْ يَكُونُ رِبَوِيًّا كَمَا بَسَطَهُ الزَّيْلَعِيُّ. قُلْت: وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَهِيَ غَصَبَتْ حِيَاصَةَ فِضَّةٍ مُمَوَّهَةٍ بِالذَّهَبِ فَزَالَ تَمْوِيهُهَا يُخَيَّرُ مَالِكُهَا بَيْنَ تَضْمِينِهَا مُمَوَّهَةً أَوْ أَخْذِهَا بِلَا شَيْءٍ،؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ مُسْتَهْلَكٌ، وَلَوْ كَانَ مَكَانُ الْغَصْبِ شِرَاءً بِوَزْنِهَا فِضَّةً فَلَا رَدَّ لِتَعَيُّبِهَا وَلَا رُجُوعَ بِالنُّقْصَانِ لِلُزُومِ الرِّبَا فَاغْتَنِمْهُ فَقَلَّ مَنْ صَرَّحَ بِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا.

(وَمَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أُمِرَ بِالْقَلْعِ وَالرَّدِّ) لَوْ قِيمَةُ السَّاحَةِ أَكْثَرَ كَمَا مَرَّ (وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ قِيمَةَ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ أَمَرَ بِقَلْعِهِ) أَيْ مُسْتَحِقُّ الْقَلْعِ فَتُقَوَّمُ بِدُونِهِمَا وَمَعَ أَحَدِهِمَا مُسْتَحِقُّ الْقَلْعِ فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ

ــ

[رد المحتار]

أَيْ لِلْمَالِكِ أَيْضًا أَنْ يَطْرَحَهُ عَلَيْهِ وَيُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ أَوْ يُمْسِكُهُ وَيُضَمِّنُهُ النُّقْصَانَ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا فَوَّتَ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَاحِشِ وَالْيَسِيرِ مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ لَا كُلُّهُ) أَيْ كُلُّ النَّفْعِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ كُلَّهَا) أَيْ كُلَّ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ نَقْصَهُ) أَيْ نَقْصَ الْعَيْنِ وَذَكَرَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ الثَّوْبِ، وَيَصِحُّ إرْجَاعُهُ لِلنَّفْعِ وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ وَلَمْ يُفَوِّتْ شَيْئًا مِنْ النَّفْعِ أَيْ لَمْ يُفَوِّتْهُ بِتَمَامِهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْيَسِيرُ مَا لَا يَفُوتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِيهِ النُّقْصَانُ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا جَعَلَ فِي الْأَصْلِ قَطْعَ الثَّوْبِ نُقْصَانًا فَاحِشًا وَالْفَائِتُ بِهِ بَعْضُ الْمَنَافِعِ اهـ.

وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا: أَنَّهُ مَا تَفُوتُ بِهِ الْجَوْدَةُ بِسَبَبِ نُقْصَانٍ فِي الْمَالِيَّةِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُجَدَّدْ فِيهِ صَنْعَةٌ) بِأَنْ خَاطَهُ قَمِيصًا فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ عَنْهُ عِنْدَنَا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ رِبَوِيًّا) فَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ الْعَيْنَ، وَلَا يَرْجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهَا، وَيُضَمِّنَهُ مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّ تَضْمِينَ النُّقْصَانِ مُتَعَذِّرٌ،؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا زَيْلَعِيٌّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ قِيمَتَهَا أَيْ فِي نَحْوِ مَصُوغٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ يَكُونُ رِبَوِيًّا (قَوْلُهُ حِيَاصَةً) الْأَصْلُ حِوَاصَةٌ وَهِيَ سَيْرٌ يُشَدُّ بِهِ حِزَامُ السَّرْجِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ بَيْنَ تَضْمِينِهَا مُمَوَّهَةً) أَيْ تَضْمِينُ الْقِيمَةِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ عَلَى الظَّاهِرِ ط (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ) عِبَارَةُ شَيْخِهِ الرَّمْلِيِّ؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ بِالتَّمْوِيهِ صَارَ مُسْتَهْلَكًا: تَبَعًا لِلْفِضَّةِ فَتُعْتَبَرُ جَمِيعُهَا فِضَّةً غَيْرَ أَنَّهَا انْتَقَصَتْ بِذَهَابِهِ (قَوْلُهُ شِرَاءً) بِالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ أَيْ بِأَنْ اشْتَرَتْهَا بِفِضَّةٍ مُسَاوِيَةٍ لَهَا وَزْنًا وَزَالَ التَّمْوِيهُ عِنْدَهَا يَعْنِي وَوَجَدَتْ بِهَا عَيْبًا قَدِيمًا (قَوْلُهُ فَلَا رَدَّ) أَيْ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِتَعِيبَهَا بِزَوَالِ التَّمْوِيهِ عِنْدَهَا وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ بِالنُّقْصَانِ) أَيْ نُقْصَانِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ لِلُزُومِ الرِّبَا) ؛ لِأَنَّهُ يُبْقِي أَحَدَ الْبَدَلَيْنِ زَائِدًا عَلَى الْآخِرِ بِلَا عِوَضٍ يُقَابِلُهُ وَهَذِهِ مِمَّا يُزَادُ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي تَمْنَعُ الرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ وَلِهَذَا قَالَ فَاغْتَنِمْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا) يَعْنِي الْخَيْرَ الرَّمْلِيَّ فِي حَوَاشِي الْمِنَحِ

(قَوْلُهُ وَمَنْ بَنَى) أَيْ بِغَيْرِ تُرَابِ تِلْكَ الْأَرْضِ وَإِلَّا فَالْبِنَاءُ لِرَبِّ الْأَرْضِ،؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِنَقْضِهِ يَصِيرُ تُرَابًا كَمَا كَانَ دُرٌّ مُنْتَقًى فِي (قَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ) فَلَوْ بِإِذْنِهِ فَالْبِنَاءُ لِرَبِّ الدَّارِ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي شَتَّى الْوَصَايَا مَسْأَلَةَ مَنْ بَنَى فِي دَارِ زَوْجَتِهِ مُفَصَّلَةً (قَوْلُهُ لَوْ قِيمَةُ السَّاحَةِ أَكْثَرُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَلَوْ قِيمَتُهَا أَقَلُّ، فَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ قِيمَتَهَا، وَيَأْخُذَهَا دُرَرٌ عَنْ النِّهَايَةِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ آنِفًا (قَوْلُهُ أَيْ مُسْتَحِقُّ الْقَلْعِ إلَخْ) وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا مِقْدَارَ أُجْرَةِ الْقَلْعِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ مِائَةً وَقِيمَةُ الشَّجَرِ الْمَقْلُوعِ عَشَرَةٌ، وَأُجْرَةُ الْقَلْعِ دِرْهَمٌ بَقِيَتْ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ، فَالْأَرْضُ مَعَ هَذَا الشَّجَرِ

ص: 194

(إنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِهِ) أَيْ بِالْقَلْعِ وَلَوْ زَرَعَهَا يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فَإِنْ اقْتَسَمُوا الْغَلَّةَ أَنْصَافًا أَوْ أَرْبَاعًا اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَالْخَارِجُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ، وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ فَتَجِبُ الْحِصَّةُ أَوْ الْأَجْرُ

ــ

[رد المحتار]

تُقَوَّمُ بِمِائَةٍ وَتِسْعَةِ دَرَاهِمَ فَيَضْمَنُ الْمَالِكُ التِّسْعَةَ مِنَحٌ (قَوْلُهُ إنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِهِ) أَيْ نُقْصَانًا فَاحِشًا بِحَيْثُ يُفْسِدُهَا أَمَّا لَوْ نَقَصَهَا قَلِيلًا فَيَأْخُذُ أَرْضَهُ، وَيَقْلَعُ الْأَشْجَارَ وَيَضْمَنُ النُّقْصَانَ سَائِحَانِيٌّ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ.

مَطْلَبٌ زَرَعَ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ يُعْتَبَرُ عُرْفُ الْقَرْيَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَرَعَهَا يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالُوا إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ، بِأَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فِي قَرْيَةٍ اعْتَادَ أَهْلُهَا زِرَاعَةَ أَرْضِ الْغَيْرِ، وَكَانَ صَاحِبُهَا مِمَّنْ لَا يَزْرَعُ بِنَفْسِهِ، وَيَدْفَعُ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً، فَذَلِكَ عَنْ الْمُزَارَعَةِ، وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُزَارِعَ بِحِصَّةِ الدِّهْقَانِ عَلَى مَا هُوَ مُتَعَارَفُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ النِّصْفَ أَوْ الرُّبُعَ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ، وَهُوَ نَظِيرُ الدَّارِ الْمُعَدَّةِ لِلْإِجَارَةٍ إذَا سَكَنَهَا إنْسَانٌ، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ وَكَذَا هَاهُنَا، وَعَلَى هَذَا أَدْرَكْت مَشَايِخَ زَمَانِي، وَاَلَّذِي تَقَرَّرَ عِنْدِي وَعَرَضْتُهُ عَلَى مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ الْأَرْضَ وَإِنْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ، تَكُونُ هَذِهِ مُزَارَعَةً فَاسِدَةً إذْ لَيْسَ فِيهَا بَيَانُ الْمُدَّةِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمُزَارَعَةِ، وَعَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ اهـ.

أَقُولُ: لَكِنْ سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ: أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ صِحَّتُهَا بِلَا بَيَانِ الْمُدَّةِ، وَتَقَعُ عَلَى أَوَّلِ زَرْعٍ وَاحِدٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا عَلَيْهِ الْمَشَايِخُ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا، وَفِي مُزَارَعَةِ الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا مَرَّ عَنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ الْقَاضِي: وَعِنْدِي أَنَّهَا إنْ مُعَدَّةً لَهَا وَحِصَّةُ الْعَامِلِ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ فُقِدَ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وَيُنْظَرُ إلَى الْعَادَةِ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ زَرَعَهَا لِنَفْسِهِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَأْخُذُهَا مُزَارَعَةً وَيَأْنَفُ مِنْ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ غَصْبًا، وَالْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ، وَكَذَا لَوْ زَرَعَهَا بِتَأْوِيلٍ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِغَيْرِ الْمُؤَجِّرِ بِلَا إذْنِ رَبِّهَا، وَلَمْ يُجِزْهَا رَبُّهَا وَزَرَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لَا تَكُونُ مُزَارَعَةً؛ لِأَنَّهُ زَرَعَهَا بِتَأْوِيلِ الْإِجَارَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْخَارِجُ لِلزَّارِعِ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فِي دَفْعِهَا مُزَارَعَةً، وَلَا فِي قَسْمِ حِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ يَكُونُ الزَّارِعُ غَاصِبًا فَيَكُونُ الْخَارِجُ لَهُ وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ مُشْكِلٌ، وَلَا تُفِيدُهُ النُّقُولُ الْمَارَّةُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَيْسَتْ مِمَّا أُعِدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ، حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ، بَلْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ نُقْصَانُهَا. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهَا مَالُ يَتِيمٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا أَوْ أَعَدَّهَا صَاحِبُهَا لِلْإِجَارَةِ، فَتَكُونُ مِمَّا أُعِدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ، وَأَمَّا الْوَقْفُ فَيَأْتِي قَرِيبًا، وَلَيْسَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا يُفِيدُ مَا ذَكَرَهُ أَصْلًا فَإِنَّ الَّذِي فِيهِ مِنْ الْفَصْلِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ نَحْوُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْفُصُولَيْنِ إلَّا فِي الْوَقْفِ، فَيَجِبُ فِيهِ الْحِصَّةُ أَوْ الْأَجْرُ بِأَيِّ جِهَةٍ زَرَعَهَا أَوْ سَكَنَهَا أُعِدَّتْ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لَا، وَعَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ فَتْوَى عَامَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ.

وَرَأَيْت فِي هَامِشِهِ عَنْ مُفْتِي دِمَشْقَ الْعَلَّامَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ تَجِبُ الْحِصَّةُ أَيْ فِي زَرْعِ الْأَرْضِ وَقَوْلَهُ: أَوْ الْأَجْرُ أَيْ فِي سُكْنَى الدَّارِ فَقَوْلُهُ: زَرَعَهَا أَيْ الْأَرْضَ أَوْ سَكَنَهَا أَيْ الدَّارَ فَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ اهـ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ بِأَيِّ جِهَةٍ زَرَعَهَا مَا لَوْ زَرَعَهَا عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً أَوْ عَلَى وَجْهِ الْمُزَارَعَةِ أَوْ تَأْوِيلِ عَقْدٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي عِبَارَةِ الْفُصُولَيْنِ قَبْلَ قَوْلِهِ إلَّا فِي الْوَقْفِ، وَذَكَرَ فِي الْإِسْعَافِ أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ أَرْضَ الْوَقْفِ يَلْزَمُ أَجْرُ مِثْلِهَا عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ.

أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَوْ كَانَ الْأَجْرُ أَنْفَعَ لِلْوَقْفِ تَأَمَّلْ وَيُمْكِنُ تَفْسِيرُ قَوْلِ الْفُصُولَيْنِ فَتَجِبُ الْحِصَّةُ: أَيْ إنْ كَانَ عُرْفٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْأَجْرُ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَوْ كَانَ الْأَجْرُ أَنْفَعَ تَأَمَّلْ.

ص: 195

بِكُلِّ حَالِ الْفُصُولَيْنِ.

(غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ) لَا عِبْرَةَ لِلْأَلْوَانِ بَلْ لِحَقِيقَةِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ (أَوْ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ مُهِمٌّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا، فَإِنْ أَعَدَّهَا رَبُّهَا لِلزِّرَاعَةِ اُعْتُبِرَ الْعُرْفُ فِي الْحِصَّةِ، وَإِلَّا فَإِنْ أَعَدَّهَا لِلْإِيجَارِ، فَالْخَارِجُ لِلزَّارِعِ، وَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ إنْ انْتَقَصَتْ وَإِنْ كَانَتْ وَقْفًا فَإِنَّ ثَمَّةَ عُرْفٌ وَكَانَ أَنْفَعَ اُعْتُبِرَ، وَإِلَّا فَأَجْرُ الْمِثْلِ لِقَوْلِهِمْ يُفْتَى بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُفْرَدَ الْمَأْخُوذَ مِنْ كَلَامِهِمْ الْمُبَدَّدِ.

بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ يَخْفَى عَلَى كَثِيرِينَ وَهُوَ: مَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ سُلْطَانِيَّةً أَوْ وَقْفًا بِيَدِ زُرَّاعِهَا الَّذِينَ لَهُمْ مِشَدُّ مَسْكَنِهَا كَغَالِبِ الْأَرَاضِيِ الدِّمَشْقِيَّةِ إذَا زَرَعَهَا غَيْرُ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَفَعَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْحِصَّةِ لِلْمُتَكَلِّمِ عَلَيْهَا، هَلْ لِصَاحِبِ الْمِشَدِّ أَنْ يُطَالِبَهُ بِحِصَّةٍ مِنْ الْخَارِجِ، أَوْ بِأُجْرَةِ زَرْعِهَا دَرَاهِمَ أَمْ لَا؟ أَجَابَ فِي الْخَيْرِيَّةِ بِقَوْلِهِ: لَا وَإِنْ قُلْنَا لَا نَرْفَعُ يَدَهُ عَنْهَا مَا دَامَ مُزَارِعًا يُعْطِي مَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِيهَا عَلَى وَجْهِهِ الْمَطْلُوبِ اهـ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الْحِصَّةَ لَا يَسْتَحِقُّهَا صَاحِبُ الْمِشَدِّ، بَلْ صَاحِبُ الْإِقْطَاعِ أَوْ الْمُتَوَلِّي فَتَنَبَّهْ.

وَفِي الْحَامِدِيَّةِ سُئِلَ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ جَارِيَةٍ فِي مِشَدِّ مَسْكَةِ رَجُلٍ زَرَعَهَا زَيْدٌ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمُتَوَلِّي، وَلَا مِنْ ذِي الْمِشَدِّ وَلَمْ تَكُنْ فِي إجَارَتِهِ أَجَابَ: لِلنَّاظِرِ مُطَالَبَةُ زَيْدٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَلْيُحْفَظْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ (قَوْلُهُ بِكُلِّ حَالٍّ) عَلِمْت مَعْنَاهُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ

(قَوْلُهُ فَصَبَغَهُ) فَلَوْ انْصَبَغَ بِلَا فِعْلِ أَحَدٍ كَإِلْقَاءِ الرِّيحِ، فَلَا خِيَارَ لِرَبِّ الثَّوْبِ بَلْ يَدْفَعُ قِيمَةَ الصَّبْغِ لِصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا جِنَايَةَ مِنْ صَاحِبِ الصَّبْغِ حَتَّى يَضْمَنَ الثَّوْبَ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ لَا عِبْرَةَ لِلْأَلْوَانِ إلَخْ) بَيَانٌ لِنُكْتَةِ عَدَمِ تَعَرُّضِ الْمُصَنِّفِ لِلَوْنِ الصَّبْغِ، وَأَنَّ مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ السَّوَادَ نُقْصَانٌ وَعِنْدَهُمَا زِيَادَةٌ كَالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ رَاجِعٌ إلَى اخْتِلَافِ عَصْرٍ وَزَمَانٍ فَمِنْ الثِّيَابِ مَا يَزْدَادُ بِالسَّوَادِ وَمِنْهَا مَا يُنْتَقَصُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ بَلْ لِحَقِيقَةِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ) فَلَوْ كَانَ ثَوْبًا يَنْقُصُهُ الصَّبْغُ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا مَثَلًا، فَتَرَاجَعَتْ الصَّبْغُ إلَى عِشْرِينَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ يَنْظُرُ إلَى ثَوْبٍ يَزِيدُ فِيهِ ذَلِكَ الصَّبْغُ، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ خَمْسَةً يَأْخُذُ رَبُّ الثَّوْبِ ثَوْبَهُ وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ وَجَبَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ نُقْصَانِ قِيمَةِ ثَوْبه عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ لِلْغَاصِبِ قِيمَةُ صَبْغِهِ خَمْسَةُ الْخَمْسَةِ بِالْخَمْسَةِ قِصَاصٌ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا بَقِيَ مِنْ النُّقْصَانِ وَهُوَ خَمْسَةٌ رَوَاهُ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ.

وَاسْتَشْكَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ كُلُّ حَقِّهِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِالصَّبْغِ، بَلْ ضَرَّهُ فَكَيْفَ يَغْرَمُ وَالْإِتْلَافُ مُوجِبٌ لِكُلِّ الْقِيمَةِ فَكَيْفَ صَارَ مُسْقِطًا، وَأَجَابَ الطُّورِيُّ بِمَا لَا يَشْفِي فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ) ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ أَصْلٍ وَالْآخَرُ صَاحِبُ وَصْفٍ يُقَالُ: ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ وَسَوِيقٌ مَلْتُوتٌ فَخُيِّرَ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ

ص: 196