المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بِخِلَافِ الْعَكْسِ (أَوْ وَهَبْتُكَ) أَوْ أَجَرْتُكَ (مَنَافِعَهَا) شَهْرًا بِكَذَا؛ أَفَادَ - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٦

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌[رُكْن الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَرْصَدِ وَالْقِيمَةِ وَمِشَدِّ الْمُسْكَةِ]

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَمَعْنَى الِاسْتِحْكَارُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ تَفَاسَخَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ]

- ‌بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْبِنَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْمَعَاصِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِئْجَارِ الْمَاءِ مَعَ الْقَنَاةِ وَاسْتِئْجَارِ الْآجَامِ وَالْحِيَاضِ لِلسَّمَكِ]

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ

- ‌[مَبْحَثُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ الْخَاصِّ أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْحَارِسِ وَالْخَانَاتِيِّ]

- ‌[مَبْحَثُ اخْتِلَافِ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ إصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ وَإِخْرَاجُ التُّرَابِ وَالرَّمَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَجْمِ الدَّارِ مِنْ الْجِنِّ هَلْ هُوَ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِسْقُ الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ عُذْرًا فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ إرَادَةُ السَّفَرِ أَوْ النُّقْلَةِ مِنْ الْمِصْرِ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَخْلِيَةِ الْبَعِيدِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْمُؤَجِّرِ وَلِغَيْرِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أُجْرَةِ صَكِّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُقْطَعِ وَانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ الْمُقْطِعِ وَإِخْرَاجُهُ لَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْكَرَ الدَّافِعُ وَقَالَ لَيْسَ هَذَا مِنْ دَرَاهِمِي فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا]

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ

- ‌بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ

- ‌بَابٌ: مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى

- ‌كِتَابُالْوَلَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ

- ‌كِتَابُالْإِكْرَاهِ

- ‌كِتَابُالْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ.(بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ

- ‌كِتَابُالْمَأْذُونِ

- ‌[مَبْحَثٌ فِي تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ وَمَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ وَتَرْتِيبُهَا]

- ‌[فروع أَقَرَّ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونَانِ بِمَا مَعَهُمَا مِنْ كَسْبٍ أَوْ إرْثٍ]

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ هُدِمَ حَائِطٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَفِيمَا لَوْ أَبَى الْمَالِكُ قَبُولَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَبْحَاثِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي لُحُوقِ الْإِجَازَةِ لِلْإِتْلَافِ وَالْأَفْعَالِ فِي اللُّقَطَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِمَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةً تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ مَنَافِعِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ السَّاعِي]

- ‌كِتَابُالشُّفْعَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ غَصَبَ السُّلْطَانُ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ مِنْ شِرْبٍ أَوْ دَارٍ وَقَالَ لَا أَغْصِبُ إلَّا نَصِيبَهُ]

- ‌بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌[بَابُ مَا تَثْبُتُ الشُّفْعَة فِيهِ أَوْ لَا تَثْبُتُ]

- ‌[بَابُ مَا يُبْطِل الشُّفْعَة]

- ‌[فُرُوعٌ]بَاعَ مَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ شَفِيعُهَا

- ‌كِتَابُالْقِسْمَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ السُّكْنَى فِي بَعْضِ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ]

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌[مُطْلَبٌ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْحُورِ وَالصَّفْصَافِ]

- ‌[مُطْلَبٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُنَاصَبَةِ بَيَانُ الْمُدَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ قَامَ الْعَامِلُ عَلَى الْكَرْمِ أَيَّامًا ثُمَّ تَرَكَ فَلَمَّا أَدْرَكَ الثَّمَرَ جَاءَ يَطْلُبُ الْحِصَّةَ]

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةَ

- ‌فُرُوعٌ]

- ‌[فُرُوعٌ]لَوْنُ أُضْحِيَّتِهِ عليه الصلاة والسلام سَوْدَاءُ

- ‌كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ]

- ‌فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ

- ‌بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ

- ‌فَرْعٌ]يُكْرَهُ إعْطَاءُ سَائِلٍ الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ الشِّرْبُ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ

- ‌بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتُهُ أَيْ الرَّهْنُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْأَبُ مِنْ مَالِ طِفْلِهِ شَيْئًا بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ لِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ عِنْدَ غَرِيمٍ مِنْ غُرَمَائِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

- ‌[فَرْعٌ] رَهْنُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ

- ‌بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

- ‌[فُرُوعٌ] أَلْقَى حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا فِي الطَّرِيقِ فَلَدَغَتْ رَجُلًا

- ‌فَصْلٌ فِي الْفِعْلَيْنِ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ

- ‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

- ‌[فُرُوعٌ لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكَرْمِ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ]

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَصْبِ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌[تَتِمَّةٌ صَبِيٌّ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ فِي مَاءٍ فَمَاتَ]

- ‌كِتَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌[فُرُوعٌ وُجِدَ الْقَتِيل فِي دَارِ صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوه]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَرْعٌ]أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فُلَانٌ أَوْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ

- ‌ بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَصَايَا الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ

- ‌[فُرُوعٌ]أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلصَّلَوَاتِ

- ‌بَابُ الْوَصِيِّ

- ‌فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ

- ‌[فُرُوعٌ]يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ

- ‌كِتَابُ الْخُنْثَى

- ‌مَسَائِلُ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَصَبَاتِ

- ‌بَابُ الْعَوْلِ

- ‌ مَسَائِلُ الرَّدِّ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ

- ‌بَابُ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى وَغَيْرِهِمْ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُنَاسَخَةِ

- ‌بَابُ الْمَخَارِجِ

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: بِخِلَافِ الْعَكْسِ (أَوْ وَهَبْتُكَ) أَوْ أَجَرْتُكَ (مَنَافِعَهَا) شَهْرًا بِكَذَا؛ أَفَادَ

بِخِلَافِ الْعَكْسِ (أَوْ وَهَبْتُكَ) أَوْ أَجَرْتُكَ (مَنَافِعَهَا) شَهْرًا بِكَذَا؛ أَفَادَ أَنَّ رُكْنَهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ.

وَشَرْطُهَا كَوْنُ الْأُجْرَةِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَتَيْنِ؛ لِأَنَّ جَهَالَتَهُمَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ.

وَحُكْمُهَا وُقُوعُ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلَيْنِ سَاعَةً فَسَاعَةً وَهَلْ تَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي؟

ــ

[رد المحتار]

الْحَلْوَانِيُّ.

وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ إذَا وُجِدَ التَّوْقِيتُ وَإِلَيْهِ رَجَعَ الْكَرْخِيُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ، لَكِنْ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ جَزَمَ فِي الْبُرْهَانِ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ فَقَالَ: لَا تَنْعَقِدُ بِبِعْت مَنْفَعَتَهَا؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَعْدُومِ بَاطِلٌ، فَلَا يَصِحُّ تَمْلِيكًا بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ اهـ وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ) يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةَ بِلَا عِوَضٍ لَا تَنْعَقِدُ إعَارَةً.

قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ قَالَ آجَرْتُكَ مَنَافِعَهَا سَنَةً بِلَا عِوَضٍ تَكُونُ إجَارَةً فَاسِدَةً لَا عَارِيَّةً اهـ.

وَفِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَانَتْ إجَارَةً فَاسِدَةً وَلَا تَكُونُ عَارِيَّةً، كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الْعَيْنَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَانَ بَاطِلًا أَوْ فَاسِدًا لَا هِبَةً، وَيُخَالِفُهُ مَا فِي عَارِيَّةِ الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِلَا عِوَضٍ كَانَتْ إعَارَةً، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ شَهْرًا لَا تَكُونُ إعَارَةً اهـ.

قَالَ فِي التتارخانية بَلْ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ، وَقَدْ قِيلَ بِخِلَافِهِ اهـ، وَانْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ مَنَافِعَهَا شَهْرًا بِكَذَا) تَنَازَعَ فِي هَذِهِ الْمَعْمُولَاتِ الثَّلَاثِ الْفِعْلَانِ قَبْلَهَا، وَمَا فِي الْمَتْنِ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ، لَكِنْ ذَكَرَهُ بَعْدَهُ لَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الْمَنَافِعِ لَا يَجُوزُ، بِأَنْ قَالَ آجَرْتُكَ مَنَافِعَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا بِكَذَا وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِإِضَافَتِهِ إلَى الْعَيْنِ اهـ وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ، لَكِنْ قَالَ الرَّمْلِيُّ: ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ اهـ.

وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبُرْهَانِ: لَا تَنْعَقِدُ بِأَجَّرْتُ مَنْفَعَتَهَا؛ لِأَنَّهَا مَعْدُومَةٌ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ بِإِيرَادِ الْعَقْدِ عَلَى الْعَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ.

وَقِيلَ تَنْعَقِدُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَقْصُودِ مِنْ إضَافَةِ الْإِجَارَةِ إلَى الْعَيْنِ اهـ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ خِلَافِ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ، وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الزَّيْلَعِيُّ

[رُكْن الْإِجَارَة]

1

(قَوْلُهُ أَفَادَ أَنَّ رُكْنَهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) أَيْ بِقَوْلِهِ هِيَ تَمْلِيكٌ أَوْ بِقَوْلِهِ وَتَنْعَقِدُ تَأَمَّلْ، ثُمَّ الْكَلَامُ فِيهِمَا وَفِي صِفَتِهِمَا كَالْكَلَامِ فِيهِمَا فِي الْبَيْعِ بَدَائِعُ: وَفِي تَكْمِلَةِ الطُّورِيِّ عَنْ التتارخانية، وَتَنْعَقِدُ أَيْضًا بِغَيْرِ لَفْظٍ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا سَنَةً فَلَمَّا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ قَالَ رَبُّهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ فَرِّغْهَا لِي الْيَوْمَ وَإِلَّا فَعَلَيْكَ كُلُّ شَهْرٍ بِأَلْفٍ فَجَعَلَ بِقَدْرِ مَا يَنْقُلُ مَتَاعَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ سَكَنَ شَهْرًا فَهِيَ بِمَا قَالَ اهـ

[شُرُوط الْإِجَارَة]

1

(قَوْلُهُ وَشَرْطُهَا إلَخْ) هَذَا عَلَى أَنْوَاعٍ: بَعْضُهَا شَرْطُ الِانْعِقَادِ، وَبَعْضُهَا شَرْطُ النَّفَاذِ، وَبَعْضُهَا شَرْطُ الصِّحَّةِ، وَبَعْضُهَا شَرْطُ اللُّزُومِ، وَتَفْصِيلُهَا مُسْتَوْفًى فِي الْبَدَائِعِ وَلَخَّصَهُ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَتَيْنِ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَكَقَوْلِهِ بِكَذَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَيَنْصَرِفُ إلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَلَوْ الْغَلَبَةُ مُخْتَلِفَةً فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ نَقْدًا مِنْهَا فَلَوْ كَانَتْ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا فَالشَّرْطُ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَكَذَا مَكَانِ الْإِيفَاءِ لَوْ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ عِنْدَهُ، وَإِلَّا فَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ كَبَيَانِ الْأَجَلِ، وَلَوْ كَانَتْ ثِيَابًا أَوْ عُرُوضًا فَالشَّرْطُ بَيَانُ الْأَجَلِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ لَوْ غَيْرَ مُشَارٍ إلَيْهَا، وَلَوْ كَانَتْ حَيَوَانًا فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا بَحْرٌ مُلَخَّصًا.

وَأَمَّا الثَّانِي فَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ سَاعَةً فَسَاعَةً) ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ عَرَضٌ لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ، فَإِذَا كَانَ حُدُوثُهُ كَذَلِكَ فَيَمْلِكُ بَدَلَهُ كَذَلِكَ قَصْدًا لِلتَّعَادُلِ، لَكِنْ لَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ إلَّا بِمُضِيِّ مَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ كَالْيَوْمِ فِي الدَّارِ وَالْأَرْضِ وَالْمَرْحَلَةِ فِي الدَّابَّةِ كَمَا سَيَأْتِي

(قَوْلُهُ وَهَلْ تَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي) قَالَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ: وَقَدْ جَوَّزُوهَا فِي الْقُدُورِ تَعَاطِيًا قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ قُدُورًا بِغَيْرِ

ص: 5

ظَاهِرُ الْخُلَاصَةِ نَعَمْ إنْ عُلِمَتْ الْمُدَّةُ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ إنْ قَصُرَتْ نَعَمْ وَإِلَّا لَا (وَيُعْلَمُ النَّفْعُ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ كَالسُّكْنَى وَالزِّرَاعَةِ مُدَّةَ كَذَا) أَيَّ مُدَّةٍ كَانَتْ وَإِنْ طَالَتْ وَلَوْ مُضَافَةً كَآجَرْتُكَهَا غَدًا وَلِلْمُؤَجِّرِ بَيْعُهَا الْيَوْمَ، وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِهِ يُفْتَى خَانِيَّةٌ

(وَلَمْ تَزِدْ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ) فِي الضِّيَاعِ وَعَلَى سَنَةٍ

ــ

[رد المحتار]

أَعْيَانِهَا لَا يَجُوزُ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَهَا صِغَرًا وَكِبَرًا، فَلَوْ قِبَلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ جَازَ وَتَكُونُ هَذِهِ إجَارَةً مُبْتَدِئَةً بِالتَّعَاطِي، وَتَخْصِيصُهُ فِي النَّظْمِ بِالْقُدُورِ اتِّبَاعٌ لِلنَّقْلِ وَإِلَّا فَهُوَ مُطَّرِدٌ فِي غَيْرِهَا.

فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ غَيْرُ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ يَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي لَا الطَّوِيلَةِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ فِي سَنَةٍ دَانَقًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ اهـ.

وَفِي التتارخانية عَنْ التَّتِمَّةِ: سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الرَّجُلِ يَدْخُلُ السَّفِينَةَ أَوْ يَحْتَجِمُ أَوْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ أَوْ يَشْرَبُ الْمَاءَ مِنْ السِّقَاءِ ثُمَّ يَدْفَعُ الْأُجْرَةَ وَثَمَنَ الْمَاءِ.

قَالَ: يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْعَقْدِ قَبْلَ ذَلِكَ اهـ.

قُلْتُ: وَمِنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهَا مِنْ انْعِقَادِهَا بِغَيْرِ لَفْظٍ، وَسَيَأْتِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ عَنْ الْأَشْبَاهِ السُّكُوتُ فِي الْإِجَارَةِ رِضًا وَقَبُولٌ: وَفِي حَاوِي الزَّاهِدِي رَامِزًا اسْتَأْجَرَ مِنْ الْقَيِّمِ دَارًا وَسَكَنَ فِيهَا ثُمَّ بَقِيَ سَاكِنًا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَأَخَذَ الْقَيِّمُ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ بِهِ فِي كُلِّ السَّنَةِ لَا فِي حِصَّةِ مَا أَخَذَ فَقَطْ اهـ، وَمِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا وَوُجُوبِ الْأَجْرِ بِغَيْرِ عَقْدٍ حَامِدِيَّةٌ (قَوْلُهُ ظَاهِرُ الْخُلَاصَةِ نَعَمْ) عِبَارَتُهَا كَعِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا (قَوْلُهُ إنْ عُلِمْتَ الْمُدَّةَ) صَوَابُهُ الْأُجْرَةُ.

قَالَ فِي الْمِنَحِ بَعْدَ نَقْلِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ: وَمُفَادُهُ أَنَّ الْأُجْرَةَ إذَا كَانَتْ مَعْلُومَةً فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ تَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ انْعِقَادِهَا كَوْنَ الْأُجْرَةِ فِيهَا غَيْرَ مَعْلُومَةٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ) يُوهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مَعَ أَنَّ عِبَارَتَهَا وَاحِدَةٌ، ثُمَّ إنَّ الْإِجَارَةَ الطَّوِيلَةَ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا الْأُجْرَةُ فِيهَا مَعْلُومَةٌ لَكِنَّهَا فِيمَا عَدَا السَّنَةَ الْأَخِيرَةَ تَكُونُ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ فَتَأَمَّلْ

1 -

(قَوْلُهُ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَعْلُومَةً كَانَ قَدْرُ الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومًا (قَوْلُهُ وَإِنْ طَالَتْ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ لَا يَعِيشَانِ إلَى مِثْلِهَا عَادَةً، وَاخْتَارَهُ الْخَصَّافُ، وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ بَحْرٌ.

وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُتُونِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ

1 -

(قَوْلُهُ وَلِلْمُؤَجِّرِ بَيْعُهَا الْيَوْمَ) أَيْ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُضَافَةَ تَنْعَقِدُ وَلَكِنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ وَهُوَ أَحَدُ تَصْحِيحَيْنِ.

وَأُيِّدَ عَدَمُ اللُّزُومِ بِأَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: فَإِنْ جَاءَ غَدٌ وَالْمُؤَجَّرُ عَادَ إلَى مِلْكِهِ بِسَبَبٍ مُسْتَقْبَلٍ لَا تَعُودُ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ رُدَّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ عَادَتْ إنْ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ

(قَوْلُهُ فِي الْأَوْقَافِ) وَكَذَا أَرْضُ الْيَتِيمِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَأَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْمُصَنِّفُ وَأَكْثَرُ كَلَامِهِمْ عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ الْمُفْتَى بِهِ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِمَا وَهِيَ صَوْنُهُمَا عَنْ دَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ بِطُولِ الْمُدَّةِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى رَمْلِيٌّ وَسَيَأْتِي عَنْ الْخَانِيَّةِ أَيْضًا.

وَفِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ عَنْ شَيْخِهِ حُنَيْفِ الدِّينِ الْمُرْشِدِيِّ: وَأَمَّا أَرَاضِي بَيْتٍ فَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي جَوَازَهَا مُطْلَقًا.

وَأَيْضًا اتِّسَاعُهُمْ فِي جَوَازِ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ فِيهَا بَيْعًا وَإِقْطَاعًا يُفِيدُهُ اهـ مُلَخَّصًا، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهَا مِثْلُ عَقَارِ الْيَتِيمِ.

قَالَ فِي الْحَامِدِيَّةِ وَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ اهـ.

وَفِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى: أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ جَرَتْ عَلَى رَقَبَتِهَا أَحْكَامُ الْوُقُوفِ الْمُؤَبَّدَةِ اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ) مَحَلُّهُ مَا إذَا آجَرَهُ غَيْرُ الْوَاقِفِ وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ.

وَفِي الْقُنْيَةِ آجَرَ الْوَاقِفُ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ خَمْسٍ وَانْتَقَلَ إلَى مَصْرِفٍ آخَرَ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ وَيَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ط عَنْ سَرِيِّ الدِّينِ.

ص: 6

فِي غَيْرِهَا كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ.

وَالْحِيلَةُ أَنْ يَعْقِدَ عُقُودًا مُتَفَرِّقَةً كُلُّ عَقْدِ سَنَةٍ بِكَذَا، فَيَلْزَمُ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ نَاجِزٌ، لَا الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ، وَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهُ خَانِيَّةٌ.

وَفِيهَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ مُدَّةً يَتْبَعُ إلَّا إذَا كَانَتْ إجَارَتُهَا أَكْبَرَ نَفْعًا فَيُؤَجِّرُهَا الْقَاضِي لَا الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَامَّةٌ.

قُلْتُ: وَقَدَّمْنَا فِي الْوَقْفِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى إبْطَالِ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ وَلَوْ بِعُقُودٍ، وَسَيَجِيءُ مَتْنًا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحْفَظْ (فَلَوْ آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي أَكْثَرَ لَمْ تَصِحَّ) الْإِجَارَةُ وَتُفْسَخُ فِي كُلِّ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا فَسَدَ فِي بَعْضِهِ فَسَدَ فِي كُلِّهِ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ،

ــ

[رد المحتار]

قُلْتُ: وَفِيهِ كَلَامٌ سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ آخِرَ بَابِ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِهَا) كَالدَّارِ وَالْحَانُوتِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ) أَيْ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ مَتْنًا.

قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَهَذَا مِمَّا يَخْتَلِفُ زَمَنًا وَمَوْضِعًا اهـ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ الْإِطْلَاقِ تَبَعًا لِلْمُتُونِ.

قَالَ فِي الْهِدَايَةِ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ مُوَافِقًا لِمَا قَدَّمَهُ فِي الْوَقْفِ هُوَ مَا أَفْتَى بِهِ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ.

قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَالْحِيلَةُ) أَيْ إذَا احْتَاجَ الْقَيِّمُ أَنْ يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ إجَارَةَ طَوِيلَةً (قَوْلُهُ مُتَفَرِّقَةً) عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ مُتَرَادِفَةً.

قَالَ: وَيَكْتُبُ فِي الصَّكِّ اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَرْضَ كَذَا أَوْ دَارَ كَذَا ثَلَاثِينَ سَنَةً بِثَلَاثِينَ عَقْدًا كُلُّ عَقْدٍ سَنَةً بِكَذَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا شَرْطًا فِي بَعْضٍ اهـ وَلْيَنْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى كُلِّ سَنَةٍ بِعَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ أَوْ يَكْفِي قَوْلُهُ اسْتَأْجَرْتُ ثَلَاثِينَ سَنَةً بِثَلَاثِينَ عَقْدًا فَيَنُوبُ عَنْ تَكْرَارِ الْعُقُودِ؟ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِهِ وَالْحِيلَةُ أَنْ يَعْقِدَ عُقُودًا مُتَرَادِفَةً تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كُلُّ عَقْدٍ سَنَةً) أَقُولُ: قَيَّدَ بِالسَّنَةِ لِيَصِحَّ فِي الضِّيَاعِ وَغَيْرِهَا لَا؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ مُطْلَقًا،؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَهُ فِي الضِّيَاعِ كُلَّ عَقْدٍ ثَلَاثَ سِنِينَ صَحَّ، بِخِلَافِ الْأَرْبَعِ فَأَكْثَرَ فِيهَا وَالزَّائِدُ عَلَى السَّنَةِ فِي غَيْرِهَا فَإِنَّ الْحِيلَةَ حِينَئِذٍ لَا تُجْدِي نَفْعًا (قَوْلُهُ لَا الْبَاقِي إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْمُضَافَةِ كَمَا قَدَّمَهُ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ يَتَّبِعُ) أَيْ شَرْطَهُ؛ لِأَنَّ اتِّبَاعَ شَرْطِهِ لَازِمٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ إِلَخْ) بِأَنْ كَانَ النَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهَا سَنَةً وَإِيجَارُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ أَدَرَّ عَلَى الْوَقْفِ، وَأَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ إسْعَافٌ (قَوْلُهُ فَيُؤَجِّرُهَا الْقَاضِي) قَالَ فِي الْإِسْعَافِ: وَلَوْ اسْتَثْنَى فِي كِتَابٍ وَقَفَهُ فَقَالَ لَا تُؤَجَّرُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إلَّا إذَا كَانَ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ إيجَارُهَا إذَا رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ إلَى الْقَاضِي لِلْإِذْنِ لَهُ مِنْهُ فِيهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَامَّةٌ) ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ النَّظَرِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْغَائِبِينَ وَالْمَوْتَى إسْعَاف، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ فِي ذَلِكَ لِلْمُتَوَلِّي صَحَّ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ قُلْتُ إلَخْ) فَالْحِيلَةُ حِينَئِذٍ أَنْ يَحْكُمَ بِهَا حَنْبَلِيٌّ كَمَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ مَتْنًا) لَمْ أَرَهُ، نَعَمْ سَيَجِيءُ شَرْحًا بَعْدَ صَفْحَةٍ (قَوْلُهُ وَتُفْسَخُ فِي كُلِّ الْمُدَّةِ) أَيْ لَا فِي الزَّائِدَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إلَخْ) هَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ.

قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: الْوَصِيُّ إذَا آجَرَ أَرْضَ الْيَتِيمِ أَوْ اسْتَأْجَرَ لِلْيَتِيمِ أَرْضًا بِمَالِ الْيَتِيمِ إجَارَةً طَوِيلَةً رَسْمِيَّةً ثَلَاثَ سِنِينَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ أَبُو الصَّغِيرِ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الرَّسْمَ فِيهَا أَنْ يُجْعَلَ شَيْءٌ يَسِيرٌ مِنْ مَالِ الْإِجَارَةِ بِمُقَابَلَةِ السِّنِينَ الْأُولَى وَمُعْظَمُ الْمَالِ بِمُقَابَلَةِ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِأَرْضِ الْيَتِيمِ أَوْ الْوَقْفِ لَا تَصِحُّ فِي السِّنِينَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلْيَتِيمِ أَوْ لِلْوَقْفِ فَفِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ يَكُونُ الِاسْتِئْجَارُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَلَا يَصِحُّ، وَإِذَا فَسَدَتْ فِي الْبَعْضِ فِي الْوَجْهَيْنِ هَلْ يَصِحُّ فِيمَا كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُ الْإِجَارَةَ الطَّوِيلَةَ عَقْدًا وَاحِدًا لَا يَصِحُّ.

وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا عُقُودًا يَصِحُّ فِيمَا

ص: 7

وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ:

وَأَفَادَ فَسَادَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَخْذِ كَرْمِ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ مُسَاقَاةً، فَيَسْتَأْجِرُ أَرْضَهُ الْخَالِيَةَ مِنْ الْأَشْجَارِ بِمَبْلَغٍ كَثِيرٍ، وَيُسَاقِي عَلَى أَشْجَارِهَا بِسَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ، فَالْحَظُّ ظَاهِرٌ فِي الْإِجَارَةِ لَا فِي الْمُسَاقَاةِ فَمُفَادُهُ فَسَادُ الْمُسَاقَاةِ بِالْأُولَى؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى حِدَةٍ.

ــ

[رد المحتار]

كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا كَانَ شَرًّا لَهُ، وَالظَّاهِرُ هُوَ الْفَسَادُ فِي الْكُلِّ اهـ، وَقَوْلُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ عُقُودٌ: كُلُّ عَقْدٍ ثَلَاثُ سِنِينَ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوَّلُ كَلَامِهِ وَآخِرُهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُفْسَخُ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ فِي الضِّيَاعِ وَعَلَى السَّنَةِ فِي غَيْرِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ عَقْدًا وَاحِدًا زَائِدًا عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْ عُقُودًا مُتَفَرِّقَةً، حَتَّى لَوْ عَقَدَ فِي الضِّيَاعِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ مَثَلًا بِعَقْدٍ أَوْ أَكْثَرَ يَصِحُّ فِي ثَلَاثٍ وَيُفْسَخُ فِي الْبَاقِي، وَهَلْ يَحْتَاجُ ذَلِكَ الْفَسْخُ إلَى طَلَبِ النَّاظِرِ أَمْ يَنْفَسِخُ بِدُخُولِ الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَتَمَامُهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ.

قُلْتُ: لَكِنْ فِي شَرْحِ الْبِيرِيِّ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: اسْتَأْجَرَ حُجْرَةً مَوْقُوفَةً ثَلَاثِينَ سَنَةً بِقَفِيزِ حِنْطَةٍ فَهِيَ بَاطِلَةٌ إلَّا فِي السَّنَةِ الْأُولَى اهـ وَمِثْلُهُ فِي تَلْخِيصِ الْكُبْرَى مَعْزِيًّا إلَى أَبِي جَعْفَرٍ اهـ، وَمُقْتَضَاهُ الْبُطْلَانُ بِلَا طَلَبٍ

(قَوْلُهُ وَأَفَادَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ: قُلْتُ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا فَسَادُ مَا يَقَعُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَسْتَأْجِرُ أَرْضَهُ الْخَالِيَةَ) أَيْ بَيَاضَهَا بِدُونِ الْأَشْجَارِ، وَإِنَّمَا لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْأَشْجَارِ أَيْضًا لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ، فَلَوْ وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ قَصْدًا فَهِيَ بَاطِلَةٌ.

قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَسَيَأْتِي فِي إجَارَةِ الظِّئْرِ أَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةَ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْأَعْيَانِ مَقْصُودٌ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ بَقَرَةً لِيَشْرَبَ لَبَنَهَا لَا يَصِحُّ، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ بُسْتَانًا لِيَأْكُلَ ثَمَرَهُ.

قَالَ: وَبِهِ عُلِمَ حُكْمُ إجَارَاتِ الْأَرَاضِي وَالْقُرَى الَّتِي فِي يَدِ الْمُزَارِعِينَ لَا كُلِّ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ مِنْهَا، وَلَا شَكَّ فِي بُطْلَانِهَا وَالْحَالُ هَذِهِ، وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِذَلِكَ مِرَارًا اهـ (قَوْلُهُ بِمَبْلَغٍ كَثِيرٍ) أَيْ بِمِقْدَارِ مَا يُسَاوِي أُجْرَةَ الْأَرْضِ وَثَمَنَ الثِّمَارِ (قَوْلُهُ وَيُسَاقِي عَلَى أَشْجَارِهَا) يَعْنِي قَبْلَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَإِلَّا كَانَتْ إجَارَةُ الْأَرْضِ مَشْغُولَةً فَلَا تَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي.

وَفِي مَسَائِلِ الشُّيُوعِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ أَوْ أَخَذَهَا زِرَاعَةً وَفِيهَا أَشْجَارٌ، إنْ كَانَ فِي وَسَطِهَا لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْوَسَطِ شَجَرَتَانِ صَغِيرَتَانِ مَضَى عَلَيْهِمَا حَوْلٌ أَوْ حَوْلَانِ لَا كَبِيرَتَانِ؛ لِأَنَّ وَرَقَهُمَا وَظِلَّهُمَا يَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالصِّغَارَ لَا عُرُوقَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ فِي جَانِبٍ مِنْ الْأَرْضِ كَالْمُسَنَّاةِ وَالْجَدَاوِلِ يَجُوزُ لِعَدَمِ الْإِخْلَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ بِسَهْمٍ) أَيْ بِإِعْطَاءِ سَهْمٍ وَاحِدٍ لِلْيَتِيمِ أَوْ الْوَقْفِ وَالْبَاقِي لِلْعَامِلِ (قَوْلُهُ فَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فَتُفْسَخُ فِي كُلِّ الْمُدَّةِ إلَخْ: وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَفَادَهُ مِنْ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ، وَهُوَ بِمَعْنَى مَا اسْتَفَادَهُ مِنْهُ الشَّارِحُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِالْأَوْلَى) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ إذَا فَسَدَ الْعَقْدُ فِي كُلِّ الْمُدَّةِ مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لِلْيَتِيمِ وَشَرٌّ لَهُ فَفَسَادُ عَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ هُوَ شَرٌّ مَحْضٌ لِلْيَتِيمِ أَوْلَى بِالْفَسَادِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ بَقِيَتْ الْأَرْضُ مَشْغُولَةً فَيَلْزَمُ فَسَادُ الْإِجَارَةِ أَيْضًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَإِنْ كَانَ الْحَظُّ وَالْمَصْلَحَةُ فِيهَا ظَاهِرَيْنِ، فَتَنَبَّهْ لِهَذِهِ الدَّقِيقَةِ.

وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ: التَّنْصِيصُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى بَيَاضِ الْأَرْضِ لَا يُفِيدُ الصِّحَّةَ حَيْثُ تَقَدَّمَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ، أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ بِشُرُوطِهِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَإِذَا فَسَدَتْ صَارَتْ الْأُجْرَةُ غَيْرَ مُسْتَحَقَّةٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْمُسْتَحَقُّ إنَّمَا هُوَ الثَّمَرَةُ فَقَطْ، وَحَيْثُ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ لِكَوْنِهَا بِجُزْءٍ يَسِيرٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ كَانَ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَقْفِ.

ص: 8

قُلْتُ: وَقَيَّدُوا سِرَايَةَ الْفَسَادِ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِالْفَاسِدِ الْقَوِيِّ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فَيَسْرِي كَجَمْعٍ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ، بِخِلَافِ الضَّعِيفِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَحَلِّهِ وَلَا يَتَعَدَّاهُ كَجَمْعٍ بَيْنَ عَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ فَتَدَبَّرْ، وَجَعَلُوهُ أَيْضًا مِنْ الْفَسَادِ الطَّارِئِ فَتَنَبَّهْ.

وَمِنْ حَوَادِثِ الرُّومِ: وَصِيُّ زَيْدٍ بَاعَ ضَيْعَةً مِنْ تَرِكَتِهِ لِدَيْنٍ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ بَعْضَهَا وَقْفُ مَسْجِدٍ هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي؟ أَجَابَ فَرِيقٌ بِنَعَمْ وَفَرِيقٌ بِلَا، وَأَلَّفَ بَعْضُهُمْ رِسَالَةً مُلَخَّصُهَا تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ.

وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى: آجَرَ ضَيْعَةً وَقْفًا ثَلَاثَ سِنِينَ وَكَتَبَ فِي الصَّكِّ أَنَّهُ أَجَرَ ثَلَاثِينَ عَقْدًا كُلُّ عَقْدٍ عَقِيبَ الْآخَرِ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى صِيَانَةً لِلْأَوْقَافِ.

ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ قَضَى قَاضٍ بِصِحَّتِهَا تَجُوزُ وَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ اهـ.

قُلْتُ: وَسَيَجِيءُ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ وَالْوَصِيَّ لَوْ آجَرَ بِدُونِ أُجْرَةٍ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ وَأَنَّهُ يَعْمَلُ بِالْأَنْفَعِ لِلْوَقْفِ.

وَفِي صُلْحِ الْخَانِيَّةِ مَتَى فَسَدَ الْعَقْدُ فِي الْبَعْضِ بِمُفْسِدٍ مُقَارِنٍ يَفْسُدُ فِي الْكُلِّ.

(وَ) يُعْلَمُ النَّفْعُ أَيْضًا بِبَيَانِ (الْعَمَلِ كَالصِّيَاغَةِ وَالصِّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ)

ــ

[رد المحتار]

وَأَمَّا مُسَاقَاةُ الْمَالِكِ فَلَا يُنْظَرُ فِيهَا إلَى الْمَصْلَحَةِ كَمَا لَوْ أَجَّرَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ اهـ مُلَخَّصًا.

وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِمَا اسْتَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ وَبِمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فَلْيُحْفَظْ (قَوْلُهُ قُلْتُ إلَخْ) هُوَ تَأْيِيدٌ لِمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ ح (قَوْلُهُ فَتَدَبَّرْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مُقْتَضَى هَذَا أَنْ تَفْسُدَ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جُمِعَ بَيْنَ جَائِزٍ وَفَاسِدٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَالْفَسَادُ غَيْرُ قَوِيٍّ لِعَدَمِ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ فَلَا يَسْرِي؛ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ لَمْ يُقَدِّرُوهَا بِمُدَّةٍ (قَوْلُهُ وَجَعَلُوهُ أَيْضًا مِنْ الْفَسَادِ الطَّارِئِ) هَذِهِ تَقْوِيَةٌ أُخْرَى: أَيْ فَلَا يَسْرِي وَفِي كَوْنِهِ طَارِئًا تَأَمُّلٌ ط.

قُلْتُ: لَعَلَّ وَجْهَ طَرَيَانِهِ كَوْنُهَا تَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً (قَوْلُهُ فَتَنَبَّهْ) لَعَلَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا قُلْنَا

(قَوْلُهُ وَمِنْ حَوَادِثِ الرُّومِ إِلَخْ) تَقْوِيَةٌ أُخْرَى، فَإِنَّ الْبَيْعَ أَقْوَى مِنْ الْإِجَارَةِ، وَقَدْ صَدَرَ فِي الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، وَصَحَّ فِي الْمِلْكِ ط (قَوْلُهُ لِدَيْنٍ) أَيْ عَلَى زَيْدٍ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كُلَّهَا كَانَتْ مِلْكَ زَيْدٍ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ مُلَخَّصُهَا تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ) قَدَّمْنَا عَنْ النَّهْرِ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عِنْدَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ قِنٍّ ضُمَّ إلَى مُدَبَّرٍ مَا يُؤَيِّدُهُ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ تَصِحُّ فِيمَا عَدَا الزَّائِدَ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى إِلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَأْيِيدًا رَابِعًا بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَضَى قَاضٍ بِصِحَّتِهَا يَجُوزُ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ مِثْلُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ لَا الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَيَكُونُ تَأْيِيدًا لِلتَّأْيِيدِ الْأَوَّلِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ شُرُوعٌ فِي تَأْيِيدِ مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ أَطْلَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فَشَمِلَتْ الْعُقُودَ كُلَّهَا مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ نَاجِزٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ صِحَّتِهِ أَيْضًا.

وَوَجْهُهُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ عَقْدٌ وَاحِدٌ صُورَةً وَإِنْ كَانَ عُقُودًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بَعْضُهَا يَنْعَقِدُ فِي الْحَالِ وَبَعْضُهَا مُضَافٌ إلَى الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ اهـ. (قَوْلُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ) صَوَابُهُ ثَلَاثِينَ سَنَةً كَمَا هُوَ فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهَا، وَوَجَدْته كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُصَلَّحًا (قَوْلُهُ صِيَانَةً لِلْأَوْقَافِ) أَيْ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُسْتَأْجِرُ مِلْكِيَّتَهَا لِطُولِ الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ نَاجِزٌ وَمَا بَعْدَهُ مُضَافٌ، وَفِي لُزُومِهِ تَصْحِيحَانِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَلَكِنْ اُعْتُبِرَ عَقْدًا وَاحِدًا كَمَا مَرَّ لِأَجَلٍ وَلِهَذَا قَدَّرَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ بِالسَّنَةِ أَوْ الثَّلَاثِ مُخَالِفِينَ لِمَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَضَى قَاضٍ إلَخْ) أَيْ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَ الْقَضَاءِ وَلَكِنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ، أَمَّا قُضَاةُ زَمَانِنَا الْحَنَفِيَّةُ الْمَأْمُورُونَ بِالْحُكْمِ بِمُعْتَمَدِ الْمَذْهَبِ فَلَا تَصِحُّ (قَوْلُهُ قُلْت وَسَيَجِيءُ) أَيْ فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْبَابِ هَذَا تَأْيِيدٌ أَيْضًا لِمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ.

وَوَجْهُهُ أَنَّهُ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ الْآرَاءُ فِي سِرَايَةِ الْفَسَادِ وَعَدَمِهَا يُرَجَّحُ مَا هُوَ الْأَنْفَعُ لِلْوَقْفِ وَهُوَ السَّرَيَانُ لِئَلَّا يُقَدَّمَ مَرَّةً أُخْرَى عَلَى هَذَا الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَفِي صُلْحِ الْخَانِيَّةِ) ذَكَرَهُ

ص: 9

بِمَا يَرْفَعُ الْجَهَالَةَ، فَيُشْتَرَطُ فِي اسْتِئْجَارِ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ بَيَانُ الْوَقْتِ أَوْ الْمَوْضِعِ، فَلَوْ خَلَا عَنْهُمَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ بَزَّازِيَّةٌ. (وَ) يُعْلَمُ أَيْضًا (بِالْإِشَارَةِ كَنَقْلِ هَذَا الطَّعَامِ إلَى كَذَا) .

(وَ) اعْلَمْ أَنَّ (الْأَجْرَ لَا يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ) بِهِ (بَلْ بِتَعْجِيلِهِ أَوْ شَرْطِهِ فِي الْإِجَارَةِ) الْمُنَجَّزَةِ، أَمَّا الْمُضَافَةُ فَلَا تُمْلَكُ فِيهَا الْأُجْرَةُ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ إجْمَاعًا.

وَقِيلَ تُجْعَلُ عُقُودًا فِي كُلِّ الْأَحْكَامِ فَيَفِي بِرِوَايَةِ تَمَلُّكِهَا بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ لِلْحَاجَةِ شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ (أَوْ الِاسْتِيفَاءِ)

ــ

[رد المحتار]

الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ تَأْيِيدًا لِمَا رَجَّحَهُ، وَلَكِنْ مَا فِي الْخَانِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي صُلْحِ الزَّوْجَةِ عَنْ نَصِيبِهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهَا مِنْ الدَّيْنِ لِلْوَرَثَةِ وَفِي شُمُولِ ذَلِكَ لِمَسْأَلَتِنَا تَأَمُّلٌ، إذْ قَدْ مَرَّ أَنَّهُمْ جَعَلُوهَا مِنْ الْفَسَادِ الطَّارِئِ وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ فِي الْفَسَادِ الْمُقَارِنِ، نَعَمْ مَا نَقَلْنَاهُ سَابِقًا عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْفَسَادُ فِي الْكُلِّ يُفِيدُ تَرْجِيحَهُ، وَحَيْثُ عَلِمْتَ مَا مَرَّ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى أَنَّهَا لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ إذَا كَانَتْ عُقُودًا مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ نَاجِزٌ، فَمَا ظَنُّكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ لَفْظًا وَمَعْنًى؛ فَالظَّاهِرُ اعْتِمَادُ مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ، فَإِنَّ لَهُ سَنَدًا قَوِيًّا وَهُوَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَجَوَاهِرِ الْفَتَاوَى، هَذَا مَا ظَهَرَ لِلْفَهْمِ الْقَاصِرِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ بِمَا يَرْفَعُ الْجَهَالَةَ) فَلَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ الثَّوْبَ الَّذِي يُصْبَغُ وَلَوْنَ الصِّبْغِ، أَحْمَرُ أَوْ نَحْوُهُ وَقَدْرَ الصِّبْغِ إذَا كَانَ يَخْتَلِفُ.

وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَصْرِ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ وَلَمْ يَرَهَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِغِلَظِهِ وَرِقَّتِهِ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ بَيَانُ الْوَقْتِ أَوْ الْمَوْضِعِ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيُشَيِّعَ عَلَيْهَا أَوْ يَسْتَقْبِلَ الْحَاجَّ لَا يَصِحُّ بِلَا ذِكْرِ وَقْتٍ أَوْ مَوْضِعٍ.

وَفِيهَا: اسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْكُوفَةِ إلَى الْحِيرَةِ يَبْلُغُ عَلَيْهَا إلَى مَنْزِلِهِ وَيَرْكَبُهَا مِنْ مَنْزِلِهِ وَكَذَا فِي حَمْلِ الْمَتَاعِ.

وَفِيهَا: اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَعْمَلَ لَهُ يَوْمًا فَمِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِحُكْمِ الْعَادَةِ (قَوْلُهُ فَهِيَ فَاسِدَةٌ) أَيْ فَلَا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ إلَّا بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ ط

1 -

(قَوْلُهُ بِالْإِشَارَةِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ الْمَنْقُولَ وَالْمَكَانَ الْمَنْقُولَ إلَيْهِ صَارَتْ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً، وَهَذَا النَّوْعُ قَرِيبٌ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ زَيْلَعِيٌّ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِشَارَةَ أَغْنَتْ عَنْ بَيَانِ الْمِقْدَارِ فَقَطْ

(قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ) أَيْ لَا يَمْلِكُ بِهِ كَمَا عَبَّرَ فِي الْكَنْزِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَشَأْنُ الْبَدَلِ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلًا لِلْمُبْدَلِ، وَحَيْثُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا حَالًا لَا يَلْزَمُ بَدَلُهَا حَالًا إلَّا إذَا شَرَطَهُ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ عَجَّلَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُلْتَزِمًا لَهُ بِنَفْسِهِ حِينَئِذٍ وَأَبْطَلَ الْمُسَاوَاةَ الَّتِي اقْتَضَاهَا الْعَقْدُ فَصَحَّ (قَوْلُهُ بَلْ بِتَعْجِيلِهِ) فِي الْعَتَّابِيَّةِ: إذَا عَجَّلَ الْأُجْرَةَ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِرْدَادَ، وَلَوْ كَانَتْ عَيْنًا فَأَعَارَهَا أَوْ أَوْدَعَهَا رَبُّ الدَّارِ كَالتَّعْجِيلِ وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ بَاعَهُ بِالْأُجْرَةِ عَيْنًا وَقَبَضَ جَازَ لِتَضَمُّنِهِ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ طُورِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ شَرَطَهُ) فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا وَحَبْسُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهَا وَحَبْسُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ عَنْهُ، وَلَهُ حَقُّ الْفَسْخِ إنْ لَمْ يُعَجِّلْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، لَكِنْ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا بَحْرٌ، وَانْظُرْ كَيْفَ جَازَ هَذَا الشَّرْطُ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَفِيهِ نَفْعُ أَحَدِهِمَا ط.

قُلْتُ: هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ إسْقَاطٌ لِمَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ الْمُسَاوَاةِ الَّتِي اقْتَضَاهَا الْعَقْدُ فَهُوَ كَإِسْقَاطِ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ فِي وَصْفِ السَّلَامَةِ فِي الْمَبِيعِ وَإِسْقَاطِ الْبَائِعِ تَعْجِيلَ الثَّمَنِ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ الْمُشْتَرِي مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَى السَّلَامَةَ وَقَبْضَ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَمَّا الْمُضَافَةُ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ الشَّرْطُ بَاطِلًا وَلَا يَلْزَمُهُ لِلْحَالِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ فِيهَا بِالتَّصْرِيحِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَالْمُضَافُ إلَى وَقْتٍ لَا يَكُونُ مَوْجُودًا قَبْلَهُ فَلَا يَتَغَيَّرُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِالشَّرْطِ، بِخِلَافِ الْمُنَجَّزَةِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَى الْمُسَاوَاةَ وَلَيْسَ بِمُضَافٍ صَرِيحًا فَيَبْطُلُ مَا اقْتَضَاهُ بِالتَّصْرِيحِ بِخِلَافِهِ زَيْلَعِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ تُجْعَلُ عُقُودًا إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ فِي الْمُضَافَةِ الطَّوِيلَةِ وَهِيَ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.

وَلَهَا صُورَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنْ يُؤَجِّرَهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً عُقُودًا مُتَوَالِيَةً غَيْرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ وَيَجْعَلَ

ص: 10

لِلْمَنْفَعَةِ (أَوْ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ) إلَّا فِي ثَلَاثٍ مَذْكُورَةٍ فِي الْأَشْبَاهِ.

ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ (فَيَجِبُ الْأَجْرُ لِدَارٍ قُبِضَتْ وَلَمْ تُسْكَنْ) لِوُجُودِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ، وَهَذَا (إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً، أَمَّا فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا) يَجِبُ الْأَجْرُ (إلَّا بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ) كَمَا بَسَطَ فِي الْعِمَادِيَّةِ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْإِسْعَافِ إخْرَاجُ الْوَقْفِ فَتَجِبُ أُجْرَتُهُ فِي الْفَاسِدِ بِالتَّمَكُّنِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ.

ــ

[رد المحتار]

مُعْظَمَ الْأُجْرَةِ لِلسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ وَالْبَاقِي لِمَا قَبْلَهَا، أَمَّا اسْتِثْنَاءُ الْأَيَّامِ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَادِرًا عَلَى الْفَسْخِ، وَأَمَّا جَعْلُ الْأُجْرَةِ الْقَلِيلَةِ لِمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ فَلِئَلَّا يَفْسَخَ الْمُؤَجِّرُ الْإِجَارَةَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ، فَلَوْ أَمِنَا الْفَسْخَ لَا تَلْزَمُ الْقُيُودُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُضَافَةَ لَازِمَةٌ، فَإِذَا احْتَاجَ النَّاظِرُ إلَى تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ يَعْقِدُ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ أَوْرَدَ أَنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَتْ عَقْدًا وَاحِدًا يَلْزَمُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ عُقُودًا فَلَا تُمْلَكُ بِالتَّعْجِيلِ وَلَا بِاشْتِرَاطِهِ؛ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ فَيَفُوتُ الْغَرَضُ.

وَأُجِيبَ إنَّمَا اخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ مِنْ أَنَّهَا تُجْعَلُ عَقْدًا وَاحِدًا فِي حَقِّ مِلْكِ الْأُجْرَةِ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ اشْتِرَاطِهِ وَعُقُودًا فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَحْكَامِ؛ وَبِأَنَّا لَمْ نَجْعَلْ تِلْكَ الْأَيَّامَ مُدَّةَ خِيَارٍ بَلْ خَارِجَةً عَنْ الْعَقْدِ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ غَيْرُ مُحَرَّرٍ (قَوْلُهُ أَوْ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ) فِي الْهِدَايَةِ: وَإِذَا قَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ.

قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَهَذِهِ مُقَيَّدَةٌ بِقُيُودٍ: أَحَدُهُمَا التَّمَكُّنُ، فَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ سَلَّمَ الدَّارَ مَشْغُولَةً بِمَتَاعِهِ لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ.

الثَّانِي أَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً، فَلَوْ فَاسِدَةً فَلَا بُدَّ مِنْ حَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ.

الثَّالِثُ أَنَّ التَّمَكُّنَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ، حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْكُوفَةِ فَأَسْلَمَهَا فِي بَغْدَادَ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَلَا أَجْرَ.

الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ مُتَمَكِّنًا فِي الْمُدَّةِ، فَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا إلَى الْكُوفَةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَذَهَبَ بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ بِالدَّابَّةِ وَلَمْ يَرْكَبْ لَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَمَكَّنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ طُورِيٌّ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْأَوْلَى ذِكْرُ الْقُيُودِ فَيُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ كَمَا سَيَظْهَرُ لَكَ (قَوْلُهُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ) الْأُولَى إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً.

الثَّانِيَةُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ وَلَمْ يَرْكَبْهَا.

الثَّالِثَةُ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا كُلَّ يَوْمٍ بِدَانَقٍ فَأَمْسَكَهُ سِنِينَ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ لَمْ يَجِبْ أَجْرُ مَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي لَوْ لَبِسَهُ فِيهَا لَتَخَرَّقَ، وَفِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ،؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّحِيحَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمَتْنِ عَلَى أَنَّ الْفَاسِدَةَ سَيَذْكُرُهَا، وَلِأَنَّ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا بِذِكْرِ الْقُيُودِ السَّابِقَةِ لِلْمَسْأَلَةِ، فَإِنَّ الثَّانِيَةَ خَارِجَةٌ بِالْقَيْدِ الثَّالِثِ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ فِي الْمَكَانِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْعَقْدُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ إتْقَانِي، وَالثَّالِثَةُ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا التَّمَكُّنُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي سَقَطَ أَجْرُهَا فَهِيَ خَارِجَةٌ بِالرَّابِعِ (قَوْلُهُ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى هَذَا) أَيْ الْأَخِيرِ وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ ط (قَوْلُهُ لِدَارٍ قُبِضَتْ) أَيْ خَالِيَةٍ مِنْ الْمَوَانِعِ (قَوْلُهُ إلَّا بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ) أَيْ إذَا وُجِدَ التَّسْلِيمُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ جِهَةِ الْآخَرِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا أَجْرَ وَإِنْ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ إتْقَانِي.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَجْرَ الْوَاجِبَ فِي الْفَاسِدَةِ مُخْتَلِفٌ، تَارَةً يَكُونُ الْمُسَمَّى، وَتَارَةً يَكُونُ أَجْرَ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَتَارَةً لَا يَتَجَاوَزُ الْمُسَمَّى، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهَا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ مَا فِي الْإِسْعَافِ) حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا أَوْ دَارًا وَقْفًا إجَارَةً فَاسِدَةً فَزَرَعَهَا أَوْ سَكَنَهَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَإِلَّا لَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ.

قَالَ فِي الْمِنَحِ: فَأَخَذَ مَوْلَانَا صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ مَفْهُومِهِ مَا ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ لُزُومَ الْأَجْرِ عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهَذَا ظَاهِرٌ.

إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ مُنْلَا خُسْرو أَطْلَقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ اهـ.

وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ أَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى مَتْنِهِ أَيْضًا.

وَتَعَقَّبَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ فَقَالَ: لَمْ نَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ كَلَامًا.

وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي وَقْفِ النَّاصِحِيِّ: وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فَقَبَضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَلَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ أَوْ لَمْ يَسْكُنْ الدَّارَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ

ص: 11

قُلْتُ: وَهَلْ مَالُ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ وَالْمُسْتَأْجَرُ فِي الْبَيْعِ وَفَاءٌ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ عُلَمَاءُ الرُّومِ كَذَلِكَ؟ مَحَلُّ تَرَدُّدٍ فَلْيُرَاجَعْ، وَبِقَوْلِهِ (وَيَسْقُطُ الْأَجْرُ بِالْغَصْبِ) أَيْ بِالْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْعَيْنِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْغَصْبِ لَا تَجْرِي فِي الْعَقَارِ، وَهَلْ تَنْفَسِخُ بِالْغَصْبِ؟ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ نَعَمْ خِلَافًا لِقَاضِي خَانْ، وَلَوْ غُصِبَ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ فَبِحِسَابِهِ (إلَّا إذَا أَمْكَنَ إخْرَاجُ الْغَاصِبِ) مِنْ الدَّارِ مَثَلًا (بِشَفَاعَةٍ أَوْ حِمَايَةٍ) أَشْبَاهٌ

(وَلَوْ أَنْكَرَ ذَلِكَ) أَيْ الْغَصْبَ (الْمُؤَجِّرُ) وَادَّعَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ (وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِحُكْمِ الْحَالِ) كَمَسْأَلَةِ الطَّاحُونَةِ،

ــ

[رد المحتار]

لِلْوَقْفِ فَاسِدًا لَا يُعَدُّ غَاصِبًا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْأَجْنَاسِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِحَقِيقَةِ الِاسْتِيفَاءِ.

قَالَ وَلَا تُزَادُ عَلَى مَا رَضِيَ بِهِ الْمُؤَجِّرُ اهـ.

أَقُولُ: عَدَمُ الْوُقُوفِ عَلَى التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يُنَافِيهِ أَبُو السُّعُودِ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ: أَيْ الِاحْتِمَالُ أَنَّ مَا فِي وَقْفِ النَّاصِحِيِّ وَالْأَجْنَاسِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَا يُنَافِي مَفْهُومَ الْإِسْعَافِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ وَالْمُسْتَأْجَرُ فِي الْبَيْعِ وَفَاءً) بِفَتْحِ الْجِيمِ، يَعْنِي إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا بَاعَهُ مِنْهُ وَفَاءٌ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ صَحَّ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْكَفَالَةِ.

قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ: قُلْتُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَبَقِيَ فِي يَدِهِ، فَأَفْتَى عُلَمَاءُ الرُّومِ بِلُزُومِ أَجْرِ الْمِثْلِ.

وَاعْتَرَضَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيُّ بِأَنَّ الْأَمْلَاكَ الْحَقِيقِيَّةَ لَمْ تَجِبْ الْأُجْرَةُ بِالتَّمَكُّنِ فِي فَاسِدِ إجَارَتِهَا فَكَيْفَ هَذَا اهـ.

وَقَالَ ط: وَفِيهِ أَنَّهُ إجَارَةٌ أَصْلًا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَتَدَبَّرْ اهـ.

أَقُولُ: وَلَا سِيَّمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ حُكْمُ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ وَلَوْ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ فِي الْمُدَّةِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ.

وَأَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالْحَامِدِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الرَّهْنِ، خِلَافًا لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْجَلَبِيِّ قُبَيْلَ الْكَفَالَةِ.

وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: مَنْ جَعَلَهُ فَاسِدًا قَالَ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَكَذَا مَنْ جَعَلَهُ رَهْنًا، وَمَنْ جَوَّزَهُ جَوَّزَ الْإِجَارَةَ مِنْ الْبَائِعِ وَغَيْرِهِ وَأَوْجَبَ الْأَجْرَ اهـ. (قَوْلُهُ مَحَلُّ تَرَدُّدٍ) أَقُولُ: لَا تَرَدُّدَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَهَذَا مِنْ قَبِيلِهِ سَائِحَانِيٌّ، وَيُنَافِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْبِيرِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لِلْوَقْفِ فَاسِدًا لَا يُعَدُّ غَاصِبًا إلَخْ

1 -

(قَوْلُهُ بِالْغَصْبِ) ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَحَلِّ إنَّمَا أُقِيمَ مَقَامَ تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ، فَإِذَا فَاتَ التَّمَكُّنُ فَاتَ التَّسْلِيمُ مِنَحٌ.

قَالَ الرَّمْلِيُّ: فَلَوْ لَمْ تَفُتْ الْمَنْفَعَةُ بِالْغَصْبِ كَغَصْبِ الْأَرْضِ الْمُقَرَّرَةِ لِلْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ مَعَ الْغَرْسِ، وَالْبِنَاءِ لَا تَسْقُطُ لِوُجُودِهِ مَعَهُ وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا تَجْرِي فِي الْعَقَارِ) أَيْ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ وَهَلْ تَنْفَسِخُ بِالْغَصْبِ إلَخْ) ثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا زَالَ الْغَصْبُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ يَسْتَوْفِي مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ بِحِسَابِهِ أَبُو السُّعُودِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ غُصِبَ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ فَبِحِسَابِهِ) وَكَذَا لَوْ سَلَّمَهُ الدَّارَ إلَّا بَيْتًا أَوْ سَكَنَ مَعَهُ فِيهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ.

وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبُرْهَانِ: وَيَسْقُطُ الْأَجْرُ بِغَرَقِ الْأَرْضِ قَبْلَ زَرْعِهَا، وَإِنْ اصْطَلَمَهُ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ لَزِمَهُ الْأَجْرُ تَامًّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَرَعَهَا، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَجْرُ مَا مَضَى فَقَطْ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ زَرْعِ مِثْلِهِ فِي الضَّرَرِ اهـ وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ قُبَيْلَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَيَذْكُرُ أَنَّهُ اعْتَمَدَهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَأَنَّهُ فِي الْخَانِيَّةِ جَزَمَ بِالْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ بِشَفَاعَةٍ) أَيْ بِاسْتِعْطَافِ خَاطِرِ الْغَاصِبِ أَوْ حِمَايَةِ أَيْ دَفْعِ ذِي شَوْكَةٍ، فَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ لَا تَسْقُطُ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ إلَّا بِإِنْفَاقِ مَالٍ فَلَا يَلْزَمُهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا ذَكَرَهُ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ

(قَوْلُهُ بِحُكْمِ الْحَالِ) فَإِنْ كَانَ فِيهَا غَيْرُ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَمَسْأَلَةِ الطَّاحُونَةِ) يَعْنِي لَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِي أَصْلِ انْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْهَا.

ص: 12

وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ السَّاكِنِ؛ لِأَنَّهُ فَرْدٌ ذَخِيرَةٌ وَبِقَوْلِهِ (وَلَا يَعْتِقُ قَرِيبُ الْمُؤَجِّرِ لَوْ كَانَ أُجْرَةً) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْعَقْدِ، وَالْمُرَادُ مِنْ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ تَسْلِيمُ الْمَحَلِّ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِحَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ الِانْتِفَاعِ

(فَلَوْ سَلَّمَهُ) الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ (بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ) الْمُؤَجَّرَةِ (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِامْتِنَاعُ) مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فِي بَاقِي الْمُدَّةِ (إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَقْتٌ يُرْغَبُ فِيهَا لِأَجْلِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا) أَيْ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ (وَقْتٌ كَذَلِكَ) كَبُيُوتِ مَكَّةَ وَمِنًى وَحَوَانِيتِهِمَا زَمَنَ الْمَوْسِمِ فَإِنَّهُ لَا يُرْغَبُ فِيهَا بَعْدَ الْمَوْسِمِ، فَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُرْغَبُ لِأَجْلِهِ (خُيِّرَ فِي قَبْضِ الْبَاقِي) كَمَا فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَلَوْ سَلَّمَهُ الْمِفْتَاحَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْفَتْحِ لِضَيَاعِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْفَتْحُ بِلَا كُلْفَةٍ وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِلَّا لَا أَشْبَاهٌ.

ــ

[رد المحتار]

وَفِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ فِي الِاخْتِلَافِ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة: الِاخْتِلَافُ هُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا فِي مِقْدَارِ الْمُدَّةِ بِأَنْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ انْقَطَعَ الْمَاءُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَالْمُسْتَأْجِرُ عَشَرَةً، وَإِمَّا فِي أَصْلِ الِانْقِطَاعِ بِأَنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ انْقَطَعَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَأَنْكَرَهُ الْمُؤَجِّرُ، فَفِي أَوَّلِ الْقَوْلِ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ، وَفِي الثَّانِي يُحَكَّمُ الْحَالُ، إنْ كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا وَقْتَ الْخُصُومَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ مُنْقَطِعًا وَقْتَهَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ اهـ مُلَخَّصًا: وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ أَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَاءَ كَانَ مُنْقَطِعًا فِيمَا مَضَى يَقْضِي بِهَا وَإِنْ كَانَ جَارِيًا لِلْحَالِ اهـ وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ آخِرَ بَابِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ السَّاكِنُ إلَخْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ يَعْنِي لَوْ آجَرَهُ الدَّارَ وَفِيهَا شَخْصٌ سَاكِنٌ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَقَالَ بَعْدَ الْمُدَّةِ مَنَعَنِي السَّكَنَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَالسَّاكِنُ مُقِرٌّ أَوْ جَاحِدٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ السَّاكِنِ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْغَيْرِ أَوْ مُقِرٌّ وَشَهَادَةُ الْفَرْدِ وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ لَا يُقْبَلُ، فَبَقِيَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا، فَيُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ السَّاكِنُ حَالَ الْمُنَازَعَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ، وَإِنْ كَانَ السَّاكِنُ غَيْرَهُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ ذَخِيرَةٌ

1 -

(قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ) عَطْفٌ عَلَى بِقَوْلِهِ السَّابِقِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى التَّمَكُّنِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ مِنْ فُرُوعِ قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ فَكَانَ عَلَيْهِ إبْقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى حَالِهِ وَجَعْلُهَا مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْعَقْدِ) فَإِنْ قِيلَ يُشْكِلُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْأُجْرَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالرَّهْنِ بِهَا.

قُلْتُ: لَا إذْ ذَلِكَ بِنَاءٌ عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ فَصَارَ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ بَعْدَ الْجَرْحِ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ مِنْ تَمَكُّنِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ تَفْرِيعٌ عَلَى مُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ) يَشْمَلُ الْوَكِيلَ بِالِاسْتِئْجَارِ، لَكِنْ لَوْ سَكَنَهَا الْوَكِيلُ بِنَفْسِهِ قَالَ الثَّانِي لَا أَجْرَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ،؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْوَكِيلِ كَقَبْضِهِ فَوَقَعَ الْقَبْضُ أَوَّلًا لِلْمُوَكِّلِ وَصَارَ الْوَكِيلُ بِالسُّكْنَى غَاصِبًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ يُسْقِطُ الْأَجْرَ بَزَّازِيَّةٌ

(قَوْلُهُ فَلَوْ سَلَّمَهُ) أَيْ أَرَادَ تَسْلِيمَهُ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ الْمُؤَجَّرَةَ) مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ ح أَيْ الْمُؤَجَّرَ فِيهَا بِخِلَافِ الْمُؤَجَّرِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ) أَيْ إذَا اشْتَرَى نَحْوَ بُيُوتِ مَكَّةَ قَبْلَ زَمَنِ الْمَوْسِمِ فَلَمْ يَقَعْ التَّسْلِيمُ إلَّا بَعْدَ فَوْتِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ لِفَوَاتِ الرَّغْبَةِ ط وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ فَلْيُرَاجَعْ.

وَقَالَ ح: يَعْنِي إذَا اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُتَخَيَّرُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ اهـ.

قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الرَّحْمَتِيُّ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ وَقْتًا يُرْغَبُ فِيهِ أَوْ لَا لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ: وَلِأَنَّهُ حَيْثُ مَنَعَهُ مِنْ التَّسْلِيمِ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ رُبَّمَا يَكُونُ مُضْطَرًّا إلَى الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَيَسْتَأْجِرُ غَيْرَهَا، فَإِذَا أَلْزَمَهَا بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ رُبَّمَا يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

وَالْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ أَبُو الطَّيِّبِ: أَيْ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْبَيْعِ الصِّفَةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا لِلرَّغْبَةِ فِيهَا كَالْخِيَاطَةِ وَالْكِتَابَةِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لِضَيَاعِهِ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ. وَعِبَارَةُ الذَّخِيرَةِ: وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ: آجَرَ مِنْ آخَرَ حَانُوتًا وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمِفْتَاحَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى فَتْحِهِ وَضَلَّ الْمِفْتَاحَ أَيَّامًا ثُمَّ وَجَدَهُ، فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ فَتْحُهُ بِهِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى وَإِلَّا فَلَا.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ:

ص: 13

قُلْتُ: وَكَذَا لَوْ عَجَزَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الْفَتْحِ بِهَذَا الْمِفْتَاحِ لَمْ يَكُنْ تَسْلِيمًا؛ لِأَنَّ التَّخْلِيَةَ لَمْ تَصِحَّ صَيْرَفِيَّةٌ وَلَوْ اخْتَلَفَا بِحُكْمِ الْحَالِ، وَلَوْ بَرْهَنَا فَبَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ ذَخِيرَةٌ وَكَذَا الْبَيْعُ.

وَقِيلَ إنْ قَالَ لَهُ اقْبِضْ الْمِفْتَاحَ وَافْتَحْ الْبَابَ فَهُوَ تَسْلِيمٌ وَإِلَّا لَا كَمَا بَسَطَهُ الْمُصَنِّفُ

(وَلِلْمُؤَجِّرِ طَلَبُ الْأَجْرِ لِلدَّارِ وَالْأَرْضِ) كُلَّ يَوْمٍ (وَلِلدَّابَّةِ كُلَّ مَرْحَلَةٍ) إذَا أَطْلَقَهُ، وَلَوْ بَيَّنَ تَعَيَّنَ وَلِلْخِيَاطَةِ (وَنَحْوِهَا) مِنْ الصَّنَائِعِ (إذَا فَرَغَ وَسَلَّمَهُ) فَهَلَكَهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ يَسْقُطُ الْأَجْرُ،

ــ

[رد المحتار]

إنْ قَدَرَ عَلَى الْفَتْحِ بِلَا مُؤْنَةٍ لَزِمَ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْتَجَّ وَيَقُولَ هَلَّا كَسَرْتَ الْغَلَقَ وَدَخَلْتَ (قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ فِي الْعَجْزِ وَعَدَمِهِ يُحَكَّمُ الْحَالُ.

قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ اخْتَلَفَا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا يُنْظَرُ إلَى الْمِفْتَاحِ الَّذِي دُفِعَ إلَيْهِ لِلْحَالِ، إنْ لَاءَمَ هَذَا الْغَلَقَ وَأَمْكَنَ فَتْحُهُ بِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَرْهَنَا فَبَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمِفْتَاحُ لَا يُلَائِمُ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِتَحْكِيمِ الْحَالِ مَتَى جَاءَتْ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِهِ كَمَسْأَلَةِ الطَّاحُونَةِ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ إذَا كَانَ الْمُؤَجِّرُ يَدَّعِي أَنَّهُ كَانَ يُلَائِمُ الْغَلَقَ وَلَكِنْ غَيَّرَهُ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَقُولُ لَا بَلْ لَمْ يَكُنْ مُلَائِمًا مِنْ الْأَصْلِ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْبَيْعُ) أَيْ إذَا اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَ مِفْتَاحَهَا وَلَمْ يَذْهَبْ إلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ الْمِفْتَاحُ بِحَالِهِ يَتَهَيَّأُ لَهُ أَنْ يَفْتَحَهُ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ يَكُونُ قَابِضًا وَإِلَّا فَلَا مِنَحٌ.

وَقَدْ ظَهَرَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ تَسْلِيمَ الْمِفْتَاحِ مَعَ التَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالدَّارِ وَإِمْكَانَ الْفَتْحِ بِهِ بِلَا كُلْفَةٍ تَسْلِيمٌ لِلدَّارِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ، وَقَيَّدَهُ فِي الْقُنْيَةِ بِأَنْ يَكُونَ فِي الْمِصْرِ حَيْثُ قَالَ: وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي السَّوَادِ لَيْسَ بِتَسْلِيمٍ لِلدَّارِ وَإِنْ حَضَرَ فِي الْمِصْرِ وَالْمِفْتَاحُ فِي يَدِهِ، وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ، لَكِنَّهُ بِخِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَأَقَرَّهُ مُحَشُّو الْأَشْبَاهِ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ مَسَائِلَ شَتَّى

(قَوْلُهُ لِلدَّارِ وَالْأَرْضِ إلَخْ) الْمُرَادُ كُلُّ مَا تَقَعُ الْإِجَارَةُ فِيهِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ أَوْ عَلَى قَطْعِ الْمَسَافَةِ أَوْ عَلَى الْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَيَّنَ تَعَيَّنَ) أَيْ لَوْ بَيَّنَ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْعَقْدِ تَعَيَّنَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْعَزْمِيَّةِ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأُجْرَةُ مُعَجَّلَةً أَوْ مُؤَجَّلَةً أَوْ مُنَجَّمَةً وَهَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا عَلَى مَا قُرِّرَ فِي الْخُلَاصَةِ اهـ فَالْمُرَادُ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا إذَا سَكَتَ عَنْ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ إذَا فَرَغَ وَسَلَّمَهُ) اعْلَمْ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ أَوَّلًا يَقُولُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ جَمِيعَ الْمَنْفَعَةِ وَالْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَلَا يَتَوَزَّعُ الْأَجْرُ عَلَى الْأَجْزَاءِ كَالثَّمَنِ فِي الْمَبِيعِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: إنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْمُدَّةِ كَمَا فِي إجَارَةِ الدَّارِ وَالْأَرْضِ أَوْ قَطْعِ الْمَسَافَةِ كَمَا فِي الدَّابَّةِ وَجَبَ بِحِصَّةِ مَا اسْتَوْفَى لَوْ لَهُ أُجْرَةٌ مَعْلُومَةٌ بِلَا مَشَقَّةٍ فَفِي الدَّارِ لِكُلِّ يَوْمٍ وَفِي الْمَسَافَةِ لِكُلِّ مَرْحَلَةٍ.

وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ بِحِسَابِهِ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ لَكِنْ فِيهِ حَرَجٌ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْعَمَلِ كَالْخِيَاطَةِ وَالْقِصَارَةِ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْهُ فَيَسْتَحِقُّ الْكُلَّ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْبَعْضِ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ، وَكَذَا إذَا عَمِلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَفْرُغْ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالتَّجْرِيدِ.

وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْفَوَائِدِ الظَّهْرِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَمَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَشَرْحِ الْجَامِعِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَقَاضِي خَانْ والتمرتاشي أَنَّهُ إذَا خَاطَ الْبَعْضَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ يَجِبُ الْأَجْرُ بِحِسَابِهِ، حَتَّى إذَا سُرِقَ الثَّوْبُ بَعْدَ مَا خَاطَ بَعْضَهُ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِبَعْضِ الْعَمَلِ فِي كُلِّ مَا مَرَّ لَكِنْ بِشَرْطِ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، فَفِي سُكْنَى الدَّارِ وَقَطْعِ الْمَسَافَةِ صَارَ مُسْلِمًا بِمُجَرَّدِ تَسْلِيمِ الدَّارِ وَقَطْعِ الْمَسَافَةِ فِي الْخِيَاطَةِ بِالتَّسْلِيمِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَأَنْ خَاطَهُ فِي مَنْزِلِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ مَنْزِلَهُ فِي يَدِهِ زَيْلَعِيٌّ مُلَخَّصًا.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْبَعْضِ بِلَا تَسْلِيمٍ أَصْلًا، وَأَمَّا مَعَ التَّسْلِيمِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْبَعْضِ فِي سُكْنَى الدَّارِ وَقَطْعِ الْمَسَافَةِ.

وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْعَمَلِ كَالْخِيَاطَةِ فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَيْضًا بِالتَّسْلِيمِ، وَلَوْ حُكْمًا،

ص: 14

وَكَذَا كُلُّ مَنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ، وَمَا لَا أَثَرَ لَهُ كَجَمَّالٍ لَهُ الْأَجْرُ كَمَا فَرَغَ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ بَحْرٌ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (عَمِلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ نَعَمْ لَوْ سُرِقَ) بَعْدَ مَا خَاطَ بَعْضَهُ أَوْ انْهَدَمَ مَا بَنَاهُ فَلَهُ الْأَجْرُ بِحِسَابِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ بَحْرٌ وَابْنُ كَمَالٍ (ثَوْبٌ خَاطَهُ الْخَيَّاطُ بِأَجْرٍ فَفَتَقَهُ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ رَبُّ الثَّوْبِ فَلَا أَجْرَ لَهُ) بَلْ لَهُ تَضْمِينُ الْفَاتِقِ (وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ الْخَيَّاطُ هُوَ الْفَاتِقُ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ) كَأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ، بِخِلَافِ فَتْقِ الْأَجْنَبِيِّ وَهَلْ لِلْخَيَّاطِ أَجْرُ التَّفْصِيلِ بِلَا خِيَاطَةٍ؟ الْأَصَحُّ لَا أَشْبَاهٌ لَكِنَّ حَاشِيَتَهَا مَعْزِيًّا لِلْمُضْمَرَاتِ، الْمُفْتَى بِهِ نَعَمْ.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: يَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ الْعُرْفُ اهـ.

ثُمَّ رَأَيْتُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا لِلْكُبْرَى أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ (وَ) لِلْخَبَّازِ طَلَبُ الْأَجْرِ (لِلْخُبْزِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ التَّنُّورِ) ؛ لِأَنَّ تَمَامَهُ بِذَلِكَ وَبِإِخْرَاجِ بَعْضِهِ بِحِسَابِهِ جَوْهَرَةٌ (فَإِنْ احْتَرَقَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ

ــ

[رد المحتار]

وَخَالَفَهُمْ صَاحِبَا الْهِدَايَةِ وَالتَّجْرِيدِ فَقَالَا: لَا يَجِبُ.

قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ، وَعَلَى مَا ذَكَرُوهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكُلِّ اهـ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ بِالْفَرَاغِ وَالتَّسْلِيمِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالتَّسْلِيمُ يَشْمَلُ الْحَقِيقِيَّ وَالْحُكْمِيَّ وَهُوَ مَا عَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ عَمِلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَوْ قَالَ وَلَوْ حُكْمًا لَكَانَ أَخَصْرَ وَأَظْهَرَ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ لَا مَعْنَى لَهُ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ مَنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ لَا أَجْرَ لَهُ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ بَعْدَ وَرَقَةٍ الْمُرَادَ بِالْأَثَرِ. (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ سُرِقَ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ مِنْ وُجُوبِ الْأَجْرِ عَلَى بَعْضِ الْعَمَلِ بِالتَّسْلِيمِ وَلَوْ حُكْمًا، وَأَرَادَ بِهِ الِاسْتِدْرَاكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ، حَيْثُ قَالَ وَتَبِعَهُ الْعَلَّامَةُ الطُّورِيُّ وَتِلْمِيذُهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ مَسْأَلَةَ الْبِنَاءِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ بِالْبَعْضِ لِكَوْنِهِ مُسَلَّمًا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَنَقَلَهُ الْكَرْخِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ رَادًّا عَلَى الْهِدَايَةِ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَلِذَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ: أَيْ صَاحِبُ الْكَنْزِ فِي الْمُسْتَصْفَى وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ هُنَا مُطْلَقَةً اهـ.

فَلِكَلَامِ الشَّارِحِ وَجْهٌ وَجِيهٌ كَمَا عَلِمْتَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ خَفَاءٌ فَافْهَمْ، لَكِنْ فِي كَوْنِ مَا فِي الْهِدَايَةِ خِلَافَ الْمَذْهَبِ تَأَمُّلٌ يَظْهَرُ مِمَّا مَرَّ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ، فَلَوْ جَعَلَهُ خِلَافَ الْأَصَحِّ لَكَانَ أَنْسَبَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بَعْدَ مَا خَاطَ بَعْضَهُ) يَعْنِي فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَوْ فِي بَيْتِ الْأَجِيرِ لَا أَجْرَ لَهُ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ أَصْلًا. (قَوْلُهُ أَوْ انْهَدَمَ مَا بَنَاهُ) أَيْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهُ

1 -

(قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ رَبُّ الثَّوْبِ) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْعَمَلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ تَسْلِيمٌ. (قَوْلُهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ) ؛ لِأَنَّ الْخِيَاطَةَ مِمَّا لَهُ أَثَرٌ فَلَا أَجْرَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَمَا فِي الْمَبِيعِ. (قَوْلُهُ بَلْ لَهُ) أَيْ لِلْخَيَّاطِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَا أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ حَتَّى سَقَطَتْ أُجْرَتُهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ تَضْمِينُ الْفَاتِقِ) أَيْ قِيمَةَ خِيَاطَتِهِ لَا الْمُسَمَّى،؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَ بِالْعَقْدِ وَلَا عَقْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَاتِقِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْعَمَلَ وَوَفَّى بِهِ رَحْمَتِيٌّ. (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ) فَلَمْ يُوَفِّ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ الْعَمَلِ فَيُجْبَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَازِمٌ رَحْمَتِيٌّ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ فَتْقِ الْأَجْنَبِيِّ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ

1 -

ط (قَوْلُهُ الْأَصَحُّ لَا) كَذَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَفَرَضُوا الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ الثَّوْبَ فَقَطَعَهُ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ خِيَاطَةٍ وَعَلَّلُوهَا بِأَنَّ الْأَجْرَ فِي الْعَادَةِ لِلْخِيَاطَةِ لَا لِلْقَطْعِ.

قُلْتُ: فَلَوْ بَقِيَ حَيًّا لَا تَظْهَرُ الثَّمَرَةُ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْخِيَاطَةِ، لَكِنْ لَوْ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ بَعْدَ الْقَطْعِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ كَالْمَوْتِ تَأَمَّلْ، وَيَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَهُ لِلتَّفْصِيلِ فَقَطْ يَلْزَمُهُ أَجْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَيْهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي حَاشِيَتِهَا) أَيْ لِلشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ الْغَزِّيِّ حَيْثُ قَالَ.

قُلْتُ: وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ قَطَعَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ وَمَاتَ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ لَهُ أَجْرُ الْقَطْعِ هُوَ الصَّحِيحُ.

وَفِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ وَالْمُشْكَلَاتِ عَنْ الْكُبْرَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ لِتَأَيُّدِهِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ إنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ) صَوَابُهُ عَلَى الثَّانِي لِمَا سَمِعْتَ آنِفًا مِنْ عِبَارَةِ الْكُبْرَى، وَهُوَ الَّذِي فِي التتارخانية (قَوْلُهُ جَوْهَرَةٌ) وَمِثْلُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ

ص: 15

إخْرَاجِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ (فَلَهُ الْأَجْرُ) لِتَسْلِيمِهِ بِالْوَضْعِ فِي بَيْتِهِ (وَلَا غُرْمَ) لِعَدَمِ التَّعَدِّي.

وَقَالَا يَغْرَمُ مِثْلَ دَقِيقِهِ وَلَا أَجْرَ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْخُبْزَ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ (وَلَوْ) احْتَرَقَ (قَبْلَهُ لَا أَجْرَ لَهُ وَيَغْرَمُ) اتِّفَاقًا لِتَقْصِيرِهِ دُرَرٌ وَبَحْرٌ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخُبْزُ فِيهِ) أَيْ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ كَانَ فِي بَيْتِ الْخَبَّازِ أَوْ لَا (فَاحْتَرَقَ) أَوْ سُرِقَ (فَلَا أَجْرَ) لَهُ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ حَقِيقَةً (وَلَا ضَمَانَ) لَوْ سُرِقَ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ خِلَافًا لَهُمَا، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ جَوْهَرَةٌ (وَإِنْ) احْتَرَقَ الْخُبْزُ أَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ (قَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ) ثُمَّ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ، فَإِنْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَخْبُوزًا فَلَهُ الْأَجْرُ (وَإِنْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ دَقِيقًا فَلَا أَجْرَ) لَهُ لِلْهَلَاكِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَلَا يَضْمَنُ الْحَطَبَ وَالْمِلْحَ (وَلِلطَّبْخِ بَعْدَ الْغَرْفِ) إلَّا إذَا كَانَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ جَوْهَرَةٌ،

ــ

[رد المحتار]

مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْعَمَلَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ صَارَ مُسَلَّمًا إلَى صَاحِبِ الدَّقِيقِ اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَارُّ فِي الْخَيَّاطِ وَلَعَلَّ الْعِلَّةَ وُجُودُ الِانْتِفَاعِ هُنَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَقَالَا يَضْمَنُ إلَخْ) هَكَذَا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْهِدَايَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ لَا كَمَا سَيَأْتِي فَيَكُونُ أَيْضًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ الْآتِيَةِ فِي ضَمَانِ الْأَجِيرِ.

وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمَتَاعَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمَضْمُونٌ عِنْدَهُمَا، لَكِنْ ذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْخِلَافِ إنَّمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ بِرِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَا شُرَّاحِهِ خِلَافًا بَلْ قَالُوا لَا ضَمَانَ مُطْلَقًا: فَعَنْ هَذَا قَالُوا مَا فِي الْجَامِعِ مُجْرًى عَلَى عُمُومِهِ.

أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَهْلِكْ بِصُنْعِهِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّهُ هَلَكَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ اهـ. وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الأتقاني فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَشَى فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ، وَلَمَّا اقْتَصَرَ بَعْضُهُمْ عَلَى مُرَاجَعَتِهِمْ قَالَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ سَبْقُ قَلَمٍ مَعَ أَنَّ مَنْ تَبِعَ الْهِدَايَةَ لَمْ يَضِلَّ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ بِعَدَمِ الْقَلْعِ مِنْ التَّنُّورِ، فَإِنْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَخْبُوزًا أَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَإِنْ دَقِيقًا فَلَا بَحْرٌ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ حَقِيقَةً) يَعْنِي أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ لَمْ يُوجَدْ التَّسْلِيمُ الْحُكْمِيُّ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ الْحَقِيقِيِّ وَلَمْ يُوجَدْ أَيْضًا فَلِذَا لَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ. (قَوْلُهُ لَوْ سُرِقَ) الْمُنَاسِبُ: زِيَادَةُ أَوْ احْتَرَقَ ط، وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ، وَالْحَرْقُ بَعْدَهُ نَادِرٌ، فَمَنْ قَالَ تَرَكَهُ لَأَنْ يَضْمَنَ فِيهِ اتِّفَاقًا فَقَدْ وَهَمَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ احْتَرَقَ الْخُبْزُ أَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَوْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَقَبْلَهُ لَا أَجْرَ وَيَغْرَمُ وَجَعَلَ مَا هُنَا رَاجِعًا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا أَفَادَهُ ط. (قَوْلُهُ فَلَهُ الْأَجْرُ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ وَصَلَ إلَيْهِ الْعَمَلُ مَعْنًى لِوُصُولِ قِيمَتِهِ ط. (قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ الْحَطَبَ وَالْمِلْحَ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلَكًا قَبْلَ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَحَيْثُمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ كَانَ رَمَادًا زَيْلَعِيٌّ

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ) أَفَادَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْوَلَائِمِ وَأَنْوَاعِهَا أَحَدَ عَشَرَ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ:

إنَّ الْوَلَائِمَ عَشْرَةٌ مَعَ وَاحِدٍ

مَنْ عَدَّهَا قَدْ عَزَّ فِي أَقْرَانِهِ

فَالْخُرْسُ عِنْدَ نِفَاسِهَا وَعَقِيقَةٌ

لِلطِّفْلِ وَالْإِعْذَارُ عِنْدَ خِتَانِهِ

وَلِحِفْظِ قُرْآنٍ وَآدَابٍ لَقَدْ

قَالُوا الْحُذَّاقُ لِحِذْقِهِ وَبَيَانِهِ

ثُمَّ الْمِلَاكُ لِعَقْدِهِ وَوَلِيمَةٌ

فِي عُرْسِهِ فَاحْرِصْ عَلَى إعْلَانِهِ

وَكَذَاكَ مَأْدُبَةٌ بِلَا سَبَبٍ يُرَى

وَوَكِيرَةٌ لِبِنَائِهِ لِمَكَانِهِ

وَنَقِيعَةٌ لِقُدُومِهِ وَوَضِيمَةٌ

لِمُصِيبَةٍ وَتَكُونُ مِنْ جِيرَانِهِ

وَلِأَوَّلِ الشَّهْرِ الْأَصَمِّ عَتِيرَةٌ

بِذَبِيحَةٍ جَاءَتْ لِرِفْعَةِ شَأْنِهِ

ص: 16

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْعُرْفُ (فَإِنْ أَفْسَدَهُ) أَيْ الطَّعَامَ (الطَّبَّاخُ أَوْ أَحْرَقَهُ أَوْ لَمْ يُنْضِجْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ) لِلطَّعَامِ، وَلَوْ دَخَلَ بِنَارٍ لِيَخْبِزَ أَوْ لِيَطْبُخَ بِهَا فَوَقَعَتْ مِنْهُ شَرَارَةٌ فَاحْتَرَقَ الْبَيْتُ لَمْ يَضْمَنْ لِلْإِذْنِ، وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّارِ لَوْ احْتَرَقَ شَيْءٌ مِنْ السُّكَّانِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي جَوْهَرَةٌ

(وَلِ) ضَرْبِ (اللَّبِنِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ) وَقَالَا بَعْدَ تَشْرِيجِهِ: أَيْ جَعْلِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ، وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتِي ابْنُ كَمَالٍ مَعْزِيًّا لِلْعُيُونِ، وَهَذَا إذَا ضَرَبَهُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَوْ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ فَلَا حَتَّى يَعُدَّهُ مَنْصُوبًا عِنْدَهُ وَمُشَرَّجًا عِنْدَهُمَا زَيْلَعِيٌّ. [فُرُوعٌ]

الْمُلْبِنُ عَلَى اللَّبَّانِ، وَالتُّرَابُ عَلَى الْمُسْتَأْجِر، وَإِدْخَالُ الْحِمْلِ الْمَنْزِلَ عَلَى الْحَمَّالِ لَا صَبُّهُ فِي الْجَوَالِقِ أَوْ صُعُودُهُ لِلْغُرْفَةِ إلَّا بِشَرْطٍ؛ وَإِيكَافُ دَابَّةٍ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمُكَارِي، وَكَذَا الْحِبَالُ وَالْجَوَالِقُ وَالْحِبْرُ عَلَى الْكَاتِبِ وَاشْتِرَاطُ الْوَرَقِ عَلَيْهِ يُفْسِدُهَا ظَهِيرِيَّةٌ.

(وَمَنْ) كَانَ (لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ كَالصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ حَبَسَهَا لِأَجْلِ الْأَجْرِ) وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْأَثَرِ عَيْنٌ مَمْلُوكَةٌ لِلْعَامِلِ كَالنِّشَاءِ وَالْغِرَاءِ أَمْ مُجَرَّدُ مَا يُعَايَنُ وَيُرَى؟ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي فَغَاسِلُ الثَّوْبِ وَكَاسِرُ الْفُسْتُقِ وَالْحَطَبِ

ــ

[رد المحتار]

ط مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ لِأَهْلِ بَيْتِهِ) أَيْ بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ ح (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْعُرْفُ) فَمُطْلَقُ الْعَقْدِ يَتَنَاوَلُ الْمُعْتَادَ إذَا لَمْ يُوجَدْ شَرْطٌ بِخِلَافِهِ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَهُوَ ضَامِنٌ) وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ فِي الْخُبْزِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَضْمَنَهُ قَبْلَ الطَّبْخِ وَلَا أَجْرَ لَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَلَهُ الْأَجْرُ ط. (قَوْلُهُ لِلْإِذْنِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْعَمَلِ إلَّا بِذَلِكَ وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ بَحْرٌ

(قَوْلُهُ وَلِضَرْبِ اللَّبِنِ) هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَالْكَسْرُ مَعَ السُّكُونِ لُغَةٌ، وَتَفْسُدُ بِلَا تَعْيِينِ الْمِلْبَنِ مَا لَمْ يَغْلِبْ وَاحِدٌ عُرْفًا أَوْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ قُهُسْتَانِيٌّ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ) ؛ لِأَنَّهَا لِتَسْوِيَةِ الْأَطْرَافِ فَكَانَتْ مِنْ الْعَمَلِ كَشْفٌ وَالْإِقَامَةُ النَّصْبُ بَعْدَ الْجَفَافِ، فَلَوْ ضَرَبَهُ فَأَصَابَهُ مَطَرٌ فَأَفْسَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ عَمِلَ فِي دَارِهِ قُهُسْتَانِيٌّ. (قَوْلُهُ وَقَالَا بَعْدَ تَشْرِيجِهِ) بِالشِّينِ وَالْجِيمِ الْمُعْجَمَتَيْنِ، وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ زَيْلَعِيٌّ وَلَعَلَّهُ سَبَبُ كَوْنِهِ الْمُفْتَى بِهِ، لَكِنْ ذَكَرَ الأتقاني أَنَّ دَلِيلَهُمَا ضَعِيفٌ تَأَمَّلْ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا تَلِفَ اللَّبِنُ قَبْلَ التَّشْرِيجِ، فَعِنْدَهُ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَعِنْدَهُمَا مِنْ مَالِ الْأَجِيرِ، أَمَّا إذَا تَلِفَ قَبْلَ الْإِقَامَةِ فَلَا أَجْرَ إجْمَاعًا. (قَوْلُهُ أَيْ جَعْلِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ) أَيْ بَعْدَ الْجَفَافِ. (قَوْلُهُ حَتَّى يَعُدَّهُ مَنْصُوبًا) عِبَارَةُ الْمُسْتَصْفَى حَتَّى يُسَلِّمَهُ مَنْصُوبًا عِنْدَهُ وَمُشْرَجًا عِنْدَهُ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ وَالْمَبْسُوطِ اهـ، فَلَمْ يَشْتَرِطْ الْعَدَّ وَهُوَ الْأَوْلَى لَوْ سَلَّمَهُ بِغَيْرِ عَدٍّ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ كَمَا لَا يَخْفَى بَحْرٌ.

وَذَكَرَ الأتقاني عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مِثْلَ مَا فِي الْمُسْتَصْفَى، وَفَسَّرَ التَّسْلِيمَ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَبَيْنَ اللَّبِنِ (قَوْلُهُ وَاشْتِرَاطُ الْوَرَقِ عَلَيْهِ يُفْسِدُهَا) أَمَّا اشْتِرَاطُ الْحِبْرِ فَلَا حَمَوِيٌّ

(قَوْلُهُ حَبَسَهَا) فِعْلٌ مَاضٍ أَوْ مَصْدَرٌ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ: أَيْ لَهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ مَنْ.

بَقِيَ هُنَا إشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ كَمَا مَرَّ فَإِذَا حُبِسَ فَلَا تَسْلِيمَ فَلَا مُطَالَبَةَ.

وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ لَهُ الطَّلَبُ إذَا فَرَغَ وَسَلَّمَ مَفْهُومُهُ مُعَطَّلٌ بِالْمَنْطُوقِ هُنَا سَائِحَانِيٌّ، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا فَائِدَةَ لِذِكْرِ التَّسْلِيمِ، وَقَدْ قَالُوا لَا يَجِبُ الْأَجْرُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ، فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَهُ سَقَطَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَهُوَ أَثَرُ الْعَمَلِ، بِخِلَافِ مَا لَا أَثَرَ لَهُ فَإِنَّ الْأَجْرَ يَجِبُ كَمَا فَرَغَ، وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَبْسِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ الِاسْتِرْدَادَ لِقَوْلِهِ الْآتِي: فَإِنْ حُبِسَ فَضَاعَ فَلَا أَجْرَ مَعَ أَنَّ بِالتَّسْلِيمِ وَجَبَ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ الْحُكْمِيِّ كَعَمَلِهِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ لَهُ الْحَبْسُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فَكَيْفَ بَعْدَ الْحَقِيقِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فَائِدَتَهُ عَدَمُ الضَّمَانِ فَقَطْ، إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْحَبْسُ لَضَمِنَ بِالضِّيَاعِ بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) وَكَذَا صَحَّحَهُ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ تَبَعًا لِقَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَصَحَّحَ النَّسَفِيّ فِي مُسْتَصْفَاهُ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ الْأَوَّلَ فَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ، وَيَنْبَغِي

ص: 17

وَالطَّحَّانُ وَالْخَيَّاطُ وَالْخَفَّافُ وَحَالِقُ رَأْسِ الْعَبْدِ لَهُمْ حَبْسُ الْعَيْنِ بِالْأَجْرِ عَلَى الْأَصَحِّ مُجْتَبَى، وَهَذَا (إذَا كَانَ حَالًّا أَمَّا إذَا كَانَ) الْأَجْرُ (مُؤَجَّلًا فَلَا) يَمْلِكُ حَبْسَهَا كَعَمَلِهِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ بِتَسْلِيمِهِ حُكْمًا وَتُضْمَنُ بِالتَّعَدِّي وَلَوْ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ غَايَةٌ (فَإِنْ حُبِسَ فَضَاعَ فَلَا أَجْرَ وَلَا ضَمَانَ) لِعَدَمِ التَّعَدِّي.

(وَمَنْ لَا أَثَرَ لِعَمَلِهِ كَالْحَمَّالِ عَلَى ظَهْرٍ) أَوْ دَابَّةٍ (وَالْمَلَّاحِ) وَغَاسِلِ الثَّوْبِ أَيْ لِتَطْهِيرِهِ لَا لِتَحْسِينِهِ مُجْتَبَى فَلْيُحْفَظْ (لَا يَحْبِسُ) الْعَيْنَ لِلْأَجْرِ (فَإِنْ حَبَسَ ضَمِنَ ضَمَانَ الْغَصْبِ) وَسَيَجِيءُ فِي بَابِهِ (وَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا) أَيْ بَدَلَهَا شَرْعًا (مَحْمُولَةً وَلَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ شَاءَ غَيْرَ مَحْمُولَةٍ وَلَا أَجْرَ) جَوْهَرَةٌ (وَإِذَا شَرَطَ عَمَلَهُ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ اعْمَلْ بِنَفْسِكَ أَوْ بِيَدِكَ (لَا يَسْتَعْمِلُ غَيْرَهُ إلَّا الظِّئْرَ فَلَهَا اسْتِعْمَالُ غَيْرِهَا) بِشَرْطٍ وَغَيْرِهِ خُلَاصَةٌ (وَإِنْ أَطْلَقَ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ غَيْرَهُ، أَفَادَ بِالِاسْتِئْجَارِ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ لِأَجْنَبِيٍّ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ

ــ

[رد المحتار]

تَرْجِيحُهُ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ وَغَسْلُ الثَّوْبِ نَظِيرُ الْحَمْلِ اهـ

1 -

. (قَوْلُهُ وَالْخَيَّاطُ وَالْخَفَّافُ) هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْخَيْطَ عَلَى رَبِّ الثَّوْبِ فِي عُرْفِ صَاحِبِ الظَّهِيرِيَّةِ، وَأَمَّا عَلَى عُرْفِ مَنْ قَبْلَهُ وَهُوَ عُرْفُنَا الْآنَ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْخَيَّاطِ فَلَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْخَيْطَ كَالصِّبْغِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِالْأَجْرِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ لِتَسْلِيمِهِ حُكْمًا) لِكَوْنِ الْبَيْتِ فِي يَدِهِ وَهُوَ كَالتَّسْلِيمِ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يَمْلِكُ الْحَبْسَ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ حَبَسَ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَجْرُ حَالًّا. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ التَّعَدِّي) فَبَقِيَ أَمَانَةً كَمَا كَانَ، وَهَذَا عِلَّةٌ لِعَدَمِ الضَّمَانِ، وَعِلَّةُ عَدَمِ الْأَجْرِ هَلَاكُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ

(قَوْلُهُ وَمَنْ لَا أَثَرَ لِعَمَلِهِ) إلَّا رَادَّ الْآبِقِ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ كَالْحَمَّالِ) ضَبْطُهُ بِالْحَاءِ أَوْلَى مِنْ الْجِيمِ لِيَشْتَمِلَ الْحَمْلَ عَلَى الظَّهْرِ كَمَا ذَكَرَهُ الأتقاني وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ وَالْمَلَّاحُ) بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ صَاحِبُ السَّفِينَةِ (قَوْلُهُ لَا لِتَحْسِينِهِ) وَإِلَّا كَانَ مِمَّنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَيَاضَ كَانَ مُسْتَتِرًا وَقَدْ أَظْهَرهُ فَكَأَنَّهُ أَحْدَثَهُ فَلَهُ الْحَبْسُ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ فِي بَابِهِ) وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ مِثْلِيًّا وَجَبَ مِثْلُهُ، وَإِنْ انْقَطَعَ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ أَوْ الْغَصْبِ أَوْ الِانْقِطَاعِ عَلَى خِلَافٍ يَأْتِي وَلَوْ قِيَمِيًّا فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ إجْمَاعًا. (قَوْلُهُ أَيْ بَدَلَهَا) تَعْمِيمٌ لِيَشْمَلَ الْمِثْلِيَّاتِ ح. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ اعْمَلْ بِنَفْسِكَ أَوْ بِيَدِكَ) هَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُتُونِ وَعَلَيْهِ الشُّرُوحُ، فَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ زِيَادَةِ قَوْلِهِ وَلَا تَعْمَلْ بِيَدِ غَيْرِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِزِيَادَةِ التَّأْكِيدِ لَا قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ لِيَكُونَ بِدُونِهِ مِنْ الْإِطْلَاقِ تَأَمَّلْ.

1 -

(قَوْلُهُ لَا يَسْتَعْمِلُ غَيْرَهُ) وَلَوْ غُلَامَهُ أَوْ أَجِيرَهُ قُهُسْتَانِيٌّ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْعَمَلَ مِنْ مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ كَمَا إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةَ، بِأَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءٌ لِلْمَنْفَعَةِ بِلَا عَقْدٍ زَيْلَعِيٌّ.

قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَفِيهِ تَأَمُّلٌ،؛ لِأَنَّهُ إنْ خَالَفَهُ إلَى خَيْرٍ بِأَنْ اسْتَعْمَلَ مَنْ هُوَ أَصْنَعُ مِنْهُ أَوْ سُلِّمَ دَابَّةً أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ اهـ وَأَجَابَ السَّائِحَانِيُّ بِأَنَّ مَا يَخْتَلِفُ بِالْمُسْتَعْمَلِ فَإِنَّ التَّقْيِيدَ فِيهِ مُفِيدٌ وَمَا ذُكِرَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ دَفَعَ إلَى غُلَامِهِ أَوْ تِلْمِيذِهِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ اهـ.

وَظَاهِرُ هَذَا مَعَ التَّعْلِيلِ الْمَارِّ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الِاسْتِعْمَالِ حُرْمَةَ الدَّفْعِ مَعَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَاسْتِحْقَاقِ الْمُسَمَّى أَوْ مَعَ فَسَادِهَا وَاسْتِحْقَاقِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلثَّانِي عَلَى رَبِّ الْمَتَاعِ شَيْءٌ لِعَدَمِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا أَصْلًا وَهَلْ لَهُ عَلَى الدَّافِعِ أَجْرُ الْمِثْلِ؟ مَحَلُّ تَرَدُّدٍ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ بِشَرْطٍ وَغَيْرِهِ) لَكِنْ سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَنَّهَا لَوْ دَفَعَتْهُ إلَى خَادِمَتِهَا أَوْ اسْتَأْجَرَتْ مَنْ أَرْضَعَتْهُ لَهَا الْأَجْرُ إلَّا إذَا شَرَطَ إرْضَاعَهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَأَنَّ وَجْهَ مَا هُنَا أَنَّ الْإِنْسَانَ عُرْضَةٌ لِلْعَوَارِضِ فَرُبَّمَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهَا إرْضَاعُ الصَّبِيِّ فَيَتَضَرَّرُ فَكَانَ الشَّرْطُ لَغْوًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِيَدِهِ وَقَالَ خِطْ هَذَا الثَّوْبَ لِي أَوْ اُصْبُغْهُ بِدِرْهَمٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ بِالْإِطْلَاقِ رَضِيَ بِوُجُودِ عَمَلِ غَيْرِهِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَمِنْهُ مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ أَفَادَ بِالِاسْتِئْجَارِ) أَيْ بِقَوْلِهِ يَسْتَأْجِرُ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ أَجِيرٍ ح (قَوْلُهُ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ) أَيْ إذَا سَرَقَ بِلَا خِلَافٍ قُهُسْتَانِيٌّ

ص: 18

لَا الثَّانِيَ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ، وَقَيَّدَ بِشَرْطِ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَطَهُ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا فَلَمْ يَفْعَلْ وَطَالَبَهُ مِرَارًا فَفَرَّطَ حَتَّى سُرِقَ لَا يَضْمَنُ.

وَأَجَابَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ بِالضَّمَانِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (وَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ إطْلَاقٌ) لَا تَقْيِيدٌ مُسْتَصْفًى، فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ غَيْرَهُ.

(اسْتَأْجَرَهُ لِيَأْتِيَ بِعِيَالِهِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ فَجَاءَ بِمَنْ بَقِيَ فَلَهُ أَجْرُهُ بِحِسَابِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَى بَعْضَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ (لَوْ كَانُوا) أَيْ عِيَالُهُ (مَعْلُومِينَ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ لِيَكُونَ الْأَجْرُ مُقَابَلًا بِجُمْلَتِهِمْ (وَإِلَّا) يَكُونُوا مَعْلُومِينَ (فَكُلُّهُ) أَيْ لَهُ كُلُّ الْأَجْرِ.

وَنَقَلَ ابْنُ الْكَمَالِ: إنْ كَانَتْ الْمُؤْنَةُ تَقِلُّ بِنُقْصَانِ عَدَدِهِمْ فَبِحِسَابِهِ وَإِلَّا فَكُلُّهُ.

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ لَا الثَّانِي) هَذَا عِنْدَهُ: وَعِنْدَهُمَا لَهُ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ خُلَاصَةٌ. (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ بِشَرْطِ الْعَمَلِ) الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ وَاقْتَصَرَ عَلَى شَرْطِ الْعَمَلِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَفَرَّطَ) أَيْ تَمَاهَلَ وَلَمْ يَعْمَلْ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي حِفْظِهِ. (قَوْلُهُ لَا يَضْمَنُ) كَأَنَّهُ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ مَثَلًا يَذْكُرْ لِلِاسْتِعْجَالِ ط (قَوْلُهُ وَأَجَابَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ) ظَاهِرُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ لِانْفِرَادِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ بِهَذَا الْجَوَابِ ط.

قُلْتُ: فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَاسْتَفْتَيْتُ أَئِمَّةَ بُخَارَى عَنْ قَصَّارٍ شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْرَغَ الْيَوْمَ مِنْ الْعَمَلِ فَلَمْ يَفْرَغْ وَتَلِفَ فِي الْغَدِ.

أَجَابُوا يَضْمَنُ، وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ.

ثُمَّ نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الدِّينَوَرِيِّ: وَلَوْ اخْتَلَفَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ الْقَصَّارُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الشَّرْطَ وَالضَّمَانَ وَالْآخَرُ يَدَّعِيهِ، ثُمَّ لَوْ شَرَطَ وَقَصَّرَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الْأَجْرُ إذَا لَمْ يَبْقَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ ضَمَانِهِ لَوْ هَلَكَ وَصَارَ كَمَا لَوْ جَحَدَ الثَّوْبَ ثُمَّ جَاءَ بِهِ مَقْصُورًا بَعْدَ جُحُودِهِ اهـ. (قَوْلُهُ إطْلَاقٌ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْإِطْلَاقِ ح

(قَوْلُهُ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) فَلَوْ مَاتُوا جَمِيعًا لَا أَجْرَ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَجِيءُ بِهِمْ وَلَمْ يُوجَدْ رَمْلِيٌّ. (قَوْلُهُ فَلَهُ أَجْرُهُ بِحِسَابِهِ) أَيْ أَجْرُ الْمَجِيءِ وَأَمَّا أَجْرُ الذَّهَابِ فَبِكَمَالِهِ مَقْدِسِيٌّ عَنْ الْكِفَايَةِ سَائِحَانِيٌّ.

قُلْتُ: وَقَالَ فِي الْمِعْرَاجِ بَعْدَ نَقْلِهِ عِبَارَةَ الْهِدَايَةِ: وَهِيَ اسْتَأْجَرَهُ لِيَذْهَبَ إلَى الْبَصْرَةِ فَيَأْتِي بِعِيَالِهِ إلَخْ هَذَا اخْتِيَارُ الْهِنْدُوَانِيُّ.

وَعَنْ الْفَضْلِيِّ: اُسْتُؤْجِرَ فِي الْمِصْرِ لِيَحْمِلَ الْحِنْطَةَ مِنْ الْقَرْيَةِ فَذَهَبَ فَلَمْ يَجِدْ الْحِنْطَةَ فَعَادَ، إنْ كَانَ قَالَ اسْتَأْجَرْتُكَ حَتَّى تَحْمِلَ مِنْ الْقَرْيَةِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ الْعَقْدَ عَلَى شَيْئَيْنِ: الذَّهَابِ إلَى الْقَرْيَةِ، وَالْحَمْلِ مِنْهَا.

وَفِي الثَّانِي شَرَطَ الْحَمْلَ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَجَامِعِ التُّمُرْتَاشِيِّ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي التَّبْيِينِ عَنْ النِّهَايَةِ، وَظَاهِرُ الْمُتُونِ اخْتِيَارُ قَوْلِ الْهِنْدُوَانِيُّ، وَلْيُنْظَرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ عَلَى عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ، فَإِنَّ فِيهَا الِاسْتِئْجَارَ عَلَى شَيْئَيْنِ نَعَمْ هُوَ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَالْكَنْزِ ظَاهِرٌ؛ وَلَعَلَّ التَّصْرِيحَ بِالذَّهَابِ غَيْرُ قَيْدٍ فَيَظْهَرُ الْفَرْقُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة: اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ لَهُ كَذَا مِنْ الْمَطْمُورَةِ فَذَهَبَ فَلَمْ يَجِدْ الْمَطْمُورَةَ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَجْرِ اهـ.

وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَاتَ كُلُّ الْعِيَالِ وَجَبَ أَجْرُ الذَّهَابِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الرَّمْلِيِّ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ) أَوْ ذَكَرَ عَدَدَهُمْ الْأَجِيرُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. (قَوْلُهُ أَيْ لَهُ كُلُّ الْأَجْرِ) فِي الْقُهُسْتَانِيِّ: فَإِنْ جَهِلُوا فَسَدَتْ وَلَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ اهـ.

وَإِنْ حَمَلَ الْكُلَّ هُنَا عَلَى كُلِّ أَجْرِ الْمِثْلِ زَالَ التَّنَافِي ط. (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الْمُؤْنَةُ تَقِلُّ إِلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَلَهُ أَجْرُهُ بِحِسَابِهِ، وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ الْإِمَامِ الْهِنْدُوَانِيُّ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكُلُّهُ) كَمَا لَوْ كَانَ الْفَائِتُ صَغِيرًا أَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي اسْتِئْجَارِ السَّفِينَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ فِيهَا بِنُقْصَانِ عَدَدٍ وَلَوْ مِنْ الْكِبَارِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى أَنْ يَحْمِلَهُمْ فَلَوْ عَلَى مُصَاحَبَتِهِمْ وَالْحَمْلُ عَلَى الْمُرْسِلِ أَوْ كَانَ الْمَحَلُّ قَرِيبًا وَهُمْ مُشَاةٌ أَوْ بَعِيدًا وَلَهُمْ قُدْرَةٌ عَلَى الْمَشْيِ يَلْزَمُهُ الْكُلُّ؛ لِأَنَّ مُصَاحَبَةَ جَمَاعَةٍ لَا تَنْقُصُ بِنَقْصِ فَرْدٍ أَوْ فَرْدَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونُوا أَرِقَّاءَ فَحِفْظُ الْبَعْضِ

ص: 19

(اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِإِيصَالٍ قِطٍّ) أَيْ كِتَابٍ (أَوْ زَادٍ إلَى زَيْدٍ، إنْ رَدَّهُ) أَيْ الْمَكْتُوبَ أَوْ الزَّادَ (لِمَوْتِهِ) أَيْ زَيْدٍ (أَوْ غَيْبَتِهِ لَا شَيْءَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ نَقَضَهُ بِعَوْدِهِ كَالْخَيَّاطِ إذَا خَاطَ ثُمَّ فَتَقَ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ: اسْتَأْجَرَهُ لِيَذْهَبَ لِمَوْضِعِ كَذَا وَيَدْعُوَ فُلَانًا بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَذَهَبَ لِلْمَوْضِعِ فَلَمْ يَجِدْ فُلَانًا وَجَبَ الْأَجْرُ (فَإِذَا دَفَعَ الْقِطَّ إلَى وَرَثَتِهِ) فِي صُورَةِ الْمَوْتِ (أَوْ مَنْ يُسَلَّمُ إلَيْهِ إذَا حَضَرَ) فِي صُورَةِ غَيْبَتِهِ (وَجَبَ الْأَجْرُ بِالذَّهَابِ) وَهُوَ نِصْفُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى كَذَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَكِنْ تَعَقَّبَهُ الْمُحَشُّونَ وَعَدَلُوا عَلَى لُزُومِ كُلِّ الْأَجْرِ، لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ النِّهَايَةِ أَنَّهُ إنْ شَرَطَ الْمَجِيءَ بِالْجَوَابِ فَنِصْفُهُ وَإِلَّا فَكُلُّهُ فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ (وَإِنْ وَجَدَهُ وَلَمْ يُوَصِّلْهُ إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ) لِانْتِفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِيصَالُ وَاخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ مَزَّقَهُ.

(مُتَوَلِّي أَرْضِ الْوَقْفِ آجَرَهَا

ــ

[رد المحتار]

مِنْهُمْ أَخَفُّ مِنْ حِفْظِ الْكُلِّ حَمَوِيٌّ بَحْثًا ط

(قَوْلُهُ لِإِيصَالِ قِطٍّ) بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْمُرَادُ لِإِيصَالِ شَيْءٍ مِمَّا لَيْسَ لَهُ مُؤْنَةٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ زَادَ أَيْ مِمَّا لَهُ مُؤْنَةٌ. (قَوْلُهُ لَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ مِنْ أُجْرَةِ الذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ لِلزَّادِ بِلَا خِلَافٍ وَلِلْكِتَابِ عِنْدَهُمَا.

وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَأُجْرَةُ الذَّهَابِ وَاجِبَةٌ سَوَاءٌ شَرَطَ الْمَجِيءَ بِالْجَوَابِ أَمْ لَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا، فَمِنْ الظَّنِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْمَجِيءِ بِالْجَوَابِ حَتَّى يَتَأَتَّى خِلَافُ مُحَمَّدٍ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ تَمَامُ الْأُجْرَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ قُهُسْتَانِيٌّ أَقُولُ: نَعَمْ، وَلَكِنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ كَمَا وَقَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ لَازِمٌ بِالنَّظَرِ لِلْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ عَنْ الدُّرَرِ كَمَا سَيَظْهَرُ، وَمَبْنَى الْخِلَافِ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَشَيْخَيْهِ أَنَّ الْأَجْرَ مُقَابَلٌ عِنْدَهُ بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ دُونَ حَمْلِ الْكِتَابِ، بِخِلَافِ حَمْلِ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ مُقَابَلٌ فِيهِ بِالْحَمْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُؤْنَةِ دُونَ قَطْعِ الْمَسَافَةِ، وَعِنْدَهُمَا مُقَابَلٌ بِالنَّقْلِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى الْمَقْصُودِ وَهُوَ وَضْعُ الطَّعَامِ هُنَاكَ وَعِلْمُ مَا فِي الْكِتَابِ، فَإِذَا رَدَّهُ فَقَدْ نَقَصَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَيَدْعُو فُلَانًا) صَوَّرَهَا قَاضِي خَانْ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ إيصَالِ الْكِتَابِ بِأَنَّ الرِّسَالَةَ قَدْ تَكُونُ سِرًّا لَا يَرْضَى الْمُرْسِلُ بِأَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ؛ أَمَّا الْكِتَابُ فَمَخْتُومٌ، فَلَوْ تَرَكَهُ مَخْتُومًا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ اهـ.

وَجَزَمَ الْحَلْوَانِيُّ بِأَنَّ الْكِتَابَ وَالرِّسَالَةَ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ وَجَعَلَ الشَّارِحُ دُعَاءَهُ كَالرِّسَالَةِ ط.

قُلْتُ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِهَا تَأَمَّلْ.

وَقَدْ ذَكَرَ الشُّرَّاحُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يُبَلِّغْهُ الرِّسَالَةَ وَرَجَعَ لَهُ الْأَجْرُ بِالْإِجْمَاعِ أَيْضًا.

وَوَجْهُهُ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ الْأَجْرَ بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي وُسْعِهِ وَأَمَّا الْإِسْمَاعُ فَلَيْسَ فِي وُسْعِهِ فَلَا يُقَابِلُهُ الْأَجْرُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَجَبَ الْأَجْرُ بِالذَّهَابِ) أَيْ إجْمَاعًا كَمَا ذَكَرَهُ الأتقاني وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ نِصْفُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى) اعْتَرَضَهُ فِي الْعَزْمِيَّةِ بِأَنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ، فَإِنَّ كَوْنَ أَجْرِ الذَّهَابِ وَأَجْرِ الْإِتْيَانِ سَوَاءً عَلَى سَبِيلِ الْمُنَاصَفَةِ مِمَّا لَا يَكَادُ يَتَّفِقُ، وَلَمْ نَجِدْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَلَكِنْ تَعَقَّبَهُ الْمُحَشُّونَ إلَخْ) كَالْوَانِيِّ وَالشُّرُنْبُلالي.

قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ لَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا، إذْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْإِيصَالُ لَا غَيْرُ وَقَدْ وُجِدَ، فَمَا وَجْهُ التَّنْصِيفِ؟ عَلَى أَنَّ الْمَتْنَ صَادِقٌ بِوُجُوبِ تَمَامِ الْأَجْرِ، وَالْمَسْأَلَةُ فَرَضَهَا صَاحِبُ الْمَوَاهِبِ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْإِيصَالِ وَرَدِّ الْجَوَابِ مَعًا اهـ. (قَوْلُهُ عَنْ النِّهَايَةِ) وَصَرَّحَ بِهِ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ) لَكِنَّ هَذَا لَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ عَلَى صَاحِبِ الدُّرَرِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ بِرَدِّ الْجَوَابِ أَوَّلًا وَقَيَّدَ بِنِصْفِ الْأَجْرِ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ مَزَّقَهُ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَهُ الْأَجْرُ فِي قَوْلِهِمْ إذْ لَمْ يَنْقُضْ عَمَلَهُ.

وَقِيلَ إذَا مَزَّقَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الْأَجْرُ،؛ لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَهُ ثَمَّةَ يَنْتَفِعُ

ص: 20

بِغَيْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ يَلْزَمُ مُسْتَأْجِرَهَا) أَيْ مُسْتَأْجِرَ أَرْضِ الْوَقْفِ لَا الْمُتَوَلِّيَ كَمَا غَلِطَ فِيهِ بَعْضُهُمْ (تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ) عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا حُكْمُ وَصِيٍّ وَأَبٍ كَمَا فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى (يُفْتَى بِالضَّمَانِ فِي غَصْبِ عَقَارِ الْوَقْفِ وَغَصْبِ مَنَافِعِهِ، وَكَذَا يُفْتَى بِكُلِّ مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ) فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ حَتَّى نَقَضُوا الْإِجَارَةَ عِنْدَ الزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ نَظَرًا لِلْوَقْفِ وَصِيَانَةً لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى حَاوِي الْقُدْسِيِّ.

(مَاتَ الْآجِرُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ) حَتَّى فُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ (فَالْمُسْتَأْجِرُ) لَوْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ وَلَوْ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ أَشْبَاهٌ (أَحَقُّ بِالْمُسْتَأْجَرِ مِنْ غُرَمَائِهِ) حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأُجْرَةَ الْمُعَجَّلَةَ (إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ) أَيْ بِهَلَاكِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَهْنٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (بِخِلَافِ الرَّهْنِ) فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي بَابِهِ مَجْمَعُ الْفَتَاوَى.

[فُرُوعٌ] الزِّيَادَةُ فِي الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ تَصِحُّ فِي الْمُدَّةِ

ــ

[رد المحتار]

بِهِ وَارِثُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَيَحْصُلُ الْغَرَضُ بِخِلَافِ التَّمْزِيقِ اهـ، وَمُقْتَضَى النَّظَرِ أَنَّهُ إنْ مَزَّقَهُ بَعْدَ إيصَالِهِ فَلَهُ أَجْرُ الذَّهَابِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ فَيُحَرَّرُ ط.

قُلْتُ: وَقَوْلُ الْخَانِيَّةِ لَهُ الْأَجْرُ أَيْ أَجْرُ الذَّهَابِ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَهَذَا إنْ شَرَطَ الْمَجِيءَ بِالْجَوَابِ، وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ مَزَّقَهُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَوْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْجَوَابَ، وَكَانَ شَرَطَ الْمَجِيءَ بِالْجَوَابِ هَلْ لَهُ نِصْفُ الْأَجْرِ أَمْ كُلُّهُ؟ ؛ لِأَنَّ إخْبَارَهُ بِمَا صَنَعَ جَوَابٌ مَعْنًى فَلْيُحَرَّرْ

(قَوْلُهُ بِغَيْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ) الْأَوْلَى بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْغَيْرَ صَادِقٌ بِالْأَكْثَرِ وَإِنْ كَانَ الْمَقَامُ يُعَيِّنُ الْمُرَادَ ط. (قَوْلُهُ كَمَا غَلِطَ فِيهِ بَعْضُهُمْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ وَقَعَتْ عِبَارَةٌ فِي الْخُلَاصَةِ أَوْهَمَتْ أَنَّ النَّاظِرَ يَضْمَنُ تَمَامَ أَجْرِ الْمِثْلِ فَقَالَ: مُتَوَلِّي الْوَقْفِ آجَرَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ يَلْزَمُهُ تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ اهـ، وَقَدْ رَدَّهُ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوَاهُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي تَلْخِيصِ الْفَتَاوَى الْكُبْرَى: يَلْزَمُ مُسْتَأْجِرَهَا إتْمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ بَعْضِ عُلَمَائِنَا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ: لَوْ يُسَلِّمُهَا الْمُسْتَأْجِرَ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْمَشَايِخِ اهـ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ وَكَذَا حُكْمُ وَصِيٍّ وَأَبٍ) أَيْ إذَا آجَرَا عَقَارَ الصَّغِيرِ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَتَسَلَّمَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَمَامُ الْأَجْرِ

1 -

ط. (قَوْلُهُ فِي غَصْبِ عَقَارِ الْوَقْفِ) قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: الْفَتْوَى فِي غَصْبِ الْعَقَارِ وَالْمَوْقُوفِ بِالضَّمَانِ نَظَرًا لِلْوَقْفِ، مَتَى قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ تُؤْخَذُ مِنْهُ فَيُشْتَرَى بِهَا ضَيْعَةٌ أُخْرَى تَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَذْهَانِ ط. (قَوْلُهُ وَغَصْبِ مَنَافِعِهِ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: شَرَى دَارًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ لِلصَّغِيرِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ صِيَانَةً لِمَالِهِمَا اهـ.

وَمُقَابِلُ الْمُفْتَى بِهِ مَا صَحَّحَهُ فِي الْعُمْدَةِ أَنَّهُ لَا تُضْمَنُ مَنَافِعُهُ وَتَبِعَهُ فِي الْقُنْيَةِ ط مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ عِنْدَ الزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ) أَيْ زِيَادَةِ أَجْرِ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ تَعَنُّتٍ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا ط (قَوْلُهُ وَصِيَانَةً لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ حَبْسُ الْعَيْنِ وَالتَّصَدُّقُ بِمَنْفَعَتِهِ لِوَجْهِهِ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ حَتَّى فُسِخَ الْعَقْدُ) أَيْ بِسَبَبِ الْمَوْتِ.

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَتَى بَدَلَ حَتَّى، وَلَوْ قَالَ فَانْفَسَخَ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ لَوْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ) أَيْ لَوْ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ مَقْبُوضَةً فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ.

قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: اسْتَأْجَرَ بَيْتًا إجَارَةً فَاسِدَةً وَعَجَّلَ الْأُجْرَةَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَيْتَ حَتَّى مَاتَ الْمُؤَجِّرُ أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَأَرَادَ حَبْسَ الْبَيْتِ لِأَجْرٍ عَجَّلَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْجَائِزَةِ فَفِي الْفَاسِدَةِ أَوْلَى، وَلَوْ مَقْبُوضًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فَلَهُ الْحَبْسُ بِأَجْرٍ عَجَّلَهُ، وَهُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ لَوْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ اهـ.

يَعْنِي إذَا مَاتَ الْمُؤَجِّرُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ فَبِيعَتْ الدَّارُ فَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ بِالثَّمَنِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ قَدْرَ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ، وَإِنْ زَادَ فَالزَّائِدُ لِلْغُرَمَاءِ أَبُو السُّعُودِ عَلَى الْأَشْبَاهِ. (قَوْلُهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ) تَرْكِيبٌ فَاسِدٌ، وَصَوَابُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ فَتَكُونُ مِنْ بَيَانِيَّةً لَا تَفْصِيلِيَّةً ح أَيْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْمَضْمُونَ شَيْءٌ هُوَ أَقَلُّ مِنْهُمَا وَهُوَ غَيْرُهُمَا مَعَ أَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَهُوَ الْأَقَلُّ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ تَصِحُّ) أَيْ

ص: 21

وَبَعْدَهَا. وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ فِي الْمِلْكِ وَلَوْ لِيَتِيمٍ لَمْ تُقْبَلْ كَمَا لَوْ رُخِّصَتْ، وَإِنْ فِي الْوَقْفِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ آجَرَهَا النَّاظِرُ بِلَا عَرْضٍ عَلَى الْأَوَّلِ لَكِنَّ الْأَصْلَ صِحَّتُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ، وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، فَإِنْ أَخْبَرَ الْقَاضِيَ ذُو خِبْرَةٍ أَنَّهَا كَذَلِكَ فَسَخَهَا وَتُقْبَلُ الزِّيَادَةُ وَإِنْ شَهِدُوا وَقْتَ الْعَقْدِ أَنَّهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَإِنْ

ــ

[رد المحتار]

إنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَهُ فَلَوْ مِنْ جِنْسِهِ فَلَا بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ مِنْ جَانِبِ الْمُؤَجِّرِ فَتَجُوزُ مُطْلَقًا ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ وَبَعْدَهَا) صَوَابُهُ لَا بَعْدَهَا كَمَا هُوَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالْمِنَحِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْعَقْدِ قَدْ فَاتَ وَالْمُرَادُ بَعْدَ مُضِيِّ كُلِّهَا.

أَمَّا مُضِيِّ بَعْضِهَا، فَقَالَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرَيْنِ أَوْ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَرْسَخَيْنِ فَلَمَّا سَكَنَ فِيهَا شَهْرًا أَوْ سَافَرَ فَرْسَخًا زَادَ فِي الْأُجْرَةِ فَالْقِيَاسُ أَنْ تُعْتَبَرَ الزِّيَادَةُ لِمَا بَقِيَ.

وَمُحَمَّدٌ اسْتَحْسَنَ وَجَعَلَهَا مُوَزَّعَةً لِمَا مَضَى وَلِمَا بَقِيَ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْبِيرِيِّ

1 -

(قَوْلُهُ وَلَوْ لِيَتِيمٍ) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ: وَهُوَ شَامِلٌ لِمَالِ الْيَتِيمِ بِعُمُومِهِ.

قَالَ الْحَمَوِيُّ: سَوَّى فِي الْإِسْعَافِ بَيْنَ الْوَقْفِ وَأَرْضِ الْيَتِيمِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ أَجَّرَ مُشْرِفٌ حُرٌّ الْوَقْفَ أَوْ وَصِيُّ الْيَتِيمِ مَنْزِلًا بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ.

قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا.

وَذَكَرَ الْخَصَّافُ: لَا يَكُونُ غَاصِبًا وَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَصَرَّحَ فِي الْجَوْهَرَةِ بِأَنَّ أَرْضَ الْيَتِيمِ كَالْوَقْفِ اهـ.

أَقُولُ: وَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ قَبْلَ أَسْطُرٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَا نَحْنُ فِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى النَّبِيهِ فَافْهَمْ، فَإِنَّ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ فِيمَا لَوْ آجَرَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَكَلَامُنَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَالْفَرْقُ مِثْلُ الصُّبْحِ. (قَوْلُهُ لَمْ تُقْبَلْ) قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مُطْلَقًا اهـ، أَيْ قَبْلَ الْمُدَّةِ وَبَعْدَهَا. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ رُخِّصَتْ) أَيْ الْأُجْرَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ رَضِيَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ إلَخْ) سَيَأْتِي آخِرَ السِّوَادَةِ، لَوْ آجَرَهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ تَكُونُ فَاسِدَةً فَيُؤَجِّرُهَا صَحِيحَةً مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَسَادُ بِسَبَبِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ لَا يَلْزَمُ عَرْضُهَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَفِي الْعِمَادِيَّةِ خِلَافُهُ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ أَنَّ الَّذِي فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ هُوَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَصْلَ صِحَّتُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ) كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ.

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ إلَخْ، وَمَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْوَقْفِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ إلَخْ كَلَامٌ مُجْمَلٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ فَسَادُهَا بِسَبَبِ كَوْنِ الْأُجْرَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ، فَإِذَا ادَّعَى فَسَادَهَا بِذَلِكَ آجَرَهَا النَّاظِرُ بِلَا عَرْضٍ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ، فَاسْتُدْرِكَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَقَامَ يَحْتَاجُ إلَى التَّفْصِيلِ، وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ صِحَّتُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَمُجَرَّدُ دَعْوَى الزِّيَادَةِ لَا يُقْبَلُ، بَلْ إنْ أَخْبَرَ الْقَاضِيَ وَاحِدٌ بِذَلِكَ يُقْبَلُ إلَى آخِرِ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ.

وَقَدْ اضْطَرَبَتْ آرَاءُ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهِمْ فِي تَقْرِيرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْتُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ: قَرَّرَ كَلَامَهُ كَذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَاءِ التَّفْرِيعِيَّةِ بَدَلَ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ ادَّعَى. (قَوْلُهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ) هُوَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ فِي التَّفْسِيرِ الْمُخْتَارِ، وَتَمَامُهُ فِي رِسَالَةِ الْعَلَّامَةِ قنلي زَادَهْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخْبَرَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ قَوْلَ ذَلِكَ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِإِرَادَةِ اسْتِئْجَارِهَا لَوْ أَجْنَبِيًّا أَوْ بِاسْتِخْلَاصِهَا وَإِيجَارِهَا لِغَيْرِ الْأَوَّلِ لَوْ هُوَ الْعَاقِدَ، وَمَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ ذُو خِبْرَةٍ) أَفَادَ أَنَّ الْوَاحِدَ يَكْفِي، وَهَذَا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ أَشْبَاهٌ. (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدُوا إلَخْ) وُصِلَ بِمَا قَبْلَهُ وَسَيَأْتِي عَنْ الْحَانُوتِيِّ آخِرَ السِّوَادَةِ مَا يُخَالِفُهُ، إلَّا أَنْ يُرَادَ الشَّهَادَةُ بِدُونِ اتِّصَالِ الْقَضَاءِ مِمَّنْ يَرَى ذَلِكَ وَيَأْتِي تَمَامُ بَيَانِهِ هُنَاكَ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ ذُو خِبْرَةٍ أَنَّهَا وَقَعَتْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهَذَا فِي الْمَعْنَى مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ صَحِيحَةٌ، فَقَدْ اسْتَوْفَى الْكَلَامَ عَلَى الْقِسْمَيْنِ

ص: 22