الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُجْبَرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى دَفْعِ مَا قَبِلَ) فَيَجِبُ الْمُسَمَّى بِعَقْدٍ وَأَجْرُ الْمِثْلِ إذَا لَمْ تُذْكَرْ مُدَّةٌ شَرْحٌ وَهْبَانِيَّةٌ مِنْ الشَّرِكَةِ (وَيُحْبَسُ بِهِ) بِهِ يُفْتَى (وَيُجْبَرُ عَلَى) دَفْعِ (الْحَلْوَةِ الْمَرْسُومَةِ) هِيَ مَا يُهْدَى لِلْمُعَلِّمِ عَلَى رُءُوسِ بَعْضِ سُوَرِ الْقُرْآنِ، سُمِّيَتْ بِهَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ إهْدَاءُ الْحَلَاوَى.
[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْمَعَاصِي]
(وَلَوْ)(دَفَعَ غَزْلًا لِآخَرَ لِيَنْسِجَهُ لَهُ بِنِصْفِهِ) أَيْ بِنِصْفِ الْغَزْلِ (أَوْ اسْتَأْجَرَ بَغْلًا لِيَحْمِلَ طَعَامَهُ بِبَعْضِهِ أَوْ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ بُرَّهُ
ــ
[رد المحتار]
الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ، فَهَذَا مَجْمُوعُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا وَهُمْ الْبَلْخِيُّونَ عَلَى خِلَافٍ فِي بَعْضِهِ مُخَالِفِينَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَصَاحِبَاهُ، وَقَدْ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ جَمِيعًا فِي الشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى عَلَى التَّعْلِيلِ بِالضَّرُورَةِ وَهِيَ خَشْيَةُ ضَيَاعِ الْقُرْآنِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَقَدْ نَقَلْتُ لَكَ مَا فِي مَشَاهِيرِ مُتُونِ الْمَذْهَبِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْفَتْوَى فَلَا حَاجَةَ إلَى نَقْلِ مَا فِي الشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى، وَقَدْ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ جَمِيعًا عَلَى التَّصْرِيحِ بِأَصْلِ الْمَذْهَبِ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ، ثُمَّ اسْتَثْنَوْا بَعْدَهُ مَا عَلِمْتَهُ، فَهَذَا دَلِيلٌ قَاطِعٌ وَبُرْهَانٌ سَاطِعٌ عَلَى أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ لَيْسَ هُوَ جَوَازُ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى كُلِّ طَاعَةٍ بَلْ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فَقَطْ مِمَّا فِيهِ ضَرُورَةٌ ظَاهِرَةٌ تُبِيحُ الْخُرُوجَ عَنْ أَصْلِ الْمَذْهَبِ مِنْ طُرُوُّ الْمَنْعِ، فَإِنَّ مَفَاهِيمَ الْكُتُبِ حُجَّةٌ وَلَوْ مَفْهُومَ لَقَبٍ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْأُصُولِيُّونَ بَلْ هُوَ مَنْطُوقٌ، فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ أَدَوَاتِ الْعُمُومِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ أَيْضًا.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحَجَّ عَنْ الْغَيْرِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ لَا الِاسْتِئْجَارِ، وَلِهَذَا لَوْ فَضَلَ مَعَ النَّائِبِ شَيْءٌ مِنْ النَّفَقَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِلْأَصِيلِ أَوْ وَرَثَتِهِ، وَلَوْ كَانَ أُجْرَةً لَمَا وَجَبَ رَدُّهُ، فَظَهَرَ لَكَ بِهَذَا عَدَمُ صِحَّةِ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مُدَّةً مَعْلُومَةً.
قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ اهـ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ الْخِلَافَ فِيهِ كَمَا عَلِمْتَ لَا فِي الْقِرَاءَةِ الْمُجَرَّدَةِ فَإِنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِيهَا، فَإِنْ كَانَ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ سَبْقَ قَلَمٍ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَ عَنْ عَمْدٍ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ قَاطِبَةً فَلَا يُقْبَلُ.
وَقَدْ أَطْنَبَ فِي رَدِّهِ صَاحِبُ تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ مُسْتَنِدًا إلَى النُّقُولِ الصَّرِيحَةِ، فَمِنْ جُمْلَةِ كَلَامِهِ قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: إنَّ الْقُرْآنَ بِالْأُجْرَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ لَا لِلْمَيِّتِ وَلَا لِلْقَارِئِ. وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: وَيُمْنَعُ الْقَارِئُ لِلدُّنْيَا، وَالْآخِذُ وَالْمُعْطِي آثِمَانِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا شَاعَ فِي زَمَانِنَا مِنْ قِرَاءَةِ الْأَجْزَاءِ بِالْأُجْرَةِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْأَمْرَ بِالْقِرَاءَةِ وَإِعْطَاءَ الثَّوَابِ لِلْآمِرِ وَالْقِرَاءَةَ لِأَجْلِ الْمَالِ؛ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَارِئِ ثَوَابٌ لِعَدَمِ النِّيَّةِ الصَّحِيحَةِ فَأَيْنَ يَصِلُ الثَّوَابُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْلَا الْأُجْرَةُ مَا قَرَأَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ فِي هَذَا الزَّمَانِ بَلْ جَعَلُوا الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ مَكْسَبًا وَوَسِيلَةً إلَى جَمْعِ الدُّنْيَا - إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ - اهـ.
وَقَدْ اغْتَرَّ بِمَا فِي الْجَوْهَرَةِ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا حَيْثُ يُشْعِرُ كَلَامُهَا بِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى كُلِّ الطَّاعَاتِ وَمِنْهَا الْقِرَاءَةُ.
وَقَدْ رَدَّهُ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ حَيْثُ قَالَ: أَقُولُ الْمُفْتَى بِهِ جَوَازُ الْأَخْذِ اسْتِحْسَانًا عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لَا عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمُجَرَّدَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التتارخانية حَيْثُ قَالَ: لَا مَعْنَى لِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَلِصِلَةِ الْقَارِئِ بِقِرَاءَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأُجْرَةِ وَالْإِجَارَةُ فِي ذَلِكَ بَاطِلَةٌ وَهِيَ بِدْعَةٌ وَلَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنْ الْخُلَفَاءِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَسْأَلَةَ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ عَلَى اسْتِحْسَانٍ اهـ يَعْنِي الضَّرُورَةَ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ.
وَفِي الزَّيْلَعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ: لَوْ لَمْ يُفْتَحْ لَهُمْ بَابُ التَّعْلِيمِ بِالْأَجْرِ لَذَهَبَ الْقُرْآنُ فَأَفْتَوْا بِجَوَازِهِ وَرَأَوْهُ حَسَنًا فَتَنَبَّهْ اهـ كَلَامُ الرَّمْلِيِّ.
وَمَا فِي التتارخانية فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: لَوْ أَوْصَى لِقَارِئٍ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ بِكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ دُونَ الْأَجْرِ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ صَاحِبُ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْمُحِيطِ وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَفِيهِ رَدٌّ أَيْضًا عَلَى صَاحِبِ
بِبَعْضِ دَقِيقِهِ) فَسَدَتْ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِجُزْءٍ مِنْ عَمَلِهِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ نَهْيُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ.
وَالْحِيلَةُ أَنْ يَفْرِزَ الْأَجْرَ أَوَّلًا أَوْ يُسَمِّيَ قَفِيزًا بِلَا تَعْيِينٍ ثُمَّ يُعْطِيَهُ قَفِيزًا مِنْهُ فَيَجُوزُ،
وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ لَهُ
ــ
[رد المحتار]
الْبَحْرِ حَيْثُ عَلَّلَ الْبُطْلَانَ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْقَبْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لِمَا فِيهِ مِنْ شِبْهِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْقِرَاءَةِ كَمَا عَلِمْتَ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ زَارَ قَبْرَ صَدِيقٍ أَوْ قَرِيبٍ لَهُ وَقَرَأَ عِنْدَهُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَسَنٌ، أَمَّا الْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لَهَا وَلَا مَعْنَى أَيْضًا لِصِلَةِ الْقَارِئِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْبِهُ اسْتِئْجَارَهُ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْخُلَفَاءِ اهـ إذْ لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مَا قَالَهُ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ هُنَا فَهُوَ حَسَنٌ، وَمِمَّنْ أَفْتَى بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي وَصَايَا فَتَاوَاهُ فَرَاجِعْهَا.
وَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ الْخَلْوَتِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُنْتَهَى الْحَنْبَلِيُّ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ تَقِيِّ الدِّينِ مَا نَصُّهُ: وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَإِهْدَائِهَا إلَى الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ: إنَّ الْقَارِئَ إذَا قَرَأَ لِأَجْلِ الْمَالِ فَلَا ثَوَابَ لَهُ فَأَيُّ شَيْءٍ يُهْدِيهِ إلَى الْمَيِّتِ، وَإِنَّمَا يَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ الْعَمَلُ الصَّالِحِ، وَالِاسْتِئْجَارُ عَلَى مُجَرَّدِ التِّلَاوَةِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى التَّعْلِيمِ اهـ بِحُرُوفِهِ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا الْإِمَامُ الْبِرْكَوِيُّ قَدَّسَ سِرَّهُ فِي آخِرِ الطَّرِيقَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ فَقَالَ: الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أُمُورٍ مُبْتَدَعَةٍ بَاطِلَةٍ أَكَبَّ النَّاسُ عَلَيْهَا عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا قُرَبٌ مَقْصُودَةٌ إلَى أَنْ قَالَ: وَمِنْهَا الْوَصِيَّةُ مِنْ الْمَيِّتِ بِاِتِّخَاذِ الطَّعَامِ وَالضِّيَافَةِ يَوْمَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَبِإِعْطَاءِ دَرَاهِمَ لِمَنْ يَتْلُو الْقُرْآنَ لِرُوحِهِ أَوْ يُسَبِّحُ أَوْ يُهَلِّلُ لَهُ وَكُلُّهَا بِدَعٌ مُنْكَرَاتٌ بَاطِلَةٌ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْهَا حَرَامٌ لِلْآخِذِ، وَهُوَ عَاصٍ بِالتِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ لِأَجْلِ الدُّنْيَا اهـ مُلَخَّصًا.
وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ فِيهَا أَرْبَعَ رَسَائِلَ. فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ ظَهَرَ لَكَ حَقِيقَةُ مَا قُلْنَاهُ وَأَنَّ خِلَافَهُ خَارِجٌ عَنْ الْمَذْهَبِ وَعَمَّا أَفْتَى بِهِ الْبَلْخِيُّونَ وَمَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّتُنَا مُتُونًا وَشُرُوحًا وَفَتَاوَى، وَلَا يُنْكِرُ ذَلِكَ إلَّا غَمْرٌ مُكَابِرٌ أَوْ جَاهِلٌ لَا يَفْهَمُ كَلَامَ الْأَكَابِرِ، وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ عَلَى الْجَوَازِ بِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فِي اللَّدِيغِ فَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ الْمَانِعِينَ الِاسْتِئْجَارَ مُطْلَقًا جَوَّزُوا الرُّقْيَةَ بِالْأُجْرَةِ وَلَوْ بِالْقُرْآنِ كَمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عِبَادَةً مَحْضَةً بَلْ مِنْ التَّدَاوِي. وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ وَعَزَى إلَى الْحَاوِي الزَّاهِدِي مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْخَتْمِ بِأَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَخَارِجٌ عَمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ قَاطِبَةً. وَحِينَئِذٍ فَقَدْ ظَهَرَ لَكَ بُطْلَانُ مَا أَكَبَّ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعَصْرِ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِالْخَتَمَاتِ وَالتَّهَالِيلِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَحْصُلُ فِيهَا مِنْ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي لَا يُنْكِرُهَا إلَّا مَنْ طُمِسَتْ بَصِيرَتُهُ، وَقَدْ جَمَعْتُ فِيهَا رِسَالَةً سَمَّيْتُهَا شِفَاءُ الْعَلِيلِ وَبَلُّ الْغَلِيلِ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ بِالْخَتْمَاتِ وَالتَّهَالِيلِ وَأَتَيْتُ فِيهَا بِالْعَجَبِ الْعُجَابِ لِذَوِي الْأَلْبَابِ، وَمَا ذَكَرْتُهُ هُنَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَقَطْرَةٍ مِنْ بَحْرٍ أَوْ شَذْرَةٍ مِنْ عُقِدَ نَحْرٍ، وَأَطْلَعْتُ عَلَيْهَا مُحَشِّيَ هَذَا الْكِتَابِ فَقِيهَ عَصْرِهِ وَوَحِيدَ دَهْرِهِ السَّيِّدَ أَحْمَدَ الطَّحَاوِيَّ مُفْتِيَ مِصْرَ سَابِقًا فَكَتَبَ عَلَيْهَا وَأَثْنَى الثَّنَاءَ الْجَمِيلَ، فَاَللَّهُ يَجْزِيهِ الْخَيْرَ الْجَزِيلَ، وَكَتَبَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ
(قَوْلُهُ فَسَدَتْ فِي الْكُلِّ) وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ بِجُزْءٍ مِنْ عَمَلِهِ) أَيْ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْ عَمَلِهِ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْطٌ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ بِنَفْسِهِ زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ) وَهُوَ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
(قَوْلُهُ وَالْحِيلَةُ أَنْ يَفْرِزَ الْأَجْرَ أَوَّلًا) أَيْ وَيُسَلِّمَهُ إلَى الْأَجِيرِ، فَلَوْ خَلَطَهُ بَعْدُ وَطَحَنَ الْكُلَّ ثُمَّ أَفْرَزَ الْأُجْرَةَ وَرَدَّ الْبَاقِيَ جَازَ، وَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ إذْ لَمْ يَسْتَأْجِرْهُ أَنْ يَطْحَنَ بِجُزْءٍ مِنْهُ أَوْ بِقَفِيزٍ مِنْهُ كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَبِهِ عُلِمَ بِالْأَوْلَى جَوَازُ مَا يُفْعَلُ فِي دِيَارِنَا مِنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالدَّرَاهِمِ مَعًا وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ اهـ. (قَوْلُهُ بِلَا تَعْيِينٍ)
نِصْفَ هَذَا الطَّعَامِ بِنِصْفِهِ الْآخَرِ لَا أَجْرَ لَهُ أَصْلًا لِصَيْرُورَتِهِ شَرِيكًا، وَمَا اسْتَشْكَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ أَجَابَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ. قَالَ: وَصَرَّحُوا بِأَنَّ دَلَالَةَ النَّصِّ لَا عُمُومَ لَهَا فَلَا يُخَصَّصُ عَنْهَا شَيْءٌ بِالْعُرْفِ كَمَا زَعَمَهُ مَشَايِخُ بَلْخٍ (أَوْ) اسْتَأْجَرَ (خَبَّازًا لِيَخْبِزَ لَهُ كَذَا) كَقَفِيزِ دَقِيقٍ (الْيَوْمَ بِدِرْهَمٍ) فَسَدَتْ عِنْدَ الْإِمَامِ لِجَمْعِهِ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْوَقْتِ وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا
ــ
[رد المحتار]
أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّهُ مِنْ الْمَحْمُولِ أَوْ مِنْ الْمَطْحُونِ فَيَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ زَيْلَعِيٌّ
(قَوْلُهُ نِصْفَ هَذَا الطَّعَامِ) قَيَّدَ بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ الْكُلَّ بِنِصْفِهِ لَا يَكُونُ شَرِيكًا فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ لَا أَجْرَ لَهُ أَصْلًا) أَيْ لَا الْمُسَمَّى وَلَا أَجْرَ الْمِثْلِ عِنَايَةٌ. (قَوْلُهُ لِصَيْرُورَتِهِ شَرِيكًا) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ مَلَكَ النِّصْفَ فِي الْحَالِ بِالتَّعْجِيلِ فَصَارَ الطَّعَامُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ شَيْئًا لِشَرِيكِهِ إلَّا وَيَقَعُ بَعْضُهُ لِنَفْسِهِ هَكَذَا قَالُوا. وَفِيهِ إشْكَالَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ وَالْأُجْرَةَ لَا تُمْلَكُ بِالصَّحِيحَةِ مِنْهَا بِالْعَقْدِ عِنْدَنَا سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ، فَكَيْفَ مَلَكَهُ هُنَا مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ وَمِنْ غَيْرِ شَرْطِ التَّعْجِيلِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ قَالَ مَلَكَهُ فِي الْحَالِ، وَقَوْلُهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ يُنَافِي الْمِلْكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إذَا مَلَكَهُ إلَّا بِطَرِيقِ الْأُجْرَةِ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَكَيْفَ يَمْلِكُهُ وَبِأَيِّ سَبَبٍ يَمْلِكُهُ اهـ (قَوْلُهُ أَجَابَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ) قُلْتُ: وَأَجَابَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ بِقَوْلِهِ لَعَلَّ مُرَادَهُمْ: أَيْ بِقَوْلِهِمْ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ نَفْيُ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِهِ، وَمَا هُوَ كَذَلِكَ يَبْطُلُ، فَقَوْلُهُمْ مَلَكَ الْأَجْرَ فِي الْحَالِ كَلَامٌ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا سَلَّمَ إلَى الْأَجِيرِ كُلَّ الطَّعَامِ فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ لَوْ وَجَبَ الْأَجْرُ فِي الصُّورَةِ الْمَفْرُوضَةِ لَمَلَكَ الْأَجِيرُ الْأُجْرَةَ فِي الْحَالِ بِالتَّعْجِيلِ، وَالثَّانِي بَاطِلٌ إذْ يَكُونُ حِينَئِذٍ مُشْتَرَكًا فَيُفْضِي إلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ، وَكُلُّ مَا أَفْضَى وُجُودُهُ إلَى انْتِفَاءِ لُزُومِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ اهـ.
وَحَاصِلُ جَوَابِ الْمُصَنِّفِ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْأُجْرَةَ هُنَا مُعَجَّلَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ فِي صَدْرِ تَقْرِيرِهِ، وَهِيَ تُمْلَكُ بِالتَّعْجِيلِ كَمَا تُمْلَكُ بِاشْتِرَاطِهِ. وَعَنْ الثَّانِي أَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهُ بِالتَّعْجِيلِ وَعَمِلَ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْعَمَلِ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ، كَمَا لَوْ عَجَّلَهَا عِنْدَ الْعَقْدِ فَاسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لَهَا اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ هَذَا الْعَقْدَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا أَوْ فَاسِدًا أَوْ صَحِيحًا، أَمَّا الْبَاطِلُ فَلَا أَجْرَ فِيهِ أَصْلًا كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فَكَيْفَ يُمْلَكُ بِالتَّعْجِيلِ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ إلَّا بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ كَمَا مَرَّ مِرَارًا فَلَا يُمْلَكُ بِالتَّعْجِيلِ أَيْضًا قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَ الْعَمَلِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ. وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا أَنَّهُ لَا أَجْرَ أَصْلًا.
وَأَمَّا الصَّحِيحُ فَيُمْلَكُ الْأَجْرُ فِيهِ بِالتَّعْجِيلِ مَعَ الْإِفْرَازِ وَهُنَا حَصَلَ فِي ضِمْنِ التَّسْلِيمِ، إذْ لَوْ أَفْزَرَهُ وَسَلَّمَهُ إلَى الْأَجِيرِ ثُمَّ خَلَطَهُ وَحَمَلَ الْكُلَّ مَعًا جَازَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى إلَّا أَنْ يُقَالَ انْعَقَدَ صَحِيحًا ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ عِنْد الْعَمَلِ قَبْلَ الْإِفْرَازِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ: إنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ، أَيْ مَآلًا، أَمَّا فِي الْحَالِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
مَطْلَبٌ يُخَصُّ الْقِيَاسُ وَالْأَثَرُ بِالْعُرْفِ الْعَامِّ دُونَ الْخَاصِّ (قَوْلُهُ كَمَا زَعَمَهُ مَشَايِخُ بَلْخٍ) قَالَ فِي التَّبْيِينِ: وَمَشَايِخُ بَلْخٍ وَالنَّسَفِيُّ يُجِيزُونَ حَمْلَ الطَّعَامِ بِبَعْضِ الْمَحْمُولِ
فَيُفْضِي لِلْمُنَازَعَةِ، حَتَّى لَوْ قَالَ فِي الْيَوْمِ أَوْ عَلَى أَنْ تَفْرَغَ مِنْهُ الْيَوْمَ جَازَتْ إجْمَاعًا (أَوْ أَرْضًا بِشَرْطِ أَنْ يُثْنِيَهَا) أَيْ يَحْرُثَهَا (أَوْ يُكْرِيَ أَنْهَارَهَا) الْعِظَامَ
ــ
[رد المحتار]
وَنَسْجَ الثَّوْبِ بِبَعْضِ الْمَنْسُوجِ لِتَعَامُلِ أَهْلِ بِلَادِهِمْ بِذَلِكَ، وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ قَاسَهُ عَلَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ. وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِالتَّعَارُفِ. وَلَئِنْ قُلْنَا: إنَّهُ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ بَلْ النَّصُّ يَتَنَاوَلُهُ دَلَالَةً فَالنَّصُّ يُخَصُّ بِالتَّعَارُفِ أَلَا تَرَى أَنَّ الِاسْتِصْنَاعَ تَرْكُ الْقِيَاسِ فِيهِ، وَخُصَّ مِنْ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ بِالتَّعَامُلِ، وَمَشَايِخُنَا رحمهم الله لَمْ يُجَوِّزُوا هَذَا التَّخْصِيصَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعَامُلُ أَهْلِ بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَبِهِ لَا يُخَصُّ الْأَثَرُ، بِخِلَافِ الِاسْتِصْنَاعِ فَإِنَّ التَّعَامُلَ بِهِ جَرَى فِي كُلِّ الْبِلَادِ، وَبِمِثْلِهِ يُتْرَكُ الْقِيَاسُ وَيُخَصُّ الْأَثَرُ اهـ.
وَفِي الْعِنَايَةِ: فَإِنْ قِيلَ لَا نَتْرُكُهُ بَلْ يُخَصُّ عَنْ الدَّلَالَةِ بَعْضُ مَا فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ بِالْعُرْفِ كَمَا فَعَلَ بَعْضُ مَشَايِخِ بَلْخٍ فِي الثِّيَابِ لِجَرَيَانِ عُرْفِهِمْ بِذَلِكَ.
قُلْتُ: الدَّلَالَةُ لَا عُمُومَ لَهَا حَتَّى تُخَصَّ اهـ. (قَوْلُهُ فَيُفْضِي لِلْمُنَازَعَةِ) فَيَقُولُ الْمُؤَجِّرُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ: الْعَمَلُ وَالْوَقْتُ ذُكِرَ لِلتَّعْجِيلِ وَيَقُولُ الْمُسْتَأْجِرُ: بَلْ هُوَ الْوَقْتُ وَالْعَمَلُ لِلْبَيَانِ.
وَقَالَ الصَّاحِبَانِ: هِيَ صَحِيحَةٌ، وَيَقَعُ الْعَقْدُ عَلَى الْعَمَلِ، وَذَكَرَ الْوَقْتَ لِلتَّعْجِيلِ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَتَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ تَرْجِيحُ قَوْلِهِمَا وَهَذَا إذَا أَخَّرَ الْأُجْرَةَ، أَمَّا إذَا وَسَّطَهَا فَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمُتَقَدِّمُ لِتَمَامِ الْعَقْدِ بِذِكْرِ الْأَجْرِ ثُمَّ الْمُتَأَخِّرُ إنْ كَانَ وَقْتًا فَلِلتَّعْجِيلِ، وَإِنْ كَانَ عَمَلًا فَلِبَيَانِ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يَفْسُدُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْكَمَالِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ. وَزَادَ عَنْ الْمُنْيَةِ وَإِذَا قَدَّمَهَا فَسَدَ أَيْضًا.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ مُبَيَّنَ الْمِقْدَارِ مَعْلُومًا حَتَّى يَصْلُحَ لِكَوْنِهِ مَعْقُودًا عَلَيْهِ فَيُزَاحِمُ الْوَقْتَ فَيَفْسُدُ وَلِذَا قَالَ لِيَخْبِزَ لَهُ كَذَا قَفِيزَ دَقِيقٍ، فَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لِجَهَالَتِهِ كَأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا الْوَقْتَ، كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا يَوْمًا لِيَبْنِيَ لَهُ بِالْآجُرِّ وَالْجِصِّ جَازَ بِلَا خِلَافٍ، فَلَوْ بَيَّنَ الْعَمَلَ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِأَنْ بَيَّنَ قَدْرَ الْبِنَاءِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُشْكِلُ مَا سَيَأْتِي فِي بَحْثِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ شَهْرًا لِرَعْيِ الْغَنَمِ بِكَذَا صَحَّ مَعَ أَنَّ فِيهِ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَ الْغَنَمِ الْمَرْعِيِّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ الطُّورِيُّ فَاحْفَظْهُ (قَوْلُهُ جَازَتْ إجْمَاعًا) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فَلِأَنَّ كَلِمَةَ فِي لِلظَّرْفِ لَا لِتَقْدِيرِ الْمُدَّةِ فَلَا تَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ فَكَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ وَهُوَ مَعْلُومٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا حُذِفَتْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ، وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَوْ فِي الْغَدِ: وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْيَوْمَ لَمْ يُذْكَرْ مَقْصُودًا كَالْعَمَلِ حَتَّى يُضَافَ الْعَقْدُ إلَيْهِمَا بَلْ ذُكِرَ لِإِثْبَاتِ صِفَةٍ فِي الْعَمَلِ وَالصِّفَةُ تَابِعَةٌ لِلْمَوْصُوفِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ بِالْعَقْدِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ. (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُثَنِّيَهَا) فِي الْقَامُوسِ ثَنَّاهُ تَثَنِّيَةً جَعَلَهُ اثْنَيْنِ اهـ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ يُثَنِّي حَرْثَهَا. وَفِي الْمِنَحِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنْ يَرُدَّهَا مَكْرُوبَةً فَلَا شَكَّ فِي فَسَادِهِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَا تُخْرِجُ الرِّيعَ إلَّا بِالْكِرَابِ مَرَّتَيْنِ لَا يَفْسُدُ وَإِنْ مِمَّا تُخْرِجُ بِدُونِهِ، فَإِنْ كَانَ أَثَرُهُ يَبْقَى بَعْدَ انْتِهَاءِ الْعَقْدِ يَفْسُدُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِرَبِّ الْأَرْضِ وَإِلَّا فَلَا اهـ مُلَخَّصًا.
وَذُكِرَ فِي التتارخانية عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْفَسَادَ فِيمَا إذَا شَرَطَ رَدَّهَا مَكْرُوبَةً بِكِرَابٍ يَكُونُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، أَمَّا إذَا قَالَ: عَلَى أَنْ تُكْرِبَهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ وَانْصَرَفَ إلَى الْكِرَابِ بَعْدَهُ. قَالَ: وَفِي الصُّغْرَى وَاسْتَفَدْنَا هَذَا التَّفْصِيلَ مِنْ جِهَتِهِ وَبِهِ يُفْتَى اهـ.
قُلْتُ: وَوَجْهُهُ أَنَّ الْكِرَابَ يَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ الْأُجْرَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَيْ يَحْرُثَهَا) فَالْحَرْثُ هُوَ الْكَرْبُ وَهُوَ إثَارَةُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ كَالْكِرَابِ قَامُوسٌ. (قَوْلُهُ أَوْ يَكْرِيَ) مِنْ بَابِ رَمَى أَيْ يَحْفِرَ. (قَوْلُهُ الْعِظَامَ) ؛ لِأَنَّ أَثَرَهُ يَبْقَى
أَوْ يُسَرْقِنَهَا) لِبَقَاءِ أَثَرِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، فَلَوْ لَمْ تَبْقَ لَمْ تَفْسُدْ (أَوْ) بِشَرْطِ (أَنْ يَزْرَعَهَا بِزِرَاعَةِ أَرْضٍ أُخْرَى) لِمَا يَجِيءُ أَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ، وَقَوْلُهُ (فَسَدَتْ) جَوَابُ الشَّرْطِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ دَفَعَ إلَخْ (وَصَحَّتْ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا عَلَى أَنْ يَكْرِيَهَا وَيَزْرَعَهَا أَوْ يَسْقِيَهَا وَيَزْرَعَهَا) ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ
(وَلَوْ) اسْتَأْجَرَهُ (لِحَمْلِ طَعَامٍ) مُشْتَرَكٍ (بَيْنَهُمَا فَلَا أَجْرَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ شَيْئًا لِشَرِيكِهِ إلَّا وَيَقَعُ بَعْضُهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ (كَرَاهِنٍ اسْتَأْجَرَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ) فَإِنَّهُ لَا أَجْرَ لَهُ لِنَفْعِهِ بِمِلْكِهِ.
وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا فَدَخَلَ الْمُؤَجِّرُ مَعَ بَعْضِ أَصْدِقَائِهِ الْحَمَّامَ لَا أَجْرَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَرِدُّ بَعْضَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْفَعَةُ الْحَمَّامِ فِي الْمُدَّةِ، وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ. (اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يَزْرَعُهَا
ــ
[رد المحتار]
إلَى الْقَابِلِ عَادَةً، بِخِلَافِ الْجَدَاوِلِ أَيْ الصِّغَارِ فَلَا تَفْسُدُ بِشَرْطِ كَرْبِهَا هُوَ الصَّحِيحُ ابْنُ كَمَالٍ. (قَوْلُهُ أَوْ يُسَرْقِنَهَا) أَيْ يَضَعَ فِيهَا السِّرْقِينَ وَهُوَ الزِّبْلُ لِتَهْيِيجِ الزَّرْعِ ط. (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ تَبْقَ) بِأَنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً لَمْ تَفْسُدْ؛ لِأَنَّهُ لِنَفْعِ الْمُسْتَأْجِرِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَزْرَعَهَا إلَخْ) أَيْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا وَتَكُونَ الْأُجْرَةُ أَنْ يَزْرَعَ الْمُؤَجِّرُ أَرْضًا أُخْرَى هِيَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا مِنَحٌ فَهُوَ إجَارَةُ الْمَنْفَعَةِ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُتَّحِدَةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهَا (قَوْلُهُ لِمَا يَجِيءُ) أَيْ قَرِيبًا ح. (قَوْلُهُ أَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يَحْرُمُ النَّسَاءُ) وَالزِّرَاعَةُ الْمُطْلَقَةُ مِنْ جِنْسِ الزِّرَاعَةِ الْمُطْلَقَةِ.
فَإِنْ قُلْتَ: الْعَيْنُ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فَلَمْ يُوجَدْ النَّسَاءُ: قُلْنَا: الْعَيْنُ إنَّمَا تُقَامُ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلضَّرُورَةِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الْمَنْفَعَةُ مَعْقُودًا عَلَيْهَا وَهِيَ فِي مَسْأَلَتِنَا مَا لَمْ يَصْحَبْهُ الْبَاءُ فَمَا صَحِبَهُ لَا تُقَامُ الْعَيْنُ فِيهِ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ فَكَانَتْ نَسِيئَةً ح. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ) ؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَقَطْ
(قَوْلُهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ) أَيْ لَا الْمُسَمَّى وَلَا أَجْرَ الْمِثْلِ زَيْلَعِيٌّ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ يَجِبُ فِي الْفَاسِدَةِ إذَا كَانَ لَهُ نَظِيرٌ مِنْ الْإِجَارَةِ الْجَائِزَةِ وَهَذِهِ لَا نَظِيرَ لَهَا إتْقَانِيٌّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ قَاضِي خَانْ فِي الْجَامِعِ أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: لَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ: عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ لِلْأَجْرِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا وَقَعَ لِغَيْرِهِ.
فَالْجَوَابُ أَنَّهُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَعَمَلُهُ لِغَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَمْرٍ مُخَالِفٍ لِلْقِيَاسِ فَاعْتُبِرَ الْأَوَّلُ، وَلِأَنَّهُ مَا مِنْ جُزْءٍ يَحْمِلُهُ إلَّا وَهُوَ شَرِيكٌ فِيهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ تَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ تَسْلِيمَ الْعَمَلِ إلَى غَيْرِهِ فَلَا أَجْرَ عِنَايَةٌ وَتَبْيِينٌ مُلَخَّصًا.
وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ: طَعَامٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا سَفِينَةٌ فَاسْتَأْجَرَ الْآخَرُ نِصْفَهَا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ جَازَ، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَطْحَنَا الطَّعَامَ فَاسْتَأْجَرَ نِصْفَ الرَّحَى الَّذِي لِشَرِيكِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ أَنْصَافَ جَوَالِيقِهِ هَذِهِ لِيَحْمِلَ هَذَا الطَّعَامَ إلَى مَكَّةَ جَازَ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدَ صَاحِبِهِ أَوْ دَابَّةَ عَبْدِ صَاحِبِهِ أَوْ دَابَّتَهُ لِيَحْمِلَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ لِحِفْظِ الطَّعَامِ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ إلَّا بِإِيقَاعِ عَمَلٍ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا يَجُوزُ، وَكُلُّ مَا يَسْتَحِقُّ بِدُونِهِ يَجُوزُ فَإِنَّهُ تَجِبُ الْأُجْرَةُ بِوَضْعِ الْعَيْنِ فِي الدَّارِ وَالسَّفِينَةِ وَالرَّحَى لَا بِإِيقَاعِ عَمَلٍ اهـ مُلَخَّصًا أَيْ فَإِنَّ لِلْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ عَمَلًا فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ وَهُوَ الْحَمْلُ أَوْ الْحِفْظُ، أَمَّا السَّفِينَةُ مَثَلًا فَلَا عَمَلَ لَهَا أَصْلًا. (قَوْلُهُ لِنَفْعِهِ بِمِلْكِهِ) الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لِانْتِفَاعِهِ بِمِلْكِهِ ح، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ غَيْرُ مَالِكٍ لِلْمَنَافِعِ فَلَا يَمْلِكُ تَمْلِيكَهَا وَإِنَّمَا هِيَ لِلرَّاهِنِ وَلَكِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الِانْتِفَاعِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا آجَرَهُ فَقَدْ أَبْطَلَ حَقَّهُ
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَرِدُّ إلَخْ) بَيَانُهُ أَنَّهُ قَدْ بَاعَهُ مَنْفَعَةَ الْحَمَّامِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَقَدْ اسْتَوْفَى الْمُؤَجِّرُ بَعْضَهَا فَانْفَسَخَ بِقَدْرِهِ ثُمَّ الْأُجْرَةُ تَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْعَقْدِ، وَالْقَدْرُ الَّذِي فُسِخَتْ فِيهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا يُمْكِنُ إسْقَاطُ شَيْءٍ بِحِسَابِهِ لِلْجَهَالَةِ فَبَقِيَ جَمِيعُ
أَوْ أَيَّ شَيْءٍ يَزْرَعُهَا) فَسَدَتْ إلَّا أَنْ يَعُمَّ، بِخِلَافِ الدَّارِ لِوُقُوعِهِ عَلَى السُّكْنَى كَمَا مَرَّ، وَإِذَا فَسَدَتْ، (فَزَرَعَهَا فَمَضَى الْأَجَلُ) عَادَ صَحِيحًا (فَلَهُ الْمُسَمَّى) اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَمْضِ الْأَجَلُ لِارْتِفَاعِ الْجَهَالَةِ بِالزِّرَاعَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ.
قُلْتُ: فَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ فَمَضَى الْأَجَلُ كَقَاضِي خَانْ فِي شَارِحِ الْجَامِعِ لَكَانَ أَوْلَى
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا إلَى بَغْدَادَ وَلَمْ يُسَمِّ حَمْلَهُ فَحَمَّلَهُ الْمُعْتَادَ فَهَلَكَ) الْحِمَارُ (لَمْ يَضْمَنْ) لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ، فَالْعَيْنُ أَمَانَةٌ كَمَا فِي الصَّحِيحَةِ (فَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْمُسَمَّى) لِمَا مَرَّ فِي الزِّرَاعَةِ (فَإِنْ تَنَازَعَا قَبْلَ الزَّرْعِ) فِي مَسْأَلَةِ الزِّرَاعَةِ (أَوْ الْحَمْلِ) فِي مَسْأَلَتِنَا (فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ دَفْعًا لِلْفَسَادِ) لِقِيَامِهِ بَعْدُ.
(اسْتَأْجَرَ دَابَّةً ثُمَّ جَحَدَ الْإِجَارَةَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا رَكِبَ قَبْلَ الْإِنْكَارِ، وَلَا يَجِبُ لِمَا بَعْدَهُ) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ بِالْجُحُودِ صَارَ غَاصِبًا وَالْأَجْرُ وَالضَّمَانُ لَا يَجْتَمِعَانِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ الْمُسَمَّى دُرَرٌ وَكَأَنَّهُ
ــ
[رد المحتار]
الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ أَيَّ شَيْءٍ يَزْرَعُهَا) أَيْ أَوْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَزْرَعُهَا وَلَمْ يَذْكُرْ أَيَّ شَيْءٍ يَزْرَعُ. (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ أَوَّلَ بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَقِيقَةِ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ هُنَاكَ وَأَرْضٌ لِلزِّرَاعَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ عَادَ صَحِيحًا) كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْغُرَرِ وَالْإِصْلَاحِ وَالْمِنَحِ: وَاعْتَرَضَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّ صِحَّةَ الْعَقْدِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ الْأَجَلِ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ بَلْ إذَا زَرَعَ ارْتَفَعَتْ الْجَهَالَةُ اهـ.
أَقُولُ: إنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُفَرِّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَلَهُ الْمُسَمَّى، فَإِنَّهُ لَوْ بَقِيَ فَاسِدًا وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَمْضِ الْأَجَلُ) أَيْ يَعُودُ صَحِيحًا، وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، وَمَنْشَأُ الِاعْتِرَاضِ زِيَادَةُ قَوْلِهِ عَادَ صَحِيحًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ ثُمَّ اعْتَرَضَهُ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَهُ فِي تَقْرِيرِ شَرْحِ مَتْنِهِ فَكَانَ مُرَادًا لَهُ.
وَقَدْ يُدْفَعُ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ عَوْدَهُ صَحِيحًا بَعْدَ الزَّرْعِ وَمُضِيِّ الْأَجَلِ صَحِيحٌ أَيْ بَعْدَ مَجْمُوعِ هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي تَوَقُّفَ عَوْدِهِ صَحِيحًا عَلَى مُضِيِّ الْأَجَلِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّتِهِ، وَقَوْلُ الْعِنَايَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ بِنَقْضِ الْحَاكِمِ مِمَّا لَا تَقْبَلُهُ الْفِطْرَةُ السَّلِيمَةُ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ مِنْ الْأَصْلِ بِنَقْضِ الْحَاكِمِ فَكَيْفَ يَتِمُّ بِهِ وَتَمَامُ الشَّيْءِ مِنْ آثَارِ بَقَائِهِ طُورِيٌّ. (قَوْلُهُ كَقَاضِي خَانْ) وَعِبَارَتُهُ: فَإِنْ زَرَعَهَا فَلَهُ مَا سَمَّى مِنْ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّهُ عَادَ جَائِزًا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً عَلَى حِسَابِ حُدُوثِ الْمَنْفَعَةِ، وَالْفَسَادُ كَانَ لِأَجْلِ الْجَهَالَةِ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ كَانَ الِارْتِفَاعُ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ كَالِارْتِفَاعِ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ فَيَعُودُ جَائِزًا.
(قَوْلُهُ فَحَمَّلَهُ الْمُعْتَادَ) خَرَجَ غَيْرُ الْمُعْتَادِ فَيَضْمَنُ إنْ هَلَكَ كَمَا فِي الأتقاني. (قَوْلُهُ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ إلَخْ) كَذَا فِي الدُّرَرِ وَالْمِنَحِ، وَالْأَوْلَى قَوْلُ الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً. (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِي الزِّرَاعَةِ) أَيْ مِنْ ارْتِفَاعِ الْجَهَالَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِمُجَرَّدِ حَمْلِ الْمُعْتَادِ قَبْلَ بُلُوغِهِ إلَى بَغْدَادَ وَبِهِ صَرَّحَ الأتقاني، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ مَنْ يَرْكَبُهَا فَسَدَتْ لِلْجَهَالَةِ وَتَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِرُكُوبِهَا اهـ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْهِدَايَةِ آنِفًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فُسِخَتْ) أَيْ أَبْطَلَهَا الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ يَجِبُ نَقْضُهُ وَإِبْطَالُهُ ذَخِيرَةٌ. (قَوْلُهُ دَفْعًا لِلْفَسَادِ) الْأَوْلَى رَفْعًا بِالرَّاءِ مَكَانِ دَفْعًا بِالدَّالِ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ قَائِمٌ يَحْتَاجُ إلَى الرَّفْعِ لَا غَيْرُ قَائِمٍ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الدَّفْعِ فَافْهَمْ إتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ لِقِيَامِهِ بَعْدُ) أَيْ فِي الْحَالِ ط.
(قَوْلُهُ وَالْأَجْرُ وَالضَّمَانُ لَا يَجْتَمِعَانِ) أَيْ أَجْرُ مَا بَعْدَ الْجُحُودِ مَعَ ضَمَانِ الدَّابَّةِ لَوْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْجُحُودِ ح.
قُلْتُ: وَأَمَّا أَجْرُ مَا قَبْلَ الْجُحُودِ فَيَجِبُ وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَهُ وَلَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُهُمَا لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ الْمُسَمَّى) أَيْ إنْ سَلِمَتْ الدَّابَّةُ. قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَأَوْجَبَ مُحَمَّدٌ الْأَجْرَ؛ لِأَنَّهُ سَلِمَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ فَسَقَطَ الضَّمَانُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَشُرُوحِ الْمَجْمَعِ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ وَنَظَائِرَهَا تُؤَيِّدُ مَا قَالَ ح.
لَا قَوْلَ لِلْإِمَامِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ: قَصَّرَ الثَّوْبَ الْمَجْحُودَ، فَإِنْ قَبِلَهُ فَلَهُ الْأَجْرُ وَإِلَّا لَا وَكَذَا الصَّبَّاغُ وَالنَّسَّاجُ.
(إجَارَةُ الْمَنْفَعَةِ بِالْمَنْفَعَةِ تَجُوزُ إذَا اخْتَلَفَا) جِنْسًا كَاسْتِئْجَارِ سُكْنَى دَارٍ بِزِرَاعَةِ أَرْضٍ (وَإِذَا اتَّحَدَا لَا) تَجُوزُ كَإِجَارَةِ السُّكْنَى بِالسُّكْنَى وَاللُّبْسِ بِاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النِّسَاءَ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِاسْتِيفَاءِ النَّفْعِ كَمَا مَرَّ لِفَسَادِ الْعَقْدِ.
(اسْتَأْجَرَهُ لِيَصِيدَ لَهُ أَوْ يَحْتَطِبَ لَهُ، فَإِنْ) وَقَّتَ لِذَلِكَ (وَقْتًا جَازَ) ذَلِكَ (وَإِلَّا لَا) فَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ وَعَيَّنَ الْحَطَبَ فَسَدَ (إلَّا إذَا عَيَّنَ الْحَطَبَ وَهُوَ) أَيْ الْحَطَبُ (مِلْكُهُ فَيَجُوزُ) مُجْتَبًى، وَبِهِ يُفْتِي صَيْرَفِيَّةٌ.
[فُرُوعٌ] اسْتَأْجَرَ امْرَأَتَهُ لِتَخْبِزَ لَهُ خُبْزًا لِلْأَكْلِ لَمْ يَجُزْ، وَلِلْبَيْعِ جَازَ صَيْرَفِيَّةٌ.
ــ
[رد المحتار]
قُلْتُ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ غَيْرُ غَاصِبٍ لِإِقْرَارِهِ بِالْإِجَارَةِ وَانْقِلَابِهَا بِهَا صَحِيحَةً بِارْتِفَاعِ الْجَهَالَةِ كَمَا مَرَّ.
مَطْلَبٌ يَجِبُ الْأَجْرُ فِي اسْتِعْمَالِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ وَلَوْ غَيْرَ عَقَارٍ نَعَمْ يَنْبَغِي وُجُوبُ الْأَجْرِ لَوْ مُدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْعَقَارِ كَمَا وَهَمَ، وَقَدْ أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ بِوُجُوبِ الْأَجْرِ عَلَى مُسْتَعْمِلِ دَابَّةِ الْكَارِي مُسْتَنِدًا لِلنَّقْلِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْغَصْبِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمُرَادِيَّةِ فَتَنَبَّهْ
1 -
(قَوْلُهُ وَفِي الْأَشْبَاهِ إلَخْ) كَلَامٌ مُجْمَلٌ، وَبَيَانُهُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ فَجَحَدَهُ ثُمَّ جَاءَ بِهِ مَقْصُورًا وَأَقَرَّ بِذَلِكَ، إنْ قَصَّرَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ لَهُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَقَعَ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ، وَإِنْ بَعْدَهُ لَا لِوُقُوعِ الْعَمَلِ لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ بِالْجُحُودِ وَلَوْ كَانَ صَبَّاغًا، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إنْ صَبَغَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ لَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ بَعْدَهُ إنْ شَاءَ رَبُّ الثَّوْبِ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ قِيمَةَ مَا زَادَ الصِّبْغُ فِيهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ، وَلَوْ دَفَعَ غَزْلًا إلَى نَسَّاجٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، إنْ نَسَجَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ لَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ بَعْدَهُ لَا أَجْرَ لَهُ وَالثَّوْبُ لِلنَّسَّاجِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْغَزْلِ، كَمَا إذَا كَانَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا
(قَوْلُهُ إجَارَةُ الْمَنْفَعَةِ إلَخْ) هَذِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ أَنْ يَزْرَعَهَا بِزِرَاعَةِ أَرْضٍ أُخْرَى. (قَوْلُهُ كَإِجَارَةِ السُّكْنَى بِالسُّكْنَى) أَيْ سُكْنَى دَارٍ بِأُخْرَى، فَلَوْ بِحَانُوتٍ يَصِحُّ لِلِاخْتِلَافِ مَنْفَعَةً، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ.
وَمُعَاوَضَةُ الْبَقَرِ بِالْبَقَرِ فِي الْأَكْدَاسِ لَا تَجُوزُ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَالْبَقَرِ بِالْحَمِيرِ يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ.
وَالْكُدْسُ: بِالضَّمِّ الْحَبُّ الْمَحْصُودُ الْمَجْمُوعُ قَامُوسٌ. وَفِي شَرْحِ قَاضِي خَانْ: وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ خَدَمَ أَحَدُ هَذَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فِي رِوَايَةٍ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَجِبُ شَيْءٌ اهـ.
وَفِي التتارخانية: إذَا قُوبِلَتْ الْمَنْفَعَةُ بِجِنْسِهَا وَاسْتَوْفَى الْآخَرُ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. (قَوْلُهُ لِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَعُلِّلَ بِعِلَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ مِلْكًا وَالْإِجَارَةُ جُوِّزَتْ عَلَى خِلَافِ الْجِنْسِ لِلْحَاجَةِ. (قَوْلُهُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَيَكُونُ الْجَارُّ مُتَعَلِّقًا بِاسْتِيفَاءٍ ط.
(قَوْلُهُ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ وَاحِدٌ وَشَرْطُهُ بَيَانٌ لَا الْوَقْتُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ وَالْحَطَبُ لِلْعَامِلِ ط (قَوْلُهُ فَسَدَ) قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ: وَلَوْ قَالَ: هَذَا الْحَطَبُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَالْحَطَبُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهِ اهـ ط (قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى صَيْرَفِيَّةٌ) قَالَ فِيهَا: إنْ ذَكَرَ الْيَوْمَ فَالْعَلَفُ لِلْآمِرِ وَإِلَّا فَلِلْمَأْمُورِ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْحَاوِي وَبِهِ يُفْتَى. قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَهَذَا يُوَافِقُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمُجْتَبَى وَمِنْ ثَمَّ عَوَّلْنَا عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ
(قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا دِيَانَةً «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَسَّمَ الْأَعْمَالَ بَيْنَ فَاطِمَةَ وَعَلِيٍّ، فَجَعَلَ عَمَلَ الدَّاخِلِ عَلَى فَاطِمَةَ وَعَمَلَ الْخَارِجِ عَلَى عَلِيٍّ» وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ آخَرَ الْبَابِ أَنَّ اسْتِئْجَارَ الْمَرْأَةِ لِلطَّبْخِ وَالْخَبْزِ وَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبَيْتِ لَا تَنْعَقِدُ وَنَقَلَهُ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ ط.
قُلْتُ: كَأَنَّهُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا دِيَانَةً، ثَمَّ رَاجَعْتُ بَابَ النَّفَقَةِ فَرَأَيْتُهُ عَلَّلَ بِهِ وَزَادَ وَلَوْ شَرِيفَةً؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَسَّمَ الْأَعْمَالَ إلَخْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ