الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هُوَ الطَّرَشُ وَسَيَجِيءُ مَا لَوْ أَلْصَقَهُ فَالْتَحَمَ فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْفَصْلِ.
فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ
(وَتَخْتَصُّ) الشَّجَّةُ (بِمَا يَكُونُ بِالْوَجْهِ وَالرَّأْسِ) لُغَةً (وَمَا يَكُونُ بِغَيْرِهِمَا فَجِرَاحَةٌ) أَيْ تُسَمَّى جِرَاحَةً وَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ مُجْتَبًى وَمِسْكِينٌ.
(وَهِيَ) أَيْ الشِّجَاجُ (عَشْرَةٌ الْحَارِصَةُ) بِمُهْمَلَاتٍ وَهِيَ الَّتِي تَحْرِصُ الْجِلْدَ أَيْ تَخْدِشُهُ (وَالدَّامِعَةُ) بِمُهْمَلَاتٍ الَّتِي تُظْهِرُ الدَّمَ كَالدَّمْعِ وَلَا تُسِيلُهُ (وَالدَّامِيَةُ) الَّتِي تُسِيلُهُ (وَالْبَاضِعَةُ) الَّتِي تُبْضِعُ الْجِلْدَ أَيْ تَقْطَعُهُ (وَالْمُتَلَاحِمَةُ) الَّتِي تَأْخُذُ فِي اللَّحْمِ (وَالسِّمْحَاقُ) الَّتِي تَصِلُ إلَى السِّمْحَاقِ أَيْ جِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ بَيْنَ اللَّحْمِ وَعَظْمِ الرَّأْسِ (وَالْمُوضِحَةُ) الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ أَيْ تُظْهِرُهُ (وَالْهَاشِمَةُ الَّتِي تُهَشِّمُ الْعَظْمَ) أَيْ تَكْسِرُهُ (وَالْمُنَقِّلَةُ) الَّتِي تَنْقُلُهُ بَعْدَ الْكَسْرِ (وَالْآمَّةُ الَّتِي) تَصِلُ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي فِيهَا الدِّمَاغُ وَبَعْدَهَا الدَّامِغَةُ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَهِيَ الَّتِي تُخْرِجُ الدِّمَاغَ
ــ
[رد المحتار]
ارْتَفَعَ مِعْرَاجٌ وَعَزْمِيَّةٌ، وَالتَّقْيِيدُ بِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يُرَادَ بِهَا السَّمْعُ عِنَايَةٌ،؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا فِيهِ تَفْوِيتُ الْجَمَالِ وَذَهَابُ السَّمْعِ فِيهِ تَفْوِيتُ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ وَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ (قَوْلُهُ هُوَ الطَّرَشُ) لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَلَمْ أَدْرِ مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ مَا لَوْ أَلْصَقَهُ) أَيْ الْأُذُنَ وَذَكَرَ ضَمِيرَهَا بِاعْتِبَارِ الْعُضْوِ، وَاَلَّذِي يَجِيءُ هُوَ وُجُوبُ الْأَرْشِ لَوْ أَلْصَقَهَا فَالْتَحَمَتْ إذْ لَا تَعُودُ كَمَا كَانَتْ (قَوْلُهُ فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْفَصْلِ) أَيْ الَّذِي أَرَادَ الشُّرُوعَ فِيهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
[فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ]
هِيَ جَمْعُ شَجَّةٍ. وَلَمَّا كَانَتْ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ مَا دُونَ النَّفْسِ، وَتَكَاثَرَتْ مَسَائِلُهُ ذَكَرَهُ فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَتَخْتَصُّ الشَّجَّةُ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَالْحُكْمُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ: أَيْ حُكْمُ الشِّجَاجِ يَثْبُتُ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ عَلَى مَا هُوَ حَقِيقَةُ اللُّغَةِ؛ لِأَنَّ الشَّجَّةَ لُغَةً مَا كَانَ فِيهِمَا لَا غَيْرُ
، وَفِي غَيْرِهِمَا لَا يَجِبُ الْمُقَدَّرُ فِيهِمَا بَلْ يَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ أَتْقَانِيٌّ فَلَوْ تَحَقَّقَتْ الْمُوضِحَةُ مَثَلًا فِي نَحْوِ السَّاقِ وَالْيَدِ لَا يَجِبُ الْأَرْشُ الْمُقَدَّرُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا جِرَاحَةٌ لَا مُوضِحَةٌ وَلَا شَيْءَ مِنْ الْجِرَاحِ لَهُ أَرْشٌ مَعْلُومٌ إلَّا الْجَائِفَةُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاللَّحْيَانِ عِنْدَنَا مِنْ الْوَجْهِ، حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ فِيهِمَا الْمُوضِحَةُ وَالْهَاشِمَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ كَانَ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَيْسَ فِي الشِّجَاجِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ إلَّا فِي الْمُوضِحَةِ وَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْآمَّةِ كَمَا سَيَتَّضِحُ (قَوْلُهُ وَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ) ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِالتَّوْقِيفِ وَهَذَا إنَّمَا وَرَدَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْوَجْهِ وَالرَّأْسِ هِدَايَةٌ، وَلَا تُلْحَقُ الْجِرَاحَةُ بِالشَّجَّةِ دَلَالَةً أَوْ قِيَاسًا إذْ لَيْسَتْ فِي مَعْنَاهَا إذْ الْوَجْهُ وَالرَّأْسُ يَظْهَرَانِ غَالِبًا فَالشَّيْنُ فِيهِمَا أَعْظَمُ أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَيْ تَخْدِشُهُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ مُخْتَارٌ قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ عَنْ قَاضِي خَانْ: هِيَ الَّتِي تَخْدِشُ الْبَشَرَةَ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا دَمٌ وَتُسَمَّى خَادِشَةً.
(قَوْلُهُ الَّتِي تُبْضِعُ الْجِلْدَ) كَذَا فَسَّرَهَا الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَرَدَّهُ الطُّورِيُّ بِأَنَّ الزَّيْلَعِيَّ نَفْسَهُ صَرَّحَ بِتَحْقِيقِ قَطْعِ الْجِلْدِ فِي الْأَنْوَاعِ الْعَشَرَةِ فَالظَّاهِرُ فِي تَفْسِيرِهَا مَا فِي الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ أَنَّهَا الَّتِي تُبْضِعُ اللَّحْمَ وَمِثْلُهُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ، وَعَلَى هَذَا فَيُزَادُ فِي الْمُتَلَاحِمَةِ قَيْدٌ آخَرُ فَيُقَالُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا هِيَ الَّتِي تُذْهِبُ فِي اللَّحْمِ أَكْثَرَ مِمَّا تُذْهِبُ الْبَاضِعَةُ (قَوْلُهُ الَّتِي تَأْخُذُ فِي اللَّحْمِ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: وَهِيَ الَّتِي تَشُقُّ اللَّحْمَ دُونَ الْعَظْمِ، ثُمَّ تَتَلَاحَمُ بَعْدَ شَقِّهَا وَتَتَلَاصَقُ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ اللَّاحِمَةُ أَيْ الْقَاطِعَةُ اللَّحْمَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ عَلَى مَا تَئُولُ إلَيْهِ أَوْ عَلَى التَّفَاؤُلِ اهـ (قَوْلُهُ وَالسِّمْحَاقُ) كَقِرْطَاسٍ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَالْمُوضِحَةُ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ قُهُسْتَانِيٌّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ الَّتِي تُهَشِّمُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ وَالْمُنَقِّلَةُ) بِتَشْدِيدِ الْقَافِ مَفْتُوحَةً أَوْ مَكْسُورَةً شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَالْآمَّةُ) بِالْمَدِّ وَالتَّشْدِيدِ وَتُسَمَّى مَأْمُونَةً أَيْضًا وَالدِّمَاغُ كَكِتَابٍ مُخُّ الرَّأْسِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ تُخْرِجُ الدِّمَاغَ) أَيْ تَقْطَعُ الْجِلْدَ وَتُظْهِرُ
وَلَمْ يَذْكُرْهَا مُحَمَّدٌ لِلْمَوْتِ بَعْدَهَا عَادَةً فَتَكُونُ قَتْلًا لَا شَجًّا فَعُلِمَ بِالِاسْتِقْرَاءِ بِحَسَبِ الْآثَارِ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْعَشَرَةِ (وَيَجِبُ فِي الْمُوضِحَةِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ) أَيْ لَوْ غَيْرَ أَصْلَعَ وَإِلَّا فَفِيهَا حُكُومَةٌ، لِأَنَّ جِلْدَهَا أَنْقَصُ زِينَةً مِنْ غَيْرِهِ قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ الذَّخِيرَةِ (وَفِي الْهَاشِمَةِ عُشْرُهَا وَفِي الْمُنَقِّلَةِ عُشْرٌ وَنِصْفُ عُشْرٍ وَفِي الْآمَّةِ وَالْجَائِفَةِ ثُلُثُهَا فَإِنْ نَفَذَتْ الْجَائِفَةُ فَثُلُثَاهَا) لِأَنَّهَا إذَا نَفَذَتْ صَارَتْ جَائِفَتَيْنِ فَيَجِبُ فِي كُلٍّ ثُلُثُهَا (وَفِي الْحَارِصَةِ وَالدَّامِعَةِ وَالدَّامِيَةِ وَالْبَاضِعَةِ وَالْمُتَلَاحِمَةِ وَالسِّمْحَاقِ حُكُومَةُ عَدْلٍ) إذْ لَيْسَ فِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ، وَلَا يُمْكِنُ إهْدَارُهَا فَوَجَبَ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ (وَهِيَ) أَيْ حُكُومَةُ الْعَدْلِ (أَنْ يَنْظُرَ كَمْ مِقْدَارُ هَذِهِ الشَّجَّةِ مِنْ الْمُوضِحَةِ فَيَجِبُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ) قَالَهُ الْكَرْخِيُّ: وَصَحَّحَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (وَقِيلَ) قَائِلُهُ الطَّحَاوِيُّ (يُقَوَّمُ) الْمَشْجُوجُ (عَبْدًا بِلَا هَذَا الْأَثَرِ ثُمَّ مَعَهُ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ)
ــ
[رد المحتار]
الدِّمَاغَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْهَا مُحَمَّدٌ) وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْ الْحَارِصَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ فِي الْغَالِبِ وَمَا لَا أَثَرَ لَهَا لَا حُكْمَ لَهَا أَتْقَانِيٌّ وَلِذَا قَالَ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ كَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يَذْكُرَهَا لَكِنَّهُ تَأَسَّى بِمَا فِي غَالِبِ الْكُتُبِ (قَوْلُهُ لِلْمَوْتِ بَعْدَهَا عَادَةً) فَإِنْ عَاشَ فَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ غُرَرُ الْأَفْكَارِ.
(قَوْلُهُ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ) إنْ كَانَتْ خَطَأً، فَلَوْ عَمْدًا فَالْقِصَاصُ كَمَا يَأْتِي، وَفِي الْكَافِي مِنْ الْمُتَفَرِّقَاتِ شَجَّهُ عِشْرِينَ مُوضِحَةً إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ الْبُرْءُ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَإِنْ تَخَلَّلَ الْبُرْءُ يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ ط (قَوْلُهُ أَيْ لَوْ غَيْرَ أَصْلَعَ) قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ: رَجُلٌ أَصْلَعُ ذَهَبَ شَعْرُهُ مِنْ كِبَرٍ فَشَجَّهُ مُوضِحَةَ إنْسَانٍ مُتَعَمِّدًا قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُقْتَصُّ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ، وَإِنْ قَالَ الشَّاجُّ رَضِيتُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنِّي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الشَّاجُّ أَيْضًا أَصْلَعَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ: مُوضِحَةُ الْأَصْلَعِ أَنْقَصُ مِنْ مُوضِحَةِ غَيْرِهِ فَكَانَ الْأَرْشُ أَنْقَصَ أَيْضًا وَفِي الْهَاشِمَةِ يَسْتَوِيَانِ وَفِي الْمُنْتَقَى شَجَّ رَجُلًا أَصْلَعَ مُوضِحَةً خَطَأً فَعَلَيْهِ أَرْشُ دُونَ الْمُوضِحَةِ فِي مَالِهِ، وَإِنْ شَجَّهُ هَاشِمَةً فَفِيهَا أَرْشٌ دُونَ أَرْشِ الْهَاشِمَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ اهـ ط (قَوْلُهُ وَالْجَائِفَةِ) قَالُوا الْجَائِفَةُ تَخْتَصُّ بِالْجَوْفِ جَوْفِ الرَّأْسِ أَوْ جَوْفِ الْبَطْنِ هِدَايَةٌ. وَعَلَيْهِ فَذِكْرُهَا مَعَ الشِّجَاجِ لَهُ وَجْهٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا قَدْ تَكُونُ فِي الرَّأْسِ، لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَتْقَانِيُّ بِمَا فِي مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ مِنْ أَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي الرَّقَبَةِ وَلَا فِي الْحَلْقِ، وَلَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ مِنْ الصَّدْرِ وَالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْجَنْبَيْنِ وَبِمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَكُونُ فَوْقَ الذَّقَنِ وَلَا تَحْتَ الْعَانَةِ اهـ قَالَ الْعَيْنِيُّ: وَلَا تَدْخُلُ الْجَائِفَةُ فِي الْعَشَرَةِ إذْ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا الشَّجَّةُ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ مَعَ الْآمَّةِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ فِي كُلٍّ ثُلُثُهَا) أَيْ ثُلُثُ الدِّيَةِ.
[تَنْبِيهٌ] قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْرِفَ أَنَّ مَا كَانَ أَرْشُهُ نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ إلَى ثُلُثِهَا فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْخَطَأِ فَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي سَنَةٍ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فَكُلُّ مَا وَجَبَ بِهِ ثُلُثُهَا فَهُوَ فِي سَنَةٍ، وَإِنْ زَادَ فَالزِّيَادَةُ فِي سَنَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ انْفَرَدَتْ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثَيْنِ فَالثُّلُثَانِ إلَى سَنَتَيْنِ وَالزَّائِدُ فِي الثَّالِثَةِ وَمَا كَانَ دُونَ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ أَوْ كَانَ عَمْدًا فَهُوَ فِي مَالِ الْجَانِي اهـ مُلَخَّصًا أَيْ لِمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْمَعَاقِلِ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ، وَلَا مَا دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ (قَوْلُهُ حُكُومَةُ عَدْلٍ) أَيْ فِي الْخَطَأِ كَذَا فِي الْعَمْدِ إنْ لَمْ نَقُلْ بِالْقِصَاصِ عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ) أَيْ الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالتَّوْقِيفِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمُوضِحَةِ) خَصَّهَا؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الشِّجَاجِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ: وَهِيَ الْمُرَادَةُ مِنْ قَوْلِ الْمُحِيطِ مِنْ أَقَلِّ شَجَّةٍ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ.
بَيَانُهُ: أَنَّ الشَّجَّةَ لَوْ كَانَتْ بَاضِعَةً مَثَلًا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ كَمْ مِقْدَارُ الْبَاضِعَةِ مِنْ الْمُوضِحَةِ، فَإِنْ كَانَ ثُلُثَ الْمُوضِحَةِ وَجَبَ ثُلُثُ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَإِنْ كَانَ رُبُعَ الْمُوضِحَةِ يَجِبُ رُبُعُ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ)
فِي الْحُرِّ (مِنْ الدِّيَةِ) وَفِي الْعَبْدِ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِنْ نَقَصَ الْحُرُّ عُشْرَ قِيمَتِهِ أَخَذَ عُشْرَ دِيَتِهِ، وَكَذَا فِي النِّصْفِ وَالثُّلُثِ (هُوَ) أَيْ هَذَا التَّفَاوُتُ (هِيَ) أَيْ حُكُومَةُ الْعَدْلِ (بِهِ يُفْتَى) كَمَا فِي الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَالْمُلْتَقَى وَالدُّرَرِ وَالْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمَعِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: إنَّمَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ لَوْ الْجِنَايَةُ فِي وَجْهٍ وَرَأْسٍ فَحِينَئِذٍ يُفْتَى بِهِ وَلَوْ فِي غَيْرِهِمَا أَوْ تَعَسَّرَ عَلَى الْمُفْتِي يُفْتِي بِقَوْلِ الطَّحَاوِيِّ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ أَيْسَرُ انْتَهَى، وَنَحْوُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ بِزِيَادَةٍ وَقِيلَ تَفْسِيرُ الْحُكُومَةِ: هُوَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ، وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَالْأَدْوِيَةِ إلَى أَنْ يَبْرَأَ
(وَلَا قِصَاصَ) فِي جَمِيعِ الشِّجَاجِ (إلَّا فِي الْمُوضِحَةِ عَمْدًا) وَمَا لَا قَوَدَ فِيهِ يَسْتَوِي الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِيهِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِيمَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ أَيْضًا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ دُرَرٌ وَمُجْتَبًى وَابْنُ الْكَمَالِ وَغَيْرُهَا لِإِمْكَانِ الْمُسَاوَاةِ، بِأَنْ يَسْبُرَ غَوْرَهَا بِمِسْبَارٍ ثُمَّ يَتَّخِذُ حَدِيدَةً بِقُدْرَةٍ فَيَقْطَعُ وَاسْتَثْنَى فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ السِّمْحَاقَ فَلَا يُقَادُ إجْمَاعًا كَمَا لَا قَوَدَ فِيمَا بَعْدَهَا كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَعَزَاهُ لِلْجَوْهَرَةِ فَلْيُحْفَظْ.
قَالَ فِي الْمُجْتَبَى: وَلَا قَوَدَ فِي جِلْدِ رَأْسٍ وَبَدَنٍ وَلَحْمِ خَدٍّ وَبَطْنٍ وَظَهْرٍ
ــ
[رد المحتار]
لِحَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه. فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ حُكُومَةَ الْعَدْلِ فِي الَّذِي قَطَعَ طَرَفَ لِسَانِهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ بِالْعَبْدِ وَلِأَنَّ مُوضِحَةَ الْحُرِّ الصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ سَوَاءٌ، وَفِي الْعَبْدِ يَجِبُ فِي الصَّغِيرَةِ أَقَلُّ مِمَّا يَجِبُ فِي الْكَبِيرَةِ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ فِي الْحُرِّ) أَيْ هُوَ فِي شَجَّةِ الْحُرِّ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ، وَقَوْلُهُ مِنْ الدِّيَةِ أَيْ يُؤْخَذُ مِنْهَا، وَهُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَفِي الْعَبْدِ مِنْ الْقِيمَةِ) أَيْ وَقَدْرُ التَّفَاوُتِ فِي شَجَّةِ الْعَبْدِ يُؤْخَذُ مِنْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ دِيَتُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَقَصَ إلَخْ) مِثَالُهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِنْ غَيْرِ جِرَاحَةٍ تَبْلُغُ أَلْفًا وَمَعَ الْجِرَاحَةِ تَبْلُغُ تِسْعَمِائَةٍ عُلِمَ أَنَّ الْجِرَاحَةَ أَوْجَبَتْ نُقْصَانَ عُشْرِ قِيمَتِهِ فَأَوْجَبَتْ عُشْرَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْحُرِّ دِيَتُهُ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) وَبِهِ أَخَذَ الْحَلْوَانِيُّ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَهُوَ قَوْلُ كُلِّ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمَ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ لَوْ الْجِنَايَةُ فِي وَجْهٍ وَرَأْسٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا مَوْضِعُ الْمُوضِحَةِ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَسَّرَ عَلَى الْمُفْتِي) أَيْ مَا اعْتَبَرَهُ الْكَرْخِيُّ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَهَذَا الْإِطْلَاقُ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ تَعَسَّرَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) فِي مَوْضِعِ جَرٍّ بِإِضَافَةِ زِيَادَةٍ إلَيْهِ.
قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ بَعْدَهُ: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا بَقِيَ لِلْجِرَاحَةِ أَثَرٌ، وَإِلَّا فَعِنْدَهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُهُ قَدْرُ مَا أَنْفَقَ إلَى أَنْ يَبْرَأَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ حُكُومَةُ الْعَدْلِ فِي الْأَلَمِ اهـ وَيَأْتِي تَمَامُهُ آخِرَ الْفَصْلِ
(قَوْلُهُ وَلَا قِصَاصَ فِي جَمِيعِ الشِّجَاجِ) أَيْ مَا فَوْقَ الْمُوضِحَةِ إجْمَاعًا وَمَا دُونَهَا عَلَى الْخِلَافِ ط (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمُوضِحَةِ عَمْدًا) أَيْ إذَا لَمْ يَخْتَلَّ بِهِ عُضْوٌ آخَرُ فَلَوْ شَجَّ مُوضِحَةً عَمْدًا فَذَهَبَتْ عَيْنَاهُ فَلَا قِصَاصَ عِنْدَهُ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِيهِمَا، وَقَالَا فِي الْمُوضِحَةِ قِصَاصٌ وَفِي الْبَصَرِ دِيَةٌ شَرْحُ الْمَجْمَعِ عَنْ الْكَافِي (قَوْلُهُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ) أَيْ فِي الْعَمْدِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ) وَفِي الْكَافِي هُوَ الصَّحِيحُ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى - {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]- وَيُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمُسَاوَاةِ مِعْرَاجٌ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَسْبُرَ غَوْرُهَا) السَّبْرُ امْتِحَانُ غَوْرِ الْجُرْحِ وَغَيْرِهِ كَالِاسْتِبَارِ وَالْغَوْرُ الْقَعْرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَالسِّبَارُ كَكِتَابٍ وَالْمِسْبَارُ مَا يُسْبَرُ بِهِ الْجُرْحُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ السِّمْحَاقَ) حَيْثُ قَالَ: إلَّا السِّمْحَاقَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ إجْمَاعًا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْدَرُ أَنْ يُشَقَّ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى جِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ فَوْقَ الْعَظْمِ اهـ.
أَقُولُ: لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ عَامَّةُ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِيمَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ وَهُوَ سِتَّةٌ مِنْ الْحَارِصَةِ إلَى السِّمْحَاقِ اهـ (قَوْلُهُ كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ) ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا كَسْرَ عَظْمٍ فَلَا تُمْكِنُ الْمُسَاوَاةُ، وَكَذَا الْآمَّةُ لِغَلَبَةِ الْهَلَاكِ فِيهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عِنْدَ عَدَمِ السِّرَايَةِ (قَوْلُهُ وَعَزَاهُ لِلْجَوْهَرَةِ) وَعَزَاهُ ط لِلْبَحْرِ الزَّاخِرِ (قَوْلُهُ وَلَا قَوَدَ فِي جِلْدِ رَأْسٍ) لَعَلَّهُ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي لَحْمِ الْخَدِّ أَوْ يُحْمَلُ فِي الرَّأْسِ
وَلَا فِي لَطْمَةٍ وَوَكْزَةٍ وَوِجَاءَةٍ وَفِي سَلْخِ جِلْدِ الْوَجْهِ كَمَالُ الدِّيَةِ (وَفِي) كُلِّ أَصَابِعِ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ دِيَةٍ وَلَوْ مَعَ الْكَفِّ (لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْأَصَابِعِ) وَمَعَ نِصْفِ سَاعِدٍ نِصْفُ دِيَةٍ (لِلْكَفِّ) وَحُكُومَةُ عَدْلٍ لِنِصْفِ السَّاعِدِ وَكَذَا السَّاقُ (وَفِي) قَطْعِ (كَفٍّ وَفِيهِ أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ عُشْرُهَا أَوْ خُمُسُهَا) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (وَلَا شَيْءَ فِي الْكَفِّ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْكَفِّ ثَلَاثُ أَصَابِعَ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الْكَفِّ إجْمَاعًا، إذْ لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ.
وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى: ضَرَبَ يَدَ رَجُلٍ وبَرِئَ إلَّا أَنَّهُ لَا تَصِلُ يَدُهُ إلَى قَفَاهُ فَبِقَدْرِ النُّقْصَانِ يُؤْخَذُ مِنْ جُمْلَةِ الدِّيَةِ إنْ نَقَصَ الثُّلُثَانِ فَثُلُثَا الدِّيَةِ وَهَكَذَا وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَوْ قَطَعَ مِفْصَلًا مِنْ أُصْبُعٍ فَشَلَّ الْبَاقِي أَوْ قَطَعَ الْأَصَابِعَ فَشَلَّ الْكَفُّ لَزِمَ دِيَةُ الْمَقْطُوعِ فَقَطْ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ فَافْهَمْهُ
ــ
[رد المحتار]
عَلَى السِّمْحَاقِ، وَأَمَّا جِلْدُ الْبَدَنِ وَلَحْمُ الْبَطْنِ وَالظَّهْرِ فَقَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ: وَالْجِرَاحَاتُ الَّتِي هِيَ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ إذَا أَوْضَحَتْ الْعَظْمَ وَكَسَرَتْهُ إذَا بَقِيَ لَهَا أَثَرٌ، وَإِلَّا فَعِنْدَهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ مَا أَنْفَقَ إلَى أَنْ يَبْرَأَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ اهـ ط (قَوْلُهُ وَلَا فِي لَطْمَةٍ) اللَّطْمُ ضَرْبُ الْخَدِّ وَصَفْحَةُ الْجَسَدِ بِالْكَفِّ مَفْتُوحَةٌ، وَالْوَكْزُ الدَّفْعُ وَالضَّرْبُ بِجَمْعِ الْكَفِّ قَامُوسٌ وَالْوَجْءُ الضَّرْبُ بِالْيَدِ وَبِالسِّكِّينِ قَامُوسٌ قَالَ ط: وَالْمُرَادُ ضَرْبُهُ بِالْيَدِ؛ لِأَنَّ الْوَجْءَ بِالسِّكِّينِ دَاخِلٌ فِي الْجِرَاحَاتِ فَالثَّلَاثَةُ رَاجِعَةٌ إلَى الضَّرْبِ بِالْيَدِ وَمَا ذَكَرَهُ لَا يُنَافِي ثُبُوتَ التَّعْزِيرِ (قَوْلُهُ وَفِي سَلْخِ الْوَجْهِ كَمَالُ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ الْجَمَالِ عَلَى الْكَمَالِ (قَوْلُهُ نِصْفُ دِيَةٍ لِلْكَفِّ) أَيْ مَعَ الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ وَفِيهَا أُصْبُعٌ) غَيْرَ قَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأُصْبُعِ إلَّا مَفْصِلٌ وَاحِدٌ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجِبُ فِيهِ أَرْشُ ذَلِكَ الْمَفْصِلِ وَيُجْعَلُ الْكَفُّ تَبَعًا لَهُ؛ لِأَنَّ أَرْشَ ذَلِكَ الْمَفْصِلِ مُقَدَّرٌ، وَمَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْأَصْلِ وَإِنْ قَلَّ فَلَا حُكْمَ لِلتَّبَعِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قُطِعَ الْكَفُّ وَلَا أَصَابِعَ فِيهَا، قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِيهَا حُكُومَةُ الْعَدْلِ، وَلَا يَبْلُغُ بِهَا أَرْشَ أُصْبُعٍ؛ لِأَنَّ الْأُصْبُعَ الْوَاحِدَةَ تَتْبَعُهَا الْكَفُّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا تَبْلُغُ قِيمَةُ التَّبَعِ قِيمَةَ الْمَتْبُوعِ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَعِنْدَهُمَا يُنْظَرُ إلَى أَرْشِ الْكَفِّ وَالْأُصْبُعِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَيَدْخُلُ الْقَلِيلُ فِي الْكَثِيرِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الْكَفِّ) بَلْ عَلَيْهِ لِلْأَصَابِعِ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ إذَا لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ) أَيْ فِي تَبَعِيَّةِ الْكَفِّ لِلْأَصَابِعِ فَكَمَا يَتْبَعُ الْخَمْسَةَ وَهِيَ الْكُلُّ يَتْبَعُ الثَّلَاثَةَ، فَلَا يَجِبُ إلَّا دِيَةُ الْأَصَابِعِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا شَيْءَ فِي الْكَفِّ لِتَبَعِيَّتِهِ لَهَا وَهَذَا التَّعْلِيلُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ لِقَوْلِهِمَا أَمَّا عِنْدَهُ فَالْكَفُّ يَتْبَعُ الْأَقَلَّ أَيْضًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَبِقَدْرِ النُّقْصَانِ) أَيْ مِنْ قِيمَتِهِ لَوْ فَرَضَ عَبْدًا مَعَ هَذَا الْعَيْبِ وَبِدُونِهِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَشُلَّ الْبَاقِي) أَيْ مِنْ تِلْكَ الْأُصْبُعِ (قَوْلُهُ لَزِمَ دِيَةُ الْمَقْطُوعِ فَقَطْ) يَعْنِي دِيَةَ الْأُصْبُعِ بِتَمَامِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَدِيَةُ الْأَصَابِعِ كُلِّهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا شَيْءَ فِي الْكَفِّ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ كَمَا مَرَّ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَقَطْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَقْطُوعِ فِي الْأُولَى الْمَفْصِلُ فَقَطْ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ لِمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْوَانِيُّ عَنْ الطَّحَاوِيِّ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْبُرْهَانِيِّ وَالْقَاضِي خَانْ أَنَّهُ يَجِبُ دِيَةُ الْأُصْبُعِ إذَا شُلَّ الْبَاقِي مِنْ الْأُصْبُعِ وَدِيَةُ الْيَدِ إذَا شُلَّتْ الْيَدُ اهـ
وَفِي النِّهَايَةِ: إذَا قُطِعَ مِنْ أُصْبُعٍ مَفْصِلٌ وَاحِدٌ فَشُلَّ الْبَاقِي مِنْ الْأُصْبُعِ أَوْ الْكَفِّ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِيمَا شُلَّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ أُصْبُعًا فَدِيَةُ الْأُصْبُعِ، وَإِنْ كَانَ كَفًّا فَدِيَةُ الْكَفِّ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ وَإِلَّا فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: قَطَعَ الْأُصْبُعَ مِنْ الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى فَشُلَّ مَا بَقِيَ مِنْهَا يُكْتَفَى بِأَرْشٍ وَاحِدٍ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ تَجِبُ دِيَةُ الْمَقْطُوعِ، وَتَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ فِي الْبَاقِي بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا إذَا كَسَرَ نِصْفَ السِّنِّ وَاسْوَدَّ مَا بَقِيَ أَوْ اصْفَرَّ أَوْ احْمَرَّ تَجِبُ دِيَةُ السِّنِّ كُلِّهِ اهـ وَذَكَرَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ يُكْتَفَى بِأَرْشٍ وَاحِدٍ أَرْشِ أُصْبُعٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَكَذَا إذَا كُسِرَ السِّنُّ إلَخْ
وَإِنْ خَالَفَ الدُّرَرَ ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَسَيَجِيءُ مَتْنًا
(وَفِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ وَعَيْنِ الصَّبِيِّ وَذَكَرِهِ وَلِسَانِهِ إنْ لَمْ تُعْلَمْ صِحَّتُهُ يُنْظَرُ) فِي الْعَيْنِ (وَحَرَكَةٍ) فِي الذَّكَرِ (وَكَلَامٍ) فِي اللِّسَانِ (حُكُومَةُ عَدْلٍ) فَإِنْ عُلِمَتْ الصِّحَّةُ فَكَبَالِغٍ فِي خَطَأٍ أَوْ عَمْدٍ إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْجَانِي وَإِنْ أَنْكَرَ أَوْ قَالَ لَا أَعْرِفُ صِحَّتَهُ فَحُكُومَةُ الْعَدْلِ جَوْهَرَةٌ (وَدَخَلَ أَرْشُ مُوضِحَةٍ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ أَوْ شَعْرَ رَأْسِهِ فِي الدِّيَةِ) لِدُخُولِ الْجُزْءِ فِي الْكُلِّ كَمَنْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَشَلَّتْ الْيَدُ (وَإِنْ ذَهَبَ سَمْعُهُ أَوْ بَصَرُهُ أَوْ نُطْقُهُ لَا) تَدْخُلُ لِأَنَّهُ كَأَعْضَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ بِخِلَافِ الْعَقْلِ لِعَوْدِ نَفْعِهِ لِلْكُلِّ (وَلَا قَوَدَ إنْ ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ بَلْ الدِّيَةُ فِيهِمَا) خِلَافًا لَهُمَا
(وَلَا يُقْطَعُ أُصْبُعٌ شُلَّ جَارُهُ) خِلَافًا لَهُمَا (وَ) لَا (أُصْبُعٌ قُطِعَ مِفْصَلُهُ الْأَعْلَى فَشَلَّ مَا بَقِيَ) مِنْ الْأَصَابِعِ (بَلْ دِيَةُ الْمِفْصَلِ وَالْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ وَلَا) قَوَدَ (بِكَسْرِ نِصْفِ سِنٍّ أَسْوَدَ)
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَفَ الدُّرَرَ) حَيْثُ قَالَ: تَجِبُ دِيَةُ الْمَفْصِلِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ وَالْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ إنْ انْتَفَعَ بِهِ اهـ فَإِنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَقُولَ دِيَةُ الْأُصْبُعِ وَكَأَنَّهُ أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ الْمَارَّةِ وَقَدْ عَلِمْت الْمُرَادَ بِهَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ بَعْدَ أَسْطُرٍ
(قَوْلُهُ وَفِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ إلَخْ) خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ الْآتِي وَهُوَ قَوْلُهُ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ فِي الْأُولَى لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْجَمَالِ بِهَا وَفِي الْبَوَاقِي؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مَنَافِعُهَا، فَإِذَا جُهِلَ وُجُودُ الْمَنْفَعَةِ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ بِالشَّكِّ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَإِنْ كَانَ لِلْقَاطِعِ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَحَرَكَةٍ) أَيْ لِلْبَوْلِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَلَامٍ فِي اللِّسَانِ) وَالِاسْتِهْلَالُ لَيْسَ بِكَلَامٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ صَوْتٍ، وَمَعْرِفَةُ الصِّحَّةِ فِيهِ بِالْكَلَامِ هِدَايَةٌ وَغَيْرُهَا. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: لَوْ اسْتَهَلَّ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنَّ فِيهِ الْحُكُومَةَ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ فَكَبَالِغٍ) وَكَذَا فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَنْفِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَغَيْرِهَا كَالْبَالِغِ فِي الْقَوَدِ بِالْعَمْدِ وَالدِّيَةِ بِالْخَطَأِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ شَعْرَ رَأْسِهِ) يَعْنِي جَمِيعَهُ، أَمَّا إذَا تَنَاثَرَ بَعْضُهُ أَوْ شَيْءٌ يَسِيرٌ مِنْهُ فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ وَدَخَلَ فِيهِ الشَّعْرُ وَذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَإِلَى الْحُكُومَةِ فِي الشَّعْرِ، فَإِنْ كَانَا سَوَاءً يَجِبُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ دَخَلَ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْبُتْ شَعْرُهُ، أَمَّا إذَا نَبَتَ وَرَجَعَ كَمَا كَانَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ لِدُخُولِ الْجُزْءِ فِي الْكُلِّ) ؛ لِأَنَّ بِفَوَاتِ الْعَقْلِ تَبْطُلُ مَنْفَعَةُ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ، فَصَارَ كَمَا إذَا أَوْضَحَهُ وَمَاتَ وَأَرْشُ الْمُوضِحَةِ يَجِبُ بِفَوَاتِ جَزْءٍ مِنْ الشَّعْرِ حَتَّى لَوْ نَبَتَ سَقَطَ هِدَايَةٌ، لَمْ يَدْخُلْ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ كَمَنْ قَطَعَ أُصْبُعًا إلَخْ) فَإِنَّ دِيَةَ الْأُصْبُعِ تَدْخُلُ فِي دِيَةِ الْيَدِ (قَوْلُهُ لَا تَدْخُلُ) فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ مَعَ الدِّيَةِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْجِنَايَةِ مَوْتٌ، أَمَّا إذَا حَصَلَ سَقَطَ الْأَرْشُ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي مَالِهِ لَوْ عَمْدًا وَعَلَى الْعَاقِلَةِ لَوْ خَطَأً كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ كَأَعْضَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ) أَفْرَدَ الضَّمِيرَ لِلْعَطْفِ بِأَوْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ؛ لِأَنَّهَا (قَوْلُهُ وَلَا قَوَدَ) أَيْ فِي الشَّجَّةِ بِأَنْ شَجَّهُ فَذَهَبَتْ عَيْنَاهُ بَلْ الدِّيَةُ فِيهِمَا مَعَ أَرْشِ الشَّجَّةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) فَعِنْدَهُمَا فِي الْمُوضِحَةِ الْقِصَاصُ وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ مِنَحٌ
(قَوْلُهُ وَلَا يُقْطَعُ أُصْبُعٌ شُلَّ جَارُهُ) بَلْ يَجِبُ أَرْشُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَامِلًا مِنَحٌ وَالْأُصْبُعُ قَدْ يُذَكَّرُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) فَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْأُولَى وَالْأَرْشُ فِي الْأُخْرَى جَوْهَرَةٌ؛ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا قَوَدَ إنْ ذَهَبَ عَيْنَاهُ أَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَشُلَّ جَارُهُ بَلْ الدِّيَةُ فِيهِمَا خِلَافًا لَهُمَا لَكَانَ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَصَابِعِ) الْأَظْهَرُ قَوْلُ الْهِدَايَةِ مِنْ الْأُصْبُعِ (قَوْلُهُ بَلْ دِيَةُ الْمَفْصِلِ وَالْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْمُلْتَقَى، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَنْتَفِعُ بِمَا بَقِيَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ، فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ وُجُوبِ دِيَةِ الْأُصْبُعِ، لَكِنْ حَمَلَهُ فِي الْعَزْمِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ قَوْلٌ آخَرُ، وَاسْتَبْعَدَ التَّوْفِيقَ بِالِانْتِفَاعِ وَعَدَمِهِ بِأَنَّ الشَّلَلَ لَا يُفَارِقُهُ عَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِهِ لَا مَحَالَةَ تَأَمَّلْ، وَأَمَّا عِبَارَةُ الدُّرَرِ فَهِيَ سَهْوٌ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فَافْهَمْ.
وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ الْخِلَافِ هُنَا إشَارَةً إلَى أَنَّهُمَا لَا يَقُولَانِ بِالْقِصَاصِ هُنَا، بِخِلَافِ مَا مَرَّ
أَوْ أَصْفَرَ أَوْ أَحْمَرَ (بَاقِيهَا بَلْ كُلُّ دِيَةِ السِّنِّ) إذَا فَاتَ مَنْفَعَةُ الْمَضْغِ وَإِلَّا فَلَوْ مِمَّا يُرَى حَالَ التَّكَلُّمِ فَالدِّيَةُ أَيْضًا وَإِلَّا فَحُكُومَةُ عَدْلٍ زَيْلَعِيٌّ فَقَوْلُ الدُّرَرِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ فِيهِ مَا فِيهِ ثُمَّ الْأَصْلُ أَنَّ الْجِنَايَةَ مَتَى وَقَعَتْ عَلَى مَحَلَّيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ حَقِيقَةً فَأَرْشُ أَحَدِهِمَا لَا يَمْنَعُ قَوَدَ الْآخَرِ، وَمَتَى وَقَعَتْ عَلَى مَحَلٍّ وَأَتْلَفَتْ شَيْئَيْنِ فَأَرْشُ أَحَدِهِمَا يَمْنَعُ الْقَوَدَ (وَيَجِبُ الْأَرْشُ عَلَى مَنْ أَقَادَ سِنَّهُ) بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلٍ (ثُمَّ نَبَتَ) بَعْدَ ذَلِكَ لِتَبَيُّنِ الْخَطَأِ حِينَئِذٍ وَسَقَطَ الْقَوَدُ لِلشُّبْهَةِ وَفِي الْمُلْتَقَى وَيُسْتَأْنَى فِي اقْتِصَاصِ السِّنِّ وَالْمُوضِحَةِ حَوْلًا وَكَذَا لَوْ ضَرَبَ سِنَّهُ فَتَحَرَّكَتْ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يُرْجَى نَبَاتُهُ لَا يُؤَجَّلُ بِهِ يُفْتَى.
قُلْت: وَقَدْ يُوَفَّقُ بِمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ عَنْ النِّهَايَةِ الصَّحِيحِ تَأْجِيلُ الْبَالِغِ لِيَبْرَأَ لَا سِنُّهُ؛ لِأَنَّ نَبَاتَهُ نَادِرٌ (أَوْ قَلَعَهَا فَرُدَّتْ) أَيْ رَدَّهَا صَاحِبُهَا (إلَى مَكَانِهَا وَنَبَتَ عَلَيْهَا اللَّحْمُ) لِعَدَمِ عَوْدِ الْعُرُوقِ كَمَا كَانَتْ فِي النِّهَايَةِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إنْ عَادَتْ إلَى حَالَتِهَا الْأُولَى فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْجَمَالِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ نَبَتَتْ (وَكَذَا الْأُذُنُ) إذَا أَلْصَقَهَا فَالْتَحَمَتْ يَجِبُ الْأَرْشُ لِأَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ دُرَرٌ (إلَّا إنْ قُلِعَتْ) السِّنُّ (فَنَبَتَتْ أُخْرَى فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْأَرْشُ عِنْدَهُ كَسِنٍّ صَغِيرٍ)
ــ
[رد المحتار]
لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ أَصْحَابَنَا اتَّفَقُوا فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ إذَا قُطِعَ بَعْضُهُ فَشُلَّ بَاقِيهِ أَوْ شُلَّ مَا هُوَ تَبَعٌ لِلْمَقْطُوعِ: أَيْ كَالْكَفِّ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ. وَاخْتَلَفُوا فِي عُضْوَيْنِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ اهـ أَيْ كَالْأُصْبُعِ وَجَارِهِ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي الْأُصْبُعِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ عُضْوَانِ غَيْرُ مُتَبَايِنَيْنِ، وَإِلَّا فَأَرْشُ أَحَدِهِمَا لَا يَمْنَعُ قَوَدَ الْآخَرِ عِنْدَهُ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ أَوْ أَصْفَرَ أَوْ أَحْمَرَ) أَيْ أَوْ دَخَلَهُ عَيْبٌ بِوَجْهٍ مَا مَكِّيٌّ عَنْ الْكَافِي ط وَمَا ذَكَرَهُ فِي الِاصْفِرَارِ هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَبِهِ جَزَمَ فِي التَّبْيِينِ أَوَّلًا، لَكِنْ ذَكَرَ بَعْدَهُ بِنَحْوِ وَرَقَةٍ فِيمَا لَوْ اصْفَرَّتْ بِالضَّرْبِ وُجُوبُ الْحُكُومَةِ؛ لِأَنَّ الصُّفْرَةَ لَا تُوجِبُ تَفْوِيتَ الْجَمَالِ وَلَا الْمَنْفَعَةِ إلَّا أَنَّ كَمَالَ الْجَمَالِ فِي الْبَيَاضِ اهـ.
وَلَعَلَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ الِاصْفِرَارِ بِالْكَسْرِ وَالِاصْفِرَارِ بِالضَّرْبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَوْ مِمَّا يُرَى إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ مُطْلَقَةٌ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِيهَا عَلَى التَّفْصِيلِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالدِّيَةُ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ جَمَالًا ظَاهِرًا عَلَى الْكَمَالِ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ فِيهِ مَا فِيهِ) أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى فَلَا شَيْءَ فِيهِ مُقَدَّرٌ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ حُكُومَةِ الْعَدْلِ ط (قَوْلُهُ مُتَبَايِنَيْنِ حَقِيقَةً) كَيَدٍ وَرِجْلٍ ط (قَوْلُهُ عَلَى مَحَلٍّ) كَمُوضِحَةٍ أَزَالَتْ عَقْلَهُ أَوْ سَمْعَهُ أَوْ بَصَرَهُ أَوْ نُطْقَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَحَلُّ عُضْوًا وَاحِدًا أَوْ عُضْوَيْنِ غَيْرَ مُتَبَايِنَيْنِ كَأُصْبُعٍ شُلَّ جَارُهُ خِلَافًا لَهُمَا فِي الْعُضْوَيْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ الْأَرْشُ) أَيْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ أَقَادَ سِنَّهُ) يُقَالُ أَقَادَ الْقَاتِلُ بِالْقَتِيلِ إذَا قَتَلَهُ بِهِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَالْقَامُوسِ، فَيَتَعَدَّى إلَى الْأَوَّلِ بِالْهَمْزَةِ وَإِلَى الثَّانِي بِالْبَاءِ وَعَلَيْهِ فَحَقُّهُ أَقَادَ بِسِنِّهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثُمَّ نَبَتَ) أَيْ كُلُّهُ غَيْرُ مُعْوَجٍّ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلٍ) أَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْقَوَدُ قَبْلَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ الْإِقَادَةِ (قَوْلُهُ لِتَبَيُّنِ الْخَطَأِ) أَيْ فِي الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لَهُ فَسَادُ الْمَنْبَتِ وَلَمْ يَفْسُدْ حَيْثُ نَبَتَ مَكَانَهَا أُخْرَى، فَانْعَدَمَتْ الْجِنَايَةُ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ لِلشُّبْهَةِ) أَيْ شُبْهَةِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ قَبْلَ النَّبَاتِ ط (قَوْلُهُ وَيُسْتَأْنَى) بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ أَيْ يُنْتَظَرُ، وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْقَالِعِ ضَمِينًا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ يُسْتَأْنَى حَوْلًا (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ) حَيْثُ قَالَ: قَلَعَ سِنَّ بَالِغٍ لَا يُؤَجَّلُ سَنَةً إنَّمَا ذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ، وَلَكِنْ يُنْتَظَرُ حَتَّى يَبْرَأَ مَوْضِعُ السِّنِّ، أَمَّا إذَا ضَرَبَهُ فَتَحَرَّكَ يُنْتَظَرُ حَوْلًا وَفِي نُسْخَةِ السَّرَخْسِيِّ يُسْتَأْنَى حَوْلًا فِي الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يُرْجَى نَبَاتُهُ فِي الْكَسْرِ وَالْقَلْعِ وَبِالْأَوَّلِ يُفْتَى اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَقَدْ يُوَفَّقُ إلَخْ) أَيْ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُلْتَقَى عَلَى الصَّغِيرِ وَمَا فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى الْكَبِيرِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَتِهَا (قَوْلُهُ أَوْ قَلَعَهَا فَرُدَّتْ) أَيْ قَبْلَ الْقَوَدِ ط (قَوْلُهُ لِعَدَمِ عَوْدِ الْعُرُوقِ) عِلَّةً لِوُجُوبِ الْأَرْشِ ط، وَوُجُوبُهُ هُنَا عَلَى الْجَانِي (قَوْلُهُ إنْ عَادَتْ) أَيْ إنْ تَصَوَّرَ عَوْدَهَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعُودُ) الظَّاهِرُ جَرَيَانُ مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هُنَا أَيْضًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْأَرْشُ) أَيْ عَنْ الْجَانِي لِانْعِدَامِ الْجِنَايَةِ مَعْنًى (قَوْلُهُ كَسِنٍّ صَغِيرٍ) فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ
خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ نَبَتَتْ مُعْوَجَّةً فَحُكُومَةُ عَدْلٍ، وَلَوْ نَبَتَتْ إلَى النِّصْفِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأَرْشِ، وَلَا شَيْءَ فِي ظُفْرٍ نَبَتَ كَمَا كَانَ (أَوْ الْتَحَمَ شَجَّهُ أَوْ) الْتَحَمَ (جُرْحٌ) حَاصِلٌ ذَلِكَ (بِضَرْبٍ وَلَمْ يَبْقَ) لَهُ (أَثَرٌ) فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ أَرْشُ الْأَلَمِ وَهِيَ حُكُومَةُ عَدْلٍ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: قَدْرُ مَا لَحِقَهُ مِنْ النَّفَقَةِ إلَى أَنْ يَبْرَأَ مِنْ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَثَمَنِ دَوَاهُ. وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَسَّرَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ أَرْشُ الْأَلَمِ بِأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَالْمُدَاوَاةِ فَعَلَيْهِ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ.
قُلْت: وَقَدْ قَدَّمْنَا نَحْوَهُ عَنْ الْمُجْتَبَى وَذَكَرَ هُنَا عَنْهُ رِوَايَتَيْنِ فَتَنَبَّهْ (وَلَا يُقَادُ جُرْحٌ إلَّا بَعْدَ بُرْئِهِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ
(وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَالْمَعْتُوهِ (خَطَأٌ) بِخِلَافِ السَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ
ــ
[رد المحتار]
الْأَرْشُ بِالْإِجْمَاعِ إذَا نَبَتَتْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَفُتْ عَلَيْهِ مَنْفَعَةٌ وَلَا زِينَةٌ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) حَيْثُ قَالَا: عَلَيْهِ الْأَرْشُ كَامِلًا لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ وَالْحَادِثُ نِعْمَةٌ مُبْتَدَأَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ فَحُكُومَةُ عَدْلٍ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ زَيْلَعِيٌّ وَلَوْ نَبَتَتْ سَوْدَاءَ جُعِلَ كَأَنَّهَا لَمْ تَنْبُتْ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ فِي ظُفْرٍ إلَخْ) فَهُوَ كَالسِّنِّ. بَقِيَ مَا إذَا لَمْ يَنْبُتْ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: وَفِي قَلْعِ الْأَظْفَارِ تَنْبُتُ حُكُومَةُ عَدْلٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ اهـ وَإِنْ نَبَتَ الظُّفْرُ عَلَى عَيْبٍ فَحُكُومَةٌ دُونَ الْأُولَى ظَهِيرِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ) فَإِنْ بَقِيَ لَهُ أَثَرٌ فَإِنْ شَجَّةٌ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ لَزِمَ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ عِنْدَ الْإِمَامِ كَنَبَاتِ السِّنِّ.
وَفِي الْبُرْجَنْدِيِّ عَنْ الْخِزَانَةِ وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ دُرٌّ مُنْتَقَى وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ وَالنَّسَفِيُّ وَغَيْرُهُمَا، لَكِنْ قَالَ فِي الْعُيُونِ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ قِيَاسًا وَقَالَا: يُسْتَحْسَنُ أَنْ تَجِبَ حُكُومَةُ عَدْلٍ مِثْلُ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَهَكَذَا كُلُّ جِرَاحَةٍ بَرِئَتْ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ.
قَالَ السَّائِحَانِيُّ: وَيَظْهَرُ لِي رُجْحَانُ الِاسْتِحْسَانِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَحَةِ اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَيْضًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْحُكُومَةُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّانِي. قَالَ الْفَقِيهُ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا ثَمَنَ الْأَدْوِيَةِ قَالَ الْقَاضِي: أَنَا لَا أَتْرُكُ قَوْلَهُمَا وَإِنْ بَقِيَ أَثَرٌ يَجِبُ أَرْشُ ذَلِكَ الْأَثَرِ إنْ مُنَقِّلَةٌ مَثَلًا فَأَرْشُ الْمُنَقِّلَةِ اهـ قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَتَأَمَّلْ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا مِنْ الْمُخَالَفَةِ فِي سُوقِ الْخِلَافِ، وَمَا هُنَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْعَيْنِيِّ وَغَالِبِ الشُّرُوحِ (قَوْلُهُ وَهِيَ حُكُومَةُ عَدْلٍ) أَنَّثَ الضَّمِيرَ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ) وَغَيْرُهُ كَالزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمْنَا) أَيْ فِي بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ نَحْوَهُ أَيْ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ هُنَا) أَيْ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْهُ: أَيْ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَيْنِ حَيْثُ قَالَ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ أَرْشُ الْأَلَمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ زَجْرًا لِلسَّفِيهِ وَجَبْرًا لِلضَّرَرِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَ أَبُو يُوسُفَ أَرْشَ الْأَلَمِ وَأَرَادَ بِهِ حُكُومَةَ عَدْلٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَوَّمَ عَبْدًا صَحِيحًا وَيُقَوَّمَ بِهَذَا الْأَلَمِ.
ثُمَّ قَالَ قُلْت: فَسَّرَ حُكُومَةَ الْعَدْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِأُجْرَةِ الطَّبِيبِ، وَهَكَذَا رَأَيْته فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ أَرَادَ أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَثَمَنَ الْأَدْوِيَةِ. وَقَالَ الْقُدُورِيُّ: إنَّ أُجْرَةَ الطَّبِيبِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ فَتَنَبَّهْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ تَفْسِيرَ الطَّحَاوِيِّ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى إحْدَى رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ط (قَوْلُهُ وَلَا يُقَادُ جُرْحٌ إلَّا بَعْدَ بُرْئِهِ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نَهَى أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ جُرْحٍ حَتَّى يَبْرَأَ صَاحِبُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَلِأَنَّ الْجِرَاحَاتِ يُعْتَبَرُ فِيهَا مَا لَهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَسْرِيَ إلَى النَّفْسِ فَيَظْهَرَ أَنَّهُ قَتْلٌ فَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ جُرْحٌ إلَّا بِالْبُرْءِ فَيَسْتَقِرُّ بِهِ زَيْلَعِيٌّ
(قَوْلُهُ خَطَأً) أَيْ فِي حُكْمِ الْخَطَأِ فِي وُجُوبِ الْمَالِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ السَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ) كَذَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ السَّكْرَانُ بِغَيْرِ مُبَاحٍ زَجْرًا لَهُ، وَإِلَّا فَالْعَمْدُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَصْدِ وَالسَّكْرَانُ بِمُبَاحٍ لَا قَصْدَ لَهُ وَلَا زَجْرَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُغْمَى فَإِنَّهُ لَا قَصْدَ لَهُ كَالنَّائِمِ بَلْ هُوَ أَشَدُّ، وَأَيْضًا فَالصَّبِيُّ لَهُ قَصْدٌ بِالْجُمْلَةِ، وَقَدْ جُعِلَ عَمْدُهُ خَطَأً فَهَذَا أَوْلَى