الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَإِنْ مَاتَا)(فَالْخِيَارُ فِي ذَلِكَ لِوَرَثَةِ الْعَامِلِ) كَمَا مَرَّ (وَإِنْ)(لَمْ يَمُتْ أَحَدُهُمَا بَلْ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا) أَيْ الْمُسَاقَاةِ (فَالْخِيَارُ لِلْعَامِلِ) إنْ شَاءَ عَمِلَ عَلَى مَا كَانَ
(وَتُفْسَخُ بِالْعُذْرِ)(كَالْمُزَارَعَةِ) كَمَا فِي الْإِجَارَاتِ (وَمِنْهُ كَوْنُ الْعَامِلِ عَاجِزًا عَنْ الْعَمَلِ، وَكَوْنُهُ سَارِقًا يُخَافُ عَلَى ثَمَرِهِ وَسَعَفِهِ مِنْهُ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ.
[فُرُوعٌ] مَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ كَسَقْيٍ وَتَلْقِيحٍ وَحِفْظٍ فَعَلَى الْعَامِلِ، وَمَا بَعْدَهُ كَجِذَاذٍ وَحِفْظٍ فَعَلَيْهِمَا، وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ فَسَدَتْ اتِّفَاقًا مُلْتَقًى. وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ كَسَقْيٍ فَعَلَى الْعَامِلِ وَبَعْدَهُ كَحَصَادٍ
ــ
[رد المحتار]
لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ بِلَا عَمَلٍ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ وَكَذَا هَذَا الْإِشْكَالُ وَارِدٌ فِي الْمُزَارَعَةِ أَيْضًا اهـ. وَأَجَابَ فِي السَّعْدِيَّةِ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الرُّجُوعَ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ لَا بِحِصَّتِهِ كَمَا فَهِمَهُ هَذَا الْفَاضِلُ اهـ. وَهَذَا الْجَوَابُ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى التَّتَارْخَانِيَّة، مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ، وَلِقَوْلِ الْهِدَايَةِ هُنَاكَ يَرْجِعُ بِمَا يُنْفِقُهُ فِي حِصَّتِهِ وَلَمْ يَقُلْ بِنِصْفِهِ وَلَا بِحِصَّتِهِ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ إنْ كَانَ قَدْرَهَا أَوْ دُونَهَا لَا بِالزَّائِدِ عَلَيْهَا كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ. قَالَ الْحَمَوِيُّ: نَعَمْ يَرِدُ هَذَا: أَيْ إشْكَالُ الزَّيْلَعِيِّ عَلَى مَا فِي الْكَافِي وَالْغَايَةِ وَالْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَهُ.
هَذَا، وَاعْلَمْ أَنَّ الرُّجُوعَ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا قَرَّرَهُ فِي الْمُزَارَعَةِ، وَتَقَدَّمَ مَتْنًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَالْعَمَلُ عَلَى الْعَامِلِ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ، وَلَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَعَلَيْهِمَا بِالْحِصَصِ وَعَنْ هَذَا صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّ وَرَثَةَ رَبِّ الْأَرْضِ إذَا أَنْفَقُوا بِأَمْرِ الْقَاضِي رَجَعُوا بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ، وَفِي انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ يَرْجِعُ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى الْمُزَارِعِ بِالنِّصْفِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ. وَالْفَرْقُ بَقَاءُ الْعَقْدِ فِي الْأَوَّلِ، وَكَوْنُ الْعَمَلِ عَلَى الْعَامِلِ فَقَطْ، بِخِلَافِ الثَّانِي، وَتَمَامُهُ مَرَّ فِي الْمُزَارَعَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُزَارَعَةِ لَكِنَّ الْمُسَاقَاةَ مِثْلُهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْهِدَايَةِ وَيَأْتِي، وَلَمْ يُفَرِّقُوا هُنَا بَيْنَهُمَا إلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ يَأْتِي قَرِيبًا. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ التَّقْيِيدِ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا رُجُوعَ بِدُونِهِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَا إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: فَإِنْ أَبَى وَرَثَةُ الْعَامِلِ أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهِ كَانَ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ لِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ عَلَى مَا وَصَفْنَا (قَوْلُهُ بَلْ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا) أَيْ وَالثَّمَرُ نِيءٌ، فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ عَمِلَ) أَيْ كَالْمُزَارَعَةِ لَكِنْ هُنَا لَا يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ حِصَّتِهِ إلَى أَنْ يُدْرَكَ لِأَنَّ الشَّجَرَ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ، بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ، وَكَذَا الْعَمَلُ كُلُّهُ عَلَى الْعَامِلِ وَفِي الْمُزَارَعَةِ عَلَيْهِمَا زَيْلَعِيٌّ، وَإِنْ أَبَى عَنْ الْعَمَلِ خُيِّرَ الْآخَرُ بَيْنَ خِيَارَاتٍ ثَلَاثَةٍ كَمَا بَيَّنَّا أَتْقَانِيٌّ.
[فَرْعٌ قَامَ الْعَامِلُ عَلَى الْكَرْمِ أَيَّامًا ثُمَّ تَرَكَ فَلَمَّا أَدْرَكَ الثَّمَرَ جَاءَ يَطْلُبُ الْحِصَّةَ]
1
[فَرْعٌ]
قَامَ الْعَامِلُ عَلَى الْكَرْمِ أَيَّامًا ثُمَّ تَرَكَ فَلَمَّا أَدْرَكَ الثَّمَرَ جَاءَ يَطْلُبُ الْحِصَّةَ إنْ تَرَكَ فِي وَقْتٍ صَارَ لِلثَّمَرَةِ قِيمَةٌ لَهُ الطَّلَبُ، وَإِنْ قَبْلَهُ فَلَا بَزَّازِيَّةٌ
(قَوْلُهُ وَتُفْسَخُ بِالْعُذْرِ) وَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي الْمُزَارَعَةِ أَتْقَانِيٌّ، وَهَلْ سَفَرُ الْعَامِلِ عُذْرٌ فِيهِ رِوَايَتَانِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُوَفِّقُ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ عُذْرٌ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ عَمَلَ نَفْسِهِ، وَغَيْرُ عُذْرٍ إذَا أَطْلَقَ وَكَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَرَضِ الْعَامِلِ اهـ (قَوْلُهُ وَسَعَفِهِ) بِالتَّحْرِيكِ جَمْعُ سَعَفَةٍ: غُصْنُ النَّخْلِ صِحَاحٌ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْكَمَالِ عَنْ الْمُغْرِبِ، وَكَتَبَ فِي الْهَامِشِ أَنَّ مَا فِي زَكَاةِ الْعِنَايَةِ مِنْ أَنَّهُ وَرَقُ الْجَرِيدِ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْهُ الْمَرَاوِحُ لَيْسَ بِذَاكَ اهـ، لَكِنْ ذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَامِلِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُخَافُ
(قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ فَسَدَتْ اتِّفَاقًا) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ: وَلَوْ شَرَطَ الْجِذَاذَ عَلَى الْعَامِلِ فَسَدَتْ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَا عُرْفَ فِيهِ اهـ، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ آخِرَ الْمُزَارَعَةِ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْعِنَبَ بِتَرْكِ الْحِفْظِ لِلْعُرْفِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ إلَخْ) لَمْ يُفِدْ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ مَا قَبْلَهُ أَصْلٌ لِذِكْرِهِ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ تَأَمَّلْ.
عَلَيْهِمَا كَمَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَلْيُحْفَظْ.
دَفَعَ كَرْمَةً مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى النِّصْفِ، إنْ زَادَ رَبُّ الْكَرْمِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ هِبَةُ مَشَاعٍ يُقْسَمُ، وَإِنْ زَادَ الْعَامِلُ جَازَ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ.
دَفَعَ الشَّجَرَ لِشَرِيكِهِ مُسَاقَاةً لَمْ يَجُزْ فَلَا أَجْرَ لَهُ
ــ
[رد المحتار]
وَذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْيَنَابِيعِ أَنَّ اشْتِرَاطَ مَا لَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ عَلَى الْمُسَاقِي كَالتَّلْقِيحِ وَالتَّأْبِيرِ وَالسَّقْيِ جَائِزٌ، وَمَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ بَعْدَهَا كَإِلْقَاءِ السِّرْقِينِ وَنَصْبِ الْعَرَائِشِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مُفْسِدٌ (قَوْلُهُ كَمَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ) أَيْ كَالْعَمَلِ الَّذِي بَعْدَ قِسْمَةِ الْخَارِجِ. قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: كَالْحَمْلِ إلَى الْبَيْتِ وَالطَّحْنِ وَأَشْبَاهِهِمَا وَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَعْمَالِهَا فَيَكُونَانِ عَلَيْهِمَا، لَكِنْ فِيمَا هُوَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَلَى الِاشْتِرَاكِ، وَفِيمَا هُوَ بَعْدَهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً لِتَمَيُّزِ مِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ مِلْكِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ ثُمَّ زَادَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْهِنْدِيَّةِ أَصْلًا حَسَنًا فَقَالَ: الْأَصْلُ مَا مَرَّ مِرَارًا أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ احْتَمَلَ إنْشَاءَ الْعَقْدِ احْتَمَلَ الزِّيَادَةَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْحَظُّ جَائِزٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَإِذَا دَفَعَ نَخْلًا بِالنِّصْفِ مُعَامَلَةً فَخَرَجَ الثَّمَرُ، فَإِنْ لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ جَازَتْ الزِّيَادَةُ مِنْهُمَا أَيَّهُمَا كَانَ، وَلَوْ تَنَاهَى عِظَمُ الْبُسْرِ جَازَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْعَامِلِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ شَيْئًا اهـ، فَإِنْ حُمِلَ مَا ذُكِرَ هُنَا عَلَى مَا إذَا تَنَاهَى الْعِظَمُ حَصَلَ التَّوْفِيقُ، أَمَّا قَبْلَ التَّنَاهِي فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إنْشَاءِ الْعَقْدِ، وَإِنْشَاؤُهُ حِينَئِذٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ جَائِزٌ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ أَصْلُ الْهِنْدِيَّةِ فَتَدَبَّرْ اهـ ط.
قُلْت: وَذُكِرَ نَحْوُ هَذَا الْأَصْلِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَذَكَرَ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُعَامَلَةَ سَوَاءٌ
(قَوْلُهُ دَفَعَ الشَّجَرَ لِشَرِيكِهِ مُسَاقَاةً لَمْ يَجُزْ) أَيْ إذَا شَرَطَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ نَصِيبِهِ. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِذَا فَسَدَتْ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِمَا فِي النَّخِيلِ، وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ جَازَ اهـ وَفَسَادُ مُسَاقَاةِ الشَّرِيكِ مَذْكُورٌ فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهَا، وَبِهِ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالْحَامِدِيَّةِ، فَمَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا فَاسِدٌ فَتَنَبَّهْ، وَقَيَّدَ بِالْمُسَاقَاةِ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فِي أَرْضٍ وَبَذْرٍ مِنْهُمَا تَصِحُّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَالْفَرْقُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ مَعْنَى الْإِجَارَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ رَاجِحٌ عَلَى مَعْنَى الشَّرِكَةِ، وَفِي الْمُزَارَعَةِ بِالْعَكْسِ.
[فَرْعٌ]
لَوْ سَاقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى نَصِيبِهِ أَجْنَبِيًّا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ هَلْ يَصِحُّ؟ فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ نَعَمْ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَذْهَبَنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ إجَارَةٌ وَهِيَ تَجُوزُ فِي الْمُشَاعِ عِنْدَهُمَا، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ مَذْهَبُهُمَا، فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْمَشَاعِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ ثُمَّ رَأَيْت الْمُؤَلِّفَ أَجَابَ بِأَنَّهَا تَصِحُّ عِنْدَهُمَا كَمَا تَفَقَّهْت وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ اهـ.
أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ، لِأَنَّ مَعْنَى الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَ رَاجِحًا فِي الْمُسَاقَاةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا، لَكِنَّ الْإِجَارَةَ فِيهَا مِنْ جَانِبِ الْعَامِلِ لَا الشَّجَرِ، لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الشَّجَرِ لَا يَجُوزُ كَمَا مَرَّ، فَالْعَامِلُ فِي الْحَقِيقَةِ أَجِيرٌ لِرَبِّ الشَّجَرِ بِجُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ، وَلَا شُيُوعَ فِي الْعَامِلِ بَلْ الشُّيُوعُ فِي الْأُجْرَةِ فَلَمْ يُوجَدْ هُنَا إجَارَةُ الْمُشَاعِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ فَتَدَبَّرْ.
عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مَا نَصُّهُ: إذَا دَفَعَ النَّخِيلَ مُعَامَلَةً إلَى رَجُلَيْنِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ، وَلَوْ دَفَعَ نِصْفَ النَّخِيلِ مُعَامَلَةً لَا يَجُوزُ اهـ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ النَّخِيلَ كُلَّهُ الدَّافِعُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَعَدَمُ الْجَوَازِ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ فِي الْمُشْتَرَكِ بِالْأَوْلَى، بَلْ يُفِيدُ عَدَمَ الْجَوَازِ وَلَوْ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ النَّخِيلَ مُشْتَرَكٌ وَدَفَعَ أَحَدُهُمَا لِأَجْنَبِيِّ فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ، فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَاهُ وَثَبَتَ أَنَّ مُسَاقَاةَ الشَّرِيكِ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ لَا تَصِحُّ كَمُسَاقَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخِرِ، هَذَا مَا ظَهَرَ