الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَلِكَ أَمَرَ الْقَاضِي بِالْمُهَايَأَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِمَنْ لَا يُرِيدُ الِانْتِفَاعَ إنْ شِئْت فَانْتَفِعْ، وَإِنْ شِئْت فَأَغْلِقْ الْبَابَ. .
[مَطْلَبٌ لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ السُّكْنَى فِي بَعْضِ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ]
(دُورٌ مُشْتَرَكَةٌ أَوْ دَارٌ وَضِيعَةٌ أَوْ دَارٌ وَحَانُوتٌ قُسِمَ كُلٌّ وَحْدَهَا) مُنْفَرِدَةً مُطْلَقًا وَلَوْ مُتَلَازِقَةً أَوْ فِي مَحَلَّتَيْنِ أَوْ مِصْرَيْنِ مِسْكِينٌ (إذَا كَانَتْ كُلُّهَا فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا) وَقَالَا: إنْ الْكُلُّ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ فَالرَّأْيُ فِيهِ لِلْقَاضِي، وَإِنْ فِي مِصْرَيْنِ فَقَوْلُهُمَا كَقَوْلِهِ (وَيُصَوِّرُ الْقَاسِمُ مَا يَقْسِمُهُ عَلَى قِرْطَاسٍ) لِيَرْفَعَهُ لِلْقَاضِي (وَيُعَدِّلُهُ عَلَى سِهَامِ الْقِسْمَةِ وَبِذَرْعِهِ، وَيُقَوِّمُ الْبِنَاءَ وَيُفْرِزُ كُلَّ نَصِيبٍ بِطَرِيقِهِ وَشِرْبِهِ، وَيُلَقِّبُ الْأَنْصِبَاءَ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ) وَهَلُمَّ جَرًّا (وَيَكْتُبُ أَسَامِيَهُمْ وَيَقْرَعُ) لِتَطِيبَ الْقُلُوبُ،
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ السُّكْنَى فِي بَعْضِ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ
(قَوْلُهُ أَمَرَ الْقَاضِي بِالْمُهَايَأَةِ) أَقُولُ: ذَكَرَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ 34 لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَسْكُنَ فِي بَعْضِ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ اهـ، وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ. وَانْظُرْ إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ وَالْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ؟ وَهِيَ تَقَعُ كَثِيرًا، يَقُولُ لِي خَشَبَةٌ أَسْكُنُ تَحْتُهَا فَلْيُحَرَّرْ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْمُهَايَأَةِ وَأَحْكَامُهَا آخِرَ الْبَابِ وَأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْبُرُ عَلَيْهَا بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا وَمِنْهُ يَظْهَرُ الْجَوَابُ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ دُورٌ مُشْتَرَكَةٌ) مِثْلُهَا الْأَقْرِحَةُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَهِيَ جَمْعُ قِرَاحٍ: قِطْعَةٌ مِنْ الْأَرْضِ عَلَى حِيَالِهَا لَا شَجَرَ فِيهَا وَلَا بِنَاءَ. وَاحْتَرَزَ بِالدُّورِ عَنْ الْبُيُوتِ وَالْمَنَازِلِ جَمْعُ مَنْزِلٍ أَصْغَرُ مِنْ الدَّارِ وَأَكْبَرُ مِنْ الْبَيْتِ، لِأَنَّهُ دُوَيْرَةٍ صَغِيرَةٌ فِيهَا بَيْتَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَالْبَيْتُ مُسْقَفٌ وَاحِدٌ لَهُ دِهْلِيزٌ (قَوْلُهُ مُنْفَرِدَةً) أَيْ يُقْسَمُ كُلٌّ مِنْ الدُّورِ أَوْ الدَّارِ وَالضَّيْعَةِ: وَهِيَ عَرْصَةٌ غَيْرُ مَبْنِيَّةٍ أَوْ الدَّارِ وَالْحَانُوتِ: وَهُوَ الدُّكَّانُ قِسْمَةَ فَرْدٍ، فَتُقْسَمُ الْعَرْصَةُ بِالذِّرَاعِ وَالْبِنَاءُ بِالْقِيمَةِ قُهُسْتَانِيٌّ لَا قِسْمَةَ جَمْعٍ، بِأَنْ يَجْمَعَ حِصَّةَ بَعْضِهِمْ فِي الدَّارِ مَثَلًا وَحِصَّةَ الْآخَرِ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ أَوْ فِي حُكْمِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلِذَا قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: لَوْ اكْتَفَى بِمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا الْجِنْسَانِ لَكَانَ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَنَازِلَ وَالْبُيُوتَ الْمُحْتَرَزَ عَنْهَا. قَالَ مِسْكِينٌ: وَالْبُيُوتُ تُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً مُتَبَايِنَةً أَوْ مُتَلَازِقَةً، وَالْمَنَازِلُ كَالْبُيُوتِ لَوْ مُتَلَازِقَةً وَكَالدُّورِ لَوْ مُتَبَايِنَةً. وَقَالَا فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا بِنَظَرِ الْقَاضِي إلَى أَعْدِلْ الْوُجُوهِ فَيُمْضِي الْقِسْمَةَ عَلَى ذَلِكَ اهـ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَا فِي مِصْرَيْنِ فَقَوْلُهُمَا كَقَوْلِهِ اهـ.
أَقُولُ: وَلَعَلَّ هَذَا فِي زَمَانِهِمْ وَإِلَّا فَالْمَنَازِلُ وَالْبُيُوتُ وَلَوْ مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ تَتَفَاوَتُ تَفَاوُتًا فَاحِشًا فِي زَمَانِنَا، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ هُنَا لِأَنَّ الْبُيُوتَ لَا تَتَفَاوَتُ فِي مَعْنَى السُّكْنَى وَلِهَذَا تُؤْجَرُ أُجْرَةً وَاحِدَةً فِي كُلِّ مَحَلَّةٍ، وَكَذَا مَا ذَكَرُوهُ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَإِفْتَاؤُهُمْ هُنَاكَ بِقَوْلِ زُفَرَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةٍ دَاخِلَ الْبُيُوتِ لِتَفَاوُتِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ مِصْرَيْنِ) مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ أَوَّلًا اهـ ح (قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ كُلُّهَا فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا) لَوْ قَالَ وَلَوْ فِي مِصْرٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ اَ هـ ح (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُمَا كَقَوْلِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَكَقَوْلِهِ (قَوْلُهُ وَيُصَوِّرُ الْقَاسِمُ إلَخْ) أَيْ يَنْبَغِي إذَا شَرَعَ فِي الْقِسْمَةِ أَنْ يُصَوِّرَ مَا يَقْسِمُهُ بِأَنْ يَكْتُبَ فِي كَاغِدِهِ أَنَّ فُلَانًا نَصِيبُهُ كَذَا وَفُلَانًا كَذَا لِيُمْكِنَهُ حِفْظُهُ إنْ أَرَادَ رَفْعَهُ لِلْقَاضِي لِيَتَوَلَّى الْإِقْرَاعَ بَيْنَهُمْ بِنَفْسِهِ وَيُعَدِّلُهُ أَيْ يُسَوِّيهِ، وَيُرْوَى بِعَزْلِهِ: أَيْ يَقْطَعُهُ بِالْقِسْمَةِ عَنْ غَيْرِهِ لِيَعْرِفَ قَدْرَهُ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَيَذْرَعُهُ) شَامِلٌ لِلْبِنَاءِ، لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَيَذْرَعُهُ وَيُقَوِّمُ الْبِنَاءَ لِأَنَّ قَدْرَ الْمِسَاحَةِ يُعْرَفُ بِالذَّرْعِ وَالْمَالِيَّةِ بِالتَّقْوِيمِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِمَا لِيُمْكِنَ التَّسْوِيَةُ فِي الْمَالِيَّةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْوِيمِ الْأَرْضِ وَذَرْعِ الْبِنَاءِ اهـ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَيُفْرِزُ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ جَازَ هِدَايَةٌ وَغَيْرُهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهَا إذَا شَرَطَ الْقَاسِمُ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِيَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا صَرْفٌ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فُسِخَتْ الْقِسْمَةُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِتَطِيبَ الْقُلُوبُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْقُرْعَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ حَتَّى إنَّ الْقَاضِيَ لَوْ عَيَّنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نَصِيبًا مِنْ غَيْرِ إقْرَاعٍ جَازَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْقَضَاءِ فَمَلَكَ الْإِلْزَامَ هِدَايَةٌ.
(فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوَّلًا فَلَهُ السَّهْمُ الْأَوَّلُ، وَمَنْ خَرَجَ ثَانِيًا فَلَهُ السَّهْمُ الثَّانِي إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى الْأَخِيرِ وَ) اعْلَمْ أَنَّ (الدَّرَاهِمَ لَا تَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ) لِعَقَارٍ أَوْ مَنْقُولٍ (إلَّا بِرِضَاهُمْ) فَلَوْ كَانَ أَرْضٌ وَبِنَاءٌ قُسِمَ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الثَّانِي وَعِنْدَ الثَّالِثِ يَرُدُّ مِنْ الْعَرْصَةِ بِمُقَابَلَةِ الْبِنَاءِ، فَإِنْ بَقِيَ فَضْلٌ وَلَا تُمْكِنُ التَّسْوِيَةُ رَدَّ الْفَضْلَ دَرَاهِمَ لِلضَّرُورَةِ، وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الِاخْتِيَارِ (قُسِمَ وَلِأَحَدِهِمْ مَسِيلُ مَاءٍ أَوْ طَرِيقٌ فِي مِلْكِ الْآخَرِ وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْقِسْمَةِ صُرِفَ عَنْهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فُسِخَتْ الْقِسْمَةُ) إجْمَاعًا وَاسْتُؤْنِفَتْ، وَلَوْ اخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَبْقَيْنَاهُ مُشْتَرَكًا كَمَا كَانَ إنْ أَمْكَنَ إفْرَازُ كُلٍّ فُعِلَ كَمَا بَسَطَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
(اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ عَرْضِ الطَّرِيقِ جُعِلَ) عَرْضُهَا (قَدْرَ عَرْضِ بَابِ الدَّارِ) وَأَمَّا فِي الْأَرْضِ فَبِقَدْرِ مَمَرِّ الثَّوْرِ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْقُرْعَةِ [تَنْبِيهٌ]
إذَا قَسَمَ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ بِالْقُرْعَةِ فَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ الْإِبَاءُ بَعْدَ خُرُوجِ بَعْضِ السِّهَامِ كَمَا لَا يُلْتَفَتُ إلَى إبَائِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ، وَلَوْ الْقِسْمَةُ بِالتَّرَاضِي لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا إذَا خَرَجَ جَمِيعُ السِّهَامِ إلَّا وَاحِدًا لِتَعَيُّنِ نَصِيبِ ذَلِكَ الْوَاحِدِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ، وَلَا رُجُوعَ بَعْدَ تَمَامِ الْقِسْمَةِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوَّلًا إلَخْ) بَيَانُهُ: أَرْضٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ لِأَحَدِهِمْ سُدُسُهَا وَلِآخَرَ نِصْفُهَا وَلِآخَرَ ثُلُثُهَا يَجْعَلُهَا أَسْدَاسًا اعْتِبَارًا بِالْأَقَلِّ ثُمَّ يُلَقِّبُ السِّهَامَ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي إلَى السَّادِسِ وَيَكْتُبُ أَسَامِيَ الشُّرَكَاءِ وَيَضَعُهَا فِي كُمِّهِ، فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوَّلًا أُعْطِيَ السَّهْمَ الْأَوَّلَ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ السُّدُسِ فَلَهُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ صَاحِبَ الثُّلُثِ فَلَهُ الْأَوَّلُ وَاَلَّذِي يَلِيهِ، وَإِنْ صَاحِبَ النِّصْفِ فَلَهُ الْأَوَّلُ وَاَللَّذَانِ يَلِيَانِهِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّرَاهِمَ) قَيَّدَ الدَّرَاهِمَ فِي الدُّرَرِ بِاَلَّتِي لَيْسَتْ مِنْ التَّرِكَةِ، وَذَكَرَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَنَّهُ غَيْرُ احْتِرَازِيٌّ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ وَلَوْ مِنْ التَّرِكَةِ.
أَقُولُ: وَمَا فِي الدُّرَرِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ وَالْقُهُسْتَانِيُّ وَشُرَّاحُ الْهِدَايَةِ كَالْمِعْرَاجِ وَالنِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ. وَعَلَّلَ الْمَسْأَلَةَ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهُ لَا شَرِكَةَ فِيهَا، وَيَفُوتُ بِهِ التَّعْدِيلُ أَيْضًا فِي الْقِسْمَةِ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَصِلُ إلَى عَيْنِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي الْحَالِ وَدَرَاهِمُ الْآخَرِ فِي الذِّمَّةِ فَيُخْشَى عَلَيْهَا التَّوَى، وَلِأَنَّ الْجِنْسَيْنِ الْمُشْتَرَكَيْنِ لَا يُقْسَمَانِ فَمَا ظَنُّك عِنْدَ عَدَمِ الِاشْتِرَاكِ اهـ. فَقَدْ يُقَالُ: التَّعْلِيلُ الْأَخِيرُ يُفِيدُ مَا ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْقُولٍ) صَرَّحَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ إلَّا بِرِضَاهُمْ) فَلَوْ كَانَ بَعْضُ الْعَقَارِ مِلْكًا وَبَعْضُهُ وَقْفًا، فَإِنْ كَانَ الْمُعْطَى هُوَ الْوَاقِفُ جَازَ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ أَخَذَ الْوَقْفَ وَاشْتَرَى بَعْضَ مَا لَيْسَ بِوَقْفٍ مِنْ شَرِيكِهِ، وَإِنْ الْعَكْسُ فَلَا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ نَقْضُ بَعْضِ الْوَقْفِ، وَحِصَّةُ الْوَقْفِ وَقْفٌ وَمَا اشْتَرَاهُ مِلْكٌ لَهُ وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا كَذَا فِي الْإِسْعَافِ مِنْ فَصْلِ الْمَشَاعِ (قَوْلُهُ وَلَا تُمْكِنُ التَّسْوِيَةُ) بِأَنْ لَمْ تَفِ الْعَرْصَةُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الِاخْتِيَارِ) وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ: إنَّهُ يُوَافِقُ رِوَايَةَ الْأُصُولِ (قَوْلُهُ لَمْ يَشْتَرِطْ) أَمَّا لَوْ اُشْتُرِطَ تَرْكَهُمَا عَلَى حَالِهِمَا فَلَا تُفْسَخُ، وَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ وَاسْتُؤْنِفَتْ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَتَمَكَّنُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ أَنْ يَجْعَلَ لِنَفْسِهِ طَرِيقًا وَمَسِيلًا لِقَطْعِ الشَّرِكَةِ.
بَقِيَ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ أَصْلًا وَإِنْ اُسْتُؤْنِفَتْ فَكَيْفَ الْحُكْمُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُسْتَأْنَفُ أَيْضًا لِشَرْطٍ فِيهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ أَبْقَيْنَاهُ) الْمُنَاسِبُ لِمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ نُبْقِيهِ. وَنَصُّهُ: وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي إدْخَالِ الطَّرِيقِ فِي الْقِسْمَةِ بِأَنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُقْسَمُ الطَّرِيقُ بَلْ يَبْقَى مُشْتَرَكًا كَمَا كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ نَظَرَ فِيهِ الْحَاكِمُ، فَإِنْ كَانَ يَسْتَقِيمُ أَنْ يَفْتَحَ كُلٌّ فِي نَصِيبِهِ قَسَمَ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقٍ لِجَمَاعَتِهِمْ تَكْمِيلًا لِلْمَنْفَعَةِ وَتَحْقِيقًا لِلْإِفْرَازِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ رَفَعَ طَرِيقًا بَيْنَ جَمَاعَتِهِمْ لِتَحَقُّقِ تَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ فِيمَا وَرَاءَ الطَّرِيقِ اهـ (قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ إفْرَازُ كُلٍّ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ: أَيْ إفْرَازُ كُلٍّ مِنْهُمْ طَرِيقًا عَلَى حِدَةٍ
(قَوْلُهُ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ عَرْضِ الطَّرِيقِ) أَيْ فِي سِعَتِهِ
زَيْلَعِيٌّ (بِطُولِهِ) أَيْ ارْتِفَاعِهِ حَتَّى يَخْرُجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَنَاحًا فِي نَصِيبِهِ، إنْ فَوْقَ الْبَابِ لَا فِيمَا دُونَهُ لِأَنَّ قَدْرَ طُولِ الْبَابِ مِنْ الْهَوَاءِ مُشْتَرَكٌ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْهَوَاءِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَا الشُّرَكَاءِ جَلَالِيَّةٌ.
(وَلَوْ شَرَطُوا أَنْ يَكُونَ الطَّرِيقُ فِي قِسْمَةِ الدَّارِ عَلَى التَّفَاوُتِ جَازَ وَإِنْ) وَصَلْيَةٌ (كَانَ سِهَامُهُمْ فِي الدَّارِ مُتَسَاوِيَةً وَ) ذَلِكَ لِأَنَّ (الْقِسْمَةَ عَلَى التَّفَاوُتِ بِالتَّرَاضِي فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ جَائِزَةٌ) فَجَازَ قِسْمَةُ التِّينِ بِالْأَكْرَارِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَزْنِيٍّ، لَا الْعِنَبِ بِالشَّرِيحَةِ عَلَى الصَّحِيحِ بَلْ بِالْقَبَّانِ أَوْ الْمِيزَانِ لِأَنَّهُ وَزْنِيٌّ.
(سُفْلٌ لَهُ) أَيْ فَوْقُهُ (عُلُوٌّ) مُشْتَرَكَانِ (وَسُفْلٌ مُجَرَّدٌ) مُشْتَرَكٌ وَالْعُلُوُّ لِآخَرَ (وَعُلُوٌّ مُجَرَّدٌ) مُشْتَرَكٌ وَالسُّفْلُ لِآخَرَ (قُوِّمَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْ ذَلِكَ (عَلَى حِدَةٍ، وَقُسِمَ بِالْقِيمَةِ) عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَبِهِ يُفْتَى.
(أَنْكَرَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ اسْتِيفَاءَ نَصِيبِهِ وَشَهِدَ الْقَاسِمَانِ بِالِاسْتِيفَاءِ) لِحَقِّهِ (تُقْبَلُ) وَإِنْ قَسَمَا بِأَجْرٍ فِي الْأَصَحِّ ابْنُ مَلَكٍ (وَلَوْ شَهِدَ قَاسِمٌ وَاحِدٌ لَا) لِأَنَّهُ فَرْدٌ.
(وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّ مِنْ نَصِيبِهِ شَيْئًا) وَقَعَ (فِي يَدِ صَاحِبِهِ غَلَطًا وَقَدْ) كَانَ (أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ) أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ ذَكَرَهُ الْبُرْجَنْدِيُّ (لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبُرْهَانٍ) أَوْ إقْرَارِ الْخَصْمِ أَوْ نُكُولِهِ،
ــ
[رد المحتار]
وَضِيقِهِ وَطُولِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُجْعَلُ سِعَتُهُ أَكْبَرَ مِنْ عَرْضِ الْبَابِ الْأَعْظَمِ وَطُولُهُ مِنْ الْأَعْلَى إلَى السَّمَاءِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ غَيْرَ ذَلِكَ عِنَايَةٌ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي تَقْدِيرِ الطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكِ لَا فِي طَرِيقِ كُلِّ نَصِيبٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَيْ ارْتِفَاعِهِ) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الطُّولُ مِنْ حَيْثُ الْأَعْلَى لَا مِنْ حَيْثُ الْمَشْيُ وَهُوَ ضِدُّ الْعَرْضِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ إلَى حَيْثُ يَنْتَهُونَ بِهَا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ، أَفَادَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ، وَأَفَادُوا أَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ مَا فَوْقَ طُولِ الْبَابِ مِنْ الْأَعْلَى وَيَبْقَى قَدْرُ طُولِ الْبَابِ مِنْ الْهَوَاءِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ (قَوْلُهُ إنْ فَوْقَ الْبَابِ) أَيْ لَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ فِيمَا فَوْقَ طُولِ الْبَابِ لِأَنَّهُ مَقْسُومٌ بَيْنَهُمْ كَمَا عَلِمْت، فَصَارَ بَانِيًا عَلَى خَالِصِ حَقِّهِ لَا فِيمَا دُونَهُ لِبَقَائِهِ مُشْتَرَكًا، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ انْدَفَعَ مَا بَحَثَهُ الْحَمَوِيُّ
(قَوْلُهُ مُشْتَرَكٌ) لِأَنَّ اخْتِلَافَ الشُّرَكَاءِ فِي تَقْدِيرِ طَرِيقٍ وَاحِدٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ كَمَا أَفَادَهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْعِنَايَةِ لَا فِي طَرِيقٍ لِكُلِّ نَصِيبٍ بِانْفِرَادِهِ حَتَّى يَرِدُ أَنَّهُ حَقُّ الْمُقَاسِمِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ جَازَ) لِأَنَّ رَقَبَةَ الطَّرِيقِ مِلْكٌ لَهُمْ وَهِيَ مَحِلٌّ لِلْمُعَاوَضَةِ وَلْوَالِجِيَّةٌ (قَوْلُهُ بِالْأَكْرَارِ) جَمْعُ كُرٍّ: كَيْلٌ مَعْرُوفٌ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: تَجُوزُ بِالْأَحْمَالِ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيهِ قَلِيلٌ (قَوْلُهُ بِالشَّرِيجَةِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ فِي فَصْلِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ بَابِ الْجِيمِ: الشَّرِيجَةُ شَيْءٌ مِنْ سَعَفٍ يُحْمَلُ فِيهِ الْبِطِّيخُ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ سُفْلٌ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ وَعُلْوٌ مُجَرَّدٌ مُشْتَرَكٌ) أَيْ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فِي السُّفْلِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَتَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ عَلَى قَوْلِهِمَا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَقُسِمَ بِالْقِيمَةِ) لِأَنَّ السُّفْلَ يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْعُلْوُ مِنْ اتِّخَاذِهِ بِئْرَ مَاءٍ أَوْ سِرْدَابًا أَوْ إصْطَبْلًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّعْدِيلُ إلَّا بِالْقِيمَةِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) وَعِنْدَهُمَا يُقْسَمُ بِالذِّرَاعِ ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْإِمَامُ: ذِرَاعٌ مِنْ سُفْلٍ بِذِرَاعَيْنِ مِنْ عُلْوٍ، وَقَالَ الثَّانِي ذِرَاعٌ بِذِرَاعٍ، وَبَيَانُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا، ثُمَّ الِاخْتِلَافُ فِي السَّاحَةِ. وَأَمَّا الْبِنَاءُ فَيُقْسَمُ بِالْقِيمَةِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْإِيضَاحِ
(قَوْلُهُ تُقْبَلُ) لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِالِاسْتِيفَاءِ وَهُوَ فِعْلُ غَيْرِهِمَا لَا بِالْقِسْمَةِ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ: هَذَا قَوْلُهُمَا، وَقَسْمُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَسَمَا بِأَجْرٍ فِي الْأَصَحِّ) مِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ مَعْزُوًّا لِلْمُسْتَصْفَى. وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تُقْبَلُ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى فِعْلِ أَنْفُسِهِمَا لِأَنَّ فِعْلَهُمَا التَّمْيِيزُ. وَأَمَّا إذَا قَسَمَا بِالْأَجْرِ فَلِأَنَّ لَهُمَا مَنْفَعَةً إذَا صَحَّتْ الْقِسْمَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ) أَقُولُ: هَذَا يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِالْبُرْهَانِ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَنَاقَضْ أَصْلًا، فَإِذَا صُدِّقَ بِهِ مَعَ الْإِقْرَارِ فَمَعَ عَدَمِهِ بِالْأَوْلَى، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِلْبُرْهَانِ هُنَا أَيْضًا لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْقِسْمَةِ عَلَى وَجْهِ الْمُعَادَلَةِ فَلَا تُنْقَضُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ لَا بَيِّنَةَ فَبِالنُّكُولِ (قَوْلُهُ أَوْ نُكُولِهِ) فَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةً وَنَكَلَ وَاحِدٌ جَمَعَ نَصِيبِهِ مَعَ نَصِيبِ الْمُدَّعِي وَقُسِمَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ
فَلَوْ قَالَا إلَّا بِحُجَّةٍ لَعَمَّتْ وَلَا تَنَاقُضَ لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى فِعْلِ الْأَمِينِ ثُمَّ ظَهَرَ غَلَطُهُ (وَإِنْ قَالَ قَبَضْته فَأَخَذَ شَرِيكِي بَعْضَهُ وَأَنْكَرَ) شَرِيكُهُ ذَلِكَ (حَلَفَ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ (وَإِنْ قَالَ قَبْلَ إقْرَارِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ أَصَابَنِي مِنْ ذَلِكَ كَذَا إلَى كَذَا وَلَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيَّ) وَكَذَّبَهُ شَرِيكُهُ (تَحَالَفَا وَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ) كَالِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ.
(وَلَوْ اقْتَسَمَا دَارًا وَأَصَابَ كُلًّا طَائِفَةٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا بَيْتًا فِي يَدِ الْآخَرِ أَنَّهُ مِنْ نَصِيبِهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) لِأَنَّهُ مُدَّعٍ (وَإِنْ أَقَامَاهَا فَالْعِبْرَةُ لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي) لِأَنَّهُ خَارِجٌ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْإِشْهَادِ عَلَى الْقَبْضِ تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْحُدُودِ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ إلَخْ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْبُرْهَانُ الْحُجَّةُ، فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَعُمُّ الْبَيِّنَةَ وَإِقْرَارَ الْخَصْمِ أَوْ نُكُولَهُ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا تَنَاقُضَ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ دَعْوَاهُ أَصْلًا لِتَنَاقُضِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ مِنْ بَعْدُ اهـ أَيْ أَشَارَ الْقُدُورِيُّ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ، وَإِنْ قَالَ قَبْلَ إقْرَارِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ أَصَابَنِي مِنْ كَذَا إلَى كَذَا إلَخْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ فَلَا تَحَالُفَ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى بِسَبَبِ التَّنَاقُضِ، وَأَقَرَّهُ الشُّرَّاحُ عَلَى هَذَا الْبَحْثِ.
وَاسْتَدَلُّوا لَهُ بِمَا يَأْتِي مَتْنًا وَشَرْحًا عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَبِمَا فِي الْمَبْسُوطِ: اقْتَسَمَا الدَّارَ وَأَشْهَدَا عَلَى الْقِسْمَةِ وَالْقَبْضِ وَالْوَفَاءِ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا بَيْتًا فِي يَدِ صَاحِبِهِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ صَاحِبُهُ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ، وَوَفَّقَ ابْنُ الْكَمَالِ بِحَمْلِ الْحُجَّةِ عَلَى الْإِقْرَارِ، وَزَادَ الْقُهُسْتَانِيُّ أَوْ يُرَادُ بِالْغَلَطِ الْغَصْبُ اهـ.
وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: وَجْهُ رِوَايَةِ الْمَتْنِ أَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى فِعْلِ الْقَاسِمِ فِي إقْرَارِهِ، ثُمَّ لَمَّا تَأَمَّلَ حَقَّ التَّأَمُّلِ ظَهَرَ الْغَلَطُ فِي فِعْلِهِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَقِّ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَأَخَذَ مِنْهُ فِي الْحَامِدِيَّةِ تَوْفِيقًا حَسَنًا بِحَمْلِ مَا فِي الْمَتْنِ عَلَى مَا إذَا بَاشَرَ الْقِسْمَةَ غَيْرُهُ، وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْمَبْسُوطِ عَلَى مَا إذَا بَاشَرَ الْقِسْمَةَ بِنَفْسِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمَبْسُوطِ: اقْتَسَمَا فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ بِأَنْفُسِهِمَا تَأَمَّلْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ أَنَّهُمَا رِوَايَتَانِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّوْفِيقِ، بَلْ الْأَهَمُّ التَّرْجِيحُ، فَنَقُولُ: عَامَّةُ الْمُتُونِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَهِيَ الْمَوْضُوعَةُ لِنَقْلِ الْمَذْهَبِ، وَلِمَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمَوَاهِبِ: تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَقِيلَ لَا. وَفِي الِاخْتِيَارِ: وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ، فَأَفَادَا عَدَمَ اعْتِمَادِ الثَّانِيَةِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِنْ أَقَرَّ وَبَرْهَنَ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إلَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ أَنَّ دَعْوَى الْهَزْلِ فِي الْإِقْرَارِ تَصِحُّ وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى أَنَّهُ مَا كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ اهـ.
قُلْت: وَقَدَّمَ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ قُبَيْلَ بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ بِهَا يُفْتَى لَكِنْ تَبْقَى الْمُنَافَاةُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَفْهُومِ مَا يَأْتِي مَتْنًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ لَا يَدْفَعُ الْمُنَافَاةَ، لِأَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ إنْ كَانَ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ لِابْتِنَاءِ سَمَاعِهَا عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَالَفَا كَمَا فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ هُنَا وَقَدْ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ صَرِيحٌ، وَقَوْلَهُمْ الْآتِيَ قَبْلَ إقْرَارِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ مَفْهُومٌ، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ أَنَّ الصَّرِيحَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ) أَيْ وَالْآخَرُ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْغَصْبَ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ قَبْلَ إقْرَارِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ إقْرَارٌ أَصْلًا ط عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ أَصَابَنِي مِنْ ذَلِكَ كَذَا إلَى كَذَا) الْأَوْلَى حَذْفُ لَفْظِ ذَلِكَ كَمَا عَبَّرَ فِي الْغُرَرِ (قَوْلُهُ تَحَالَفَا وَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ) لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي مِقْدَارِ مَا حَصَلَ لَهُ بِهَا هِدَايَةٌ
(قَوْلُهُ وَلَوْ اقْتَسَمَا دَارًا إلَخْ) هَذِهِ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَوْ ادَّعَى إلَخْ إلَّا أَنَّهَا أُعِيدَتْ لِبِنَاءِ مَسَائِلَ أُخَرَ عَلَيْهَا كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خَارِجٌ) فَتُرَجَّحُ بَيِّنَتُهُ عَلَى بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ كَمَا مَرَّ فِي مَحِلِّهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْإِشْهَادِ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَأَصَابَ كُلًّا طَائِفَةٌ، فَإِنَّ الْمُرَادَ وَأَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ اهـ ح (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْحُدُودِ) بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا هَذَا الْحَدُّ لِي قَدْ دَخَلَ فِي نَصِيبِهِ وَقَالَ الْآخَرُ كَذَلِكَ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ بِالْجُزْءِ الَّذِي
(وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ مُعَيَّنٌ مِنْ نَصِيبِهِ لَا تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ اتِّفَاقًا) عَلَى الصَّحِيحِ (وَفِي اسْتِحْقَاقِ بَعْضٍ شَائِعٍ فِي الْكُلِّ تُفْسَخُ) اتِّفَاقًا (وَفِي) اسْتِحْقَاقِ (بَعْضٍ شَائِعٍ مِنْ نَصِيبِهِ لَا تُفْسَخُ) جَبْرًا خِلَافًا لِلثَّانِي (بَلْ) الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ (يَرْجِعُ) بِحِصَّةِ ذَلِكَ (فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ) إنْ شَاءَ أَوْ نَقَضَ الْقِسْمَةَ دَفْعًا لِضَرَرِ التَّشْقِيصِ.
قُلْت: قَدْ بَقِيَ هَاهُنَا احْتِمَالٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنْ يُسْتَحَقَّ بَعْضٌ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ شَائِعًا فُسِخَتْ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ لِذَلِكَ الزَّائِدِ كَمَا مَرَّ فَلِذَا لَمْ يُفْرِدُوهَا بِالذِّكْرِ.
(ظَهَرَ دَيْنٌ فِي التَّرِكَةِ الْمَقْسُومَةِ تُفْسَخُ) الْقِسْمَةُ (إلَّا إذَا قَضَوْهُ) أَيْ الدَّيْنَ (أَوْ أَبْرَأَ الْغُرَمَاءُ
ــ
[رد المحتار]
فِي يَدِ صَاحِبِهِ لِمَا مَرَّ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ تَحَالَفَا كَمَا فِي الْبَيْعِ هِدَايَةٌ وَكِفَايَةٌ
(قَوْلُهُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ مُعَيَّنٌ إلَخْ) قَيَّدَ بِالْبَعْضِ لِأَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ جَمِيعُ مَا فِي يَدِهِ يَرْجِعُ بِنِصْفِ مَا فِي يَدِ شَرِيكِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى الصَّوَابِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ تُفْسَخُ اتِّفَاقًا) لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَتْ لَتَضَرَّرَ الْمُسْتَحِقُّ بِتَفَرُّقِ نَصِيبِهِ فِي النَّصِيبَيْنِ، بِخِلَافِ النَّصِيبِ الْوَاحِدِ إذْ لَا ضَرَرَ أَفَادَهُ فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ لَا تُفْسَخُ جَبْرًا) أَيْ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ لِأَنَّ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلثَّانِي) فَعِنْدَهُ تُفْسَخُ لِأَجْلِ الْمُسْتَحِقِّ، لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ شَرِيكٌ ثَالِثٌ وَالْقِسْمَةُ بِلَا رِضَاهُ بَاطِلَةٌ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ كَقَوْلِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ بَلْ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ يَرْجِعُ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى لَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَوْ قَالَ كَابْنِ الْكَمَالِ وَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا مَشَاعٌ أَوَّلًا لَمْ تُفْسَخْ وَرَجَعَ بِقِسْطِهِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ أَوْ نَقَضَهَا وَتُفْسَخُ فِي بَعْضِ مَشَاعٍ فِي الْكُلِّ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ (قَوْلُهُ أَوْ نَقَضَ الْقِسْمَةَ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَاعَ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِهِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ فَقَطْ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ لِابْنِ الْكَمَالِ مُلَخَّصَةً مِنْ كَلَامِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ الْمَذْكُورِ فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ شَائِعًا) كَالنِّصْفِ مِمَّا فِي يَدِ كُلٍّ مَشَاعًا أَوْ نِصْفِ أَحَدِهِمَا وَرُبْعِ الْآخَرِ فَهَذَا صَادِقٌ عَلَى التَّسَاوِي وَالتَّفَاوُتِ، بِخِلَافِ الشُّيُوعِ فِي الْكُلِّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فَإِنَّهُ عَلَى التَّسَاوِي فَقَطْ، كَمَا لَوْ اقْتَسَمَا دَارًا مُثَالَثَةً فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا مَشَاعًا فَلَهُ نِصْفُ مَا فِي يَدِ كُلٍّ، لَكِنَّ الْحُكْمَ فِي كُلِّ الشُّيُوعِيَّيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْفَسْخُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ فَإِنْ تَسَاوَيَا فَظَاهِرٌ) أَيْ أَنَّهُ لَا فَسْخَ وَلَا رُجُوعَ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ نَصِيبِ كُلٍّ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا كَأَرْبَعَةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَسِتَّةٍ مِنْ الثَّانِي، فَلَا فَسْخَ أَيْضًا لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِذِرَاعٍ لِأَنَّهُ زَادَ عَلَيْهِ بِهِ (قَوْلُهُ فَلِذَا إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ: أَيْ لَمَّا شَابَهَتْ هَذِهِ الْمَسَائِلُ مَا مَرَّ فِي الْأَحْكَامِ لَمْ يُفْرِدُوهَا بِالذِّكْرِ لِفَهْمِهَا مِنْ الْعِلَلِ السَّابِقَةِ، أَمَّا الْفَسْخُ فِي الشَّائِعِ وَعَدَمُهُ فِي الْمُعَيَّنِ فَلِلضَّرَرِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَعَدَمِهِ كَمَا عَلِمْته، وَأَمَّا الرُّجُوعُ عَلَى الشَّرِيكِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسَاوِي فَإِنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ يَرْجِعُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ أَيْ لِيَصِلَ كُلٌّ إلَى حَقِّهِ بِلَا زِيَادَةٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ لَهُ نَقْضَ الْقِسْمَةِ أَيْضًا دَفْعًا لِضَرَرِ التَّشْقِيصِ، وَأَمَّا عَدَمُ الرُّجُوعِ عِنْدَ التَّسَاوِي فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ فَافْهَمْ.
[تَتِمَّةٌ]
إذَا جَرَتْ الْقِسْمَةُ فِي دَارَيْنِ أَوْ أَرْضَيْنِ وَأَخَذَ كُلٌّ وَاحِدَةً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ مَا بَنَى فِيهَا صَاحِبُهَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ، قِيلَ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ لِأَنَّ عِنْدَهُ قِسْمَةُ الْجَبْرِ لَا تَجْرِي فِي الدَّارَيْنِ فَكَانَتْ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ قَوْلُ الْكُلِّ خَانِيَّةٌ، وَلَوْ فِي دَارٍ لَمْ يَرْجِعْ تَتَارْخَانِيَّةٌ
(قَوْلُهُ ظَهَرَ دَيْنٌ إلَخْ) وَمِثْلُهُ لَوْ ظَهَرَ مُوصًى لَهُ بِأَلْفٍ مُرْسَلَةٍ فَتُفْسَخُ إلَّا إذَا قَضَوْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الدَّائِنِ وَالْمُوصَى لَهُ مُرْسَلًا بِالْمَالِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا
ذِمَمَ الْوَرَثَةِ أَوْ يَبْقَى مِنْهَا) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ (مَا يَفِي بِهِ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ (وَلَوْ ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ) لَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّقْوِيمِ (فِي الْقِسْمَةِ) فَإِنْ كَانَتْ بِقَضَاءٍ (بَطَلَتْ) اتِّفَاقًا لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْقَاضِي مُقَيَّدٌ بِالْعَدْلِ وَلَمْ يُوجَدْ (وَلَوْ وَقَعَتْ بِالتَّرَاضِي) تَبْطُلُ أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ شَرْطَ جَوَازِهَا الْمُعَادَلَةُ وَلَمْ تُوجَدْ فَوَجَبَ نَقْضُهَا خِلَافًا لِتَصْحِيحِ الْخُلَاصَةِ.
قُلْت: فَلَوْ قَالَ كَالْكَنْزِ تُفْسَخُ لَكَانَ أَوْلَى (وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ (إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لَا) تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَلَطِ وَالْغَبْنِ لِلتَّنَاقُضِ، إلَّا إذَا ادَّعَى الْغَصْبَ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ.
(ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ) لِلتَّرِكَةِ (دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ صَحَّ) دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَعْنَى وَالْقِسْمَةِ لِلصُّورَةِ (وَلَوْ ادَّعَى عَيْنًا) بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ (لَا) تُسْمَعُ لِلتَّنَاقُضِ، إذْ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقِسْمَةِ اعْتِرَافٌ بِالشَّرِكَةِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: اقْتَسَمُوا دَارًا أَوْ أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمْ فِي قَسْمِ الْآخَرِ بِنَاءً أَوْ نَخْلًا زَعَمَ أَنَّهُ بَنَاهُ أَوْ غَرَسَهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ
ــ
[رد المحتار]
ظَهَرَ وَارِثٌ آخَرُ أَوْ مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ فَقَالَ الْوَرَثَةُ نَقْضِي حَقَّهُ وَلَا تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمَا بِعَيْنِ التَّرِكَةِ فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى مَالٍ آخَرَ إلَّا بِرِضَاهُمَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ، لَكِنْ هَذَا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِغَيْرِ قَاضٍ، فَلَوْ بِهِ فَظَهَرَ وَارِثٌ وَقَدْ عَزَلَ الْقَاضِي نَصِيبَهُ لَا تُنْقَضُ، وَكَذَا لَوْ ظَهَرَ الْمُوصَى لَهُ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ ذِمَمَ الْوَرَثَةِ) كَذَا فِي الدُّرَرِ. قَالَ ط: فِيهِ إنَّ الدَّيْنَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ بَعْدَ تَعَلُّقِهِ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ اهـ. [تَتِمَّةٌ]
أَجَازَ الْغَرِيمُ قِسْمَةَ الْوَرَثَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدِّينِ لَهُ نَقْضُهَا وَكَذَا إذَا ضَمِنَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنَ الْمَيِّتِ بِرِضَا الْغَرِيمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ حَوَالَةً فَيَنْتَقِلُ الدِّينُ عَلَيْهِ وَتَخْلُو التَّرِكَةُ عَنْهُ وَهِيَ الْحِيلَةُ لِقِسْمَةِ تَرِكَةٍ فِيهَا دَيْنٌ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ فِي الْقِسْمَةِ) أَيْ فِي التَّقْوِيمِ لِلْقِسْمَةِ، بِأَنْ قُوِّمَ بِأَلْفٍ فَظَهَرَ أَنَّهُ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ، قَيَّدَ بِالْفَاحِشِ لِأَنَّهُ لَوْ يَسِيرًا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَمَا فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِتَصْحِيحِ الْخُلَاصَةِ) مِنْ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ: وَالصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَافِي وَقَاضِي خَانْ، وَبِهِ جَزَمَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَصَحَّحَهُ أَصْحَابُ الشُّرُوحِ، وَبِهِ أَفْتَيْت مِرَارًا (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) مَأْخُوذٌ مِنْ حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ حَيْثُ قَالَ وَقَوْلُهُ بَطَلَتْ. قَالَ فِي الْكَنْزِ: وَلَوْ ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ فِي الْقِسْمَةِ تُفْسَخُ، وَفِي مَتْنِ الْغُرَرِ تَبْطُلُ فَتَبِعَهُ بِقَوْلِهِ هُنَا بَطَلَتْ فَيُفْهِمُ ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ بِخِلَافِهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ مُوَافَقَتُهُ دُونَ مَتْنِ الْغُرَرِ اهـ.
أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْخَانِيَّةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فِي الْغَبْنِ وَلَهُ أَنْ يُبْطِلَ الْقِسْمَةَ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ وَأَنَّ مَعْنَى تَبْطُلُ وَبَطَلَتْ لَهُ إبْطَالُهَا، وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُ الْكَنْزِ تُفْسَخُ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ تَنْفَسِخُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَةَ لَا سَاقِطَةٌ مِنْ قَلَمِ الرَّمْلِيِّ قَبْلَ قَوْلِهِ تَحْتَاجُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَلَطِ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمُتُونِ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ) ذَكَرَ عِبَارَتَهَا فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ صَحَّ دَعْوَاهُ) فَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ بَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ كَالْقِسْمَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَعْنَى) وَهُوَ مَالِيَّةُ التَّرِكَةِ وَلِذَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَقْضُوا الْغَرِيمَ وَيَسْتَقِلُّوا بِهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ) أَيْ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَنَقَلَ السَّائِحَانِيُّ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ: اقْتَسَمَا التَّرِكَةَ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ كَانَ جَعَلَ هَذَا الْمُعَيَّنَ لَهُ، إنْ كَانَ قَالَ فِي صُغْرَى يُقْبَلُ، وَإِنْ مُطْلَقًا لَا اهـ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ فِي مَوْضِعِ الْخَفَاءِ عَفْوٌ كَمَا مَرَّ فِي مَحِلِّهِ (قَوْلُهُ إذْ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقِسْمَةِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ جَبْرًا عَلَى الْمُدَّعِي تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا يَكُونُ تَنَاقُضًا رَمْلِيٌّ
(قَوْلُهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ) لِدُخُولِ الْبِنَاءِ وَالنَّخْلِ تَبَعًا، فَلَوْ اقْتَسَمُوا شَجَرًا أَوْ بِنَاءً فَادَّعَى أَحَدُهُمْ الْأَرْضَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا جَازَ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ مُشْتَرَكًا دُونَ الْأَرْضِ.
(وَقَعَتْ شَجَرَةٌ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَغْصَانُهَا مُتَدَلِّيَةٌ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْبُرَهُ عَلَى قَطْعِهَا، بِهِ يُفْتَى) لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الشَّجَرَةَ بِأَغْصَانِهَا اخْتِيَارٌ.
(بَنَى أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ) فِي عَقَارٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا (فَطَلَبَ شَرِيكُهُ رَفْعَ بِنَائِهِ قُسِمَ) الْعَقَارُ (فَإِنْ وَقَعَ) الْبِنَاءُ (فِي نَصِيبِ الْبَانِي فَبِهَا) وَنِعْمَتْ (وَإِلَّا هَدَمَ) الْبِنَاءَ، وَحُكْمُ الْغَرْسِ كَذَلِكَ بَزَّازِيَّةٌ.
(الْقِسْمَةُ تَقْبَلُ النَّقْضَ، فَلَوْ اقْتَسَمُوا وَأَخَذُوا حِصَّتَهُمْ ثُمَّ تَرَاضَوْا عَلَى الِاشْتِرَاكِ بَيْنَهُمْ صَحَّ) وَعَادَتْ الشَّرِكَةُ فِي عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، لِأَنَّ قِسْمَةَ التَّرَاضِي مُبَادَلَةٌ وَيَصِحُّ فَسْخُهَا وَمُبَادَلَتُهَا بِالتَّرَاضِي بَزَّازِيَّةٌ.
(الْمَقْبُوضُ بِالْقِسْمَةِ الْفَاسِدَةِ) كَقِسْمَةٍ عَلَى شَرْطِ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بَيْعٍ مِنْ الْمَقْسُومِ أَوْ غَيْرِهِ (يَثْبُتُ الْمِلْكُ وَيُفِيدُ) جَوَازَ (التَّصَرُّفِ فِيهِ) لِقَابِضِهِ وَيَضْمَنُهُ بِالْقِيمَةِ (كَالْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ) فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَقِيلَ لَا) يُثْبِتُهُ جَزَمَ بِالْقِيلِ فِي الْأَشْبَاهِ، وَبِالْأَوَّلِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْقُنْيَةِ.
ــ
[رد المحتار]
فَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا: لَوْ ادَّعَى شَجَرًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَاوِمْنِي ثَمَرَهُ أَوْ اشْتَرِ مِنِّي لَا يَكُونُ دَفْعًا لِجَوَازِ كَوْنِ الشَّجَرِ لَهُ وَالثَّمَرَةِ لِغَيْرِهِ وَهِيَ وَاقِعَةٌ لِلْفَتْوَى، وَأَفْتَيْت بِسَمَاعِهَا لِمَا ذُكِرَ رَمْلِيٌّ مُلَخَّصًا
(قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْبُرَهُ عَلَى قَطْعِهَا) أَيْ الْأَغْصَانِ، قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: كَمَا لَوْ وَقَعَ فِي قَسْمِ أَحَدِهِمَا حَائِطٌ عَلَيْهِ جُذُوعٌ لِلْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِرَفْعِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الشَّجَرَةَ بِأَغْصَانِهَا) أَيْ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ ط
(قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ) وَكَذَا لَوْ بِإِذْنِهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ لِحِصَّةِ الْآخَرِ، وَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَ. أَمَّا لَوْ بِإِذْنِهِ لِلشَّرِكَةِ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ عَلَيْهِ بِلَا شُبْهَةٍ رَمْلِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا هَدَمَ الْبِنَاءَ) أَوْ أَرْضَاهُ بِدَفْعِ قِيمَتِهِ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ.
أَقُولُ: وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ: وَإِنْ وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ قَلَعَ وَضَمِنَ مَا نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِذَلِكَ اهـ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مَتْنًا أَنَّ مَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ أُمِرَ بِالْقَلْعِ وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ قِيمَةَ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ أُمِرَ بِقَلْعِهِ إنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِهِ، وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ التَّفْصِيلِ هُنَا كَذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ) لَمْ أَرَ هَذَا التَّعْمِيمَ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمَتْنِ، لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَزَاهُ لِلْبَزَّازِيَّةِ. وَعِبَارَتُهَا: قَسَمُوا الْأَرَاضِيَ وَأَخَذُوا حِصَّتَهُمْ إلَخْ فَهُوَ خَاصٌّ بِالْعَقَارِ كَمَا يَظْهَرُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ قِسْمَةَ التَّرَاضِي) كَذَا فِي غَالِبِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا الْأَرَاضِيَ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَتْنِ، وَهَكَذَا رَأَيْته فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا. وَعَلَّلَ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ فَكَانَ نَقْضُهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ اهـ.
أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ الْقِسْمَةَ فِي الْمِثْلِيِّ لَا تَنْتَقِضُ بِمُجَرَّدِ التَّرَاضِي لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَقْدِ مُبَادَلَةٍ لِأَنَّ الرَّاجِحَ فِيهَا جَانِبُ الْإِفْرَازِ كَمَا مَرَّ، نَعَمْ إذَا خَلَطُوا مَا قَسَمُوهُ مِنْ الْمِثْلِيِّ بِرِضَاهُ تَجَدَّدَتْ شَرِكَةٌ أُخْرَى، وَبِهِ ظَهَرَ مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمُبَادَلَتُهَا) عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِقَالَتُهَا
(قَوْلُهُ جَزَمَ بِالْقِيلِ فِي الْأَشْبَاهِ) لَكِنْ اعْتَرَضَهُ الْبِيرِيُّ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ظَنَّهُ مِنْ أَنَّ الْبَاطِلَ وَالْفَاسِدَ فِي الْقِسْمَةِ سَوَاءٌ وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ. وَنَقَلَ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ، وَذَكَرَ هُوَ أَيْضًا أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا وَقَعَتْ سَهْوًا. ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى كُلٍّ فَالْفَتْوَى وَالْعَمَلُ عَلَى أَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَنْقُولُ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ، وَغَيْرُهُ لَمْ يُطَّلَعْ عَلَيْهِ إلَّا فِي عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ الِاحْتِمَالِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهَا اهـ.
أَقُولُ: وَالْعَجَبُ مِنْ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ ذَكَرَهُ فِي مَتْنِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَيْهِ وَكَانَ فِي سِعَةٍ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِهِ وَلَا سِيَّمَا الْمُتُونُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاخْتِصَارِ وَمَوْضُوعَةٌ لِمَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى. [تَتِمَّةٌ]
اقْتَسَمُوا أَرْضًا مَوْقُوفَةً بِتَرَاضِيهِمْ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ سِنِينَ إبْطَالَ الْقِسْمَةِ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ قِسْمَتَهَا بَيْنَ
(وَلَوْ تَهَايَآ فِي سُكْنَى دَارٍ) ؛ وَاحِدَةٍ يَسْكُنُ هَذَا بَعْضًا وَذَا بَعْضًا أَوْ هَذَا شَهْرًا وَذَا شَهْرًا (أَوْ دَارَيْنِ) يَسْكُنُ كُلٌّ دَارًا (أَوْ فِي خِدْمَةِ عَبْدٍ) يَخْدُمُ هَذَا يَوْمًا وَذَا يَوْمًا (أَوْ عَبْدَيْنِ) يَخْدُمُ هَذَا هَذَا وَالْآخَرُ الْآخَرَ (أَوْ فِي غَلَّةِ دَارٍ أَوْ دَارَيْنِ) كَذَلِكَ (صَحَّ) التَّهَايُؤُ فِي الْوُجُوهِ السِّتَّةِ اسْتِحْسَانًا اتِّفَاقًا. وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَاضِيَ يُهَايِئُ بَيْنَهُمَا جَبْرًا بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا، وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا بِمَوْتِهِمَا، وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ فِيمَا يُقْسَمُ بَطَلَتْ، وَلَوْ اتَّفَقَا
ــ
[رد المحتار]
الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لَا تَجُوزُ عِنْدَ الْجَمِيعِ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ: وَفِيهِ: أَرْضٌ قُسِمَتْ فَلَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمْ بِنَصِيبِهِ ثُمَّ زَرَعَهُ لَمْ يُعْتَبَرْ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ
(قَوْلُهُ وَلَوْ تَهَايَآ) الْهَيْئَةُ الْحَالَةُ الظَّاهِرَةُ لِلْمُتَهَيِّئِ لِلشَّيْءِ وَالتَّهَايُؤُ تَفَاعُلٌ مِنْهَا، وَهُوَ أَنْ يَتَوَاضَعُوا عَلَى أَمْرٍ فَيَتَرَاضَوْا بِهِ وَالْمُهَايَأَةُ بِإِبْدَالِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا لُغَةً، وَهِيَ فِي لِسَانِ الشَّرْعِ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ، وَإِنَّهَا جَائِزَةٌ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي يُمْلَكُ الِانْتِفَاعُ بِهَا عَلَى بَقَاءِ عَيْنِهَا، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ يَسْكُنُ هَذَا بَعْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ التَّهَايُؤَ قَدْ يَكُونُ فِي الزَّمَانِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ حَيْثُ الْمَكَانُ، وَالْأَوَّلُ مُتَعَيِّنٌ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَنَحْوِهِ كَالْبَيْتِ الصَّغِيرِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّهَايُؤِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ فِي مَحِلٍّ يَحْتَمِلُهَا يَأْمُرُ الْقَاضِي بِأَنْ يَتَّفِقَا لِأَنَّهُ فِي الْمَكَانِ أَعْدَلُ لِانْتِفَاعِ كُلٍّ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ وَفِي الزَّمَانِ أَكْمَلُ لِانْتِفَاعِ كُلٍّ بِالْكُلِّ، فَلَمَّا اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاتِّفَاقِ، فَإِنْ اخْتَارَاهُ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ يُقْرَعُ فِي الْبِدَايَةِ نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ هِدَايَةٌ، وَقَيَّدَ بِالزَّمَانِ لِأَنَّ التَّسْوِيَةَ فِي الْمَكَانِ تُمْكِنُ فِي الْحَالِ بِأَنْ يَسْكُنَ هَذَا بَعْضًا وَالْآخَرُ بَعْضًا، أَمَّا الزَّمَانُ فَلَا تُمْكِنُ إلَّا بِمُضِيِّ مُدَّةِ أَحَدِهِمَا كِفَايَةٌ.
أَقُولُ: لَكِنْ قَدْ يَقَعُ الِاخْتِلَافُ فِي تَعْيِينِ الْمَكَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْرَعَ تَأَمَّلْ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَلَوْ تَشَاحَّا فِي تَعْيِينِ الْمُدَّةِ مَثَلًا بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا سَنَةٌ بِسَنَةٍ وَالْآخَرُ شَهْرٌ بِشَهْرٍ لَمْ أَرَهُ، وَالظَّاهِرُ تَفْوِيضُهُ لِلْقَاضِي: وَلَا يُقَالُ يَأْمُرُهُمَا بِالِاتِّفَاقِ كَالِاخْتِلَافِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ لِأَنَّ مَعَ كُلٍّ وَجْهًا فِيهَا، بِخِلَافِهِ هُنَا وَإِنْ قِيلَ يُقَدَّمُ الْأَقَلُّ حَيْثُ لَا ضَرَرَ بِالْآخَرِ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ وُصُولًا إلَى الْحَقِّ فَلَهُ وَجْهٌ تَأَمَّلْ اهـ. [تَنْبِيهٌ]
فِي الْهِدَايَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَسْتَغِلَّ مَا أَصَابَهُ بِالْمُهَايَأَةِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ لِحُدُوثِ الْمَنَافِعِ عَلَى مِلْكِهِ اهـ.
قَالَ السَّائِحَانِيُّ: أَفَادَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إنَّ تَهَايُؤَ الْمُسْتَأْجَرِينَ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ، وَإِنْ شَرَطَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ أَنَّ لِأَحَدِهِمَا مُقَدَّمُ الدَّارِ وَلِلْآخَرِ مُؤَخَّرُهَا فَسَدَ الْعَقْدُ، وَلَوْ لَمْ تَسَعْ سُكْنَاهُمَا وَأَحَدُهُمَا سَاكِنٌ وَطَلَبَ الْآخَرُ التَّهَايُؤَ زَمَانًا يُجَابُ كَمَا فِي حِيطَانِ الْخَانِيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ يَأْخُذُ هَذَا شَهْرًا وَالْآخَرُ شَهْرًا أَوْ يَأْخُذُ هَذَا غَلَّةَ هَذِهِ وَالْآخَرُ غَلَّةَ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا إلَخْ) لِأَنَّهَا لَوْ بَطَلَتْ لَاسْتَأْنَفَهَا الْحَاكِمُ وَلَا فَائِدَةَ. الِاسْتِئْنَافُ زَيْلَعِيٌّ، وَإِذَا تَهَايَآ فِي مَمْلُوكَيْنِ اسْتِخْدَامًا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَبَقَ انْتَقَضَتْ، وَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ الشَّهْرَ كُلَّهُ إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ نُقِصَ مِنْ الشَّهْرِ الْآخِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَلَوْ زَادَ ثَلَاثَةً لَا يَزِيدُ الْآخَرُ، وَلَوْ أَبَقَ الشَّهْرَ كُلَّهُ وَاسْتَخْدَمَ الْآخَرَ فِيهِ فَلَا أَجْرَ وَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ عَطِبَ أَحَدُ الْخَادِمَيْنِ أَوْ انْهَدَمَ الْمَنْزِلُ مِنْ السُّكْنَى أَوْ احْتَرَقَ مِنْ نَارٍ أَوْقَدَهَا فَلَا ضَمَانَ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ بَطَلَتْ) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ يُقْسَمُ وَتَبْطُلُ الْمُهَايَأَةُ، وَقَدْ أَفَادَ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُهَايَأَةَ وَالْآخَرُ الْقِسْمَةَ يُجَابُ الثَّانِي كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: أَجَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِهِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَ الْمُهَايَأَةِ وَقِسْمَةَ رَقَبَةِ الدَّارِ لَهُ ذَلِكَ إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَذَكَرَ قَبْلَهُ لِكُلٍّ نَقْضُ الْمُهَايَأَةِ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: هَذَا إذَا قَالَ أُرِيدُ بَيْعَ نَصِيبِي أَوْ قِسْمَتَهُ، أَمَّا لَوْ أَرَادَ عَوْدَ الْمَنَافِعِ مُشْتَرَكَةً فَلَا. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: مَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّ لَهُ نَقْضَهَا وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ إذَا حَصَلَتْ بِتَرَاضِيهِمَا، فَلَوْ بِالْفَضَاءِ فَلَا مَا لَمْ يَصْطَلِحَا لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ يَحْتَاجُ إلَى مَا هُوَ أَعْدَلُ وَهُوَ الْقِسْمَةُ بِالْقَضَاءِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اتَّفَقَا إلَخْ) وَكَذَا لَوْ سَكَتَا فَطَعَامُ كُلٍّ عَلَى مَخْدُومِهِ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ عَلَيْهِمَا
عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ كُلِّ عَبْدٍ عَلَى مَنْ يَخْدُمُهُ جَازَ اسْتِحْسَانًا بِخِلَافِ الْكِسْوَةِ، وَمَا زَادَ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ مُشْتَرَكٌ لَا فِي الدَّارَيْنِ، وَتَجُوزُ فِي عَبْدٍ وَدَارٍ عَلَى السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ وَكَذَا فِي كُلِّ مُخْتَلِفِي الْمَنْفَعَةِ مُلْتَقًى، وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ.
(وَلَوْ) تَهَايَآ (فِي غَلَّةِ عَبْدٍ أَوْ فِي غَلَّةِ عَبْدَيْنِ أَوْ) تَهَايَآ (فِي غَلَّةِ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ أَوْ) فِي (رُكُوبِ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ أَوْ) فِي (ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ أَوْ) فِي (لَبَنِ شَاةٍ لَا) يَصِحُّ فِي الْمَسَائِلِ الثَّمَانِ: وَحِيلَةُ الثِّمَارِ وَنَحْوِهَا أَنْ يَشْتَرِيَ حَظَّ شَرِيكِهِ ثُمَّ يَبِيعَ كُلَّهَا بَعْدَ مُضِيِّ نَوْبَتِهِ أَوْ يَنْتَفِعَ بِاللَّبَنِ بِمِقْدَارٍ مَعْلُومٍ اسْتِقْرَاضًا لِنَصِيبِ صَاحِبِهِ،
ــ
[رد المحتار]
وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكِسْوَةِ فِيهِ تَفْصِيلٌ، إنْ لَمْ يُبَيِّنَا مِقْدَارًا مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ بَيَّنَا يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا؛ أَمَّا الطَّعَامُ فَجَائِزٌ اشْتِرَاطُهُ عَلَى مَنْ يُخْدَمُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَهُ اسْتِحْسَانًا أَفَادَهُ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ وَمَا زَادَ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْغَلَّةِ وَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ فِي غَلَّةِ دَارٍ أَوْ دَارَيْنِ (قَوْلُهُ مُشْتَرَكٌ) لِتَحْقِيقِ التَّعْدِيلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ التَّهَايُؤُ عَلَى الْمَنَافِعِ فَاسْتَغَلَّ أَحَدُهُمَا فِي نَوْبَتِهِ زِيَادَةً لِأَنَّ التَّعْدِيلَ فِيمَا وَقَعَ عَلَيْهِ التَّهَايُؤُ حَاصِلٌ وَهُوَ الْمَنَافِعُ فَلَا يَضُرُّهُ زِيَادَةُ الِاسْتِغْلَالِ هِدَايَةٌ.
أَقُولُ: ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ زِيَادَةَ الْغَلَّةِ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا لَا تُنَافِي صِحَّةَ الْمُهَايَأَةِ وَالْجَبْرَ عَلَيْهَا، وَيُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ مَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ أَنَّ السَّفِينَةَ لَا يُجْبَرُ حَمْلًا وَلَا اسْتِغْلَالًا مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ بِأَنْ يَسْتَغِلَّهَا هَذَا شَهْرًا وَالْآخَرُ شَهْرًا بَلْ يُؤْجَرَانِهَا وَالْأُجْرَةُ لَهُمَا اهـ وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ قَدْ تَكُونُ غَلَّةَ شَهْرٍ أَزْيَدَ مِنْ غَلَّةِ آخَرَ فَلَا يُوجَدُ التَّسَاوِي اهـ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يُجْبَرُ عَلَى وَجْهٍ يَخْتَصُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالزَّائِدِ مِنْ الْغَلَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا فِي الدَّارَيْنِ) لِأَنَّ فِيهِمَا مَعْنَى التَّمْيِيزِ وَالْإِفْرَازِ رَاجِحٌ لِاتِّحَادِ زَمَانِ الِاسْتِيفَاءِ، وَفِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ يَتَعَاقَبُ الْوُصُولُ فَاعْتُبِرَ قَرْضًا وَجُعِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي نَوْبَتِهِ كَالْوَكِيلِ عَنْ صَاحِبِهِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ عَلَى السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ) بِأَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا الدَّارَ سَنَةً وَيَسْتَخْدِمَ الْآخَرُ الْعَبْدَ سَنَةً، وَعَلَى الْغَلَّةِ بَاطِلَةٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا ذَخِيرَةٌ: قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: الْجَوَازُ فِي الْمُتَّحِدِ، فَفِي الْمُخْتَلِفِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي كُلِّ مُخْتَلِفِي الْمَنْفَعَةِ) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: كَسُكْنَى الدُّورِ وَزَرْعِ الْأَرَضِينَ وَكَحَمَّامٍ وَدَارٍ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ إلَخْ) هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ
(قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ فِي الْمَسَائِلِ الثَّمَانِ) لَكِنَّ الثَّانِيَةَ وَالرَّابِعَةَ وَالْخَامِسَةَ وَالسَّادِسَةَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْبَاقِيَ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْمِنَحِ.
قَالَ فِي الدُّرَرِ: أَمَّا فِي عَبْدٍ أَوْ بَغْلٍ وَاحِدٍ فَلِأَنَّ النَّصِيبَيْنِ يَتَعَاقَبَانِ فِي الِاسْتِيفَاءِ، فَالظَّاهِرُ التَّغَيُّرُ فِي الْحَيَوَانِ فَتَفُوتُ الْمُعَادَلَةُ، بِخِلَافِ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ فِي الْعَقَارِ، وَأَمَّا فِي عَبْدَيْنِ أَوْ بَغْلَيْنِ فَلِأَنَّ التَّهَايُؤَ فِي الْخِدْمَةِ جَوَّزَ لِلضَّرُورَةِ لِامْتِنَاعِ قِسْمَتِهَا وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْغَلَّةِ لِأَنَّهَا تُقْسَمُ، وَأَمَّا فِي رُكُوبِ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ فَلِتَفَاوُتِهِ بِالرَّاكِبِينَ فَلَا تَتَحَقَّقُ التَّسْوِيَةُ فَلَا يَجْبُرُ الْقَاضِي عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِي ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ أَوْ لَبَنِ شَاةٍ وَنَحْوِهِ فَلِأَنَّ التَّهَايُؤَ مُخْتَصٌّ بِالْمَنَافِعِ لِامْتِنَاعِ قِسْمَتِهَا بَعْدَ وُجُودِهَا بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ اهـ مُلَخَّصًا، وَلَوْ لَهُمَا جَارِيَتَانِ فَتَهَايَآ عَلَى أَنْ تُرْضِعَ إحْدَاهُمَا وَلَدَ أَحَدِهِمَا وَالْأُخْرَى وَلَدَ الْآخَرِ جَازَ، لِأَنَّ لَبَنَ الْآدَمِيِّ لَا قِيمَةَ لَهُ فَجَرَى مَجْرَى الْمَنَافِعِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) أَيْ مِنْ الْأَعْيَانِ الَّتِي لَا تَجْرِي فِيهَا الْمُهَايَأَةُ:
أَقُولُ: وَمِنْهَا عُدَّةُ الْحَمَّامِ كَالْمَزْبَلَةِ وَالْحَمِيرِ وَالْمَنَاشِفِ وَنَحْوِهَا، فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ مِمَّا يُغْفَلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ حَظَّ شَرِيكِهِ) أَيْ مِنْ الشَّجَرَةِ وَالشَّاةِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ لَا مِنْ الثَّمَرَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَبِيعَ كُلَّهَا) أَيْ حِصَّتَهُ وَمَا اشْتَرَاهُ مِنْ شَرِيكِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ يَنْتَفِعَ بِاللَّبَنِ) هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَكِنَّهُ نَاظِرٌ إلَى الشَّاةِ: أَيْ إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ حَظَّهُ مِنْ الشَّاةِ، وَإِمَّا أَنْ يَسْتَقْرِضَ لَبَنَهَا فَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ بِالْوَاوِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِمِقْدَارٍ مَعْلُومٍ) بِأَنْ يَزِنَ مَا يَحْلِبُهُ كُلَّ
إذْ قَرْضُ الْمَشَاعِ جَائِزٌ. [فُرُوعٌ]
الْغَرَامَاتُ إنْ كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ فَالْقِسْمَةُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ، وَإِنْ لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ فَعَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَلَا يَدْخُلُ صِبْيَانٌ وَنِسَاءٌ، فَلَوْ غَرَّمَ السُّلْطَانُ قَرْيَةً تُقْسَمُ عَلَى هَذَا، وَلَوْ خِيفَ الْغَرَقُ فَاتَّفَقُوا عَلَى إلْقَاءِ أَمْتِعَةٍ فَالْغُرْمُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ
لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ.
الْمُشْتَرَكُ إذَا انْهَدَمَ فَأَبَى أَحَدُهُمَا الْعِمَارَةَ، إنْ احْتَمَلَ الْقِسْمَةَ لَا جَبْرَ وَقُسِمَ
ــ
[رد المحتار]
يَوْمٍ حَتَّى تَفْرُغَ الْمُدَّةُ ثُمَّ يَسْتَوْفِيَ صَاحِبُهُ مِقْدَارَهُ، فِي نَوْبَتِهِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: تَوَاضَعَا فِي بَقَرَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَحْلُبُ لَبَنَهَا كَانَ بَاطِلًا، وَلَا يَحِلُّ فَضْلُ اللَّبَنِ لِأَحَدِهِمَا وَإِنْ جَعَلَهُ صَاحِبُهُ فِي حِلٍّ لِأَنَّهُ هِبَةُ الْمَشَاعِ فِيمَا يُقْسَمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ اسْتَهْلَكَهُ فَيَكُونَ إبْرَاءً عَنْ الضَّمَانِ فَيَجُوزَ (قَوْلُهُ إذْ قَرْضُ الْمَشَاعِ جَائِزٌ) وَمِنْهُ مَا فِي هِبَةِ النِّهَايَةِ: إذَا دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا وَقَالَ خَمْسُمِائَةٍ قَرْضًا وَخَمْسُمِائَةٍ شَرِكَةٌ جَازَ. وَاعْتَرَضَ فِي السَّعْدِيَّةِ بِأَنَّ قَرْضَ الْمَشَاعِ وَإِنْ جَازَ لَكِنَّ تَأْجِيلَهُ لَا يَجُوزُ. قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ لَا غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ فَتَدَبَّرْ. [تَتِمَّةٌ]
لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ الْمُهَايَأَةَ عَلَى لُبْسِ الثَّوْبَيْنِ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي اللُّبْسِ تَفَاوُتًا فَاحِشًا طُورِيٌّ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ) هَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ حَكَاهَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَغَيْرِهَا، ثَانِيهَا عَلَى الْأَمْلَاكِ مُطْلَقًا، ثَالِثُهَا عَكْسُهُ. بَقِيَ الْكَلَامُ فِي مَعْرِفَةِ مَا هِيَ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ وَمَا هِيَ لِحِفْظِ الرُّءُوسِ فِي زَمَانِنَا وَهُوَ عَسِيرٌ، فَإِنَّ الظَّلَمَةَ يَأْخُذُونَ الْمَالَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ أَوْ مَحَلَّةٍ أَوْ حِرْفَةٍ مُرَتَّبًا فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ وَغَيْرَ مُرَتَّبٍ بِسَبَبٍ وَبِلَا سَبَبٍ. وَرَأَيْت فِي آخِرِ قِسْمَةِ الْحَامِدِيَّةِ مَا مُلَخَّصُهُ مُوَضَّحًا: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا تَعَرَّضَ لِلتَّفْصِيلِ غَيْرَ الْمَرْحُومِ وَالِدِي عَلِيٍّ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ، وَهُوَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّهُ إذَا قُطِعَ النَّظَرُ عَنْ إضَافَةِ الْأَمْلَاكِ إلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ صَارَ أَهْلُهَا كَالتُّرْكُمَانِ وَالْعُرْبَانِ فَلَا يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ إلَّا مَا يَطْلُبُهُ السُّلْطَانُ مِنْ نَحْوِ التُّرْكُمَانِ كَالْعَوَارِضِ وَجَرِيمَةِ مَا يُتَّهَمُونَ بِهِ مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ عَدَمِ مُدَافَعَةِ ذَلِكَ، وَكَالْقِيَامِ بِالضَّيْفِ إلَّا نَحْوَ الْعَلَفِ لِأَنَّهُمْ لَا يَزْرَعُونَ، وَمَا يَأْخُذُهُ الْوَالِي مِنْ الْمُشَاهَرَةِ وَمَا عَدَاهُ مِمَّا يُطْلَبُ بِسَبَبِ الْأَمْلَاكِ كَالتِّبْنِ وَالشَّعِيرِ وَالْحَطَبِ وَالذَّخِيرَةِ فَعَلَى الْمُلَّاكِ بِحَسَبِ أَمْلَاكِهِمْ اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ صِبْيَانٌ وَنِسَاءٌ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ خَاصٌّ فِيمَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ يُرْشِدُ إلَيْهِ التَّعْلِيلُ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: فَإِنْ لِتَحْصِينِ الْأَمْلَاكِ فَعَلَى قَدْرِهَا لِأَنَّهَا لِتَحْصِينِ الْمِلْكِ فَصَارَتْ كَمُؤْنَةِ حَفْرِ النَّهْرِ، وَإِنْ لِتَحْصِينِ الْأَبَدَانِ فَعَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ الَّتِي يَتَعَرَّضُ لَهُمْ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الرَّأْسِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ اهـ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَوْ خِيفَ الْغَرَقُ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ
(قَوْلُهُ فَاتَّفَقُوا إلَخْ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى الْإِلْقَاءِ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ بَلْ عَلَى الْمُلْقِي وَحْدَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّاهِدِيُّ فِي حَاوِيهِ. قَالَ رَامِزًا: أَشْرَفَتْ السَّفِينَةُ عَلَى الْغَرَقِ فَأَلْقَى بَعْضُهُمْ حِنْطَةَ غَيْرِهِ فِي الْبَحْرِ حَتَّى خَفَّتْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ اهـ رَمْلِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ، وَقَوْلُهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ مُتَعَلِّقٌ بِقِيمَتِهَا أَيْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا مُشْرِفَةً عَلَى الْغَرَقِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ. ثُمَّ قَالَ رَمْلِيٌّ: وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَى الْغَائِبِ الَّذِي لَهُ مَالٌ فِيهَا وَلَمْ يَأْذَنْ بِالْإِلْقَاءِ، فَلَوْ أَذِنَ بِأَنْ قَالَ: إذَا تَحَقَّقَتْ هَذِهِ الْحَالَةُ فَأَلْقُوا اُعْتُبِرَ إذْنُهُ اهـ (قَوْلُهُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ) يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا قُصِدَ حِفْظُ الْأَنْفُسِ خَاصَّةً كَمَا يُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِهِ. أَمَّا إذَا قُصِدَ حِفْظُ الْأَمْتِعَةِ فَقَطْ، كَمَا إذَا لَمْ يُخْشَ عَلَى الْأَنْفُسِ وَخُشِيَ عَلَى الْأَمْتِعَةِ بِأَنْ كَانَ الْمَوْضِعُ لَا تَغْرَقُ فِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَتْلَفُ فِيهِ الْأَمْتِعَةُ فَهِيَ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ، وَإِذَا خُشِيَ عَلَى الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ فَأَلْقَوْا بَعْدَ الِاتِّفَاقِ لِحِفْظِهِمَا فَعَلَى قَدْرِهِمَا، فَمَنْ كَانَ غَائِبًا وَأَذِنَ بِالْإِلْقَاءِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ اُعْتُبِرَ مَالُهُ لَا نَفْسُهُ، وَمَنْ كَانَ حَاضِرًا بِمَالِهِ اُعْتُبِرَ مَالُهُ وَنَفْسُهُ، وَمَنْ كَانَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ اُعْتُبِرَ نَفْسُهُ فَقَطْ، وَلَمْ أَرَ هَذَا التَّحْرِيرَ لِغَيْرِي وَلَكِنْ أَخَذْته مِنْ التَّعْلِيلِ فَتَأَمَّلْ رَمْلِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ، وَأَقَرَّهُ الْحَمَوِيُّ وَغَيْرُهُ
(قَوْلُهُ الْمُشْتَرَكُ إذَا انْهَدَمَ إلَخْ) اسْتَثْنَى الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ مِنْهُ مَسْأَلَةً، وَهِيَ جِدَارٌ بَيْنَ
وَإِلَّا بَنَى ثُمَّ آجَرَهُ لِيَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ لَوْ بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَقْتَ الْبِنَاءِ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ تَضَرَّرَ جَارُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْكُلُّ فِي الْأَشْبَاهِ، وَفِي الْمُجْتَبَى وَبِهِ يُفْتَى، وَفِي السِّرَاجِيَّةِ: الْفَتْوَى عَلَى الْمَنْعِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اهـ.
قُلْت: وَمَرَّ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهَا:
ــ
[رد المحتار]
يَتِيمَيْنِ خِيفَ سُقُوطُهُ وَفِي تَرْكِهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا وَلَهُمَا وَصِيَّانِ فَأَبَى أَحَدُهُمَا الْعِمَارَةَ يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ مَعَ صَاحِبِهِ، وَلَيْسَ كَإِبَاءِ أَحَدِ الْمَالِكِينَ لِرِضَاهُ بِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ فَلَا يُجْبَرُ وَهُنَا الضَّرَرُ عَلَى الصَّغِيرِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ كَذَلِكَ اهـ أَبُو السُّعُودِ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَنَى إلَخْ) فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ صَالِحٍ عَلَى الْأَشْبَاهِ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَشَمِلَ مَا إذَا انْهَدَمَ كُلُّهُ وَصَارَ صَحْرَاءَ أَوْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: طَاحُونَةٌ أَوْ حَمَّامٌ مُشْتَرَكٌ انْهَدَمَ وَأَبَى الشَّرِيكُ الْعِمَارَةَ يُجْبَرُ، هَذَا إذَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ، أَمَّا إذَا انْهَدَمَ الْكُلُّ وَصَارَ صَحْرَاءَ لَا يُجْبَرُ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ مُعْسِرًا يُقَالُ لَهُ أَنْفِقْ وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَى الشَّرِيكِ إلَخْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا: وَلَوْ أَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَ الْحَارِثَ يُجْبَرُ. وَفِي أَدَبِ الْقَضَاءِ مِنْ الْفَتَاوَى: لَا يُجْبَرُ وَلَكِنْ يُقَالُ اسْقِهِ وَأَنْفِقْ ثُمَّ ارْجِعْ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقْت اهـ أَبُو السُّعُودِ.
أَقُولُ: اُسْتُفِيدَ مِمَّا فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ عَدَمَ الْجَبْرِ لَوْ مُعْسِرًا تَأَمَّلْ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ نَحْوَ الْحَمَّامِ مِمَّا لَا يُقْسَمُ إذَا انْهَدَمَ كُلُّهُ وَصَارَ صَحْرَاءَ صَارَ مِمَّا يُقْسَمُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَلَا يَرُدُّ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَافْهَمْ. هَذَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخُلَاصَةِ الثَّانِي أَنَّ الْجَبْرَ بِنَحْوِ الضَّرْبِ وَالْحَبْسِ، وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَمْرِ الْقَاضِي بِأَنْ يُنْفِقَ وَيَرْجِعَ بِنِصْفِهِ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ تَأَمَّلْ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ سَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الْوَهْبَانِيَّةِ. [تَتِمَّةٌ]
زَرْعٌ بَيْنَهُمَا فِي أَرْضِهِمَا طَلَبَا قِسْمَتَهُ دُونَ الْأَرْضِ، فَلَوْ بَقْلًا وَاتَّفَقَا عَلَى الْقَلْعِ جَازَتْ، وَإِنْ شَرَطَا الْبَقَاءَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا وَلَوْ مُدْرِكًا، فَإِنْ شَرَطَا الْحَصَادَ جَازَتْ اتِّفَاقًا أَوْ التَّرْكَ فَلَا عِنْدَهُمَا وَجَازَتْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَكَذَلِكَ الطَّلْعُ عَلَى النَّخِيلِ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَلَوْ طَلَبَا مِنْ الْقَاضِي لَا يَقْسِمُهُ بِشَرْطِ التَّرْكِ، وَأَمَّا بِشَرْطِ الْقَلْعِ فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا مِنْهُ لَا يَقْسِمُ مُطْلَقًا تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ إلَخْ) إنْ أُرِيدَ بِالْمِلْكِ مَا يَعُمُّ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ شَمِلَ الْمَوْقُوفَ لِلسُّكْنَى أَوْ الِاسْتِغْلَالِ أَفَادَهُ الْحَمَوِيُّ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) وَنَقَلَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ وَعَنْ زُفَرَ وَابْنِ زِيَادٍ، وَقَالَ: وَهُوَ الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ وَأَعْتَمِدُهُ، وَأُفْتِي بِهِ تَبَعًا لِوَالِدِي اهـ وَجَعَلَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ لِلْقِيَاسِ وَقَالَ: لَكِنْ تَرَكَ الْقِيَاسَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَتَعَدَّى ضَرَرُ تَصَرُّفِهِ إلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا، وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَهَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ: وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ أَضَرَّ بِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا بَيِّنًا، وَهُوَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْهَدْمِ أَوْ مَا يُوهِنُ الْبِنَاءَ أَوْ يَخْرُجُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ مَا يَمْنَعُ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ كَسَدِّ الضَّوْءِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ اهـ. وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ صَالِحٍ: وَالْمَنْعُ هُوَ الِاسْتِحْسَانُ، وَهُوَ الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ إذَا كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا اهـ وَبِهِ أَفْتَى أَبُو السُّعُودِ مُفْتِي الرُّومِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي زَمَانِنَا، وَمَشَى عَلَيْهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، وَكَذَا الْمُصَنِّفُ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ، وَارْتَضَاهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ.
ثُمَّ قَالَ: وَبَقِيَ مَا لَوْ أَشْكَلَ هَلْ يَضُرُّ أَمْ لَا، وَقَدْ حَرَّرَ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ الْمَنْعَ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ السُّفْلِ وَالْعُلْوِ أَنَّهُ لَا يَتَّدِ إذَا ضَرَّ، وَكَذَا إنْ أَشْكَلَ عَلَى الْمُخْتَارِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهَا) الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ مِنْ الْوَهْبَانِيَّةِ وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ نَظْمِ شَارِحِهَا ابْنُ الشِّحْنَةِ، لَكِنَّهُ ذَكَرَ الْأَخِيرَ بَعْدَ أَبْيَاتٍ فَافْهَمْ
وَلَوْ زَرَعَ الْإِنْسَانُ أُرْزًا بِدَارِهِ
…
فَلَيْسَ لِجَارٍ مَنْعُهُ لَوْ يُضَرَّرُ
وَحَيْطٌ لَهُ أَهْلٌ فَحِمْلٌ وَاحِدٌ
…
وَلَا حِمْلَ فِيهِ قَبْلَ لَيْسَ يُغَيَّرُ
وَمَا لِشَرِيكٍ أَنْ يُعَلِّيَ حَيْطَهُ
…
وَقِيلَ التَّعَلِّي جَائِزٌ فَيُعَمَّرُ
وَمَمْنُوعُ قَسْمٍ عِنْدَ مَنْعِ مُشَارِكٍ
…
مِنْ الرَّمِّ قَاضٍ مُؤْجِرٌ فَيُعَمَّرُ
وَيُنْفِقُ فِي الْمُخْتَارِ رَاضٍ بِإِذْنِهِ
…
وَيَمْنَعُ نَفْعًا مَنْ أَبَى قَبْلَ يُخَسَّرُ
وَخُذْ مُنْفَقًا بِالْإِذْنِ مِنْهُ كَحَاكِمٍ
…
وَخُذْ قِيمَةً إلَّا وَهَذَا الْمُحَرَّرُ.
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَلَوْ زَرَعَ الْإِنْسَانُ أُرْزًا إلَخْ) الْأُرْزُ كَقُفْلٍ وَقَدْ تُضَمُّ رَاؤُهُ وَتُشَدَّدُ الزَّايُ وَبَعْضُهُمْ يَفْتَحُ الْهَمْزَةَ وَبَعْضُهُمْ يَحْذِفُهَا، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَالْفَتْوَى عَلَى التَّفْصِيلِ شُرُنْبُلَالِيٌّ (قَوْلُهُ وَحَيْطٌ) جَعَلَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ مَجْرُورًا بِوَاوِ رُبَّ، وَالْأَوْلَى رَفْعُهُ مُبْتَدَأً وَجُمْلَةٌ لَهُ أَهْلٌ أَيْ أَصْحَابٌ صِفَةٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ فَحِمْلٌ وَاحِدٌ، أَيْ وَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُتَعَلِّقِ الْجَارِ، وَقَوْلُهُ وَلَا حِمْلَ فِيهِ قَبْلُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَفِي بِمَعْنَى عَلَى، أَيْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جُذُوعٌ قَبْلَ ذَلِكَ، وَجُمْلَةُ لَيْسَ يُغَيَّرُ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ: أَيْ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ رَفْعُ مَا حَمَلَهُ أَحَدُهُمْ. قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ: وَهَذَا لَوْ الْحَائِطُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَيُقَالُ لِلْآخَرِ ضَعْ أَنْتَ مِثْلَ ذَلِكَ إنْ شِئْت، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ عَلَى خَشَبِ صَاحِبِهِ أَوْ يَتَّخِذَ عَلَيْهِ سِتْرًا أَوْ يَفْتَحَ كُوَّةً أَوْ بَابًا فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمُشْتَرَكِ، إلَّا أَنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ فِي الْأُولَى لِلضَّرُورَةِ إذْ رُبَّمَا لَا يَأْذَنُ لَهُ شَرِيكُهُ فَيَتَعَطَّلُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ الْحَائِطِ اهـ بِمَعْنَاهُ
(قَوْلُهُ وَمَا لِشَرِيكٍ إلَخْ) صُورَةُ ذَلِكَ حَائِطٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَدْرُ قَامَةٍ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ فِي طُولِهِ وَأَبَى الْآخَرُ فَلَهُ مَنْعُهُ ذَخِيرَةٌ وَغَيْرُهَا وَإِلَى تَرْجِيحِهِ لِكَوْنِهِ رِوَايَةً عَنْ مُحَمَّدٍ أَشَارَ بِتَقْدِيمِهِ، وَتَعْبِيرُهُ عَنْ الثَّانِي بِقِيلِ أَفَادَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ ثُمَّ نَقَلَ تَقْيِيدَ الْمَنْعِ بِمَا إذَا كَانَ شَيْئًا خَارِجًا عَنْ الْعَادَةِ، وَوَفَّقَ بِهِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَاعْتَمَدَهُ وَنَظَمَهُ فِي بَيْتٍ غَيَّرَ بِهِ نَظْمَ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ لِظُهُورِ الْوَجْهِ لِلْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْمُشْتَرَكِ بِلَا ضَرُورَةٍ فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ مِنْ الْمَنْعِ، وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ فِي بَابِ الْحِيطَانِ وَقَالَ لَيْسَ لَهُ الزِّيَادَةُ بِلَا إذْنٍ أَضَرَّ الشَّرِيكَ أَوْ لَا. وَفِي الْخَيْرِيَّةِ: وَمِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَالْفِقْهِ، فِيهِ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمِلًا لِمِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ فَيُمْنَعُ، وَهَذَا مِمَّا لَا شُبْهَةَ فِيهِ اهـ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ وَمَمْنُوعُ قَسْمٍ) أَيْ مَا لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ كَالْحَمَّامِ، وَقَوْلُهُ مِنْ الرَّمِّ مُتَعَلِّقٌ بِمَنْعِ: أَيْ عِنْدَ امْتِنَاعِ الشَّرِيكِ مِنْ التَّرْمِيمِ، وَقَوْلُهُ قَاضٍ مُؤْجِرٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يُؤَجِّرُهُ وَيُعَمِّرُهُ بِالْأُجْرَةِ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَيُنْفِقُ فِي الْمُخْتَارِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ: وَالْمُرَادُ بِالرَّاضِي الرَّاضِي بِالرَّمِّ وَالْعِمَارَةِ، يَظْهَرُ ذَلِكَ مِنْ مُقَابَلَتِهِ بِالْآبِي، وَضَمِيرُ إذْنِهِ لِلْقَاضِي، وَقَبْلَ يُخَسَّرُ: أَيْ قَبْلَ أَنْ يَخْسَرَ لِلِبَانِي مَا يَخُصُّهُ مِمَّا صَرَفَهُ اهـ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ يُنْفِقُ الرَّاضِي بِالتَّرْمِيمِ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيَمْنَعُ الْآبِيَ مِنْ الِانْتِفَاعِ قَبْلَ أَدَاءِ مَا يَخُصُّهُ. وَقَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ: وَمَفْهُومُ التَّقْيِيدِ بِالرَّمِّ أَنَّهُ لَوْ انْهَدَمَ جَمِيعُهُ حَتَّى صَارَ صَحْرَاءَ لَا يَجْرِي مَا ذُكِرَ مِنْ الِاخْتِلَافِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ يَصِيرُ حِينَئِذٍ مِمَّا يُقْسَمُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وَخُذْ مُنْفَقًا) بِفَتْحِ الْفَاءِ اسْمُ مَفْعُولٍ، وَهَذَا زَادَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ تَفْصِيلًا لِبَيْتٍ مِنْ الْوَهْبَانِيَّةِ وَهُوَ هَذَا:
وَذُو الْعُلْوِ لَمْ يَلْزَمْ لِصَاحِبِ سُفْلِهِ
…
بَنَاهُ خَلَا مَنْ هَذِهِ مِنْهُ يَصْدُرُ