المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الاستبراء وغيره - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٦

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌[رُكْن الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَرْصَدِ وَالْقِيمَةِ وَمِشَدِّ الْمُسْكَةِ]

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَمَعْنَى الِاسْتِحْكَارُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ تَفَاسَخَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ]

- ‌بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْبِنَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْمَعَاصِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِئْجَارِ الْمَاءِ مَعَ الْقَنَاةِ وَاسْتِئْجَارِ الْآجَامِ وَالْحِيَاضِ لِلسَّمَكِ]

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ

- ‌[مَبْحَثُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ الْخَاصِّ أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْحَارِسِ وَالْخَانَاتِيِّ]

- ‌[مَبْحَثُ اخْتِلَافِ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ إصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ وَإِخْرَاجُ التُّرَابِ وَالرَّمَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَجْمِ الدَّارِ مِنْ الْجِنِّ هَلْ هُوَ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِسْقُ الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ عُذْرًا فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ إرَادَةُ السَّفَرِ أَوْ النُّقْلَةِ مِنْ الْمِصْرِ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَخْلِيَةِ الْبَعِيدِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْمُؤَجِّرِ وَلِغَيْرِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أُجْرَةِ صَكِّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُقْطَعِ وَانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ الْمُقْطِعِ وَإِخْرَاجُهُ لَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْكَرَ الدَّافِعُ وَقَالَ لَيْسَ هَذَا مِنْ دَرَاهِمِي فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا]

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ

- ‌بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ

- ‌بَابٌ: مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى

- ‌كِتَابُالْوَلَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ

- ‌كِتَابُالْإِكْرَاهِ

- ‌كِتَابُالْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ.(بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ

- ‌كِتَابُالْمَأْذُونِ

- ‌[مَبْحَثٌ فِي تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ وَمَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ وَتَرْتِيبُهَا]

- ‌[فروع أَقَرَّ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونَانِ بِمَا مَعَهُمَا مِنْ كَسْبٍ أَوْ إرْثٍ]

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ هُدِمَ حَائِطٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَفِيمَا لَوْ أَبَى الْمَالِكُ قَبُولَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَبْحَاثِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي لُحُوقِ الْإِجَازَةِ لِلْإِتْلَافِ وَالْأَفْعَالِ فِي اللُّقَطَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِمَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةً تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ مَنَافِعِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ السَّاعِي]

- ‌كِتَابُالشُّفْعَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ غَصَبَ السُّلْطَانُ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ مِنْ شِرْبٍ أَوْ دَارٍ وَقَالَ لَا أَغْصِبُ إلَّا نَصِيبَهُ]

- ‌بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌[بَابُ مَا تَثْبُتُ الشُّفْعَة فِيهِ أَوْ لَا تَثْبُتُ]

- ‌[بَابُ مَا يُبْطِل الشُّفْعَة]

- ‌[فُرُوعٌ]بَاعَ مَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ شَفِيعُهَا

- ‌كِتَابُالْقِسْمَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ السُّكْنَى فِي بَعْضِ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ]

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌[مُطْلَبٌ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْحُورِ وَالصَّفْصَافِ]

- ‌[مُطْلَبٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُنَاصَبَةِ بَيَانُ الْمُدَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ قَامَ الْعَامِلُ عَلَى الْكَرْمِ أَيَّامًا ثُمَّ تَرَكَ فَلَمَّا أَدْرَكَ الثَّمَرَ جَاءَ يَطْلُبُ الْحِصَّةَ]

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةَ

- ‌فُرُوعٌ]

- ‌[فُرُوعٌ]لَوْنُ أُضْحِيَّتِهِ عليه الصلاة والسلام سَوْدَاءُ

- ‌كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ]

- ‌فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ

- ‌بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ

- ‌فَرْعٌ]يُكْرَهُ إعْطَاءُ سَائِلٍ الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ الشِّرْبُ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ

- ‌بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتُهُ أَيْ الرَّهْنُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْأَبُ مِنْ مَالِ طِفْلِهِ شَيْئًا بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ لِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ عِنْدَ غَرِيمٍ مِنْ غُرَمَائِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

- ‌[فَرْعٌ] رَهْنُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ

- ‌بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

- ‌[فُرُوعٌ] أَلْقَى حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا فِي الطَّرِيقِ فَلَدَغَتْ رَجُلًا

- ‌فَصْلٌ فِي الْفِعْلَيْنِ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ

- ‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

- ‌[فُرُوعٌ لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكَرْمِ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ]

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَصْبِ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌[تَتِمَّةٌ صَبِيٌّ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ فِي مَاءٍ فَمَاتَ]

- ‌كِتَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌[فُرُوعٌ وُجِدَ الْقَتِيل فِي دَارِ صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوه]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَرْعٌ]أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فُلَانٌ أَوْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ

- ‌ بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَصَايَا الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ

- ‌[فُرُوعٌ]أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلصَّلَوَاتِ

- ‌بَابُ الْوَصِيِّ

- ‌فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ

- ‌[فُرُوعٌ]يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ

- ‌كِتَابُ الْخُنْثَى

- ‌مَسَائِلُ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَصَبَاتِ

- ‌بَابُ الْعَوْلِ

- ‌ مَسَائِلُ الرَّدِّ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ

- ‌بَابُ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى وَغَيْرِهِمْ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُنَاسَخَةِ

- ‌بَابُ الْمَخَارِجِ

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌باب الاستبراء وغيره

وَقِيلَ يَجُوزُ بِدُونِهِ لِفَسَادِ الزَّمَانِ ذَكَرَهُ ابْنُ سُلْطَانٍ.

‌بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ

(مَنْ) مَلَك اسْتِمْتَاعَ (أَمَةٍ) بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمِلْكِ كَشِرَاءٍ وَإِرْثِ سَبْيٍ وَدَفْعِ جِنَايَةٍ وَفَسْخِ بَيْعٍ بَعْدَ الْقَبْضِ وَنَحْوِهَا وَقُيِّدَتْ بِالِاسْتِمْتَاعِ لِيَخْرُجَ شِرَاءُ الزَّوْجَةِ كَمَا سَيَجِيءُ

ــ

[رد المحتار]

فِي الْبَالِغَةِ، أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَهُ الْعَزْلُ عَنْهَا بِلَا إذْنٍ كَمَا مَرَّ فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ: ظَاهِرُ جَوَابِ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَسَعُهُ، وَذَكَرَ هُنَا يَسَعُهُ كَذَا فِي الْكُبْرَى وَلَهُ مَنْعُ امْرَأَتِهِ مِنْ الْعَزْلِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ اهـ ط. وَفِي الذَّخِيرَةِ اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ تَبَعًا لِلْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ النَّهْرِ بَحْثًا أَنَّ لَهَا سَدَّ فَمِ رَحِمِهَا كَمَا تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ مُخَالِفًا لِمَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ، لَكِنْ يُخَالِفُ مَا فِي الْكُبْرَى إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عَدَمِ خَوْفِ الْفَسَادِ تَأَمَّلْ. وَفِي الذَّخِيرَةِ: لَوْ أَرَادَتْ إلْقَاءَ الْمَاءِ بَعْدَ وُصُولِهِ إلَى الرَّحِمِ قَالُوا إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ لَا يُبَاحُ لَهَا وَقَبْلَهُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالنَّفْخُ مُقَدَّرٌ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا بِالْحَدِيثِ اهـ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَا أَقُولُ بِهِ لِضَمَانِ الْمُحْرِمِ بَيْضَ الصَّيْدِ لِأَنَّهُ أَصْلُ الصَّيْدِ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَلْحَقَهَا إثْمٌ وَهَذَا لَوْ بِلَا عُذْرٍ اهـ وَيَأْتِي تَمَامُهُ قُبَيْلَ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ]

ِ يُقَالُ اسْتَبْرَأَ الْجَارِيَةَ أَيْ طَلَبَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ وَهُوَ وَاجِبٌ لَوْ أَنْكَرَهُ كَفَرَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِهِ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ الْمَعْرُوفِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ لِثُبُوتِهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كَمَا فِي النَّظْمِ، وَسَبَبُهُ: حُدُوثُ الْمِلْكِ وَعِلَّتُهُ: إرَادَةُ الْوَطْءِ وَشَرْطُهُ: حَقِيقَةُ الشُّغْلِ كَمَا فِي الْحَامِلِ أَوْ تَوَهُّمُهُ كَمَا فِي الْحَائِلِ وَحُكْمُهُ: تَعَرُّفُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَحِكْمَتُهُ: صِيَانَةُ الْمِيَاهِ الْمُحْتَرَمَةِ، لَكِنَّهَا لَا تَصْلُحُ مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ لِتَأَخُّرِهَا عَنْهُ بِخِلَافِ السَّبَبِ لِسَبْقِهِ فَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ الْوَطْءِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ الْآتِيَةِ اهـ دُرٌّ مُنْتَقًى وَالْأَصْلُ فِيهِ «قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ أَلَا لَا تُوطَأُ الْحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَلَا الْحَيَالَى حَتَّى يُسْتَبْرَأْنَ بِحَيْضَةٍ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَهُوَ عَامٌّ، إذْ لَا تَخْلُو السَّبَايَا مِنْ الْبِكْرِ وَنَحْوِهَا فَلَمْ يَخْتَصَّ بِالْحِكْمَةِ لِعَدَمِ اطِّرَادِهَا وَالْحَبَالَى جَمْعُ حُبْلَى وَالْحَيَالَى جَمْعُ حَائِلٍ مَنْ لَا حَمْلَ لَهَا وَقَوْلُهُ " حَتَّى يُسْتَبْرَأْنَ " بِالْهَمْزِ لَا غَيْرُ وَتَرْكُهَا خَطَأٌ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، ثُمَّ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْهُ مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ كَمَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) مِنْ التَّقْبِيلِ وَالْمُعَانَقَةِ وَالْمُصَافَحَةِ.

(قَوْلُهُ مَنْ مَلَكَ اسْتِمْتَاعَ أَمَةٍ) أَيْ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَطْئًا وَغَيْرَهُ أَيْ مِلْكًا حَادِثًا احْتِرَازًا عَنْ عَوْدِ الْآبِقَةِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَأْتِي، وَالْمُرَادُ مِلْكُ الْيَمِينِ فَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً وَكَانَ الْمَوْلَى يَطَؤُهَا، فَفِي الذَّخِيرَةِ لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَسْتَبْرِئُهَا اسْتِحْسَانًا كَيْ لَا يُؤَدِّي إلَى اجْتِمَاعِ رَجُلَيْنِ عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ مَتَى صَحَّ تَضَمَّنَ الْعِلْمَ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ شَرْعًا وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ اهـ. بَقِيَ الْكَلَامُ فِي مَوْلَاهَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا وَكَانَ يَطَؤُهَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا ثُمَّ يَبِيعَهَا، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا، وَكَانَ يَطَؤُهَا بَعْضُهُمْ قَالُوا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ هُنَا يَجِبُ وَإِلَيْهِ مَالَ السَّرَخْسِيُّ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ فَلَا مَعْنًى لِإِيجَابِهِ عَلَى الْبَائِعِ، وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَكْرَهُ أَنْ يَبِيعَ مَنْ كَانَ يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا اهـ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) كَهِبَةٍ وَرُجُوعٍ عَنْهَا وَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ، وَبَدَلِ خُلْعٍ

ص: 374

(وَلَوْ بِكْرًا أَوْ مَشْرِيَّةً مِنْ عَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ) وَلَوْ عَبْدَهُ كَمُكَاتَبِهِ وَمَأْذُونِهِ لَوْ مُسْتَغْرَقًا بِالدَّيْنِ وَإِلَّا لَا اسْتِبْرَاءَ (أَوْ) مِنْ (مَحْرَمِهَا) غَيْرِ رَحِمِهَا كَيْ لَا تُعْتَقَ عَلَيْهِ (أَوْ مِنْ مَالِ صَبِيٍّ) وَلَوْ طِفْلَهُ (حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَ) كَذَا (دَوَاعِيهِ) فِي الْأَصَحِّ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهَا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ بِظُهُورِهَا حُبْلَى (حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ فِيمَنْ تَحِيضُ وَبِشَهْرٍ فِي ذَاتِ أَشْهُرٍ) وَهِيَ صَغِيرَةٌ وَآيِسَةٌ وَمُنْقَطِعَةُ حَيْضٍ وَلَوْ حَاضَتْ فِيهِ بَطَلَ الِاسْتِبْرَاءُ بِالْأَيَّامِ وَلَوْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا بِأَنْ صَارَتْ مُمْتَدَّةَ الطُّهْرِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ اسْتَبْرَأَهَا بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَبِهِ يُفْتَى وَالْمُسْتَحَاضَةُ يَدَعُهَا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ بُرْجُنْدِيٌّ وَغَيْرُهُ فَلْيُحْفَظْ (وَيُوضَعَ الْحَمْلُ فِي الْحَامِلِ)

(وَلَا يُعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ مَلَكَهَا فِيهَا وَلَا الَّتِي) بَعْدَ الْمِلْكِ (قَبْلَ قَبْضِهَا

ــ

[رد المحتار]

أَوْ صُلْحٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ إجَارَةٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِكْرًا إلَخْ) لِمَا مَرَّ مِنْ إدَارَةِ الْحُكْمِ عَلَى السَّبَبِ، وَهُوَ حُدُوثُ الْمِلْكِ لِسَبْقِهِ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا تَيَقَّنَ بِفَرَاغِ رَحِمِهَا مِنْ مَاءِ الْبَائِعِ لَمْ يَسْتَبْرِئْ (قَوْلُهُ لَوْ مُسْتَغْرَقًا بِالدَّيْنِ) أَيْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ رَقَبَتَهُ وَمَا فِي يَدِهِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْمَوْلَى حِينَئِذٍ لَا يَمْلِكُ مَكَاسِبَهُ، وَعِنْدَهُمَا يَمْلِكُ إتْقَانِيٌّ وَالْأَوَّلُ اسْتِحْسَانٌ وَالثَّانِي قِيَاسٌ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرَقًا أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَصْلًا لَا اسْتِبْرَاءَ، وَهَذَا إذَا حَاضَتْ عِنْدَ الْعَبْدِ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهَا لِمَوْلَاهُ قَبْلَ حَيْضِهَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى اسْتِبْرَاؤُهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَأْذُونُ مَدْيُونًا كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي مَتْنِ الدُّرَرِ.

(قَوْلُهُ أَوْ مِنْ مَحْرَمِهَا غَيْرِ رَحِمِهَا) أَيْ مَحْرَمِ الْأَمَةِ كَمَا لَوْ كَانَتْ أُمَّ الْبَائِعِ أَوْ أُخْتَهُ أَوْ بِنْتَه رَضَاعًا أَوْ زَوْجَةَ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ وَطِئَ أُمَّهَا أَوْ بِنْتَهَا (قَوْلُهُ كَيْ لَا تُعْتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ الْمَحْرَمِ لَوْ كَانَ رَحِمًا فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِتَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ غَيْرِ رَحِمِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا دَوَاعِيهِ) كَالْقُبْلَةِ وَالْمُعَانَقَةِ وَالنَّظَرِ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا تَحْرُمُ الدَّوَاعِي فِي الْمَسْبِيَّةِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) قَيْدٌ لِلدَّوَاعِي وَلِذَا فَصَلَهُ بِكَذَا احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ لَا تَحْرُمُ الدَّوَاعِي لِأَنَّ حُرْمَةَ الْوَطْءِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ الْمَاءُ وَيَشْتَبِهَ النَّسَبُ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهَا إلَخْ) أَيْ الدَّوَاعِي تَعْلِيلٌ لِلْأَصَحِّ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَظْهَرَ حُبْلَى فَيَدَّعِيَ الْبَائِعُ الْوَلَدَ فَيَظْهَرَ وُقُوعُهَا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، لَكِنْ هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي الْمَسْبِيَّةِ كَمَا قَالَ ط (قَوْلُهُ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) فَلَوْ وَطِئَهَا قَبْلَهُ أَثِمَ وَلَا اسْتِبْرَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَالْمُبْتَغَى شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَمُنْقَطِعَةُ حَيْضٍ) كَذَا فِي الْمِنَحِ وَالدُّرَرِ وَاعْتَرَضَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ الْآيِسَةَ، فَهُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ، وَإِنْ أَرَادَ مُمْتَدَّةَ الطُّهْرِ نَاقَضَهُ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا إلَخْ. وَفِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: اعْلَمْ أَنَّ مُنْقَطِعَةَ الْحَيْضِ هِيَ الَّتِي بَلَغَتْ بِالسِّنِّ، وَلَمْ تَحِضْ قَطُّ، وَهَذِهِ حُكْمُهَا كَصَغِيرَةٍ اتِّفَاقًا وَأَمَّا مُرْتَفِعَةُ الْحَيْضِ، فَهِيَ مَنْ حَاضَتْ وَلَوْ مَرَّةً ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَامْتَدَّ طُهْرُهَا، وَلِذَا تُسَمَّى مُمْتَدَّةَ الطُّهْرِ وَفِيهَا الْخِلَافُ، وَقَدْ خَفِيَ هَذَا عَلَى الشُّرُنْبُلَالِيُّ مُحَشِّي الدُّرَرِ فَتَبَصَّرْ (قَوْلُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) هَذَا مَا رَجَعَ إلَيْهِ وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا تُتْرَكُ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَامِلٍ.

وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي مُدَّةِ التَّبْيِينِ عَلَى أَقْوَالٍ أَحْوَطُهَا: سَنَتَانِ وَأَرْفَقُهَا هَذَا، لِأَنَّهَا مُدَّةٌ صَلَحَتْ لِتُعْرَفَ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ لِلْأَمَةِ فِي النِّكَاحِ فَفِي مِلْكِ الْيَمِينِ وَهُوَ دُونَهُ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى) نَقَلَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْكَافِي (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَحَاضَةُ يَدَعُهَا إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَنْ عُلِمَتْ عَادَتُهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ وَحِينَئِذٍ لَا يَتَعَيَّنُ كَوْنُ مُدَّةِ الْحَيْضِ عَشْرًا، وَيَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَنْ نَزَلَ عَلَيْهَا الدَّمُ أَوَّلَ الْبُلُوغِ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَإِنَّ حَيْضَهَا عَشَرَةٌ وَطُهْرَهَا عِشْرُونَ، وَيَظْهَرُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَيْهَا وَلَا يَظْهَرُ فِي الْمُحَيَّرَةِ فَلْيُحَرَّرْ وَعِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ، فَلَوْ اشْتَرَى مُسْتَحَاضَةً لَا يَعْلَمُ حَيْضَهَا يَدَعُهَا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَقَيَّدَ بِعَدَمِ الْعِلْمِ ط وَفِي الذَّخِيرَةِ مِثْلُ مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ فِي الْحَامِلِ) وَلَوْ مِنْ زِنًا قُهُسْتَانِيٌّ

(قَوْلُهُ قَبْلَ قَبْضِهَا) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ وَكِيلِهِ وَلَوْ وُضِعَتْ الْمُشْتَرَاةُ فِي يَدِ عَدْلٍ، حَتَّى يَنْقُدَ الثَّمَنَ فَحَاضَتْ عِنْدَهُ لَمْ تُحْتَسَبْ مِنْهُ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ

ص: 375

وَلَا بِوِلَادَةٍ حَصَلَتْ كَذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ مِلْكِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا (كَمَا لَا يُعْتَدُّ بِالْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ حَيْضَةٍ وَنَحْوِهَا بَعْدَ الْبَيْعِ (قَبْلَ إجَازَةِ بَيْعِ فُضُولِيٍّ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَا) يُعْتَدُّ أَيْضًا (بِالْحَاصِلِ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا) شِرَاءً (صَحِيحًا) لِانْتِفَاءِ الْمِلْكِ (وَيَجِبُ بِشِرَاءِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ) مِنْ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا لِتَمَامِ مِلْكِهِ الْآنَ

(وَيَجْتَزِئُ بِحَيْضَةٍ حَاضَتْهَا وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ مُكَاتَبَةٌ بِأَنْ) اشْتَرَى أَمَةً مَجُوسِيَّةً أَوْ مُسْلِمَةً وَ (كَاتَبَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ) قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَحَاضَتْ (ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمَجُوسِيَّةُ أَوْ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ لِوُجُودِهَا بَعْدَ الْمِلْكِ) وَلَا يَجِبُ عِنْدَ عَوْدِ الْآبِقَةِ أَيْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ خَانِيَّةٌ (وَرَدِّ الْمَغْصُوبَةِ) أَيْ إذَا لَمْ يُصِبْهَا الْغَاصِبُ خَانِيَّةٌ (وَالْمُسْتَأْجَرَةِ وَفَكِّ الْمَرْهُونَةِ) لِعَدَمِ اسْتِحْدَاثِ الْمِلْكِ وَلَوْ أَقَالَ الْبَيْعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى الْبَائِعِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا بِخِيَارٍ وَقَبَضَتْ ثُمَّ أَبْطَلَهُ بِخِيَارِهِ لِعَدَمِ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ وَكَذَا لَوْ بَاعَ مُدَبَّرَتَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ وَقَبَضَتْ إنْ لَمْ يَطَأَهَا الْمُشْتَرِي وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ

ــ

[رد المحتار]

قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا بِوِلَادَةٍ إلَخْ) فَتُسْتَبْرَأُ بَعْدَ النِّفَاسِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) كَمُضِيِّ شَهْرٍ وَوِلَادَةٍ ط (قَوْلُهُ قَبْلَ إجَازَةِ بَيْعِ فُضُولِيٍّ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً فَبَاعَهَا أَحَدُهُمَا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْمِلْكِ) أَيْ الْكَامِلِ الْمُسْتَنِدِ إلَى عَقْدٍ صَحِيحٍ، وَإِلَّا فَالشِّرَاءُ الْفَاسِدُ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ كَمَا عُلِمَ فِي مَحَلِّهِ اهـ ح وَمِثْلُهُ فِي السَّعْدِيَّةِ، وَلِذَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْبَائِعِ فِي الرَّدِّ بَعْدَ الْقَبْضِ بِفَسَادٍ أَوْ عَيْبٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَيَّدَ الرَّدَّ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ بِالْقَضَاءِ

(قَوْلُهُ وَيَجْتَزِئُ بِحَيْضَةٍ) أَيْ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ حَاضَتْهَا) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ مُكَاتَبَةٌ) سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الْحِيَلِ أَنَّهُ إذَا كَاتَبَهَا الْمُشْتَرِي يَسْقُطُ الِاسْتِبْرَاءُ فَمَا مَعْنَى الِاجْتِزَاءِ هُنَا، ثُمَّ رَأَيْت ط اسْتَشْكَلَهُ كَذَلِكَ، وَسَنَذْكُرُ التَّوْفِيقَ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ لِوُجُودِهَا) أَيْ الْحَيْضَةِ بَعْدَ الْمِلْكِ وَهُوَ عِلَّةٌ لِلِاجْتِزَاءِ أَيْ لِوُجُودِهَا بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَحُرْمَةُ الْوَطْءِ لَا تَمْنَعُ مِنْ الِاجْتِزَاءِ بِهَا عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ كَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً مُحْرِمَةً فَحَاضَتْ فِي حَالِ إحْرَامِهَا إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) أَيْ وَلَمْ يُحْرِزْهَا أَهْلُ الْحَرْبِ إلَى دَارِهِمْ فَإِنْ أَحْرَزُوهَا مَلَكُوهَا فَإِذَا عَادَتْ إلَى صَاحِبِهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَعَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَلَوْ أَبَقَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ عَادَتْ لَا يَجِبُ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهَا، وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا أَفَادَهُ الأتقاني وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَيْ إذَا لَمْ يُصِبْهَا الْغَاصِبُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: إذَا لَمْ يَبِعْهَا، وَهِيَ الصَّوَابُ مُوَافِقًا لِمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَفِيهَا فَإِنْ بَاعَهَا وَسَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَلِمَ بِالْغَصْبِ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْمَالِكِ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، أَوْ لَمْ يَطَأْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّهَا غَصْبٌ إنْ لَمْ يَطَأْ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِنْ وَطِئَهَا فَالْقِيَاسُ لَا يَجِبُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا الْغَاصِبُ لَا اسْتِبْرَاءَ كَمَا إذَا وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ الْعَالِمُ بِهِ لِأَنَّهُ زِنًا.

(قَوْلُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَلَوْ بَعْدَهُ يَلْزَمُ الِاسْتِبْرَاءُ وَلَوْ تَقَايَلَا فِي الْمَجْلِسِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا تَقَايَلَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لَا يَجِبُ ظَهِيرِيَّةٌ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ بَاعَهَا بِخِيَارٍ) أَيْ خِيَارِ شَرْطٍ لِلْبَائِعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ أَبْطَلَهُ بِخِيَارِهِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَفَسَخَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَكَذَلِكَ إجْمَاعًا، وَإِنْ فَسَخَ بَعْدَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ، وَقَالَا عَلَى الْبَائِعِ الِاسْتِبْرَاءُ، لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمِلْكِ لَهُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يَمْنَعُ، وَأَمَّا إنْ رَدَّ الْمُشْتَرِي بِخِيَارِ عَيْبٍ أَوْ رُؤْيَةٍ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ الِاسْتِبْرَاءُ لِعَدَمِ مَنْعِ ذَلِكَ وُقُوعَ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي أَفَادَهُ الأتقاني (قَوْلُهُ وَقُبِضَتْ) وَكَذَا بِدُونِ الْقَبْضِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) أَيْ لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ الِاسْتِرْدَادِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَطَأْهَا الْمُشْتَرِي) فَإِنْ وَطِئَهَا يَسْتَبْرِئُهَا زَيْلَعِيٌّ وَنِهَايَةٌ. قَالَ ط: وَفِيهِ أَنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ بَاطِلٌ لَا يَمْلِكُ الْمَبِيعَ فِيهِ بِالْقَبْضِ فَوَطْءُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ زِنًا لَا اسْتِبْرَاءٌ

ص: 376

إنْ كَانَ زَوْجَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنْ قَبْلَهُ فَالْمُخْتَارُ وُجُوبُهُ زَيْلَعِيٌّ. قُلْت: وَفِي الْجَلَّالِيَّةِ شَرَى مُعْتَدَّةَ الْغَيْرِ وَقَبَضَهَا ثُمَّ مَضَتْ عِدَّتُهَا لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا لِعَدَمِ حِلِّ وَطْئِهَا لِلْبَائِعِ وَقْتَ وُجُودِ السَّبَبِ.

(وَلَا بَأْسَ بِحِيلَةِ إسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَقْرَبْهَا فِي طُهْرِهَا ذَلِكَ وَإِلَّا لَا) يَفْعَلُهَا بِهِ يُفْتَى (وَهِيَ إذَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ) أَوْ أَرْبَعُ إمَاءٍ (أَنْ يَنْكِحَهَا) وَيَقْبِضَهَا (ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا) فَتَحِلُّ لَهُ لِلْحَالِ لِأَنَّهُ بِالنِّكَاحِ لَا يَجِبُ

ــ

[رد المحتار]

لَهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَوَطْءِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ كَمَا مَرَّ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ شُبْهَةُ الْخِلَافِ، فَإِنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرَةِ يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَفِي بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ فَلَمَّا جَازَ الْبَيْعُ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ لَمْ يَكُنْ وَطْءُ الْمُشْتَرِي زِنًا فَلِذَا وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْبَائِعِ إذَا اسْتَرَدَّهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي.

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ زَوْجَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَلَكَهَا فَاسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ قَبْلَهُ) وَإِنْ كَانَ زَوْجَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَالْمُخْتَارُ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْمَالِكِ بَقِيَ مَا لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ التَّزَوُّجِ هَلْ يُجْتَزَأُ بِهَا الظَّاهِرُ، نَعَمْ كَمَا لَوْ شَرَاهَا فَكَاتَبَهَا فَحَاضَتْ فَعَجَزَتْ كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِلْبَائِعِ) صَوَابُهُ لِلْمُشْتَرِي لِوُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْمُشْتَرَاةِ مِنْ مَحْرَمِهَا أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ: اشْتَرَى أَمَةً وَقَبَضَهَا وَعَلَيْهَا عِدَّةُ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ بَعْدَ الْعِدَّةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ حَالَةَ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِالنِّكَاحِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ مِلْكَ الْوَطْءِ اهـ فَقَوْلُهُ: لَا يَسْتَفِيدُ أَيْ الْمُشْتَرِي، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا وَلَوْ مَضَتْ عِدَّتُهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ بِلَحْظَةٍ، وَيُشْكِلُ بِالْمَجُوسِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا عِنْدَ الْبَيْعِ أَوْ الْقَبْضِ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ بِشِرَاءِ الْمَجُوسِيَّةِ اسْتَفَادَ مِلْكَ الْوَطْءِ، لَكِنَّهُ حَرُمَ لِمَانِعٍ كَالْحَائِضِ وَالْمُحْرِمَةِ بِخِلَافِ مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَفِدْهُ أَصْلًا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِمَّا مَرَّ، وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ زَوْجِهَا لَا مِنْ الْمُشْتَرِي تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْتِزَامِ حُكْمِهَا خَوْفًا مِنْ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنْ الْوَفَاءِ بِهِ لَوْ لَزِمَهُ، وَكَرِهَهُ مُحَمَّدٌ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ فِرَارٌ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَأْخُوذُ بِهِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إنْ عَلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَقْرَبْهَا وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ إذَا قَرِبَهَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا يَحِلُّ لِرَجُلَيْنِ يُؤْمِنَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ» فَإِذَا لَمْ يَقْرَبْهَا الْبَائِعُ فِي هَذَا الطُّهْرِ لَمْ يَتَحَقَّقْ هَذَا النَّهْيُ. قَالَ أَبُو السُّعُودِ: فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا فَالظَّاهِرُ الْإِفْتَاءُ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ لِتَوَهُّمِ الشَّغْلِ وَرَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْعَلَّامَةِ نُوحٍ أَفَنْدِي مَا يُفِيدُهُ اهـ (قَوْلُهُ فِي طُهْرِهَا ذَلِكَ) فَلَوْ وَطِئَ فِي الْحَيْضِ لَمْ تُكْرَهْ الْحِيلَةُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ أَرْبَعُ إمَاءٍ) أَيْ بِعَقْدِ النِّكَاحِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الْكَمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ مَنْ يَمْنَعُ نِكَاحَهَا لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ أَنْ يَنْكِحَهَا) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْكَافِ، أَوْ فَتْحِهَا مُضَارِعُ نَكَحَ الْمُجَرَّدِ: أَيْ يَتَزَوَّجَهَا بِخِلَافِ يَنْكِحَهَا الْآتِي فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْكَافِ مِنْ الْمَزِيدِ (قَوْلُهُ وَيَقْبِضَهَا) اشْتِرَاطُ الْقَبْضِ قَبْلَ الشِّرَاءِ قَوْلُ الْحَلْوَانِيِّ وَبِهِ اسْتَدْرَكَ الزَّيْلَعِيُّ عَلَى صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَقَالَ ابْنُ الْكَمَالِ: ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ كَيْ لَا يُوجَدَ الْقَبْضُ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ بَعْدَ فَسَادِ النِّكَاحِ اهـ وَمَا فِي الْهِدَايَةِ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُلْتَقَى وَالْمَوَاهِبِ وَالْوِقَايَةِ.

قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَبِمَا ذَكَرْنَا أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ بِالنِّكَاحِ ثَبَتَ لَهُ الْفِرَاشُ الدَّالُّ شَرْعًا عَلَى فَرَاغِ الرَّحِمِ وَلَمْ يَحْدُثْ بِالْبَيْعِ إلَّا مِلْكُ الرَّقَبَةِ ظَهَرَ أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ الَّذِي هُوَ الْإِمَامُ فَلَا عَلَيْهِ بِتَرْكِ قَوْلِ الْحَلْوَانِيِّ

ص: 377

ثُمَّ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ لَا يَجِبُ أَيْضًا وَنَقَلَ فِي الدُّرَرِ عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ اشْتِرَاطُ وَطْئِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَذَكَرَ وَجْهَهُ (وَإِنْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ) فَالْحِيلَةُ (أَنْ يُنْكِحَهَا الْبَائِعُ) أَيْ يُزَوِّجَهَا مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ كَمَا سَيَجِيءُ (قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ) أَنْ يَنْكِحَهَا (الْمُشْتَرِي قَبْلَ قِبْضِهِ) لَهَا فَلَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَسْقُطْ (مِنْ مَوْثُوقٍ بِهِ) لَيْسَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ (أَوْ يُزَوِّجُهَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا) أَوْ بِيَدِهِ يُطَلِّقُهَا مَتَى شَاءَ إنْ خَافَ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا (ثُمَّ يَشْتَرِيَ) الْأَمَةَ (وَيَقْبِضَ أَوْ يَقْبِضْ فَيُطَلِّقْ الزَّوْجُ) قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَيَسْقُطَ الِاسْتِبْرَاءُ وَقِيلَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَنَّ زُبَيْدَةَ حَلَّفَتْ الرَّشِيدَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ عَلَيْهَا جَارِيَةً وَلَا يَسْتَوْهِبَهَا فَقَالَ يَشْتَرِي نِصْفَهَا وَيُوهَبُ لَهُ نِصْفَهَا مُلْتَقَطٌ (أَوْ يُكَاتِبُهَا) الْمُشْتَرِي (بَعْدَ الشِّرَاءِ) وَالْقَبْضِ

ــ

[رد المحتار]

مَلَامٌ اهـ (قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ لَا يَجِبُ أَيْضًا) أَيْ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ لِمَا مَرَّ، وَيَبْطُلُ النِّكَاحُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ جَمِيعُ الْمَهْرِ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ فِي الدُّرَرِ) حَيْثُ قَالَ وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ: رَأَيْت فِي كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي وَطْؤُهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ تَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا، ثُمَّ اشْتَرَاهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَمْلِكُهَا، وَهِيَ فِي عِدَّتِهِ أَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا فَكَمَا اشْتَرَاهَا بَطَلَ النِّكَاحُ، وَلَا نِكَاحَ حَالَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ لِتَحَقُّقِ سَبَبِهِ، وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ حِلِّ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَقَالَ: هَذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ وَهَذَا دَقِيقٌ حَسَنٌ إلَى هُنَا لَفْظُ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى اهـ كَلَامُ الدُّرَرِ، وَفِيهِ أَنَّ الْمَنَاطَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ وَالْيَدِ وَلَمْ يُوجَدْ الثَّانِي هُنَا تَأَمَّلْ اهـ ح أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ بِالْبَيْعِ إلَّا مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَحِلُّ الْوَطْءِ الثَّابِتِ قَبْلَهُ دَلَّ عَلَى فَرَاغِ الرَّحِمِ شَرْعًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ.

وَلِذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ ظَهِيرِ الدِّينِ لَكِنْ عِنْدِي فِيهِ شُبْهَةٌ اهـ قَالَ ط نَقْلًا عَنْ الْحَمَوِيِّ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ: تَلَخَّصَ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ: قَوْلٌ بِاشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الْقَبْضِ وَالدُّخُولِ، وَقَوْلٌ بِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فَقَطْ وَقَوْلٌ بِالْإِطْلَاقِ وَالِاكْتِفَاءِ بِالْعَقْدِ وَهَذَا أَوْسَعُ وَالثَّانِي أَعْدَلُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ) أَيْ يَثِقُ بِهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا مَتَى أَرَادَ (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ بَعْدَ سَطْرٍ وَهُوَ مُسْتَغْنًى بِهِ عَمَّا ذَكَرَهُ هُنَا (قَوْلُهُ فَلَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَسْقُطْ) أَيْ عَلَى الْمُخْتَارِ كَمَا قَدَّمَهُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ، لِأَنَّهَا عِنْدَ الْقَبْضِ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ كَانَتْ حَلَالًا لَهُ فَوَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ لِوُجُودِ سَبَبِهِ (قَوْلُهُ أَوْ يُزَوِّجُهَا) أَيْ الْبَائِعُ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ اهـ ح (قَوْلُهُ ثُمَّ يَشْتَرِي وَيَقْبِضُ) رَاجِعٌ لِمَا إذَا زَوَّجَهَا الْبَائِعُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَقْبِضُ رَاجِعٌ لِمَا إذَا زَوَّجَهَا الْمُشْتَرِي فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى يَشْتَرِي اهـ ح (قَوْلُهُ فَيُطَلِّقُ الزَّوْجُ إلَخْ) وَيَلْزَمُهُ لِمَوْلَى الْجَارِيَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَهُ أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ ذَلِكَ إتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي) أَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ فَعَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ كَمَا فِي الْأَصْلِ، وَفِي كِتَابِ الْحِيَلِ لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الشِّرَاءِ فَإِنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِحَقِّ الْغَيْرِ وَعَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ اُعْتُبِرَ وَقْتُ الْقَبْضِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ فَيَسْقُطُ الِاسْتِبْرَاءُ) لِأَنَّ عِنْدَ وُجُودِ السَّبَبِ، وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ الْمُؤَكَّدِ بِالْقَبْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ فَرْجُهَا حَلَالًا لَهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِنْ حَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوَانُ وُجُودِ السَّبَبِ كَمَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةَ الْغَيْرِ هِدَايَةٌ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْمَقْدِسِيَّ بِالْمَجُوسِيَّةِ. أَقُولُ: الْمُرَادُ بِالْحِلِّ اسْتِفَادَةُ مِلْكِ الْوَطْءِ بِالشِّرَاءِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا مِنْ رُمُوزِ الشَّارِحِ الْخَفِيَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي حِيَلِ الِاسْتِبْرَاءِ، لَكِنْ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا لَهُ مَدْخَلٌ وَهُوَ مُقَابِلُ هَذَا الْقَوْلِ.

وَمَا حَكَاهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ الرَّشِيدَ أَحْضَرَ أَبَا يُوسُفَ لَيْلًا وَعِنْدَهُ عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ فَقَالَ: طَلَبْت مِنْ هَذَا جَارِيَتَهُ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَهَا وَلَا يَهَبَهَا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: بِعْهُ النِّصْفَ وَهَبْهُ النِّصْفَ فَفَعَلَ فَأَرَادَ الرَّشِيدُ سُقُوطَ الِاسْتِبْرَاءِ فَقَالَ: أَعْتِقْهَا وَأُزَوِّجُكهَا فَفَعَلَ، وَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ دَسْتُ ثِيَابٍ (قَوْلُهُ يَشْتَرِي نِصْفَهَا إلَخْ) فَصَدَقَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ جَارِيَةً أَيْ كَامِلَةً وَلَمْ تُوهَبَ لَهُ كَذَلِكَ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ فِي يَسْتَوْهِبُ

ص: 378

كَمَا يُفِيدُهُ إطْلَاقُهُمْ وَعَلَيْهِ فَيُطْلَبُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكِتَابَةِ وَالنِّكَاحِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ شَيْخِهِ بَحْثًا كَمَا سَنَذْكُرُهُ لَكِنْ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْمَوَاهِبِ التَّصْرِيحُ بِتَقْيِيدِ الْكِتَابَةِ بِكَوْنِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلْيُحَرَّرْ. قُلْت: ثُمَّ وَقَفْت عَلَى الْبُرْهَانِ شَرْحِ مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ فَلَمْ أَرَ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ فَتَدَبَّرْ (ثُمَّ يَنْفَسِخَ بِرِضَاهَا فَيَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ) لِزَوَالِ مِلْكِهِ بِالْكِتَابَةِ ثُمَّ يُجَدِّدَهُ بِالتَّعْجِيزِ لَكِنْ لَمْ يَحْدُثْ مِلْكٌ حَقِيقَةً فَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُ الِاسْتِبْرَاءِ وَهَذِهِ أَسْهَلُ الْحِيَلِ تَتَارْخَانِيَّةٌ

(لَهُ أَمَتَانِ) لَا يَجْتَمِعَانِ نِكَاحًا (أُخْتَانِ) أَمْ لَا (قَبَّلَهُمَا) فَلَوْ قَبَّلَ أَوْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا

ــ

[رد المحتار]

زَائِدَتَانِ، وَإِلَّا لَوْ كَانَتَا لِلطَّلَبِ وَوَهَبَ لَهُ أَمَةً كَامِلَةً مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ لَمْ يَحْنَثْ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ لِاسْتِحْدَاثِ الْمِلْكِ وَالْيَدِ اهـ ط (قَوْلُهُ كَمَا يُفِيدُهُ إطْلَاقُهُمْ) أَقُولُ إنَّمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ الْإِطْلَاقِ لَوْ لَمْ يُعَارِضْهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ يُجْتَزَأُ بِحَيْضَةٍ حَاضَتْهَا بَعْدَ الْقَبْضِ، وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ مُكَاتَبَةٌ بِأَنْ كَاتَبَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمَجُوسِيَّةُ وَعَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ لِوُجُودِهَا بَعْدَ السَّبَبِ، وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ وَالْيَدِ اهـ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا كَاتَبَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا قَبْلَ الْقَبْضِ مُوَافَقَةً لِمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ وَتَوْفِيقًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ (قَوْلُهُ وَالنِّكَاحِ) الْأَوْلَى الْإِنْكَاحُ اهـ ح (قَوْلُهُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ) فِي قَوْلِهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ بِالْكِتَابَةِ إلَخْ.

وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ عَنْ شَيْخِهِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ بِالْكِتَابَةِ خَرَجَتْ عَنْ يَدِ السَّيِّدِ حَيْثُ صَارَتْ حُرَّةَ يَدٍ وَصَارَتْ أَحَقَّ بِأَكْسَابِهَا فَصَارَ كَأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ زَالَ بِالْكِتَابَةِ. ثُمَّ تَجَدَّدَ بِالتَّعْجِيزِ وَلَكِنْ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ مِلْكُ الرَّقَبَةِ حَقِيقَةً، فَلَمْ يُوجَدْ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلِاسْتِبْرَاءِ وَيُرَشِّحُهُ قَوْلُ النِّهَايَةِ إنَّ الْأَمَةَ إذَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْمَوْلَى وَلَكِنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ اهـ مُلَخَّصًا. أَقُولُ: لَوْ صَحَّ هَذَا الْفَرْقُ بَطَلَ كَلَامُ الْهِدَايَةِ السَّابِقِ الَّذِي أَقَرَّهُ الشُّرَّاحُ، وَكَيْفَ وَقَدْ وُجِدَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلِاسْتِبْرَاءِ، وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ، وَبِالْيَدِ بَعْضُ الْقَبْضِ وَبِالْكِفَايَةِ زَالَتْ الْيَدُ فَقَطْ الْمُوجِبَةُ لِحِلِّ الْوَطْءِ، وَبَقِيَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَهُوَ مِثْلُ مَا إذَا زَوَّجَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ النِّهَايَةِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ، بَلْ قَدْ يُدَّعَى أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ مُدَّعَاهُ، لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ زَوَالَ الْيَدِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَصْلًا وَلِذَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ، وَمِنْ نَظَائِرِ ذَلِكَ مَا إذَا كَاتَبَ أَمَتَهُ، ثُمَّ عَجَزَتْ أَوْ بَاعَهَا عَلَى أَنَّهَا بِالْخِيَارِ، ثُمَّ أَبْطَلَ الْبَيْعَ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ، فَقَدْ فَرَضَ كَلَامَهُ فِي أَمَةٍ ثَابِتَةٍ فِي مِلْكِهِ وَيَدِهِ إذَا كَاتَبَهَا أَوْ بَاعَهَا، ثُمَّ رُدَّتْ إلَى يَدِهِ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ فَانْظُرْ بِعَيْنِ الْإِنْصَافِ هَلْ يُفِيدُ مَحَلَّ النِّزَاعِ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا وَقَبَضَهَا فَكَاتَبَهَا سَقَطَ عَنْهُ الِاسْتِبْرَاءُ كَيْفَ، وَلَوْ أَفَادَ ذَلِكَ لَأَفَادَ أَنَّ الْبَيْعَ بِالْخِيَارِ كَالْكِتَابَةِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فِيمَا أَعْلَمُ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ وَهِيَ أَنْ يُكَاتِبَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَقْبِضَهَا فَيُفْسَخَ بِرِضَاهَا كَذَا فِي الْمَوَاهِبِ وَغَيْرِهَا، وَهِيَ أَسْهَلُ الْحِيَلِ خُصُوصًا إذَا كَانَتْ عَلَى مَالٍ كَثِيرٍ أَوْ مُنَجَّمٍ بِقَرِيبٍ فَتُعَجِّزُ نَفْسَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ الشُّرُنْبُلَالِيُّ قَالَ كَذَا فِي الْمَوَاهِبِ وَغَيْرِهَا فَعِبَارَتُهُ مَجْمُوعَةٌ مِنْ عِدَّةِ كُتُبٍ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَوَاهِبِ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْقَيْدِ يُمْكِنُ أَنَّ غَيْرَهُ صَرَّحَ بِهِ اهـ ط. أَقُولُ: بَلْ لَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ أَحَدٌ فَالْمَعْنَى عَلَيْهِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ لِزَوَالِ مِلْكِهِ) أَيْ تَقْدِيرًا لِأَنَّ الزَّائِلَ حَقِيقَةً هُوَ الْيَدُ

(قَوْلُهُ لَا يَجْتَمِعَانِ نِكَاحًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ فَذِكْرُ الْأُخْتَيْنِ تَمْثِيلٌ لَا تَقْيِيدٌ لَكِنْ صَارَ فِي ارْتِفَاعِ أُخْتَانِ بِالْأَلِفِ رَكَاكَةٌ تَأَمَّلْ قَالَ ط: وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْأُمَّ وَبِنْتَهَا وَعَلَيْهِ نَصَّ الْقُهُسْتَانِيُّ مَعَ أَنَّهُ إذَا قَبَّلَهُمَا بِشَهْوَةٍ وَجَبَتْ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ فَيَحْرُمَانِ عَلَيْهِ جَمِيعًا.

[فَرْعٌ] لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً وَلَمْ يَطَأْهَا فَشَرَى أُخْتَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِالْمُشْتَرَاةِ لِأَنَّ الْفِرَاشَ ثَبَتَ بِالنِّكَاحِ فَلَوْ وَطِئَهَا صَارَ جَامِعًا فِي الْفِرَاشِيَّةِ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ قَبَّلَهُمَا) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْوَطْءَ لِأَنَّ كِتَابَ النِّكَاحِ أَغْنَانَا عَنْهُ قُهُسْتَانِيٌّ

ص: 379

يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَتَقْبِيلُهَا دُونَ الْأُخْرَى (بِشَهْوَةٍ) الشَّهْوَةُ فِي الْقُبْلَةِ لَا تُعْتَبَرُ بَلْ فِي الْمَسِّ وَالنَّظَرِ ابْنُ كَمَالٍ (حُرِّمَتَا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ) يَحْرُمُ عَلَيْهِ (الدَّوَاعِي كَالنَّظَرِ وَالتَّقْبِيلِ حَتَّى يَحْرُمُ فَرْجُ إحْدَاهُمَا) عَلَيْهِ وَلَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَاسْتِيلَاءِ كُفَّارٍ عَلَيْهَا ابْنُ كَمَالٍ (بِمِلْكٍ) وَلَوْ لِبَعْضِهَا بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ (أَوْ نِكَاحٍ) صَحِيحٍ لَا فَاسِدٍ إلَّا بِالدُّخُولِ (أَوْ عِتْقٍ) وَلَوْ لِبَعْضِهَا أَوْ كِتَابَةٍ لِأَنَّهَا تُحَرِّمُ فَرْجَهَا، بِخِلَافِ تَدْبِيرٍ وَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ. قُلْت: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَمَسَّهَا حَتَّى تَمْضِيَ حَيْضَةٌ عَلَى الْمُحَرَّمَةِ كَمَا بَسَطْته فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى.

(وَكُرِهَ) تَحْرِيمًا قُهُسْتَانِيٌّ (تَقْبِيلُ الرَّجُلِ) فَمَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ وَكَذَا تَقْبِيلُ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ عِنْدَ لِقَاءٍ أَوْ وَدَاعٍ قُنْيَةٌ وَهَذَا لَوْ عَنْ شَهْوَةٍ، وَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ فَجَائِزٌ عِنْدَ الْكُلِّ خَانِيَّةٌ، وَفِي الِاخْتِيَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا قَصَدَ الْبِرَّ وَأَمِنَ الشَّهْوَةَ كَتَقْبِيلِ وَجْهِ فَقِيهٍ وَنَحْوِهِ (وَ) كَذَا (مُعَانَقَتُهُ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا بَأْسَ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا إلَخْ) لِأَنَّهُ يَصِيرُ جَامِعًا بِوَطْءِ الْأُخْرَى لَا بِوَطْءِ الْمَوْطُوءَةِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ الشَّهْوَةُ فِي الْقُبْلَةِ لَا تُعْتَبَرُ) مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ: بِشَهْوَةٍ لِأَنَّ تَقْبِيلَهَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَنْ شَهْوَةٍ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُقَبِّلْهُمَا أَصْلًا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْعِنَايَةِ لَكِنْ فِي فَصْلِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ إذَا أَقَرَّ بِالتَّقْبِيلِ، وَأَنْكَرَ الشَّهْوَةَ اُخْتُلِفَ فِيهِ قِيلَ لَا يُصَدَّقُ وَلَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ خِلَافُهُ وَقِيلَ يُقْبَلُ وَقِيلَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِهِ عَلَى الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ فَيُصَدَّقُ أَوْ عَلَى الْفَمِ فَلَا وَالْأَرْجَحُ هَذَا اهـ وَاسْتَظْهَرَ إلْحَاقَ الْخَدَّيْنِ بِالْفَمِ. قُلْت: فَقَدْ حَصَلَ التَّوْفِيقُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ (قَوْلُهُ حَتَّى يَحْرُمَ) بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ مِنْ الْمُجَرَّدِ لَا مِنْ التَّحْرِيمِ وَفَرْجٌ بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ لِيَشْمَلَ مَا بِغَيْرِ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ بِمِلْكٍ) أَرَادَ بِهِ مِلْكَ الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ تَعْمِيمٌ لَهُ قَالَ الأتقاني كَالشِّرَاءِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إلَّا بِالدُّخُولِ) لِأَنَّهُ تَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا وَالْعِدَّةُ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ فِي التَّحْرِيمِ هِدَايَةٌ.

[تَنْبِيهٌ] لَوْ ارْتَفَعَ الْمُحَرِّمُ فَالظَّاهِرُ عَوْدُ الْحُرْمَةِ ثُمَّ رَأَيْت فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ لَوْ زَوَّجَ إحْدَاهُمَا لَهُ وَطْءُ الْبَاقِيَةِ فَإِنْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى يُزَوِّجَ إحْدَاهُمَا أَوْ يَبِيعَ، لِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ سَقَطَ عَنْهَا بِالطَّلَاقِ وَلَمْ يَبْقَ أَثَرُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَعَادَ الْحُكْمُ الَّذِي كَانَ قَبْلَ التَّزْوِيجِ اهـ (قَوْلُهُ كَمَا بَسَطْته فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى) نَصُّهُ: لَكِنْ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَمَسَّهَا حَتَّى تَمْضِيَ حَيْضَةٌ عَلَى الْمُحَرَّمَةِ بِالْإِخْرَاجِ عَنْ الْمِلْكِ. قُلْت: وَهَذَا أَحَدُ أَنْوَاعِ الِاسْتِبْرَاءِ الْمُسْتَحَبِّ وَمِنْهَا: إذَا رَأَى امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ تَزْنِي، وَلَمْ تَحْبَلْ فَلَوْ حَبِلَتْ لَمْ يَطَأْ حَتَّى تَضَعَ الْحَمْلَ، وَمِنْهَا: إذَا زَنَى بِأُخْتِ امْرَأَتِهِ أَوْ بِعَمَّتِهَا أَوْ بِخَالَتِهَا أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا أَوْ أُخْتِهَا بِلَا شُبْهَةٍ فَإِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ الْمَزْنِيَّةُ فَلَوْ زَنَى بِهَا بِشُبْهَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعِدَّةُ فَلَا يَطَأُ امْرَأَتَهُ، حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمَزْنِيَّةِ، وَمِنْهَا: إذَا رَأَى امْرَأَةً تَزْنِي ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلَا يَطَأُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَكَذَا الْجَوَابُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ الْغَيْرِ أَوْ مُدَبَّرَتَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَكَذَا لِمَوْلَاهَا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ النَّظْمِ فَلْيُلْحَظْ اهـ

(قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ فَجَائِزٌ عِنْدَ الْكُلِّ) قَالَ الْإِمَامُ الْعَيْنِيُّ بَعْدَ كَلَامٍ فَعُلِمَ إبَاحَةُ تَقْبِيلِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالرَّأْسِ وَالْكَشْحِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ إبَاحَتُهَا عَلَى الْجَبْهَةِ، وَبَيْنَ الْعَيْنَيْنِ وَعَلَى الشَّفَتَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْمَبَرَّةِ وَالْإِكْرَامِ اهـ وَيَأْتِي قَرِيبًا تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى التَّقْبِيلِ وَالْقِيَامِ (قَوْلُهُ وَكَذَا مُعَانَقَتُهُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ فَمَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ يُعَانِقَهُ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِالتَّقْبِيلِ وَالْمُعَانَقَةِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام عَانَقَ جَعْفَرًا حِينَ قَدِمَ مِنْ الْحَبَشَةِ وَقَبَّلَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ» وَلَهُمَا مَا رُوِيَ " «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نَهَى عَنْ الْمُكَامَعَةِ» ؟ " وَهِيَ الْمُعَانَقَةُ «وَعَنْ الْمُكَاعَمَةِ» وَهِيَ التَّقْبِيلُ،

ص: 380

بِالتَّقْبِيلِ وَالْمُعَانَقَةِ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ (وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَوْ جُبَّةٌ جَازَ) بِلَا كَرَاهَةٍ بِالْإِجْمَاعِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ وَفِي الْحَقَائِقِ لَوْ الْقُبْلَةُ عَلَى وَجْهِ الْمَبَرَّةِ دُونَ الشَّهْوَةِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ (كَالْمُصَافَحَةِ) أَيْ كَمَا تَجُوزُ الْمُصَافَحَةُ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ قَدِيمَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ صَافَحَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ وَحَرَّكَ يَدَهُ تَنَاثَرَتْ ذُنُوبُهُ» وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ وَالْكَنْزِ وَالْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَالْمَجْمَعِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ يُفِيدُ جَوَازَهَا مُطْلَقًا وَلَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ بِدْعَةٌ أَيْ مُبَاحَةٌ حَسَنَةٌ كَمَا أَفَادَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَغَيْرُهُ فِي غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ شَارِحُ الْمَجْمَعِ مِنْ أَنَّهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ لَيْسَ بِشَيْءٍ تَوْفِيقًا فَتَأَمَّلْهُ. وَفِي الْقُنْيَةِ: السُّنَّةُ فِي الْمُصَافَحَةِ بِكِلْتَا يَدَيْهِ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْمُلْتَقَى.

ــ

[رد المحتار]

وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ، قَالُوا الْخِلَافُ فِي الْمُعَانَقَةِ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَوَجُبَّةٌ لَا بَأْسَ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.

وَفِي الْعِنَايَةِ: وَوَفَّقَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فَقَالَ: الْمَكْرُوهُ مِنْ الْمُعَانَقَةِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّهْوَةِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: فِي إزَارٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ سَبَبٌ يُفْضِي إلَيْهَا فَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ وَالْكَرَامَةِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ وَاحِدٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ اهـ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ لَوْ عَنْ شَهْوَةٍ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ أَيْ سَاتِرٍ لِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مَعَ كَشْفِ الْبَاقِي، وَأَنَّ مَا قَبْلَهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْهَدِيَّةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ وَفِي الْحَقَائِقِ إلَخْ) يُغْنِي عَنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا عَنْ الْخَانِيَّةِ ط (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي شَرْحِهَا لِلْعَيْنِيِّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «إنَّ الْمُؤْمِنَ إذَا لَقِيَ الْمُؤْمِنَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ بِيَدِهِ فَصَافَحَهُ تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ.

(قَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ) حَيْثُ قَالَ اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَافَحَةَ مُسْتَحَبَّةٌ عِنْدَ كُلِّ لِقَاءٍ، وَأَمَّا مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، فَلَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنَّ أَصْلَ الْمُصَافَحَةِ سُنَّةٌ وَكَوْنُهُمْ حَافَظُوا عَلَيْهَا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَفَرَّطُوا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْوَالِ أَوْ أَكْثَرِهَا لَا يُخْرِجُ ذَلِكَ الْبَعْضَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ الْمُصَافَحَةِ الَّتِي وَرَدَ الشَّرْعُ بِأَصْلِهَا اهـ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْبِكْرِيُّ: وَتَقْيِيدُهُ بِمَا بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ عَلَى عَادَةٍ كَانَتْ فِي زَمَنِهِ، وَإِلَّا فَعَقِبَ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا كَذَلِكَ كَذَا فِي رِسَالَةِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي الْمُصَافَحَةِ، وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ الشَّمْسِ الْحَانُوتِيِّ، وَأَنَّهُ أَفْتَى بِهِ مُسْتَدِلًّا بِعُمُومِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُتُونِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُوَاظَبَةَ عَلَيْهَا بَعْدَ الصَّلَوَاتِ خَاصَّةً قَدْ يُؤَدِّي الْجَهَلَةِ إلَى اعْتِقَادِ سُنِّيَّتِهَا فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَأَنَّ لَهَا خُصُوصِيَّةً زَائِدَةً عَلَى غَيْرِهَا مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ، وَكَذَا قَالُوا بِسُنِّيَّةِ قِرَاءَةِ السُّوَرِ الثَّلَاثَةِ فِي الْوَتْرِ مَعَ التَّرْكِ أَحْيَانَا لِئَلَّا يُعْتَقَدَ وُجُوبُهَا وَنَقَلَ فِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ عَنْ الْمُلْتَقَطِ أَنَّهُ تُكْرَهُ الْمُصَافَحَةُ بَعْدَ أَدَاءِ الصَّلَاةِ بِكُلِّ حَالٍ، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَا صَافَحُوا بَعْدَ أَدَاءِ الصَّلَاةِ، وَلِأَنَّهَا مِنْ سُنَنِ الرَّوَافِضِ اهـ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الشَّرْعِ، وَأَنَّهُ يُنَبَّهُ فَاعِلُهَا أَوَّلًا وَيُعَزَّرُ ثَانِيًا ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْمَدْخَلِ إنَّهَا مِنْ الْبِدَعِ، وَمَوْضِعُ الْمُصَافَحَةِ فِي الشَّرْعِ، إنَّمَا هُوَ عِنْدَ لِقَاءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ لَا فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ فَحَيْثُ وَضَعَهَا الشَّرْعُ يَضَعُهَا فَيُنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَيُزْجَرُ فَاعِلُهُ لِمَا أَتَى بِهِ مِنْ خِلَافِ السُّنَّةِ اهـ.

ثُمَّ أَطَالَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ فِي غَيْرِهِ) الضَّمِيرُ الْأَوَّلُ لِلنَّوَوِيِّ وَالثَّانِي لِكِتَابِ الْأَذْكَارِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِهِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ مَلَكٍ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فَافْهَمْ. أَقُولُ: وَهَذَا الْحَمْلُ بَعِيدًا جِدًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِ رَأْيِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ فِي كِتَابَيْهِ، وَأَنَّهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ نَظَرَ إلَى مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَحْظُورِ، وَإِلَى أَنَّ ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ غَيْرُ مَأْثُورٍ وَلَا سِيَّمَا بَعْدَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمُلْتَقَطِ مِنْ أَنَّهَا مِنْ سُنَنِ الرَّوَافِضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ إلَخْ) وَنَصُّهُ: وَهِيَ إلْصَاقُ صَفْحَةِ الْكَفِّ بِالْكَفِّ وَإِقْبَالُ الْوَجْهِ

ص: 381

(وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ مُضَاجَعَةُ الرَّجُلِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي جَانِبٍ مِنْ الْفِرَاشِ) قَالَ عليه الصلاة والسلام «لَا يُفْضِي الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ» وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ الصَّبِيَّةُ عَشْرَ سِنِينَ يَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا بَيْنَ أَخِيهِ وَأُخْتِهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ فِي الْمَضْجَعِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ» وَفِي النُّتَفِ إذَا بَلَغُوا سِتًّا كَذَا فِي الْمُجْتَبَى، وَفِيهِ الْغُلَامُ إذَا بَلَغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ كَالْفَحْلِ وَالْكَافِرَةُ كَالْمُسْلِمَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْعَوْرَةِ وَحُجَّتُهُ الْخِتَانُ وَقِيلَ فِي خِتَانِ الْكَبِيرِ إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَخْتِنَ نَفْسَهُ فَعَلَ، وَإِلَّا لَمْ يَفْعَلْ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَهُ النِّكَاحُ أَوْ شِرَاءُ الْجَارِيَةِ

ــ

[رد المحتار]

بِالْوَجْهِ فَأَخْذُ الْأَصَابِعِ لَيْسَ بِمُصَافَحَةٍ خِلَافًا لِلرَّوَافِضِ، وَالسُّنَّةُ أَنْ تَكُونَ بِكِلْتَا يَدَيْهِ، وَبِغَيْرِ حَائِلٍ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَعِنْدَ اللِّقَاءِ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَنْ يَأْخُذَ الْإِبْهَامَ، فَإِنَّ فِيهِ عِرْقًا يُنْبِتُ الْمَحَبَّةَ كَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ

(قَوْلُهُ مُضَاجَعَةُ الرَّجُلِ) أَيْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَا حَاجِزَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْحَدِيثِ الْآتِي، وَبِهِ فَسَّرَ الأتقاني الْمُكَامَعَةَ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ، وَهَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَلْتَفَّا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا فِي ثَوْبٍ دُونَ الْآخَرِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، يُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ عَنْ مَجْمَعِ الْبِحَارِ أَيْ مُتَجَرِّدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ، فَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بَيْنَ أَخِيهِ وَأُخْتِهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَبَيْنَ بِالْوَاوِ وَهَكَذَا رَأَيْته فِي الْمُجْتَبَى قَالَ فِي الشِّرْعَةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الصِّبْيَانِ فِي الْمَضَاجِعِ إذَا بَلَغُوا عَشْرَ سِنِينَ، وَيَحُولُ بَيْنَ ذُكُورِ الصِّبْيَانِ وَالنِّسْوَانِ وَبَيْنَ الصِّبْيَانِ وَالرِّجَالِ فَإِنَّ ذَلِكَ دَاعِيَةٌ إلَى الْفِتْنَةِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ اهـ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ عَشْرًا لَا يَنَامُ مَعَ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَامْرَأَةٍ إلَّا بِامْرَأَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ اهـ فَالْمُرَادُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ النَّوْمِ خَوْفًا مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْذُورِ، فَإِنَّ الْوَلَدَ إذَا بَلَغَ عَشْرًا عَقَلَ الْجِمَاعَ، وَلَا دِيَانَةَ لَهُ تَرُدُّهُ فَرُبَّمَا وَقَعَ عَلَى أُخْتِهِ أَوْ أُمِّهِ، فَإِنَّ النَّوْمَ وَقْتُ رَاحَةٍ مُهَيِّجٌ لِلشَّهْوَةِ وَتَرْتَفِعُ فِيهِ الثِّيَابُ عَنْ الْعَوْرَةِ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ، فَيُؤَدِّي إلَى الْمَحْظُورِ وَإِلَى الْمُضَاجَعَةِ الْمُحَرَّمَةِ خُصُوصًا فِي أَبْنَاءِ هَذَا الزَّمَانِ فَإِنَّهُمْ يَعْرِفُونَ الْفِسْقَ أَكْثَرَ مِنْ الْكِبَارِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَفْرِيقُهُ عَنْ أُمِّهِ وَأَبِيهِ بِأَنْ لَا يَتْرُكَاهُ يَنَامُ مَعَهُمَا فِي فِرَاشِهِمَا، لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَطَّلِعُ عَلَى مَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ نَائِمًا وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَبِيهِ وَحْدَهُ أَوْ الْبِنْتُ مَعَ أُمِّهَا وَحْدَهَا، وَكَذَا لَا يُتْرَكُ الصَّبِيُّ يَنَامُ مَعَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّيْنِ خَوْفًا مِنْ الْفِتْنَةِ، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ صَبِيحًا فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِي تِلْكَ النَّوْمَةِ شَيْءٌ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ قَلْبُ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ فَتَحْصُلُ الْفِتْنَةُ بَعْدَ حِينٍ فَلِلَّهِ دُرُّ هَذَا الشَّرْعِ الطَّاهِرِ فَقَدْ حَسَمَ مَادَّةَ الْفَسَادِ وَمَنْ لَمْ يُحَطْ فِي الْأُمُورِ يَقَعْ فِي الْمَحْذُورِ وَفِي الْمَثَلِ لَا تَسْلَمُ الْجَرَّة فِي كُلِّ مَرَّة (قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى) الْإِشَارَةُ إلَى مَا فِي الْمَتْنِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى هُنَا (قَوْلُهُ كَالْفَحْلِ) أَيْ كَالْبَالِغِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَيْ فِي النَّظَرِ إلَى الْعَوْرَةِ وَالْمُضَاجَعَةِ.

(قَوْلُهُ وَالْكَافِرَةُ كَالْمُسْلِمَةِ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ نَظَرَ الْكَافِرَةِ إلَى الْمُسْلِمَةِ كَنَظَرِ الْمُسْلِمَةِ إلَى الْمُسْلِمَةِ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصَحِّ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَالذِّمِّيَّةُ كَالرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ فِي الْأَصَحِّ إلَخْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الرَّجُلَ يَنْظُرُ مِنْ الْكَافِرَةِ، كَمَا يَنْظُرُ إلَى الْمُسْلِمَةِ وَمُقَابِلُهُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة رُوِيَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إلَى شَعْرِ الْكَافِرَةِ (قَوْلُهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ الْمُعْتَمَدِ لِمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّى طَلْيَ عَوْرَتِهِ بِيَدِهِ، دُونَ الْخَادِمِ هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ لَا يَجُوزُ مَسُّهُ إلَّا فَوْقَ الثِّيَابِ وَعَنْ ابْنِ مُقَاتِلٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَطْلِيَ عَوْرَةَ غَيْرِهِ بِالنُّورَةِ كَالْخِتَانِ وَيَغُضّ بَصَرَهُ اهـ.

قُلْت: وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَحُجَّتُهُ الْخِتَانُ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ يَشْمَلُ خِتَانَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، وَكَذَا أَطْلَقَهُ فِي النِّهَايَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَأَقَرَّهُ الشُّرَّاحُ، وَالظَّاهِرُ تَرْجِيحُهُ وَلِذَا عَبَّرَ هُنَا عَنْ التَّفْصِيلِ بِقِيلَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَهُ النِّكَاحُ) كَذَا رَأَيْته فِي الْمُجْتَبَى وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ

ص: 382

وَالظَّاهِرُ فِي الْكَبِيرِ أَنَّهُ يُخْتَنُ وَيَكْفِي قَطْعُ الْأَكْثَرِ.

(وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ يَدِ) الرَّجُلِ (الْعَالِمِ) وَالْمُتَوَرِّعِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّكِ دُرَرٌ وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْجَامِعِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ يَدِ الْحَاكِمِ وَالْمُتَدَيِّنِ (السُّلْطَانِ الْعَادِلِ) وَقِيلَ سُنَّةٌ مُجْتَبًى (وَتَقْبِيلُ رَأْسِهِ) أَيْ الْعَالِمِ (أَجْوَدُ) كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (وَلَا رُخْصَةَ فِيهِ) أَيْ فِي تَقْبِيلِ الْيَدِ (لِغَيْرِهِمَا) أَيْ لِغَيْرِ عَالِمٍ وَعَادِلٍ هُوَ الْمُخْتَارُ مُجْتَبًى وَفِي الْمُحِيطِ إنْ لِتَعْظِيمِ إسْلَامِهِ وَإِكْرَامِهِ جَازَ وَإِنْ لِنَيْلِ الدُّنْيَا كُرِهَ.

(طَلَبَ مِنْ عَالِمٍ أَوْ زَاهِدٍ أَنْ) يَدْفَعَ إلَيْهِ قَدَمَهُ وَ (يُمَكِّنَهُ مِنْ قَدَمِهِ لِيُقَبِّلَهُ أَجَابَهُ وَقِيلَ لَا) يُرَخَّصُ فِيهِ كَمَا يُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْمَرْأَةِ فَمَ أُخْرَى أَوْ خَدَّهَا عِنْدَ اللِّقَاءِ أَوْ الْوَدَاعِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ مُقَدِّمًا لِلْقِيلِ قَالَ (وَ) كَذَا مَا يَفْعَلُهُ الْجُهَّالُ مِنْ (تَقْبِيلِ يَدِ نَفْسِهِ إذَا لَقِيَ غَيْرَهُ) فَهُوَ (مَكْرُوهٌ) فَلَا رُخْصَةَ فِيهِ وَأَمَّا تَقْبِيلُ يَدِ صَاحِبِهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ فَمَكْرُوهٌ بِالْإِجْمَاعِ (وَكَذَا) مَا يَفْعَلُونَهُ مِنْ (تَقْبِيلِ الْأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْ الْعُلَمَاءِ) وَالْعُظَمَاءِ فَحَرَامٌ وَالْفَاعِلُ وَالرَّاضِي بِهِ آثِمَانِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ عِبَادَةَ الْوَثَنِ وَهَلْ يَكْفُرَانِ: عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ وَالتَّعْظِيمِ كُفْرٌ وَإِنْ عَلَى وَجْهِ التَّحِيَّةِ لَا وَصَارَ آثِمًا مُرْتَكِبًا لِلْكَبِيرَةِ،

ــ

[رد المحتار]

لَا بَعْدَ أَنْ كَمَا وَجَدْته فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُوَافِقًا لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا، وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يُمْكِنَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَخْتِنُهُ أَوْ يَشْتَرِي أَمَةً كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ فِي الْكَبِيرِ أَنَّهُ يُخْتَنُ) الظَّاهِرُ أَنْ يُخْتَنَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ أَيْ يَخْتِنُهُ غَيْرُهُ فَيُوَافِقُ إطْلَاقَ الْهِدَايَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي قَطْعُ الْأَكْثَرِ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة غُلَامٌ خُتِنَ فَلَمْ تُقْطَعْ الْجِلْدَةُ كُلُّهَا فَإِنْ قُطِعَ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ يَكُونُ خِتَانًا وَإِلَّا فَلَا

(قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَالسُّلْطَانُ إذْ هُوَ مَنْ لَهُ سَلْطَنَةٌ وَوِلَايَةٌ ط (قَوْلُهُ وَقِيلَ سُنَّةٌ) أَيْ تَقْبِيلُ يَدِ الْعَالِمِ وَالسُّلْطَانِ الْعَادِلِ قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَعَلِمْت أَنَّ مُفَادَ الْأَحَادِيثِ سُنِّيَّتُهُ أَوْ نَدْبُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْعَيْنِيُّ (قَوْلُهُ أَيْ الْعَالِمِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَجْوَدَ فِي السُّلْطَانِ الْيَدُ حِفْظًا لِأُبَّهَةِ الْإِمَارَةِ وَلْيُحَرَّرْ ط (قَوْلُهُ أَجْوَدُ) لَعَلَّ مَعْنَاهُ أَكْثَرُ ثَوَابًا ط (قَوْلُهُ هُوَ الْمُخْتَارُ) قَدَّمَ عَلَى الْخَانِيَّةِ وَالْحَقَائِقِ أَنَّ التَّقْبِيلَ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ بِلَا شَهْوَةٍ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ

(قَوْلُهُ يَدْفَعَ إلَيْهِ قَدَمَهُ) يُغْنِي عَنْهُ مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ أَجَابَهُ) لِمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ: «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرِنِي شَيْئًا أَزْدَادُ بِهِ يَقِينًا فَقَالَ اذْهَبْ إلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَادْعُهَا فَذَهَبَ إلَيْهَا فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوك فَجَاءَتْ حَتَّى سَلَّمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهَا: ارْجِعِي فَرَجَعَتْ قَالَ: ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ وَقَالَ لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا» : وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ اهـ مِنْ رِسَالَةِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ (قَوْلُهُ كَمَا يُكْرَهُ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ فَإِنَّهُ نَقَلَهُ سَابِقًا عَنْ الْقُنْيَةِ ط وَهَذَا لَوْ عَنْ شَهْوَةٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ مُقَدِّمًا لِلْقِيلِ) أَيْ الْوَاقِعِ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ رَمَزَ لَهُ إلَى كِتَابٍ ثُمَّ رَمَزَ بَعْدَهُ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ قَالَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِصَاحِبِ الْقُنْيَةِ وَلَمْ أَرَهُ فِيهَا نَعَمْ ذَكَرَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِي الْمُجْتَبَى (قَوْلُهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ) أَيْ تَحْرِيمًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ فَلَا رُخْصَةَ فِيهِ ط (قَوْلُهُ فَمَكْرُوهٌ بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ عَالِمًا وَلَا عَادِلًا، وَلَا قَصَدَ تَعْظِيمَ إسْلَامِهِ وَلَا إكْرَامَهُ، وَسَيَأْتِي أَنَّ قُبْلَةَ يَدِ الْمُؤْمِنِ تَحِيَّةً تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلَامِهِمْ، وَلَا يُقَالُ حَالَةَ اللِّقَاءِ مُسْتَثْنَاةٌ لِأَنَّا نَقُولُ حَيْثُ نَدَبَ فِيهَا الشَّارِعُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمُصَافَحَةِ عُلِمَ أَنَّهَا تَزِيدُ عَنْ غَيْرِهَا فِي التَّعْظِيمِ، فَكَيْفَ لَا تُسَاوِيهَا سَائِحَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ إنْ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ أَوْ التَّعْظِيمِ كَفَرَ إلَخْ) تَلْفِيقٌ لِقَوْلَيْنِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِهَذَا السُّجُودِ، لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ التَّحِيَّةَ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: إنْ كَانَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ كَفَرَ اهـ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ يَكْفُرُ بِالسَّجْدَةِ مُطْلَقًا وَفِي الزَّاهِدِيِّ الْإِيمَاءُ فِي السَّلَامِ إلَى قَرِيبِ الرُّكُوعِ كَالسُّجُودِ وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ يُكْرَهُ الِانْحِنَاءُ لِلسُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ اهـ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إطْلَاقُ السُّجُودِ عَلَى هَذَا التَّقْبِيلِ. [تَتِمَّةٌ] اخْتَلَفُوا فِي سُجُودِ الْمَلَائِكَةِ قِيلَ: كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالتَّوَجُّهُ إلَى آدَمَ لِلتَّشْرِيفِ، كَاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ،

ص: 383

وَفِي الْمُلْتَقَطِ التَّوَاضُعُ لِغَيْرِ اللَّهِ حَرَامٌ. وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ: يَجُوزُ بَلْ يَنْدُبُ الْقِيَامُ تَعْظِيمًا لِلْقَادِمِ كَمَا يَجُوزُ الْقِيَامُ، وَلَوْ لِلْقَارِئِ بَيْنَ يَدَيْ الْعَالِمِ وَسَيَجِيءُ نَظْمًا. [فَائِدَةٌ] قِيلَ التَّقْبِيلُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: قُبْلَةُ الْمَوَدَّةِ لِلْوَلَدِ عَلَى الْخَدِّ، وَقُبْلَةُ الرَّحْمَةِ لِوَالِدَيْهِ عَلَى الرَّأْسِ، وَقُبْلَةُ الشَّفَقَةِ لِأَخِيهِ عَلَى الْجَبْهَةِ وَقُبْلَةُ الشَّهْوَةِ لِامْرَأَتِهِ وَأَمَتِهِ عَلَى الْفَمِ وَقُبْلَةُ التَّحِيَّةِ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْيَدِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ، قُبْلَةُ الدِّيَانَةِ لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ جَوْهَرَةٌ. قُلْت: وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ تَقْبِيلُ عَتَبَةَ الْكَعْبَةِ، وَفِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَقَابِرِ تَقْبِيلُ الْمُصْحَفِ قِيلَ بِدْعَةٌ لَكِنْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْمُصْحَفَ كُلَّ غَدَاةٍ وَيُقَبِّلُهُ وَيَقُولُ: عَهْدُ رَبِّي وَمَنْشُورُ رَبِّي عز وجل وَكَانَ عُثْمَانُ رضي الله عنه يُقَبِّلُ الْمُصْحَفَ وَيَمْسَحُهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَأَمَّا تَقْبِيلُ الْخُبْزِ فَحَرَّرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ بِدْعَةٌ مُبَاحَةٌ وَقِيلَ حَسَنَةٌ وَقَالُوا يُكْرَهُ دَوْسُهُ لَا بَوْسُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِابْنِ حَجَرٍ فِي بَحْثِ الْوَلِيمَةِ وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ وَجَاءَ «لَا تَقْطَعُوا الْخُبْزَ بِالسِّكِّينِ وَأَكْرِمُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ» .

ــ

[رد المحتار]

وَقِيلَ: بَلْ لِآدَمَ عَلَى وَجْهِ التَّحِيَّةِ وَالْإِكْرَامِ ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَوْ أَمَرْت أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت الْمِرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا» تَتَارْخَانِيَّةٌ قَالَ فِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ، وَالصَّحِيحُ الثَّانِي وَلَمْ يَكُنْ عِبَادَةً لَهُ بَلْ تَحِيَّةً وَإِكْرَامًا، وَلِذَا امْتَنَعَ عَنْهُ إبْلِيسُ وَكَانَ جَائِزًا فِيمَا مَضَى كَمَا فِي يُوسُفَ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ (قَوْلُهُ التَّوَاضُعُ لِغَيْرِ اللَّهِ حَرَامٌ) أَيْ إذْلَالُ النَّفْسِ لِنَيْلِ الدُّنْيَا، وَإِلَّا فَخَفْضُ الْجَنَاحِ لِمَنْ دُونَهُ مَأْمُورٌ بِهِ سَيِّدُ الْأَنَامِ عليه الصلاة والسلام يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه " مَنْ خَضَعَ لِغَنِيٍّ وَوَضَعَ لَهُ نَفْسَهُ إعْظَامًا لَهُ وَطَمَعًا فِيمَا قِبَلَهُ ذَهَبَ ثُلُثَا مُرُوءَتِهِ وَشَطْرُ دِينِهِ ".

(قَوْلُهُ يَجُوزُ بَلْ يُنْدَبُ الْقِيَامُ تَعْظِيمًا لِلْقَادِمِ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ التَّعْظِيمَ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: قِيَامُ الْجَالِسِ فِي الْمَسْجِدِ لِمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ تَعْظِيمًا، وَقِيَامُ قَارِئِ الْقُرْآنِ لِمَنْ يَجِيءُ تَعْظِيمًا لَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ التَّعْظِيمَ، وَفِي مُشْكِلِ الْآثَارِ الْقِيَامُ لِغَيْرِهِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ لِعَيْنِهِ إنَّمَا الْمَكْرُوهُ مَحَبَّةُ الْقِيَامِ لِمَنْ يُقَامُ لَهُ، فَإِنْ قَامَ لِمَنْ لَا يُقَامُ لَهُ لَا يُكْرَهُ. قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ أَقُولُ: وَفِي عَصْرِنَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَيْ الْقِيَامُ لِمَا يُورِثُ تَرْكُهُ مِنْ الْحِقْدِ وَالْبَغْضَاءِ وَالْعَدَاوَةِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِي مَكَان اُعْتِيدَ فِيهِ الْقِيَامُ، وَمَا وَرَدَ مِنْ التَّوَعُّدِ عَلَيْهِ فِي حَقِّ مَنْ يُحِبُّ الْقِيَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا يَفْعَلُهُ التُّرْكُ وَالْأَعَاجِمُ اهـ. قُلْت: يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ الشَّيْخِ الْحَكِيمِ أَبِي الْقَاسِمِ كَانَ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ غَنِيٌّ يَقُومُ لَهُ وَيُعَظِّمُهُ، وَلَا يَقُومُ لِلْفُقَرَاءِ وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ الْغَنِيُّ يَتَوَقَّعُ مِنِّي التَّعْظِيمَ، فَلَوْ تَرَكْته لَتَضَرَّرَ وَالْفُقَرَاءُ وَالطَّلَبَةُ إنَّمَا يَطْمَعُونَ فِي جَوَابِ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ مَعَهُمْ فِي الْعِلْمِ، وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي رِسَالَةِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ (قَوْلُهُ تَقْبِيلُ عَتَبَةِ الْكَعْبَةِ) هِيَ مِنْ قِلَّةِ الدِّيَانَةِ ط وَفِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَاخْتُلِفَ فِي تَقْبِيلِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَقِيلَ سُنَّةٌ وَقِيلَ بِدْعَةٌ (قَوْلُهُ وَمَنْشُورُ رَبِّي) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْمَنْشُورُ: الرَّجُلُ الْمُنْتَشِرُ الْأَمْرِ وَمَا كَانَ غَيْرَ مَخْتُومٍ مِنْ كُتُبِ السُّلْطَانِ وَالْمُرَادُ كِتَابُ رَبِّي فَفِيهِ تَجْرِيدٌ عَنْ بَعْضِ الْمَعْنَى ط (قَوْلُهُ وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَحِينَئِذٍ فَيُزَادُ عَلَى السِّتَّةِ سِتَّةٌ أَيْضًا بِدْعَةٌ مُبَاحَةٌ أَوْ حَسَنَةٌ، وَسُنَّةٌ لِعَالِمٍ وَعَادِلٍ مَكْرُوهٌ لِغَيْرِهِمَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَحَرَامٌ لِلْأَرْضِ تَحِيَّةٌ وَكُفْرٌ لَهَا تَعْظِيمًا كَمَا مَرَّ اهـ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَجَاءَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْجِرَاحِيُّ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُشْتَهِرَةِ " «لَا تَقْطَعُوا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ بِالسِّكِّينِ كَمَا تَقْطَعُ الْأَعَاجِمُ وَلَكِنْ انْهَشُوهُ نَهْشًا» قَالَ الصَّغَانِيُّ مَوْضُوعٌ اهـ وَفِي الْمُجْتَبَى لَا يُكْرَهُ قَطْعُ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ اهـ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ص: 384