المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٦

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌[رُكْن الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَرْصَدِ وَالْقِيمَةِ وَمِشَدِّ الْمُسْكَةِ]

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَمَعْنَى الِاسْتِحْكَارُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ تَفَاسَخَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ]

- ‌بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْبِنَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْمَعَاصِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِئْجَارِ الْمَاءِ مَعَ الْقَنَاةِ وَاسْتِئْجَارِ الْآجَامِ وَالْحِيَاضِ لِلسَّمَكِ]

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ

- ‌[مَبْحَثُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ الْخَاصِّ أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْحَارِسِ وَالْخَانَاتِيِّ]

- ‌[مَبْحَثُ اخْتِلَافِ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ إصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ وَإِخْرَاجُ التُّرَابِ وَالرَّمَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَجْمِ الدَّارِ مِنْ الْجِنِّ هَلْ هُوَ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِسْقُ الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ عُذْرًا فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ إرَادَةُ السَّفَرِ أَوْ النُّقْلَةِ مِنْ الْمِصْرِ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَخْلِيَةِ الْبَعِيدِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْمُؤَجِّرِ وَلِغَيْرِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أُجْرَةِ صَكِّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُقْطَعِ وَانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ الْمُقْطِعِ وَإِخْرَاجُهُ لَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْكَرَ الدَّافِعُ وَقَالَ لَيْسَ هَذَا مِنْ دَرَاهِمِي فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا]

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ

- ‌بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ

- ‌بَابٌ: مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى

- ‌كِتَابُالْوَلَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ

- ‌كِتَابُالْإِكْرَاهِ

- ‌كِتَابُالْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ.(بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ

- ‌كِتَابُالْمَأْذُونِ

- ‌[مَبْحَثٌ فِي تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ وَمَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ وَتَرْتِيبُهَا]

- ‌[فروع أَقَرَّ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونَانِ بِمَا مَعَهُمَا مِنْ كَسْبٍ أَوْ إرْثٍ]

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ هُدِمَ حَائِطٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَفِيمَا لَوْ أَبَى الْمَالِكُ قَبُولَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَبْحَاثِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي لُحُوقِ الْإِجَازَةِ لِلْإِتْلَافِ وَالْأَفْعَالِ فِي اللُّقَطَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِمَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةً تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ مَنَافِعِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ السَّاعِي]

- ‌كِتَابُالشُّفْعَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ غَصَبَ السُّلْطَانُ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ مِنْ شِرْبٍ أَوْ دَارٍ وَقَالَ لَا أَغْصِبُ إلَّا نَصِيبَهُ]

- ‌بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌[بَابُ مَا تَثْبُتُ الشُّفْعَة فِيهِ أَوْ لَا تَثْبُتُ]

- ‌[بَابُ مَا يُبْطِل الشُّفْعَة]

- ‌[فُرُوعٌ]بَاعَ مَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ شَفِيعُهَا

- ‌كِتَابُالْقِسْمَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ السُّكْنَى فِي بَعْضِ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ]

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌[مُطْلَبٌ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْحُورِ وَالصَّفْصَافِ]

- ‌[مُطْلَبٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُنَاصَبَةِ بَيَانُ الْمُدَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ قَامَ الْعَامِلُ عَلَى الْكَرْمِ أَيَّامًا ثُمَّ تَرَكَ فَلَمَّا أَدْرَكَ الثَّمَرَ جَاءَ يَطْلُبُ الْحِصَّةَ]

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةَ

- ‌فُرُوعٌ]

- ‌[فُرُوعٌ]لَوْنُ أُضْحِيَّتِهِ عليه الصلاة والسلام سَوْدَاءُ

- ‌كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ]

- ‌فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ

- ‌بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ

- ‌فَرْعٌ]يُكْرَهُ إعْطَاءُ سَائِلٍ الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ الشِّرْبُ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ

- ‌بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتُهُ أَيْ الرَّهْنُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْأَبُ مِنْ مَالِ طِفْلِهِ شَيْئًا بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ لِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ عِنْدَ غَرِيمٍ مِنْ غُرَمَائِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

- ‌[فَرْعٌ] رَهْنُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ

- ‌بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

- ‌[فُرُوعٌ] أَلْقَى حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا فِي الطَّرِيقِ فَلَدَغَتْ رَجُلًا

- ‌فَصْلٌ فِي الْفِعْلَيْنِ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ

- ‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

- ‌[فُرُوعٌ لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكَرْمِ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ]

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَصْبِ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌[تَتِمَّةٌ صَبِيٌّ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ فِي مَاءٍ فَمَاتَ]

- ‌كِتَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌[فُرُوعٌ وُجِدَ الْقَتِيل فِي دَارِ صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوه]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَرْعٌ]أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فُلَانٌ أَوْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ

- ‌ بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَصَايَا الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ

- ‌[فُرُوعٌ]أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلصَّلَوَاتِ

- ‌بَابُ الْوَصِيِّ

- ‌فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ

- ‌[فُرُوعٌ]يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ

- ‌كِتَابُ الْخُنْثَى

- ‌مَسَائِلُ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَصَبَاتِ

- ‌بَابُ الْعَوْلِ

- ‌ مَسَائِلُ الرَّدِّ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ

- ‌بَابُ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى وَغَيْرِهِمْ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُنَاسَخَةِ

- ‌بَابُ الْمَخَارِجِ

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره

(وَيَجِبُ فِي جَنِينِ الْبَهِيمَةِ مَا نَقَصَتْ الْأُمُّ) إنْ نَقَصَتْ (وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ) الْأُمُّ (لَا يَجِبُ) فِيهِ (شَيْءٌ) سِرَاجِيَّةٌ. [فَرْعٌ]

فِي الْبَزَّازِيَّةِ: ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَتِهِ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَ الْبَطْنَ وَوَقَعَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ حَيًّا مَجْرُوحًا بِالسَّيْفِ وَالْآخَرُ مَيِّتًا وَبِهِ جِرَاحَةُ السَّيْفِ وَمَاتَتْ أَيْضًا يُقْتَصُّ لِأَجْلِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّهُ عَمْدٌ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الْوَلَدِ الْحَيِّ إذَا مَاتَ، وَتَجِبُ غُرَّةُ الْوَلَدِ الْمَيِّتِ، لِأَنَّهُ لَمَّا ضَرَبَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْوَلَدَيْنِ فِي بَطْنِهَا كَانَ الضَّرْبُ خَطَأً.

‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ

لَمَّا ذَكَرَ الْقَتْلَ مُبَاشَرَةً فِيهِ تَسَبُّبًا فَقَالَ (أَخْرَجَ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ كَنِيفًا) هُوَ بَيْتُ الْخَلَاءِ (أَوْ مِيزَابًا أَوْ جُرْصُنًا كَبُرْجٍ وَجِذْعٍ وَمَمَرِّ عُلُوٍّ وَحَوْضِ طَاقَةٍ وَنَحْوِهَا عَيْنِيٌّ أَوْ دُكَّانًا جَازَ) إحْدَاثُهُ (وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْعَامَّةِ) وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ، فَإِنْ ضَرَّ لَمْ يَحِلَّ كَمَا سَيَجِيءُ (وَلِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْخُصُومَةِ) وَلَوْ ذِمِّيًّا (مَنْعُهُ) ابْتِدَاءً (وَمُطَالَبَتُهُ بِنَقْضِهِ)

ــ

[رد المحتار]

مَا إذَا أَلْقَتْهُ مَيِّتًا فَتَسْقُطُ الْغُرَّةُ عَنْهَا لَوْ بِإِذْنِهِ كَمَا مَرَّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ فِي جَنِينِ الْبَهِيمَةِ إلَخْ) هَذَا إذَا أَلْقَتْهُ مَيِّتًا، أَمَّا إذَا أَلْقَتْهُ حَيًّا فَمَاتَ مِنْ الضَّرْبِ تَجِبُ قِيمَتُهُ فِي مَالِهِ حَالَّةً وَلَا يُجْبَرُ بِهَا نُقْصَانُ الْأُمِّ كَمَا يُجْبَرُ نُقْصَانُ الْأَمَةِ بِقِيمَةِ جَنِينِهَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ أَتْلَفَهُ فَيَضْمَنُهُ مَعَ نُقْصَانِ الْأُمِّ تَأَمَّلْ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ حَيًّا إلَخْ) أَيْ ثُمَّ مَاتَ (قَوْلُهُ وَمَاتَتْ أَيْضًا) أَيْ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ أَيْضًا كَمَا عَبَّرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَأَفَادَ أَنَّ مَوْتَهَا بَعْدَ مَوْتِ الَّذِي وَقَعَ حَيًّا إذْ لَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ لَوَرِثَ الْقِصَاصَ عَلَى أَبِيهِ فَيَسْقُطُ كَمَا قَالَهُ الْمُحَشِّي الْحَلَبِيُّ (قَوْلُهُ وَتَجِبُ غُرَّةُ الْوَلَدِ الْمَيِّتِ) لَوْ أَسْقَطَ تَجِبُ وَعَطَفَ الْغُرَّةَ عَلَى الدِّيَةِ لَكَانَ أَوْلَى، لِيُفِيدَ أَنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ فِيهِ الدِّيَةُ أَيْضًا لِعَدَمِ التَّحَقُّقِ بِحَيَاتِهِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ضَرَبَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ لَا فِي مَالِهِ، إذْ لَوْ كَانَ الضَّرْبُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَلَدِ عَمْدًا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَمُقْتَضَاهُ لَوْ عَلِمَ بِالْوَلَدَيْنِ وَقَصَدَ ضَرْبَهُمَا أَيْضًا أَنَّهُ تَجِبُ دِيَةُ الْحَيِّ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ لِسُقُوطِ الْقِصَاصِ بِشُبْهَةِ الْأُبُوَّةِ، أَمَّا لَوْ عَلِمَ بِهِمَا وَلَمْ يَقْصِدْ ضَرْبَهُمَا بَلْ قَصَدَ ضَرْبَ الْأُمِّ فَقَطْ لَا تَجِبُ دِيَةُ الْحَيِّ فِي مَالِهِ كَمَنْ قَصَدَ رَمْيَ شَخْصٍ فَنَفَذَ مِنْهُ السَّهْمُ إلَى آخَرَ تَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ]

ِ (قَوْلُهُ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ) أَيْ النَّافِذَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى دُونَ الطَّرِيقِ فِي الْمَفَاوِزِ وَالصَّحَارِي؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْعُدُولُ عَنْهَا غَالِبًا كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ، وَطَرِيقُ الْعَامَّةِ مَا لَا يُحْصَى قَوْمُهُ، أَوْ مَا تَرَكَهُ لِلْمُرُورِ قَوْمٌ بَنَوْا دُورًا فِي أَرْضِ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْعَامَّةِ وَهَذَا مُخْتَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْأَوَّلُ مُخْتَارُ الْإِمَامِ الْحَلْوَانِيِّ كَمَا فِي الْعِمَادِيِّ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ جُرْصُنًا) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ دَخِيلٌ أَيْ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ أَصْلِيٍّ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ الْبُرْجُ وَقِيلَ مَجْرَى مَاءٍ يَرْكَبُ فِي الْحَائِطِ. وَعَنْ الْإِمَامِ الْبَزْدَوِيِّ جِذْعٌ يُخْرِجُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ الْحَائِطِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ مُغْرِبٌ. قَالَ الْعَيْنِيُّ: وَقِيلَ هُوَ الْمَمَرُّ عَلَى الْعُلُوِّ وَهُوَ مِثْلُ الرَّفِّ، وَقِيلَ هُوَ الْخَشَبَةُ الْمَوْضُوعَةُ عَلَى جِدَارِ السَّطْحَيْنِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْمُرُورِ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُعْمَلُ قُدَّامَ الطَّاقَةِ لِتُوضَعَ عَلَيْهِ كِيزَانٌ وَنَحْوُهَا اهـ (قَوْلُهُ كَبُرْجٍ إلَخْ) حِكَايَةً لِلْأَقْوَالِ الْمَارَّةِ فِي تَفْسِيرِ الْجُرْصُنِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) هُوَ فِي عِبَارَةِ الْعَيْنِيِّ بِمَعْنَى نَحْوِ الْكِيزَانِ (قَوْلُهُ أَوْ دُكَّانًا) هُوَ الْمَوْضِعُ الْمُرْتَفِعُ مِثْلُ الْمِصْطَبَةِ عَيْنِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنْ ضَرَّ لَمْ يَحِلَّ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ ضَرَّ أَوْ مَنَعَ لَمْ يَحِلَّ اهـ.

وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَيَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَإِنْ مُنِعَ عَنْهُ كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إنَّهُ لَوْ مُنِعَ عَنْهُ لَا يُبَاحُ لَهُ الْإِحْدَاثُ وَيَأْثَمُ بِالِانْتِفَاعِ وَالتَّرْكِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْخُصُومَةِ) هُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ بِخِلَافِ الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ الْمَحْجُورِينَ، وَأَفَادَ فِي الدُّرَرِ الْمُنْتَقَى أَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ بِالْإِذْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا) ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الطَّرِيقِ كِفَايَةٌ. وَعِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّة: وَيَدْخُلُ

ص: 592

وَرَفْعُهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ، سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ أَوْ لَا وَقِيلَ إنَّمَا يَنْقُصُ بِخُصُومَتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ وَإِلَّا كَانَ تَعَنُّتًا زَيْلَعِيٌّ (هَذَا) كُلُّهُ (إذَا بَنَى لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ) زَادَ الصَّفَّارُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَطَالِبِ مِثْلُهُ (وَإِنْ بَنَى لِلْمُسْلِمِينَ كَمَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ) أَوْ بَنَى بِإِذْنِ الْإِمَامِ (لَا) يُنْتَقَضُ (وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ لَا يَجُوزُ إحْدَاثُهُ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» (وَالْقُعُودُ فِي الطَّرِيقِ لِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ) يَجُوزُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِأَحَدٍ وَإِلَّا لَا (عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ) السَّابِقِ وَهَذَا فِي النَّافِذِ (وَفِي غَيْرِ النَّافِذِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِإِحْدَاثٍ مُطْلَقًا) أَضَرَّ بِهِمْ أَوْ لَا

ــ

[رد المحتار]

فِيهِ الْكَافِرُ خُصُوصًا إذَا كَانَ ذِمِّيًّا اهـ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ أَوْ لَا) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهُ الْمَنْعُ لَا الرَّفْعُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا وَلَا، وَهَذَا إذَا عَلِمَ إحْدَاثَهُ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ جُعِلَ حَدِيثًا فَلِلْإِمَامِ نَقْضُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنَّمَا يَنْقُضُهُ إنْ ضَرَّ بِهِمْ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) قَائِلُهُ إسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ تَعَنُّتًا) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ إزَالَةَ الضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ لَبَدَأَ بِنَفْسِهِ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ) فَإِنْ أَذِنَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُلْزِمَهُ وَأَنْ يُنَازِعَهُ، لَكِنْ لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ بِهِ إذَا ضَرَّ بِالنَّاسِ بِأَنْ كَانَ الطَّرِيقُ ضَيِّقًا، وَلَوْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ مَعَ ذَلِكَ وَأَذِنَ جَازَ اهـ حَمَوِيٌّ عَنْ مِسْكِينٍ وَفِي الشُّمُنِّيِّ أَنَّهُ مَعَ الضَّرَرِ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ أَذِنَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ اهـ ط وَلَعَلَّ الْمُرَادَ يَأْثَمُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مُنَازَعَتُهُ؛ لِأَنَّ مُنَازَعَةَ مَا يُوضَعُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ افْتِيَاتٌ عَلَى الْإِمَامِ، فَلَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ زَادَ الصَّفَّارُ إلَخْ) هُوَ الْقِيلُ الْمُتَقَدِّمُ الْمُفَصَّلُ، فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَتِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِمَادُ الْإِطْلَاقِ لِحِكَايَتِهِمْ، هَذَا الْقَوْلَ مَنْسُوبًا إلَى الْكُفَّارِ بِهِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْحُكْمِ أَوَّلًا مُطْلَقًا، فَكَأَنَّهُ قَوْلُ الْجَمِيعِ، وَالْوَجْهُ: أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِ النَّاهِي مُتَبَاعِدًا عَنْ هَذَا الْمُنْكَرِ كَمَا سَبَقَ فِي الْحَظْرِ ط.

أَقُولُ: هَذَا الْوَجْهُ إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُنْكَرٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَنَى لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ وَلَمْ يَضُرَّ بِهِمْ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ بَنَى بِإِذْنِ الْإِمَامِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ بَنَى بِإِذْنِهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مُنَازَعَتُهُ، وَإِنْ ضَرَّ وَقَدَّمْنَاهُ صَرِيحًا عَنْ مِسْكِينٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ لَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَفِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ عَرَضِ النَّاسِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْوَضْعِ، وَأَنْ يُكَلِّفَهُ الرَّفْعَ بَعْدَ الْوَضْعِ، سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ أَوْ لَا إذَا وُضِعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِيمَا يَكُونُ لِلْعَامَّةِ إلَى الْإِمَامِ لِتَسْكِينِ الْفِتْنَةِ فَاَلَّذِي وَضَعَ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَفْتَاتُ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فِيهِ فَلِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُنْكِرَهُ عَلَيْهِ اهـ وَالِافْتِيَاتُ السَّبْقُ صِحَاحٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ جَازَ إنْ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) أَيْ لَا يَضُرُّ الرَّجُلُ أَخَاهُ ابْتِدَاءً وَلَا جَزَاءً؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ بِمَعْنَى الضُّرِّ، وَيَكُونُ مِنْ وَاحِدٍ وَالضِّرَارُ مِنْ اثْنَيْنِ بِمَعْنَى الْمُضَارَّةِ، وَهُوَ أَنْ تَضُرَّ مَنْ ضَرَّكَ مُغْرِبٌ، وَالضَّرَرُ فِي الْجَزَاءِ هُوَ أَنْ يَتَعَدَّى الْمَجَازِيُّ عَنْ قَدْرِ حَقِّهِ فِي الْقِصَاصِ وَغَيْرِهِ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالْقُعُودُ) وَكَذَا الْغَرْسُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ يَجُوزُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِأَحَدٍ) الْأَنْسَبُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يَضَعَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ ط (قَوْلُهُ وَفِي غَيْرِ النَّافِذِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِغَيْرِ النَّافِذَةِ الْمَمْلُوكَةُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِعِلَّةِ الْمِلْكِ فَقَدْ تَنْفُذُ: وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ وَقَدْ يُسَدُّ مَنْفَذُهَا: وَهِيَ لِلْعَامَّةِ لَكِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى الْمِلْكِ غَالِبًا فَأُقِيمَ مَقَامَهُ وَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ كِفَايَةٌ عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِإِحْدَاثٍ) أَقُولُ فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الطَّرِيقُ لَوْ كَانَ غَيْرَ نَافِذٍ فَلِأَصْحَابِهِ أَنْ يَضَعُوا فِيهِ الْخَشَبَةَ، وَيَرْبِطُوا فِيهِ الدَّوَابَّ، وَيَتَوَضَّئُوا فِيهِ فَلَوْ عَطِبَ أَحَدٌ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ بَنَى أَوْ حَفَرَ بِئْرًا ضَمِنَ اهـ.

وَفِي الْجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ طِينًا فِيهِ لَوْ تَرَكَ مِنْ الطَّرِيقِ قَدْرَ الْمُرُورِ، وَيَتَّخِذَ فِي الْأَحَايِينِ مَرَّةً وَيَرْفَعَهُ سَرِيعًا فَلَهُ ذَلِكَ، وَلِكُلٍّ إمْسَاكُ الدَّوَابِّ عَلَى بَابِ دَارِهِ؛ لِأَنَّ السِّكَّةَ الَّتِي لَا تَنْفُذُ كَدَارٍ مُشْتَرَكَةٍ، وَلِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَسْكُنَ فِي بَعْضِ الدَّارِ لَا أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا وَإِمْسَاكُ الدَّوَابِّ فِي بِلَادِنَا مِنْ السُّكْنَى اهـ.

ص: 593

(إلَّا بِإِذْنِهِمْ) لِأَنَّهُ كَالْمِلْكِ الْخَاصِّ بِهِمْ ثُمَّ الْأَصْلُ فِيمَا جُهِلَ حَالُهُ أَنْ يُجْعَلَ حَدِيثًا لَوْ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَقَدِيمًا لَوْ فِي طَرِيقِ الْخَاصَّةِ بُرْجُنْدِيٌّ (فَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ) مِنْ النَّاسِ (بِسُقُوطِهَا عَلَيْهِ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ عَاقِلَةِ الْمُخْرِجِ لِتَسَبُّبِهِ (كَمَا) تَدِي الْعَاقِلَةُ.

(لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقٍ أَوْ وَضَعَ حَجَرًا) أَوْ تُرَابًا أَوْ طِينًا مُلْتَقًى (فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ) لِأَنَّهُ سَبَبٌ (فَإِنْ تَلِفَ بِهِ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (بَهِيمَةٌ ضَمِنَ) فِي مَالِهِ (إنْ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الْإِمَامُ فَإِنْ أَذِنَ) الْإِمَامُ (فِي ذَلِكَ أَوْ مَاتَ وَاقِعٌ فِي بِئْرِ طَرِيقٍ جُوعًا أَوْ عَطَشًا أَوْ غَمًّا لَا) ضَمَانَ بِهِ يُفْتَى خُلَاصَةٌ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ (وَلَوْ سَقَطَ الْمِيزَابُ فَأَصَابَ مَا كَانَ فِي الدَّاخِلِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ فَلَا ضَمَانَ) أَصْلًا لِكَوْنِهِ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَكُنْ تَعَدِّيًا (وَإِنْ أَصَابَ الْخَارِجَ) أَوْ وَسَطَهُ

ــ

[رد المحتار]

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: إنْ فَعَلَ فِي غَيْرِ النَّافِذَةِ مَا لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى لَا يَضْمَنُ حِصَّةَ نَفْسِهِ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شُرَكَائِهِ، وَإِنْ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى فَالْقِيَاسُ كَذَلِكَ وَالِاسْتِحْسَانُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْكِفَايَةِ أَقُولُ: وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَجُوزُ إحْدَاثُ شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ كَالْمِيزَابِ وَالدُّكَّانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَبْقَى كَمَا أَفَادَهُ السَّائِحَانِيُّ (قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ) أَيْ كُلِّهِمْ حَتَّى الْمُشْتَرِي مِنْ أَحَدِهِمْ بَعْدَ الْإِذْنِ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ أَحْدَثَ بِنَاءً أَوْ غُرْفَةً عَلَى سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ، وَرَضِيَ بِهَا أَهْلُ السِّكَّةِ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا وَاشْتَرَى دَارًا مِنْهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْمُرَ صَاحِبَ الْغُرْفَةِ بِرَفْعِهَا اهـ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَالْمِلْكِ) الْأَوْلَى لِأَنَّهُ مِلْكٌ بِلَا تَشْبِيهٍ كَمَا فَعَلَ فِي الْهِدَايَةِ وَدَلَّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْأَصْلُ إلَخْ) فَائِدَتُهُ أَنَّ الْحَدِيثَ لِلْإِمَامِ نَقْضُهُ وَالْقَدِيمُ لَا يَنْقُضُهُ أَحَدٌ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ قَالَ السَّائِحَانِيُّ: فَإِنْ بَرَّ هُنَا فَبَيِّنَةُ الْقِدَمِ فِي الْبِنَاءِ تُقَدَّمُ وَفِي الْكَافِي بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ فَعَلَهَا فِي غَيْرِ الْبِنَاءِ كَمَسِيلٍ وَاسْتِطْرَاقٍ وَقَالَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ عَنْ الصُّغْرَى: يَجْعَلُ أَقْصَى الْوَقْتِ الَّذِي تَحْفَظُهُ النَّاسُ حَدَّ الْقَدِيمِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْحُسْنِ اهـ (قَوْلُهُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) وَكَذَا لَوْ جَرَحَهُ إنْ بَلَغَ أَرْشُهُ أَرْشَ الْمُوضِحَةِ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَفِي مَالِهِ كِفَايَةٌ وَأَشْعَرَ بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ، وَلَا يَحْرُمُ مِنْ الْمِيرَاثِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ قُهُسْتَانِيٌّ

(قَوْلُهُ مُلْتَقًى) زَادَ فِي الشَّرْحِ وَكَذَا كُلُّ مَا فُعِلَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ اهـ وَفِي الْمُلْتَقَى أَيْضًا وَيَضْمَنُ مَنْ صَبَّ الْمَاءَ فِي الطَّرِيقِ مَا عَطِبَ بِهِ وَكَذَا إنْ رَشَّهُ بِحَيْثُ يَزْلَقُ أَوْ تَوَضَّأَ بِهِ وَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ قَعَدَ فِيهَا أَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ لَا يَضْمَنُ، وَكَذَا إنْ رَشَّ مَالًا يَزْلَقُ عَادَةً أَوْ رَشَّ بَعْضَ الطَّرِيقِ فَتَعَمَّدَ الْمَارُّ الْمُرُورَ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ الرَّاشُّ، وَوَضْعُ الْخَشَبَةِ كَالْمُرُورِ فِي اسْتِيعَابِ الطَّرِيقِ وَعَدَمِهِ، وَإِنْ رَشَّ فِنَاءَ حَانُوتٍ بِإِذْنِ صَاحِيهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا اهـ (قَوْلُهُ فِي مَالِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ تَتَحَمَّلُ النَّفْسَ دُونَ الْمَالِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ إحْدَاثِ الْكَنِيفِ وَالْجُرْصُنِ وَالدُّكَّانِ، وَوَضْعُ الْحَجَرِ وَحَفْرُ الْبِئْرِ فِي الطَّرِيقِ أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ الْإِمَامُ) أَيْ السُّلْطَانُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ حِينَئِذٍ فَإِنَّ لِلْإِمَامِ وِلَايَةً عَامَّةً عَلَى الطَّرِيقِ إذْ نَابَ عَنْ الْعَامَّةِ، فَكَانَ كَمَنْ فَعَلَهُ فِي مِلْكِهِ قُهُسْتَانِيٌّ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: لَكِنْ إنَّمَا يَجُوزُ الْإِذْنُ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْعَامَّةِ وَتَمَامُهُ فِيهِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ جُوعًا أَوْ عَطَشًا) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ وَالضَّمَانُ إنَّمَا يَجِبُ إذَا مَاتَ مِنْ الْوُقُوعِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ غَمًّا) أَيْ انْخِنَاقًا بِالْعُفُونَةِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ يَوْمٌ غَمٌّ إذَا كَانَ يَأْخُذُ النَّفْسَ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ عِنَايَةٌ وَضَبَطَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِالضَّمِّ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْفَتْحُ.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَأَوْجَبَ الضَّمَانَ فِي الْكُلِّ وَوَافَقَ أَبُو يُوسُفَ الْإِمَامَ فِي الْجُوعِ لَا الْغَمِّ ط (قَوْلُهُ أَوْ وَسَطَهُ) الْمُرَادُ وَسَطَهُ الَّذِي هُوَ خَارِجٌ عَنْ مِلْكِ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الضَّمَانِ هِيَ التَّعَدِّي بِشُغْلِ هَوَاءِ الطَّرِيقِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى يَشْمَلُهُ لَفْظُ الْخَارِجِ، فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْخَارِجِ الطَّرَفَ الْأَخِيرَ، فَصَحَّ لَهُ ذِكْرُ الْوَسَطِ، وَمَحَلِّ الضَّمَانِ

ص: 594

بَزَّازِيَّةٌ (فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِهِ) لِتَعَدِّيهِ وَلَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا وَغَاصِبًا وَلَا يَبْطُلُ الضَّمَانُ بِالْبَيْعِ لِبَقَاءِ فِعْلِهِ وَهُوَ الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ بِخِلَافِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ كَمَا بَسَطَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَلَوْ أَصَابَهُ الطَّرَفَانِ) مِنْ الْمِيزَابِ (وَعُلِمَ ذَلِكَ وَجَبَ) عَلَى وَاضِعِهِ (النِّصْفُ وَهُدِرَ النِّصْفُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّ طَرَفٍ) مِنْهُمَا (أَصَابَهُ ضَمِنَ النِّصْفَ اسْتِحْسَانًا) زَيْلَعِيٌّ (وَمَنْ نَحَّى حَجَرًا وَضَعَهُ آخَرُ فَعَطِبَ بِهِ رَجُلٌ ضَمِنَ) لِأَنَّ فِعْلَ الْأَوَّلِ نُسِخَ بِفِعْلِ الثَّانِي (كَمَنْ حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ) أَوْ ظَهْرِهِ (شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ فَسَقَطَ مِنْهُ عَلَى آخَرَ أَوْ دَخَلَ بِحَصِيرٍ أَوْ قِنْدِيلٍ أَوْ حَصَاةٍ فِي مَسْجِدِ غَيْرِهِ) أَيْ جَعَلَ فِيهِ حَصًى أَوْ بَوَارِي ابْنُ كَمَالٍ (أَوْ جَلَسَ فِيهِ لَا لِلصَّلَاةِ) وَلَوْ لِقُرْآنٍ أَوْ تَعْلِيمٍ (فَعَطِبَ بِهِ أَحَدٌ) كَأَعْمَى ضَمِنَ خِلَافًا لَهُمَا (لَا) يَضْمَنُ (مَنْ سَقَطَ مِنْهُ رِدَاءٌ لَبِسَهُ) عَلَيْهِ (أَوْ أَدْخَلَ هَذِهِ) الْأَشْيَاءَ الْمَذْكُورَاتِ (فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ)

ــ

[رد المحتار]

فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ إذَا لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ أَوْ أَرْبَابُ الْمَحَلَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ بِالتَّعَدِّي اهـ (قَوْلُهُ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِهِ) أَيْ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَكَذَا يُقَالُ بَعْدُ؛ لِأَنَّهُ تَسَبُّبٌ ط (قَوْلُهُ كَمَا بَسَطَهُ الزَّيْلَعِيُّ) حَيْثُ قَالَ وَلَوْ أَشْرَعَ جَنَاحًا إلَى الطَّرِيقِ أَوْ وَضَعَ فِيهِ خَشَبَةً ثُمَّ بَاعَ الْكُلَّ وَتَرَكَهُ الْمُشْتَرِي حَتَّى عَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَمْ يَنْتَسِخْ بِزَوَالِ مِلْكِهِ، بِخِلَافِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ إذَا بَاعَهُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ، حَيْثُ لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ وَلَا الْبَائِعُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْإِشْهَادِ، فَيَبْطُلُ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ نَقْضِ مِلْكِ الْغَيْرِ، وَهُنَا الضَّمَانُ بِإِشْغَالِ هَوَاءِ الطَّرِيقِ لَا بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ، وَالْإِشْغَالُ بَاقٍ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ حَصَلَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ أَوْ غَاصِبٍ وَفِي الْحَائِطِ لَا يَضْمَنُ الْمَالِكُ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالٍ يَضْمَنُ الْكُلَّ وَفِي حَالٍ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا فَيَضْمَنُ النِّصْفَ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَضْمَنَ شَيْئًا لِلشَّكِّ وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ نَحَّى حَجَرًا) أَيْ حَوَّلَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ (قَوْلُهُ فَسَقَطَ مِنْهُ عَلَى آخَرَ) وَكَذَا إذَا سَقَطَ فَتَعَثَّرَ بِهِ إنْسَانٌ هِدَايَةٌ؛ لِأَنَّ حَمْلَ الْمَتَاعِ فِي الطَّرِيقِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ مُبَاحٌ لَهُ لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ بِمَنْزِلَةِ الرَّمْيِ إلَى الْهَدَفِ أَوْ الصَّيْدِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ دَخَلَ بِحَصِيرٍ أَوْ قِنْدِيلٍ أَوْ حَصَاةٍ إلَخْ) أَيْ فَسَقَطَ الْحَصِيرُ أَوْ الْقِنْدِيلُ عَلَى أَحَدٍ أَوْ سَقَطَ الظَّرْفُ الَّذِي فِيهِ الْحَصَاةُ عَلَى أَحَدٍ مِنَحٌ

أَقُولُ: وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَإِذَا كَانَ الْمَسْجِدُ لِلْعَشِيرَةِ، فَعَلَّقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فِيهِ قِنْدِيلًا، أَوْ جَعَلَ فِيهِ بَوَارِي أَوْ حَصَاهُ إلَخْ وَالظَّاهِرُ مِنْهَا أَنَّ حَصَاهُ فِعْلٌ مَاضٍ مُشَدَّدُ الصَّادِ مَعْطُوفٌ عَلَى جَعَلَ، وَيَدُلُّ عَلَى تَفْسِيرِ ابْنِ كَمَالٍ، وَأَمَّا جَعْلُهُ مُفْرَدًا بِتَاءِ الْوَحْدَةِ فَهُوَ بَعِيدٌ، وَكَذَا إرَادَةُ الظَّرْفِ أَبْعَدُ وَفِي مَنْهِيَّاتِ ابْنِ كَمَالٍ وَمَنْ وَهَمَ أَنَّ الْمُرَادَ الظَّرْفُ الَّذِي فِيهِ الْحَصَاةُ فَقَدْ وُهِمَ اهـ وَقَيَّدَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ الْخِلَافَ فِي الضَّمَانِ بِمَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِلَا إذْنِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَلَوْ بِإِذْنِهِمْ فَلَا ضَمَانَ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَعَلَّقَ الْقِنْدِيلَ لِلْإِضَاءَةِ فَلَوْ لِلْحِفْظِ ضَمِنَ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ اهـ وَجَعَلَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إذْنَ الْقَاضِي كَإِذْنِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ (قَوْلُهُ فِي مَسْجِدِ غَيْرِهِ) أَيْ مَسْجِدِ غَيْرِ حَيِّهِ وَيَأْتِي مَفْهُومُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَسْجِدَ الْجَمَاعَةِ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ مَسْجِدِ حَيِّهِ فَلَا يَضْمَنُ بِمَا ذُكِرَ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ لِقُرْآنٍ أَوْ تَعْلِيمٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ بُنِيَ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا تَبَعٌ لَهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا ضَاقَ فَلِلْمُصَلِّي إزْعَاجُ الْقَاعِدِ لِلذِّكْرِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ التَّدْرِيسِ؛ لِيُصَلِّيَ مَوْضِعَهُ دُونَ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ لَا يَضْمَنُ مَنْ سَقَطَ مِنْهُ رِدَاءٌ أَلْبَسَهُ) أَيْ سَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ فَعَطِبَ بِهِ أَوْ سَقَطَ فَتَعَثَّرَ بِهِ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ قَالَ: وَالْفَرْقُ أَيْ بَيْنَ الْمَحْمُولِ وَالْمَلْبُوسِ، أَنَّ حَامِلَ الشَّيْءِ قَاصِدٌ حِفْظَهُ، فَلَا حَرَجَ فِي التَّقْيِيدِ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ، وَاللَّابِسُ لَا يَقْصِدُ حِفْظًا مَا يَلْبَسُهُ، فَيَتَحَرَّجُ بِالتَّقْيِيدِ بِالسَّلَامَةِ؛ فَجُعِلَ مُبَاحًا مُطْلَقًا، وَعَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ إذَا لَبِسَ مَا لَا يَلْبَسُهُ فَهُوَ كَالْحَامِلِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَى لُبْسِهِ اهـ وَكَالرِّدَاءِ السَّيْفُ وَالطَّيْلَسَانُ وَنَحْوُهُمَا كَمَا فِي الْغَايَةِ.

(قَوْلُهُ عَلَيْهِ)

ص: 595

أَيْ مَحَلَّتِهِ لِأَنَّ تَدْبِيرَ الْمَسْجِدِ لِأَهْلِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ فَفِعْلُ الْغَيْرِ مُبَاحٌ فَيَتَقَيَّدُ بِالسَّلَامَةِ (أَوْ جَلَسَ فِيهِ لِلصَّلَاةِ) .

الْحَاصِلُ أَنَّ الْجَالِسَ لِلصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ، وَلِغَيْرِ الصَّلَاةِ يَضْمَنُ مُطْلَقًا خِلَافًا لَهُمَا، وَاسْتَظْهَرَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مَعْزِيًّا لِلزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُمَا وَقَدْ حَقَّقْته فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى.

وَفِيهِ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَبْنِيَ أَوْ لِيَحْفِرَ لَهُ فِي فِنَاءِ حَانُوتِهِ أَوْ دَارِهِ فَتَلِفَ بِهِ الْأَجِيرُ وَإِنْ بَعْدَهُ فَعَلَى شَيْءٍ إنْ قَبْلَ فَرَاغِهِ فَعَلَى الْآمِرِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي غَيْرِ فِنَائِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْأَجِيرُ فَإِنْ عَلِمَهُ فَعَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ لِفَسَادِ الْأَمْرِ، وَلَوْ قَالَ الْآمِرُ هُوَ فِنَائِي وَلَيْسَ لِي حَقُّ الْحَفْرِ فَعَلَى الْأَجِيرِ قِيَاسًا أَيْ لِعِلْمِهِ بِفَسَادِ الْأَمْرِ فَمَا أَغَرَّهُ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ اسْتِحْسَانًا اهـ.

ــ

[رد المحتار]

مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَبِسَهُ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِسَقَطَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَفِعْلُ الْغَيْرِ مُبَاحٌ) يُقَيَّدُ أَنَّ فِعْلَ الْأَهْلِ وَاجِبٌ مَثَلًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كِلَاهُمَا مُبَاحٌ غَيْرَ أَنَّ فِعْلَ الْأَهْلِ مُبَاحٌ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالسَّلَامَةِ، وَفِعْلُ غَيْرِهِ مُبَاحٌ مُقَيَّدٌ بِهَا ط (قَوْلُهُ الْحَاصِلُ أَنَّ الْجَالِسَ لِلصَّلَاةِ إلَخْ) ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ الْجَالِسَ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي عَمَلٍ لَا يَكُونُ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِالْمَسْجِدِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَدَرْسِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ، وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ إذَا قَعَدَ فِيهِ لِحَدِيثٍ، أَوْ نَامَ فِيهِ أَوْ قَامَ فِيهِ لِغَيْرِ صَلَاةٍ أَوْ مَرَّ فِيهِ مَارٌّ ضَمِنَ عِنْدَهُ، وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ قَعَدَ لِلْعِبَادَةِ كَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ أَوْ الِاعْتِكَافِ، أَوْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَوْ لِلتَّدْرِيسِ، أَوْ لِلذِّكْرِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ بِالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ زَيْلَعِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ مَعْزِيًّا لِلزَّيْلَعِيِّ) فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ: أَنَّ أَكْثَرَ الْمَشَايِخِ أَخَذُوا بِقَوْلِهِمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَنُقِلَ عَنْ صَدْرِ الْإِسْلَامِ: أَنَّ الْأَظْهَرَ مَا قَالَاهُ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ مِنْ ضَرُورَاتِ الصَّلَاةِ، فَيَكُونُ مُلْحَقًا بِهَا. وَفِي الْعَيْنِيِّ بِقَوْلِهِمَا قَالَتْ الثَّلَاثَةُ وَبِهِ يُفْتَى اهـ ط.

(قَوْلُهُ وَقَدْ حَقَّقْته فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى) حَاصِلُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ الْجُلُوسَ لِلْكَلَامِ الْمَحْظُورِ فِيهِ الضَّمَانُ اتِّفَاقًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أَطْلَقَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ إلَخْ) ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَشْرَعَ لَهُ جَنَاحًا فِي فِنَاءِ دَارِهِ، وَقَالَ لَهُ مِلْكِي أَوْلَى فِيهِ حَقُّ الْإِشْرَاعِ مِنْ الْقَدِيمِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَجِيرُ فَظَهَرَ بِخِلَافِهِ، فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ قَبْلَ الْفَرَاغِ، أَوْ بَعْدَهُ. فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْإِشْرَاعِ، أَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ حَتَّى بَنَى فَسَقَطَ فَأَتْلَفَ إنْ قَبْلَ الْفَرَاغِ ضَمِنَ، وَلَا يَرْجِعُ وَإِنْ بَعْدَهُ فَكَذَلِكَ قِيَاسًا بِفَسَادِ الْأَمْرِ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ فِي الطَّرِيقِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَضْمَنُ الْآمِرُ لِصِحَّةِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ فِنَاءَهُ مَمْلُوكٌ لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ، بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَغَيْرُ مَمْلُوكٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ، فَمِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ يَكُونُ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ بَعْدَ الْفَرَاغِ، مِنْ حَيْثُ الْفَسَادُ يَكُونُ عَلَى الْعَامِلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ لَهُ فِي غَيْرِ فِنَائِهِ ضَمِنَ الْآمِرُ دُونَ الْعَامِلِ، إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ غَيْرُ فِنَائِهِ لِصِحَّةِ الْأَمْرِ حِينَئِذٍ، فَنُقِلَ فِعْلُهُ إلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ ضَمِنَ إذْ لَا غُرُورَ، فَبَقِيَ الْفِعْلُ مُضَافًا إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ إنَّهُ فِنَائِي وَلَيْسَ لِي فِيهِ حَقُّ الْحَفْرِ ضَمِنَ الْعَامِلُ قِيَاسًا إذْ لَا غُرُورَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَضْمَنُ الْآمِرُ اهـ.

زَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إنْ كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ اهـ فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ التَّفْصِيلَ قَبْلَ الْفَرَاغِ أَوْ بَعْدَهُ جَارٍ فِي الْحَفْرِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَافْهَمْ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَفْرِ وَالْإِشْرَاعِ، فَإِنَّ الْأَجِيرَ فِي الْإِشْرَاعِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ ضَمِنَ، وَرَجَعَ عَلَى الْآمِرِ؛ وَفِي الْحَفْرِ لَمْ يَضْمَنْ أَصْلًا هُوَ أَنَّ الْآمِرَ مُتَسَبِّبٌ وَمُشَرِّعُ الْجَنَاحِ مُبَاشِرٌ بِخِلَافِ الْحَافِرِ، فَإِنَّهُ مُتَسَبِّبٌ أَيْضًا وَالْمُتَسَبِّبُ يَضْمَنُ إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا وَالْمُتَعَدِّي هُنَا هُوَ الْآمِرُ فَقَطْ أَتْقَانِيٌّ مُلَخَّصًا وَفِي الْمُغْرِبِ: الْفِنَاءُ سَعَةٌ أَمَامَ الْبُيُوتِ وَقِيلَ مَا امْتَدَّ مِنْ جَوَانِبِهَا (قَوْلُهُ فَمَا أَغَرَّهُ)

ص: 596

قُلْت: وَقَدْ قَدَّمَ هُوَ وَغَيْرُهُ الْقِيَاسَ هُنَا وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُهُ سِيَّمَا عَلَى دَأْبِ صَاحِبِ الْمُلْتَقَى مِنْ تَقْدِيمِهِ الْأَقْوَى فَتَأَمَّلْ

(وَمَنْ حَفَرَ بَالُوعَةً فِي طَرِيقٍ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ أَوْ فِي مِلْكِهِ أَوْ وَضَعَ خَشَبَةً فِيهَا) أَيْ الطَّرِيقِ (أَوْ قَنْطَرَةً بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ) وَكَذَا كُلُّ مَا فُعِلَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ (فَتَعَمَّدَ رَجُلٌ الْمُرُورَ عَلَيْهَا لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْمُبَاشِرِ أَوْلَى مِنْ الْمُتَسَبِّبِ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُتَسَبِّبَ إنَّمَا يَضْمَنُ فِي حَفْرِ الْبِئْرِ وَوَضْعِ الْحَجَرِ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْوَاقِعُ الْمُرُورَ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى.

وَفِيهِ حَفَرَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْفَيَافِي لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ الْأَمْصَارِ.

قُلْت: وَبِهَذَا عُرِفَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّرِيقِ فِي الْكُتُبِ الطَّرِيقُ فِي الْأَمْصَارِ دُونَ الْفَيَافِي وَالصَّحَارِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْعُدُولُ عَنْهُ فِي الْأَمْصَارِ غَالِبًا دُونَ الصَّحَارِي (وَلَوْ اسْتَأْجَرَ) رَجُلٌ (أَرْبَعَةً لِحَفْرِ بِئْرٍ لَهُ فَوَقَعَتْ الْبِئْرُ عَلَيْهِمْ) جَمِيعًا (مِنْ حَفْرِهِمْ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ رُبُعُ الدِّيَةِ وَيَسْقُطُ رُبُعُهَا) لِأَنَّ الْبِئْرَ وَقَعَ عَلَيْهِمْ بِفِعْلِهِمْ فَقَدْ مَاتَ مِنْ جِنَايَتِهِ وَجِنَايَةِ أَصْحَابِهِ فَيَسْقُطُ مَا قَابَلَ فِعْلَهُ خَانِيَّةٌ وَغَيْرُهَا.

زَادَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَهَذَا لَوْ الْبِئْرُ فِي الطَّرِيقِ فَلَوْ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ شَيْءٌ لِأَنَّ الْفِعْلَ مُبَاحٌ فَمَا يَحْدُثُ غَيْرُ مَضْمُونٍ اهـ.

ــ

[رد المحتار]

كَذَا وَقَعَ لَهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى وَالْفِعْلُ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: غَرَّهُ خَدَعَهُ اهـ ط (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ) أَيْ التَّقْدِيمُ الْمَأْخُوذُ مَنْ قَدَّمَ تَرْجِيحَهُ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ، وَهَذَا وَإِنْ ظَهَرَ فِي عِبَارَةِ الْمُلْتَقَى لَا يَظْهَرُ فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ خُصُوصًا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فَإِنَّهُمَا يُؤَخِّرَانِ دَلِيلَ الْمُعْتَمَدِ، وَقَدْ أَخَّرَ الِاسْتِحْسَانَ مَعَ دَلِيلِهِ أَفَادَهُ ط

(قَوْلُهُ أَوْ فِي مِلْكِهِ) وَكَذَا إذَا حَفَرَ فِي فِنَاءٍ لَهُ فِيهِ حَقُّ التَّصَرُّفِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَامَّةِ وَلَا مُشْتَرَكًا لِأَهْلِ سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ مُلْتَقًى (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ مَا فُعِلَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ) أَيْ مِنْ إخْرَاجِ الْكَنِيفِ وَالْمِيزَابِ وَالْجُرْصُنِ، وَبِنَاءِ الدُّكَّانِ وَإِشْرَاعِ الرَّوْشَنِ، وَحَفْرِ الْبِئْرِ وَبِنَاءِ الظُّلَّةِ وَغَرْسِ الشَّجَرِ وَرَمْيِ الثَّلْجِ، وَالْجُلُوسِ لِلْبَيْعِ إنْ فَعَلَهُ بِأَمْرِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْأَمْرِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِلَّا ضَمِنَ أَفَادَهُ فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ فَتَعَمَّدَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ وَضَعَ خَشَبَةً إلَخْ قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَيَتَعَيَّنُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مُنْتَفٍ بِالتَّعَمُّدِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ كَانَ الْوَضْعُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ اهـ لَكِنَّهُ يُعْلَمُ بِالْأَوْلَى عَلَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي قَوْلِهِ بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ، أَمَّا قَوْلُهُ فَتَعَمَّدَ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ الْمَعْنَى بِحَذْفِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، وَعِلَّةُ الْأُولَيَيْنِ عَدَمُ التَّعَدِّي فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ مِنْ الْفَيَافِي) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْفَيْفُ الْمَكَانُ الْمُسْتَوِي أَوْ الْمَفَازَةُ لَا مَاءَ فِيهَا كَالْفَيْفَاةِ وَالْفَيْفَاءِ وَيُقْصَرُ جَمْعُهُ أَفْيَافٌ وَفُيُوفٌ وَفَيَافٍ اهـ.

(قَوْلُ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الِارْتِفَاقَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ نُزُولًا وَرَبْطًا لِلدَّابَّةِ وَضَرْبًا لِلْفُسْطَاطِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ السَّلَامَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْمُرُورِ عَلَى النَّاسِ، فَكَانَ لَهُ حَقُّ الِارْتِفَاقِ مِنْ حَيْثُ الْحَفْرُ لِلطَّبْخِ أَوْ الِاسْتِقَاءِ فَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الْمُجْتَبَى، وَقَدْ نُقِلَ فِي الْمُجْتَبَى عَنْ بَعْضِ الْكُتُبِ تَقْيِيدُ الْحَفْرِ فِي الْفَيَافِي بِمَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَمَرِّ النَّاسِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ كِتَابٍ آخَرَ، بِدُونِ هَذَا الْقَيْدِ ثُمَّ قَالَ: قُلْت وَبِهَذَا عُرِفَ إلَخْ فَالْإِشَارَةُ إلَى مَا نَقَلَهُ ثَانِيًا، وَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَضْمَنُ لَوْ حَفَرَ فِي مَحَجَّةِ الطَّرِيقِ بِحَيْثُ يَمُرُّ النَّاسُ وَالدَّوَابُّ عَلَيْهَا لَا إنْ حَفَرَ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً بِحَيْثُ لَا يَمُرُّ عَلَيْهَا، وَهُوَ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، عَنْ الْمُحِيطِ وَعَلَى الثَّانِي: لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا لِإِمْكَانِ الْعُدُولِ مِنْ الْمَارِّ عَنْ مَكَانِ الْحَفْرِ قَالَ ط: وَلَكِنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي نَحْوِ الظُّلْمَةِ وَالْبَهَائِمِ الْمَارَّةِ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (قَوْلُهُ مِنْ حَفْرِهِمْ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانُوا أَعْوَانًا لَهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْحَافِرُ وَاحِدًا فَانْهَارَتْ عَلَيْهِ مِنْ حَفْرِهِ فَدَمُهُ هَدَرٌ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ خَانِيَّةٌ) عِبَارَتُهَا؛ لِأَنَّ الْبِئْرَ وَقَعَ بِفِعْلِهِمْ، وَكَانُوا مُبَاشِرِينَ وَالْمَيِّتُ مُبَاشِرٌ أَيْضًا إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ شَيْءٌ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت التَّصْرِيحَ بِأَنَّ ذَلِكَ قَتْلٌ مُبَاشَرَةً، فَيَسْتَوِي فِيهِ

ص: 597