الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ اهـ فَرَاجِعْهُ (كَمَا) يَصِحُّ (لَوْ ضَحَّى بِشَاةِ الْغَصْبِ) إنْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا حَيَّةً؛ كَمَا إذَا بَاعَهَا وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَ لِصَاحِبِهَا قِيمَتَهَا هِدَايَةٌ لِظُهُورِ أَنَّهُ مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ (لَا الْوَدِيعَةِ وَإِنْ ضَمِنَهَا) لِأَنَّ سَبَبَ ضَمَانِهِ هُنَا بِالذَّبْحِ وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ بَعْدَ تَمَامِ السَّبَبِ وَهُوَ الذَّبْحُ فَيَقَعُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ.
قُلْت: وَيَظْهَرُ أَنَّ الْعَارِيَّةَ كَالْوَدِيعَةِ وَالْمَرْهُونَةَ كَالْمَغْصُوبَةِ لِكَوْنِهَا مَضْمُونَةً بِالدَّيْنِ، وَكَذَا الْمُشْتَرَكَةُ فَلْيُرَاجَعْ.
[فُرُوعٌ]
لَوْنُ أُضْحِيَّتِهِ عليه الصلاة والسلام سَوْدَاءُ
.
ــ
[رد المحتار]
مَا قَدَّمْنَا عَنْ الْأَتْقَانِيِّ أَنَّ الْعَمْدَ لَا يُشْبِهُ الْغَلَطَ.
وَأَمَّا لَوْ ذَبَحَهَا عَنْ الْمَالِكِ وَقَعَتْ عَنْ الْمَالِكِ، وَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ أَيْضًا؟ لَمْ أَرَهُ، وَالظَّاهِرُ نَعَمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ كَمَا يَصِحُّ) أَيْ عَنْ الذَّابِحِ (قَوْلُهُ إنْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا حَيَّةً لِظُهُورِ إلَخْ) كَذَا فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ زِيَادَةٌ يَجِبُ إسْقَاطُهَا إذْ لَا مَعْنَى لَهَا هُنَا سِوَى قَوْلِهِ كَمَا إذَا بَاعَهَا أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ إذَا ضَمَّنَهُ الْمَالِكُ لِوُقُوعِ الْمِلْكِ مُسْتَنِدًا، وَأَفَادَ أَنَّ الْمَالِكَ لَهُ أَخْذُهَا مَذْبُوحَةً. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: غَصَبَ شَاةً فَضَحَّى بِهَا عَنْ نَفْسِهِ لَا تُجْزِئُهُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَلَا عَنْ صَاحِبِهَا لِعَدَمِ الْإِذْنِ، ثُمَّ إنْ أَخَذَهَا صَاحِبُهَا مَذْبُوحَةً وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ فَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ عَنْهُمَا وَعَلَى كُلٍّ أَنْ يُضَحِّيَ بِأُخْرَى، وَإِنْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا حَيَّةً تُجْزِئُ عَنْ الذَّابِحِ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ فَصَارَ ذَابِحًا شَاةً هِيَ مِلْكُهُ فَتُجْزِيه وَلَكِنَّهُ يَأْثَمُ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ فِعْلِهِ وَقَعَ مَحْظُورًا فَيَلْزَمُهُ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ اهـ. أَقُولُ: وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ عَنْ الْأَشْبَاهِ وَالزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّهُ إنْ ضَمَّنَهُ وَقَعَتْ عَنْ الذَّابِحِ وَإِلَّا فَعَنْ الْمَالِكِ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا أَعَدَّهَا صَاحِبُهَا لِلْأُضْحِيَّةِ فَيَكُونُ الذَّابِحُ مَأْذُونًا دَلَالَةً كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ وَهُنَا فِي غَيْرِهِ، وَلِذَا عَبَّرُوا هُنَا بِشَاةِ الْغَصْبِ وَلَمْ يُعَبِّرُوا بِأُضْحِيَةِ الْغَيْرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِظُهُورِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِتَقْيِيدِ الصِّحَّةِ بِالضَّمَانِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَقِيلَ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا أَدَّى الضَّمَانَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ فَيَقَعُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ) بِخِلَافِ الْغَصْبِ لِظُهُورِ الْمِلْكِ فِيهِ مُسْتَنِدًا كَمَا مَرَّ، وَلِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ هُنَا بَحْثٌ مَذْكُورٌ مَعَ جَوَابِهِ فِي الْمِنَحِ
(قَوْلُهُ قُلْت وَيَظْهَرُ إلَخْ) قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: الْمُرَادُ الْوَدِيعَةِ كُلُّ شَاةٍ كَانَتْ أَمَانَةً كَمَا فِي الْفَيْضِ عَنْ الزَّنْدَوَسْتِيِّ اهـ ح وَفِي الْبَدَائِعِ: وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته فِي الْوَدِيعَةِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ بِأَنْ اسْتَعَارَ نَاقَةً أَوْ ثَوْرًا أَوْ بَعِيرًا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ فَضَحَّى بِهِ أَنَّهُ لَا يُجْزِيه عَنْ الْأُضْحِيَّةَ سَوَاءٌ أَخَذَهَا الْمَالِكُ، أَوْ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُهَا بِالذَّبْحِ فَصَارَ كَالْوَدِيعَةِ اهـ. وَزَادَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ النَّظْمِ: الْمُسْتَبْضِعُ وَالْمُرْتَهِنُ وَالْوَكِيلُ بِشِرَاءِ الشَّاةِ وَالْوَكِيلُ بِحِفْظِ مَالِهِ إذَا ضَحَّى بِشَاةِ مُوَكِّلِهِ وَالزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ إذَا ضَحَّى بِشَاةِ صَاحِبِهِ بِلَا إذْنِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَرْهُونَةُ كَالْمَغْصُوبَةِ) مُخَالِفٌ لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّهَا كَالْوَدِيعَةِ، وَكَذَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا، لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ: إذَا ضَحَّى الْمُرْتَهِنُ بِالشَّاةِ الْمَرْهُونَةِ لَا يَجُوزُ. وَقَالَ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ: يَجُوزُ وَلَوْ ضَحَّى بِهَا الرَّاهِنُ يَجُوزُ اهـ خَانِيَّةٌ. وَفِي الْبَدَائِعِ: وَلَوْ كَانَ مَرْهُونًا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِلْكًا لَهُ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْغَصْبِ بَلْ أَوْلَى، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ فَصَّلَ فَقَالَ: إنْ كَانَ قَدْرُ الدَّيْنِ يَجُوزُ، وَإِنْ أَكْثَرَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّ بَعْضَهُ مَضْمُونٌ وَبَعْضَهُ أَمَانَةٌ، فَفِي قَدْرِ الْأَمَانَةِ إنَّمَا يَضْمَنُهُ بِالذَّبْحِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْمُشْتَرَكَةُ) يَعْنِي أَنَّهَا أَمَانَةٌ لِظُهُورِ أَنَّ نَصِيبَ شَرِيكِهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ اهـ ح أَيْ فَلَا تُجْزِي كَالْوَدِيعَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ شَاةٌ وَاحِدَةٌ مُشْتَرَكَةٌ، بِخِلَافِ شَاتَيْنِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ضَحَّيَا بِهِمَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا يَذْكُرُهُ قَرِيبًا
[فُرُوعٌ لَوْنُ أُضْحِيَّتِهِ عليه الصلاة والسلام سَوْدَاءُ]
(قَوْلُهُ لَوْنُ أُضْحِيَّتِهِ عليه الصلاة والسلام سَوْدَاءُ) فِيهِ حَمْلُ الْعَيْنِ عَلَى الْعَرْضِ اهـ ح. وَأَجَابَ ط بِأَنَّهُ أَنَّثَهُ نَظَرًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ
نَذَرَ عَشْرَ أُضْحِيَّاتٍ لَزِمَهُ ثِنْتَانِ لِمَجِيءِ الْأَثَرِ بِهَا خَانِيَّةٌ، وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْكُلِّ لِإِيجَابِهِ مَا لِلَّهِ مِنْ جِنْسِهِ إيجَابٌ شَرْحٌ وَهْبَانِيَّةٌ.
قُلْت: وَمَفَادُهُ لُزُومُ النَّذْرِ بِمَا ضَمِنَ جِنْسَهُ وَاجِبٌ اعْتِقَادِيٌّ أَوْ اصْطِلَاحِيٌّ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَلْيُحْفَظْ.
ــ
[رد المحتار]
أَقُولُ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا سَوْدَاءُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ وَهْبَانَ فِي شَرْحِهِ أَوْقَعَهُ فِيهِ التَّحْرِيفُ. وَالصَّوَابُ أَنَّهَا بَيْضَاءُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، وَسَنَذْكُرُ كَلَامَهُ عِنْدَ النَّظْمِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْهِدَايَةِ: قَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ» اهـ وَالْوِجَاءُ عَلَى وَزْنِ فِعَالٍ: نَوْعٌ مِنْ الْخِصَاءِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَاخْتَلَفَ فِي الْأَمْلَحِ، فَفِي أَبِي السُّعُودِ عَنْ فَتْحِ الْبَارِي لِابْنِ حَجَرٍ: هُوَ الَّذِي بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ وَيُقَالُ هُوَ الْأَغْبَرُ وَهُوَ قَوْلُ الْأَصْمَعِيِّ وَزَادَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ الَّذِي فِي خَلَلِ صُوفِهِ طَبَقَاتٌ سُودٌ، وَيُقَالُ الْأَبْيَضُ الْخَالِصُ، قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، وَبِهِ تَمَسَّك الشَّافِعِيَّةُ فِي تَفْضِيلِ الْأَبْيَضِ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَقِيلَ الَّذِي يَعْلُوهُ حُمْرَةٌ وَقِيلَ الَّذِي يَنْظُرُ فِي سَوَادٍ وَيَأْكُلُ فِي سَوَادٍ وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ وَيُبْرَكُ فِي سَوَادٍ: أَيْ إنَّ مَوَاضِعَ هَذِهِ مِنْهُ سَوَادٌ وَمَا عَدَاهُ أَبْيَضُ اهـ. أَقُولُ: وَفِي الْبَدَائِعِ: أَفْضَلُ الشَّاءِ أَنْ يَكُونَ كَبْشًا أَمْلَحَ أَقْرَنَ مَوْجُوءًا وَالْأَقْرَنُ: الْعَظِيمِ الْقَرْنِ. وَالْأَمْلَحُ: الْأَبْيَضُ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَبْيَضُ الْخَالِصُ فَيُوَافِقُ قَوْلَ الشَّافِعِيَّةِ، وَفَسَّرَهُ فِي الْعِنَايَةِ وَالْكِفَايَةِ بِالْأَبْيَضِ الَّذِي فِيهِ شَعَرَاتٌ سُودٌ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْقَامُوسِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الْبَدَائِعِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ ثِنْتَانِ) عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ قَالُوا: لَزِمَهُ ثِنْتَانِ (قَوْلُهُ مَجِيءُ الْأَمْرِ بِهِمَا) الَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا الْأَثَرُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ» قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ: قَدْ يُقَالُ لَمَّا بَيَّنَ عليه الصلاة والسلام أَنَّ أَحَدَهُمَا عَنْهُ وَعَنْ آلِهِ وَالْآخَرَ عَنْ أُمَّتِهِ لَمْ يَقْضِ بِثِنْتَيْنِ عَلَى شَخْصٍ بِالسُّنِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْكُلِّ) كَذَا صَحَّحَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَنَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ وَسَيَأْتِي فِي النَّظْمِ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِالْعَشْرِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَبَعْدَهَا يَتَصَدَّقُ بِهَا حَيَّةً لَوْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ مَتْنًا. قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ: وَأَقُولُ فِي صِحَّةِ إلْزَامِهِ بِثِنْتَيْنِ أَوْ بِعَشْرٍ تَأَمُّلٌ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ مِثْلُ إلْزَامِهِ عَلَى نَفْسِهِ الظُّهْرَ عَشْرًا فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ مَا أَوْجَبَهُ تَعَالَى، لِأَنَّ نَذْرَ ذَاتِ الْوَاجِبِ وَتَعَدُّدِهِ لَيْسَ صَحِيحًا نَعَمْ نَذَرَ مِثْلَهُ كَقَوْلِهِ نَذَرْت ذَبْحَ عَشْرِ شِيَاهٍ وَقْتَ كَذَا يَصِحُّ وَيَلْغُو ذِكْرُ الْوَقْتِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ: لَوْ قَالَ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيَّ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ مَرَّتَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ غَيْرُ الْمَشْرُوعِ مَعَ أَنَّ الْحَجَّ نَفْلًا مَشْرُوعٌ وَلَكِنْ لَا يُسَمَّى حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةَ لَمْ تُشْرَعْ لَازِمَةً إلَّا وَاحِدَةً فَنَذْرُ تَعَدُّدِهَا إلْزَامُ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ وُجُوبًا فَلَا يَلْزَمُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ إنَّ كُتُبَ الْمَذْهَبِ طَافِحَةٌ بِصِحَّةِ النَّذْرِ بِالْأُضْحِيَّةِ مِنْ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْغَنِيَّ إذَا قَصَدَ بِالنَّذْرِ الْإِخْبَارَ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَكَانَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ لَزِمَهُ وَاحِدَةٌ وَإِلَّا فَثِنْتَانِ.
ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ اسْمٌ لِشَاةٍ مَثَلًا تُذْبَحُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَاجِبَةً كَانَتْ أَوْ تَطَوُّعًا، فَإِذَا نَذَرَ أُضْحِيَّةً لَمْ تَنْصَرِفْ إلَى الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَنْوِ بِالنَّذْرِ الْإِخْبَارَ، كَمَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ حَجَّةٌ، وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: يَلْزَمُهُ أُخْرَى إلَّا إذَا عَنِيَ بِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ اهـ، فَإِذَا نَذَرَ عَشْرَ أُضْحِيَّاتٍ لَمْ يَحْتَمِلْ الْإِخْبَارَ عَنْ الْوَاجِبِ أَصْلًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ الْغَنِيَّ لَوْ نَذَرَ قَبْلَ أَيَّامِ النَّحْرِ أَنْ يُضَحِّيَ شَاةً لَزِمَهُ شَاتَانِ إحْدَاهُمَا بِالنَّذْرِ وَالْأُخْرَى بِالْغِنَى لِعَدَمِ
غَنَمٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ضَحَّيَا بِهَا جَازَ؛ بِخِلَافِ الْعِتْقِ لِصِحَّةِ قِسْمَةِ الْغَنَمِ لَا الرَّقِيقِ. ضَحَّى بِثِنْتَيْنِ فَالْأُضْحِيَّةُ كِلَاهُمَا، وَقِيلَ الزَّائِدُ لَحْمٌ؛ وَالْأَفْضَلُ الْأَكْثَرُ قِيمَةً، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْأَكْثَرُ لَحْمًا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَأَطْيَبُهُمَا، وَلَوْ ضَحَّى بِالْكُلِّ فَالْكُلُّ فَرْضٌ كَأَرْكَانِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الْفَرْضَ مِنْهَا مَا يَنْطَلِقُ الِاسْمُ عَلَيْهِ، فَإِذَا طَوَّلَهَا يَقَعُ الْكُلُّ فَرْضًا مُجْتَبًى.
شَرَى أُضْحِيَّةً وَأَمَرَ رَجُلًا بِذَبْحِهَا فَقَالَ تَرَكْت التَّسْمِيَةَ عَمْدًا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا لِيَشْتَرِيَ الْآمِرُ بِهَا أُخْرَى وَيُضَحِّيَ، وَيَتَصَدَّقُ وَلَا يَأْكُلُ
ــ
[رد المحتار]
احْتِمَالِ الصِّيغَةِ الْإِخْبَارَ عَنْ الْوَاجِبِ إذْ لَا وُجُوبَ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَكَذَا لَوْ نَذَرَ وَهُوَ فَقِيرٌ ثُمَّ اسْتَغْنَى وَهُنَا كَذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْعَشْرِ فَتَلْزَمُهُ الْعَشْرُ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مِنْ جِنْسِهَا وَاجِبٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ اسْمٌ لِلْفِعْلِ الْمَخْصُوصِ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِيَّةِ فَإِذَا قَالَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْمَرَّةَ لَازِمَةٌ قَبْلَ النَّذْرِ وَالثَّانِيَةَ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهَا حَجَّةَ الْإِسْلَامِ الَّتِي هِيَ فَرْضُ الْعُمُرِ، وَمِثْلُهُ نَذَرَ رَمَضَانَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةَ الَّتِي تُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبِ وَالتَّطَوُّعِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَبَيْنَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَصَوْمِ رَمَضَانَ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ أَظْهَرُ مِنْ الشَّمْسِ، وَحَيْثُ عَلِمْت أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ اسْمٌ لِمَا يُذْبَحُ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلْغَاءُ الْوَقْتِ، فَإِذَا نَذَرَهَا يَلْزَمُ فِعْلُهَا فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتَيَا بِالْمَنْذُورِ لِأَنَّهَا بَعْدَهَا لَا تُسَمَّى أُضْحِيَّةً وَلِذَا يَتَصَدَّقُ بِهَا حَيَّةً إذَا خَرَجَ وَقْتُهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَذَرَ ذَبْحَ شَاةٍ فِي وَقْتِ كَذَا يَلْغُو ذِكْرُ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ وَصْفٌ زَائِدٌ عَلَى مُسَمَّى الشَّاةِ وَلِذَا أَلْغَى عُلَمَاؤُنَا تَعْيِينَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةَ فَإِنَّ الْوَقْتَ قَدْ جُعِلَ جُزْءًا مِنْ مَفْهُومِهَا فَلَزِمَ اعْتِبَارُهُ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ نَذَرَ هَدْيَ شَاةٍ فَإِنَّهُمْ قَالُوا إنَّمَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْعُهْدَةِ ذَبْحُهَا فِي الْحَرَمِ وَالتَّصَدُّقُ بِهَا هُنَاكَ مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِدِرْهَمٍ عَلَى فُقَرَاءِ مَكَّةَ لَهُ التَّصَدُّقُ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِكَوْنِ الْهَدْيِ اسْمًا لِمَا يُهْدَى إلَى مَكَّةَ وَيُتَصَدَّقُ بِهِ فِيهَا
فَقَدْ جَعَلَ الْمَكَانَ جُزْءًا مِنْ مَفْهُومِهِ كَالزَّمَانِ فِي الْأُضْحِيَّةَ فَإِذَا تَصَدَّقَ بِهِ فِي غَيْرِ مَكَّةَ لَمْ يَأْتِ بِمَا نَذَرَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِالدِّرْهَمِ فِيهَا فَإِنَّ الْمَكَانَ لَمْ يُجْعَلْ جُزْءًا مِنْ مَفْهُومِ الدِّرْهَمِ فَإِنَّ الدِّرْهَمَ دِرْهَمٌ سَوَاءٌ تَصَدَّقَ بِهِ فِي مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا بِخِلَافِ الْهَدْيِ، فَقَدْ ظَهَرَ وَجْهُ تَصْحِيحِ الْعَشْرِ وَوَجْهُ لُزُومِ ذَبْحِهَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْفَائِدَةَ الْجَلِيلَةَ، الَّتِي هِيَ مِنْ نَتَائِجِ فِكْرَتِي الْعَلِيلَةِ؛ فَإِنِّي لَمْ أَرَهَا فِي كِتَابٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ
(قَوْلُهُ غَنَمٌ) الَّذِي فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهَا شَاتَانِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ إلَخْ) أَيْ لَوْ كَانَ عَبْدَانِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا كَفَّارَتَانِ فَأَعْتَقَاهُمَا عَنْ كَفَارَتَيْهِمَا لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الْأَنْصِبَاءَ تَجْتَمِعُ فِي الشَّاتَيْنِ لَا الرَّقِيقِ بِدَلِيلِ جَرَيَانِ الْجَبْرِ فِي قِسْمَةِ الْغَنَمِ دُونَ الرَّقِيقِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ فَالْأُضْحِيَّةُ كِلَاهُمَا) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَلَوْ ضَحَّى بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَالْوَاحِدَةُ فَرِيضَةٌ وَالزِّيَادَةُ تَطَوُّعٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَحْمٌ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ كِلَاهُمَا اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الزَّائِدُ لَحْمٌ) أَيْ وَلَا يَصِيرُ أُضْحِيَّةً تَطَوُّعًا خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ إلَخْ) أَيْ الْأَكْثَرُ ثَوَابًا، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ ضَحَّى بِالْكُلِّ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ لَوْ ضَحَّى بِبَدَنَةٍ يَكُونُ الْوَاجِبُ كُلُّهَا لَا سُبُعُهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مُوسِرًا ضَحَّى بِبَدَنَةٍ عَنْ نَفْسِهِ خَاصَّةً كَانَ الْكُلُّ أُضْحِيَّةً وَاجِبَةً عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ قَبْلَهُ بِأَسْطُرٍ لَوْ ضَحَّى الْغَنِيُّ بِشَاتَيْنِ فَالزِّيَادَةُ تَطَوُّعٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ كَانَ الْكُلُّ أُضْحِيَّةً وَاجِبَةً، وَلَا يَحْصُلُ تَكْرَارٌ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَافْهَمْ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ أَنَّ التَّضْحِيَةَ بِشَاتَيْنِ تَحْصُلُ بِفِعْلَيْنِ مُنْفَصِلِينَ وَإِرَاقَةِ دَمَيْنِ فَيَقَعُ الْوَاجِبُ إحْدَاهُمَا فَقَطْ وَالزَّائِدَةُ تَطَوُّعٌ بِخِلَافِ الْبَدَنَةِ فَإِنَّهَا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَإِرَاقَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَقَعُ كُلُّهَا وَاجِبًا، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ فَالْكُلُّ فَرْضٌ) أَيْ عَمَلِيٌّ ح
(قَوْلُهُ وَلَا يَأْكُلُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي ذِمَّتِهِ غَيْرَ مُتَعَيِّنَةٍ عَلَيْهِ، حَتَّى جَازَ
لَوْ أَيَّامُ النَّحْرِ بَاقِيَةً وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ خَانِيَّةٌ.
وَفِيهَا أَرَادَ التَّضْحِيَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ مَعَ يَدِ الْقَصَّابِ فِي الذَّبْحِ وَأَعَانَهُ عَلَى الذَّبْحِ سَمَّى كُلٌّ وُجُوبًا، فَلَوْ تَرَكَهَا أَحَدُهُمَا أَوْ ظَنَّ أَنَّ تَسْمِيَةَ أَحَدِهِمَا تَكْفِي حُرِّمَتْ، وَهِيَ تَصْلُحُ لُغْزًا فَيُقَالُ: أَيُّ شَاةٍ لَا تَحِلُّ بِالتَّسْمِيَةِ مَرَّةً بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُسَمَّى عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ؟ وَقَدْ نَظَمَهُ شَيْخُنَا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فَقَالَ:
أَيُّ ذَبْحٍ لَا بُدَّ لِلْحِلِّ فِيهِ
…
أَنْ يُثَنَّى بِذِكْرِ ذِي التَّنْزِيهِ
فَأَجِبْ عَنْهُ بِالْقَرِيضِ فَإِنَّا
…
لَا نَرَاهُ نَثْرًا وَلَا نَرْتَضِيه
فَقُلْت فِي الْجَوَابِ:
خُذْ جَوَابًا نَظْمًا كَمَا نَبْتَغِيه
…
مِنْ فَقِيهٍ يَرْوِيهِ عَنْ فَقِيهِ
هِيَ شَاةٌ فِي ذَبْحِهَا اشْتَرَكَ اثْنَانِ
…
فَتَكْرَارُ الذِّكْرِ شَرْطٌ كَمَا تَرْوِيهِ
ذَاكَ ذَبْحُ قَصَّابِهِ وَضَعَ الْيَدَ
…
مَعَ الصَّاحِبِ الَّذِي يَرْتَجِيه
فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ
…
يَذْكُرَ اللَّهَ جَلَّ عَنْ تَشْبِيهِ
وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهَا قَالَ:
وَلَوْ ذَبَحَا شَاةً مَعًا ثُمَّ وَاحِدٌ
…
أَخَلَّ بِبَسْمِ اللَّهِ فَالشَّاةُ تُهْجَرُ
ــ
[رد المحتار]
لَهُ أَنْ يُبَدِّلَهَا بِغَيْرِهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ ط (قَوْلُهُ لَوْ أَيَّامُ النَّحْرِ بَاقِيَةٌ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ لِيَشْتَرِيَ وَمَا بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ وَإِلَّا) بِأَنْ مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ لَا يَشْتَرِي بِالْقِيمَةِ غَيْرَهَا لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ عُهِدَتْ قُرْبَةً فِي أَيَّامِ النَّحْرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ خَانِيَّةٌ) وَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَنَظَمَهَا ابْنُ وَهْبَانَ وَابْنُ الشِّحْنَةِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ وَجْهَ عَدَمِ الْأَكْلِ مِنْهَا. وَلَا يُقَالُ إنَّ أَخْذَ قِيمَتِهَا كَبَيْعِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَدَلُ أُضْحِيَّةٍ إذْ هِيَ مَيْتَةٌ، عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِالدَّرَاهِمِ كَمَا لَوْ بَاعَ لَحْمَ أُضْحِيَّتِهِ كَمَا مَرَّ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مَنْذُورَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ فَلَوْ تَرَكَهَا) أَيْ التَّسْمِيَةَ الْمَفْهُومَةَ مِنْ سَمَّى (قَوْلُهُ وَقَدْ نَظَمَهُ شَيْخُنَا إلَخْ) قَدْ نَظَمَهُ أَيْضًا الْمُصَنِّفُ فِي مِنَحِهِ سُؤَالًا وَجَوَابًا لَكِنَّهُ ارْتَكَبَ فِيهِ ضَرُورَاتٍ لَا تُرْتَكَبُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ اخْتِلَالِ النَّظْمِ فِي بَعْضِ الْأَبْيَاتِ (قَوْلُهُ أَنْ يُثَنَّى) مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ نَائِبُ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ بِالْقَرِيضِ) أَيْ الشِّعْرِ (قَوْلُهُ فَقُلْت فِي الْجَوَابِ إلَخْ) الشَّطْرُ الْأَوَّلُ وَالْبَيْتُ الثَّانِي بِتَمَامِهِ مِنْ نَظْمِ صَاحِبِ الْمِنَحِ، وَالْبَاقِي مِنْ نَظْمِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ نَظْمِهِ السُّؤَالَ السَّابِقَ وَقُلْت فِي الْجَوَابِ:
خُذْ جَوَابًا لَا نَقْدَ يُوجَدُ فِيهِ
…
مِنْ فَقِيهٍ مَرْوِيِّهِ عَنْ فَقِيهِ
ذَاكَ ذَبْحُ قَصَّابِهِ وَضَعَ الْيَدَ
…
مَعَ الصَّاحِبِ الَّذِي يَرْتَجِيه
(قَوْلُهُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إلَخْ) وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الشَّارِحَ لَيْسَ لَهُ مِنْ الْجَوَابِ سِوَى التَّلْفِيقِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامِ شَيْخِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُوَارَدَةِ (قَوْلُهُ هِيَ شَاةٌ إلَخْ) يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ هَذَا الْبَيْتِ بَيْتٌ آخَرُ وَهُوَ ذَاكَ ذَبْحُ إلَى آخِرِ الْبَيْتِ الْمَارِّ عَنْ الرَّمْلِيِّ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْسَبَ، لِأَنَّ قَوْلَهُ هِيَ شَاةٌ إلَخْ غَيْرُ مَوْزُونٍ، وَلِئَلَّا يُسْتَدْرَكَ قَوْلُهُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إلَخْ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْدِ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى مَا أَفَادَهُ
(قَوْلُهُ هِيَ شَاةٌ إلَخْ) بَلْ لَوْ اقْتَصَرَ الشَّارِحُ فِي الْجَوَابِ عَلَى الْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَأَبْدَلَ قَوْلَهُ شَرْطٌ كَمَا نَرْوِيه الَّذِي اخْتَلَّ بِهِ النَّظْمُ بِقَوْلِهِ شَرْطٌ نَعِيه أَوْ شَرْطٌ فِيهِ لَاسْتَقَامَ الْوَزْنُ وَأَغْنَاهُ عَمَّا بَعْدَهُ، وَكَأَنَّهُ قَصَدَ ذِكْرَ الْجَوَابِ مَرَّتَيْنِ، لِأَنَّ الْبَيْتَ الْأَوَّلَ مَعَ الثَّانِي جَوَابٌ وَالْبَيْتُ الثَّالِثُ الَّذِي فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَعَ الرَّابِعِ جَوَابٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهَا) لَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ مِنْ نَظْمِ ابْنِ وَهْبَانَ بِلَا تَغْيِيرٍ سِوَى الْبَيْتِ الثَّانِي وَالْأَخِيرِ، وَمَا عَدَاهُمَا تَصَرَّفَ فِيهِ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَأَصْلَحَهُ
وَإِنْ يَشْتَرِي مِنْهَا ثَلَاثًا ثَلَاثَةً
…
وَأَشْكَلَ فَالتَّوْكِيلُ بِالذَّبْحِ يُذْكَرُ
وَكِيلُ شِرَاءِ الشَّاةِ لِلْعَنْزِ إنْ شَرَى
…
يَصِحُّ خِلَافُ الْعَكْسِ وَالْقَوْدُ يُخْسَرُ
وَلَوْ قَالَ سَوْدَاء فَغَيْرُ صَحٍّ لَا
…
إذَا كَانَ فِي قَرْنَاءَ عَيْنًا يُغَيَّرُ
بِثِنْتَيْنِ مِمَّنْ يَنْذُرُ الْعُشْرَ أَلْزَمُوا
…
وَتَصْحِيحُ إيجَابِ الْجَمِيعِ مُحَرَّرُ
وَعَنْ مَيِّتٍ بِالْأَمْرِ الْزَمْ تَصَدُّقًا
…
وَإِلَّا فَكُلْ مِنْهَا وَهَذَا الْمُخْبَرُ
وَمِنْ مَالِ طِفْلٍ فَالصَّحِيحُ سُقُوطُهَا
…
وَعَنْ أَبِهِ فِي حَقِّهِ وَهُوَ أَظْهَرُ
وَوَاهِبُ شَاةٍ رَاجِعٌ بَعْدَ ذَبْحِهَا
…
فَيُجْزِئُ مَنْ ضَحَّى عَلَيْهَا وَيُؤْجَرُ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَإِنْ يَشْتَرِي) بِإِثْبَاتِ حَرْفِ الْعِلَّةِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الشَّاةِ أَوْ الْأَضَاحِيِّ (قَوْلُهُ وَأُشْكِلَ) بِأَنْ اخْتَلَطَتْ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ مَا لِكُلٍّ (قَوْلُهُ فَالتَّوْكِيلُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ: يَنْبَغِي أَنْ يُوَكِّلَ كُلُّ وَاحِدٍ أَصْحَابَهُ بِالذَّبْحِ؛ حَتَّى لَوْ ذَبَحَ شَاةَ نَفْسِهِ جَازَ، وَلَوْ ذَبَحَ عَنْ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ جَازَ أَيْضًا اهـ شَارِحٌ (قَوْلُهُ يُذْكَرُ) الَّذِي فِي الْوَهْبَانِيَّةِ يُحْسَرُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَيَجُوزُ فِيهِ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ، مِنْ حَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ إذَا كَشَفَ اهـ شَارِحٌ
(قَوْلُهُ لِلْعَنْزِ) اللَّامُ لِلتَّقْوِيَةِ وَهِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى مَعْمُولٍ تَقَدَّمَ عَلَى عَامِلِهِ وَهُوَ هُنَا شَرَى، مِثْلُ - {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43]- (قَوْلُهُ يَصِحُّ) لِأَنَّ الشَّاةَ اسْمُ جِنْسٍ يَتَنَاوَلُ الضَّأْنَ وَالْمَعْزَ شَارِحٌ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ خِلَافُ الْعَكْسِ) أَيْ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَنْزٍ فَاشْتَرَى شَاةً مِنْ الضَّأْنِ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَارِحٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالْقَوْدُ يُخْسَرُ) أَيْ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ مَنْ يَقُودُهَا بِدِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ ظَهِيرِيَّةٌ اهـ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ سَوْدَاء) بِالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ لِلضَّرُورَةِ، وَالضَّمِيرُ فِي كَانَ لِلْقَوْلِ، وَقَرْنَاءُ بِالْمَدِّ وَعَيْنَا بِالْقَصْرِ. وَالْأَقْرَنُ: الْعَظِيمُ الْقَرْنِ. وَالْأَعْيَنُ: مَا عَظُمَ سَوَادُ عَيْنَيْهِ فِي سَعَةٍ. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ: وَالْبَيْتُ مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ. وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ بَقَرَةٍ سَوْدَاءَ لِلْأُضْحِيَّةٍ فَاشْتَرَى بَيْضَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ أَوْ بَلْقَاءَ وَهِيَ الَّتِي اجْتَمَعَ فِيهَا السَّوَادُ وَالْبَيَاضُ لَزِمَ الْآمِرُ وَإِنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ كَبْشٍ أَقْرَنَ أَعْيَنَ لِلْأُضْحِيَّةٍ فَاشْتَرَى أَجَمَّ لَيْسَ أَعْيَنَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُرْغَبُ لِلْأُضْحِيَّةِ فَخَالَفَ أَمْرَهُ.
قَالَ النَّاظِمُ: يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا أَمَرَهُ بِشِرَاءِ بَيْضَاءَ فَاشْتَرَى سَوْدَاءَ أَنْ لَا يَقَعَ لِلْآمِرِ. قُلْت: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ أَسْقَطَ الْكَاتِبُ لَا النَّافِيَةَ مِنْ نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ ابْنُ الشِّحْنَةِ يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُ النَّاظِمِ لِأَنَّ لَوْنَ أُضْحِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَبْيَضَ وَلِأَنَّهُ أَحْسَنُ الْأَلْوَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ مَوْلَاةِ وَرَقَةَ بِنْتِ سَعْدٍ أَنَّهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «دَمُ عَفْرَاءَ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاءَ» وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: دَمُ بَيْضَاءَ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاءَ اهـ فَالدَّلِيلُ يُخَالِفُ مُدَّعَاهُ بِإِسْقَاطِ لَا النَّافِيَةِ لِأَنَّ الْبَيَاضَ أَزْكَى مِنْ غَيْرِهِ، وَالْعَفْرَاءُ أَزْكَى مِنْ السَّوْدَاءِ فَكَيْفَ يَلْزَمُ بِالْآمِرِ مَعَ الْمُخَالَفَةِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ بِثِنْتَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَلْزَمُوا، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ (قَوْلُهُ وَعَنْ مَيِّتٍ) أَيْ لَوْ ضَحَّى عَنْ مَيِّتٍ وَارِثُهُ بِأَمْرِهِ أَلْزَمَهُ بِالتَّصَدُّقِ بِهَا وَعَدَمِ الْأَكْلِ مِنْهَا، وَإِنْ تَبَرَّعَ بِهَا عَنْهُ لَهُ الْأَكْلُ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى مِلْكِ الذَّابِحِ وَالثَّوَابُ لِلْمَيِّتِ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ عَلَى الذَّابِحِ وَاحِدَةٌ سَقَطَتْ عَنْهُ أُضْحِيَّتُهُ كَمَا فِي الْأَجْنَاسِ. قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ: لَكِنْ فِي سُقُوطِ الْأُضْحِيَّةَ عَنْهُ تَأَمُّلٌ اهـ. أَقُولُ: صَرَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ بِلَا أَمْرٍ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْفَاعِلِ فَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ عَنْهُ وَلِلْآخَرِ الثَّوَابُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا الْمُخَيَّرُ) أَيْ الْمُخْتَارُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ سَابِقًا (قَوْلُهُ وَمِنْ مَالِ طِفْلٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ وُجُوبِهَا فِي مَالِ الطِّفْلِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ فِي حَقِّ طِفْلِهِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا، وَقَوْلُهُ وَعَنْ أَبِهِ بِلَا يَاءٍ عَلَى لُغَةِ النَّقْصِ (قَوْلُهُ وَوَاهِبٌ شَاةً إلَخْ) أَيْ لَوْ وَهَبَهُ شَاةً فَضَحَّى