الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الْكِتَابَةِ وَفِيمَا سِوَى دَيْنِ الْكِتَابَةِ قَوْلَانِ سِرَاجِيَّةٌ
قُلْتُ: وَفِي عَتَاقِ الْوَهْبَانِيَّةِ: وَفِي غَيْرِ جِنْسِ الْحَقِّ يَحْبِسُ سَيِّدًا مُكَاتَبُهُ وَالْعَبْدُ فِيهَا مُخَيَّرُ وَلَاءٌ لِأَوْلَادٍ لِزَوْجَيْنِ حُرِّرَا لِمَوْلَى أَبِيهِمْ لَيْسَ لِلْأُمِّ مَعْبَرُ تُوُفِّيَ وَمَا وَفَّى فَإِمَّا لِمَيِّتٍ مِنْ الْوُلْدِ بِعْ وَالْحَيُّ تَسْعَى وَتُحْضِرُ.
أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ بِيعَتْ، وَإِنْ كَانَ اُسْتُسْعِيَتْ عَلَى نُجُومِهِ صَغِيرًا كَانَ وَلَدُهَا أَوْ كَبِيرًا وَعِنْدَهُمَا تَسْعَى مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
كِتَابُ
الْوَلَاءِ
. (هُوَ) لُغَةً: النُّصْرَةُ وَالْمَحَبَّةُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَلْيِ، وَهُوَ الْقُرْبُ، وَشَرْعًا:(عِبَارَةٌ عَنْ التَّنَاصُرِ بِوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ أَوْ بِوَلَاءِ الْمُوَالَاةِ) زَيْلَعِيٌّ (وَمِنْ آثَارِهِ الْإِرْثُ وَالْعَقْلُ) وَوِلَايَةُ النِّكَاحِ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الْوَلَاءَ لَيْسَ نَفْسَ الْمِيرَاثِ
ــ
[رد المحتار]
يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ كَالْبَيْعِ بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ: فِي الْكِتَابَةِ) أَيْ فِي بَدَلِهَا وَ " فِي " لِلسَّبَبِيَّةِ كَمَا فِي «دَخَلَتْ النَّارَ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا» وَإِنَّمَا لَا يُحْبَسُ بِهِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ قَاصِرٌ حَتَّى لَا تَجُوزَ الْكَفَالَةُ بِهِ بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ: وَفِيمَا سِوَى دَيْنِ الْكِتَابَةِ) كَدَيْنِ اسْتِهْلَاكٍ أَوْ دَيْنٍ أَخَذَهُ مِنْ سَيِّدِهِ حَالَ إذْنِهِ ثُمَّ كَاتَبَهُ أَوْ قَرَضَ ط. (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِ جِنْسِ الْحَقِّ إلَخْ) فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ.
الْأُولَى: لَوْ كَانَ الْمَوْلَى اسْتَوْلَى عَلَى مَالِ لِمُكَاتَبِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ وَيَحْبِسُهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ.
الثَّانِيَةُ: مِنْ مَفْهُومِ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ قَاصَصَهُ بِهِ. الثَّالِثَةُ: أَنَّ الْعَبْدَ مُخَيَّرٌ فِي الْكِتَابَةِ، لَهُ فَسْخُهَا بِلَا رِضَا الْمَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَلَاءٌ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ " لِأَوْلَادٍ " مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ نَعْتِ " وَلَاءٌ " وَقَوْلُهُ " لِزَوْجَيْنِ " نَعْتُ " أَوْلَادٍ " وَقَوْلُهُ " حُرِّرَا " بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ: أَيْ أُعْتِقَا نَعْتُ " زَوْجَيْنِ " وَقَوْلُهُ " لِمَوْلَى أَبِيهِمْ " مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ وَقَوْلُهُ " لَيْسَ لِلْأُمِّ " أَيْ لِمَوْلَاهَا خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَ " مَعْبَرٌ " مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مِنْ الْعُبُورِ بِمَعْنَى الدُّخُولِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ، وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِمَا قَبْلَهَا. وَالْمَعْنَى وَلَاءُ أَوْلَادِ الزَّوْجَيْنِ الْمُعْتَقَيْنِ لِمَوَالِي الْأَبِ دُونَ مَوَالِي الْأُمِّ، لِأَنَّ الْأَبَ هُوَ الْأَصْلُ، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا فَالْوَلَاءُ لِمَوَالِيهَا فَإِذَا أُعْتِقَ الْأَبُ جَرَّ الْوَلَاءَ إلَى مَوَالِيهِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ الشِّحْنَةِ. (قَوْلُهُ: تُوُفِّيَ وَمَا وَفَّى) الضَّمِيرَانِ لِلْمُكَاتَبِ، وَأَمَّا مَفْعُولُ " بِعْ " وَ " لِمَيِّتٍ " نَعْتٌ لِإِمَّا وَ " مِنْ الْوُلْدِ " بِضَمِّ الْوَاوِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَيَانٌ لِمَيِّتٍ، وَ " الْحَيُّ " مُبْتَدَأٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ وَأُمُّ الْحَيِّ، وَتَسْعَى خَبَرُهُ وَ " تُحْضِرُ " مِنْ " أَحْضَرَ " أَيْ تُحْضِرُ الْبَدَلَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا تُوُفِّيَ لَا عَنْ وَفَاءٍ وَلَهُ أُمُّ وَلَدٍ قَدْ وُلِدَ فِي كِتَابَةِ أَبِيهِ أَوْ اشْتَرَاهُ مَعَهَا حَتَّى دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا الْوَلَدُ بِأَنْ مَاتَ بِيعَتْ إلَى آخِرِ مَا قَالَ الشَّارِحُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْوَلَاءِ]
أَوْرَدَهُ عَقِبَ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ زَوَالِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ عَقِبَ الْعِتْقِ لِيَكُونَ وَاقِعًا عَقِبَ سَائِرِ أَنْوَاعِهِ. (قَوْلُهُ: مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَلْيِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ اللَّامِ مَصْدَرُ وَلِيَهُ يَلِيهِ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا، وَهُوَ شَاذٌّ كَذَا فِي جَامِعِ اللُّغَةِ ح. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا عُلِمَ إلَخْ) فِيهِ تَعْرِيضٌ بِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ حَيْثُ فَسَّرَهُ بِالْمِيرَاثِ وَتَعْرِيضٌ بِالْمُصَنِّفِ أَيْضًا تَبَعًا لِصَاحِبِ الْحَقَائِقِ، وَلِذَا عَدَلَ عَنْ تَفْسِيرَيْهِمَا بِقَوْلِهِ: بَلْ قَرَابَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَبَعًا لِلْكَنْزِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْإِرْثِ وَالتَّنَاصُرِ كَمَا إذَا أَعْتَقَ كَافِرٌ مُسْلِمًا قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: لَا يَرِثُهُ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لَهُ فِي الْمِلَّةِ وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ
بَلْ قَرَابَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَصْلُحُ سَبَبًا لِلْإِرْثِ (وَسَبَبُهُ الْعِتْقُ عَلَى مِلْكِهِ) لَا الْإِعْتَاقُ لِأَنَّ بِالِاسْتِيلَادِ وَإِرْثِ الْقَرِيبِ يَحْصُلُ الْعِتْقُ بِلَا إعْتَاقٍ، وَأَمَّا حَدِيثُ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَجَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ
(مَنْ عَتَقَ) أَيْ حَصَلَ لَهُ عِتْقٌ (بِإِعْتَاقٍ) فَوَلَاؤُهُ وَلَوْ مِنْ وَصِيَّةٍ (أَوْ بِفَرْعٍ لَهُ) كَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ وَاسْتِيلَادٍ (أَوْ بِمِلْكِ قَرِيبٍ) فَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ (وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مَيِّتًا حَتَّى تَنْفُذَ وَصَايَاهُ وَتُقْضَى دُيُونُهُ) مِنْهُ (وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَهُ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْعِ فَيَبْطُلُ.
(وَمَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَ) الْحَالُ (أَنَّ زَوْجَهَا قِنُّ) الْغَيْرِ (فَوَلَدَتْ) لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ مُذْ عَتَقَتْ (لَا يَنْتَقِلُ وَلَاءُ الْحَمْلِ) الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعِتْقِ (عَنْ مَوَالِي الْأُمِّ أَبَدًا وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدَهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْآخَرَ لِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَبَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ)
ــ
[رد المحتار]
النُّصْرَةِ وَلَا نُصْرَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ قَالَهُ ابْنُ الْكَمَالِ وَسَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُفْضٍ إلَى الدَّوْرِ لِأَخْذِهِ الْوَلَاءَ فِي تَعْرِيفِهِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ قَرَابَةٌ حُكْمِيَّةٌ) أَيْ حَاصِلَةٌ مِنْ الْعِتْقِ أَوْ الْمُوَالَاةِ كَنْزٌ. (قَوْلُهُ: تَصْلُحُ سَبَبًا لِلْإِرْثِ) أَتَى بِلَفْظٍ " تَصْلُحُ " لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْإِرْثِ دَائِمًا كَمَا عَلِمْته آنِفًا، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ النَّسَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: لَا الْإِعْتَاقُ) خِلَافًا لِلْجُمْهُورِ مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَإِنَّ تَرْتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى الْمُشْتَقِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَقَّ مِنْهُ عِلَّةُ الْحُكْمِ وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاشْتِقَاقِ هُوَ مَصْدَرُ الثُّلَاثِيِّ وَهُوَ الْعِتْقُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ بِالِاسْتِيلَادِ) اسْمُ " أَنَّ " ضَمِيرُ الشَّأْنِ مَحْذُوفًا وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ تَكُونَ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدِهِ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ لَا بِإِعْتَاقِهِ ط. (قَوْلُهُ: وَإِرْثِ الْقَرِيبِ) كَمَا لَوْ مَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ مَالِكٌ لِأَخِيهِ لِأُمِّهِ. (قَوْلُهُ: فَجَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَوْ أَنَّ الْقَصْرَ إضَافِيٌّ حَمَوِيٌّ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ لَا لِمَنْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ مِنْ بَائِعٍ وَنَحْوِهِ كَوَاهِبٍ وَمُوصٍ أَبُو السُّعُودِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ وَصِيَّةٍ) كَمَا لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ عَبْدُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا مِنْ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ يُعْتَقَ ح أَيْ لِانْتِقَالِ فِعْلِ الْوَصِيِّ إلَيْهِ زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِفَرْعٍ لَهُ) أَيْ لِلْإِعْتَاقِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْرَأَةً) أَيْ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ امْرَأَةً وَأَتَى بِذَلِكَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مُخَالَفَتِهِ لِلْعَصَبَةِ النَّسَبِيَّةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا أُنْثَى. (قَوْلُهُ: أَوْ ذِمِّيًّا) وَإِنْ كَانَ لَا يَرِثُ الْعَتِيقَ الْمُسْلِمَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَيِّتًا) أَشَارَ بِهِ إلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ حَيْثُ قَالَ لَا يُقَالُ كَيْفَ يَكُونُ الْوَلَاءُ بِالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ لِلسَّيِّدِ، وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ إنَّمَا يَعْتِقَانِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ لِمَا عَرَفْت: أَنَّ الْوَلَاءَ لَيْسَ نَفْسَ الْمِيرَاثِ بَلْ قَرَابَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَصْلُحُ سَبَبًا لَهُ، وَثُبُوتُهَا بِالتَّدْبِيرِ، وَالِاسْتِيلَادِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِتْقِ بِمَوْتِ الْمُدَبِّرِ وَالْمُتَوَلِّدِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمَبْسُوطِ حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ وَالْمُكَاتَبَ وَالْمُسْتَوْلَدَ اسْتَحَقَّ وَلَاءَهُمْ لَمَّا بَاشَرَ السَّبَبَ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ مِيرَاثٌ فَمَعْنَى كَوْنِهِ لِلْمَوْلَى أَنَّهُ يَسْتَوْفِي مِنْهُ دُيُونَهُ، وَتَنْفُذُ وَصَايَاهُ وَلَوْ كَانَ لِوَرَثَتِهِ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ وَبِمَا قَرَّرْنَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَا ارْتَكَبُوهُ فِي دَفْعِ مَا ذُكِرَ مِنْ فَرْضِ ارْتِدَادِ الْمَوْلَى مَنْشَؤُهُ قِلَّةُ التَّدَبُّرِ بَلْ عَدَمُ التَّدَرُّبِ اهـ. (قَوْلُهُ: حَتَّى تَنْفُذَ وَصَايَاهُ إلَخْ) بِأَنْ مَاتَ بَعْدَهُ قَبْلَ قَبْضِ مِيرَاثِهِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: لِمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْعِ) وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ لِتُعْتِقَهَا فَقَالَ أَهْلُهَا: عَلَى أَنَّ وَلَاءَهَا لَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ» أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعِتْقِ) أَشَارَ بِهِ إلَى عِلَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ، لَكِنْ يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَبَدًا مَا نَصُّهُ: لِأَنَّ الْحَمْلَ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْإِعْتَاقِ فَإِعْتَاقُهُ وَقَعَ قَصْدًا فَلَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ عَنْ مُعْتِقِهِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ اهـ قَالَ الطُّورِيُّ: وَأُورِدَ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ فِي كِتَابِ الْإِعْتَاقِ وَإِنْ أَعْتَقَ حَامِلًا عَتَقَ حَمْلُهَا تَبَعًا لَهَا اهـ.
قُلْت: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ الْإِعْتَاقُ بِخُصُوصِهِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ عَلَى الْأُمِّ كَانَ تَبَعًا وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَزْءٌ مِنْهَا، إعْتَاقُهَا إعْتَاقٌ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا كَانَ مَقْصُودًا تَأَمَّلْ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: لَمَّا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي عِتْقِهِ وِلَادَتُهُ لِأَقَلِّ الْمُدَّةِ ذَكَرُوا التَّبَعِيَّةَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْجُزْئِيَّةِ دَائِمًا وَلَمَّا كَانَ نَظَرُهُمْ هُنَا إلَى عَدَمِ انْتِقَالِ الْوَلَاءِ - وَالشَّرْطُ فِيهِ وِلَادَتُهُ لِلْأَقَلِّ - ذَكَرُوا الْقَصْدِيَّةَ لِتَحَقُّقِ الْجُزْئِيَّةِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَبَدًا) أَيْ وَلَوْ عَتَقَ أَبُوهُ حَتَّى لَوْ جَنَى الْوَلَدُ حُكِمَ بِجِنَايَتِهِ عَلَى
ضَرُورَةَ كَوْنِهِمَا تَوْأَمَيْنِ (فَإِذَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ عِتْقِهَا لِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ فَوَلَاؤُهُ لِمَوَالِي الْأُمِّ) أَيْضًا لِتَعَذُّرِ تَبَعِيَّتِهِ لِلْأَبِ لِرِقِّهِ (فَإِنْ عَتَقَ) الْقِنُّ - وَهُوَ الْأَبُ - قَبْلَ مَوْتِ الْوَلَدِ لَا بَعْدَهُ (جَرَّ وَلَاءَ ابْنِهِ إلَى مَوَالِيهِ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً فَلَوْ مُعْتَدَّةً فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ مِنْ الْعِتْقِ وَلِدُونِ حَوْلَيْنِ مِنْ الْفِرَاقِ لَا يَنْتَقِلُ لِمَوَالِي الْأَبِ.
(عَجَمِيٌّ لَهُ مَوْلَى مُوَالَاةٍ) أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَقَيَّدَ بِالْعَجَمِيِّ لِأَنَّ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ لَا يَكُونُ فِي الْعَرَبِ لِقُوَّةِ أَنْسَابِهِمْ.
ــ
[رد المحتار]
مَوَالِي الْأُمِّ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ. (قَوْلُهُ: ضَرُورَةَ كَوْنِهِمَا تَوْأَمَيْنِ) أَيْ حَمَلَتْ بِهِمَا جُمْلَةً لِعَدَمِ تَخَلُّلِ مُدَّةِ الْحَمْلِ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا تَنَاوَلَ الْأَوَّلَ الْإِعْتَاقُ تَنَاوَلَ الْآخَرَ أَيْضًا زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِنِصْفِ حَوْلٍ فَأَكْثَرَ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَأَمَّا التَّعْبِيرُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْأَقَلِّ فَهُوَ مُسَاوٍ لِتَعْبِيرِ الشَّارِحِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ تَبَعِيَّتِهِ لِلْأَبِ) يَعْنِي أَنَّهُ وَإِنْ انْتَفَى تَحَقُّقُ الْجُزْئِيَّةِ هُنَا لِاحْتِمَالِ عُلُوقِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ تَبَعِيَّتُهُ لِلْأَبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ بَعْدُ فَيَثْبُتُ مِنْ مَوَالِي الْأُمِّ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ لِأَنَّهُ عَتَقَ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا. (قَوْلُهُ: قَبْلَ مَوْتِ الْوَلَدِ لَا بَعْدَهُ) قَالَ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ: يَعْنِي إنْ أُعْتِقَ الْأَبُ قَبْلَ مَوْتِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ عِتْقِهِ لَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ مِنْ مَوَالِي الْأُمِّ اهـ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِهَذَا الْوَلَدِ الْمَيِّتِ وَلَدٌ لَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ فَلْيُرَاجَعْ ح.
أَقُولُ فِي الذَّخِيرَةِ: الْجَدُّ لَا يَجُرُّ وَلَاءَ حَافِدِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، وَرَوَى الْحَسَنُ أَنَّهُ يَجُرُّ.
وَصُورَتُهُ: عَبْدٌ تَزَوَّجَ بِمُعْتَقَةِ قَوْمٍ وَحَدَثَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ وَلِهَذَا الْعَبْدِ أَبٌ حَيٌّ، وَأُعْتِقَ الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَقِيَ الْعَبْدُ عَلَى حَالِهِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ - وَهُوَ أَبُو هَذَا الْوَلَدِ -، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا يَجُرُّ مِيرَاثَهُ كَانَ لِمَوَالِي الْأُمِّ اهـ. (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْمَانِعِ) وَهُوَ رِقُّ الْأَبِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْعِتْقَ عَلَى الْحَمْلِ قَصْدًا بَلْ عَتَقَ تَبَعًا لِأُمِّهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَالْمُنَافِي لِنَقْلِ الْوَلَاءِ عِتْقُهُ قَصْدًا. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ جَرُّ الْوَلَاءِ وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ الْوَلَاءِ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ أَوْ لِأَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً) أَيْ وَقْتَ عِتْقِهَا. (قَوْلُهُ: مِنْ الْفِرَاقِ) أَيْ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ ح. (قَوْلُهُ: لَا يَنْتَقِلُ لِمَوَالِي الْأَبِ) لِتَعَذُّرِ إضَافَةِ الْعُلُوقِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَى مَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ، وَكَذَا بَعْدَ الرَّجْعِيِّ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُرَاجِعًا بِالشَّكِّ لِأَنَّهُ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ الطَّلَاقِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ الرَّجْعَةِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ فَيَحْتَاجَ إلَى إثْبَاتِهَا لِيَثْبُتَ النَّسَبُ، وَإِذَا تَعَذَّرَ إضَافَتُهُ إلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ أُسْنِدَ إلَى حَاجَةِ النِّكَاحِ فَكَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا عِنْدَ الْإِعْتَاقِ فَعَتَقَ مَقْصُودًا فَلَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ وَتَبَيَّنَ مِنْ هَذَا أَنَّهَا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِلتَّيَقُّنِ بِوُجُودِ الْوَلَدِ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ، وَأَمَّا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَالْحُكْمُ فِيهِ يَخْتَلِفُ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَالرَّجْعِيِّ فَفِي الْبَائِنِ مِثْلُ مَا كَانَ وَأَمَّا الرَّجْعِيُّ فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوَالِي الْأَبِ لِتَيَقُّنِنَا بِمُرَاجَعَتِهِ عِنَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: عَجَمِيٌّ إلَخْ) الْعَجَمُ جَمْعُ الْعَجَمِيِّ وَهُوَ خِلَافُ الْعَرَبِيِّ وَإِنْ كَانَ فَصِيحًا كَذَا فِي الْمُغْرِبِ.
وَفِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: إنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ عَرَبِيٍّ فَوَلَاءُ الْأَوْلَادِ لِقَوْمِ الْأَبِ فِي قَوْلِهِمْ. وَإِنْ مِنْ عَجَمِيٍّ لَهُ آبَاءٌ فِي الْإِسْلَامِ فَلِقَوْمِ الْأَبِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا اخْتَلَفَتْ الْمَشَايِخُ حُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْمَشِ وَأَبِي بَكْرٍ الصَّفَّارِ أَنَّهُ لِقَوْمِ الْأَبِ وَقَالَ غَيْرُهُمَا: لِقَوْمِ الْأُمِّ وَإِنْ مِنْ حَرْبِيٍّ أَسْلَمَ وَوَالَى أَحَدًا أَوْ لَمْ يُوَالِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ. وَإِنْ مِنْ عَبْدٍ أَوْ مُكَاتَبٍ فَلِمَوَالِي الْأُمِّ إجْمَاعًا إلَّا إذْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ فَيَجُرُّ الْوَلَاءَ كِفَايَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ) إنَّمَا فَرَضَهُ الْمَتْنُ فِيمَنْ لَهُ مَوْلَى مُوَالَاةٍ لِفَهْمِ مُقَابِلِهِ بِالْأَوْلَى فَلَوْ قَالَ: فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوَالِيهَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ كَمَا فِي الْكَنْزِ لَكَانَ أَوْلَى ح. (قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ فِي الْعَرَبِ) أَيْ لَا يَكُونُ الْعَرَبِيُّ مَوْلًى أَسْفَلَ ح
(نَكَحَ مُعْتَقَتَهُ) وَلَوْ لِعَرَبِيٍّ (فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوْلَاهَا) لِقُوَّةِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ حَتَّى اُعْتُبِرَ فِيهِ الْكَفَاءَةُ لَا فِي الْعَجَمِ وَوَلَاءِ الْمُوَالَاةِ
(وَالْمُعْتَقُ مُقَدَّمٌ عَلَى الرَّدِّ وَ) مُقَدَّمٌ (عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْعَصَبَةِ النِّسْبِيَّةِ) لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ سَبَبِيَّةٌ (فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى ثُمَّ الْمُعْتَقُ وَلَا وَارِثَ لَهُ) نَسَبِيٌّ (فَمِيرَاثُهُ لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ الْمَوْلَى) الذُّكُورِ وَسَنُحَقِّقُهُ فِي بَابِهِ
(وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ) كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ قَالَ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَسَيَجِيءُ الْجَوَابُ عَنْهُ فِي الْفَرَائِضِ.
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا ابْنَةَ مُعْتِقِهِ فَلَا شَيْءَ لَهَا) أَيْ لِابْنَةِ الْمُعْتِقِ (وَيُوضَعُ مَالُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) هَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ مَعْزِيًّا لِلنِّهَايَةِ: أَنَّ بِنْتَ الْمُعْتِقِ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ: وَلَوْ لِعَرَبِيٍّ) صَوَابُهُ " وَلَوْ لِعَجَمِيٍّ " لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى الْعَجَمِيِّ كَانَ لِلْعَرَبِيِّ بِالْأَوْلَى ح. (قَوْلُهُ: لِمَوْلَاهَا) هَذَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِمَوْلَى الْأَبِ تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْأَبِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى اُعْتُبِرَ فِيهِ الْكَفَاءَةُ) مَرَّ بَيَانُهُ فِي بَابِهَا وَيَأْتِي قَرِيبًا وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَلَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَالْمُوَالَاةُ بِعَكْسِ ذَلِكَ كُلِّهِ. (قَوْلُهُ: لَا فِي الْعَجَمِ وَوَلَاءِ الْمُوَالَاةِ) أَيْ لَا تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ فِيهِمَا مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ وَالْحُرِّيَّةُ، فَإِنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالنَّسَبَ فِي حَقِّ الْعَجَمِ ضَعِيفَانِ لِأَنَّ حُرِّيَّتَهُمْ تَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ بِالِاسْتِرْقَاقِ، بِخِلَافِ الْعَرَبِ وَلِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ فَإِنَّ تَفَاخُرَهُمْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِعِمَارَةِ الدُّنْيَا وَبَعْدَهُ بِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ سَيِّدُنَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: سَلْمَانُ أَبُوهُ الْإِسْلَامُ فَإِذَا ثَبَتَ الضَّعْفُ فِي جَانِبِ الْأَبِ كَانَ هُوَ وَالْعَبْدُ سَوَاءً.
(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَقُ مُقَدَّمٌ عَلَى الرَّدِّ) مِنْ هُنَا إلَى بَيْتِ الْمَالِ مِنْ مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ فَيَنْبَغِي حَذْفُهَا ح. (قَوْلُهُ: مُؤَخَّرٌ عَنْ الْعَصَبَةِ النَّسَبِيَّةِ) أَيْ بِأَقْسَامِهَا الثَّلَاثِ بِالنَّفْسِ وَبِالْغَيْرِ، وَمَعَ الْغَيْرِ وَاحْتَرَزَ بِالنَّسَبِيَّةِ عَنْ النَّوْعِ الْآخَرِ مِنْ السَّبَبِيَّةِ وَهُوَ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ فَإِنَّ الْمُعْتَقَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ، وَعَصَبَةُ الْمُعْتَقِ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ سَبَبِيَّةٌ) أَيْ وَالنَّسَبُ أَقْوَى. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمُعْتَقُ) بِفَتْحِ التَّاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَا وَارِثَ لَهُ نَسَبِيٌّ) يَعُمُّ صَاحِبَ الْفَرْضِ وَالْعَصَبِيَّ. (قَوْلُهُ: لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ الْمَوْلَى) أَخْرَجَ عَصَبَةَ عَصَبَتِهِ فَلَوْ أَعْتَقَتْ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَابْنٍ مِنْهُ وَأَخٍ لِغَيْرِ أُمٍّ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَالْوَلَاءُ لِابْنِهَا فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ مَاتَ الِابْنُ وَتَرَكَ خَالَهُ وَأَبَاهُ فَهُوَ لِلْخَالِ لِأَنَّهُ عَصَبَتُهَا دُونَ الْأَبِ، لِأَنَّهُ عَصَبَةُ ابْنِهَا وَتَمَامُهُ فِي الْبَدَائِعِ وَالذَّخِيرَةِ. (قَوْلُهُ: الذُّكُورِ) نَعْتٌ لِلْعَصَبَةِ أَيْ لَا لِلنِّسَاءِ إذْ لَيْسَ هُنَا عَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: وَسَنُحَقِّقُهُ فِي بَابِهِ) أَيْ فِي بَابِ الْمِيرَاثِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى مَا هُنَا سِوَى التَّعْلِيلِ بِالْحَدِيثِ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ إلَخْ) اسْتِئْنَافٌ فِي مَوْقِعِ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ الْمَوْلَى يَشْمَلُ بَعْضَ النِّسَاءِ وَلِذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ مَاتَ إلَخْ وَبِهَذَا عَلِمْت أَنَّ تَقْيِيدَ الشَّارِحِ أَوَّلًا بِالذُّكُورِ غَيْرُ لَازِمٍ. (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورِ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا) وَهُوَ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ أَوْ دَبَّرْنَ أَوْ دَبَّرَ مَنْ دَبَّرْنَ أَوْ جَرَّ وَلَاءً مُعْتَقُهُنَّ أَوْ مُعْتَقُ مُعْتَقِهِنَّ» اهـ وَقَوْلُهُ: جَرَّ عَطْفٌ عَلَى دَبَّرَ أَوْ أَعْتَقَ وَ " وَلَاءً " مَفْعُولُهُ وَ " مُعْتَقُهُنَّ " فَاعِلُهُ قُهُسْتَانِيٌّ فَإِذَا دَبَّرَتْ عَبْدًا فَمَاتَتْ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَوَلَاؤُهُ لَهَا حَتَّى يَكُونَ لِلذُّكُورِ مِنْ عَصَبَتِهَا، وَكَذَا لَوْ مَاتَتْ فَعَتَقَ الْمُدَبَّرُ بِمَوْتِهَا فَدَبَّرَ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ فَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهَا. [تَتِمَّةٌ] :
قَالَ أَبُو السُّعُودِ عَنْ تَكْمِلَةِ الْفَتْحِ لِلدَّيْرِيِّ: عَبَّرَ بِمَا الْمَوْضُوعَةِ لِمَا لَا يَعْقِلُ لِأَنَّ الرَّقِيقَ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ الْمُلْحَقِ بِالْجَمَادِ، نَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المعارج: 30] وَبَعْدَ عِتْقِهِ عَبَّرَ بِمَنْ فِي " أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ " لِأَنَّهُ صَارَ بِالْعِتْقِ حَيًّا حُكْمًا. (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) وَقَالَ: وَالْوَارِدُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا كَاتَبْنَ أَوْ أَعْتَقْنَ. (قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ الْجَوَابُ عَنْهُ فِي الْفَرَائِضِ) نَصُّهُ هُنَاكَ: وَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شُذُوذٌ لَكِنَّهُ تَأَكَّدَ بِكَلَامِ كِبَارِ الصَّحَابَةِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْهُورِ كَمَا بَسَطَهُ السَّيِّدُ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ ح وَسَنَذْكُرُ هُنَاكَ تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ إلَخْ) وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ: وَهَكَذَا كَانَ يُفْتِي الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْزَنْجِرِيُّ
تَرِثُ فِي زَمَانِنَا لِفَسَادِ بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَا مَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمَالُ يَكُونُ لِلِابْنِ أَوْ الْبِنْتِ رَضَاعًا كَذَا فِي فَرَائِضِ الْأَشْبَاهِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
(وَإِذَا مَلَك الذِّمِّيُّ عَبْدًا) وَلَوْ مُسْلِمًا (وَأَعْتَقَهُ فَوَلَاؤُهُ لَهُ) لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ فَيَتَوَارَثُونَ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجِبِ كَالْمُسْلِمِينَ فَلَوْ مُسْلِمًا لَا يَرِثُهُ وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ، وَبِهَذَا اتَّضَحَ فَسَادُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَلَاءَ هُوَ الْمِيرَاثُ حَقَّ الِاتِّضَاحِ.
(وَلَوْ أَعْتَقَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَبْدًا حَرْبِيًّا لَا يَعْتِقُ) بِمُجَرَّدِ إعْتَاقِهِ (إلَّا أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ فَإِذَا خَلَّاهُ عَتَقَ حِينَئِذٍ وَلَا وَلَاءَ لَهُ) حَتَّى لَوْ خَرَجَا إلَيْنَا مُسْلِمَيْنِ لَا يَرِثُهُ خِلَافًا لِلثَّانِي (وَكَانَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ لِأَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ) عَلَيْهِ.
(وَلَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَاشْتَرَى عَبْدًا ثَمَّةَ وَأَعْتَقَهُ بِالْقَوْلِ عَتَقَ بِلَا تَخْلِيَةٍ
ــ
[رد المحتار]
وَالْقَاضِي الْإِمَامُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْمَيِّتِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَكَانَ الصَّرْفُ إلَيْهَا أَوْلَى إذْ لَوْ كَانَتْ ذَكَرًا تَسْتَحِقُّ الْمَالَ. (قَوْلُهُ: تَرِثُ فِي زَمَانِنَا) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهَا لَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ، بَلْ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْمَيِّتِ ح. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا فَضَلَ إلَخْ) عَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ إلَى فَرَائِضِ الْإِمَامِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الشَّهِيدِ. (قَوْلُهُ: لِلِابْنِ أَوْ الْبِنْتِ رَضَاعًا) عَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ إلَى مُحَمَّدٍ رحمه الله. (قَوْلُهُ: وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى قُلْت: وَلَكِنْ بَلَغَنِي أَنَّهُمْ لَا يُفْتُونَ بِذَلِكَ فَتَنَبَّهْ وَفِيهِ مِنْ كِتَابِ الْفَرَائِضِ.
قُلْت: وَلَمْ أَرَ فِي زَمَانِنَا مَنْ أَفْتَى بِهَذَا وَلَا مَنْ قَضَى بِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ دِيَانَةً فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُتَدَبَّرْ اهـ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسْلِمًا) أَتَى بِهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي ثُبُوتِ الْوَلَاءِ، وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَلَا يَثْبُتُ مَا دَامَ الْمُعْتِقُ كَافِرًا وَسَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسْلِمًا لَا يَرِثُهُ) لِانْعِدَامِ شَرْطِ الْإِرْثِ وَهُوَ اتِّحَادُ الْمِلَّةِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ قَبْلَ مَوْتِ الْمُعْتَقِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ يَرِثُ بِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلذِّمِّيِّ عَصَبَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَعَمٍّ مُسْلِمٍ يَرِثُهُ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ الذِّمِّيُّ كَالْمَيِّتِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ مُسْلِمٌ يُرَدُّ إلَى بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَنِصْفُ وَلَائِهِ لِلْمُسْلِمِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ الذِّمِّيِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ وَإِلَّا رُدَّ لِبَيْتِ الْمَالِ بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ) فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مِنْ نَصَارَى تَغْلِبَ فَالْعَقْلُ عَلَى قَبِيلَتِهِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتِقِ الذِّمِّيِّ قَبِيلَةٌ فَعَقْلُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ مُسْلِمٌ فَالْإِرْثُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَالْعَقْلُ عَلَى الْعَبْدِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا اتَّضَحَ إلَخْ) لِأَنَّ الْوَلَاءَ وُجِدَ بِلَا مِيرَاثٍ ح.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْتَقَ حَرْبِيٌّ) التَّقْيِيدُ بِالْحَرْبِيِّ مُفِيدٌ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ " لَا يَعْتِقُ " إلَّا أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ لِأَنَّهُ فِي الْمُسْلِمِ يَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ وَلَا وَلَاءَ لَهُ فَإِنَّهُ وَالْمُسْلِمُ سَوَاءٌ، وَسَنَذْكُرُ قَرِيبًا الْكَلَامَ فِيهِ - لَمْ يَتِمَّ عَبْدًا حَرْبِيًّا فَلَوْ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا عَتَقَ بِالْإِجْمَاعِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا خَلَّاهُ عَتَقَ) أَيْ صَحَّ عِتْقُهُ لَكِنَّهُ الْعِتْقُ فِي حَقِّ زَوَالِ الرِّقِّ وَإِنْ صَحَّ فِي حَقِّ إزَالَةِ الْمِلْكِ، لِأَنَّ كَوْنَ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِهِ سَبَبٌ لِرِقِّهِ طُورِيٌّ عَنْ الْمُحِيطِ. (قَوْلُهُ: وَلَا وَلَاءَ لَهُ) هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ عِنْدَهُمَا بِكَلَامِ الْإِعْتَاقِ بَلْ بِالتَّخْلِيَةِ، وَالْعِتْقُ الثَّابِتُ بِهَا لَا يُوجِبُ الْوَلَاءَ بَدَائِعُ لِمَا عَلِمْت أَنَّهَا لَا تُزِيلُ الرِّقَّ وَإِنْ أَزَالَتْ الْمِلْكَ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلثَّانِي) فَعِنْدَهُ وَلَاؤُهُ لَهُ لِأَنَّ إعْتَاقَهُ بِالْقَوْلِ صَحَّ وَكَذَا إنْ دَبَّرَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ اسْتِيلَادَهُ جَائِزٌ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ وَهُوَ يَثْبُتُ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَدَائِعُ.
(قَوْلُهُ: عَتَقَ بِلَا تَخْلِيَةٍ) أَيْ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لَهُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ الْمَارُّ فَإِنَّهُ عَتَقَ بِالْقَوْلِ لَا بِالتَّخْلِيَةِ، لَكِنْ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبَدَائِعِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِالْقَوْلِ بَلْ بِالتَّخْلِيَةِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَصِيرُ مَوْلَاهُ اهـ وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. وَلَمْ أَجِدْهُ فِي نُسْخَتَيْ الْبَدَائِعِ، نَعَمْ: رَأَيْت فِي الْهِنْدِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْبَدَائِعِ لَوْ أَعْتَقَ مُسْلِمٌ عَبْدًا لَهُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَوَلَاؤُهُ لَهُ لِأَنَّ إعْتَاقَهُ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ
لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا فَأَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ أَوْ حَرْبِيٌّ) فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (فَوَلَاؤُهُ لَهُ) أَيْ لِمُعْتِقِهِ. [فُرُوعٌ] .
ادَّعَيَا وَلَاءَ مَيِّتٍ وَبَرْهَنَ كُلٌّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ يُقْضَى بِالْمِيرَاثِ وَالْوَلَاءِ لَهُمَا.
الْمَوْلَى يَسْتَحِقُّ الْوَلَاءَ أَوَّلًا حَتَّى تَنْفُذَ مِنْهُ وَصَايَاهُ وَتُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ.
الْكَفَاءَةُ تُعْتَبَرُ فِي وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ فَمُعْتَقَةُ التَّاجِرِ كُفْءٌ لِمُعْتَقِ الْعَطَّارِ دُونَ الدَّبَّاغِ. الْأُمُّ إذَا كَانَتْ حُرَّةَ الْأَصْلِ بِمَعْنَى عَدَمِ الرِّقِّ فِي أَصْلِهَا فَلَا وَلَاءَ عَلَى وَلَدِهَا
ــ
[رد المحتار]
أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَصِيرُ مَوْلَاهُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ الثَّانِي يَصِيرُ اهـ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِالْقَوْلِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يَصِيرُ مَوْلَاهُ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْعِتْقِ، بَلْ صَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة بِأَنَّهُ يَعْتِقُ حَيْثُ قَالَ: إذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ فَاشْتَرَى حَرْبِيًّا وَأَعْتَقَهُ عَتَقَ إلَّا أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَثْبُتُ مِنْهُ فِي قَوْلِهِمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَثْبُتُ اسْتِحْسَانًا وَذَكَرَ نَحْوَهُ الطُّورِيُّ عَنْ الْمُحِيطِ: ثُمَّ رَأَيْت فِي كِتَابِ الْإِعْتَاقِ مِنْ الْبَحْرِ مَا نَصُّهُ: الْمُسْلِمُ إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَاشْتَرَى عَبْدًا حَرْبِيًّا فَأَعْتَقَهُ ثَمَّةَ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِدُونِ التَّخْلِيَةِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَعْتِقُ بِدُونِهَا، وَلَا وَلَاءَ لَهُ عِنْدَهُمَا قِيَاسًا وَلَهُ الْوَلَاءُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ اسْتِحْسَانًا اهـ، وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا إلَخْ) لَمْ يَسْتَوْفِ الْأَقْسَامَ.
وَحَاصِلُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَيَثْبُتَ الْوَلَاءُ لَهُ - وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ ذِمِّيًّا -، أَمَّا لَوْ حَرْبِيًّا فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَارُّ، وَلَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ حَرْبِيًّا؛ فَإِنْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عَتَقَ وَثَبَتَ لَهُ الْوَلَاءُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا وَإِنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَالْعَبْدُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ فَكَذَلِكَ وَلَوْ حَرْبِيًّا لَا يَعْتِقُ بِلَا تَخْلِيَةٍ وَإِذَا عَتَقَ فَلَا وَلَاءَ. (قَوْلُهُ: فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَالْمَوْلَى مُسْلِمٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْهِنْدِيَّةِ. [فَرْعٌ مُهِمٌّ] :
شَرَى حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى دَارِهِ فَسُبِيَ فَاشْتَرَاهُ عَبْدُهُ الْمُعْتَقُ فَأَعْتَقَهُ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَوْلًى لِلْآخَرِ وَكَذَلِكَ ذِمِّيٌّ أَوْ امْرَأَةٌ مُرْتَدَّةٌ لَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ فَسُبِيَا بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ: يُقْضَى بِالْمِيرَاثِ وَالْوَلَاءِ لَهُمَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى الْوَلَاءُ، وَهُمَا سِيَّانِ، وَلَمْ يُرَجَّحْ ذُو الْيَدِ لِأَنَّ سَبَبَ الْوَلَاءِ - وَهُوَ الْعِتْقُ - لَا يَتَأَكَّدُ بِالْقَبْضِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُوَقِّتَا وَلَمْ يَسْبِقْ الْقَضَاءُ بِإِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ لِمَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: لَوْ وُقِّتَا فَالسَّابِقُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْعِتْقَ فِي وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ أَحَدٌ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ كَانَ ذُو الْوَقْتِ الْأَخِيرِ أَوْلَى، لِأَنَّ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَالْفَسْخَ، فَكَانَ عَقْدُ الثَّانِي نَقْضًا لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ شُهُودُ صَاحِبِ الْوَقْتِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ كَانَ عَقَلَ عَنْهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَأَشْبَهَ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ وَتَمَامُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ. (قَوْلُهُ: الْمَوْلَى) أَيْ الْمُعْتِقُ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ ط. (قَوْلُهُ: يَسْتَحِقُّ الْوَلَاءَ أَوَّلًا) أَيْ إذَا مَاتَ أَمَّا لَوْ كَانَ حَيًّا فَلَا شُبْهَةَ فِيهِ، وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ " أَوْ مَيِّتًا إلَخْ ". (قَوْلُهُ: فِي وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ) بِخِلَافِ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: فَمُعْتَقَةُ التَّاجِرِ إلَخْ) الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ: فَمُعْتَقُ التَّاجِرِ كُفْءٌ لِمُعْتَقَةِ الْعَطَّارِ، وَلَا يَكُونُ كُفْئًا لَهَا مُعْتَقُ الدَّبَّاغِ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ تُعْتَبَرُ لَهَا لَا لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ ط. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى عَدَمِ الرِّقِّ فِي أَصْلِهَا) أَيْ وَلَا فِيهَا أَيْضًا وَإِنَّمَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ حُرَّ الْأَصْلِ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَنْ لَمْ يَجْرِ عَلَى نَفْسِهِ رِقٌّ، سَوَاءٌ جَرَى عَلَى أَصْلِهِ رِقٌّ أَوْ لَا وَلَيْسَ بِمُرَادٍ هُنَا كَمَا حَقَّقَهُ فِي الدُّرَرِ ح (قَوْلُهُ: فَلَا وَلَاءَ عَلَى وَلَدِهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْتَقًا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَى أُمِّهِ، فَلَا وَلَاءَ عَلَى وَلَدِهَا، بَدَائِعُ، وَوَافَقَهُ فِي شَرْحِ التَّكْمِلَةِ وَمُخْتَصَرِ الْمُحِيطِ وَمُخْتَصَرِ الْمَسْعُودِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ قَالَ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ: هَذَا فَرْعٌ مُهِمٌّ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مَزِلَّةُ الْأَقْدَامِ اهـ.
وَفِي الْعَزْمِيَّةِ: اعْلَمْ أَنَّ سَادَتَنَا الْعُلَمَاءَ، الَّذِينَ أَفْتَوْا بِقُسْطَنْطِينِيَّة الْمَحْمِيَّةِ بِالْأَمْرِ السُّلْطَانِيِّ وَالنَّصْبِ الْخَاقَانِيِّ مِنْ حِينِ