الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مَنَافِعِ الْغَصْبِ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا) فَإِنَّهَا لَا تُضْمَنُ عِنْدَنَا وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ الْمُتُونِ وَمَنَافِعُ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَى آخِرِهِ لَكِنْ لَا يُلَائِمُهُ مَا يَأْتِي مِنْ عَطْفِ خَمْرِ الْمُسْلِمِ إلَى آخِرِهِ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ فَتَدَبَّرْ (إلَّا) فِي ثَلَاثٍ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى اخْتِيَارِ الْمُتَأَخِّرِينَ (أَنْ يَكُونَ) الْمَغْصُوبُ (وَقْفًا) لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ (أَوْ مَالَ يَتِيمٍ) إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ سَكَنَتْ أُمُّهُ مَعَ زَوْجِهَا فِي دَارِهِ بِلَا أَجْرٍ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مَعْزِيًّا لِوَصَايَا الْقُنْيَةِ.
قُلْت: وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا سُكْنَى شَرِيكِ الْيَتِيمِ فَقَدْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ بِلَا عَقْدٍ وَقِيلَ: دَارُ الْيَتِيمِ كَالْوَقْفِ انْتَهَى. قُلْت: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كِلَا الْفَرْعَيْنِ عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ بَعْدَ أُجْرَتِهِ،
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة الْمَسْأَلَةَ حَيْثُ قَالَ: وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ أَوْ يَمْلِكَ مِنْ غَيْرِهِ، حَتَّى يَخْتَارَ الْمَوْلَى فَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَ الْقِيمَةِ اسْتَأْنَفَ الِاسْتِبْرَاءَ وَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَهَا بَطَلَ مَا فَعَلَ مِنْ التَّصَرُّفِ إلَّا إذَا اسْتَوْلَدَهَا يَثْبُتُ النَّسَبُ اسْتِحْسَانًا وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ اهـ فَقَدْ فَرَضَ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اخْتَارَ الْمَالِكُ أَخْذَهَا لَا أَخْذَ الْقِيمَةِ فَتَأَمَّلْ فِي وَجْهِهِ.
[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ مَنَافِعِ الْغَصْبِ]
ِ (قَوْلُهُ مَنَافِعُ الْغَصْبِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا) صُورَةُ الْأَوَّلِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَبْدَ شَهْرًا مَثَلًا ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَالثَّانِي أَنْ يُمْسِكَهُ وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ كَمَا فِي الدُّرَرِ (قَوْلُهُ عِنْدَنَا) أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يُلَائِمُهُ إلَخْ) أَقُولُ بَلْ يُلَائِمُهُ بِعَطْفِهِ عَلَيْهِ بِالرَّفْعِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ ط أَيْ بِتَقْدِيرِ حَذْفِ الْخَبَرِ وَالْأَصْلُ وَخَمْرُ الْمُسْلِمِ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ كَقَوْلِكَ هِنْدٌ غَيْرُ قَائِمَةٍ وَعَمْرٌو عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْمُلَاءَمَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ أَشَدُّ،؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ وَمُخَالَطَةُ الْحُرَّةِ لِلْأَمَةِ فِي الْحُكْمِ ظَاهِرٌ وَبَيْنَهُمَا مُنَاسَبَةٌ، بِخِلَافِ مَنَافِعِ الْغَصْبِ إذْ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَهُمَا إلَّا بِتَكَلُّفٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ) أَيْ مَا شَرَحَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ وَقْفًا) وَكَمَا تُضْمَنُ مَنَافِعُهُ تُضْمَنُ ذَاتُهُ كَمَا قَدَّمَهُ عَنْ الْعَيْنِيِّ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى غَصْبِ الْعَقَارِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَمَتَى قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ تُؤْخَذُ مِنْهُ فَيَشْتَرِي بِهَا ضَيْعَةً أُخْرَى تَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ اهـ (قَوْلُهُ لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ) أَقُولُ: أَوْ لِغَيْرِهَا كَالْمَسْجِدِ فَقَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ فِي مَسْجِدٍ تَعَدَّى عَلَيْهِ رَجُلٌ، وَجَعَلَهُ بَيْتَ قَهْوَةٍ بِلُزُومِ أُجْرَةِ مِثْلِهِ مُدَّةَ شَغْلِهِ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالْحَامِدِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ مَالِ يَتِيمٍ) أَقُولُ: وَكَذَا الْيَتِيمُ نَفْسُهُ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ يَتِيمٌ لَا أَبَ لَهُ ولَا أُمَّ اسْتَعْمَلَهُ أَقْرِبَاؤُهُ مُدَّةً فِي أَعْمَالٍ شَتَّى بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ وَبِلَا إجَارَةٍ لَهُ طَلَبُ أَجْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ الْبُلُوغِ إنْ كَانَ مَا يُعْطُونَهُ مِنْ الْكِسْوَةِ وَالْكِفَايَةِ لَا يُسَاوِي أَجْرَ الْمِثْلِ اهـ وَبِهِ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالْحَامِدِيَّةِ.
وَفِي إجَارَاتِ الْقُنْيَةِ: غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا وَأَجَّرَهُ وَعَمِلَ فَالْأَجْرُ لِلْعَاقِدِ، ثُمَّ رَمَّزَ الْأَجْرَ لِلصَّبِيِّ، ثُمَّ رَمَّزَ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَجَّرَ عَبْدِهِ سَنَةً، ثُمَّ أَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْإِجَارَةِ فَلَهُ الْأَجْرُ إلَخْ (قَوْلُهُ سَكَنَتْ أُمُّهُ) أَيْ أُمُّ الْيَتِيمِ (قَوْلُهُ فِي دَارِهِ) أَيْ الْيَتِيمِ (قَوْلُهُ بِلَا أَجْرٍ) أَيْ بِلَا الْتِزَامِ أَجْرٍ بِعَقْدِ إجَارَةٍ مِنْ وَلِيِّهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ قُلْت وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا) قَائِلُهُ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ (قَوْلُهُ سُكْنَى شَرِيكُ الْيَتِيمِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَالِغٍ فَسَكَنَهَا الْبَالِغُ مُدَّةً (قَوْلُهُ وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ بِلَا عَقْدٍ) أَيْ وَكَذَا إذَا سَكَنَهَا أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ غَيْرُ أُمِّهِ وَغَيْرُ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ دَارُ الْيَتِيمِ كَالْوَقْفِ) أَيْ فِي ضَمَانِ مَنَافِعِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ قُلْت وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْفَرْعَيْنِ) أَيْ فَرْعِ أُمِّ الْيَتِيمِ، وَفَرْعِ سُكْنَى شَرِيكِهِ. وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَمَوِيُّ، وَبِحَمْلِ الْأَوَّلِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْمِنَحِ (قَوْلُهُ بِعَدَمِ أُجْرَتِهِ) أَيْ بِعَدَمِ
وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهَا كَالْوَقْفِ، فَتَجِبُ الْأُجْرَةُ عَلَى الشَّرِيكِ وَالزَّوْجِ لِكَوْنِ سُكْنَى الْمَرْأَةِ وَاجِبَةً عَلَيْهِ، وَهُوَ غَاصِبٌ لِدَارِ الْيَتِيمِ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ التَّفْصِيلِ لَوْ الْيَتِيمُ يَقْدِرُ عَلَى الْمَنْعِ فَلَا أَجْرَ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا كَمَا أَفَادَهُ فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الدَّارِ كَمَسْأَلَةِ الْأَرْضِ وَأَنَّ الْحَاضِرَ إذَا سَكَنَ فِيمَا إذَا كَانَ لَا يَضُرُّهَا فَلِلْغَائِبِ أَنْ يَسْكُنَ قَدْرَ شَرِيكِهِ قَالُوا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (أَوْ مُعَدًّا) أَيْ أَعَدَّاهُ صَاحِبُهُ (لِلِاسْتِغْلَالِ) بِأَنْ بَنَاهُ لِذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهُ لِذَلِكَ قِيلَ أَوْ آجَرَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ عَلَى الْوَلَاءِ وَفِي الْأَشْبَاهِ:
ــ
[رد المحتار]
لُزُومِهَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا اسْتِثْنَاءَ وَلِذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ: وَالْعَجَبُ مِنْ الْمُؤَلِّفِ كَيْفَ عَدَلَ عَمَّا عَلَيْهِ الْفَتْوَى بِلَا مُوجِبٍ فَاحْذَرْهُ (قَوْلُهُ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ) ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ دُونَ مَنْ يَتْبَعُهُ وَنَقَلَ الْبِيرِيُّ عَنْ الْمُحِيطِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ لَهَا السُّكْنَى بِحُكْمِ الْحَاجَةِ، وَإِنْ كَانَ فَلَا كَمَا إذَا كَانَ لَهَا مَالٌ (قَوْلُهُ وَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ إلَخْ) عِبَارَتُهَا سَكَنَتْ مَعَ زَوْجِهَا بِبَيْتِ ابْنِهَا الصَّغِيرِ قَالَ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَنْعِ بِأَنْ كَانَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ سِتٍّ، فَعَلَيْهَا أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ، حَيْثُ كَانَ لَهَا زَوْجٌ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يَقْدِرُ عَلَى الْمَنْعِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهَا اهـ.
وَفِيهَا مُخَالَفَةٌ لِمَا فِي الْبِيرِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ حَيْثُ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا سَكَنَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ الزَّوْجِ وَقَدَّرَ مُدَّةَ قُدْرَةِ الِابْنِ عَلَى الْمَنْعِ، بِأَنْ كَانَ ابْنَ عَشْرٍ فَأَكْثَرَ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهَا سَكَنَتْ وَحْدَهَا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ ابْنَ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ يَلْزَمُهَا الْأَجْرُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِعِبَارَةِ الصَّيْرَفِيَّةِ الْمَارَّةِ (قَوْلُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَنْعِ فَلَا عِبْرَةَ بِتَبَرُّعِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهَا كَالْوَقْفِ كَذَا فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ، لَا عَلَى مَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ كَمَا قِيلَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَيْهِ) أَيْ فَالْأَجْرُ وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ لَا عَلَيْهَا.
أَقُولُ: وَعَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمُحِيطِ فَهُوَ عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْخَانِيَّةِ إلَخْ) نَقَلَ أَوَّلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ عَلِمَ الْحَاضِرُ أَنَّ الزَّرْعَ يَنْفَعُهَا لَهَا زَرَعَ كُلَّهَا، فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِكُلِّ الْأَرْضِ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِثُبُوتِ رِضَا الْغَائِبِ بِمِثْلِ ذَلِكَ دَلَالَةً، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَنْقُصُهَا لَيْسَ لِلْحَاضِرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الرِّضَا غَيْرُ ثَابِتٍ. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّ الْحَاضِرَ لَا يَلْزَمُهُ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ أَجْرٌ وَلَيْسَ لِلْغَائِبِ اسْتِعْمَالُهُ بِقَدْرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ بَعْدَ الْخُصُومَةِ قَالَ: وَبَيْنَهُمَا تَدَافُعٌ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالدَّارِ، وَهُوَ بَعِيدٌ أَوْ أَنَّهُمَا رِوَايَتَانِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الدَّارِ كَمَسْأَلَةِ الْأَرْضِ، وَأَنَّ لِلْغَائِبِ أَنْ يَسْكُنَ مِثْلَ مَا سَكَنَ شَرِيكُهُ وَأَنَّ الْمَشَايِخَ اسْتَحْسَنُوا ذَلِكَ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ مُلَخَّصًا. وَنَقَلَ الْبِيرِيُّ عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ أَيْضًا مُفَصَّلَةً وَأَقَرَّهَا وَكَذَلِكَ الْمُحَشِّي أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ قَالُوا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) لَفْظَةُ قَالُوا يُؤْتَى بِهَا غَالِبًا لِلتَّضْعِيفِ، وَلَمْ أَرَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَلَعَلَّهُ زَادَهَا إشْعَارًا بِاخْتِيَارِ خِلَافِهِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ آخِرَ كِتَابِ الشَّرِكَةِ عَنْ الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ نُجَيْمٍ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ الْيَوْمَ هَذَا وَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ كَمَا فَعَلَ الْبِيرِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ قِيلَ أَوْ آجَرَهُ إلَخْ) نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ أَنَّهُ يَصِيرُ مُعَدًّا بِذَلِكَ، ثُمَّ نَقَلَ أَنَّهَا بِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا تَصِيرُ مُعَدَّةً.
أَقُولُ: وَفِي أَوَائِلِ إجَارَاتِ الْقُنْيَةِ عَنْ الْأَصْلِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا سِنِينَ، فَعَلَيْهِ أَجْرُ السَّنَةِ الْأُولَى وَنُقْصَانُ الْأَرْضِ فِيمَا بَعْدَهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ قَالَ الْقَاضِي الصَّدْرُ: هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مَعْرُوفَةً بِالْإِجَارَةِ، بِأَنْ كَانَتْ لَا تُؤَجَّرُ كُلَّ سُنَّةٍ فَلَوْ عُرِفَتْ بِهَا يَجِبُ أَجْرُ السِّنِينَ الْمُسْتَقْبَلَةِ، بِلَا خِلَافٍ، فَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا تَصِيرُ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلْإِجَارَةِ بِالْإِجَارَةِ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ وَنَحْوُهُ فِي الْمُحِيطِ اهـ.
لَا تَصِيرُ الدَّارُ مُعَدَّةً لَهُ بِإِجَارَتِهَا بَلْ بِبِنَائِهَا أَوْ شِرَائِهَا لَهُ وَلَا بِإِعْدَادِ الْبَائِعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي، وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُسْتَعْمِلِ بِكَوْنِهِ مُعَدًّا حَتَّى يَجِبَ الْأَجْرُ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَعْمِلُ مَشْهُورًا بِالْغَصْبِ. قُلْت: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَالْآخَرُ مُدَّعٍ قَالَهُ شَيْخُنَا وَبِمَوْتِ رَبِّ الدَّارِ وَبَيْعِهِ يَبْطُلُ الْإِعْدَادُ وَلَوْ بَنَى لِنَفْسِهِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُدَّهُ فَإِنْ قَالَ بِلِسَانِهِ وَيُخْبِرُ النَّاسَ صَارَ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (إلَّا) فِي الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ (إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ) كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الْمِلْكِ، وَلَوْ لِيَتِيمٍ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقُنْيَةِ فَتَنَبَّهْ، أَمَّا فِي الْوَقْفِ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِلَا إذْنٍ لَزِمَ الْأَجْرُ (أَوْ عَقْدٍ) كَبَيْتِ الرَّهْنِ إذَا سَكَنَهُ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ بَانَ لِلْغَيْرِ مُعَدًّا لِلْإِجَارَةِ
ــ
[رد المحتار]
أَقُولُ: وَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ أَنَّهَا تَصِيرُ مُعَدَّةً بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّلَاثِ فَفِي إطْلَاقِ الْأَشْبَاهِ الْآتِي نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَا تَصِيرُ الدَّارُ إلَخْ) قَيَّدَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَصِيرُ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ، بِأَنْ كَانَتْ فِي قَرْيَةٍ اعْتَادَ أَهْلُهَا زِرَاعَةَ أَرْضِ الْغَيْرِ، وَكَانَ صَاحِبُهَا مِمَّنْ لَا يَزْرَعُ بِنَفْسِهِ فَلِصَاحِبِهَا مُطَالَبَةُ الزَّارِعِ بِالْمُتَعَارَفِ كَمَا فِي الْبِيرِيِّ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ مَا لَمْ يَشْتَرِهَا الْمُشْتَرِي لِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَعْمِلُ مَشْهُورًا بِالْغَصْبِ) كَذَا قَيَّدَهُ فِي الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ: قَالُوا فِي الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا سَكَنَ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ وَذَكَرَ فِي مُزَارَعَتِهَا أَنَّ السُّكْنَى فِيهَا تُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ اهـ تَأَمَّلْ.
أَقُولُ: وَذَكَرَ الشَّارِحُ قُبَيْلَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ مَا نَصُّهُ: وَفِي الْأَشْبَاهِ ادَّعَى نَازِلُ الْخَانِ، وَدَاخِلُ الْحَمَّامِ وَسَاكِنُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ الْغَصْبَ لَمْ يُصَدَّقْ وَالْأَجْرُ وَاجِبٌ.
قُلْت: فَكَذَا مَالُ الْيَتِيمِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ فَتَنَبَّهْ اهـ فَتَأَمَّلْ. أَقُولُ: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُطَالِبْهُ بِالْأَجْرِ وَإِلَّا فَيَجِبُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ لِمَا فِي إجَارَاتِ الْقُنْيَةِ قَالُوا جَمِيعًا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إذَا أَشْهَدَ عَلَى الْغَاصِبِ أَنَّهُ إنْ رَدَّدْت إلَى دَارِي وَإِلَّا أَخَذْت مِنْك كُلَّ شَهْرٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالْإِشْهَادُ صَحِيحٌ، فَلَوْ أَقَامَ فِيهَا الْغَاصِبُ بَعْدَهُ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى اهـ (قَوْلُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا) أَيْ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ.
أَقُولُ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ إعْدَادُهُ ظَاهِرًا مَشْهُورًا كَالْخَانِ وَالْحَمَّامِ وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْغَصْبَ لَمْ يُصَدَّقْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ صَارَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ جَازَ.
[تَنْبِيهٌ] قَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ أَنَّ الْمُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ غَيْرُ خَاصٍّ بِالْعَقَارِ فَقَدْ أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ بِلُزُومِ الْأَجْرِ عَلَى مُسْتَعْمِلِ دَابَّةِ الْمُكَارِي بِلَا إذْنٍ وَلَا إجَارَةٍ وَنَقَلَ عَنْ مَنَاهِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ حَاشِيَةِ الْقُنْيَةِ عَنْ رُكْنِ الْأَئِمَّةِ اسْتَعْمَلَ ثَوْرَ إنْسَانٍ أَوْ عِجْلَتَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ، إذَا كَانَ أَعَدَّهُ لِلْإِجَارَةِ بِأَنْ قَالَ بِلِسَانِهِ أَعْدَدْته لَهَا اهـ فَلْيُحْفَظْ فَهُوَ مَحَلُّ اشْتِبَاهٍ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مُعَدًّا فَقَطْ، وَأَنَّ الْوَقْفَ وَمَالَ الْيَتِيمِ يَجِبُ فِيهِ الْأَجْرُ عَلَى كُلِّ حَالٍّ وَالدَّاعِي إلَى هَذَا التَّقْيِيدِ، مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ مِنْ عِبَارَةِ الْمَتْنِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ وَلِذَا قَدَّمَ الشَّارِحُ عِنْدَ الْكَلَامِ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ أَنَّهُ لَوْ شَرَى دَارًا وَسَكَنَهَا فَظَهَرَتْ وَقْفًا أَوْ لِلصَّغِيرِ لَزِمَهُ الْأَجْرُ صِيَانَةً لَهُمَا وَقَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ مَعَ أَنَّهُ سَكَنَهَا بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ فَاحْفَظْهُ فَقَدْ يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ (قَوْلُهُ كَبَيْتٍ) وَكَذَا الْحَانُوتُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ (قَوْلُهُ فَتَنَبَّهْ) أَيْ وَلَا تَغْفُلُ عَنْ كَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ ح (قَوْلُهُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمَا، أَوْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِأَنْ كَانَ الْبَعْضُ مِلْكًا لَهُ وَالْبَعْضُ وَقْفًا عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ بِالْغَلَبَةِ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ كِتَابِ الْوَقْفِ أَنَّهُ لَوْ سَكَنَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَجِدْ الْآخَرُ مَوْضِعًا يَكْفِيهِ، فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ وَلَا لَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَسْتَعْمِلُهُ بِقَدْرِ مَا اسْتَعْمَلْتَهُ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْخُصُومَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ ثُمَّ بَانَ لِلْغَيْرِ)
فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَقِيَ لَوْ آجَرَ الْغَاصِبُ أَحَدَهَا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى لَا أَجْرَ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الْأَجْرُ بَلْ يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ لِلْمَالِكِ أَشْبَاهٌ وَقُنْيَةٌ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَيَنْظُرُ مَا لَوْ عَطَّلَ الْمَنْفَعَةَ هَلْ يَضْمَنُ الْأُجْرَةَ كَمَا لَوْ سَكَنَ
(وَ) بِخِلَافِ (خَمْرِ الْمُسْلِمِ وَخِنْزِيرِهِ) بِأَنْ أَسْلَمَ وَهُمَا فِي يَدِهِ (إذَا أَتْلَفَهُمَا) مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ فَلَا ضَمَانَ (وَضَمِنَ) الْمُتْلِفُ الْمُسْلِمُ قِيمَتهَا؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ
ــ
[رد المحتار]
أَيْ ظَهَرَ أَنَّ الْبَيْتَ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ حَالَ كَوْنِهِ مُعَدًّا لِلْإِجَارَةِ ح (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهَا مُلْتَزِمًا لِلْأَجْرِ كَمَا لَوْ رَهَنَهَا الْمَالِكُ فَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ قُنْيَةٌ.
أَقُولُ: بَلْ الْأَجْرُ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ فَتَأَمَّلْهُ بِيرِيٌّ (قَوْلُهُ بَقِيَ لَوْ آجَرَ الْغَاصِبُ أَحَدَهَا) أَيْ أَحَدَ مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةً مِنْ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ أَشْبَاهٌ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى) أَيْ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الْأَجْرُ) أَيْ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا هُوَ فِي عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ بَلْ يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ لِلْمَالِكِ) حَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الَّذِي آجَرَ بِهِ وَإِنْ كَانَ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ حَمَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَقُنْيَةٌ) عِبَارَتُهَا وَلَوْ غَصَبَ دَارًا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَوْقُوفَةً أَوْ لِيَتِيمٍ وَآجَرَهَا وَسَكَنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ قِيلَ لَهُ وَهَلْ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الْأَجْرُ لِمَنْ لَهُ الدَّارُ؟ فَكَتَبَ لَا وَلَكِنْ يَرُدُّ مَا قَبَضَ عَلَى الْمَالِكِ وَهُوَ الْأَوْلَى. ثُمَّ سُئِلَ: يَلْزَمُ الْمُسَمَّى لِلْمَالِكِ أَمْ لِلْعَاقِدِ؟ فَقَالَ: لِلْعَاقِدِ، وَلَا يَطِيبُ لَهُ بَلْ يَرُدُّهُ عَلَى الْمَالِكِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَتَصَدَّقُ بِهِ اهـ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ: الصَّوَابُ أَنَّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَأَمَّا عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ فَعَلَى الْغَاصِبِ أَجْرُ الْمِثْلِ اهـ أَيْ إنْ كَانَ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرَ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ فَلَوْ أَكْثَرَ يَرُدُّ الزَّائِدَ أَيْضًا لِعَدَمِ طِيبِهِ لَهُ كَمَا حَرَّرَهُ الْحَمَوِيُّ وَأَقَرَّهُ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ إلَخْ) عِبَارَتُهَا إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ، وَيُنْظَرُ مَا لَوْ عَطَّلَ إلَخْ. أَقُولُ إنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِي عُطْلٍ لِلسَّاكِنِ، فَلَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَوْفٍ لَا مُعَطَّلٍ، وَإِنْ كَانَ لِمَنْ لَهُ تَأْوِيلُ مِلْكٍ فَلَا وَجْهَ لِلتَّوَقُّفِ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَكَنَ وَاسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرٌ فَكَيْفَ يَلْزَمُهُ إذَا عَطَّلَهَا، وَإِنْ كَانَ لِلْغَاصِبِ أَيْ لَوْ عَطَّلَ غَاصِبٌ مَنْفَعَةَ أَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَلَمْ يَسْتَوْفِهَا فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَصَاحِبِ الدُّرَرِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا يُفِيدُ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ التَّعْطِيلِ تَأَمَّلْ.
وَسُئِلَ فِي الْحَامِدِيَّةِ عَنْ حَانُوتِ وَقْفٍ عَطَّلَهُ زَيْدٌ مُدَّةً فَأَفْتَى بِلُزُومِ أَجْرِ الْمِثْلِ مُسْتَدِلًّا بِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْغَاصِبِ فَلَا مَسَاغَ لَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ بِأَنْ أَسْلَمَ وَهُمَا فِي يَدِهِ) وَكَذَا لَوْ حَصَّلَهُمَا وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَلِفُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِالْمُسْلِمِ ط.
وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى: مُسْلِمٌ غَصَبَ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا هَلْ يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ أَدَاءِ الْخَمْرِ إلَيْهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَرُدَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إذَا عَلِمَ قَطْعًا أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهَا لِيُخَلِّلَهَا يَقْضِي بِرَدِّهَا إلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهَا لِيَشْرَبَهَا يُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِالْإِرَاقَةِ كَمَنْ فِي يَدِهِ سَيْفٌ لِرَجُلٍ فَجَاءَ مَالِكُهُ لِيَأْخُذَهُ مِنْهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ لِيَقْتُلَ بِهِ مُسْلِمًا يُمْسِكُهُ إلَى أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ تَرَكَ هَذَا الرَّأْيَ اهـ مِنَحٌ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) نَتِيجَةُ قَوْلِهِ وَبِخِلَافِ إلَخْ وَوَجْهُهُ عَدَمُ تَقَوُّمِهَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ دَيْنِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَكَذَا لَا يَضْمَنُ الزِّقَّ بِشَقِّهِ لِإِرَاقَةِ الْخَمْرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبُرْهَانِ اهـ وَهَذَا حُكْمُ الدُّنْيَا بَقِيَ حُكْمُ الْآخِرَةِ فَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ خَلًّا لَاتَّخَذَا الْعَصِيرَ لِلْخَلِّ فَعَلَى الْغَاصِبِ إثْمُ الْغَصْبِ، وَإِنْ اتَّخَذَهَا لِلشُّرْبِ، فَلَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ الْمُسْلِمَ) أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيَضْمَنُ مِثْلَ الْخَمْرِ وَقِيمَةَ الْخِنْزِيرِ ابْنُ مَلَكٍ (قَوْلُهُ قِيمَتَهُمَا) أَيْ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قِيمَتَهَا بِلَا ضَمِيرِ تَثْنِيَةٍ أَيْ قِيمَةَ الْخَمْرِ وَالْأَوْلَى هِيَ الْمُوَافَقَةُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَ الْكَنْزِ وَالْقُدُورِيِّ لَوْ كَانَا لِذِمِّيٍّ بِالتَّثْنِيَةِ، وَالثَّانِيَةُ مُوَافِقَةٌ لِتَعْلِيلِ الشَّارِحِ وَلِمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ شَرْحِ الْكَافِي إذَا أَتْلَفَ الْمُسْلِمُ الْخِنْزِيرَ عَلَى ذِمِّيٍّ
فِي حَقِّنَا قِيَمِيٌّ حُكْمًا (لَوْ كَانَا لِذِمِّيِّ) وَالْمُتْلِفُ غَيْرُ الْإِمَامِ أَوْ مَأْمُورُهُ يَرَى ذَلِكَ عُقُوبَةً فَلَا يَضْمَنُ وَلَا الزِّقَّ خِلَافَ مُحَمَّدٍ مُجْتَبَى وَلَا ضَمَانَ فِي مَيْتَةٍ وَدَمٍ أَصْلًا (بِخِلَافِ مَا لَوْ)(اشْتَرَاهَا) أَيْ الْخَمْرَ (مِنْهُ) أَيْ الذِّمِّيِّ (وَشَرِبَهَا فَلَا ضَمَانَ وَلَا ثَمَنَ) ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ بِتَسْلِيطِ بَائِعِهِ، بِخِلَافِ غَصْبِهَا مُجْتَبَى، وَفِيهِ أَتْلَفَ ذِمِّيٌّ خَمْرَ ذِمِّيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْخَمْرِ
(غَصَبَ خَمْرَ مُسْلِمٍ فَخَلَّلَهَا بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ) كَحِنْطَةٍ وَمِلْحٍ يَسِيرٍ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ تَشْمِيسٍ (أَوْ) غَصَبَ (جِلْدَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَهُ بِهِ) بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَتُرَابٍ وَشَمْسٍ (أَخَذَهُمَا الْمَالِكُ مَجَّانًا وَ) لَكِنْ (لَوْ أَتْلَفَهُمَا ضَمِنَ) لَا لَوْ تَلَفًا. وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا وَاعْتَمَدَهُ فِي الْمُنْتَقَى (وَلَوْ خَلَّلَهَا بِذِي قِيمَةٍ كَالْمِلْحِ) الْكَثِيرِ (وَالْخَلِّ مَلَكَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِمَالِكِهِ خِلَافًا لَهُمَا (وَلَوْ دَبَغَ بِهِ) بِذِي قِيمَةٍ
ــ
[رد المحتار]
فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ قِيَمِيٌّ حُكْمًا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ،؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مَمْنُوعٌ عَنْ تَمْلِيكِهَا وَتَمَلُّكِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إعْزَازِهَا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ لَوْ كَانَا لِذِمِّيٍّ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا أَظْهَرَ بَيْعَهُمَا قَالَ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْمُجْتَبَى: ذِمِّيٌّ أَظْهَرَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يُمْنَعُ مِنْهُ، فَإِنْ أَرَاقَهُ رَجُلٌ أَوْ قَتَلَ خِنْزِيرَهُ ضَمِنَ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا يَرَى ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ الزِّقَّ وَلَا الْخِنْزِيرَ وَلَا الْخَمْرَ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ اهـ وَنَقَلَ ط عَنْ الْبُرْهَانِ تَقْيِيدَ الْإِطْلَاقِ بِمَا إذَا لَمْ يُظْهِرْهَا تَأَمَّلْ وَسَيَأْتِي تَمَامُ كَلَامٍ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ يَرَى ذَلِكَ عُقُوبَةً) حَالٌ مِنْ الْإِمَامِ أَيْ يَرَى جَوَازَ الْعُقُوبَةِ بِهِ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا أَوْ مُقَلِّدًا لِمُجْتَهِدٍ يَرَاهُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ السَّابِقُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ فِي مَيْتَةٍ وَدَمٍ أَصْلًا) أَيْ مُطْلَقًا وَلَوْ لِذِمِّيٍّ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ إذْ لَا يَدِينُ تَمَوُّلَهُمَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ هِدَايَةٌ وَهَذَا فِي الْمَيِّتَةِ حَتْفَ أَنْفِهَا؛ لِأَنَّ ذَبِيحَةَ الْمَجُوسِيِّ وَمَخْنُوقَتَهُ وَمَوْقُوذَتَهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الضَّمَانُ أَتْقَانِيٌّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ وَشَرِبَهَا) الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْإِتْلَافِ كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْقُنْيَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ إلَخْ) بَيَانٌ لِوَجْهِ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْغَصْبِ وَالشِّرَاءِ. قَالَ فِي الْمِنَحِ: لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ: وَهِيَ أَنَّ الْمُتَضَمَّنَ يَبْطُلُ بِبُطْلَانِ الْمُتَضَمِّنِ وَهُنَا لَمَّا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْخَمْرِ وَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ التَّسْلِيطِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ خُرُوجَهُ عَنْ الْقَاعِدَةِ بِبَيَانِ وَجْهٍ أَوْ أَنَّهَا أَكْثَرِيَّةٌ اهـ قَالَ الرَّمْلِيُّ: لِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ كَوْنَهُ مِنْهَا إذْ التَّسْلِيطُ حَصَلَ بِالْفِعْلِ قَصْدًا لَا ضِمْنًا فَتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا) أَيْ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِمِثْلِ الْخَمْرِ أَوْ بَعْدَهُ مِنَحٌ (قَوْلُهُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ) أَيْ عَنْ الْإِمَامِ وَهِيَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْخَمْرِ) أَيْ عَلَى الْمُتْلِفِ إذَا أَسْلَمَ وَحْدَهُ وَكَذَا إذَا أَسْلَمَا وَسَبَقَ إسْلَامُهُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَوْ أَسْلَمَ الطَّالِبُ بَعْدَ مَا قُضِيَ لَهُ بِمِثْلِهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ فِي حَقِّهِ لَيْسَتْ بِمُتَقَوِّمَةٍ فَكَانَ بِإِسْلَامِهِ مُبْرِئًا لَهُ عَمَّا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْخَمْرِ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَا؛ لِأَنَّ فِي إسْلَامِهِمَا إسْلَامَ الطَّالِبِ. وَلَوْ أَسْلَمَ الْمَطْلُوبُ وَحْدَهُ أَوْ أَسْلَمَا الْمَطْلُوبُ ثُمَّ أَسْلَمَا الطَّالِبُ بَعْدَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَجِبُ قِيمَةُ الْخَمْرِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ فَافْهَمْ، وَقَيَّدَ بِالْخَمْرِ لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّهُ فِي الْخِنْزِيرِ يَبْقَى الضَّمَانُ بِإِسْلَامِهِمَا أَوْ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُ الْأَصْلِيَّ الْقِيمَةُ وَالْإِسْلَامُ لَا يُنَافِيهَا اهـ
(قَوْلُهُ أَخَذَهُمَا الْمَالِكُ مَجَّانًا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَطْهِيرٌ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْغُسْلِ فَيَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ إذْ لَا تَثْبُتُ الْمَالِيَّةُ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَوْ أَتْلَفَهُمَا ضَمِنَ) لَمَّا كَانَ هُنَا الْمَغْصُوبُ خَمْرَ الْمُسْلِمِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ خَمْرَ الْمُسْلِمِ لَا يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ كَانَ مَظِنَّةً لِتَوَهُّمِ عَدَمِ الضَّمَانِ هُنَا أَيْضًا فَالِاسْتِدْرَاكُ فِي مَحَلِّهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ ضَمِنَ) أَيْ مِثْلَ الْخَلِّ وَقِيمَةَ الْجِلْدِ ح (قَوْلُهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا) أَيْ فِي صُورَةِ الْإِتْلَافِ ط (قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ فِي الْمُلْتَقَى) حَيْثُ قَالَ: فَلَوْ أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا وَقِيلَ طَاهِرًا غَيْرَ مَدْبُوغٍ (قَوْلُهُ مِلْكُهُ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْحَ وَالْخَلَّ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَالْخَمْرُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فَيُرَجَّحُ جَانِبُ الْغَاصِبِ فَيَكُونُ لَهُ بِلَا شَيْءٍ (قَوْلُهُ لِمَالِكِهِ) أَيْ الْمَالِكِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) فَعِنْدَهُمَا يَأْخُذُ الْمَالِكُ إنْ شَاءَ وَيَرُدُّ
كَقَرَظٍ وَعَفَصٍ (الْجِلْدَ أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَرَدَّ مَا زَادَ الدِّبْغُ) وَلِلْغَاصِبِ حَبْسُهُ حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ (وَلَوْ أَتْلَفَهُ لَا يَضْمَنُ) كَمَا لَوْ تَلِفَ وَلَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِ الْمَيْتَةِ وَلَوْ لِذِمِّيٍّ وَلَا بِإِتْلَافِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا وَلَوْ لِمَنْ يُبِيحُهُ مُلْتَقًى؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمُحَاجَّةِ ثَابِتَةٌ
(وَضَمِنَ بِكَسْرِ مِعْزَفٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ آلَةُ اللَّهْوِ وَلَوْ لِكَافِرٍ ابْنُ كَمَالٍ (قِيمَتُهُ) خَشَبًا مَنْحُوتًا
ــ
[رد المحتار]
قَدْرَ وَزْنِ الْمِلْحِ مِنْ الْخَلِّ، فَلَوْ أَتْلَفَهَا الْغَاصِبُ لَا يَضْمَنُ خِلَافًا لَهُمَا مُلْتَقًى (قَوْلُهُ كَقَرَظٍ) بِفَتْحَتَيْنِ وَبِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ وَرَقُ السَّلَمِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَمَا فِي الْمِنَحِ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ كَقَرْضٍ بِالضَّادِ تَصْحِيفٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ الْجِلْدَ) مَفْعُولُ دَبَغَ (قَوْلُهُ أَخَذَهُ الْمَالِكُ) وَقَوْلُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ: وَإِذَا دَبَغَ بِذِي قِيمَةٍ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ سَهْوٌ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ الْأَوَّلِ كَمَا بَسَطَهُ الْبَاقَانِيُّ دُرٌّ مُنْتَقًى. قِيلَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخَلِّ وَالْجِلْدِ فِي أَنَّ الْمَالِكَ يَأْخُذُ الْجِلْدَ لَا الْخَلَّ أَنَّ الْجَلْدَ بَاقٍ لَكِنْ أَزَالَ عَنْهُ النَّجَاسَاتِ وَالْخَمْرُ غَيْرُ بَاقِيَةٍ، بَلْ صَارَتْ حَقِيقَةً أُخْرَى وَلِابْنِ الْكَمَالِ فِيهِ كَلَامٌ (قَوْلُهُ وَرَدَّ مَا زَادَ الدَّبْغُ) بِأَنْ يُقَوَّمَ مَدْبُوغًا وَذَكِيًّا غَيْرَ مَدْبُوغٍ وَيَرُدَّ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا مُلْتَقًى قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْجِلْدَ لِلْغَاصِبِ وَيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَدْبُوغٍ لِعَدَمِ تَقَوُّمِهِ قَبْلَ الدَّبْغِ (قَوْلُهُ وَلِلْغَاصِبِ حَبْسُهُ إلَخْ) فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ سَقَطَ عَنْ الْمَالِكِ قِيمَةُ الزِّيَادَةِ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَتْلَفَهُ لَا يَضْمَنُ) أَيْ لَوْ أَتْلَفَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ طَاهِرًا؛ لِأَنَّ تَقَوُّمَ الْجِلْدِ حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَحَقُّهُ قَائِمٌ فِيهِ، وَالْجِلْدُ تَبَعٌ لِفِعْلِهِ فِي حَقِّ التَّقَوُّمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَقَوِّمًا قَبْلَ الدِّبَاغَةِ. وَالْأَصْلُ وَهُوَ الصَّنْعَةُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ بِالْإِتْلَافِ، فَكَذَا تَبِعَهُ بِخِلَافِ الْمَدْبُوغِ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ فِيهِ شَيْءٌ مُتَقَوِّمٌ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ غَيْرُ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَكَذَا التَّبَعُ ابْنُ مَلَكٍ.
وَفِي النِّهَايَةِ: لَوْ جَعَلَهُ الْغَاصِبُ بَعْدَ دِبَاغَتِهِ فَرْوًا فَإِنَّ جَلَدَ ذَكَّى فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ اتِّفَاقًا وَإِنْ جَلَدَ مَيْتَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَدَّلَ اسْمُهُ وَمَعْنَاهُ بِفِعْلِهِ وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ إلَخْ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ لَكِنْ أَعَادَهُ لِيَرْبِطَهُ بِمَا بَعْدَهُ إظْهَارًا لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّا لَمَّا أَمَرْنَا بِتَرْكِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى مَا اعْتَقَدُوهُ مِنْ الْبَاطِلِ وَجَبَ عَلَيْنَا تَرْكُ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ عَلَى مَا اعْتَقَدُوهُ مَعَ احْتِمَالِ الصِّحَّةِ فِيهِ بِالْأَوْلَى، وَالْفَرْقُ أَنَّ وِلَايَةَ الْمُحَاجَّةِ ثَابِتَةٌ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى الْحُرْمَةِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ اعْتِقَادُ الضَّمَانِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُبِحْهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لِمُبِيحِهِ كَشَافِعِيٍّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمُحَاجَّةِ ثَابِتَةٌ) أَيْ بِنَصِّ {وَلا تَأْكُلُوا} [البقرة: 188]- قَالَ فِي الْعِنَايَةِ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ الدَّالَّ عَلَى تَرْكِ الْمُحَاجَّةِ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ دَالٌّ عَلَى تَرْكِهَا مَعَ الْمُجْتَهِدِينَ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى عَلَى مَا قَرَرْتُمْ وَالْجَوَابُ: أَنَّ الدَّلِيلَ هُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «اُتْرُكُوهُمْ وَمَا يَدِينُونَ» وَكَانَ ذَلِكَ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِينَ اهـ.
وَفِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ: وَالْأَوْلَى أَنَّ اسْتِحْلَالَ مَتْرُوكِ التَّمْسِيَةِ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْكِتَابِ وَالْخَصْمُ مُؤْمِنٌ بِهِ فَيُثْبِتُ وِلَايَةَ الْمُحَاجَّةِ
(قَوْلُهُ آلَةُ اللَّهْوِ) كَبَرْبَطٍ وَمِزْمَارٍ وَدُفٍّ وَطَبْلٍ وَطُنْبُورٍ مِنَحٌ وَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْكَمَالِ أَنَّ الْعَزْفَ بِلَا مِيمٍ هُوَ آلَةُ اللَّهْوِ وَأَمَّا الْمِعْزَفُ بِالْمِيمِ فَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الطَّنَابِيرِ يَتَّخِذُهُ أَهْلُ الْيَمَنِ وَكَتَبَ عَلَى الْهَامِشِ أَنَّ صَدْرَ الشَّرِيعَةِ أَخْطَأَ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمِعْزَفِ وَالْعَزْفِ، وَهُوَ كَفَلْسٍ جَمْعُهُ مَعَازِفُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَعَزَفَ كَضَرَبَ سَائِحَانِيٌّ وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِكَافِرٍ) الْأَوْلَى: وَلَوْ لِمُسْلِمٍ لِيُفِيدَ الْكَافِرَ بِالْأَوْلَى لَمَّا قِيلَ إنَّهُ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا يَأْتِي، وَلِأَنَّ خَمْرَ الْمُسْلِمِ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِخِلَافِ خَمْرِ الْكَافِرِ كَمَا مَرَّ، فَإِذَا ضَمِنَ مِعْزَفَ الْمُسْلِمِ مَعَ عَدَمِ ضَمَانِ خَمْرِهِ عَلِمَ ضَمَانَ مِعْزَفِ الْكَافِرِ بِالْأَوْلَى فَتَدَبَّرْ. وَعِبَارَةُ ابْنِ الْكَمَالِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ لِمُسْلِمٍ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِهِ لَهُ
(صَالِحًا لِغَيْرِ اللَّهْوِ وَ) ضَمِنَ الْقِيمَةَ لَا الْمِثْلَ (بِإِرَاقَةِ سُكْرٍ وَمُنَصَّفٍ) سَيَجِيءُ بَيَانُهُ فِي الْأَشْرِبَةِ (وَصَحَّ بَيْعُهَا) كُلُّهَا وَقَالَا لَا يَضْمَنُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مُلْتَقًى وَدُرَرٌ وَزَيْلَعِيٌّ وَغَيْرُهَا، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ. وَأَمَّا طَبْلُ الْغُزَاةِ زَادَ فِي حَظْرِ الْخُلَاصَةِ وَالصَّيَّادِينَ وَالدُّفُّ الَّذِي يُبَاحُ ضَرْبُهُ فِي الْعُرْسِ فَمَضْمُونٌ اتِّفَاقًا (كَالْأَمَةِ الْمُغَنِّيَةِ وَنَحْوِهَا) كَكَبْشٍ نَطُوحٍ وَحَمَامَةٍ طَيَّارَةٍ وَدِيكٍ مُقَاتِلٍ وَعَبْدٍ خَصِيٍّ حَيْثُ تَجِبُ قِيمَتُهَا غَيْرَ صَالِحَةٍ لِهَذَا الْأَمْرِ.
(وَلَوْ غَصَبَ أُمَّ وَلَدٍ فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ) مَوْتِ (الْمُدَبَّرِ) لِتَقَوُّمِ الْمُدَبَّرِ دُونَ أُمِّ الْوَلَدِ وَقَالَا يَضْمَنُهَا لِتَقَوُّمِهَا (حَلَّ قَيْدُ عَبْدِ غَيْرِهِ أَوْ رَبْطُ دَابَّتِهِ أَوْ فَتْحُ بَابِ إصْطَبْلِهَا أَوْ قَفَصِ طَائِرِهِ فَذَهَبَتْ) هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ
ــ
[رد المحتار]
وَكَوْنِهِ لِكَافِرٍ (قَوْلُهُ صَالِحًا لِغَيْرِ اللَّهْوِ) فَفِي الدُّفِّ قِيمَتُهُ دُفًّا يُوضَعُ فِيهِ الْقُطْنُ وَفِي الْبَرْبَطِ قَصْعَةُ ثَرِيدٍ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ سَيَجِيءُ بَيَانُهُ) بَيَّنَهُ فِي الْهِدَايَةِ هُنَا فَقَالَ السَّكَرُ أَيْ بِفَتْحَتَيْنِ اسْمٌ لِلنِّيءِ مِنْ مَاءِ الرُّطَبِ إذَا اشْتَدَّ وَالْمُنَصَّفُ مَا ذَهَبَ نِصْفُهُ بِالطَّبْخِ (قَوْلُهُ وَصَحَّ بَيْعُهَا كُلِّهَا) ؛ لِأَنَّهَا أَمْوَالٌ مُتَقَوِّمَةٌ لِصَلَاحِيَّتِهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا لِغَيْرِ اللَّهْوِ، فَلَمْ تُنَافِ الضَّمَانَ كَالْأَمَةِ الْمُغَنِّيَةِ، بِخِلَافِ الْخَمْرِ فَإِنَّهَا حَرَامٌ لِعَيْنِهَا. وَأَمَّا السُّكْرُ وَنَحْوُهُ فَحُرْمَتُهُ عُرِفَتْ بِالِاجْتِهَادِ وَبِأَخْبَارِ الْآحَادِ فَقَصُرَتْ عَنْ حُرْمَةِ الْخَمْرِ، فَجَوَّزْنَا الْبَيْعَ، وَقُلْنَا يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ لَا بِالْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يُمْنَعُ عَنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَوْ أَخَذَ الْمِثْلَ جَازَ لِعَدَمِ سُقُوطِ التَّقَوُّمِ أَتْقَانِيٌّ مُلَخَّصًا وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَوَقُّفُ الْمُحَشِّي (قَوْلُهُ وَقَالَ إلَخْ) هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الضَّمَانِ دُونَ إبَاحَةِ إتْلَافِ الْمَعَازِفِ، وَفِيمَا يَصْلُحُ لِعَمَلٍ آخَرَ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنُ شَيْئًا اتِّفَاقًا، وَفِيمَا إذَا فَعَلَ بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ اتِّفَاقًا، وَفِي غَيْرِ عَوْدِ الْمُغَنِّي وَخَابِيَةِ الْخِمَارِ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْسِرْهَا عَادَ لِفِعْلِهِ الْقَبِيحِ، وَفِيمَا إذَا كَانَ لِمُسْلِمٍ فَلَوْ لِذِمِّيٍّ ضَمِنَ اتِّفَاقًا قِيمَتَهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَكَذَا لَوْ كَسَرَ صَلِيبَهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّهِ.
قُلْت: لَكِنْ جَزَمَ الْقُهُسْتَانِيُّ وَابْنُ الْكَمَالِ أَنَّ الذِّمِّيَّ كَالْمُسْلِمِ فَلْيُحَرَّرْ دُرٌّ مُنْتَقًى. أَقُولُ: وَجَزَمَ بِهِ فِي الِاخْتِيَارِ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ اقْتَصَرَ فِي الْهِدَايَةِ عَلَى ذِكْرِ الْمُسْلِمِ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ الْخِلَافِ وَبِهِ يَتَحَرَّرُ الْمَقَامُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَالدُّفُّ الَّذِي يُبَاحُ إلَخْ) احْتِرَازٌ عَنْ الْمُصَنَّجِ فَفِي النِّهَايَةِ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ غَيْرَ صَالِحَةٍ لِهَذَا الْأَمْرِ) أَيْ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ غَيْرَ خَصِيٍّ ط
(قَوْلُهُ فَهَلَكَتْ) عَبَّرَ بِهِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ ثَبَتَ مُوجِبُهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَحَرِّرْهُ ط.
أَقُولُ: فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: وَلَوْ جَنَى عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا يَجِبُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَانِي بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ لِتَقَوُّمِ الْمُدَبَّرِ) أَيْ بِثُلُثَيْ قِيمَةِ الْقِنِّ وَقِيلَ بِنِصْفِهَا أَفَادَهُ الْعَيْنِيُّ وَلَا يَمْلِكُهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ لِتَقَوُّمِهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ وَقِيمَتُهَا ثُلُثُ قِيمَةِ الْقِنِّ حَمَوِيٌّ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِضَمِيرِ الْقُنْيَةِ (قَوْلُهُ حَلَّ قَيْدُ عَبْدِ غَيْرِهِ) الْخِلَافُ فِي الْعَبْدِ الْمَجْنُونِ، فَلَوْ عَاقِلًا لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ فَذَهَبَتْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ) عَدَمُ الضَّمَانِ قَوْلُهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي الدَّابَّةِ وَالطَّيْرِ، وَظَاهِرُ الْقُهُسْتَانِيِّ وَالْبُرْجُنْدِيِّ: أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُلِّ، وَأَنَّ الْمُودَعَ لَوْ فَعَلَ مَا ذَكَرَ ضَمِنَ بِالِاتِّفَاقِ لِالْتِزَامِهِ الْحِفْظِ دُرٌّ مُنْتَقًى وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ قَالَ فِي النَّظْمِ: لَوْ زَادَ عَلَى مَا فَعَلَ بِأَنْ فَتَحَ الْقَفَصَ وَقَالَ لِلطَّيْرِ كِشْ كِشْ أَوْ بَابٌ إصْطَبْلٍ فَقَالَ لِلْبَقَرِ هِشْ هِشْ، أَوْ لِلْحِمَارِ هِرْ هِرْ يَضْمَنُ اتِّفَاقًا وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ شَقَّ الزِّقَّ وَالدُّهْنُ سَائِلٌ أَوْ قَطَعَ الْحَبْلَ حَتَّى سَقَطَ الْقِنْدِيلُ يَضْمَنُ اهـ ط.