الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ: مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى
(مُكَاتَبٌ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ) نَجْمٍ (إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سَيَصِلُ إلَيْهِ لَمْ يُعَجِّزْهُ الْحَاكِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِأَنَّهَا مُدَّةٌ ضُرِبَتْ لِإِبْلَاءِ الْأَعْذَارِ (وَإِلَّا عَجَّزَهُ) الْحَاكِمُ فِي الْحَالِ (وَفَسَخَهَا بِطَلَبِ مَوْلَاهُ أَوْ فَسَخَ مَوْلَاهُ بِرِضَاهُ، وَلَوْ) كَانَتْ الْكِتَابَةُ (فَاسِدَةً) فَالْمَوْلَى (لَهُ الْفَسْخُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَيَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ فَسْخَهَا مُطْلَقًا فِي الْجَائِزَةِ وَالْفَاسِدَةِ) وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمَوْلَى (وَعَادَ رِقُّهُ) بِفَسْخِهَا (وَمَا فِي يَدِهِ لِمَوْلَاهُ)
(وَ) الْمُكَاتَبُ (إذَا مَاتَ وَلَهُ مَالٌ) يَفِي بِالْبَدَلِ (لَمْ تُفْسَخْ، وَتُؤَدَّى كِتَابَتُهُ مِنْ مَالِهِ وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ) جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ (حَيَاتِهِ، كَمَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ أَوْلَادِهِ) الْمَوْلُودِينَ فِي كِتَابَتِهِ لَا قَبْلَهَا (وَالْبَاقِي مِنْ مَالِهِ مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ، وَلَوْ) لَمْ يَتْرُكْ مَالًا وَ (تَرَكَ وَلَدًا) وُلِدَ (فِي كِتَابَتِهِ وَلَا وَفَاءَ بَقِيَتْ كِتَابَتُهُ
ــ
[رد المحتار]
[بَابٌ مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى]
تَأْخِيرُهُ ظَاهِرُ التَّنَاسُبِ إذْ الْمَوْتُ وَالْعَجْزُ بَعْدَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: عَنْ أَدَاءِ نَجْمٍ) النَّجْمُ: هُوَ الطَّالِعُ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ مَا يُؤَدَّى فِيهِ مِنْ الْوَظِيفَةِ، وَاشْتَقُّوا مِنْهُ قَوْلَهُمْ: نَجْمُ الدِّيَةِ: أَيْ أَدَاؤُهَا نُجُومًا صِحَاحٌ وَمُغْرِبٌ مُلَخَّصًا، فَاسْتِعْمَالُهُ - بِمَعْنَى مَا يُؤَدَّى - مَجَازٌ بِمَرْتَبَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: سَيَصِلُ إلَيْهِ) كَدَيْنٍ يَقْتَضِيهِ أَوْ مَالٍ يُقَدَّمُ هِدَايَةٌ. (قَوْلُهُ: الْحَاكِمُ) شَمِلَ الْمُحَكَّمَ لِأَنَّ حُكْمَهُ يَصِحُّ فِيمَا سِوَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ إذَا كَانَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْقَضَاءِ أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِإِبْلَاءِ الْأَعْذَارِ) أَيْ لِاخْتِبَارِ أَصْحَابِهَا، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: كَإِهْمَالِ الْخَصْمِ لِلدَّفْعِ وَالْمَدْيُونِ لِلْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عَجَّزَهُ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يُرْجَ لَهُ مَالٌ وَهَذَا عِنْدَهُمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُعَجِّزُهُ حَتَّى يَتَوَالَى عَلَيْهِ نَجْمَانِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه: إذَا تَوَالَى عَلَيْهِ نَجْمَانِ رُدَّ فِي الرِّقِّ وَحَمَلَاهُ عَلَى النَّدْبِ: أَيْ يُنْدَبُ أَنْ لَا يَرُدَّهُ قَبْلَهُمَا لِتَعَارُضِ الْآثَارِ. (قَوْلُهُ: وَفَسَخَهَا) أَيْ وُجُوبًا، وَذَكَرَ الْفَسْخَ بَعْدَ التَّعْجِيزِ لِأَنَّ التَّعْجِيزَ غَيْرُ كَافٍ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ. (قَوْلُهُ: فَالْمَوْلَى لَهُ الْفَسْخُ) بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَفْعًا لِلْإِثْمِ بِالرُّجُوعِ عَنْ سَبَبِهِ ط. (قَوْلُهُ: وَعَادَ رِقُّهُ) أَيْ حُكْمُ رِقِّهِ، وَالْأَوْلَى قَوْلُ الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ أَحْكَامُ الرِّقِّ لِأَنَّ رِقَّهُ لَمْ يَزُلْ أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ. (قَوْلُهُ: وَمَا فِي يَدِهِ لِمَوْلَاهُ) وَلَوْ صَدَقَةً وَهُوَ غَنِيٌّ فِي الصَّحِيحِ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ مَالٌ لَمْ تُفْسَخْ) لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً تَنْفَسِخُ، حَتَّى لَوْ تَبَرَّعَ أَحَدٌ بِالْبَدَلِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ. وَذَهَبَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِدُونِ الْحَاكِمِ كَمَا فِي الصُّغْرَى قُهُسْتَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَتُؤَدَّى كِتَابَتُهُ مِنْ مَالِهِ) فَلَوْ عَلَيْهِ دُيُونٌ لِلْمَوْلَى وَلِأَجْنَبِيٍّ فَفِي الْبَدَائِعِ يُبْدَأُ بِدَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَفَاءٌ بِدَيْنِ الْمَوْلَى وَبِالْكِتَابَةِ بُدِئَ بِدَيْنِ الْمَوْلَى وَإِلَّا فَبِالْكِتَابَةِ، وَيَسْتَوْفِي الْمَوْلَى الدَّيْنَ إذَا ظَهَرَ لَهُ مَالٌ. أَمَّا لَوْ بُدِئَ بِهِ صَارَ عَاجِزًا، وَلَا يَجِبُ لِلْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ الْقِنِّ دَيْنٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ أَوْلَادِهِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ الَّذِينَ اشْتَرَاهُمْ فِي كِتَابَتِهِ مَعَ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِمْ، فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: كَمَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ مَنْ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ ح. وَفِي الْغُرَرِ: وَحُكِمَ بِعِتْقِ بَنِيهِ، سَوَاءٌ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ أَوْ شَرَاهُمْ حَالَ كِتَابَتِهِ أَوْ كُوتِبَ هُوَ وَابْنُهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا بِمَرَّةٍ أَيْ بِكِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَتْبَعُهُ فِي الْكِتَابَةِ وَبِعِتْقِهِ عَتَقُوا اهـ ط. (قَوْلُهُ: الْمَوْلُودِينَ فِي كِتَابَتِهِ) أَيْ مِنْ أَمَتِهِ بِالتَّسَرِّي وَإِنْ حَرُمَ لِعَدَمِ مُنَافَاتِهَا ثُبُوتَ النَّسَبِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ، وَسَنَذْكُرُ صُورَتَيْنِ عَنْ الْبَدَائِعِ غَيْرَ هَذِهِ. (قَوْلُهُ: لِوَرَثَتِهِ) أَيْ لِأَوْلَادِهِ الْأَحْرَارِ، بِأَنْ وُلِدُوا مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ، وَكَذَا الْمَوْلُودُونَ فِي الْكِتَابَةِ وَاَلَّذِينَ اشْتَرَاهُمْ فِيهَا وَوَالِدَاهُ يُعْتِقُهُمْ بِعِتْقِهِ، وَكَذَا وَلَدُهُ الْمُكَاتَبُ مَعَهُ بِمَرَّةٍ لَا الْمُكَاتَبُ عَلَى حِدَةٍ لِأَنَّهُ يَمُوتُ حُرًّا وَوَلَدُهُ مُكَاتَبٌ وَالْمُكَاتَبُ لَا يَرِثُ بَدَائِعُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مِنْ الْقَرَابَةِ فَلِسَيِّدِهِ بِالْوَلَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا) لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا وَفَاءَ لَهُ ح. (قَوْلُهُ: وُلِدَ فِي كِتَابَتِهِ) بِأَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً بِإِذْنِ مَوْلَاهُ فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُكَاتَبُ وَوَلَدَهَا، أَوْ الْمُكَاتَبَةُ وَلَدَتْ مِنْ
وَسَعَى) الِابْنُ فِي كِتَابَةِ أَبِيهِ (عَلَى نُجُومِهِ) الْمُقَسَّطَةِ (فَإِذَا أَدَّى حُكِمَ بِعِتْقِ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَبِعِتْقِهِ تَبَعًا وَلَوْ تَرَكَ وَلَدًا اشْتَرَاهُ) فِي كِتَابَتِهِ (أَدَّى الْبَدَلَ حَالًا أَوْ رُدَّ إلَى حَالِهِ رَقِيقًا) وَسَوَّيَا بَيْنَهُمَا وَأَمَّا الْأَبَوَانِ فَيُرَدَّانِ لِلرِّقِّ كَمَا مَاتَ وَقَالَا: إنْ أَدَّيَا حَالًا عَتَقَا وَإِلَّا لَا.
(اشْتَرَى) الْمُكَاتَبُ (ابْنَهُ فَمَاتَ عَنْ وَفَاءٍ وَرِثَهُ ابْنُهُ) لِمَوْتِهِ حُرًّا عَنْ ابْنٍ حُرٍّ كَمَا مَرَّ (وَكَذَا) يَرِثُهُ (لَوْ كَانَ
ــ
[رد المحتار]
غَيْرِ مَوْلَاهَا بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ: وَسَعَى) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى السَّعْيِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
قَالَ فِي الْكَافِي: لَوْ كَانَتْ أَمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَوَلَدَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَمَاتَتْ وَبَقِيَ الْوَلَدُ يَبْقَى خِيَارُهُ وَعَقْدُ الْكِتَابَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالثَّانِي، وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهُ. وَإِذَا أَجَازَ يَسْعَى الْوَلَدُ عَلَى نُجُومِ الْأُمِّ، وَإِنْ أَدَّى عَتَقَتْ الْأُمُّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَعِنْدَ الثَّالِثِ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ، وَلَا تَصِحُّ إجَازَةُ الْمَوْلَى وَهُوَ الْقِيَاسُ اهـ طُورِيٌّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ قُدْرَتَهُ عَلَى السَّعْيِ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ أَجَابَ فِي هَامِشِ حَاشِيَتِهِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ لَهُ شَخْصًا وَصِيًّا فَيَجْمَعُ لَهُ مَالًا وَتَنْفَكُّ رَقَبَتُهُ، وَمِثْلُ الصَّغِيرِ الْمُقْعَدُ وَالزَّمِنُ وَالْمَجْنُونُ اهـ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: عَلَى نُجُومِهِ) فَلَا يُرَدُّ إلَى الرِّقِّ إلَّا إذَا أَخَلَّ بِنَجْمٍ أَوْ نَجْمَيْنِ عَلَى الِاخْتِلَافِ بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ: حُكِمَ بِعِتْقِ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَبِعِتْقِهِ) كَذَا جَعَلَ الْعِتْقَ مُسْتَنَدًا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَسْتَنِدُ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ. (قَوْلُهُ: أَدَّى الْبَدَلَ حَالًا أَوْ رُدَّ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ، لِأَنَّ الْأَجَلَ يَثْبُتُ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ فَيَثْبُتُ فِي حَقِّ مَنْ دَخَلَ تَحْتَ الْكِتَابَةِ وَالْمُشْتَرَى لَمْ يَدْخُلْ لِأَنَّهُ لَمْ يُضَفْ إلَيْهِ الْعَقْدُ وَلَمْ يَسْرِ حُكْمُهُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُنْفَصِلًا وَقْتَ الْكِتَابَةِ.
وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ فِي فَصْلِ تَصَرُّفَاتِ الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ. وَأَيْضًا لَوْ لَمْ يَسْرِ حُكْمُهُ إلَيْهِ لَمَا عَتَقَ عِنْدَهُ بِأَدَاءِ الْبَدَلِ حَالًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِدُخُولِ الْمُشْتَرَى لَيْسَ لِسِرَايَةِ حُكْمِ الْعَقْدِ الْجَارِي بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَالْمَوْلَى إلَيْهِ، بَلْ يُجْعَلُ الْمُكَاتَبُ مُكَاتَبًا لِوَلَدِهِ بِاشْتِرَائِهِ إيَّاهُ تَحْقِيقًا لِلصِّلَةِ، وَبِأَنَّ عِتْقَ الْوَلَدِ الْمُشْتَرَى عِنْدَهُ بِالْأَدَاءِ حَالًا لَيْسَ لِأَجْلِ السِّرَايَةِ أَيْضًا بَلْ بِصَيْرُورَةِ الْمُكَاتَبِ كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ فِي الْكَافِي طُورِيٌّ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: وَسَوَّيَا بَيْنَهُمَا) فَيَسْعَى عَلَى نُجُومِ أَبِيهِ عِنْدَهُمَا، وَكَذَا كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ اشْتَرَاهُمْ أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَيُرَدَّانِ لِلرِّقِّ) هَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ. وَفِي إمْلَاءِ رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ جَعَلَهُ كَالْوَلَدِ الْمُشْتَرَى فِي الْكِتَابَةِ، فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَنَقَلَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ الثَّانِيَةَ عَنْ شَرْحِ الْكَافِي لِلْبَزْدَوِيِّ، وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ فِي الْبَدَائِعِ، ثُمَّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَاتَبِ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِهِ. قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: فَإِنْ تَرَكَ مَعَ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ أَبَوَيْهِ وَوَلَدًا آخَرَ مُشْتَرًى فِي الْكِتَابَةِ فَهُمْ مَوْقُوفُونَ عَلَى أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ مِنْ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ، وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى بَيْعُهُمْ وَلَا أَنْ يَسْتَسْعِيَهُمْ، فَإِذَا أَدَّى الْمَوْلُودُ فِيهَا بَدَلَهَا عَتَقَ وَعَتَقُوا جَمِيعًا، وَإِنْ عَجَزَ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ رُدَّ هَؤُلَاءِ مَعَهُ إلَّا أَنْ يَقُولُوا نَحْنُ نُؤَدِّي الْمَالَ السَّاعَةَ فَيُقْبَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعَجْزِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَاتَ) أَيْ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا بَدَلٌ حَالٌّ وَلَا مُؤَجَّلٌ عِنْدَ الْإِمَامِ ح. (قَوْلُهُ: وَقَالَا: إنْ أَدَّيَا حَالًا عَتَقَا وَإِلَّا لَا) الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ والشُّرُنبُلالِيَّةِ أَنَّ الْأُصُولَ كَالْفُرُوعِ عِنْدَهُمَا فِي السَّعْيِ عَلَى النُّجُومِ، فَلْيُنْظَرْ مِنْ أَيْنَ أَخَذَ الشَّارِحُ هَذَا الْكَلَامَ ح.
أَقُولُ: الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي ذَلِكَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي فَصْلِ تَصَرُّفَاتِ الْمُكَاتَبِ أَنَّ الْوَالِدَيْنِ يُرَدَّانِ لِلرِّقِّ كَمَا
هُوَ) أَيْ الْمُكَاتَبُ (وَابْنُهُ) الْكَبِيرُ (مُكَاتَبَيْنِ كِتَابَةً وَاحِدَةً) لِصَيْرُورَتِهِمَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ ضَرُورَةَ اتِّحَادِ الْعَقْدِ.
(فَإِنْ تَرَكَ) الْمُكَاتَبُ (وَلَدًا مِنْ حُرَّةٍ) أَيْ مُعْتَقَةٍ (وَتَرَكَ دَيْنًا يَفِي بِبَدَلِهَا فَجَنَى الْوَلَدُ فَقُضِيَ بِهِ) بِمَا جَنَى (عَلَى عَاقِلَةِ أُمِّهِ) ضَرُورَةَ أَنَّ الْأَبَ لَمْ يَعْتِقْ بَعْدُ (لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ) الْقَضَاءُ (تَعْجِيزًا لِأَبِيهِ) لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ وَلَا رُجُوعَ،
ــ
[رد المحتار]
مَاتَ وَعَزَاهُ لِلتَّبْيِينِ وَالْعِنَايَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَدَائِعِ: إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ مِنْ غَيْرِ مَالٍ يُقَالُ لِلْوَلَدِ الْمُشْتَرَى وَلِلْوَالِدَيْنِ إمَّا أَنْ تُؤَدُّوا الْكِتَابَةَ حَالًا وَإِلَّا رَدَدْنَاكُمْ فِي الرِّقِّ، بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ اهـ، لَكِنْ تَنْتَفِي الْمُخَالَفَةُ بِحَمْلِ مَا فِي الْبَدَائِعِ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ: وَيُحْمَلُ غَيْرُهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ، وَسَنَذْكُرُهُ اهـ كَلَامُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، ثُمَّ نَقَلَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْوَالِدَيْنِ لَيْسَا كَالْوَلَدِ فَيُبَاعَانِ كَسَائِرِ أَكْسَابِهِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعِنْدَهُمَا إذَا تَرَكَ وَلَدًا مُشْتَرًى أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا يَسْعَى عَلَى نُجُومِ الْمُكَاتَبِ كَالْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ اهـ. فَحَمْلُهُ مَا فِي الْبَدَائِعِ - مِنْ أَنَّ الْوَالِدَيْنِ كَالْمُشْتَرَى فِي الْكِتَابَةِ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ - هُوَ عَيْنُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ مَا فِي الْبَدَائِعِ هُوَ رِوَايَةُ الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة، وَمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ فِي الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ مِنْ كَلَامِ مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ لَا يُفِيدُهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، فَإِنَّهُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْأَبَوَيْنِ عِنْدَهُمَا كَالْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ لَا كَالْمُشْتَرَى.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدَ الْمُشْتَرَى فِي الْكِتَابَةِ وَكَذَا كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ اُشْتُرِيَ فِيهَا يَسْعَوْنَ عَلَى نُجُومِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ كَالْمَوْلُودِ فِيهَا بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الْجَمِيعِ. وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَلِكُلٍّ حُكْمٌ يَخُصُّهُ بَيَّنَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ سِوَى الْمَحَارِمِ لِعَدَمِ دُخُولِهِمْ عِنْدَهُ فِي كِتَابَتِهِ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ، وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ. وَعَلَى رِوَايَةِ الْإِمْلَاءِ: الْوَالِدَانِ كَالْوَلَدِ الْمُشْتَرَى عِنْدَهُ، وَهِيَ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْبَدَائِعِ، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ بِعَوْنِ الْمَلِكِ الْقَدِيرِ.
(قَوْلُهُ: وَابْنُهُ الْكَبِيرُ) التَّقْيِيدُ بِالْكَبِيرِ خَطَأٌ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْغُرَرِ حَيْثُ قَالَ: أَوْ كُوتِبَ هُوَ وَابْنُهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا بِمَرَّةٍ ح.
أَقُولُ: وَعَلَّلَهُ ابْنُ الْكَمَالِ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ الصَّغِيرَ يَتْبَعُهُ، وَهُوَ مَعَ الْكَبِيرِ جُعِلَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ اهـ فَلَمَّا كَانَ الصَّغِيرُ تَابِعًا لَهُ قُيِّدَ بِالْكَبِيرِ لِتَظْهَرَ الْفَائِدَةُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كِتَابَةً وَاحِدَةً) فَلَوْ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ فَلَا يَرِثُ لِأَنَّهُ يَمُوتُ وَالْوَلَدُ مُكَاتَبٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ مُعْتَقَةٍ) فَسَّرَ الْحُرَّةَ بِذَلِكَ، أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ قَضَى بِهِ: أَيْ بِالْوَلَاءِ لِقَوْمِ أُمِّهِ فَإِنَّ حُرَّةَ الْأَصْلِ لَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَى وَلَدِهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ قُبَيْلَ فَصْلِ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ. (قَوْلُهُ: ضَرُورَةَ أَنَّ الْأَبَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْقَضَاءِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ ح. (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْتِقْ بَعْدُ) لِأَنَّهُ - وَإِنْ تَرَكَ مَالًا وَهُوَ الدَّيْنُ - لَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ إلَّا عِنْدَ الْأَدَاءِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ) أَيْ لِعَدَمِ مُنَافَاةِ الْقَضَاءِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ لِلْكِتَابَةِ، بَلْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: إنَّ هَذَا الْقَضَاءَ يُقَرِّرُ حُكْمَ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ مِنْ قَضِيَّتِهَا إلْحَاقَ الْوَلَدِ بِمَوَالِي الْأُمِّ وَإِيجَابَ الْعَقْلِ عَلَيْهِمْ، لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَعْتِقَ فَيُنَجَّزَ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ، وَالْقَضَاءُ بِمَا يُقَرَّرُ حُكْمُهُ لَا يَكُونُ تَعْجِيزًا. (قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ) فِيهِ طَيٌّ وَالتَّقْدِيرُ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: فَإِنْ خَرَجَ الدَّيْنُ وَأُدِّيَتْ الْكِتَابَةُ رَجَعَ وَلَاءُ الْوَلَدِ إلَى مَوَالِي الْأَبِ وَلَا رُجُوعَ لِمَوَالِي الْأُمِّ بِمَا عَقَلُوا عَنْهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ اهـ لَكِنْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الطُّورِيِّ: وَكَانُوا مُضْطَرِّينَ فِيمَا عَقَلُوا فَلَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَى مَوَالِي الْأَبِ اهـ. نَعَمْ ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ تَفْصِيلًا يَدْفَعُ الْمُخَالَفَةَ، وَهُوَ أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ بِمَا عَقَلُوا مِنْ جِنَايَةِ الْوَلَدِ فِي حَيَاةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى مَوَالِي الْأَبِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا حُكِمَ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ فَلَا يَسْتَنِدُ عِتْقُهُ إلَى أَوَّلِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ، أَمَّا لَوْ عَقَلُوا عَنْ جِنَايَتِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ قَبْلَ أَدَاءِ الْبَدَلِ رَجَعُوا لِأَنَّ عِتْقَ الْأَبِ اسْتَنَدَ إلَى حَالِ حَيَاتِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ وَلَاءَهُ كَانَ لِمَوَالِي الْأَبِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَمَوَالِي الْأُمِّ كَانُوا مَجْبُورِينَ عَلَى الْأَدَاءِ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ
قَيَّدَ بِالدَّيْنِ لِأَنَّ فِي الْعَيْنِ لَا يَتَأَتَّى الْقَضَاءُ بِالْإِلْحَاقِ بِالْأُمِّ لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ فِي الْحَالِ.
(وَلَوْ قُضِيَ بِهِ) بِالْوَلَاءِ (لِقَوْمِ أُمِّهِ بَعْدَ خُصُومَتِهِمْ مَعَ قَوْمِ الْأَبِ فِي وَلَائِهِ فَهُوَ) أَيْ الْقَضَاءُ بِمَا ذُكِرَ (تَعْجِيزٌ) لِأَنَّهُ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ (وَطَابَ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَصْرِفًا) لِلصَّدَقَةِ (مَا أَدَّى إلَيْهِ مِنْ الصَّدَقَاتِ فَعَجَزَ) لِتَبَدُّلِ الْمِلْكِ، وَأَصْلُهُ حَدِيثُ بَرِيرَةَ «هِيَ لَكِ صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ» (كَمَا فِي وَارِثِ) شَخْصٍ (فَقِيرٌ مَاتَ عَنْ صَدَقَةٍ أَخَذَهَا وَارِثُهُ الْغَنِيُّ " وَ) كَمَا فِي (ابْنِ سَبِيلٍ أَخَذَهَا ثُمَّ وَصَلَ إلَى مَالِهِ وَهِيَ فِي يَدِهِ) أَيْ الزَّكَاةُ، وَكَفَقِيرٍ اسْتَغْنَى، وَهِيَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهَا تَطِيبُ لَهُ، بِخِلَافِ فَقِيرٍ أَبَاحَ لِغَنِيٍّ أَوْ هَاشِمِيٍّ عَيْنَ زَكَاةٍ أَخَذَهَا لَا يَحِلُّ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَتَبَدَّلْ.
ــ
[رد المحتار]
أَبِي السُّعُودِ عَنْ تَكْمِلَةِ فَتْحِ الْقَدِيرِ لِلْعَلَّامَةِ الدِّيرِيِّ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ " وَلَا رُجُوعَ " فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْكَنْزِ فِيمَا إذَا جَنَى الْوَلَدُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ الطُّورِيُّ عَلَى قَوْلِهِ فَلَهُمْ الرُّجُوعُ. (قَوْلُهُ: قَيَّدَ بِالدَّيْنِ إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ فَأُدِّيَتْ الْكِتَابَةُ أَوْ عَنْ وَلَدٍ فَأَدَّاهَا، فَأَمَّا إذَا مَاتَ لَا عَنْ وَفَاءٍ وَلَا عَنْ وَلَدٍ فَاخْتَلَفُوا فِي بَقَاءِ الْكِتَابَةِ.
قَالَ الْإِسْكَافُ: تَنْفَسِخُ، حَتَّى لَوْ تَطَوَّعَ إنْسَانٌ بِأَدَاءِ الْبَدَلِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ: لَا تَنْفَسِخُ مَا لَمْ يُقْضَ بِعَجْزِهِ اهـ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَأَنَّ أَدَاءَ الْوَلَدِ: أَيْ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ الْمُشْتَرَى فِيهَا كَخُرُوجِ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي الْعَيْنِ) يَعْنِي الْمُوفِيَ بِالْبَدَلِ لِتَعْلِيلِهِ بِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ فِي الْحَالِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. قَالَ ط: وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ مَا يَعُمُّ النُّقُودَ الْمَوْجُودَةَ فِي التَّرِكَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ فِي الْحَالِ) إنْ قُلْت: إنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ الْوَفَاءُ مِنْ الدَّيْنِ فِي الْحَالِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَدْيُونُ حَاضِرًا سَاعَةَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ فَيُطَالَبَ بِمَا عَلَيْهِ فَيَدْفَعَ حَالًا قُلْت: الْمُرَادُ الْإِمْكَانُ الْقَرِيبُ، وَهَذَا إمْكَانٌ بَعِيدٌ ط. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَضَى بِهِ إلَخْ) يَعْنِي اخْتَصَمُوا بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ فِي إرْثِهِ بِالْوَلَاءِ قَبْلَ أَدَاءِ الْبَدَلِ فَقَضَى الْقَاضِي بِالْوَلَاءِ لِقَوْمِ الْأُمِّ يَكُونُ قَضَاءً بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ وَمَوْتِهِ عَبْدًا، لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِ الْوَلَاءِ لِقَوْمِ الْأُمِّ مَوْتَ الْمُكَاتَبِ عَبْدًا لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ حُرًّا لَانْجَرَّ الْوَلَاءُ مِنْ قَوْمِ الْأُمِّ كِفَايَةٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ) عِلَّةٌ لِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: فَهُوَ تَعْجِيزٌ مِنْ نَفَاذِ الْقَضَاءِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: فَهُوَ قَضَاءٌ بِالْعَجْزِ لِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي الْوَلَاءِ مَقْصُودٌ وَذَلِكَ يُبْتَنَى عَلَى بَقَاءِ الْكِتَابَةِ وَانْتِقَاضِهَا، فَإِنَّهَا إذَا فُسِخَتْ مَاتَ عَبْدًا وَاسْتَقَرَّ الْوَلَاءُ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ، وَإِذَا بَقِيَتْ وَاتَّصَلَ بِهَا الْأَدَاءُ مَاتَ حُرًّا وَانْتَقَلَ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ وَهَذَا فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَيَنْفُذُ مَا يُلَاقِيهِ اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ ثُبُوتَ التَّعْجِيزِ لِلْقَضَاءِ بِالْوَلَاءِ لِمَوَالِي الْأُمِّ فَالتَّعْجِيزُ ثَابِتٌ ضِمْنًا، وَإِنَّمَا نَفَذَ هَذَا الْقَضَاءُ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ عِنْدَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ يَمُوتُ عَبْدًا وَإِنْ تَرَكَ وَفَاءً، فَكَانَ قَضَاءً فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ وَهُوَ نَافِذٌ إجْمَاعًا فَتَجِبُ رِعَايَتُهُ وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ بُطْلَانُ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهَا مُخْتَلَفٌ فِيهَا فَصِيَانَتُهُ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: مَا أَدَّى) أَيْ الْمُكَاتَبُ إلَيْهِ: أَيْ إلَى الْمَوْلَى. (قَوْلُهُ: فَعَجَزَ) وَكَذَا لَوْ عَجَزَ قَبْلَ الْأَدَاءِ إلَى الْمَوْلَى، وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ بِالْعَجْزِ يَتَبَدَّلُ الْمِلْكُ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَإِنْ كَانَ بِالْعَجْزِ تَقَرَّرَ مِلْكُ الْمَوْلَى عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا خُبْثَ فِي نَفْسِ الصَّدَقَةِ وَإِنَّمَا الْخُبْثُ فِي فِعْلِ الْأَخْذِ لِكَوْنِهِ إذْلَالًا بِهِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْغَنِيِّ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا لِلْهَاشِمِيِّ لِزِيَادَةِ حُرْمَتِهِ، وَالْأَخْذُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَوْلَى هِدَايَةٌ. (قَوْلُهُ: لِتَبَدُّلِ الْمِلْكِ) فَإِنَّ الْعَبْدَ يَتَمَلَّكُهُ صَدَقَةً وَالْمَوْلَى عِوَضًا عَنْ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: وَأَصْلُهُ حَدِيثُ بَرِيرَةَ) يُوهِمُ أَنَّهَا أَهْدَتْ إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا عَجَزَتْ مَعَ أَنَّهَا أَهْدَتْ إلَيْهِ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ ح. (قَوْلُهُ: هِيَ لَكِ) الَّذِي فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوطِهَا " لَهَا " بِضَمِيرِ الْغَائِبَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَطِيبُ لَهُ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْخُبْثَ فِي فِعْلِ الْأَخْذِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَتَبَدَّلْ) لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَهُ يَتَنَاوَلُهُ عَلَى مِلْكِ الْمُبِيحِ. وَنَظِيرُهُ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا إذَا أَبَاحَ لِغَيْرِهِ لَا يَطِيبُ لَهُ،
(فَإِنْ جَنَى عَبْدٌ وَكَاتَبَهُ سَيِّدُهُ جَاهِلًا بِجِنَايَتِهِ أَوْ) جَنَى (مُكَاتَبٌ فَلَمْ يُقْضَ بِهِ) بِمَا جَنَى (فَعَجَزَ) فَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى (دَفَعَ) الْعَبْدَ (أَوْ فَدَى) لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِالْعَجْزِ (وَإِنْ قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ) حَالَ كَوْنِهِ (مُكَاتَبًا فَعَجَزَ بِيعَ فِيهِ) لِانْتِقَالِ الْحَقِّ مِنْ رَقَبَتِهِ إلَى قِيمَتِهِ بِالْقَضَاءِ، قَيَّدَ بِالْعَجْزِ لِأَنَّ جِنَايَاتِ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ فِي كَسْبِهِ وَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الْأَرْشِ، وَإِنْ تَكَرَّرَتْ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَعَلَيْهِ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ بَعْدَهُ فَقِيَمٌ وَلَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ لَزِمَتْهُ فِي كَسْبِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا وَلَوْ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ حَتَّى عَجَزَ بَطَلَتْ
(وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ لَمْ تَنْفَسِخْ الْكِتَابَةُ كَالتَّدْبِيرِ، وَأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ) وَكَأَجَلِ الدَّيْنِ إذَا مَاتَ الطَّالِبُ (وَيُؤَدِّي الْمَالَ إلَى وَرَثَتِهِ عَلَى نُجُومِهِ) كَأَجَلِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْمَطْلُوبِ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ هَذَا إذَا
ــ
[رد المحتار]
وَلَوْ مَلَّكَهُ يَطِيبُ هِدَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: جَاهِلًا بِجِنَايَتِهِ) إذْ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِهَا عِنْدَ الْكِتَابَةِ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. (قَوْلُهُ: بِمَا جَنَى) أَيْ بِمُوجَبِهِ مِعْرَاجٌ. (قَوْلُهُ: فَعَجَزَ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: دَفَعَ الْعَبْدَ) أَيْ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ. (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْمَانِعِ) أَيْ مِنْ الدَّفْعِ وَهُوَ الْكِتَابَةُ، فَصَارَ قِنًّا قَبْلَ انْتِقَالِ الْحَقِّ عَنْ الرَّقَبَةِ فَعَادَ الْحَكَمُ الْأَصْلِيُّ، وَهُوَ إمَّا الدَّفْعُ أَوْ الْفِدَاءُ. (قَوْلُهُ: بِيعَ فِيهِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ مِنْ رَقَبَتِهِ إلَى قِيمَتِهِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقِيمَةُ لَا الْأَقَلُّ مِنْهَا وَمِنْ الْأَرْشِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ رِوَايَةِ الْكَرْخِيِّ وَالْمَبْسُوطِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ تَأْوِيلُ كَلَامِهِ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ ح. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ إلَخْ) فَلَوْ الْأَرْشُ أَقَلَّ وَجَبَ لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ لَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَلَوْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ وَجَبَتْ لِأَنَّ حُكْمَ الْجِنَايَةِ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَضَاءِ) أَيْ بِمُوجَبِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ) يَعْنِي إذَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ الْأَقَلُّ مِنْهَا وَمِنْ الْأَرْشِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ والشُّرُنبُلالِيَّة.
بَقِيَ هُنَا ثَلَاثُ أُمُورٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْشِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جُمْلَةُ أُرُوشِ الْجِنَايَاتِ الَّتِي جَنَاهَا فَيَصِيرُ الْمَعْنَى يَجِبُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَرْشِ. الثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ الْأَقَلَّ يُقْسَمُ بَيْنَ أَرْبَابِ الْجِنَايَاتِ بِالْحِصَصِ. الثَّالِثُ أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْأُرُوشِ يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَحْتَاجُ إلَى التَّنْقِيرِ عَلَيْهِ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ ح.
أَقُولُ: عِبَارَةُ شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ تُفِيدُ الْأَوَّلَيْنِ حَيْثُ قَالَ: فَيُؤْمَرُ بِالسِّعَايَةِ لِلْأَوْلِيَاءِ فِي أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَاتِ لِتَعَذُّرِ دَفْعِ نَفْسِهِ لِلْكِتَابَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَهُ فَقِيَمٌ) حَتَّى لَوْ جَنَى جِنَايَتَيْنِ مَثَلًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْأُولَى، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الثَّانِيَةِ ح. (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ) أَيْ فِي الْحَالِ فِي حَقِّ الْمَوْلَى قَالَ فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ: لَوْ عَجَزَ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِقَتْلِ خَطَأٍ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِقِيمَتِهِ يُطَالَبُ بَعْدَ عِتْقِهِ اتِّفَاقًا اهـ وَأَمَّا مَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ فَقُضِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَجَزَ يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ عِنْدَهُ وَقَالَا مُطْلَقًا أَيْ فِي الْحَالِ وَبَعْدَهُ اهـ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ فِي الْعَجْزِ قَبْلَ الْحُكْمِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤَدِّي الْمَالَ إلَى وَرَثَتِهِ) لِأَنَّهُمْ قَامُوا مَقَامَهُ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَلَوْ دَفَعَ إلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ عَتَقَ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ لَا لِأَنَّ الْوَصِيَّ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَيِّتِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الْوَارِثِ إنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَمْ يَعْتِقْ، لِأَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَبْضَ مِنْهُ، فَصَارَ كَالدَّفْعِ إلَى أَجْنَبِيٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَعْتِقْ أَيْضًا حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ حِصَّتَهُ وَيَدْفَعَ إلَى الْوَصِيِّ حِصَّةَ الصِّغَارِ، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْفَعْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَدْفَعْ إلَى الْمُسْتَحِقِّ اهـ.
وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْفَعْ لِلْوَصِيِّ، وَدَفَعَ لِلْوَارِثِ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَعْتِقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ قَالَ أَبُو السُّعُودِ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا بِمَالِهِ يَمْنَعُ انْتِقَالَهُ إلَى الْوَارِثِ فَيُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْمُحِيطِ لَا يَمْنَعُ فَحِينَئِذٍ يَعْتِقُ بِقَبْضِ الْوَارِثِ فَتَدَبَّرْ اهـ. (قَوْلُهُ: لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ) أَيْ يَبْطُلُ الْأَجَلُ، لِأَنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ
كَاتَبَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَوْ فِي مَرَضِهِ لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ (وَإِنْ حَرَّرُوهُ) أَيْ كُلُّ الْوَرَثَةِ (فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ عَتَقَ مَجَّانًا) اسْتِحْسَانًا، وَيُجْعَلُ إبْرَاءً اقْتِضَاءً (فَإِنْ حَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ) فِي مَجْلِسٍ وَالْآخَرُ فِي آخَرَ (لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ) عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَلَوْ عَجَزَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى، عَادَ رِقُّهُ.
(مُكَاتَبٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ فَمَلَكَهَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) وَكَذَا الْحُرُّ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ.
(كَاتَبَا عَبْدًا كِتَابَةً وَاحِدَةً) أَيْ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ (وَعَجَزَ الْمُكَاتَبُ لَا يُعَجِّزُهُ الْقَاضِي حَتَّى يَجْتَمِعَا) لِأَنَّهُمَا كَوَاحِدٍ بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُعَجِّزُهُ بِطَلَبِ أَحَدِهِمْ مُجْتَبًى وَفِيهِ: كَاتَبَ عَبْدَيْهِ بِمَرَّةٍ فَعَجَزَ أَحَدُهُمَا فَرَدَّهُ الْمَوْلَى فِي الرِّقِّ. أَوْ الْقَاضِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِكِتَابَةِ الْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ غَابَ هَذَا الْمَرْدُودُ وَجَاءَ الْآخَرُ ثُمَّ عَجَزَ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ رَدُّهُ فِي الرِّقِّ. [فُرُوعٌ] :
اخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَالْمُكَاتَبُ فِي قَدْرِ الْبَدَلِ فَالْقَوْلُ لِلْمُكَاتَبِ عِنْدَنَا، وَلَا يَحْبِسُ الْمُكَاتَبُ فِي دَيْنٍ مَوْلَاهُ
ــ
[رد المحتار]
خَرِبَتْ وَانْتَقَلَ الدَّيْنُ إلَى التَّرِكَةِ وَهِيَ عَيْنٌ زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ فَيُؤَدِّي ثُلُثَيْ الْبَدَلِ حَالًا وَالْبَاقِيَ عَلَى نُجُومِهِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَالْمَسْأَلَةُ مَرَّتْ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: عَتَقَ مَجَّانًا) أَيْ عَتَقَ وَسَقَطَ عَنْهُ مَالُ الْكِتَابَةِ وَمَعْنَاهُ يَعْتِقُ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ حَتَّى إنَّ الْوَلَاءَ يَكُونُ لِلذُّكُورِ مِنْ عَصَبَتِهِ دُونَ الْإِنَاثِ جَوْهَرَةٌ. (قَوْلُهُ: اسْتِحْسَانًا) وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرِثُوا رَقَبَتَهُ وَإِنَّمَا وَرِثُوا دَيْنًا فِيهَا جَوْهَرَةٌ. (قَوْلُهُ: وَيُجْعَلُ إبْرَاءً اقْتِضَاءً) هَذَا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ عِتْقَهُمْ تَتْمِيمٌ لِلْكِتَابَةِ، فَصَارَ كَالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَلِأَنَّهُمْ بِعِتْقِهِمْ إيَّاهُ مُبْرِئُونَ لَهُ مِنْ الْمَالِ وَبَرَاءَتُهُ تُوجِبُ عِتْقَهُ كَمَا لَوْ اسْتَوْفَوْا مِنْهُ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا مَا إذَا أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمْ لِأَنَّ إبْرَاءَهُ لَهُ إنَّمَا يُصَادِفُ حِصَّتَهُ لَا غَيْرُ، وَلَوْ بَرِئَ مِنْ حِصَّتِهِ بِالْأَدَاءِ لَمْ يَعْتِقْ كَذَا هَذَا. (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) وَقِيلَ: يَعْتِقُ إذَا أَعْتَقَهُ الْبَاقُونَ مَا لَمْ يَرْجِعْ الْأَوَّلُ زَيْلَعِيٌّ، وَبِالثَّانِي جَزَمَ الْقُهُسْتَانِيُّ وَلْيُنْظَرْ وَجْهُ الْأَوَّلِ وَمَا نَقَلَهُ الْمُحَشِّي عَنْ الْعِنَايَةِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْبَعْضُ فَقَطْ وَكَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْجَوْهَرَةِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: فَمَلَكَهَا) يَعْنِي بَعْدَ عِتْقِهِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَقَوْلُهُ: أَنْ يَطَأَهَا أَيْ بِمِلْكِ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَةَ لَا يَنْكِحُهَا مَوْلَاهَا وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ التَّسَرِّي بِهَا.
قَالَ ح: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِنْ كِتَابِ الْمُكَاتَبِ فِي شَيْءٍ، فَإِنَّ كُلَّ رَجُلٍ - حُرًّا كَانَ أَوْ قِنًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ ابْنَ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ مُسْتَسْعًى - إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْأَمَةَ ثِنْتَيْنِ غُلِّظَتْ حُرْمَتُهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ إيرَادُ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا وَلَا وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَاتَبَا عَبْدًا كِتَابَةً وَاحِدَةً إلَخْ) قَيَّدَ بِالْعَبْدِ الْوَاحِدِ احْتِرَازًا عَنْ عَبْدَيْنِ لِرَجُلَيْنِ كَاتَبَاهُمَا كِتَابَةً وَاحِدَةً ثُمَّ عَجَزَ أَحَدُهُمَا كَانَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَفْسَخَ الْكِتَابَةَ وَإِنْ كَانَ مَوْلَى الْآخَرِ غَائِبًا هِنْدِيَّةٌ عَنْ الْمُحِيطِ ط. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا) أَيْ السَّيِّدَيْنِ كَسَيِّدٍ وَاحِدٍ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ التَّجَزِّيَ ط. (قَوْلُهُ: يُعَجِّزُهُ بِطَلَبِ أَحَدِهِمْ) أَيْ بَعْدَ طَلَبِ الْعَبْدِ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ ط. (قَوْلُهُ: بِمَرَّةٍ) أَيْ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ ط. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ) أَيْ الْقَاضِي وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ وَأَنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِهِ جَوَازُ الْإِقْدَامِ عَلَى الرَّدِّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ كِتَابَتَهُمَا وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا نَائِبًا عَنْ الْآخَرِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا رَحْمَتِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلْآخَرِ) كَذَا فِي الْمِنَحِ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَتَيْ الْمُجْتَبَى فَلَيْسَ لِلْقَاضِي وَفِي الْهِنْدِيَّةِ والتتارخانية عَنْ الْمُحِيطِ فَإِنْ غَابَ هَذَا الَّذِي رُدَّ فِي الرِّقِّ بِسَبَبِ عَجْزِهِ وَجَاءَ الْآخَرُ وَاسْتَسْعَاهُ الْمَوْلَى فِي نَجْمٍ أَوْ نَجْمَيْنِ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ أَوْ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فِي قَدْرِ الْبَدَلِ) وَكَذَا فِي جِنْسِهِ كَأَنْ قَالَ الْمَوْلَى: كَاتَبْتُكَ عَلَى أَلْفَيْنِ أَوْ عَلَى الدَّنَانِيرِ، وَقَالَ الْعَبْدُ: بَلْ عَلَى أَلْفٍ أَوْ عَلَى الدَّرَاهِمِ بَدَائِعُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ أَوْ فِي مِقْدَارِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْلَى. وَلَوْ فِي مُضِيِّهِ فَلِلْعَبْدِ وَلَوْ فِي مِقْدَارِ مَا نُجِّمَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَلِلْمَوْلَى، هِنْدِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلْمُكَاتَبِ عِنْدَنَا) سَوَاءٌ أَدَّى شَيْئًا مِنْ الْبَدَلِ أَوْ لَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ آخِرًا لِأَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ أَوْ جِنْسِهِ، فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَكَانَ يَقُولُ