الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْأَبُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَوْ عَرَبِيًّا لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ عَجَمِيًّا لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِقَوْمِ الْأَبِ وَيَرِثُهُ مُعْتِقُ الْأُمِّ وَعَصَبَتُهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ
(أَسْلَمَ رَجُلٌ) مُكَلَّفٌ (عَلَى يَدِ آخَرَ وَوَالَاهُ أَوْ) وَالَى (غَيْرَهُ) الشَّرْطُ كَوْنُهُ عَجَمِيًّا لَا مُسْلِمًا عَلَى مَا مَرَّ وَسَيَجِيءُ (عَلَى أَنْ يَرِثَهُ) إذَا مَاتَ (وَيَعْقِلَ عَنْهُ) إذَا جَنَى (صَحَّ) هَذَا الْعَقْدُ (وَعَقْلُهُ عَلَيْهِ
ــ
[رد المحتار]
الْفَتْحِ إلَى عَامِنَا هَذَا - وَهُوَ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْأَلْفِ - افْتَرَقُوا فِرْقَتَيْنِ، فَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ إلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمَنْقُولِ مِنْ الْبَدَائِعِ كَصَاحِبِ الدُّرَرِ وَالْمَوْلَى ابْنِ كَمَالٍ بَاشَا وَالْمَوْلَى قَاضِي زَادَهْ وَالْمَوْلَى بُسْتَانْ زَادَهْ وَالْمَوْلَى زَكَرِيَّا وَالْمَوْلَى سَعْدِ الدِّينِ بْنِ حَسَنٍ خَانْ وَالْمَوْلَى صُنْعِ اللَّهِ، وَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ أُخْرَى إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ مِنْهُمْ الْمَوْلَى سَعْدٌ جَلَبِي وَالْمَوْلَى عَلِيٌّ الْجَمَالِيُّ وَالْمَوْلَى الشَّهِيرُ بِجَوَى زَادَهْ الْكَبِيرِ وَابْنُهُ. وَقَدْ أَفْتَى الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ أَوَّلًا عَلَى هَذَا وَصَرَّحَ بِرُجُوعِهِ فِي فَتْوَى مِنْهُ فَأَفْتَى بَعْدَهُ عَلَى مُوَافَقَةِ مَا فِي الْبَدَائِعِ، وَاسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَنْ قَضَى نَحْبَهُ جَعَلَ اللَّهُ سَعْيَهُمْ مَشْكُورًا وَعَمَلَهُمْ مَبْرُورًا. وَرَأَيْت فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ مَا نَصُّهُ: مَنْ أُمُّهُ حُرَّةٌ أَصْلِيَّةٌ، وَأَبُوهُ رَقِيقٌ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ مَا دَامَ الْأَبُ رَقِيقًا، فَإِنْ أُعْتِقَ فَهَلْ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِمَوَالِي الْأَبِ يُحْكَى فِيهِ قَوْلَانِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْمِعْرَاجِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَبُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ) أَيْ حُرَّ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَرَبِيًّا) التَّقْيِيدُ بِهِ اتِّفَاقِيٌّ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَبُ مَوْلَى عَرَبِيٍّ لَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَى وَلَدِهِ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْعَرَبِيِّ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «إنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» كَذَا فِي الْبَدَائِعِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْهِنْدِيَّةِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لَا لِقَوْمِ الْأَبِ وَلَا لِقَوْمِ الْأُمِّ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِجِهَةِ الْأَبِ وَلَا رِقَّ فِي جِهَتِهِ ح وَفَسَّرَ الْإِطْلَاقَ فِي الْعَزْمِيَّةِ بِقَوْلِهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ أُمُّهُ مُعْتَقَةً أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ الْوَلَدُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي الْوَلَاءِ كَمَا فِي الْعَرَبِيِّ، لِأَنَّ النَّسَبَ لِلْآبَاءِ وَإِنْ ضَعُفَ. وَلَهُمَا أَنَّهُ لِلنُّصْرَةِ وَلَا نُصْرَةَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، لِأَنَّ مَنْ سِوَى الْعَرَبِ لَا يَتَنَاصَرُونَ بِالْقَبَائِلِ بَدَائِعُ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الصُّوَرَ خَمْسَةٌ؛ أَرْبَعَةٌ وِفَاقِيَّةٌ، وَالْخَامِسَةُ خِلَافِيَّةٌ. الْأُولَى: حُرَّانِ أَصْلِيَّانِ بِمَعْنَى عَدَمِ دُخُولِ رِقٍّ فِيهِمَا وَلَا فِي أُصُولِهِمَا فَلَا وَلَاءَ عَلَى أَوْلَادِهِمَا.
الثَّانِيَةُ: مُعْتَقَانِ أَوْ فِي أَصْلِهِمَا مُعْتَقٌ فَالْوَلَاءُ لِقَوْمِ الْأَبِ. الثَّالِثَةُ: الْأَبُ مُعْتَقٌ أَوْ فِي أَصْلِهِ مُعْتَقٌ وَالْأُمُّ حُرَّةُ الْأَصْلِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى عَرَبِيَّةٌ أَوْلَى فَلَا وَلَاءَ لِقَوْمِ الْأَبِ. الرَّابِعَةُ: الْأُمُّ مُعْتَقَةٌ وَالْأَبُ حُرُّ الْأَصْلِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى فَإِنْ عَرَبِيًّا فَلَا وَلَاءَ لِقَوْمِ الْأُمِّ وَإِلَّا، وَهِيَ الْخَامِسَةُ: الْخِلَافِيَّةُ فَعِنْدَهُمَا لِقَوْمِ الْأُمِّ وَعِنْدَ الثَّانِي لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ وَتَمَامُ تَحْقِيقِ الْمَسْأَلَةِ فِي الدُّرَرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ]
أَخَّرَهُ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّحَوُّلِ وَالِانْتِقَالِ وَلِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لَا اعْتِبَارَ لَهُ أَصْلًا بِخِلَافِ الْعَتَاقَةِ وَالْأَدِلَّةُ فِي الْمُطَوَّلَاتِ. (قَوْلُهُ: رَجُلٌ مُكَلَّفٌ) أَيْ عَاقِلٌ بَالِغٌ فَلَيْسَ لِلصَّبِيِّ الْعَاقِلِ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُ وَلَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالرَّجُلِ اتِّفَاقِيٌّ لِصِحَّتِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَوْ وَالَى غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ وَعِنْدَ عَطَاءٍ هُوَ مَوْلًى لِلَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ: الشَّرْطُ كَوْنُهُ عَجَمِيًّا لَا مُسْلِمًا) تُعُقِّبَ عَلَى قَوْلِهِ أَسْلَمَ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَقَدْ صَرَّحَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ بِأَنَّهُ ذُكِرَ عَلَى سَبِيلِ الْعَادَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ وَسَيَجِيءُ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: عَجَمِيًّا فَإِنَّهُ ذَكَرَ قَبْلَ هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ الْمُوَالَاةَ لَا تَكُونُ فِي الْعَرَبِ، وَسَيَجِيءُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ أَنْ لَا يَكُونَ عَرَبِيًّا، وَيُصَرِّحُ بَعْدَهُ بِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ بِشَرْطٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَرِثَهُ) بِأَنْ يَقُولَ: أَنْتِ مَوْلَايَ تَرِثُنِي إذَا مِتُّ
وَإِرْثُهُ لَهُ) وَكَذَا لَوْ شُرِطَ الْإِرْثُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
(وَلَوْ وَالَى صَبِيٌّ عَاقِلٌ بِإِذْنِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ صَحَّ) لِعَدَمِ الْمَانِعِ (كَمَا لَوْ وَالَى الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ آخَرَ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ وَكِيلًا عَنْ سَيِّدِهِ بِعَقْدِ الْمُوَالَاةِ (وَأُخِّرَ) إرْثُهُ (عَنْ) إرْثِ (ذِي الرَّحِمِ) لِضَعْفِهِ (وَلَهُ النَّقْلُ عَنْهُ بِمَحْضَرِهِ إلَى غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ أَوْ عَنْ وَلَدِهِ، فَإِنْ عَقَلَ عَنْهُ أَوْ عَنْ وَلَدِهِ لَا يَنْتَقِلُ) لِتَأْكِيدِهِ (وَلَا يُوَالِي مُعْتَقٌ أَحَدًا) لِلُزُومِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ.
ــ
[رد المحتار]
وَتَعْقِلُ عَنِّي إذَا جَنَيْتُ فَيَقُولَ: قَبِلْتُ أَوْ يَقُولَ: وَالَيْتُك فَيَقُولَ: قَبِلْت بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْإِرْثَ، وَالْعَقْلَ فِي الْعَقْدِ بَدَائِعُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذِكْرَهُ شَرْطٌ وَسَيُصَرِّحُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِرْثُهُ لَهُ) قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ مَاتَ الْأَعْلَى ثُمَّ الْأَسْفَلُ فَإِنَّمَا يَرِثُهُ الذُّكُورُ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْلَى دُونَ الْإِنَاثِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فِي وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ طُورِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ شُرِطَ الْإِرْثُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) أَيْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَيَرِثُ كُلٌّ صَاحِبَهُ الَّذِي مَاتَ قَبْلَهُ وَقَدْ ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَنَقَلَ الْمَقْدِسِيَّ عَنْ ابْنِ الضِّيَاءِ أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَصِيرُ الثَّانِي مَوْلَى الْأَوَّلِ، وَيَبْطُلُ وَلَاءُ الْأَوَّلِ وَقَالَا: كُلٌّ مَوْلَى صَاحِبِهِ وَتَمَامُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ. وَنَقَلَ الْخِلَافَ أَيْضًا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ التُّحْفَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَالَى صَبِيٌّ عَاقِلٌ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْقِلْ لَمْ يُعْتَبَرْ تَصْرِيفُهُ أَصْلًا دُرَرٌ وَعِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَلَوْ عَقَدَ مَعَ الصَّغِيرِ أَوْ مَعَ الْعَبْدِ اهـ. فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: صَبِيًّا عَاقِلًا أَوْ عَبْدًا بِالنَّصْبِ لِيُفْهَمَ أَنَّ الصَّبِيَّ أَوْ الْعَبْدَ مَوْلًى أَعْلَى لِمَا فِي الْبَدَائِعِ. وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَهُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ فِي جَانِبِ الْإِيجَابِ، حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ الصَّبِيُّ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَذِنَ أَبُوهُ الْكَافِرُ إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْأَبِ الْكَافِرِ عَلَى الِابْنِ الْمُسْلِمِ، وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ سَائِرُ عُقُودِهِ بِإِذْنِهِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَأَمَّا مِنْ جَانِبِ الْقَبُولِ فَهُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ حَتَّى لَوْ وَالَى بَالِغٌ فَقِيلَ: صَبِيًّا تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ، وَكَذَا لَوْ وَالَى رَجُلٌ عَبْدًا تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى إلَّا أَنَّ الْوَلَاءَ مِنْ الْمَوْلَى وَفِي الصَّبِيِّ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْمِلْكِ وَالْمُكَاتَبُ كَالْعَبْدِ اهـ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: لِضَعْفِهِ) لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ عَقْدُهُمَا فَلَا يَلْزَمُ غَيْرُهُمَا وَذُو الرَّحِمِ وَارِثٌ شَرْعًا فَلَا يَمْلِكَانِ إبْطَالَهُ دُرَرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ النَّقْلُ عَنْهُ بِمَحْضَرِهِ) أَيْ بِعِلْمِهِ بَدَائِعُ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلْمَوْلَى الْأَسْفَلِ، وَقَوْلُهُ إلَى غَيْرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّقْلِ، وَالضَّمِيرُ فِيهِ لِلْأَعْلَى، وَتَقْيِيدُهُ بِالْحَضْرَةِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ، حَيْثُ اعْتَبَرَهَا قَيْدًا لِلتَّبَرِّي عَنْ الْوَلَاءِ دُونَ الِانْتِقَالِ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ آخَرَ مَعَ غَيْرِهِ، وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ: لِلْمَوْلَى الْأَسْفَلِ أَنْ يَفْسَخَ الْوَلَاءَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْآخَرِ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُوَالَاةِ مَعَ غَيْرِهِ، وَلَكِنْ لَيْسَ لِلْأَعْلَى، وَالْأَسْفَلِ أَنْ يَفْسَخَ الْوَلَاءَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ صَاحِبِهِ قَصْدًا اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ وَالتَّبْيِينِ وَالْمُجْتَبَى وَغُرَرِ الْأَفْكَارِ وَالدُّرَرِ وَالْمُلْتَقَى وَالْجَوْهَرَةِ وَغَيْرِهَا وَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ، لِأَنَّ عَقْدَهُ مَعَ غَيْرِهِ فَسْخٌ حُكْمِيٌّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ، وَقَدْ يَثْبُتُ الشَّيْءُ ضَرُورَةً، وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ قَصْدًا كَمَا لَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ عَبْدٍ، وَعَزَلَهُ وَالْوَكِيلُ غَائِبٌ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ أَوْ أَعْتَقَهُ انْعَزَلَ عَلِمَ أَوْ لَا بَدَائِعُ وَعِبَارَةُ الْكَنْزِ مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَقَيَّدَ ابْنُ الْكَمَالِ فِي الْإِصْلَاحِ بِالْحَضْرَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ قَوْلًا آخَرَ يَحْتَاجُ إلَى إصْلَاحٍ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ. نَعَمْ: ذَكَرَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ نَحْوَ مَا فِي الْإِصْلَاحِ عَنْ تَاجِ الشَّرِيعَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ وَلَدِهِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ أَوْلَادُهُ الصِّغَارُ، وَكَذَا مَنْ يُولَدُ لَهُ بَعْدَهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ، بِخِلَافِ الْكِبَارِ حَتَّى لَوْ وَالَى ابْنُهُ الْكَبِيرُ رَجُلًا آخَرَ فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلَوْ كَبِرَ بَعْضُ الصِّغَارِ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى عَقَلَ عَنْهُ أَوْ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ: لَا يَنْتَقِلُ) وَكَذَا وَلَدُهُ كَمَا عَلِمْتَ. (قَوْلُهُ: لِتَأْكِيدِهِ) بِالْيَاءِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِتَأَكُّدِهِ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْعِوَضِ فِي الْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: لِلُزُومِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ) لِأَنَّ سَبَبَهُ - وَهُوَ الْعِتْقُ - لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، فَلَا يَنْفَسِخُ وَلَا يَنْعَقِدُ مَعَهُ، لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ زَيْلَعِيٌّ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: ذِمِّيٌّ أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَاسْتُرِقَّ لَيْسَ لِمُعْتَقِهِ أَنْ يُوَالِيَ آخَرَ لِأَنَّ لَهُ مَوْلَى عَتَاقَةٍ، فَإِنْ أُعْتِقَ مَوْلَاهُ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ إنْ مَاتَ وَإِنْ جَنَى بَعْدَ
(امْرَأَةٌ وَالَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ) مَجْهُولَ النَّسَبِ (يَتْبَعُهَا الْمَوْلُودُ فِيمَا عَقَدَتْ) وَكَذَا لَوْ أَقَرَّتْ بِعَقْدِ الْمُوَالَاةِ أَوْ أَنْشَأَتْهُ وَالْوَلَدُ مَعَهَا لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ فِي حَقِّ صَغِيرٍ لَمْ يُدْرَ لَهُ أَبٌ.
(وَ) عَقْدُ الْمُوَالَاةِ (شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مَجْهُولَ النَّسَبِ) بِأَنْ لَا يُنْسَبَ إلَى غَيْرِهِ أَمَّا نِسْبَةُ غَيْرِهِ إلَيْهِ فَغَيْرُ مَانِعٍ، عِنَايَةٌ (وَ) الثَّانِي:(أَنْ لَا يَكُونَ عَرَبِيًّا وَ) الثَّالِثُ: (أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وَلَاءُ عَتَاقَةٍ وَلَا وَلَاءُ مُوَالَاةٍ مَعَ أَحَدٍ وَقَدْ عَقَلَ عَنْهُ) وَالرَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ عَقَلَ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ، وَالْخَامِسُ: أَنْ يُشْتَرَطَ الْعَقْلُ وَالْإِرْثُ، وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ فَتَجُوزُ مُوَالَاةُ الْمُسْلِمِ الذِّمِّيَّ وَعَكْسُهُ وَالذِّمِّيِّ الذِّمِّيَّ وَإِنْ أَسْلَمَ الْأَسْفَلُ
ــ
[رد المحتار]
ذَلِكَ عَقَلَ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ مَوْلَاهُ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ وَفِي بَعْضِهَا. قَالَ: يَرِثُهُ وَيَعْقِلُ عَنْهُ اهـ فَأَفَادَ الْمَنْعَ مِنْ الْمُوَالَاةِ وَلَوْ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ فِي مَوْلَى الْعَتَاقَةِ.
(قَوْلُهُ: مَجْهُولَ النَّسَبِ) هُوَ الَّذِي لَا يُدْرَى لَهُ أَبٌ فِي مَسْقَطِ رَأْسِهِ ط. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ) لِأَنَّهُ يَعْقِلُهُ إذَا جَنَى فَصَارَ كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَمَا ذُكِرَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَتْبَعُهَا.
(قَوْلُهُ: وَعَقْدُ الْمُوَالَاةِ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَعَاقِدُ عَقْدِ الْمُوَالَاةِ ح وَالْمُرَادُ بِالْعَاقِدِ الْمُوجِبُ لَا الْقَابِلُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ حُرًّا) لَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ مُوَالَاةِ الْعَبْدِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا وُهِمَ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْقَابِلِ وَكَلَامُنَا فِي الْمُوجِبِ. (قَوْلُهُ: مَجْهُولَ النَّسَبِ) أَقُولُ: صَرَّحُوا بِأَنَّ لِلِابْنِ أَنْ يَعْقِدَ الْمُوَالَاةَ أَوْ يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ إلَى غَيْرِ مَوْلَى الْأَبِ إذَا لَمْ يَعْقِلْ الْمَوْلَى عَنْهُ فَهَذَا الشَّرْطُ لَا يُوَافِقُهُ، سَعْدِيَّةٌ وَنَقَلَ نَحْوَهُ ح عَنْ الْمَقْدِسِيَّ.
أَقُولُ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ وَلَوْ عُلِمَ نَسَبُهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ كَوْنُهُ مَجْهُولَ النَّسَبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَ الْبَعْضِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ عَرَبِيًّا) يَعْنِي وَلَا مَوْلَى عَرَبِيٍّ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَيُغْنِي عَنْ هَذَا كَوْنُهُ مَجْهُولَ النَّسَبِ لِأَنَّ الْعَرَبَ أَنْسَابُهُمْ مَعْلُومَةٌ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَسَعْدِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وَلَاءُ عَتَاقَةٍ) أَيْ وَإِنْ قَامَ بِالْمَوْلَى مَانِعٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا وَلَاءُ مُوَالَاةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ: وَلَا عَقَلَ عَنْهُ غَيْرُ الَّذِي وَالَاهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ لَدَخَلَ فِيهِ الرَّابِعُ فَإِذَا عَقَلَ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ صَارَ وَلَاؤُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَمْلِكُ تَحْوِيلَهُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ: وَالْخَامِسُ) بَقِيَ سَادِسٌ وَسَابِعٌ وَثَامِنٌ: قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا اهـ فَإِنَّهَا شُرُوطٌ فِي الْعَاقِدِ الْمُوجِبِ، وَقَدْ عَلِمْتَ مِمَّا مَرَّ وَهَذَا الْخَامِسُ صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِهِ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَاعْتَرَضَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِعِبَارَاتٍ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهَا بِهِ وَرَدَّهُ قَاضِي زَادَهْ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ فِي الدُّرَرِ بِأَنَّ الْإِرْثَ لَازِمٌ لِلْوَلَاءِ، وَاخْتِلَافَ الدِّينَيْنِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّ سَبَبَ الْإِرْثِ يَثْبُتُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلَكِنْ لَا يَظْهَرُ مَا دَامَا عَلَى حَالِهِمَا، فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ يَعُودُ الْمَمْنُوعُ كَمَا أَنَّ كُفْرَ الْعَصَبَةِ أَوْ صَاحِبِ الْفَرْضِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ، فَإِذَا زَالَ قَبْلَ الْمَوْتِ يَعُودُ الْمَمْنُوعُ اهـ، وَرَدَّهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْبَدَائِعِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ فَهُوَ مِمَّا لَا نِزَاعَ فِيهِ، لِأَنَّ الِاسْتِشْكَالَ فِي وَجْهِ الْحُكْمِ لَا فِي نَقْلِهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ تَنْزِيلَهُ مَنْزِلَةَ الْوَصِيَّةِ يُفِيدُ اسْتِحْقَاقَ الْمُوَالِي الْمَالَ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ وَالَاهُ لَا عَنْ وَارِثٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ الدِّينُ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ فَيَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ، كَيْفَ وَقَدْ عَدُّوا الْمُوَالَاةَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِيرَاثِ وَسَمَّوْهُ وَارِثًا مُسْتَحِقًّا جَمِيعَ الْمَالِ عَلَى أَنَّهُ نَقَلَ الطُّورِيُّ عَنْ الْمُحِيطِ: ذِمِّيٌّ وَالَى مُسْلِمًا فَمَاتَ لَمْ يَرِثْهُ لِأَنَّ الْإِرْثَ بِاعْتِبَارِ التَّنَاصُرِ وَالتَّنَاصُرُ فِي غَيْرِ الْعَرَبِ إنَّمَا هُوَ بِالدِّينِ اهـ.
وَاسْتَشْكَلَهُ وَأَجَابَ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ وَحَيْثُ ثَبَتَ النَّقْلُ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَبِعَدَمِ الْإِرْثِ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ مُوَالَاةُ الْمُسْلِمِ الذِّمِّيَّ) وَإِنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ حَرْبِيٍّ وَوَالَاهُ هَلْ يَصِحُّ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ، وَفِيهِ خِلَافٌ قِيلَ يَصِحُّ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْحَرْبِيِّ وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ، فَكَذَا وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ كَمَا فِي الذِّمِّيِّ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ لِأَنَّ فِيهِ تَنَاصُرَ الْحَرْبِيِّ وَمُوَالَاتَهُ وَقَدْ نُهِينَا عَنْهُ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ دُرَرٌ عَنْ الْمُحِيطِ. (قَوْلُهُ: وَالذِّمِّيِّ الذِّمِّيَّ وَإِنْ أَسْلَمَ الْأَسْفَلُ) عِبَارَةُ