المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب جناية البهيمة والجناية عليها - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٦

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌[رُكْن الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَرْصَدِ وَالْقِيمَةِ وَمِشَدِّ الْمُسْكَةِ]

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَمَعْنَى الِاسْتِحْكَارُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ تَفَاسَخَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ]

- ‌بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْبِنَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْمَعَاصِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِئْجَارِ الْمَاءِ مَعَ الْقَنَاةِ وَاسْتِئْجَارِ الْآجَامِ وَالْحِيَاضِ لِلسَّمَكِ]

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ

- ‌[مَبْحَثُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ الْخَاصِّ أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْحَارِسِ وَالْخَانَاتِيِّ]

- ‌[مَبْحَثُ اخْتِلَافِ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ إصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ وَإِخْرَاجُ التُّرَابِ وَالرَّمَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَجْمِ الدَّارِ مِنْ الْجِنِّ هَلْ هُوَ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِسْقُ الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ عُذْرًا فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ إرَادَةُ السَّفَرِ أَوْ النُّقْلَةِ مِنْ الْمِصْرِ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَخْلِيَةِ الْبَعِيدِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْمُؤَجِّرِ وَلِغَيْرِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أُجْرَةِ صَكِّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُقْطَعِ وَانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ الْمُقْطِعِ وَإِخْرَاجُهُ لَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْكَرَ الدَّافِعُ وَقَالَ لَيْسَ هَذَا مِنْ دَرَاهِمِي فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا]

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ

- ‌بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ

- ‌بَابٌ: مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى

- ‌كِتَابُالْوَلَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ

- ‌كِتَابُالْإِكْرَاهِ

- ‌كِتَابُالْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ.(بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ

- ‌كِتَابُالْمَأْذُونِ

- ‌[مَبْحَثٌ فِي تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ وَمَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ وَتَرْتِيبُهَا]

- ‌[فروع أَقَرَّ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونَانِ بِمَا مَعَهُمَا مِنْ كَسْبٍ أَوْ إرْثٍ]

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ هُدِمَ حَائِطٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَفِيمَا لَوْ أَبَى الْمَالِكُ قَبُولَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَبْحَاثِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي لُحُوقِ الْإِجَازَةِ لِلْإِتْلَافِ وَالْأَفْعَالِ فِي اللُّقَطَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِمَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةً تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ مَنَافِعِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ السَّاعِي]

- ‌كِتَابُالشُّفْعَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ غَصَبَ السُّلْطَانُ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ مِنْ شِرْبٍ أَوْ دَارٍ وَقَالَ لَا أَغْصِبُ إلَّا نَصِيبَهُ]

- ‌بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌[بَابُ مَا تَثْبُتُ الشُّفْعَة فِيهِ أَوْ لَا تَثْبُتُ]

- ‌[بَابُ مَا يُبْطِل الشُّفْعَة]

- ‌[فُرُوعٌ]بَاعَ مَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ شَفِيعُهَا

- ‌كِتَابُالْقِسْمَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ السُّكْنَى فِي بَعْضِ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ]

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌[مُطْلَبٌ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْحُورِ وَالصَّفْصَافِ]

- ‌[مُطْلَبٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُنَاصَبَةِ بَيَانُ الْمُدَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ قَامَ الْعَامِلُ عَلَى الْكَرْمِ أَيَّامًا ثُمَّ تَرَكَ فَلَمَّا أَدْرَكَ الثَّمَرَ جَاءَ يَطْلُبُ الْحِصَّةَ]

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةَ

- ‌فُرُوعٌ]

- ‌[فُرُوعٌ]لَوْنُ أُضْحِيَّتِهِ عليه الصلاة والسلام سَوْدَاءُ

- ‌كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ]

- ‌فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ

- ‌بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ

- ‌فَرْعٌ]يُكْرَهُ إعْطَاءُ سَائِلٍ الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ الشِّرْبُ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ

- ‌بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتُهُ أَيْ الرَّهْنُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْأَبُ مِنْ مَالِ طِفْلِهِ شَيْئًا بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ لِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ عِنْدَ غَرِيمٍ مِنْ غُرَمَائِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

- ‌[فَرْعٌ] رَهْنُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ

- ‌بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

- ‌[فُرُوعٌ] أَلْقَى حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا فِي الطَّرِيقِ فَلَدَغَتْ رَجُلًا

- ‌فَصْلٌ فِي الْفِعْلَيْنِ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ

- ‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

- ‌[فُرُوعٌ لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكَرْمِ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ]

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَصْبِ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌[تَتِمَّةٌ صَبِيٌّ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ فِي مَاءٍ فَمَاتَ]

- ‌كِتَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌[فُرُوعٌ وُجِدَ الْقَتِيل فِي دَارِ صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوه]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَرْعٌ]أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فُلَانٌ أَوْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ

- ‌ بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَصَايَا الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ

- ‌[فُرُوعٌ]أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلصَّلَوَاتِ

- ‌بَابُ الْوَصِيِّ

- ‌فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ

- ‌[فُرُوعٌ]يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ

- ‌كِتَابُ الْخُنْثَى

- ‌مَسَائِلُ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَصَبَاتِ

- ‌بَابُ الْعَوْلِ

- ‌ مَسَائِلُ الرَّدِّ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ

- ‌بَابُ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى وَغَيْرِهِمْ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُنَاسَخَةِ

- ‌بَابُ الْمَخَارِجِ

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌باب جناية البهيمة والجناية عليها

يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْحَائِطَ أَوْ النَّقْضَ بَرِئَ وَلَوْ بَاعَ الْجَنَاحَ لَا زَيْلَعِيٌّ (وَلَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ قَبْلَ أَنْ يَهِيَ الْحَائِطُ) لِانْعِدَامِ التَّعَدِّي ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً (وَتُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى التَّقَدُّمِ لَا عَلَى الْقَتْلِ. [فُرُوعٌ]

حَائِطٌ بَعْضُهُ صَحِيحٌ وَبَعْضُهُ وَاهٍ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ كُلُّهُ وَقَتَلَ إنْسَانًا ضَمِنَهُ. إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ طَوِيلًا فَيَضْمَنُ مَا أَصَابَ الْوَاهِي فَقَطْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَحَائِطَيْنِ فَالْإِشْهَادُ يَصِحُّ فِي الْوَاهِي لَا فِي الصَّحِيحِ.

حَائِطَانِ أَحَدُهُمَا مَائِلٌ وَالْآخَرُ صَحِيحٌ: فَأَشْهَدَ عَلَى الْمَائِلِ فَسَقَطَ الصَّحِيحُ فَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ هَدَرًا خَانِيَّةٌ مَسْجِدٌ مَالَ حَائِطُهُ فَالْإِشْهَادُ عَلَى مَنْ بَنَاهُ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ بَنَاهُ وَحَائِطُ الْوَقْفِ عَلَى الْمَسَاكِينِ عَلَى عَاقِلَةِ الْوَقْفِ، وَحَائِطُ الْعَبْدِ التَّاجِرِ عَلَى عَاقِلَةِ مَوْلَاهُ وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا اسْتِحْسَانًا.

قَالَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ إذَا جَاءَ غَدٌ عَفَوْت عَنْ الْقِصَاصِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ دَلَّ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْأَصْلِ. جَارِيَةٌ قَتَلَتْ رَجُلًا عَمْدًا فَزَنَى بِهَا وَلِيُّ الْقَتِيلِ قَبْلَ أَنْ يَقْتَصَّ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهَا صَارَتْ مَمْلُوكَةً وَلْوَالِجِيَّةٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

الْأَصْلُ أَنَّ الْمُرُورَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مُبَاحٌ

ــ

[رد المحتار]

كَانَ ضَامِنًا لِمَا عَطِبَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ تَفْرِيغَ الطَّرِيقِ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَائِطِ فَإِنَّ نَفْسَ الْبِنَاءِ لَيْسَ بِجِنَايَةٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِعْلٌ يَصِيرُ بِهِ جَانِيًا لَكِنْ جُعِلَ كَالْفَاعِلِ بِتَرْكِ النَّقْضِ فِي الطَّرِيقِ، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّفْرِيغِ وَالتَّرْكِ مَعَ الْقُدْرَةِ وُجِدَ فِي حَقِّ النَّقْضِ، لَا فِي حَقِّ الْقَتِيلِ، فَلِذَلِكَ جُعِلَ فَاعِلًا فِي حَقِّ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ لَا فِي حَقِّ الْقَتِيلِ الثَّانِي عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ يُؤَيِّدُهُ) أَيْ يُؤَيِّدُ أَنَّ الْجِنَايَةَ بَاقِيَةٌ فِي الْجَنَاحِ دُونَ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَهِيَ) يُقَالُ: وَهَى الْحَائِطُ يَهِي وَهْيًا إذَا ضَعُفَ وَهَمَّ بِالسُّقُوطِ صِحَاحٌ (قَوْلُهُ لَا فِي الصَّحِيحِ) أَيْ لَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ فِي الْبَعْضِ الصَّحِيحِ فَلَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَهُ كَمَا لَوْ كَانَا حَائِطَيْنِ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ بَنَاهُ) أَيْ إنْ كَانَ حَيًّا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْقَيِّمَ كَالْوَاقِفِ فَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ بَنَاهُ) وَأَمَّا جِنَايَاتُ الْأَمْوَالِ، فَلَيْسَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا فِي مَالِ الْبَانِي وَالْوَاقِفِ فَيُحَرَّرُ ط وَقَدَّمْنَا عَنْ الرَّمْلِيِّ: أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْوَاقِفِ) أَيْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِيهِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ مَوْلَاهُ) وَأَمَّا الْمَالُ فَفِي رَقَبَتِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَقَدَّمْنَا أَيْضًا حُكْمَ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ قَالَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ إلَخْ) الْمَسْأَلَةُ بِتَمَامِهَا فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ) أَيْ وَهُوَ لَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ قُبَيْلَ بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَجْرِي فِيهِ التَّمْلِيكُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ دَلَّ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْعَفْوَ تَمْلِيكٌ لِلْقِصَاصِ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الدَّلَالَةِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا أَفَادَ أَنَّ الْأَمَةَ صَارَتْ مِلْكَهُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ، عَلَى أَنَّ كَوْنَهَا صَارَتْ مِلْكَهُ لَهُ مُشْكِلٌ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ: عِبَارَةُ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَوْ قَتَلَتْ أَمَةٌ رَجُلًا عَمْدًا فَزَنَى بِهَا الْوَلِيُّ عَمْدًا لَمْ يُحَدَّ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الشُّبْهَةَ؛ لِأَنَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ: الْمُوَلَّى وِلَايَةَ تَمَلُّكِهَا مِنْ غَيْرِ رِضَا مَوْلَاهَا إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ قَتَلَهَا فَصَارَ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْحَدِّ اهـ فَقَدْ جَعَلَ عِلَّةَ الدَّرْءِ أَنَّ لَهُ وِلَايَةَ تَمَلُّكِهَا عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ، لَا أَنَّهَا صَارَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ جَارِيَةٌ) بَدَلٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْأَصْلِ وَقَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْتَصَّ تَصْرِيحٌ بِمَعْلُومٍ ط وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا]

ذَكَرَهُ عُقَيْبَ جِنَايَةِ الْإِنْسَانِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْبَهِيمَةُ مُلْحَقَةً بِالْجَمَادَاتِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْعَقْلِ، ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ جِنَايَةِ الرَّقِيقِ، وَنِسْبَةُ الْجِنَايَةِ إلَيْهَا لِمُشَاكَلَةِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ الْأَصْلُ) أَيْ فِي مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ، وَكَذَا الْأَصْلُ أَيْضًا أَنَّ الْمُتَسَبِّبَ ضَامِنٌ إذَا كَانَ

ص: 602

بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فِيمَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ.

(ضَمِنَ الرَّاكِبُ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ مَا وَطِئَتْ دَابَّتُهُ وَمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ كَدَمَتْ) بِفَمِهَا (أَوْ خَبَطَتْ) بِيَدِهَا أَوْ صَدَمَتْ (فَلَوْ حَدَثَتْ) الْمَذْكُورَاتُ (فِي السَّيْرِ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ رَبُّهَا إلَّا فِي الْوَطْءِ وَهُوَ رَاكِبُهَا لِأَنَّهُ) مُبَاشِرٌ لِقَتْلِهِ بِثِقَلِهِ فَيُحْرَمُ الْمِيرَاثُ.

(وَلَوْ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَهُوَ كَمِلْكِهِ) فَلَا يَضْمَنُ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا قُهُسْتَانِيُّ (وَإِلَّا) يَكُنْ بِإِذْنِهِ (ضَمِنَ مَا تَلِفَ مُطْلَقًا) لِتَعَدِّيهِ

(لَا) يَضْمَنُ الرَّاكِبُ (مَا نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا) أَوْ ذَنَبِهَا سَائِرَةً خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ

(أَوْ عَطِبَ إنْسَانٌ بِمَا رَاثَتْ أَوْ بِاَلَّتِي فِي الطَّرِيقِ سَائِرَةً أَوْ وَاقِفَةٌ لِأَجْلِ ذَلِكَ) لِأَنَّ بَعْضَ الدَّوَابِّ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا وَاقِفًا

ــ

[رد المحتار]

مُتَعَدِّيًا، وَإِلَّا لَا يَضْمَنُ وَالْمُبَاشِرُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا، كَمَا يَظْهَرُ مِنْ الْفُرُوعِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ إلَخْ) لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّهِ مِنْ وَجْهٍ، وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ، لِكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ كُلِّ النَّاسِ فَقُلْنَا بِالْإِبَاحَةِ مُقَيَّدًا بِالسَّلَامَةِ لِيَعْتَدِلَ النَّظَرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فِيمَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْمَنْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ زَيْلَعِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ مَا وَطِئَتْ دَابَّتُهُ) أَيْ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ دُرٌّ مُنْتَقَى فَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَاطِبُ عَبْدًا وَجَبَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَيْضًا، لِأَنَّ دِيَتَهُ قِيمَتُهُ، وَإِنْ مَالًا وَجَبَتْ قِيمَتُهُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ مَا دُونَ النَّفْسِ، فَمَا أَرْشُهُ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ فَفِي مَالِهِ وَإِنْ نِصْفَ الْعَشْرِ، فَصَاعِدًا فَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ جَوْهَرَةٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا) أَيْ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْوَطْءِ كَأَنْ أَتْلَفَتْ فِي حَالِ رَفْعِهَا أَوْ قَتَلَ وَضْعُهَا ط (قَوْلُهُ أَوْ كَدَمَتْ إلَخْ) الْكَدْمُ الْعَضُّ بِمُقَدَّمِ الْأَسْنَانِ كَمَا يَكْدِمُ الْحِمَارُ وَالْخَبْطُ الضَّرْبُ بِالْيَدِ وَالصَّدْمُ الدَّفْعُ، وَأَنْ تَضْرِبَ الشَّيْءَ بِجَسَدِك مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ فِي مِلْكِهِ) أَيْ الْخَاصِّ أَوْ الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ السَّيْرَ وَالْإِيقَافَ فِيهِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ لَا مُبَاشِرٌ، وَلَيْسَ بِمُتَعَدٍّ بِتَسْيِيرِ الدَّابَّةِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُبَاشَرَةٌ) فَيَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ (قَوْلُهُ فَيُحْرَمُ مِنْ الْمِيرَاثِ) لِأَنَّهُ قَاتِلٌ حَقِيقَةً وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ حَدَثَتْ) أَيْ الْمَذْكُورَاتُ (قَوْلُهُ فَلَا يَضْمَنُ) أَيْ إلَّا فِي الْوَطْءِ وَهُوَ رَاكِبُهَا (قَوْلُهُ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مَعَهَا) سَوَاءٌ دَخَلَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ أَدْخَلَهَا بِالْإِذْنِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ) أَيْ الرَّاكِبُ مَا تَلِفَ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ وَطِئَتْ أَوْ خَبَطَتْ أَوْ صَدَمَتْ وَاقِفَةً أَوْ سَائِرَةً، وَكَالرَّاكِبِ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ كَمَا يَأْتِي مَتْنًا، وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا لَمْ تَدْخُلْ بِنَفْسِهَا

قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي مِلْكِ غَيْرِ صَاحِبِهَا فَأَمَّا إنْ أَدْخَلَهَا صَاحِبُهَا فِيهِ أَوَّلًا فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُبَاشِرٍ وَلَا مُتَسَبِّبٍ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا سَائِقُهَا أَوْ قَائِدُهَا أَوْ رَاكِبُهَا أَوْ لَا وَاقِفَةً أَوْ سَائِرَةً لِأَنَّهُ إمَّا مُبَاشِرٌ، أَوْ مُتَسَبِّبٌ مُتَعَدٍّ إذْ لَيْسَ لَهُ إيقَافُ الدَّابَّةِ وَتَسْيِيرُهَا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ اهـ

(قَوْلُهُ لَا يَضْمَنُ الرَّاكِبُ) أَيْ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ لَا مَا نَفَحَتْ إلَخْ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ يُقَالُ نَفَحَتْ الدَّابَّةُ أَيْ ضَرَبَتْ بِحَدِّ حَافِرِهَا مُغْرِبٌ فَقَوْلُهُ: بِرِجْلِهَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُقَيَّدِ فِي الْمُطْلَقِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ فِي الصِّحَاحِ أَيْ ضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا، فَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْحَافِرِ فَتَبْقَى دَعْوَى الْمَجَازِ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ ذَنَبِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ سَائِرَةً) قَيْدٌ لِعَدَمِ الضَّمَانِ بِالنَّفْحَةِ، فَإِنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ النَّفْحَةِ مَعَ السَّيْرِ، غَيْرُ مُمْكِنٍ، لِأَنَّهَا مِنْ ضَرُورَاتِهِ فَلَوْ أَوْقَفَهَا فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ النَّفْحَةَ أَيْضًا، لِأَنَّ صِيَانَةَ الدَّوَابِّ عَنْ الْوُقُوفِ مُمْكِنَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُمْكِنَةٍ عَنْ النَّفْحَةِ فَصَارَ الْإِيقَافُ تَعَدِّيًا أَوْ مُبَاحًا مُقَيَّدًا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ أَوْ عَطِبَ) عَطْفٌ عَلَى نَفَحَتْ، وَفِيهِ رَكَاكَةٌ، وَعِبَارَةُ الْمُلْتَقَى وَلَا مَا عَطِبَ بِرَوْثِهَا أَوْ بَوْلِهَا (قَوْلُهُ أَوْ وَاقِفَةً) أَيْ بِإِيقَافِهِ أَوْ لَا بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ الرَّوْثِ أَوْ الْبَوْلِ وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ وَاقِفَةً (قَوْلُهُ لِأَنَّ بَعْضَ الدَّوَابِّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الضَّمَانِ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْبَوْلِ وَالرَّوْثِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، فَجُعِلَ عَفَوَا وَالْوُقُوفُ مِنْ ضَرُورَاتِهِ، لِأَنَّ الدَّابَّةَ لَا تَرُوثُ،

ص: 603

(فَلَوْ) أَوْقَفَهَا (لِغَيْرِهِ) فَبَالَتْ (ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ بِإِيقَافِهَا إلَّا فِي مَوْضِعِ إذْنِ الْإِمَامِ بِإِيقَافِهَا فَلَا يَضْمَنُ وَمِنْهُ سَوْقُ الدَّوَابِّ وَأَمَّا بَابُ الْمَسْجِدِ فَكَالطَّرِيقِ إلَّا إذَا أَعَدَّ الْإِمَامُ لَهَا مَوْضِعًا

(فَإِنْ أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا حَصَاةٌ أَوْ نَوَاةً وَأَثَارَتْ غُبَارًا أَوْ حَجَرًا صَغِيرًا فَفَقَأَ عَيْنًا) أَوْ أَفْسَدَ ثَوْبًا (لَمْ يَضْمَنْ) لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (وَلَوْ) الْحَجَرُ (كَبِيرًا ضَمِنَ) لِإِمْكَانِهِ

(وَضَمِنَ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ مَا ضَمِنَهُ الرَّاكِبُ) وَصَحَّحَ فِي الدُّرَرِ أَنَّهُ مَطْرُودٌ مُنْعَكِسٌ

(وَ) الرَّاكِبُ (عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ) فِي الْوَطْءِ كَمَا مَرَّ (لَا عَلَيْهِمَا) أَيْ لَا عَلَى سَائِقٍ وَقَائِدٍ، وَلَوْ كَانَ سَائِقٌ وَرَاكِبٌ لَمْ يَضْمَنْ السَّائِقُ عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَا جَزَمَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيُّ وَغَيْرُهُ، لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى الْمُبَاشِرِ أَوْلَى مِنْ الْمُتَسَبِّبِ

ــ

[رد المحتار]

وَلَا تَبُولُ غَالِبًا إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ فَجُعِلَ ذَلِكَ عَفْوًا أَيْضًا أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَوْقَفَهَا) فِي الْمُغْرِبِ، وَلَا يُقَالُ أَوْقَفَهُ إلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ اهـ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ لِتَعَدِّيهِ بِإِيقَافِهِ) أَيْ إيقَافِ الدَّابَّةِ فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ: أَيْ فَهُوَ مُتَسَبِّبٌ مُتَعَدٍّ، إذْ لَيْسَ لَهُ شَغْلُ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ بِإِيقَافِهَا فِيهِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: فَلَوْ أَوْقَفَهَا لِلِازْدِحَامِ أَوْ لِضَرُورَةٍ أُخْرَى، يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ الْعَوْدُ أَوْ التَّخَلُّصُ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ إلَّا فِي مَوْضِعِ إذْنِ الْإِمَامِ بِإِيقَافِهَا) وَكَذَا إذَا أَوْقَفَهَا فِي الْمَفَاوِزِ فِي غَيْرِ الْمَحَجَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ النَّاسَ؛ بِخِلَافِ الْمَحَجَّةِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ قُهُسْتَانِيٌ وَالْمَحَجَّةُ الطَّرِيقُ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا أَعَدَّ الْإِمَامُ لَهَا) أَيْ الدَّوَابِّ أَوْ لِوُقُوفِهَا مَوْضِعًا عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَلَا ضَمَانَ فِيمَا حَدَثَ مِنْ الْوُقُوفِ فِيهِ ط وَقَيَّدَ بِالْوُقُوفِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ سَائِرًا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَذِنَ فِيهَا الْإِمَامُ بِالْوُقُوفِ، أَوْ قَائِدًا أَوْ سَائِقًا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَلَا يُزِيلُ ذَلِكَ عَنْهُ إذْنُ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا يَسْقُطُ مَا حَدَثَ مِنْ وُقُوفِ دَابَّتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ رَاكِبًا، وَلَا دُونَ السَّيْرِ وَالسَّوْقِ وَالْقَوْدِ أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْخُسْهَا، وَلَمْ يُنَفِّرْهَا أَمَّا لَوْ نَخَسَهَا أَوْ نَفَّرَهَا فَأَثَارَتْ غُبَارًا أَوْ حَصَاةً فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا ضَمِنَهُ أَفَادَهُ الْمَكِّيُّ ط وَعِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ: وَقِيلَ لَوْ عَنَّفَ الدَّابَّةَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ ضَمِنَ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِهِ) أَيْ لِإِمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ عُنْفِهِ فِي السَّوْقِ، فَيُوصَفُ بِالتَّعَدِّي فَيُؤْخَذُ بِهِ أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ مَا ضَمِنَهُ الرَّاكِبُ) أَيْ أَنَّهُمْ فِي الضَّمَانِ سَوَاءٌ وَكَذَا الْمُرْتَدِفُ أَتْقَانِيٌّ، فَيَضْمَنُونَ مَا حَدَثَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ إلَّا النَّفْحَ وَلَا يَضْمَنُونَ مَا حَدَثَ فِي مِلْكِهِمْ، أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِمْ بِإِذْنِهِ إلَّا فِي الْوَطْءِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ إنَّهُ مُطَّرِدٌ وَمُنْعَكِسٌ) الِاطِّرَادُ التَّلَازُمُ فِي الثُّبُوتِ، وَالِانْعِكَاسُ التَّلَازُمُ فِي النَّفْيِ: أَيْ كُلُّ مَا يَضْمَنُ فِيهِ الرَّاكِبُ يَضْمَنُ فِيهِ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ. وَمَا لَا فَلَا، وَخَالَفَ الْقُدُورِيُّ فِي السَّائِقِ، فَذَكَرَ أَنَّهُ يَضْمَنُ النَّفْحَةَ بِالرِّجْلِ، لِأَنَّهُ بِمَرْأَى عَيْنِهِ فَيُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ، وَعَلَيْهِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ، وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَمْنَعُهَا عَنْ النَّفْحَةِ؛ فَلَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ بِخِلَافِ الْكَدْمِ، لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ كَبْحُهَا بِلِجَامِهَا، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَمَا صَحَّحَهُ فِي الدُّرَرِ هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا

(قَوْلُهُ وَالرَّاكِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْوَطْءِ) أَيْ وَلَوْ وَطِئَتْ إنْسَانًا وَهُوَ رَاكِبُهَا وَكَذَا الرَّدِيفُ فَإِنَّهُمَا مُبَاشِرَانِ لِلْقَتْلِ حَقِيقَةً بِثِقَلِهِمَا، فَيَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ، وَيُحْرَمَانِ مِنْ الْمِيرَاثِ كَالنَّائِمِ إذَا انْقَلَبَ عَلَى إنْسَانٍ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) لَمْ يَمُرَّ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ، وَالْأَظْهَرُ لِمَا مَرَّ بِاللَّامِ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ الْمَارِّ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا عَلَيْهِمَا) لِأَنَّهُمَا مُتَسَبِّبَانِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْلَا السَّوْقُ، أَوْ الْقَوْدُ لَمْ يُوجَدْ الْوَطْءُ، وَالْكَفَّارَةُ جَزَاءُ الْمُبَاشَرَةِ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ لَا عَلَى سَائِقٍ وَقَائِدٍ) زَادَ الْقُهُسْتَانِيُّ الْمُرْتَدِفُ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَمُخَالِفٌ لِمَا سَمِعْته آنِفًا (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ السَّائِقُ عَلَى الصَّحِيحِ) اعْلَمْ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ قَالَ: قِيلَ لَا يَضْمَنُ السَّائِقُ مَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ، لِأَنَّ الرَّاكِبَ مُبَاشِرٌ وَالسَّائِقَ مُتَسَبِّبٌ، وَالْإِضَافَةُ إلَى الْمُبَاشِرِ أَوْلَى، وَقِيلَ: الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ سَبَبُ الضَّمَانِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الرَّاكِبَ إذَا أَمَرَ إنْسَانًا فَنَخَسَ الْمَأْمُورُ الدَّابَّةَ فَوَطِئَتْ إنْسَانًا كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا فَاشْتَرَكَا فِي الضَّمَانِ، فَالنَّاخِسُ سَائِقٌ، وَالْآمِرُ رَاكِبٌ، فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِمَا ذَكَرْنَا

ص: 604

كَمَا مَرَّ أَيْ إذَا كَانَ سَبَبًا لَا يَعْمَلُ بِانْفِرَادِهِ إتْلَافًا كَمَا هُنَا أَمَّا فِي سَبَبٍ يَعْمَلُ بِانْفِرَادِهِ فَيَشْتَرِكَانِ كَمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ نَفْسِ الدَّابَّةِ بِإِذْنِ رَاكِبِهَا فَلْيُحْفَظْ

(وَضَمِنَ عَاقِلَةُ كُلِّ فَارِسٍ) أَوْ رَاجِلٍ (دِيَةَ الْآخَرِ إنْ اصْطَدَمَا وَمَاتَا مِنْهُ) فَوَقَعَا عَلَى الْقَفَا (لَوْ) كَانَا (حُرَّيْنِ) لَيْسَا مِنْ الْعَجَمِ وَلَا عَامِدَيْنِ وَلَا وَقَعَا عَلَى وُجُوهِهِمَا (وَلَوْ) كَانَا (عَبْدَيْنِ) أَوْ وَقَعَا عَلَى الْوَجْهِ ابْنُ كَمَالٍ (يَهْدِرُ دَمُهُمَا) فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَغَيْرُهَا، وَلَوْ كَانَ مِنْ الْعَجَمِ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِمْ كَمَا مَرَّ مِرَارًا وَلَوْ كَانَا عَامِدَيْنِ، فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَوْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ هَدَرَ دَمُهُ فَقَطْ، وَلَوْ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ

ــ

[رد المحتار]

وَالْجَوَابُ عَمَّا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْمُتَسَبِّبَ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ مَعَ الْمُبَاشِرِ إذَا كَانَ السَّبَبُ شَيْئًا لَا يَعْمَلُ بِانْفِرَادِهِ فِي الْإِتْلَافِ كَمَا فِي الْحَفْرِ مَعَ الْإِلْقَاءِ، فَإِنَّ الْحَفْرَ لَا يَعْمَلُ بِانْفِرَادِهِ شَيْئًا بِدُونِ الْإِلْقَاءِ وَأَمَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ يَعْمَلُ بِانْفِرَادِهِ فَيَشْتَرِكَانِ وَهَذَا مِنْهُ، فَإِنَّ السَّوْقَ مُتْلِفٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّابَّةِ رَاكِبٌ، بِخِلَافِ الْحَفْرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُتْلِفٍ بِلَا إلْقَاءٍ، وَعِنْدَ الْإِلْقَاءِ وُجِدَ التَّلَفُ بِهِمَا فَأُضِيفَ إلَى آخِرِهِمَا اهـ وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ فِي الْهَامِشِ هَذَا الْكَلَامُ يَحْتَاجُ إلَى مَزِيدِ تَحْرِيرٍ اهـ.

وَذَكَرَ فِي السَّعْدِيَّةِ: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي مَعْرِضِ الْجَوَابِ بِمَعْزِلٍ عَنْ هَذَا التَّقْرِيرِ، وَلَا يَصْلُحُ جَوَابًا عَمَّا فِي الْأَصْلِ، بَلْ هُوَ تَحْقِيقٌ وَتَفْصِيلٌ لَهُ، وَاللَّازِمُ مِنْهُ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى السَّائِقِ، وَهُوَ قَدْ صَحَّحَ عَدَمَ الْوُجُوبِ وَهَذَا مِنْ مِثْلِهِ غَرِيبٌ اهـ.

وَذَكَرَ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْحَلَبِيِّ عَنْ قَارِئِ الْهِدَايَةِ مَا صُورَتُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ اهـ فَيَكُونُ التَّصْحِيحُ لِلْقَوْلِ الثَّانِي وَالْجَوَابُ عَنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ النِّهَايَةِ أَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُ الْوَلْوَالِجيَّةِ الرَّاكِبُ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالرَّدِيفُ فِي الضَّمَانِ سَوَاءٌ حَالَةَ الِانْفِرَادِ وَالِاجْتِمَاعِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَ الرَّاكِبُ مُبَاشِرًا، لِأَنَّ السَّبَبَ هُنَا يَعْمَلُ فِي الْإِتْلَافِ، فَلَا يُلْغَى فَكَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْحَفْرِ اهـ مُلَخَّصًا.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الصَّحِيحَ مَا جَزَمَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَقَدْ أَخَّرَهُ فِي الْهِدَايَةِ فَأَشْعَرَ بِتَرْجِيحِهِ كَعَادَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمَوَاهِبِ وَالْمُلْتَقَى وَعَبَّرَا عَنْ مُقَابِلِهِ بِقِيلَ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ كَمَا هُنَا) أَيْ فِي السَّائِقِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ كَالنَّاخِسِ يَعْمَلُ بِانْفِرَادِهِ إتْلَافًا وَأَنَّ الَّذِي لَا يَعْمَلُ كَحَفْرِ الْبِئْرِ (قَوْلُهُ بِإِذْنِ رَاكِبِهَا) فَلَوْ بِدُونِهِ ضَمِنَ النَّاخِسُ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي

(قَوْلُهُ أَوْ رَاجِلٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْفَارِسِ اتِّفَاقِيٌّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الرَّاجِلَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالْبَهِيمَةِ أَفَادَهُ سَعْدِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ اصْطَدَمَا) أَيْ تَضَارَبَا بِالْجَسَدِ اهـ دُرٌّ مُنْتَقَى وَهَذَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَقَابَلَا لِمَا فِي الِاخْتِيَارِ سَارَ رَجُلٌ عَلَى دَابَّةٍ فَجَاءَ رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِهِ فَصَدَمَهُ فَعَطِبَ الْمُؤَخَّرُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُقَدَّمِ، وَإِنْ عَطِبَ الْمُقَدَّمُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُؤَخَّرِ وَكَذَا فِي سَفِينَتَيْنِ اهـ ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ (قَوْلُهُ يَهْدِرُ دَمُهُمَا) لِأَنَّ جِنَايَةَ كُلٍّ مِنْ الْعَبْدَيْنِ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ دَفْعًا وَفِدَاءً وَقَدْ فَاتَتْ لَا إلَى الْخَلْفِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ يَصِيرُ بِهِ الْمَوْلَى مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ مِنَحٌ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الْحُرَّانِ عَلَى وَجَوِّهِمَا فَلِأَنَّ مَوْتَ كُلٍّ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَا عَامِدَيْنِ) أَيْ الْحُرَّانِ أَوَالْعَبْدَانِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْهِدَايَةِ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا قَدَّمَهُ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ) الَّذِي فِي الزَّيْلَعِيِّ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ قَالَ الشَّلَبِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ: لِأَنَّ الْعَمْدَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْخَطَأِ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ، إذْ هُوَ تَعَمَّدَ الِاصْطِدَامَ، وَلَمْ يَقْصِدْ الْعَقْلَ وَلِذَا وَجَبَ عَلَى الْعَاقِلَةِ اهـ ط وَإِنَّمَا نُصِّفَتْ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ لَا فِي الْخَطَأِ لِأَنَّ فِي الْخَطَأِ فِعْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُبَاحٌ وَهُوَ الْمَشْيُ فِي الطَّرِيقِ، فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الضَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ كَالْوَاقِعِ فِي بِئْرٍ فِي الطَّرِيقِ، فَإِنَّهُ لَوْلَا مَشْيُهُ مَا وَقَعَ وَيُعْتَبَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ لِتَقَيُّدِهِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ، أَمَّا فِي

ص: 605

عَبْدًا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي الْخَطَأِ وَنِصْفُهَا فِي الْعَمْدِ (كَمَا لَوْ تَجَاذَبَ رَجُلَانِ حَبْلًا فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ فَسَقَطَا وَمَاتَا عَلَى الْقَفَا) هَدَرَ دَمُهُمَا لِمَوْتِ كُلٍّ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ (فَإِنْ وَقَعَا عَلَى الْوَجْهِ وَجَبَ دِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ) لِمَوْتِهِ بِقُوَّةِ صَاحِبِهِ (فَإِنْ تَعَاكَسَا) بِأَنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَفَا وَالْآخَرُ عَلَى الْوَجْهِ (فَدِيَةُ الْوَاقِعِ عَلَى الْوَجْهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ) لِمَوْتِهِ بِقُوَّةِ صَاحِبَةٍ (وَهَدَرَ) دَمُ (مَنْ وَقَعَ عَلَى الْقَفَا) لِمَوْتِهِ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ (وَلَوْ قَطَعَ إنْسَانٌ الْحَبْلَ بَيْنَهُمَا فَوَقَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْقَفَا فَمَاتَ فَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاطِعِ) لِتَسَبُّبِهِ بِالْقَطْعِ

(وَعَلَى سَائِقِ دَابَّةٍ وَقَعَ أَدَاتُهَا) أَيْ آلَاتُهَا كَسَرْجٍ وَنَحْوِهِ (عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ وَقَائِدِ قِطَارٍ) بِالْكَسْرِ قِطَارِ الْإِبِلِ (وَطِئَ بَعِيرٌ مِنْهُ رَجُلًا الدِّيَةُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ ضَمِنَا) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّسَبُّبِ، لَكِنَّ ضَمَانَ النَّفْسِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَضَمَانَ الْمَالِ فِي مَالِهِ هَذَا لَوْ السَّائِقُ مِنْ جَانِبٍ مِنْ الْإِبِلِ فَلَوْ تَوَسَّطَهَا وَأَخَذَ بِزِمَامِ وَاحِدٍ ضَمِنَ مَا خَلْفَهُ وَضَمِنَا مَا قُدَّامَهُ

ــ

[رد المحتار]

الْعَمْدِ فَلَيْسَ بِمُبَاحٍ، فَيُضَافُ إلَيْهِ مَا وَقَعَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَصَارَ هَالِكًا بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ فَيَهْدِرُ مَا كَانَ بِفِعْلِهِ، وَيَجِبُ مَا كَانَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي الْخَطَأِ وَنِصْفُهَا ثُمَّ الْعَمْدِ) أَيْ وَيَأْخُذُهَا وَرَثَةُ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَارَ قَاتِلًا لِصَاحِبِهِ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحَرِّ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوْ نِصْفُهَا ثُمَّ الْعَبْدُ الْجَانِي قَدْ تَلِفَ، وَأَخْلَفَ هَذَا الْبَدَلَ، فَيَأْخُذُهُ وَرَثَةُ الْحُرِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِجِهَةِ كَوْنِهِ مَقْتُولًا لَا قَاتِلًا، وَيَبْطُلُ حَقُّهُمْ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْخَلَفِ، وَلَا يُرَدُّ مَا إذَا قَطَعَتْ الْمَرْأَةُ يَدَ الرَّجُلِ، فَتَزَوَّجَهَا عَلَى الْيَدِ فَإِنَّ عَاقِلَتَهَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ الضَّمَانُ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَحَمَّلُونَ عَنْهَا، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا الْمَقْطُوعُ لَوْ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ عَنْ الْعَاقِلَةِ لَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ وَاجِبًا لَهَا، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَتَحَمَّلُوا عَنْهَا ضَامِنِينَ لَهَا أَمَّا هُنَا فَالْعَاقِلَةُ تَحَمَّلُوا عَنْ الْحُرِّ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ قَاتِلًا ثُمَّ تَأْخُذُهُ الْوَرَثَةُ بِجِهَةِ كَوْنِهِ مَقْتُولًا اهـ مِنْ الْكِفَايَةِ مَعَ غَيْرِهَا، وَاعْتَرَضَ الْوَانِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا كَمَا فِي الْحَدِيثِ.

وَأَقُولُ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَمْدَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْخَطَأِ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا جَنَاهُ الْعَبْدُ لَا مَا جَنَى فَتَدَيَّرْ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ تَجَاذَبَ رَجُلَانِ إلَخْ) تَشْبِيهٌ فِي الْهَدَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَهْدِرُ دَمُهُمَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحُكْمِ عَلَى عَكْسِ مَسْأَلَةِ الْمُصَادَمَةِ ط (قَوْلُهُ إنْ وَقَعَا عَلَى الْوَجْهِ إلَخْ) قِيلَ لِمُحَمَّدٍ إنْ وَقَعَا عَلَى وَجْهِهِمَا إذَا قُطِعَ الْحَبْلُ قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ هَذَا مِنْ قَطْعِ الْحَبْلِ أَتْقَانِيٌّ.

أَقُولُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ نَفْيُ التَّصَوُّرِ أَوْ نَفْيُ الضَّمَانِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاطِعِ) كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَالِاخْتِيَارِ وَالْخَانِيَّةِ وَفِيهَا أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ اهـ وَلَعَلَّهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَوْ الْمُرَادُ لَا دِيَةَ فِي مَالِهِ

(قَوْلُهُ وَعَلَى سَائِقِ دَابَّةٍ) خَبَرٌ مُبْتَدَؤُهُ قَوْلُهُ الْآتِي الدِّيَةُ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي التَّسَبُّبِ، لِأَنَّ الْوُقُوعَ بِتَقْصِيرٍ مِنْهُ، وَهُوَ تَرْكُ الشَّدِّ وَالْإِحْكَامِ فِيهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَلْقَاهُ بِيَدِهِ كَمَا فِي الدُّرَرِ ط فَهُوَ كَوُقُوعِ مَا حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، بِخِلَافِ الرِّدَاءِ الْمَلْبُوسِ إذَا سَقَطَ وَكَانَ مِمَّا يَلْبَسُهُ الْإِنْسَانُ عَادَةً لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَائِدِ قِطَارٍ) إنَّمَا ضَمِنَ لِأَنَّهُ بِيَدِهِ يَسِيرُ بِسَوْقِهِ، وَيَقِفُ بِإِيقَافِهِ فَيُضَافُ إلَيْهِ مَا حَدَثَ مِنْهُ لِتَسَبُّبِهِ، فَيَصِيرُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً فَتَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ

قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ: لَوْ قَادَ أَعْمَى فَوَطِئَ الْأَعْمَى إنْسَانًا فَقَتَلَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ الْقَائِدُ لِأَنَّ الْأَعْمَى مِنْ أَهْلِ الضَّمَانِ، فَفِعْلُهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَفِعْلُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ لَا عِبْرَةَ لَهُ فِي حُكْمِ نَفْسِهِ فَيُنْسَبُ إلَى الْقَائِدِ أَتْقَانِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ قِطَارِ الْإِبِلِ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: الْقِطَارُ الْإِبِلُ تُقْطَرُ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ وَالْجَمْعُ قُطُرٌ اهـ أَيْ كَكُتُبٍ (قَوْلُهُ الدِّيَةُ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُتْلَفُ غَيْرَ مَالٍ وَكَانَ الْمُوجَبُ كَأَرْشِ الْمُوضِحَةِ فَمَا فَوْقَهَا كَمَا مَرَّ مِرَارًا مَكِّيٌّ اهـ ط (قَوْلُهُ هَذَا لَوْ السَّائِقُ مِنْ جَانِبٍ مِنْ الْإِبِلِ) أَيْ فِي الْوَسَطِ يَمْشِي فِي جَانِبِ الْقِطَارِ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ وَلَا يَأْخُذُ بِزِمَامِ بَعِيرٍ مِعْرَاجٌ.

ص: 606

وَرَاكِبُ وَسَطِهَا يَضْمَنُهُ فَقَطْ مَا لَمْ يَأْخُذْ بِزِمَامِ مَا خَلْفَهُ (فَإِنْ قَتَلَ بَعِيرٌ رُبِطَ عَلَى قِطَارٍ سَائِرٍ بِلَا عِلْمِ قَائِدِهِ رَجُلًا) مَفْعُولُ قَتَلَ (ضَمِنَ عَاقِلَةُ الْقَائِدِ الدِّيَةَ رَجَعُوا بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ) لِأَنَّهُ دِيَةٌ لَا خُسْرَانُ كَمَا تَوَهَّمَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فَلَوْ رَبَطَ وَالْقِطَارُ وَاقِفٌ ضَمِنَهَا عَاقِلَةُ الْقَائِدِ بِلَا رُجُوعٍ لِقَوَدِهِ بِلَا إذْنٍ.

(وَمَنْ أَرْسَلَ بَهِيمَةً) أَوْ كَلْبًا مُلْتَقًى (وَكَانَ خَلْفَهَا سَائِقًا لَهَا فَأَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا ضَمِنَ) لِأَنَّهُ الْحَامِلُ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَمْشِ خَلْفًا فَمَا دَامَتْ فِي دَوْرِهَا فَسَائِقٌ حُكْمًا، وَإِنْ تَرَاخَى انْقَطَعَ السَّوْقُ فَالْمُرَادُ بِالسَّوْقِ الْمَشْيُ خَلْفَهَا

ــ

[رد المحتار]

وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ: وَهَذَا أَيْ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى السَّائِقِ وَالْقَائِدِ جَمِيعًا إذَا كَانَ السَّائِقُ يَسُوقُ الْإِبِلَ غَيْرَ آخِذٍ بِزِمَامِ بَعِيرٍ، أَمَّا إذَا أَخَذَ الزِّمَامَ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ فِيمَا هَلَكَ خَلْفَهُ لَا عَلَى الْقَائِدِ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّهُ لِمَا انْقَطَعَ الزِّمَامُ عَنْ الْقِطَارِ لَمْ يَكُنْ الْقَائِدُ الْمُقَدَّمُ قَائِدًا لَمَّا خَلَفَ السَّائِقَ، وَأَمَّا فِيمَا هَلَكَ قُدَّامَ السَّائِقِ فَيَضْمَنُهُ السَّائِقُ، وَالْقَائِدُ جَمِيعًا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي سَبَبِ وُجُوبِ الضَّمَانِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقَرِّبٌ إلَى الْجِنَايَةِ هَذَا بِسَوْقِهِ وَذَاكَ بِقَوْدِهِ (قَوْلُهُ وَرَاكِبٌ وَسَطَهَا يَضْمَنُهُ) أَيْ لَوْ كَانَ رَاكِبًا عَلَى بَعِيرٍ وَسَطَ الْقِطَارِ، وَلَا يَسُوقُ شَيْئًا مِنْهَا يَضْمَنُ مَا رَكِبَهُ أَيْ مَا أَصَابَهُ بَعِيرُهُ بِالْإِيطَاءِ لِأَنَّهُ جُعِلَ فِيهِ مُبَاشِرًا، أَمَّا مَا أَصَابَهُ بِغَيْرِ الْإِيطَاءِ، فَهُوَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقَائِدِ أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ.

قُلْت: وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ سَابِقًا، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ، وَجَعَلَ فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ الضَّمَانَ عَلَيْهِمَا بِلَا تَفْصِيلٍ وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى التَّصْحِيحِ (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ لَا يَضْمَنُ مَا قُدَّامَهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ سَائِقٍ لَهُ، وَلَا مَا خَلْفَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَائِدٍ إلَّا إذَا أَخَذَ بِزِمَامِ مَا خَلْفَهُ زَيْلَعِيٌّ، وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَاكْتَفِي بِكَوْنِ زِمَامِ مَا خَلْفَهُ مَرْبُوطًا بِبَعِيرِهِ كَمَا بَسَطَهُ فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ بِلَا عِلْمِ قَائِدِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِرُبِطَ، وَقَيَّدَ بِهِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَرَجَعُوا بِهَا إلَخْ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ لَا رُجُوعَ لَهُمْ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ ضَمِنَ عَاقِلَتُهُ الدِّيَةَ) لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ مُتَعَدٍّ بِتَرْكِ صَوْنِ قِطَارِهِ عَنْ الرَّبْطِ وَرَجَعُوا عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُمْ فِيهِ (قَوْلُهُ كَمَا تَوَهَّمَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ) حَيْثُ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مَالِ الرَّابِطِ، لِأَنَّ الرَّابِطَ أَوْقَعَهُمْ فِي خُسْرَانِ الْمَالِ وَهَذَا مِمَّا لَا تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ اهـ ح (قَوْلُهُ وَالْقِطَارُ وَاقِفٌ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ سَائِرٌ (قَوْلُهُ لِقَوْدِهِ بِلَا إذْنٍ) أَيْ بِلَا إذْنِ الرَّابِطِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ لَمَّا رَبَطَهُ وَالْقِطَارُ سَائِرٌ وُجِدَ مِنْ الرَّابِطِ الْإِذْنُ دَلَالَةً بِقَوْدِ الْمَرْبُوطِ، فَلِذَا رَجَعُوا عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّهُ صَارَ سَبَبًا كِفَايَةٌ

(قَوْلُهُ وَمَنْ أَرْسَلَ بَهِيمَةً إلَخْ) اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ بَيْنَ إرْسَالِ الْكَلْبِ وَغَيْرِهِ فَرْقًا، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أُرْسِلَ الْكَلْبُ، وَلَمْ يَكُنْ سَائِقًا لَهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَصَابَ فِي فَوْرِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ إذْ لَا يُمْكِنُهُ اتِّبَاعُهُ، وَالْمُتَسَبِّبُ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا تَعَدَّى، وَلَوْ أَرْسَلَ دَابَّةً يَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا، سَوَاءٌ سَاقَهَا أَوْ لَا لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِإِرْسَالِهَا فِي الطَّرِيقِ، مَعَ إمْكَانِ اتِّبَاعِهَا أَفَادَهُ فِي النِّهَايَةِ، لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِكُلِّ حَالٍ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّابَّةِ وَالْكَلْبِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَهُ الْكَلْبُ فِي فَوْرِهِ إلَّا إذَا سَاقَهُ، وَمَا أَصَابَتْهُ الدَّابَّةُ فِي فَوْرِهَا يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا، وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ جَارٍ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ فِي الضَّمَانِ السَّوْقَ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْكَلْبِ، وَلِذَا فَسَّرَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْبَهِيمَةَ بِالْكَلْبِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ أَخِيرًا لَكِنَّ قَوْلَهُ: أَوْ كَلْبًا لَا يُنَاسِبُهُ خُصُوصًا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَالْمُرَادُ بِالدَّابَّةِ الْكَلْبُ (قَوْلُهُ فَسَائِقٌ حُكْمًا) لِأَنَّ سَيْرَهَا مُضَافٌ إلَيْهِ مَا دَامَتْ تَسِيرُ عَلَى سُنَّتِهَا، وَلَوْ انْعَطَفَتْ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً انْقَطَعَ حُكْمُ الْإِرْسَالِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ طَرِيقٌ آخَرُ سِوَاهُ وَكَذَا إذَا وَقَفَتْ، ثُمَّ سَارَتْ وَتَمَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ رَدَّهَا رَادٌّ ضَمِنَ مَا أَصَابَتْ فِي فِعْلِهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ سَائِقٌ لَهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى سَائِقِهَا إلَّا إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالسَّوْقِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَكَانَ خَلْفَهَا سَائِقًا لَهَا، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ أَنَّهُ الْمَشْيُ خَلْفَهَا، وَإِنْ لَمْ يَطْرُدْهَا، وَنَقَلَ الْمَكِّيُّ عَنْ مُلَّا عَلَيَّ تَقْيِيدِهِ بِطَرْدِهِ إيَّاهَا ط مُلَخَّصًا.

ص: 607

وَالْمُرَادُ بِالدَّابَّةِ الْكَلْبُ زَيْلَعِيٌّ

(وَإِنْ أَرْسَلَ طَيْرًا) سَاقَهُ أَوْ لَا أَوْ دَابَّةً (أَوْ كَلْبًا وَلَمْ يَكُنْ سَائِقًا) لَهُ (أَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّةٌ) بِنَفْسِهَا (فَأَصَابَتْ مَالًا أَوْ آدَمِيًّا نَهَارًا أَوْ لَيْلًا لَا ضَمَانَ) فِي الْكُلِّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» أَيْ الْمُنْفَلِتَةُ هَدَرٌ (كَمَا لَوْ جَمَحَتْ) الدَّابَّةُ (بِهِ) أَيْ بِالرَّاكِبِ وَلَوْ سَكْرَانَ (وَلَمْ يَقْدِرْ) الرَّاكِبُ (عَلَى رَدَّهَا) فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كَالْمُنْفَلِتَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِمُسَيِّرٍ لَهَا فَلَا يُضَافُ سَيْرُهَا إلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَتْلَفَتْ إنْسَانًا فَدَمُهُ هَدَرٌ عِمَادِيَّةٌ.

(وَمَنْ ضَرَبَ دَابَّةً عَلَيْهَا رَاكِبٌ أَوْ نَخَسَهَا) بِعُودٍ بِلَا إذْنِ الرَّاكِبِ (فَنَفَحَتْ أَوْ ضَرَبَتْ بِيَدِهَا) شَخْصًا (آخَرَ) غَيْرَ الطَّاعِنِ (أَوْ نَفَرَتْ فَصَدَمَتْهُ وَقَتَلَتْهُ ضَمِنَ هُوَ) أَيْ النَّاخِسُ (لَا الرَّاكِبُ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَضْمَنَانِ نِصْفَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ مُوقِفًا دَابَّتَهُ عَلَى الطَّرِيقِ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ يُرِيدُ بِهِ إذَا أَرْسَلَهُ وَضَرَبَهُ أَوْ زَجَرَهُ عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ لَهُ سَائِقًا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالدَّابَّةِ) الْأَوْلَى الْبَهِيمَةُ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَقَدْ عَلِمْت وَجْهَ هَذَا التَّفْسِيرِ وَمَا فِيهِ

(قَوْلُهُ سَاقَهُ أَوَّلًا) لِأَنَّ بَدَنَهُ لَا يَحْتَمِلُ السَّوْقَ فَلَمْ يُعْتَبَرْ بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ (قَوْلُهُ أَوْ دَابَّةً أَوْ كَلْبًا وَلَمْ يَكُنْ سَائِقًا لَهُ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا أَصَابَ الْكَلْبُ شَيْئًا فِي فَوْرِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُرْسِلُ، بِخِلَافِ الدَّابَّةِ نِهَايَةٌ وَقَدَّمْنَا وَجْهَ الْفَرْقِ وَأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ الشَّارِحِ قَوْلَهُ أَوْ دَابَّةً (قَوْلُهُ أَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّةٌ) وَلَوْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ لَيْلًا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ ذَهَبَتْ لَيْلًا ضَمِنَ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُهَا فِيهِ فَهُوَ مُفَرِّطٌ وَتَمَامُهُ فِي الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» ) أَيْ فِعْلُهَا إذَا كَانَتْ مُنْفَلِتَةً، وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ، وَالْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ:«الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» ط وَالْعَجْمَاءُ غَلَبَ عَلَى الْبَهِيمَةِ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُنْفَلِتَةُ) تَقْيِيدٌ لِلْعَجْمَاءِ لَا تَفْسِيرٌ لَهَا كَمَا لَا يَخْفَى اهـ ح

قَالَ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ: وَهَذَا صَحِيحٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَسُوقَةَ وَالْمَرْكُوبَةَ وَالْمَقُودَةَ فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ أَوْ الْمُرْسَلَةَ فِي الطَّرِيقِ فِعْلُهَا مُعْتَبَرٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا (قَوْلُهُ عِمَادِيَّةٌ) لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا قَوْلَهُ حَتَّى لَوْ أَتْلَفَتْ إنْسَانًا إلَخْ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ أَفْتَى بِهِ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ مُفْتِي الرُّومِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَفْهُومًا مِنْ كَلَامِ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ عَزَاهُ إلَيْهَا. هَذَا وَذَكَرَ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى رَدِّهَا فَالْقَوْلُ لِلْخَصْمِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعِي الْعَجْزِ لِأَنَّ إنْكَارَهُ لِأَصْلِ الضَّمَانِ فِي ضِمْنِ الدَّعْوَى لَا يُفِيدُ بَعْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ تَأَمَّلْ اهـ مُلَخَّصًا

(قَوْلُهُ أَوْ ضَرَبَتْ بِيَدِهَا) أَوْ كَيْفَمَا أَصَابَتْ اهـ خُلَاصَةٌ، فَدَخَلَ مَا إذَا وَطِئَتْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَوْ وَثَبَتَ بِنَخْسَتِهِ عَلَى رَجُلٍ أَوْ وَطِئَتْهُ فَقَتَلَتْهُ كَانَ ذَلِكَ عَلَى النَّخَّاسِ دُونَ الرَّاكِبِ وَالْوَاقِفِ فِي مِلْكِهِ وَاَلَّذِي يَسِيرُ فِيهِ سِوَاهُ اهـ أَيْ بِخِلَافِ الْوَاقِفِ فِي الطَّرِيقِ لِتَعَدِّيَةِ كِفَايَةٌ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ فَصَدَمَتْهُ) أَيْ الْآخَرَ وَقَتَلَتْهُ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: هَذَا إذَا كَانَتْ النَّفْحَةُ وَالضَّرْبَةُ وَالْوَثْبَةُ فِي فَوْرِ النَّخْسِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَا الرَّاكِبُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فَتَرَجَّحَ جَانِبُ النَّاخِسِ فِي التَّغْرِيمِ لِلتَّعَدِّي وَتَمَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ مُوقِفًا دَابَّتَهُ عَلَى الطَّرِيقِ) أَيْ فَنَخَسَهَا رَجُلٌ فَقَتَلَتْ آخَرَ يَضْمَنَانِ نِصْفَيْنِ، لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْإِيقَافِ مِنَحٌ، وَغَيْرُهَا.

قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ إذْ هُوَ مَوْضُوعُ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الَّتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ خِلَافُهُ.

قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا إلَّا فِي النَّفْخَةِ بِالرِّجْلِ، وَالذَّنَبِ فَإِنَّهَا جُبَارٌ إلَّا إذَا كَانَ الرَّاكِبُ وَاقِفًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَأَمَرَ رَجُلًا، فَنَخَسَهَا فَنَفَحَتْ رَجُلًا، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَالضَّمَانُ كُلُّهُ عَلَى النَّاخِسِ اهـ.

ص: 608

لِتَعَدِّيهِ فِي الْإِيقَافِ أَيْضًا، وَكَمَا لَوْ كَانَ بِإِذْنِهِ وَوَطِئَتْ أَحَدًا فِي فَوْرِهَا فَدَمُهُ عَلَيْهِمَا؛ وَلَوْ نَفَحَتْ النَّاخِسَ فَدَمُهُ هَدَرٌ وَلَوْ أَلْقَتْ الرَّاكِبَ فَقَتَلَتْهُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ النَّاخِسِ ثُمَّ النَّاخِسُ إنَّمَا يَضْمَنُ لَوْ الْوَطْءُ فَوْرَ النَّخْسِ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ عَلَى الرَّاكِبِ لِانْقِطَاعِ أَثَرِ النَّخْسِ دُرَرٌ وَبَزَّازِيَّةَ

(وَ) ضَمِنَ (فِي فَقْءِ عَيْنِ دَجَاجَةِ أَوْ شَاةِ قَصَّابٍ) أَوْ غَيْرِهِ (مَا نَقَصَهَا) لِأَنَّهَا لِلَّحْمِ

ــ

[رد المحتار]

وَنَقَلَ ط عَنْ الْمُنْتَقَى بِالنُّونِ: رَجُلٌ وَاقِفٌ عَلَى دَابَّتِهِ فِي الطَّرِيقِ، فَأَمَرَ رَجُلًا فَنَخَسَهَا فَقَتَلَتْ رَجُلًا وَالْآمِرَ فَدِيَةُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَيْهِمَا وَدَمُ الْآمِرِ هَدَرٌ، وَلَوْ سَارَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا، ثُمَّ نَفَحَتْ مِنْ فَوْرِ النَّخْسَةِ، فَالضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ تَسِرْ فَنَفَحَتْ النَّاخِسَ وَآخَرَ فَدِيَةُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَيْهَا وَنِصْفُ دِيَةِ النَّاخِسِ عَلَى الرَّاكِبِ اهـ مُلَخَّصًا

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ ضَمَانَهُمَا مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ تَسِرْ مِنْ مَوْضِعِهَا وَإِلَّا ضَمِنَ النَّاخِسُ فَقَطْ كَمَا لَوْ نَخَسَ بِلَا إذْنِ الرَّاكِبِ (قَوْلُهُ لِتَعَدِّيهِ فِي الْإِيقَافِ) فَلَوْ حَرَنَتْ وَوَقَفَتْ فَنَخَسَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ لِتَسِيرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا نَقَلَهُ ط (قَوْلُنَا أَيْضًا) أَيْ كَتَعَدِّي النَّاخِسِ بِالنَّخْسِ ط (قَوْلُهُ وَوَطِئَتْ) أَيْ فِي سَيْرِهَا هِدَايَةٌ وَالتَّقْيِيدُ بِالْوَطْءِ لِإِخْرَاجِ نَحْوِ النَّفْحَةِ فَلَا يَضْمَنُهَا النَّاخِسُ بِالْإِذْنِ كَمَا مَرَّ وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلَا يَضْمَنُ النَّاخِسُ هَاهُنَا مَا لَا يَضْمَنُهُ الرَّاكِبُ مِنْ نَفْحَةِ الرِّجْلِ وَالذَّنَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ فَدَمُهُ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّ سَيْرَهَا حِينَئِذٍ مُضَافٌ إلَيْهِمَا، ثُمَّ هَلْ يَرْجِعُ النَّاخِسُ عَلَى الرَّاكِبِ بِمَا يَضْمَنُ فِي الْإِبْطَاءِ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِأَمْرِهِ قِيلَ نَعَمْ وَقِيلَ لَا وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ النَّاخِسِ) أَيْ لَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَوْ بِهِ لَا يَضْمَنُ خُلَاصَةٌ (قَوْلُهُ لَوْ الْوَطْءُ فَوْرَ النَّخْسِ) وَكَذَا النَّفْحَةُ وَالضَّرْبَةُ وَالْوَثْبَةُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

[تَتِمَّةٌ] : اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ النَّاخِسِ مَعَ الرَّاكِبِ قَالَ فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى: وَكَذَا الْحُكْمُ فِي نَخْسِهَا وَمَعَهَا سَائِقٌ أَوْ قَائِدٌ، وَإِنْ نَخَسَهَا شَيْءٌ مَنْصُوبٌ فِي الطَّرِيقِ، فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ نَصَبَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّاخِسِ صَبِيًّا أَوْ بَالِغًا، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَتِهِ، وَجَمِيعُ هَذَا الْفَصْلِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ إنْ كَانَ الْهَالِكُ آدَمِيًّا فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِنْ غَيْرَهُ كَدَوَابَّ فَالضَّمَانُ فِي مَالِ الْجَانِي اهـ

وَأَمَّا قَوْلُ الْهِدَايَةِ: وَلَوْ النَّاخِسُ صَبِيًّا فَفِي مَالِهِ قَالَ الْعَلَّامَةُ النَّسَفِيُّ فِي الْكَافِي: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْمَالِ، أَوْ فِيمَا دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ

قُلْت: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الصَّبِيُّ إذَا كَانَ مِنْ الْعَجَمِ، لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُمْ كِفَايَةٌ. وَفِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَإِنَّمَا خَصَّ النَّاخِسَ لِأَنَّهُ لَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى ظَهْرِ فَرَسٍ عَادَتُهُ النَّفْحَةُ فَنَفَحَ فَأَتْلَفَ لَمْ يَضْمَنْ، بِخِلَافِ النَّخْسِ، لِأَنَّ الِاضْطِرَابَ لَازِمٌ لَهُ دُونَ وَضْعِ الْيَدِ كَمَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ اهـ

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَضَعَ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ فَنَفَرَتْ مِنْهُ دَابَّةٌ فَقَتَلَتْ رَجُلًا لَا شَيْءَ عَلَى الْوَاضِعِ إذَا لَمْ يُصِبْ ذَلِكَ الشَّيْءُ اهـ لَكِنْ فِي ط عَنْ الْمُحِيطِ لِلسَّرَخْسِيِّ: لَوْ نَفَرَتْ مِنْ حَجَرٍ وَضَعَهُ رَجُلٌ عَلَى الطَّرِيقِ فَالْوَاضِعُ بِمَنْزِلَةِ النَّاخِسِ اهـ

(قَوْلُهُ وَفِي فَقْءِ عَيْنِ دَجَاجَةٍ) مِثْلُهَا الْحَمَامَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ الطُّيُورِ وَكَذَا الْكَلْبُ وَالسِّنَّوْرُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ قُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ) وَلِذَا تَرَكَ ابْنُ الْكَمَالِ الْإِضَافَةَ إلَى الْقَصَّابِ وَقَالَ لِمَا فِيهَا مِنْ مَظِنَّةِ الِاخْتِصَاصِ خُصُوصًا عِنْدَ مُلَاحَظَةِ التَّعْلِيلِ الْآتِي ذِكْرُهُ اهـ (قَوْلُهُ مَا نَقَصَهَا) فَتُقَوَّمُ صَحِيحَةَ الْعَيْنِ وَمَفْقُوءً، فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ قُهُسْتَانِيٌ، وَالنُّقْصَانُ شَامِلٌ لِلْحَاصِلِ بِالْهُزَالِ مِنْ فَقْءِ الْعَيْنِ ط عَنْ الْوَانِيِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لِلَّحْمِ) فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا إلَّا النُّقْصَانُ ابْنُ كَمَالٍ هـ

أَقُولُ: لَا يَشْمَلُ نَحْوَ الْكَلْبِ، وَالسِّنَّوْرَ لَكِنَّ ضَمَانَ النُّقْصَانِ فِي ذَلِكَ جَارٍ عَلَى الْأَصْلِ فِي ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ،

ص: 609

وَفِي عَيْنَيْهَا يُخَيَّرُ رَبُّهَا إنْ شَاءَ تَرَكَهَا عَلَى الْفَاقِئِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُمَا أَوْ أَمْسَكَهَا وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ زَيْلَعِيٌّ

(وَفِي عَيْنِ بَقَرَةِ جَزَّارٍ وَجَزُورِهِ) أَيْ إبِلِهِ فَائِدَةُ الْإِضَافَةِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْإِعْدَادِ لِلَّحْمِ فِي الْحُكْمِ الْآتِي ابْنُ كَمَالٍ (وَحِمَارٍ وَبَغْلٍ وَفَرَسٍ رُبْعُ الْقِيمَةِ) لِأَنَّهُ إقَامَةُ الْعَمَلِ، إنَّمَا يُمْكِنُ بِأَرْبَعِ أَعْيُنٍ وَعَيْنَاهَا وَعَيْنَا مُسْتَعْمَلِهَا فَصَارَتْ كَأَنَّهَا ذَاتُ أَعْيُنٍ أَرْبَعٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه كَالشَّاةِ وَالْفَرْقُ مَا قَدَّمْنَاهُ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ فَقَأَ عَيْنَيْ حِمَارٍ مَثَلًا أَنَّهُ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ.

فَالْأَوْلَى التَّمَسُّكُ بِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ» وَالتَّقَيُّدُ بِالْعَيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ قَطَعَ أُذُنَهَا أَوْ ذَنَبَهَا يَضْمَنُ نُقْصَانَهَا، وَكَذَا لِسَانُ الثَّوْرِ وَالْحِمَارِ وَقِيلَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ قَطَعَ إحْدَى قِوَائِهِمَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى: أَيْ لَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ وَإِنْ مَأْكُولًا خُيِّرَ كَمَا مَرَّ فِي الْعَيْنَيْنِ لَكِنْ فِي الْعُيُونِ إنْ أَمْسَكَهُ لَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى

ــ

[رد المحتار]

أَمَّا ضَمَانُ رُبْعِ الْقِيمَةِ فِيمَا يَأْتِي، فَخِلَافُ الْقِيَاسِ عَمَلًا بِالنَّصِّ (قَوْلُهُ وَفِي عَيْنِهَا إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْبَقَرَةِ وَنَحْوِهَا، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمَعْمُولَ بِهِ النَّصُّ، وَهُوَ وَرَدَ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ اهـ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ أَيْ إبِلِهِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْإِبِلُ وَاحِدٌ يَقَعُ عَلَى الْجَمْعِ لَيْسَ بِجَمْعٍ وَلَا اسْمِ جَمْعٍ وَجَمْعُهُ آبَالٌ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَائِدَةُ الْإِضَافَةِ إلَخْ) أَيْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُمَا لِكَوْنِهِمَا مُعَدَّيْنِ لِلَّحْمِ يَكُونُ حُكْمُهُمَا حُكْمَ الشَّاةِ بَلْ سَوَاءٌ كَانَا مُعَدَّيْنِ لَهُ أَوْ لِلْحَرْثِ أَوْ الرُّكُوبِ، فَفِيهِ رُبْعُ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الَّذِي لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَحِمَارٍ) فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْمُنْتَقَى مَا لَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ لِصِغَرِهِ كَالْفَصِيلِ وَالْجَحْشِ، فَفِي عَيْنِهِ رُبْعُ قِيمَتِهِ اهـ.

قُلْت: وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْمُنْتَقَى أَنَّ فِي نَحْوِ الْفَصِيلِ النُّقْصَانَ تَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْمُنْتَقَى كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ مَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، لِأَنَّ إقَامَةَ الْعَمَلِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ» وَهَكَذَا قَضَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، لِأَنَّ فِيهَا مَقَاصِدَ سِوَى اللَّحْمِ كَالرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ وَالْحَمْلِ وَالْعَمَلِ، فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ تُشْبِهُ الْآدَمِيَّ وَقَدْ تُمْسَكُ لِلْأَكْلِ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ تُشْبِهُ الْمَأْكُولَاتِ فَعَمِلْنَا بِالشَّبَهَيْنِ بِشَبَهِ الْآدَمِيِّ فِي إيجَابِ الرُّبْعِ وَبِالشَّبَهِ الْآخَرِ فِي نَفْيِ النِّصْفِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْعَمَلِ بِهَا بِأَرْبَعَةِ أَعْيُنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: وَالْمُعْتَمَدُ هُوَ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ أَيْ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ، لِأَنَّ الْعَيْنَيْنِ لَا يُضْمَنَانِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ أَتْقَانِيٌّ: أَيْ وَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِأَنَّهَا صَارَتْ كَذَاتِ أَرْبَعَةِ أَعْيُنٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ ضَمَانُ الْعَيْنَيْنِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَّهُ لَوْ فَقَأَ وَالْمَصْدَرُ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، هُوَ جَوَابُ لَوْ تَقْدِيرُهُ وَيَلْزَمُ أَنَّهُ يَضْمَنُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ لَا يَضْمَنُ النِّصْفَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ، لَكِنْ نَقَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ الْقَوْلَ بِضَمَانِ النِّصْفِ عَنْ فَخْرِ الْقُضَاةِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ عَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمَعْمُولَ بِهِ النَّصُّ وَهُوَ وَرَدَ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ، فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ ضَمَانَ الْعَيْنِ بِالرُّبْعِ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ بَلْ يُقْتَصَرُ عَلَى النَّصِّ وَلِذَا قَالَ فَالْأَوْلَى التَّمَسُّكُ بِمَا رُوِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالتَّقْيِيدِ بِالْعَيْنِ) أَيْ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَفِي عَيْنِ بَقَرَةٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ) أَيْ لِفَوَاتِ الِاعْتِلَافِ، وَفِي تُحْفَةِ الْأَقْرَانِ وَالْقُنْيَةِ جَزَمَ بِهَذَا وَحَكَى الْآخَرَ بِقِيلَ اهـ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ لَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِهْلَاكٌ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَأْكُولًا خُيِّرَ) أَيْ بَيْنَ تَرْكِهَا عَلَى الْقَاطِعِ، وَتَضْمِينِهِ قِيمَتَهَا، وَبَيْنَ إمْسَاكِهَا؛ وَتَضْمِينَهُ النُّقْصَانَ قَالَ فِي غَصْبِ الْهِدَايَةِ: وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْهُ لَوْ شَاءَ أَخَذَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ اهـ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ وَالشُّرُوحُ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي الْغَصْبِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْعُيُونِ إنْ أَمْسَكَهُ لَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا إلَخْ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ الْمَأْكُولَ، وَيَضْمَنَ النُّقْصَانَ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ التَّخْيِيرُ فِي الْمَأْكُولِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ، وَبِهِ يُفْتَى كَمَا

ص: 610