الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ قَالَ بَذْرُ الْأَرْضِ مِنِّي مُزَارِعٌ
…
لَهُ الْقَوْلُ بَعْدَ الْحَصْدِ وَالْخَصْمُ يُنْكِرُ
كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ
لَا تَخْفَى مُنَاسَبَتُهَا (وَهِيَ) الْمُعَامَلَةُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ فَهِيَ لُغَةً وَشَرْعًا مُعَاقَدَةٌ (دَفْعُ الشَّجَرِ) وَالْكُرُومُ، وَهَلْ الْمُرَادُ بِالشَّجَرِ مَا يَعُمُّ غَيْرَ الْمُثْمِرِ كَالْحُورِ وَالصَّفْصَافِ؟ لَمْ أَرَهُ
ــ
[رد المحتار]
هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِلْوَصِيِّ الْمُعَامَلَةُ فِي أَشْجَارِ الْيَتِيمِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ الشِّحْنَةِ (قَوْلُهُ مُزَارِعٌ) فَاعِلُ قَالَ وَالْحَصْدُ مَصْدَرُ حَصَدَ، وَالْمَسْأَلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ: زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ فَلَمَّا حَصَدَ الزَّرْعَ قَالَ صَاحِبُهَا كُنْتَ أَجِيرِي زَرَعْتَهَا بِبَذْرِي وَقَالَ الْمُزَارِعُ كُنْتُ أَكَّارًا وَزَرَعْتُ بِبَذْرِي فَالْقَوْلُ لِلْمُزَارِعِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ كَانَ فِي يَدِهِ اهـ. وَتَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ.
[خَاتِمَةٌ بِفَرْعٍ مُهِمٍّ] يَقَعُ كَثِيرًا ذَكَرَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا: مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَكِبَارًا وَامْرَأَةً وَالْكِبَارُ مِنْهَا أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ غَيْرِهَا فَحَرَثَ الْكِبَارُ وَزَرَعُوا فِي أَرْضِ الْغَيْرِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ وَالْأَوْلَادُ كُلُّهُمْ فِي عِيَالٍ الْمَرْأَةِ تَتَعَاهَدُهُمْ وَهُمْ يَزْرَعُونَ وَيَجْمَعُونَ الْغَلَّاتِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيُنْفِقُونَ مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً صَارَتْ هَذِهِ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى: وَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ أَنَّهُمْ إنْ زَرَعُوا مِنْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ لَوْ كِبَارًا أَوْ إذْنِ الْوَصِيِّ لَوْ صِغَارًا فَالْغَلَّةُ مُشْتَرَكَةٌ، وَإِنْ مِنْ بَذْرِ أَنْفُسِهِمْ أَوْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بِلَا إذْنٍ فَالْغَلَّةُ لِلزَّارِعِينَ اهـ. وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]
ِ (قَوْله لَا تَخْفَى مُنَاسَبَتُهَا) وَهِيَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْخَارِجِ ثُمَّ مَعَ كَثْرَةِ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِهَا وَوُرُودِ الْأَحَادِيثِ فِي مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ خَيْبَرَ، قُدِّمَتْ الْمُزَارَعَةُ عَلَيْهَا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا وَكَثْرَةِ فُرُوعِهَا وَمَسَائِلِهَا كَمَا أَفَادَهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ هِيَ الْمُعَامَلَةُ إلَخْ) وَآثَرَ الْمُسَاقَاةَ لِأَنَّهَا أَوْفَقُ بِحَسَبِ الِاشْتِقَاقِ قُهُسْتَانِيٌّ: أَيْ لِمَا فِيهَا مِنْ السَّقْيِ غَالِبًا، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْمُفَاعَلَةِ (قَوْلُهُ فَهِيَ لُغَةً وَشَرْعًا مُعَاقَدَةُ) أَفَادَ اتِّحَادَ الْمَعْنَى فِيهِمَا تَبَعًا لِمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ أَخْذًا مِمَّا فِي الصِّحَاحِ: أَنَّهَا اسْتِعْمَالُ رَجُلٍ فِي نَخِيلٍ أَوْ كُرُومٍ أَوْ غَيْرِهَا لِإِصْلَاحِهَا عَلَى سَهْمٍ مَعْلُومٍ مِنْ غَلَّتِهَا، وَفَسَّرَهَا الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ لُغَةً بِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنْ السَّقْيِ، وَشَرْعًا بِالْمُعَاقَدَةِ.
أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ الْمُغَايَرَةُ لِاعْتِبَارِ شُرُوطٍ لَهَا فِي الشَّرْعِ لَمْ تُعْتَبَرْ فِي اللُّغَةِ، وَالشُّرُوطُ قُيُودٌ، وَالْأَخَصُّ غَيْرُ الْأَعَمِّ مَفْهُومًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مُعَاقَدَةُ دَفْعِ الشَّجَرِ) أَيْ كُلِّ نَبَاتٍ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ يَبْقَى فِي الْأَرْضِ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ بِقَرِينَةِ الْآتِي فَيَشْمَلُ أُصُولَ الرَّطْبَةِ وَالْفُوَّةِ وَبَصَلَ الزَّعْفَرَانِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ دَفَعْت إلَيْك هَذِهِ النَّخْلَةَ مَثَلًا مُسَاقَاةً بِكَذَا وَيَقُولُ الْمُسَاقِي قَبِلْت، فَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ رُكْنَهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْكَرْمَانِيِّ وَغَيْرِهِ قُهُسْتَانِيٌ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَقَيَّدَ بِالشَّجَرِ لِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الْغَنَمَ وَالدَّجَاجَ وَدُودِ الْقَزِّ مُعَامَلَةً لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَغَيْرِهِ، وَكَذَا النَّخْلُ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: أَعْطَاهُ بَذْرَ الْفَلِيقِ لِيَقُومَ عَلَيْهِ وَيَعْلِفَهُ بِالْأَوْرَاقِ عَلَى أَنَّ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَلِلرَّجُلِ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْأَوْرَاقِ وَأَجْرُ مِثْلِهِ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ بَقَرَةً بِالْعَلَفِ لِيَكُونَ الْحَادِثُ نِصْفَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ وَهَلْ الْمُرَادُ إلَخْ) الْجَوَابُ نَعَمْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْقُهُسْتَانِيِّ الْمَارُّ، وَلَا يُنَافِيه تَصْرِيحُ التَّعْرِيفِ بِالثَّمَرِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ، فَيَتَنَاوَلُ الرَّطْبَةَ وَغَيْرَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيِّ أَيْضًا، أَوْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَمْ أَرَهُ) أَقُولُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا نَصُّهُ
(إلَى مَنْ يُصْلِحُهُ بِجُزْءٍ) مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهِ وَهِيَ كَالْمُزَارَعَةِ حُكْمًا وَخِلَافًا (وَ) كَذَا (شُرُوطًا) تُمْكِنُ هُنَا لِيَخْرُجَ بَيَانُ الْبَذْرِ وَنَحْوِهِ (إلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ) فَلَا تُشْتَرَطُ هُنَا: (إذَا امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ) إذْ لَا ضَرَرَ (بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ) كَمَا مَرَّ (وَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ تُتْرَكُ بِلَا أَجْرٍ) وَيَعْمَلُ بِلَا أَجْرٍ وَفِي الْمُزَارَعَةِ بِأَجْرٍ (وَإِذَا اُسْتُحِقَّ النَّخِيلُ يَرْجِعُ الْعَامِلُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ، وَفِي الْمُزَارَعَةِ بِقِيمَةِ الزَّرْعِ وَ) الرَّابِعُ (بَيَانُ الْمُدَّةِ
ــ
[رد المحتار]
يَجُوزُ دَفْعُ شَجَرِ الْحُورِ مُعَامَلَةً لِاحْتِيَاجِهِ إلَى السَّقْيِ وَالْحِفْظِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْتَجْ لَا يَجُوزُ اهـ وَفِيهَا آخِرَ الْبَابِ: مُعَامَلَةُ الْغَيْضَةِ لِأَجْلِ السَّعَفِ وَالْحَطَبِ جَائِزَةٌ كَمُعَامَلَةِ أَشْجَارِ الْخِلَافِ اهـ. وَالْخِلَافُ بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ عَلَى وَزْنٍ ضِدُّ الْوِفَاقِ: نَوْعٌ مِنْ الصَّفْصَافِ وَلَيْسَ بِهِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ إلَى مَنْ يُصْلِحُهُ) بِتَنْظِيفِ السَّوَاقِي وَالسَّقْيِ وَالتَّلْقِيحِ وَالْحِرَاسَةِ وَغَيْرِهَا قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ حُكْمًا) وَهُوَ الصِّحَّةُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، وَخِلَافًا: أَيْ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ (قَوْلُهُ تُمْكِنُ) صِفَةٌ لِقَوْلِهِ شُرُوطًا، وَقَوْلُهُ لِيَخْرُجَ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِلتَّقْيِيدِ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْبَذْرِ هُنَا: أَيْ بَيَانُ جِنْسِهِ، وَكَذَا بَيَانُ رَبِّهِ وَصَلَاحِيَّةِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ، فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَا تُمْكِنُ هُنَا فَلَا تُشْتَرَطُ، وَكَذَا بَيَانُ الْمُدَّةِ. وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الْمُزَارَعَةِ الثَّمَانِيَةِ الْمُمْكِنَةِ هُنَا أَهْلِيَّةُ الْعَاقِدَيْنِ، وَذِكْرُ حِصَّةِ الْعَامِلِ، وَالتَّخْلِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَشْجَارِ، وَالشَّرِكَةُ فِي الْخَارِجِ وَيَدْخُلُ فِي الْأَخِيرِ كَوْنُ الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ لَهُ مُشَاعًا فَافْهَمْ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَمِنْ شُرُوطِ الْمُعَامَلَةِ أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَا هُوَ فِي حَدِّ النُّمُوِّ بِحَيْثُ يَزِيدُ فِي نَفْسِهِ بِعَمَلِ الْعَامِلِ اهـ وَأَمَّا صِفَتُهَا فَقَدَّمْنَا أَنَّهَا لَازِمَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ (قَوْلُهُ فَلَا تُشْتَرَطُ هُنَا إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ الْمُصَنِّفَ حَيْثُ قَالَ إلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَشُرُوطًا اهـ. وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَهِيَ كَالْمُزَارَعَةِ فَإِنَّ الْمُسْتَثْنَيَاتِ لَيْسَتْ كُلُّهَا شُرُوطًا فِي الْمُزَارَعَةِ فَتَدَبَّرْ ط (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ) فَإِنَّ رَبَّ الْبَذْرِ إذَا امْتَنَعَ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ (قَوْلُهُ تُتْرَكُ بِلَا أَجْرٍ) أَيْ لِلْعَامِلِ الْقِيَامُ عَلَيْهَا إلَى انْتِهَاءِ الثَّمَرَةِ لَكِنْ بِلَا أَجَلٍ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الشَّجَرَ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُزَارَعَةِ بِأَجْرٍ) أَيْ فِي التَّرْكِ وَالْعَمَلِ، لِأَنَّ الْأَرْضَ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا وَالْعَمَلُ عَلَيْهِمَا بِحَسَبِ مِلْكِهَا فِي الزَّرْعِ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ لَمَّا اسْتَوْجَبَ الْأَجْرَ عَلَى الْعَامِلِ لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ فِي نَصِيبِهِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ، وَهُنَا الْعَمَلُ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْجِبُ رَبُّ النَّخْلِ عَلَيْهِ أَجْرًا كَمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَيَكُونُ الْعَمَلُ كُلُّهُ عَلَى الْعَامِلِ كَمَا كَانَ قَبْلَ الِانْقِضَاءِ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِذَا اُسْتُحِقَّ النَّخِيلُ يَرْجِعُ إلَخْ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ وَإِلَّا فَلَا أَجْرَ لَهُ.
قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَإِذَا لَمْ تُخْرِجْ النَّخِيلُ شَيْئًا حَتَّى اُسْتُحِقَّتْ لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ، لِأَنَّ فِي الْمُزَارَعَةِ لَوْ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بَعْدَ الْعَمَلِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ لَا شَيْءَ لِلْمُزَارِعِ فَكَذَا هُنَا، وَلَوْ أَخْرَجَتْ رَجَعَ الْعَامِلُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ عَلَى الدَّافِعِ، لِأَنَّ الْأُجْرَةَ صَارَتْ عَيْنًا انْتِهَاءً وَهُوَ كَالتَّعْيِينِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَمَتَى كَانَتْ عَيْنًا وَاسْتُحِقَّتْ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْمَنَافِعِ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ زَرْعًا بَقْلًا مُزَارَعَةً فَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى عَقَدَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ الْمَقْلُوعِ أَوْ رَدِّهِ وَرَجَعَ عَلَى الدَّافِعِ بِأَجْرِ مِثْلِهِ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَالْبَذْرُ مِنْ الدَّافِعِ فَزَرَعَهَا وَنَبَتَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْصَدَ فَاخْتَارَ الْمُزَارِعُ رَدَّ الْمَقْلُوعِ يَرْجِعُ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ. وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ نَابِتًا (قَوْلُهُ وَفِي الْمُزَارَعَةِ بِقِيمَةِ الزَّرْعِ) كَذَا أَطْلَقَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَقَدْ عَلِمْت التَّفْصِيلَ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً وَالْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ بِدُونِ الزَّرْعِ، وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْقَلْعِ وَلَوْ الزَّرْعُ بَقْلًا وَمُؤْنَةُ الْقَلْعِ عَلَى الدَّافِعِ وَالْمُزَارِعِ نِصْفَيْنِ، وَالْمُزَارِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِنِصْفِ
لَيْسَ بِشَرْطٍ) هُنَا اسْتِحْسَانًا لِلْعِلْمِ بِوَقْتِهِ عَادَةً (وَ) حِينَئِذٍ (يَقَعُ عَلَى أَوَّلِ ثَمَرٍ يَخْرُجُ) فِي أَوَّلِ السَّنَةِ، وَفِي الرَّطْبَةِ عَلَى إدْرَاكِ بَذْرِهَا إنَّ الرَّغْبَةَ فِيهِ وَحْدَهُ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ ثَمَرٌ فَسَدَتْ. (وَلَوْ ذَكَرَ مُدَّةً لَا تَخْرُجُ الثَّمَرَةُ فِيهَا فَسَدَتْ، وَلَوْ تَبْلُغُ) الثَّمَرَةُ فِيهَا (أَوْ لَا) تَبْلُغُ (صَحَّ) لِعَدَمِ التَّيَقُّنِ بِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ (فَلَوْ خَرَجَ فِي الْوَقْتِ الْمُسَمَّى فَعَلَى الشَّرْطِ) لِصِحَّةِ الْعَقْدِ (وَإِلَّا) فَسَدَتْ (فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ الْمِثْلِ) لِيَدُومَ عَمَلُهُ إلَى إدْرَاكِ الثَّمَرِ.
ــ
[رد المحتار]
الْمَقْلُوعِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الدَّافِعِ بِشَيْءٍ أَوْ رَدَّ الْمَقْلُوعَ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ حِصَّتِهِ ثَابِتًا لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ، وَلَوْ الْبَذْرُ مِنْ الدَّافِعِ خُيِّرَ الْمُزَارِعُ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِنِصْفِ الْمَقْلُوعِ أَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ وَرَجَعَ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ عِنْدَ الْبَلْخِيّ، وَبِقِيمَتِهِ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرَ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ هُنَا) أَيْ فِي الْمُسَاقَاةِ إنْ عُلِمَتْ الْمُدَّةُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ لَا مُطْلَقًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ لِلْعِلْمِ بِوَقْتِهِ عَادَةً) لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لِإِدْرَاكِهَا وَقْتٌ مَعْلُومٌ قَلَّمَا يَتَفَاوَتُ بِخِلَافِ الزَّرْعِ، لِأَنَّهُ إنْ قُدِّمَ فِي إبْقَاءِ الْبَذْرِ يَتَقَدَّمُ حَصَادُهُ وَإِنْ أُخِّرَ يَتَأَخَّرُ لِأَنَّهُ قَدْ يَزْرَعُ خَرِيفًا وَصَيْفًا وَرَبِيعًا أَتْقَانِيٌّ، فَإِذَا كَانَ لِابْتِدَاءِ الزَّرْعِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ عُرْفًا جَازَ أَيْضًا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى فَلَا فَرْقَ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ لَمْ يُشْتَرَطْ بَيَانُ الْمُدَّةِ وَلَمْ يُبَيِّنَاهَا.
قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَأَوَّلُ الْمُدَّةِ وَقْتُ الْعَمَلِ فِي الثَّمَرِ الْمَعْلُومِ، وَآخِرُهَا وَقْتُ إدْرَاكِهِ الْمَعْلُومُ اهـ.
[فَرْعٌ]
تَجُوزُ إضَافَةُ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ) عِبَارَةُ ابْنِ مَلَكٍ: فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ وَمَا بَعْدَهُ مَشْكُوكٌ اهـ وَهِيَ أَوْلَى ط (قَوْلُهُ وَفِي الرَّطْبَةِ) بِالْفَتْحِ بِوَزْنِ كَلْبَةٍ: الْقَضْبُ مَا دَامَ رَطْبًا وَالْجَمْعُ رِطَابٌ بِوَزْنِ كِلَابٍ، وَقِيلَ جَمِيعُ الْبُقُولِ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ وَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ عَلَى إدْرَاكِ بَذْرِهَا) يَعْنِي إذَا دَفَعَهَا مُسَاقَاةً لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ فَيَمْتَدُّ إلَى إدْرَاكِ بَذْرِهَا لِأَنَّهُ كَإِدْرَاكِ الثَّمَرِ فِي الشَّجَرِ ابْنُ كَمَالٍ، وَهَذَا إذَا انْتَهَى جِذَاذُهَا كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي الْعِنَايَةِ، وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِلَّا كَانَ الْمَقْصُودُ الرَّطْبَةَ وَيَقَعُ عَلَى أَوَّلِ جَذَّةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ إنَّ الرَّغْبَةَ فِيهِ وَحْدَهُ) كَذَا قَيَّدَ بِهِ فِي الْعِنَايَةِ أَيْضًا قَالَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فِي مَعْنَى الثَّمَرِ لِلشَّجَرِ وَإِدْرَاكُهُ لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ وَهُوَ يَحْصُلُ بِعَمَلِ الْعَامِلِ فَصَحَّ اشْتِرَاطُ الْمُنَاصَفَةِ فِيهِ وَالرَّطْبَةُ لِصَاحِبِهَا، وَلَوْ ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ عِنْدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي لَكَانَ أَخَصْرَ وَأَظْهَرَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِالْمَتْنِ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ مُدَّةً، وَإِذَا سَمَّى مُدَّةً فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ تَبْلُغُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ ذَكَرَ مُدَّةً تَبْلُغُ فِيهَا أَوْ لَا تَبْلُغُ أَيْ يُحْتَمَلُ بُلُوغُهَا فِيهَا وَعَدَمُهُ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ التَّيَقُّنِ إلَخْ) بَلْ هُوَ مُتَوَهِّمٌ فِي كُلِّ مُزَارَعَةٍ وَمُسَاقَاةٍ بِأَنْ يَصْطَلِمَ الزَّرْعَ أَوْ الثَّمَرَ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ دُرَرٌ (قَوْلُهُ فَعَلَى الشَّرْطِ) هَذَا إذَا كَانَ الْخَارِجُ يَرْغَبُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْغَبْ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ لَا يَجُوزُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ، لِأَنَّ مَا لَا يُرْغَبُ فِيهِ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ خُلَاصَةٌ.
قُلْت: وَأَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ بِأَنَّهُ لَوْ بَرَزَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ فِي الْمُدَّةِ فَلَهُ أَخْذُ مَا بَرَزَ بِعَمَلِهِ فِيهَا دُونَ الْبَارِزِ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَدَتْ) أَيْ وَإِلَّا يَخْرُجْ فِي الْوَقْتِ الْمُسَمَّى بَلْ تَأَخَّرَ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ فِي الْمُدَّةِ الْمُسَمَّاةِ فَصَارَ كَمَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ أَصْلًا لِأَنَّ الذَّهَابَ بِآفَةٍ فَلَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُ الْمُدَّةِ فَبَقِيَ الْعَقْدُ صَحِيحًا، وَلَا شَيْءَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ لِيَدُومَ عَمَلُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ: لِيَعْمَلَ إلَى إدْرَاكِ الثَّمَرِ.
وَاعْتَرَضَهَا الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْيَعْقُوبِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ مُفَادَهَا أَنَّ الْأُجْرَةَ بِمُقَابَلَةِ الْعَمَلِ اللَّاحِقِ إلَى النُّضْجِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ فَسَادُ الْعَقْدِ بِعَدَمِ الْخُرُوجِ لَزِمَ أَجْرُ الْعَمَلِ السَّابِقِ. وَأَجَابُوا بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ لِيَعْمَلَ لِيَدُومَ عَمَلُهُ وَالْإِدْرَاكُ بِمَعْنَى الْخُرُوجِ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَخْرُجْ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ أَصْلًا لِجَوَازِ أَنْ لَا يَخْرُجَ أَصْلًا لِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ اهـ.