الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُلْت: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ هِيَ أَنَّ رَجُلًا لَهُ كَرْمٌ وَأَرْضُهُ تَارَةً تَكُونُ مَمْلُوكَةً وَعَلَيْهَا الْخَرَاجُ كَأَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ وَتَارَةً تَكُونُ لِلْوَقْفِ وَتَارَةً تَكُونُ فِي يَدِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً يُؤَدِّي خَرَاجَهَا وَيَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ بِهَا بِغَرْسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَسْتَأْجِرُ هَذَا الرَّجُلُ جَمَاعَةً يَحْفِرُونَ لَهُ بِئْرًا لِيَغْرِسَ فِيهِ أَشْجَارَ الْعِنَبِ وَغَيْرِهِ فَسَقَطَ عَلَى أَحَدِهِمْ هَلْ لِوَرَثَتِهِ مُطَالَبَتُهُ بِدِيَتِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْحُكْمُ فِيهَا أَوْ شَبَهِهَا عَدَمُ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَكَذَا عَلَى الْأُجَرَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَوْهَرَةِ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ الْفَتَاوَى عَلَى مَا وَقَعَ مُقَيَّدًا لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ وَالْحَادِثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [فُرُوعٌ]
لَوْ اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ الْفَعْلَةَ لِإِخْرَاجِ جَنَاحٍ أَوْ ظُلَّةٍ فَوَقَعَ فَقَتَلَ إنْسَانًا إنْ قَبْلَ فَرَاغِهِمْ مِنْ عَمَلِهِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا لِرَبِّ الدَّارِ، وَيَضْمَنُ لَوْ رَشَّ الْمَاءَ بِحَيْثُ يَزْلَقُ وَاسْتَوْعَبَ الطَّرِيقَ وَلَوْ رَشَّ فِنَاءَ حَانُوتٍ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا وَتَمَامُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ
(مَالَ حَائِطٌ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ ضَمِنَ رَبُّهُ) أَيْ صَاحِبُهُ (مَا تَلِفَ) بِهِ مِنْ نَفْسِ إنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ
ــ
[رد المحتار]
الْمِلْكُ وَعَدَمُهُ فَهُوَ بَحْثٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) هُوَ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ.
(قَوْلُهُ لَهُ كَرْمٌ) الْكَرْمُ الْعِنَبُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَأَرْضُهُ تَارَةً تَكُونُ مَمْلُوكَةً إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّ أَرْضَهُ لَا تَخْلُو عَنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَدَاوَلَتْ عَلَى أَرْضٍ وَاحِدَةٍ ط (قَوْلُهُ كَأَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ) الْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ إنْ أُرِيدَ بِقَوْلِهِ مَمْلُوكَةً أَيْ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لِلتَّنْظِيرِ إنْ أُرِيدَ بِهِ مِلْكُهَا لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ: أَيْ عَلَيْهَا الْخَرَاجُ نَظِيرُ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّ أَغْلَبَهَا خَرَاجِيَّةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتَارَةً تَكُونُ فِي يَدِهِ إلَخْ) الَّذِي رَأَيْته فِي الْمِنَحِ وَتَارَةً تَكُونُ لِلْوَقْفِ وَتَكُونُ فِي يَدِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً إلَخْ وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَا تَكُونُ فِي يَدِهِ كَذَلِكَ هِيَ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ يُؤَدِّي خَرَاجَهَا) الْمُنَاسِبُ أُجْرَتَهَا، وَلَوْ قُلْنَا إنَّهَا لِبَيْتِ الْمَالِ لِمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: إنَّ الْمَأْخُوذَ الْآنَ مِنْ أَرَاضِي مِصْرَ أُجْرَةٌ لَا خَرَاجٌ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لِلزُّرَّاعِ كَأَنَّهُ لِمَوْتِ الْمَالِكِينَ شَيْئًا فَشَيْئًا بِلَا وَارِثٍ فَصَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ اهـ (قَوْلُهُ عَلَى الْأُجَرَاءِ) بِمَدِّ آخِرِهِ جَمْعُ أَجِيرٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْآجِرِ بِمَدِّ أَوَّلِهِ، وَهُوَ الْأَجِيرُ؛ لِأَنَّهُ أَجَّرَ نَفْسَهُ وَالْأُولَى أَوْلَى (قَوْلُهُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَوْهَرَةِ) أَيْ السَّابِقُ وَهُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ مُبَاحٌ فَمَا يَحْدُثُ غَيْرُ مَضْمُونٍ.
(قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ الْفَتَاوَى) أَيْ إطْلَاقُ الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا الضَّمَانُ عَلَى مَا وَقَعَ مُقَيَّدًا فِي عِبَارَةِ الْجَوْهَرَةِ بِقَوْلِهِ، وَهَذَا لَوْ الْبِئْرُ فِي الطَّرِيقِ، لِوُجُودِ الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ فِي حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ اتِّحَادُ الْحُكْمِ وَالْحَادِثَةِ، وَالْحُكْمُ هُنَا هُوَ الضَّمَانُ وَالْحَادِثَةُ هِيَ الْحَفْرُ فِي الطَّرِيقِ، وَنَظِيرُهُ صَوْمُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ فِي الْآيَةِ مُطْلَقٌ، وَقُيِّدَ بِالتَّتَابُعِ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ وَهُوَ الصَّوْمُ وَالْحَادِثَةُ وَهِيَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ ضَرُورَةُ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ، وَفِي هَذَا الْكَلَامِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَا نَصَّ هُنَا، وَتَقْيِيدُ الْجَوْهَرَةِ الضَّمَانَ بِمَا إذَا كَانَ فِي الطَّرِيقِ يُنَافِيهِ تَصْرِيحُهُمْ بِضَمَانِ الْمُبَاشِرِ وَلَوْ فِي الْمِلْكِ وَلِذَا قَالَ الرَّمْلِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَالَهُ بَحْثًا لَا نَقْلًا وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ مُبَاشَرَةٌ لَا تَسَبُّبٌ، وَفِي الْمُبَاشَرَةِ لَا يُنْظَرُ إلَى كَوْنِ الْفِعْل فِي مِلْكِهِ أَوْ لَا؛ كَمَنْ رَمَى سَهْمًا فِي مِلْكِهِ فَأَصَابَ شَخْصًا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِذَا فُقِدَ عَرَفْت أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْحَادِثَةِ الَّتِي تَكَرَّرَ وُقُوعُهَا وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْأُجَرَاءِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ فُرُوعٌ إلَخْ) سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]
ِ (قَوْلُهُ مَالَ حَائِطٌ) أَيْ عَمَّا هُوَ أَصْلُهُ مِنْ الِاسْتِقَامَةِ وَغَيْرِهَا فَيَشْمَلُ الْمُنْصَدِعَ وَالْوَاهِيَ قُهُسْتَانِيٌّ وَكَذَا الْعُلُوُّ إذَا انْصَدَعَ فَأَشْهَدَ أَهْلُ السُّفْلِ عَلَى أَهْلِ الْعُلُوِّ، وَكَذَا الْحَائِطُ أَعْلَاهُ لِرَجُلٍ وَأَسْفَلُهُ لِآخَرَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ النَّوَازِلِ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ) أَيْ وَالْخَاصَّةِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاكْتِفَاءِ قُهُسْتَانِيٌّ، لَكِنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فِي
أَوْ مَالٍ (إنْ طَالَبَ رَبُّهُ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالْوَاقِفِ وَالْقَيِّمِ وَلَوْ حَائِطَ الْمَسْجِدِ فَتَضْمَنُ عَاقِلَةُ الْوَاقِفِ وَكَالْقَيِّمِ الْوَلِيُّ وَالرَّاهِنُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْعَبْدُ التَّاجِرُ وَكَذَا أَحَدُ الشُّرَكَاءِ وَلَوْ الْوَرَثَةُ اسْتِحْسَانًا نَعَمْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: لَوْ مَاتَ رَبُّهُ عَنْ ابْنٍ فَقَطْ وَدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ صَحَّ الْإِشْهَادُ عَلَى الِابْنِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ الدَّارَ بُرْجُنْدِيٌّ وَغَيْرُهُ (بِنَقْضِهِ مُكَلَّفٌ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ) يَعْنِي مِنْ أَهْلِ الطَّلَبِ فَيُشْتَرَطُ فِي الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ إذْنُ وَلِيِّهِ وَمَوْلَاهُ بِالْخُصُومَةِ زَيْلَعِيٌّ (حُرٌّ أَوْ مُكَاتَبٌ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ)
ــ
[رد المحتار]
بَعْضِ الْأَحْكَامِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَوْ مَالٍ) أَيْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ لِدُخُولِهِ تَحْتَ النَّفْسِ؛ وَلَوْ أَرَادَ بِالنَّفْسِ الْكَامِلَةَ: وَهِيَ نَفْسُ الْإِنْسَانِ، وَمَا لِمَالٍ مَا يَعُمُّ الْحَيَوَانَ لَوَافَقَ قَوْلَهُ الْآتِيَ، ثُمَّ مَا تَلِفَ بِهِ النُّفُوسُ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ فَإِنَّ الْحَيَوَانَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِمْ بَلْ هُوَ فِي مَالِهِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ طَالَبَ رَبَّهُ) بِنَصْبِ رَبَّهُ مَفْعُولُ طَالَبَ، وَفَاعِلُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي مُكَلَّفٌ، وَالْمُطَالَبَةُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: إنَّ حَائِطَك هَذَا مَخُوفٌ أَوْ يَقُولُ: مَائِلٌ فَانْقُضْهُ أَوْ اهْدِمْهُ حَتَّى لَا يَسْقُطَ وَلَا يُتْلِفَ شَيْئًا وَلَوْ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ تَهْدِمَهُ فَذَلِكَ مَشُورَةٌ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا) مِنْ حَيْثُ قُدْرَتُهُ عَلَى رَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ.
(قَوْلُهُ فَتَضْمَنُ عَاقِلَةُ الْوَاقِفِ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقَيِّمَ نَائِبٌ عَنْهُ فَيَكُونُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْقَيِّمِ إشْهَادًا عَلَى الْوَاقِفِ، كَمَا أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْوَلِيِّ إشْهَادٌ عَلَى مَنْ تَحْتَ وِلَايَتِهِ مِنْ صَغِيرٍ، وَمَجْنُونٍ، قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَيُؤْخَذُ مِنْ عَاقِلَةِ الْوَاقِفِ إنْ كَانَ لَهُ عَاقِلَةٌ فِيمَا تَتَحَمَّلُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ، أَوْ كَانَ مِمَّا لَا تَتَحَمَّلُهُ، فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقَيِّمِ وَلَا يَرْجِعُ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا ذِمَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ وَكَالْقَيِّمِ الْوَلِيُّ) أَيْ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ وَصِيٍّ، وَزَادَ فِي الْهِدَايَةِ الْأُمَّ ثُمَّ قَالَ: لِأَنَّ فِعْلَ هَؤُلَاءِ كَفِعْلِهِ اهـ أَيْ فِعْلَ الْوَصِيِّ وَالْأَبِ وَالْأُمِّ كَفِعْلِ الصَّبِيِّ وَالتَّقَدُّمُ إلَيْهِمْ كَالتَّقَدُّمِ إلَى الصَّبِيِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ عِنَايَةٌ تَأَمَّلْ
وَفِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى فَلَوْ سَقَطَ حَائِطُ الصَّغِيرِ بَعْدَ الطَّلَبِ مِنْ وَلِيِّهِ كَانَ الضَّمَانُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَلَوْ بَلَغَ أَوْ مَاتَ الْوَلِيُّ بَعْدَ الطَّلَبِ فَلَا يَضْمَنُ بِالتَّلَفِ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا اهـ (قَوْلُهُ وَالرَّاهِنُ) فَإِنَّهُ مَالِكٌ لَا الْمُرْتَهِنُ وَالرَّاهِنُ قَادِرٌ عَلَى الْهَدْمِ يَعْنِي بِفَكِّ الْعَيْنِ وَإِعَادَتِهَا إلَى يَدِهِ، وَكَذَا التَّقَدُّمُ إلَى الْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ وَهَذَا عُذْرٌ اهـ ط عَنْ الْجَوْهَرَةِ.
(قَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبُ) لِمِلْكِهِ نَقْضُهُ فَإِنْ تَلِفَ بِهِ آدَمِيٌّ سَعَى فِي أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَدِيَةِ الْمَقْتُولِ أَوْ مَالٍ سَعَى فِي قِيمَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ اعْتِبَارًا بِالْجِنَايَةِ الْحَقِيقِيَّةِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ، وَهَذَا لَوْ التَّلَفُ حَالَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ، فَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَلَوْ بَعْدَ الْعَجْزِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ عَلَى أَحَدٍ، وَيُهْدَرُ الدَّمُ لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْمُكَاتَبِ، وَعَدَمِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْمَوْلَى كَمَا فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهَا وَفِي الْبُرْجَنْدِيِّ عَنْ قَاضِي خَانْ، فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى الْمَوْلَى صَحَّ الْإِشْهَادُ أَيْضًا دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ التَّاجِرُ) فَإِنَّ لَهُ وِلَايَةَ نَقْضِهِ مَدْيُونًا أَوْ لَا فَإِنْ تَلِفَ بِهِ آدَمِيٌّ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى أَوْ مَالٌ فَفِي رَقَبَتِهِ حَتَّى يُبَاعَ فِيهِ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ وَكَذَا أَحَدُ الشُّرَكَاءِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَيَضْمَنُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي مَتْنًا (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ بِمُبَاشَرَةِ طَرِيقِهِ وَهُوَ الْمُرَافَعَةُ إلَى الْقَاضِي بِمُطَالَبَةِ شُرَكَائِهِ، فَصَارَ مُفَرِّطًا فَيَضْمَنُ بِقِسْطِهِ، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ النَّقْضِ وَحْدَهُ أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ إلَخْ) قِيلَ هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ طَالَبَ رَبَّهُ، وَاعْتِرَاضٌ بِأَنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ أَوْ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الدَّارَ لِلْمَيِّتِ وَلِذَا تُقْضَى بِهَا دُيُونُهُ وَالْوَارِثُ خَلِيفَتُهُ، وَلِذَا لَهُ أَخْذُهَا وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فَإِنَّ التَّقْيِيدَ بِقَوْلِهِ عَنْ ابْنٍ فَقَطْ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَتْ الْوَرَثَةُ لَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ تَأَمَّلْ وَلَعَلَّ الْقَيْدَ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ صَحَّ الْإِشْهَادُ) أَيْ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ لَا الِابْنِ كَمَا فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ بِنَقْضِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِطَالِبِ وَمُكَلَّفٌ فَاعِلُهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي مِنْ أَهْلِ الطَّلَبِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُكَلَّفِ مَنْ لَهُ حَقُّ الطَّلَبِ وَلَوْ صَبِيًّا لَا مَنْ كَانَ بَالِغًا لَكِنْ فِي الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ الْعَبِيدَ وَالصِّبْيَانَ بِالْإِذْنِ الْتَحَقُوا بِالْحُرِّ الْبَالِغِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ) أَيْ عَلَى طَلَبِ النَّقْضِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْإِشْهَادَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ إثْبَاتِهِ
وَلَا يَصِحُّ الطَّلَبُ قَبْلَ الْمَيْلِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَنْقُضْهُ) وَهُوَ يَمْلِكُ نَقْضَهُ فِي مُدَّةٍ يَقْدِرُ عَلَى نَقْضِهِ فِيهَا لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ الْعَامِّ وَاجِبٌ ثُمَّ مَا تَلِفَ بِهِ مِنْ النُّفُوسِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ وَمِنْ الْأَمْوَالِ فَعَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ الْمَالَ، وَلَا ضَمَانَ إلَّا بِالْإِشْهَادِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ عَلَى التَّقَدُّمِ إلَيْهِ، وَعَلَى الْهَلَاكِ بِالسُّقُوطِ عَلَيْهِ، وَعَلَى كَوْنِ الْجِدَارِ مِلْكًا لَهُ مِنْ وَقْتِ الْإِشْهَادِ إلَى وَقْتِ السُّقُوطِ.
وَلِذَا قَالَ (وَلَوْ تَقَدَّمَ إلَى مَنْ) لَا يَمْلِكُ نَقْضَهُ مِمَّنْ (يَسْكُنُهَا بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ إلَى الْمُرْتَهِنِ أَوْ إلَى الْمُودَعِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ) لِعَدَمِ قُدْرَتِهِمْ عَلَى التَّصَرُّفِ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ سَقَطَ بَعْدَ التَّقَدُّمِ لِمَنْ ذُكِرَ (وَأَتْلَفَ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ أَصْلًا) لَا عَلَى سَاكِنٍ وَلَا مَالِكٍ (كَمَا لَوْ خَرَجَ) الْحَائِطُ (عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ) أَوْ غَيْرِهِ كَهِبَةٍ حَاوِي قُدْسِيٌّ.
وَكَذَا لَوْ جُنَّ مُطْلَقًا أَوْ ارْتَدَّ وَلَحِقَ وَحُكِمَ بِلِحَاقِهِ ثُمَّ عَادَ أَوْ أَفَاقَ خَانِيَّةٌ (بَعْدَ الْإِشْهَادِ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ) لِزَوَالِ وِلَايَتِهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ عَادَ مِلْكُهُ بَعْدَهُ حَاوِي وَخَانِيَّةٌ بِخِلَافِ الْجَنَاحِ لِبَقَاءِ فِعْلِهِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ مَالَ إلَى دَارِ إنْسَانٍ)
ــ
[رد المحتار]
عِنْدَ جُحُودِهِ أَوْ جُحُودِ عَاقِلَتِهِ فَكَانَ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إلَخْ) سَيَأْتِي مَتْنًا (قَوْلُهُ وَالْحَالُ إلَخْ) صَاحِبُ الْحَالِ فَاعِلُ ضَمِنَ أَوْ مَفْعُولُ طَالَبَ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَمْلِكُ نَقْضَهُ) مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا بَعْدُ وَبِقَوْلِهِ: وَلَوْ تَقَدَّمَ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي مُدَّةٍ يَقْدِرُ عَلَى نَقْضِهِ فِيهَا) فَلَوْ ذَهَبَ بَعْدَ الطَّلَبِ لِطَلَبِ مَنْ يَهْدِمُهُ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ حَتَّى سَقَطَ الْحَائِطُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ التَّمَكُّنِ مِنْ إحْضَارِ الْأُجَرَاءِ مُسْتَثْنًى فِي الشَّرْعِ قُهُسْتَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ الْعَامِّ وَاجِبٌ) عِلَّةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا ضَمِنَ رَبُّهُ: أَيْ فَإِنَّا لَوْ لَمْ نُوجِبْ عَلَيْهِ الضَّمَانَ يَمْتَنِعُ مِنْ التَّفْرِيغِ وَكَمْ مِنْ ضَرَرٍ خَاصٍّ، يَجِبُ تَحَمُّلُهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ مِنْ النُّفُوسِ) أَيْ الْأَحْرَارِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ الْأَمْوَالَ ط وَأَرَادَ بِالنُّفُوسِ مَا قَابَلَ الْأَمْوَالَ فَخَرَجَ الْحَيَوَانُ، وَدَخَلَ مَا دُونَ النَّفْسِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ) أَيْ عَاقِلَةِ رَبِّ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَلَوْ أَنْكَرَتْ الْعَاقِلَةُ وَاحِدًا مِنْ الثَّلَاثَةِ وَأَقَرَّ بِهَارِبِ الدَّارِ، لَزِمَهُ فِي مَالِهِ طُورِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ عَلَى التَّقَدُّمِ إلَيْهِ) أَيْ عَلَى طَلَبِ النَّقْضِ مِمَّنْ يَمْلِكُهُ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْهَالِكِ (قَوْلُهُ وَعَلَى كَوْنِ الْجِدَارِ مِلْكًا لَهُ) ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الدَّارِ فِي يَدِهِ ظَاهِرٌ، وَالظَّاهِرُ لَا يُسْتَحَقُّ بِهِ حَقٌّ عَلَى الْغَيْرِ غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِاشْتِرَاطِ كَوْنِ الدَّارِ مِلْكًا لَهُ إلَخْ ط (قَوْلُهُ وَلَا مَالِكَ) لِعَدَمِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ ط (قَوْلُهُ عَنْ مِلْكِهِ) أَيْ عَنْ وِلَايَتِهِ لِيَشْمَلَ قَوْلَهُ وَكَذَا لَوْ جَنَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَهِبَةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّسْلِيمِ، حَتَّى يَبْطُلَ الْإِشْهَادُ، إذْ لَا حُكْمَ لَهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ ط (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ جُنَّ) أَيْ بَعْدَ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ مُطْبِقًا) قُيِّدَ بِهِ لِإِخْرَاجِ الْمُقَطَّعِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْإِشْهَادُ، فَإِذَا أَتْلَفَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ شَيْئًا يَكُونُ مَضْمُونًا ط (قَوْلُهُ ثُمَّ عَادَ) أَيْ مُسْلِمًا وَرُدَّتْ عَلَيْهِ الدَّارُ خَانِيَّةٌ، أَوْ أَفَاقَ أَيْ مِنْ جُنُونِهِ، فَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ: أَيْ فَلَا يُضَمُّ إلَّا بِإِشْهَادٍ مُسْتَقْبَلٍ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ، فَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ كَمَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ، وَمَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِهِ اتِّفَاقِيّ أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ لِزَوَالِ وِلَايَتِهِ) أَيْ عَنْ مِلْكِ النَّقْضِ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِعَدَمِ الضَّمَانِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: كَمَا لَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِنْ الْهِبَةِ وَالْجُنُونِ وَالِارْتِدَادِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَ مِلْكُهُ) أَيْ وِلَايَتُهُ بِعَوْدِهِ مُسْلِمًا أَوْ إفَاقَتِهِ وَكَذَا فِي الْبَيْعِ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَإِطْلَاقُ الْبَيْعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ رُدَّ عَلَى الْبَائِعِ بِقَضَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إذَا طُولِبَ بَعْدَ الرَّدِّ اهـ وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَإِنْ نَقَضَ الْبَيْعَ، ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ، وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ لَا يُبْطِلُ وِلَايَةَ الْإِصْلَاحِ، فَلَا يُبْطِلُ الْإِشْهَادَ، وَلَوْ أَسْقَطَ الْبَائِعُ خِيَارَهُ بَطَلَ الْإِشْهَادُ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْحَائِطَ عَنْ مِلْكِهِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْجَنَاحِ) فَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ فِيهِ بِنَفْسِ
مِنْ مَالِكٍ أَوْ سَاكِنٍ بِإِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ قُهُسْتَانِيٌّ (فَالطَّلَبُ إلَيْهِ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (فَيَصِحُّ تَأْجِيلُهُ وَإِبْرَاؤُهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ مَالَ إلَى الطَّرِيقِ فَأَجَّلَهُ الْقَاضِي أَوْ مَنْ طَلَبَ) النَّقْضَ (لَا) يَبْرَأُ لِأَنَّهُ بِحَقِّ الْعَامَّةِ وَتَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي حَقِّ الْعَامَّةِ نَافِذٌ فِيمَا يَنْفَعُهُمْ لَا فِيمَا يَضُرُّهُمْ ذَخِيرَةٌ بِخِلَافِ تَأْجِيلِ مَنْ بِالدَّارِ.
وَلَوْ مَالَ بَعْضُهُ لِلطَّرِيقِ وَبَعْضُهُ لِلدَّارِ فَأَيُّ طَلَبٍ صَحَّ الطَّلَبُ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ الْإِشْهَادُ فِي الْبَعْضِ صَحَّ فِي الْكُلِّ بُرْجُنْدِيٌّ (فَإِنْ بُنِيَ مَائِلًا ابْتِدَاءً ضُمِنَ بِلَا طَلَبٍ كَمَا فِي إشْرَاعِ الْجَنَاحِ وَنَحْوِهِ) كَمِيزَابٍ لِتَعَدِّيهِ بِهِ (حَائِطٌ بَيْنَ خَمْسَةٍ أَشْهَدَ عَلَى أَحَدِهِمْ فَسَقَطَ عَلَى رَجُلٍ ضَمِنَ) عَاقِلَتُهُ (خُمُسَ الدِّيَةِ) أَيْ خُمُسَ مَا تَلِفَ بِهِ مِنْ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إصْلَاحِهِ بِمُرَافَعَتِهِ لِلْحَاكِمِ.
(دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ حَفَرَ أَحَدُهُمْ فِيهَا بِئْرًا أَوْ بَنَى حَائِطًا فَعَطِبَ بِهِ رَجُلٌ ضَمِنَ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ) لِتَعَدِّيهِ فِي الثُّلُثَيْنِ، وَقَدْ حَصَلَ التَّلَفُ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَيُقْسَمُ بِالْحِصَّةِ وَقَالَا أَنْصَافًا، لِأَنَّ التَّلَفَ قِسْمَانِ مُعْتَبَرٌ وَهَدَرٌ.
(الْإِشْهَادُ عَلَى الْحَائِطِ إشْهَادٌ عَلَى النَّقْضِ) بِالْكَسْرِ مَا يَنْقُضُ مِنْ الْجِدَارِ وَحِينَئِذٍ (فَلَوْ وَقَعَ الْحَائِطُ عَلَى الطَّرِيقِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ فَعَثَرَ إنْسَانٌ بِنَقْضِهِ فَمَاتَ ضَمِنَ) لِأَنَّ النَّقْضَ مِلْكُهُ فَتَفْرِيعُهُ عَلَيْهِ (وَإِنْ عَثَرَ) رَجُلٌ (بِقَتِيلٍ مَاتَ بِسُقُوطِهَا) أَيْ الْحَائِطِ (لَا يَضْمَنُهُ) لِأَنَّ تَفْرِيغَهُ لِلْأَوْلِيَاءِ لَا إلَيْهِ بِخِلَافِ الْجَنَاحِ حَيْثُ يَضْمَنُ رَبُّهُ الْقَتِيلَ الثَّانِيَ أَيْضًا لِبَقَاءِ جِنَايَتِهِ فَيَلْزَمُهُ تَفْرِيغُ الطَّرِيقِ عَنْ الْقَتِيلِ أَيْضًا
ــ
[رد المحتار]
الْوَضْعِ وَهُوَ بَاقٍ وَفِي الْحَائِطِ بِتَرْكِ النَّقْضِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ فَزَالَتْ الْجِنَايَةُ (قَوْلُهُ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ) أَيْ أَدْنَى تَعَلُّقٍ وَارْتِبَاطٍ كَكَوْكَبِ الْخَرْقَاءِ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
إذَا كَوْكَبُ الْخَرْقَاءِ لَاحَ بِسُحْرَةِ
…
سُهَيْلٍ أَذَاعَتْ غَزْلَهَا فِي الْأَقَارِبِ
(قَوْلُهُ فَالطَّلَبُ إلَيْهِ) الْأَوْلَى لَهُ أَيْ لِلْمَالِكِ أَوْ السَّاكِنِ، وَلَوْ مَالَ إلَى سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ، فَالْخُصُومَةُ لِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهَا أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَالَ إلَى الطَّرِيقِ إلَخْ) ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ الْآتِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْعَامَّةُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخَاصَّةَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْجِيلِ كُلِّ أَهْلِهَا أَوْ إبْرَائِهِمْ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مَالَ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: حَائِطٌ لِرَجُلِ بَعْضُهُ مَائِلٌ إلَى الطَّرِيقِ وَبَعْضُهُ مَائِلٌ إلَى دَارِ قَوْمٍ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ أَهْلَ الدَّارِ، فَسَقَطَ مَا مَالَ إلَيْهَا ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ وَاحِدٌ فَصَحَّ الْإِشْهَادُ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ فِيمَا مَالَ إلَيْهِمْ، وَفِيمَا مَالَ إلَى الطَّرِيقِ، فَإِنَّ أَهْلَ الدَّارِ مِنْ جُمْلَةِ الْعَامِلَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْهِدُ مِنْ غَيْرِهِمْ صَحَّ فِيمَا مَالَ إلَى الطَّرِيقِ، وَإِذَا صَحَّ الْإِشْهَادُ فِي الْبَعْضِ صَحَّ فِي الْكُلِّ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ أَيْ خُمُسُ مَا تَلِفَ بِهِ) تَعْمِيمٌ لِلْمَتْنِ لَكِنْ كَانَ عَلَى الشَّارِحِ إسْقَاطُ قَوْلِهِ: عَاقِلَتُهُ اهـ ح. أَيْ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْأَمْوَالِ فِي مَالِهِ كَمَا سَلَفَ ط (قَوْلُهُ بِمُرَافَعَتِهِ لِلْحُكَّامِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ: أَيْ بِمُرَافَعَةِ الْمُشْهَدِ عَلَيْهِ بَقِيَّةَ شُرَكَائِهِ بِمُطَالَبَةِ نَقْضِهِ، وَالْمَذْكُورُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ، وَفِي الْقِيَاسِ: لَا يَضْمَنُ أَحَدٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
(قَوْلُهُ حَفَرَ أَحَدُهُمْ) أَيْ بِلَا إذْنِ الْبَقِيَّةِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ) أَيْ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَيَضْمَنُ ثُلُثَيْ الْمَالِ فِي مَالِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ) وَهِيَ الثِّقَلُ الْمُقَدَّرُ فِي الْحَائِطِ وَالْعُمْقُ الْمُقَدَّرُ فِي الْبِئْرِ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ الثِّقَلِ وَالْعُمْقِ لَيْسَ بِمُهْلِكٍ حَتَّى يُعْتَبَرَ كُلُّ جَزْءٍ عِلَّةً فَيَجْتَمِعُ الْعِلَلُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يُضَافُ إلَى الْعِلَّةِ الْوَاحِدَةِ، ثُمَّ يُقْسَمُ عَلَى أَرْبَابِهَا بِقَدْرِ الْمِلْكِ وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَقَالَا أَنْصَافًا) أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ التَّلَفَ بِنَصِيبِ الْمُشْهَدِ عَلَيْهِ مُعْتَبَرٌ، وَبِنَصِيبِ غَيْرِهِ هَدَرٌ، وَفِي الْحَفْرِ وَالْبِنَاءِ بِاعْتِبَارِ مِلْكِهِ غَيْرُ مُتَعَدٍّ، وَبِاعْتِبَارِ مِلْكِ شَرِيكِهِ مُتَعَدٍّ، فَكَانَا قِسْمَيْنِ فَانْقَسَمَ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ إشْهَادٌ عَلَى النَّقْضِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إزَالَةُ الشُّغْلِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ مَاتَ بِسُقُوطِهَا) صِفَةُ قَتِيلٍ وَتَأْنِيثُ الضَّمِيرِ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ فِي أَنَّ الْحَائِطَ قَدْ يُؤَنَّثُ وَلَمْ أَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ لِبَقَاءِ جِنَايَتِهِ) ؛ لِأَنَّ إشْرَاعَ الْجَنَاحِ فِي جِنَايَةٍ، وَهُوَ فِعْلُهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَلْقَاهُ بِيَدِهِ عَلَيْهِ، فَكَانَ حُصُولُ الْقَتِيلِ فِي الطَّرِيقِ كَحُصُولِ نَقْضِ الْجَنَاحِ فِي الطَّرِيقِ، وَمَنْ أَلْقَى شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ