الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُجْرَةُ السِّجْنِ وَالسَّجَّانِ فِي زَمَانِنَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ خِزَانَةُ الْفَتَاوَى.
انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَرَبُّ الدَّارِ غَائِبٌ فَسَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ ذَلِكَ سَنَةً لَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ لِهَذِهِ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهَا عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْمُسْتَأْجِرُ غَائِبٌ وَالدَّارُ فِي يَدِ امْرَأَتِهِ؛؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تَسْكُنْهَا بِأُجْرَةٍ.
آجَرَ دَارِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا فَلِكُلٍّ الْفَسْخُ عِنْد تَمَامِ الشَّهْرِ، فَلَوْ غَابَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَمَتَاعَهُ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لِلْآجِرِ الْفَسْخُ مَعَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِخَصْمٍ، وَالْحِيلَةُ إجَارَتُهَا لِآخَرَ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ، فَإِذَا تَمَّ تَنْفَسِخُ الْأُولَى فَتَنْفُذُ الثَّانِيَةُ فَتَخْرُجُ مِنْهَا الْمَرْأَةُ وَتُسَلَّمُ لِلثَّانِي خَانِيَّةٌ اهـ.
بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ
(الْفَاسِدُ) مِنْ الْعُقُودِ (مَا كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ دُونَ وَصْفِهِ، وَالْبَاطِلُ مَا لَيْسَ مَشْرُوعًا أَصْلًا) لَا بِأَصْلِهِ وَلَا بِوَصْفِهِ (وَحُكْمُ الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْفَاسِدُ (وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ
ــ
[رد المحتار]
فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَكِنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ مُقَابِلِهِ، وَوَجْهُ الْفَسَادِ أَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ أَنْ لَا تَلْزَمَ الْأُجْرَةُ مُدَّةَ الْعُطْلَةِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، فَتَقْيِيدُ حَطِّ الشَّهْرَيْنِ مِمَّا لَمْ يَقْتَضِهِ الْعَقْدُ، بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ حَطِّ قَدْرِهَا؛ وَهَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ شَرَى زَيْتًا فِي زِقٍّ وَاشْتَرَطَ حَطَّ أَرْطَالٍ لِأَجْلِ الزِّقِّ فَسَدَ، بِخِلَافِ حَطِّ مِقْدَارِ الزِّقِّ
1 -
(قَوْلُهُ أُجْرَةُ السِّجْنِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لِأَحَدٍ؛ فَلَوْ مَبْنِيًّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مُسَبَّلًا فَلَا أَجْرَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فِي زَمَانِنَا) لَعَلَّ وَجْهَهُ عَدَمُ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ، فَلَوْ مُنْتَظِمًا فَالسِّجْنُ وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ مِنْهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ لِأَجْلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْمَدِينِ مُمَاطِلًا أَوْ لَا ط.
قُلْتُ: وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ أُجْرَةً لِلْمُحْضِرِ لِلْخُصُومِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقِيلَ عَلَى الْمُتَمَرِّدِ: وَفِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ: هُوَ الصَّحِيحُ، لَكِنْ فِي قَضَاءِ الْبَزَّازِيَّةِ: وَقِيلَ عَلَى الْمُدَّعِي وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ
(قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ لِهَذِهِ السَّنَةِ إلَخْ) سَيَأْتِي أَوَاخِرَ بَابِ الْفَسْخِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ حَمَّامًا شَهْرًا فَسَكَنَ شَهْرَيْنِ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الشَّهْرِ الثَّانِي إنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ وَإِلَّا لَا بِهِ يُفْتَى وَيَأْتِي تَمَامُهُ. (قَوْلُهُ آجَرَ دَارِهِ إلَخْ) سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَتْنًا فِي الْبَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ فَلِكُلٍّ الْفَسْخُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ وَمَا بَعْدَهُ فَاسِدٌ، أَوْ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُنَجَّزٌ وَمَا بَعْدَهُ مُضَافٌ وَفِي لُزُومِهِ خِلَافٌ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي، ثُمَّ إنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَكُونُ بِمَحْضَرٍ مِنْ صَاحِبِهِ وَإِلَّا لَا يَصِحُّ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَقِيلَ اتِّفَاقًا كَمَا فِي ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِخَصْمٍ) وَلِاشْتِرَاطِ حُضُورِهِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ فَتَنْفُذُ الثَّانِيَةُ) أَيْ يَظْهَرُ أَثَرُ عَقْدِهَا وَإِلَّا فَالْعَقْدُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ ط، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]
ِ تَأْخِيرُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ عَنْ صَحِيحِهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْذِرَةٍ لِوُقُوعِهَا فِي مَحَلِّهَا مِنَحٌ. (قَوْلُهُ مِنْ الْعُقُودِ) احْتِرَازٌ عَنْ الْعِبَادَاتِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ فَاسِدِهَا وَبَاطِلِهَا (قَوْلُهُ دُونَ وَصْفِهِ) وَهُوَ مَا عَرَضَ عَلَيْهِ مِنْ الْجَهَالَةِ أَوْ اشْتِرَاطِ شَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ حَتَّى لَوْ خَلَا عَنْهُ كَانَ صَحِيحًا ط.
(قَوْلُهُ وَالْبَاطِلُ) كَأَنْ اسْتَأْجَرَ بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ أَوْ اسْتَأْجَرَ طِيبًا لِيَشُمَّهُ أَوْ شَاةً لِتَتْبَعَهَا غَنَمُهُ أَوْ فَحْلًا لِيَنْزُوَ أَوْ رَجُلًا لِيَنْحِتَ لَهُ صَنَمًا ط. (قَوْلُهُ وَلَا بِوَصْفِهِ) ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ بَطَلَ الْأَصْلُ تَبِعَهُ الْوَصْفُ (قَوْلُهُ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ) أَيْ أَجْرِ شَخْصٍ مُمَاثِلٍ لَهُ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَالِاعْتِبَارُ فِيهِ لِزَمَانِ الِاسْتِئْجَارِ وَمَكَانِهِ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لَا مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى لَوْ كَانَ غَيْرَهُمَا، وَلَوْ اخْتَلَفَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَيْنَ النَّاسِ فَالْوَسَطُ وَالْأَجْرُ يَطِيبُ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ حَرَامًا كَمَا فِي الْمُنْيَةِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَنُقِلَ فِي الْمِنَحِ أَنَّ شَمْسَ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيَّ قَالَ تَطِيبُ الْأُجْرَةُ فِي الْأُجْرَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَأَحَدُهُمَا أَصَحُّ فَرَاجِعْ نُسْخَةً صَحِيحَةً.
بِالِاسْتِعْمَالِ) لَوْ الْمُسَمَّى مَعْلُومًا ابْنُ كَمَالٍ (بِخِلَافِ الثَّانِي) وَهُوَ الْبَاطِلُ فَإِنَّهُ لَا أَجْرَ فِيهِ بِالِاسْتِعْمَالِ حَقَائِق (وَلَا تُمْلَكُ الْمَنَافِعُ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ بِالْقَبْضِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) فَإِنَّ الْمَبِيعَ يُمْلَكُ فِيهِ بِالْقَبْضِ، بِخِلَافِ فَاسِدِ الْإِجَارَةِ، حَتَّى لَوْ قَبَضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا، وَلَوْ آجَرَهَا وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا يَكُونُ غَاصِبًا، وَلِلْأَوَّلِ نَقْضُ الثَّانِيَةِ بَحْرٌ مَعْزِيًّا لِلْخُلَاصَةِ وَفِي الْأَشْبَاهِ: الْمُسْتَأْجِرُ فَاسِدًا لَوْ آجَرَ صَحِيحًا جَازَ وَسَيَجِيءُ
(تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ بِالشُّرُوطِ الْمُخَالِفَةِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَكُلُّ مَا أَفْسَدَ الْبَيْعَ) مِمَّا مَرَّ (يُفْسِدُهَا) كَجَهَالَةِ مَأْجُورٍ أَوْ أُجْرَةٍ
ــ
[رد المحتار]
وَفِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ عَنْ الْمُحِيطِ: مَا أَخَذَتْهُ الزَّانِيَةُ إنْ كَانَ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ فَحَلَالٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ طَيِّبٌ وَإِنْ كَانَ الْكَسْبُ حَرَامًا وَحَرَامٌ عِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَقْدٍ فَحَرَامٌ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهَا أَخَذَتْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ اهـ. (قَوْلُهُ بِالِاسْتِعْمَالِ) أَيْ بِحَقِيقَةِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يَجِبُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْهَا كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي إلَّا فِي الْوَقْفِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْإِسْعَافِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ كِتَابِ الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ لَوْ الْمُسَمَّى مَعْلُومًا) هَذَا إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ زَادَ الْمُصَنِّفُ لَا يَتَجَاوَزُ بِهِ الْمُسَمَّى كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْكَمَالِ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ أَجْرِ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عَلَى مَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا يَجِبُ فِي هَذَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَمَّا لَوْ عُلِمَتْ التَّسْمِيَةُ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا أَجْرَ فِيهِ بِالِاسْتِعْمَالِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِعْمَالِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الْأَجْرُ فِيهِ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ أَوْ مِلْكٍ كَمَا سَلَفَ وَهُنَا اسْتَعْمَلَهُ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ بَاطِلٍ وَيُحَرَّرُ ط.
وَفِيهِ أَنَّ الْبَاطِلَ لَا حُكْمَ لَهُ أَصْلًا فَوُجُودُهُ كَالْعَدَمِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ تَأَمَّلْ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ فِي الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الِاسْتِعْمَالِ بِتَأْوِيلٍ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ كَمَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: حَيْثُ قَالَ وَالسُّكْنَى بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ فِي الْوَقْفِ لَا يَمْنَعُ لُزُومَ أَجْرِ الْمِثْلِ؛ وَقِيلَ دَارُ الْيَتِيمِ كَالْوَقْفِ.
ثُمَّ ذَكَرَ: لَوْ سَكَنَ فِي حَوَانِيتَ مُسْتَغَلَّةٍ وَادَّعَى الْمِلْكَ لَا يَلْزَمُ الْأَجْرُ، وَإِنْ بَرْهَنَ الْمَالِكُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إذَا سَكَنَ بَعْدَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِتَأْوِيلٍ، إنَّ لَهُ حَقَّ الْحَبْسِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَجْرَ الَّذِي أَعْطَاهُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ إذَا كَانَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ فِي الْمُخْتَارِ، وَكَذَا فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُخْتَارِ اهـ فَتَأَمَّلْ.
وَقَدْ صَرَّحُوا أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى دَارًا وَسَكَنَهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ لِيَتِيمٍ لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ صِيَانَةً لِمَا لَهُمَا كَمَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ
1 -
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ فَاسِدِ الْإِجَارَةِ) ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَنْفَعَةِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ إلَّا أَنَّا أَقَمْنَا قَبْضَ الْعَيْنِ مَقَامَ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ ضَرُورَةَ إتْمَامِهِ. (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ قَبَضَهَا إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى عَدَمِ الْمِلْكِ فِي الْفَاسِدَةِ. (قَوْلُهُ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ) أَيْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ بِهِ مُسْتَعْمِلًا، وَلَا يَكُونُ بِفِعْلِ مَا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ غَاصِبًا حَتَّى لَا تَجِبَ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ.
وَأَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي إذَا سَمَّى بَيْنَهُمَا أَجْرًا هَلْ يَجِبُ الْمُسَمَّى نَظَرًا لِلتَّسْمِيَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ أَجْرُ الْمِثْلِ لِتَرَتُّبِهَا عَلَى فَاسِدٍ يُحَرَّرُ ط. (قَوْلُهُ وَلِلْأَوَّلِ) أَيْ لِلْمُؤَجِّرِ الْأَوَّلِ نَقْضُ الثَّانِيَة أَيْ وَيَأْخُذُ الدَّارَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ الْمُشْتَرِي آجَرَهُ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ فَكَذَا هَذَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ وَالْبَيْعَ لَا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ مِنَحٌ
1 -
(قَوْلُهُ جَازَ) وَفِي النِّصَابِ هُوَ الصَّحِيحُ. وَفِي السِّرَاجِيَّةِ: وَبِهِ أَفْتَى ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ تَتَارْخَانِيَّةُ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُصَنِّفِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ مِثْلَهُ.
قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَمَنْ طَالَعَ فِي كُتُبِهِمْ عَلِمَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافَ تَصْحِيحٍ وَإِفْتَاءٍ اهـ.
أَقُولُ: لَكِنَّ الْمُعْظَمَ عَلَى الْجَوَازِ كَمَا تَرَى، وَلِذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ عَنْ مُقَابِلِهِ بِقِيلَ فِيمَا سَيَأْتِي.
وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ يَجُوزُ فِي الصَّحِيحِ.
وَقِيلَ لَا اسْتِدْلَالًا بِمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَارًا لِيَسْكُنَهَا وَيَرُمَّهَا وَلَا أَجْرَ وَآجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ غَيْرِهِ وَانْهَدَمَتْ مِنْ سُكْنَى الثَّانِي ضَمِنَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا.
وَأَجَابُوا بِأَنَّ الْعَقْدَ فِيهِ إعَارَةٌ لَا إجَارَةٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمَرَمَّةَ عَلَى سَبِيلِ الْمَشُورَةِ لَا الشَّرْطِ اهـ. (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ مَتْنًا آخِرَ الْمُتَفَرِّقَاتِ
(قَوْلُهُ فَكُلُّ) تَفْرِيعٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ الْإِجَارَةُ نَوْعٌ
أَوْ مُدَّةٍ أَوْ عَمَلٍ، وَكَشَرْطِ طَعَامِ عَبْدٍ وَعَلَفِ دَابَّةٍ وَمَرَمَّةِ الدَّارِ أَوْ مَغَارِمِهَا وَعُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ أَوْ مُؤْنَةِ رَدٍّ أَشْبَاهٌ
(وَ) تَفْسُدُ أَيْضًا (بِالشُّيُوعِ) بِأَنْ يُؤَجِّرَ نَصِيبًا مِنْ دَارِهِ أَوْ نَصِيبَهُ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ أَحَدِ شَرِيكَيْهِ أَنْفَعُ الْوَسَائِلِ وَعِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّلَاثِينَ.
وَاحْتَرَزَ بِالْأَصْلِيِّ عَنْ الطَّارِئِ فَلَا يُفْسِدُ عَلَى الظَّاهِرِ، كَأَنْ آجَرَ الْكُلَّ ثُمَّ فَسَخَ فِي الْبَعْضِ أَوْ آجَرَا لِوَاحِدٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ بِالْعَكْسِ وَهُوَ الْحِيلَةُ فِي إجَارَةِ الْمُشَاعِ، كَمَا لَوْ قَضَى بِجَوَازِهِ (إلَّا إذَا آجَرَ) كُلٌّ نَصِيبَهُ أَوْ بَعْضَهُ (مِنْ شَرِيكِهِ)
ــ
[رد المحتار]
مِنْ الْبَيْعِ إذْ هِيَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ. (قَوْلُهُ أَوْ مُدَّةٍ) إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى: قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: إجَارَةُ السِّمْسَارِ وَالْمُنَادِي وَالْحَمَّامِيِّ وَالصَّكَّاكِ وَمَا لَا يُقَدَّرُ فِيهِ الْوَقْتُ وَلَا الْعَمَلُ تَجُوزُ لِمَا كَانَ لِلنَّاسِ بِهِ حَاجَةٌ وَيَطِيبُ الْأَجْرُ الْمَأْخُوذُ لَوْ قُدِّرَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَذَكَرَ أَصْلًا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ فَرَاجِعْهُ فِي نَوْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ وَالْأُجْرَةِ عَلَى الْمَعَاصِي. (قَوْلُهُ وَكَشَرْطِ طَعَامِ عَبْدٍ وَعَلَفِ دَابَّةٍ) فِي الظَّهِيرِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَفُهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: فِي الدَّابَّةِ نَأْخُذُ بِقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ، أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَالْعَبْدُ يَأْكُلُ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ عَادَةً اهـ.
قَالَ الْحَمَوِيُّ: أَيْ فَيَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ.
وَاعْتَرَضَهُ ط بِقَوْلِهِ فَرْقٌ بَيْنَ الْأَكْلِ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ بِلَا شَرْطٍ وَمِنْهُ بِشَرْطٍ اهـ.
أَقُولُ: الْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ، وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ الْفَقِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى النَّبِيهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْفَقِيهِ أَنَّهُ لَوْ تُعُورِفَ فِي الدَّابَّةِ ذَلِكَ يَجُوزُ تَأَمَّلْ.
وَالْحِيلَةُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْأُجْرَةِ قَدْرَ الْعَلَفِ ثُمَّ يُوَكِّلُهُ رَبُّهَا بِصَرْفِهِ إلَيْهَا، وَلَوْ خَافَ أَنْ لَا يُصَدِّقَهُ فِيهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُعَجِّلَهُ إلَى الْمَالِكِ ثُمَّ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ الْمَالِكُ وَيَأْمُرَهُ بِالِاتِّفَاقِ فَيَصِيرَ أَمِينًا بَزَّازِيَّةٌ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ وَمَرَمَّةُ الدَّارِ أَوْ مَغَارِمُهَا) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْخُلَاصَةِ مَعْزِيَّا إلَى الْأَصْلِ: لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا عَلَى أَنْ يَعْمُرَهَا وَيُعْطِيَ نَوَائِبَهَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ اهـ.
فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ مَا يَقَعُ فِي زَمَانِنَا مِنْ إجَارَةِ أَرْضِ الْوَقْفِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنَّ الْمَغَارِمَ وَكُلْفَةَ الْكَاشِفِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ عَلَى أَنَّ الْجَرْفَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَاسِدٌ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ.
أَقُولُ: وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي زَمَانِنَا، وَلَكِنْ تَارَةً يَكْتُبُ فِي الْحُجَّةِ بِصَرِيحِ الشَّرْطِ فَيَقُولُ الْكَاتِبُ: عَلَى أَنَّ مَا يَنُوبُ الْمَأْجُورَ مِنْ النَّوَائِبِ وَنَحْوِهَا كَالدَّكِّ وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَتَارَةً يَقُولُ وَتَوَافَقَا عَلَى أَنَّ مَا يَنُوبُ إلَخْ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكُلَّ مُفْسِدٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ بَيْنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ، وَالْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ خَرَاجٍ) قِيلَ هَذَا خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، أَمَّا خَرَاجُ الْوَظِيفَةِ فَجَائِزٌ، لَكِنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا ح عَنْ الْمِنَحِ، وَجَعَلَا الْفَسَادَ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ عِنْدَهُ ط.
وَوَجْهُ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ خَرَاجَ الْوَظِيفَةِ قَدْ يَنْقُصُ إذَا لَمْ تُطِقْ الْأَرْضُ ذَلِكَ فَيَلْزَمُ الْجَهَالَةُ أَيْضًا
(قَوْلُهُ بِالشُّيُوعِ) أَيْ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ لَا عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى خَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يُؤَجِّرَ نَصِيبًا مِنْ دَارِهِ) أَيْ وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ هُوَ الصَّحِيحُ.
وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ حَتَّى لَا يَجِبَ الْأَجْرُ أَصْلًا جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. (قَوْلُهُ أَوْ نَصِيبَهُ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ) فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نُورُ الْعَيْنِ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيُفْسِدُهَا فِي رِوَايَةِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. (قَوْلُهُ أَوْ آجَرَا لِوَاحِدٍ إلَخْ) أَيْ تَفْسُدُ فِي حِصَّةِ الْمَيِّتِ وَتَبْقَى فِي حِصَّةِ الْحَيِّ فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
وَفِيهِ: وَلَوْ كُلُّهُ لَهُ فَآجَرَهُ مِنْ اثْنَيْنِ، فَإِنْ أَجْمَلَ وَقَالَ: آجَرْتُ الدَّارَ مِنْكُمَا جَازَ وِفَاقًا، وَلَوْ فَصَّلَ بِقَوْلِهِ نِصْفَهُ مِنْكَ وَنِصْفَهُ مِنْكَ أَوْ نَحْوَهُ كَثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى خِلَافٍ مَرَّ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَآجَرَ أَحَدُهُمَا النِّصْفَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ اهـ، وَمَرَّ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ الْأَظْهَرُ: وَعَنْ هَذَا أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ: فِي رَجُلَيْنِ اسْتَأْجَرَا مَعًا سَوِيَّةً مِنْ زَيْدٍ طَاحُونَةً بِأَنَّ لَفْظَ سَوِيَّةٍ بِمَنْزِلَةِ التَّفْصِيلِ فَتَفْسُدُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْحِيلَةُ إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلطَّارِئِ: أَيْ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ وَهِيَ الصُّورَةُ الْأُولَى لِلْفَسْخِ الْمَفْهُومِ مِنْ فُسِخَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حُكِّمَ بِهِ حَاكِمٌ قَالَ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ: