المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لَهُ خَمْسَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ سَهْمٌ - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٦

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌[رُكْن الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَرْصَدِ وَالْقِيمَةِ وَمِشَدِّ الْمُسْكَةِ]

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَمَعْنَى الِاسْتِحْكَارُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ تَفَاسَخَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ]

- ‌بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْبِنَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْمَعَاصِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِئْجَارِ الْمَاءِ مَعَ الْقَنَاةِ وَاسْتِئْجَارِ الْآجَامِ وَالْحِيَاضِ لِلسَّمَكِ]

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ

- ‌[مَبْحَثُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ الْخَاصِّ أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْحَارِسِ وَالْخَانَاتِيِّ]

- ‌[مَبْحَثُ اخْتِلَافِ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ إصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ وَإِخْرَاجُ التُّرَابِ وَالرَّمَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَجْمِ الدَّارِ مِنْ الْجِنِّ هَلْ هُوَ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِسْقُ الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ عُذْرًا فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ إرَادَةُ السَّفَرِ أَوْ النُّقْلَةِ مِنْ الْمِصْرِ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَخْلِيَةِ الْبَعِيدِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْمُؤَجِّرِ وَلِغَيْرِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أُجْرَةِ صَكِّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُقْطَعِ وَانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ الْمُقْطِعِ وَإِخْرَاجُهُ لَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْكَرَ الدَّافِعُ وَقَالَ لَيْسَ هَذَا مِنْ دَرَاهِمِي فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا]

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ

- ‌بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ

- ‌بَابٌ: مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى

- ‌كِتَابُالْوَلَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ

- ‌كِتَابُالْإِكْرَاهِ

- ‌كِتَابُالْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ.(بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ

- ‌كِتَابُالْمَأْذُونِ

- ‌[مَبْحَثٌ فِي تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ وَمَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ وَتَرْتِيبُهَا]

- ‌[فروع أَقَرَّ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونَانِ بِمَا مَعَهُمَا مِنْ كَسْبٍ أَوْ إرْثٍ]

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ هُدِمَ حَائِطٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَفِيمَا لَوْ أَبَى الْمَالِكُ قَبُولَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَبْحَاثِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي لُحُوقِ الْإِجَازَةِ لِلْإِتْلَافِ وَالْأَفْعَالِ فِي اللُّقَطَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِمَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةً تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ مَنَافِعِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ السَّاعِي]

- ‌كِتَابُالشُّفْعَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ غَصَبَ السُّلْطَانُ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ مِنْ شِرْبٍ أَوْ دَارٍ وَقَالَ لَا أَغْصِبُ إلَّا نَصِيبَهُ]

- ‌بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌[بَابُ مَا تَثْبُتُ الشُّفْعَة فِيهِ أَوْ لَا تَثْبُتُ]

- ‌[بَابُ مَا يُبْطِل الشُّفْعَة]

- ‌[فُرُوعٌ]بَاعَ مَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ شَفِيعُهَا

- ‌كِتَابُالْقِسْمَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ السُّكْنَى فِي بَعْضِ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ]

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌[مُطْلَبٌ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْحُورِ وَالصَّفْصَافِ]

- ‌[مُطْلَبٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُنَاصَبَةِ بَيَانُ الْمُدَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ قَامَ الْعَامِلُ عَلَى الْكَرْمِ أَيَّامًا ثُمَّ تَرَكَ فَلَمَّا أَدْرَكَ الثَّمَرَ جَاءَ يَطْلُبُ الْحِصَّةَ]

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةَ

- ‌فُرُوعٌ]

- ‌[فُرُوعٌ]لَوْنُ أُضْحِيَّتِهِ عليه الصلاة والسلام سَوْدَاءُ

- ‌كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ]

- ‌فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ

- ‌بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ

- ‌فَرْعٌ]يُكْرَهُ إعْطَاءُ سَائِلٍ الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ الشِّرْبُ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ

- ‌بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتُهُ أَيْ الرَّهْنُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْأَبُ مِنْ مَالِ طِفْلِهِ شَيْئًا بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ لِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ عِنْدَ غَرِيمٍ مِنْ غُرَمَائِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

- ‌[فَرْعٌ] رَهْنُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ

- ‌بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

- ‌[فُرُوعٌ] أَلْقَى حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا فِي الطَّرِيقِ فَلَدَغَتْ رَجُلًا

- ‌فَصْلٌ فِي الْفِعْلَيْنِ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ

- ‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

- ‌[فُرُوعٌ لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكَرْمِ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ]

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَصْبِ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌[تَتِمَّةٌ صَبِيٌّ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ فِي مَاءٍ فَمَاتَ]

- ‌كِتَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌[فُرُوعٌ وُجِدَ الْقَتِيل فِي دَارِ صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوه]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَرْعٌ]أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فُلَانٌ أَوْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ

- ‌ بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَصَايَا الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ

- ‌[فُرُوعٌ]أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلصَّلَوَاتِ

- ‌بَابُ الْوَصِيِّ

- ‌فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ

- ‌[فُرُوعٌ]يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ

- ‌كِتَابُ الْخُنْثَى

- ‌مَسَائِلُ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَصَبَاتِ

- ‌بَابُ الْعَوْلِ

- ‌ مَسَائِلُ الرَّدِّ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ

- ‌بَابُ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى وَغَيْرِهِمْ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُنَاسَخَةِ

- ‌بَابُ الْمَخَارِجِ

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: لَهُ خَمْسَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ سَهْمٌ

لَهُ خَمْسَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ سَهْمٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ (لِأَنَّهُ لِأَقَلَّ) وَهُوَ مُتَيَقَّنٌ بِهِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَجِبُ بِالشَّكِّ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْأَقَلُّ تَقْدِيرَهُ ذَكَرًا قُدِّرَ ابْنًا كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَشَقِيقَةٍ هِيَ خُنْثَى مُشْكِلٌ، فَلَهُ السُّدُسُ عَلَى أَنَّهُ عَصَبَةٌ، لِأَنَّهُ الْأَقَلُّ وَلَوْ قُدِّرَ أُنْثَى كَانَ لَهُ النِّصْفُ وَعَالَتْ إلَى ثَمَانِيَةٍ، وَلَوْ كَانَ مَحْرُومًا عَلَى أَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَوَلَدَيْهَا وَشَقِيقٍ خُنْثَى فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ، وَلَوْ قُدِّرَ أُنْثَى كَانَ لَهُ النِّصْفُ وَعَالَتْ إلَى تِسْعَةٍ، وَلَوْ مَاتَ عَنْ عَمِّهِ وَوَلَدِ أَخِيهِ خُنْثَى قُدِّرَ أُنْثَى وَكَانَ الْمَالُ لِلْعَمِّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

‌مَسَائِلُ شَتَّى

جَمْعُ شَتِيتٍ بِمَعْنَى مُتَفَرِّقَةٍ وَهُوَ مِنْ دَأْبِ الْمُصَنَّفِينَ لِتَدَارُكِ مَا لَا يُذْكَرُ فِيمَا كَانَ يَحِقُّ ذِكْرُهُ فِيهِ. قُلْت: وَقَدْ أَلْحَقْت غَالِبَهَا بِمَحَالِّهَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

(عَرَقُ مُدْمِنِ الْخَمْرِ خَارِجٌ نَجَسٌ) هَذِهِ مُقَدَّمَةٌ صُغْرَى فِي تَسْلِيمِهَا كَلَامٌ قَدْ وَعَدْتُك بِهِ فِي أَوَائِلِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ (وَكُلُّ خَارِجٍ نَجَسٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ) هَذِهِ مُقَدِّمَةٌ كُبْرَى هِيَ مُسَلَّمَةٌ عِنْدَنَا (فَيَنْتِجُ) أَنَّ (عَرَقَ مُدْمِنِ الْخَمْرِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ) لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِ الصُّغْرَى.

وَحَاصِلُهُ مَا فِي الذَّخَائِرِ الْإِشْرَافِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ مَعْزِيًّا لِلْمُجْتَبَى: عَرَقُ الدَّجَاجَةِ الْجَلَّالَةِ نَجَسٌ. قَالَ: وَعَلَيْهِ فَعَرَقُ مُدْمِنِ الْخَمْرِ نَجَسٌ بَلْ أَوْلَى. ثُمَّ قَالَ: وَمَا أَسْمَجَ مَنْ كَانَ عَرَقُهُ كَعَرَقِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ. قَالَ ابْنُ الْعِزِّ: فَحِينَئِذٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَهُوَ فَرْعٌ غَرِيبٌ وَتَخْرِيجٌ ظَاهِرٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلِظُهُورِهِ عَوَّلْنَا عَلَيْهِ. قُلْت: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: كَيْفَ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَعَ غَرَابَتِهِ لَا يَشْهَدُ لَهُ رِوَايَةٌ وَلَا دِرَايَةٌ، أَمَّا الْأُولَى فَظَاهِرٌ إذْ لَمْ يَرْوِ عَنْ أَحَدِ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِعَدَمِ تَسْلِيمِ الْمُقَدِّمَةِ الْأُولَى وَيَشْهَدُ لِبُطْلَانِهَا مَسْأَلَةُ الْجَدْيِ إذَا غُذِّيَ بِلَبَنِ الْخِنْزِيرِ فَقَدْ عَلَّلُوا حِلَّ أَكْلِهِ

ــ

[رد المحتار]

الْخُنْثَى مِنْ السَّبْعَةِ ثَلَاثَةٌ فَاضْرِبْهَا فِي اثْنَيْ عَشَرَ تَكُونُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَحِصَّتُهُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ خَمْسَةٌ فَاضْرِبْهَا فِي السَّبْعَةِ تَكُونُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ فَظَهَرَ أَنَّ التَّفَاوُتَ بِسَهْمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَوَلَدَيْهَا) أَيْ أَخَوَيْنِ لِأُمٍّ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ عَنْ عَمِّهِ إلَخْ) أَيْ لَوْ مَاتَ رَجُلٌ عَنْ عَمِّهِ وَعَنْ ابْنِ أَخِيهِ حَالَ كَوْنِ ابْنِ الْأَخِ خُنْثَى فَالضَّمِيرُ فِي عَمِّهِ لِلرَّجُلِ الْمَيِّتِ، وَهَذَا مِثَالٌ لِحِرْمَانِهِ عَلَى تَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ وَمَا قَبْلَهُ عَلَى تَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ (قَوْلُهُ وَكَانَ الْمَالُ لِلْعَمِّ) لِأَنَّ بِنْتَ الْأَخِ لَا تَرِثُ، وَلَوْ قُدِّرَ ذَكَرًا كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ لَهُ دُونَ الْعَمِّ لِأَنَّ ابْنَ الْأَخِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَمِّ ط وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[مَسَائِلُ شَتَّى]

(قَوْلُهُ جَمْعُ شَتِيتٍ إلَخْ) فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ حَمْلٌ عَلَى فَعِيلٍ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَمَرِيضٍ وَمَرْضَى وَلِذَا جُمِعَ عَلَى فُعْلَى قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ مَا لَا يُذْكَرُ) الْأَوْلَى مَا لَمْ كَمَا عَبَّرَ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَيَنْتِجُ) أَيْ مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ بَعْدَ تَسْلِيمِ الصُّغْرَى (قَوْلُهُ بَلْ أَوْلَى) لِأَنَّ تَأْثِيرَ الْمَائِعِ فِي التَّصَرُّفِ فَوْقَ تَأْثِيرِ غَيْرِهِ مِنَحٌ فَإِذَا كَانَ عَرَقُ الْجَلَّالَةِ الَّتِي غُذِّيَتْ بِالنَّجَاسَةِ الْجَامِدَةِ نَجِسًا فَعَرَقُ مُدْمِنِ الْخَمْرِ الْمَائِعِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَمَا أَسْمَجَ) مِنْ السَّمَاجَةِ وَهِيَ الْقُبْحُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْعِزِّ) بِمُهْمَلَةٍ فَمُعْجَمَةٍ وَهُوَ مِنْ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ فَحِينَئِذٍ) أَيْ فَحِينَ إذْ كَانَ عَرَقُهُ نَجِسًا يُنْقَضُ لِقَاعِدَةِ كُلُّ خَارِجٍ نَجِسٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ ط (قَوْلُهُ وَهُوَ مَعَ غَرَابَتِهِ) أَيْ تَفَرُّدِ ابْنِ الْعِزِّ بِاسْتِنْبَاطِهِ (قَوْلُهُ لَا يَشْهَدُ لَهُ رِوَايَةٌ) أَيْ دَلِيلٌ مَنْقُولٌ وَلَا دِرَايَةٌ أَيْ دَلِيلٌ مَعْقُولٌ (قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ لِبُطْلَانِهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ اسْتِدْلَالٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْجَدْيِ

ص: 731

بِصَيْرُورَتِهِ مُسْتَهْلَكًا لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ فَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي عَرَقِ مُدْمِنِ الْخَمْرِ، وَيَكْفِينَا فِي ضَعْفِهِ غَرَابَتُهُ وَخُرُوجُهُ عَنْ الْجَادَّةِ فَيَجِبُ طَرْحُهُ عَنْ السَّرْجِ مِنْ مَتْنٍ وَشَرْحٍ.

(خُبْزٌ وُجِدَ فِي خِلَالِهِ خُرْءُ فَأْرَةٍ، فَإِنْ كَانَ) الْخُرْءُ (صُلْبًا رُمِيَ بِهِ وَأُكِلَ الْخُبْزُ، وَلَا يُفْسِدُ) خُرْءُ الْفَأْرَةِ (الدُّهْنَ وَالْمَاءَ وَالْحِنْطَةَ) لِلضَّرُورَةِ (إلَّا إذَا ظَهَرَ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ) فِي الدُّهْنِ وَنَحْوِهِ لِفُحْشِهِ وَإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ حِينَئِذٍ خَانِيَّةٌ.

(فِي السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ لَا يُصَلِّي وَلَا يَسْتَفْتِحُ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوِتْرِ

(الدَّعْوَةُ الْمُسْتَجَابَةُ فِي الْجُمُعَةِ عِنْدَنَا وَقْتُ الْعَصْرِ) عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا أَشْبَاهٌ، وَقَدَّمْنَاهُ فِي الْجُمُعَةِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة.

ــ

[رد المحتار]

بِجَامِعِ الِاسْتِهْلَاكِ وَلِذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَكَذَلِكَ نَقُولُ إلَخْ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقِيَاسَ دَلِيلٌ مَعْقُولٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِصَيْرُورَتِهِ مُسْتَهْلَكًا) يَعْنِي بِخِلَافِ الْجَلَّالَةِ فَإِنَّ مَا تَتَنَاوَلُهُ لِكَوْنِهِ جَامِدًا لَا يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا بَلْ يُحِيلُ لَحْمَهَا إلَى نَتْنٍ وَفَسَادٍ تَأَمَّلْ اهـ ح (قَوْلُهُ وَيَكْفِينَا فِي ضَعْفِهِ غَرَابَتُهُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ، وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ عَنْ الْمُحَقِّقِ ابْنِ وَهْبَانَ أَنَّهُ لَا تَعْوِيلَ وَلَا الْتِفَاتَ إلَى كُلِّ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ مَا لَمْ يُعَضِّدْهُ نَقْلٌ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ عَرَقَ مُدْمِنِ الْخَمْرِ نَاقِضٌ لِلضَّوْءِ سِوَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ الْعِزِّ.

وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مُدْمِنَ الْخَمْرِ يَخْلِطُ وَالْجَلَّالَةُ لَا تَخْلِطُ: حَتَّى لَوْ كَانَتْ تَخْلِطُ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ عَرَقِهَا كَمَا قَالُوا فِي تَفْسِيرِهَا، وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ يَقَعُ الشَّكُّ فِي تَوَلُّدِ الْعَرَقِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا نَقْضَ بِالشَّكِّ. عَلَى أَنَّا مَا أَثْبَتْنَا النَّقْضَ بِالْخَارِجِ الْمُحَقَّقِ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ إلَّا بَعْدَ عِلَاجٍ قَوِيٍّ وَمُنَازَعَةٍ كُلِّيَّةٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيَّةِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ النَّقْضُ بِشَيْءٍ مَوْهُومٍ. وَأَيْضًا نَفْسُ عَرَقِ الْجَلَّالَةِ فِي نَجَاسَتِهِ مُنَازَعَةٌ، إذْ صَرَّحُوا قَاطِبَةً بِكَرَاهَةِ لَحْمِهَا إذَا تَغَيَّرَ وَأَنْتَنَ، وَإِنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَ الْكَرَاهَةَ لِرَيْبٍ فِي الْحُرْمَةِ وَالْحُرْمَةُ فَرْعُ النَّجَاسَةِ وَالنَّقْضُ بِهَا إنَّمَا يَكُونُ بِمَا لَا رَيْبَ فِيهِ، وَيَلْزَمُ مِمَّا بَحَثَهُ ابْنُ الْعِزِّ نَقْضُ الْوُضُوءِ بِعَرَقِ مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَجَاسَةً مَا فِي زَمَنِ مُدَاوَمَتِهِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ اهـ مُلَخَّصًا. أَقُولُ: وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَيْضًا النَّقْضُ بِدُمُوعِهِ وَرِيقِهِ لِأَنَّهُمَا كَالْعَرَقِ، وَأَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَعْذُورِ لِخُرُوجِ رِيقِهِ دَائِمًا وَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ أَيْضًا، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ أَنَّ سُؤْرَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ الْجَلَّالَةِ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا. وَفِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ عَرَقَ الْجَلَّالَةِ طَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَخُرُوجُهُ عَنْ الْجَادَّةِ) هِيَ مُعْظَمُ الطَّرِيقِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَالْمُرَادُ طَرِيقُ الْفِقْهِ (قَوْلُهُ عَنْ السَّرْحِ) بِمُهْمَلَاتٍ قَالَ فِي جَامِعِ اللُّغَةِ: السَّرْحُ الْمَالُ، وَشَجَرٌ عِظَامٌ طِوَالٌ، وَالْمُرَادُ بِهَا مَسَائِلُ الْفِقْهِ اهـ ح فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ مُصَرِّحَةٌ

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْخُرْءُ صُلْبًا) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ يَابِسًا زَادَ فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ: وَإِنْ كَانَ مُتَفَتِّتًا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ يُؤْكَلُ أَيْضًا اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يَفْسُدُ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْمُحِيطِ وَخُرْءُ الْفَأْرَةِ وَبَوْلُهَا نَجِسٌ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ إلَى نَتْنٍ وَفَسَادٍ، وَالِاحْتِرَازُ عَنْهُ مُمْكِنٌ فِي الْمَاءِ لَا فِي الطَّعَامِ وَالثِّيَابِ فَصَارَ مَعْفُوًّا فِيهِمَا. وَفِي الْخَانِيَّةِ: بَوْلُ الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ وَخُرْؤُهُمَا نَجِسٌ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَاتِ يُفْسِدُ الْمَاءَ وَالثَّوْبَ، وَبَوْلُ الْخَفَافِيشِ وَخُرْؤُهُ لَا يُفْسِدُ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ اهـ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ خُرْءُ الْفَأْرَةِ لَا يُفْسِدُ الدُّهْنَ وَالْحِنْطَةَ الْمَطْحُونَةَ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهَا. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ نَأْخُذُ

(قَوْلُهُ فِي السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ رُبَاعِيَّةُ الظُّهْرِ، وَرُبَاعِيَّةُ الْجُمُعَةِ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةُ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْفَرَائِضَ. وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الرُّبَاعِيَّاتِ الْمُسْتَحَبَّاتِ وَالنَّوَافِلِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى ثُمَّ يَقْرَأُ دُعَاءَ الِاسْتِفْتَاحِ أَفَادَهُ ط

(قَوْلُهُ فِي الْجُمُعَةِ) أَيْ فِي يَوْمِهَا فَإِنَّهَا وَرَدَ فِيهَا سَاعَةُ إجَابَةِ أَيْ لِلدُّعَاءِ بِعَيْنِهِ ط (قَوْلُهُ وَقْتَ الْعَصْرِ) وَقِيلَ مِنْ حِينِ يَخْطُبُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ

ص: 732

(الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى) قَوْلِهِ (عَلَيْكُمْ) وَحِينَئِذٍ (فَلَوْ دَخَلَ رَجُلٌ فِي صَلَاتِهِ بَعْدَهُ لَا يَصِيرُ دَاخِلًا فِيهَا) قَدَّمْنَاهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ.

(لُفَّ ثَوْبٌ نَجَسٌ رَطْبٌ فِي ثَوْبٍ طَاهِرٍ يَابِسٍ فَظَهَرَتْ رُطُوبَتُهُ عَلَى ثَوْبٍ طَاهِرٍ) كَذَا النُّسَخُ. وَعِبَارَةُ الْكَنْزِ: عَلَى الثَّوْبِ الطَّاهِرِ (لَكِنْ لَا يَسِيلُ لَوْ عُصِرَ لَا يَتَنَجَّسُ) قَدَّمْنَاهُ قَبِيلٍ كِتَابِ الصَّلَاةِ (كَمَا لَوْ نُشِرَ الثَّوْبُ الْمَبْلُولُ عَلَى حَبْلٍ نَجَسٍ يَابِسٍ) أَوْ غَسَلَ رِجْلَهُ وَمَشَى عَلَى أَرْضٍ نَجِسَةٍ أَوْ قَامَ عَلَى فِرَاشٍ نَجَسٍ فَعَرِقَ وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ لَا يَتَنَجَّسُ خَانِيَّةٌ.

(نَوَى الزَّكَاةَ إلَّا أَنَّهُ سَمَّاهُ قَرْضًا جَازَ) فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْقَلْبِ لَا لِلِّسَانِ.

(مَنْ لَهُ حَظٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ) كَالْعُلَمَاءِ

ــ

[رد المحتار]

كَمَا ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ اهـ قَالَ ط: وَيَكْفِي الدُّعَاءُ بِقَلْبِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَقِيلَ آخِرُ سَاعَةٍ فِيهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الزَّهْرَاءِ رضي الله عنها اهـ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا دَائِرَةٌ فِي جَمِيعِ وَقْتِ الْعَصْرِ، وَهُوَ مِنْ حِينِ بُلُوغِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَيْهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْقَوْلَيْنِ إلَى الْغُرُوبِ حَمَوِيٌّ

(قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيْكُمْ) أَيْ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ قَوْلِهِ عَلَيْكُمْ مِنَحٌ؛ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ قَبْلَهُ لِيَرْجِعَ الضَّمِيرُ إلَى مَذْكُورٍ صَرِيحًا وَهُوَ عَلَيْكُمْ

(قَوْلُهُ لُفَّ ثَوْبٌ نَجِسٌ رَطْبٌ) أَيْ مُبْتَلٌّ بِمَاءٍ وَلَمْ يَظْهَرْ فِي الثَّوْبِ الطَّاهِرِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ، بِخِلَافِ الْمَبْلُولِ بِنَحْوِ الْبَوْلِ لِأَنَّ النَّدَاوَةَ حِينَئِذٍ عَيْنُ النَّجَاسَةِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا ظَهَرَ فِي الثَّوْبِ الطَّاهِرِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ مِنْ لَوْنٍ أَوْ طَعْمٍ أَوْ رِيحٍ فَإِنَّهُ يَتَنَجَّسُ كَمَا حَقَّقَهُ شَارِحُ الْمُنْيَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ أَوَّلَ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ لَا يَتَنَجَّسُ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَقَاطَرْ مِنْهُ بِالْعَصْرِ لَا يَنْفَصِلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنَّمَا يَبْتَلُّ مَا يُجَاوِرُهُ بِالنَّدَاوَةِ وَبِذَلِكَ لَا يَتَنَجَّسُ بِهِ وَذَكَرَ الْمَرْغِينَانِيُّ إنْ كَانَ الْيَابِسُ هُوَ الطَّاهِرَ يَتَنَجَّسُ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بَلَلًا مِنْ النَّجِسِ الرَّطْبِ، وَإِنْ كَانَ الْيَابِسُ هُوَ النَّجِسَ وَالطَّاهِرُ وَالرَّطْبُ لَا يَتَنَجَّسُ لِأَنَّ الْيَابِسَ النَّجِسَ يَأْخُذُ بَلَلًا مِنْ الطَّاهِرِ وَلَا يَأْخُذُ الرَّطْبُ مِنْ الْيَابِسِ شَيْئًا زَيْلَعِيٌّ. وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي يَسِيلُ وَعُصِرَ لِلنَّجِسِ، وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لِلطَّاهِرِ، وَهُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَمُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ كالقهستاني وَابْنِ الْكَمَالِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْبَحْرِ، وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ وَوَجْهُهُ أَظْهَرُ، وَالثَّانِي أَوْسَعُ وَأَسْهَلُ فَتَبَصَّرْ. ثُمَّ إنَّ الْمَسْأَلَةَ مَذْكُورَةٌ فِي عَامَّةِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ فِي بَعْضِهَا بِلَا ذِكْرِ خِلَافٍ وَفِي بَعْضِهَا بِلَفْظِ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ نُشِرَ إلَخْ) هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ، وَقَدْ جَعَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ مُفَرَّعًا عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ عَقِبَ عِبَارَتِهِ السَّابِقَةِ وَعَلَى هَذَا إذَا نُشِرَ الْمَبْلُولُ عَلَى حَبْلٍ نَجِسٍ هُوَ يَابِسٌ لَا يَتَنَجَّسُ الثَّوْبُ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى. وَقَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ: إذَا نَامَ الرَّجُلُ عَلَى فِرَاشٍ فَأَصَابَهُ مَنِيٌّ وَيَبِسَ وَعَرِقَ الرَّجُلُ وَابْتَلَّ الْفِرَاشُ مِنْ عَرَقِهِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ الْبَلَلِ فِي بَدَنِهِ لَا يَتَنَجَّسُ جَسَدُهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَرَقُ كَثِيرًا حَتَّى ابْتَلَّ الْفِرَاشُ ثُمَّ أَصَابَ بَلَلُ الْفِرَاشِ جَسَدَهُ وَظَهَرَ أَثَرُهُ فِي جَسَدِهِ يَتَنَجَّسُ بَدَنُهُ، وَكَذَا إذَا غَسَلَ رِجْلَهُ فَمَشَى عَلَى أَرْضٍ نَجِسَةٍ بِغَيْرِ مُكَعَّبٍ فَابْتَلَّ الْأَرْضُ مِنْ بَلَلِ رِجْلِهِ وَاسْوَدَّ وَجْهُ الْأَرْضِ لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ بَلَلِ الْأَرْضِ فِي رِجْلِهِ فَصَلَّى جَازَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ بَلَلُ الْمَاءِ فِي رِجْلِهِ كَثِيرًا حَتَّى ابْتَلَّ وَجْهُ الْأَرْضِ وَصَارَ طِينًا ثُمَّ أَصَابَ الطِّينُ رِجْلَهُ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ. وَلَوْ مَشَى عَلَى أَرْضٍ نَجِسَةٍ رَطْبَةٍ وَرِجْلُهُ يَابِسَةٌ تَتَنَجَّسُ اهـ (قَوْلُهُ عَلَى أَرْضٍ نَجِسَةٍ) بِأَنْ كَانَتْ مُطَيَّنَةً بِنَحْوِ الزِّبْلِ، أَمَّا لَوْ أَصَابَتْهَا نَجَاسَةٌ وَجَفَّتْ لَمْ تَبْقَ وَلَمْ تَعُدْ النَّجَاسَةُ بِإِصَابَةِ الْمَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ

(قَوْلُهُ كَالْعُلَمَاءِ) أَيْ وَالْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَالْمُقَاتِلَةِ وَذَرَارِيِّهِمْ

ص: 733

(ظَفِرَ بِمَا هُوَ وَجْهٌ لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَهُ أَخْذُهُ دِيَانَةً) قَدَّمْنَاهُ قَبِيلَ بَابِ الْمَصْرِفِ.

(أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فِي يَوْمٍ وَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى أَفْطَرَ فِي يَوْمٍ آخَرَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) وَلَوْ فِي رَمَضَانَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَدَّمْنَاهُ فِي الصَّوْمِ.

(وَلَوْ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ صَحَّ) وَلَوْ عَنْ رَمَضَانَيْنِ كَقَضَاءِ الصَّلَاةِ صَحَّ أَيْضًا (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) فِي الصَّلَاةِ (أَوَّلَ صَلَاةٍ عَلَيْهِ أَوْ آخَرَ صَلَاةٍ عَلَيْهِ) كَذَا فِي الْكَنْزِ. قَالَ: الْمُصَنِّفُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي رَمَضَانَيْنِ إلَخْ. قُلْت: وَهَكَذَا قَدَّمْته فِي بَابِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ وَغَيْرِهَا. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبَحْرِ قَبِيلٍ بَابِ اللِّعَانِ مَا نَصُّهُ: وَنِيَّةُ التَّعْيِينِ لَمْ تُشْتَرَطْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْوَاجِبَ مُخْتَلِفٌ مُتَعَدِّدٌ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُهُ مُرَاعَاتُهُ إلَّا بِنِيَّةِ التَّعْيِينِ، حَتَّى لَوْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ

ــ

[رد المحتار]

وَالْقَدْرُ الَّذِي يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُ كِفَايَتِهِمْ ابْنُ الشِّحْنَةِ (قَوْلُهُ ظَفِرَ بِمَا هُوَ وَجْهٌ لِبَيْتِ الْمَالِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي أَغْلَبِهَا بِدُونِ هُوَ، وَعَلَيْهِ فَوُجِّهَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ: إذَا كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَمَاتَ الْمُودِعُ بِلَا وَارِثٍ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْوَدِيعَةَ إلَى نَفْسِهِ فِي زَمَنِنَا هَذَا لِأَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهَا لِبَيْتِ الْمَالِ لَضَاعَ لِأَنَّهُمْ لَا يَصْرِفُونَ مَصَارِفَهُ، فَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِهِ صَرَفَهُ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا صَرَفَهُ إلَى الْمَصْرِفِ اهـ مِنَحٌ

(قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ فَتَتَدَاخَلُ كَالْحَدِّ مُجْتَبًى. ثُمَّ قَالَ: وَاخْتُلِفَ فِي التَّدَاخُلِ فَقِيلَ لَا تَجِبُ الثَّانِيَةُ لِتَدَاخُلِ السَّبَبِ، وَقِيلَ تَجِبُ ثُمَّ تَسْقُطُ، فَأَمَّا إذَا كَفَّرَ الْأَوَّلَ فَلَا اجْتِمَاعَ فَلَا تَدَاخُلَ

(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي رَمَضَانَيْنِ إلَخْ) لَوْ وَصْلِيَّةٌ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِرَمَضَانَ وَاحِدٍ خِلَافُ الصَّحِيحِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ. قَالَ فِي الْمُجْتَبَى: وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا قَالُوا الِاعْتِمَادُ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِاعْتِبَارِ مَعْنَى التَّدَاخُلِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ) أَيْ أَنَّهُ عَنْ يَوْمِ كَذَا (قَوْلُهُ وَلَوْ عَنْ رَمَضَانَيْنِ إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَكَذَا لَوْ صَامَ وَنَوَى عَنْ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ عَنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ نَوَى عَنْ رَمَضَانَيْنِ أَيْضًا يَجُوزُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَانِ مِنْ رَمَضَانَيْنِ فَقَضَى يَوْمًا وَنَوَاهُ عَنْهُمَا يَجُوزُ صَوْمُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا وَيَبْقَى عَلَيْهِ الْآخَرُ لَكِنْ ذَكَرَهُ مِسْكِينٌ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ نَوَاهُ عَنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِلَا تَعْيِينِ شَهْرِهِ حَيْثُ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ عَنْ رَمَضَانَيْنِ قَضَاءُ أَحَدِ رَمَضَانَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الصَّائِمُ أَوَّلَ أَوْ آخِرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُرِدْ جَمْعَهُمَا فِي النِّيَّةِ، لِأَنَّ نَاوِيَ الْقُرْبَتَيْنِ فِي الصَّوْمِ مُتَنَفِّلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ كَقَضَاءِ الصَّلَاةِ إلَخْ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ فَاتَهُ الظُّهْرُ مِنْ يَوْمَيْنِ مَثَلًا فَقَضَى ظُهْرًا وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدَ الْيَوْمَيْنِ صَحَّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ نَوَى ظُهْرًا وَاحِدًا مِنْ الْيَوْمَيْنِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ.

وَفِي قَوْلِ مِسْكِينٍ لِأَنَّ نَاوِيَ الْقُرْبَتَيْنِ إلَخْ مُنَافَاةٌ لِصَدْرِ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ. وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ قُبَيْلَ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى فَائِتَتَيْنِ فَلِلْأُولَى لَوْ مِنْ أَهْلِ التَّرْتِيبِ وَإِلَّا لَغَا اهـ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ فِي الصَّوْمِ يَلْغُو إذْ لَا تَرْتِيبَ فِيهِ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالصَّلَاةِ وَبِهِ تَأَيَّدَ كَلَامُ مِسْكِينٍ وَتَأَمَّلْ ذَلِكَ مَعَ الْأَصْلِ الْآتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ صَحَّ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إلَخْ) قَدَّمَ الشَّارِحُ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُنْيَةِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ اهـ وَنَقَلَ ط تَصْحِيحَهُ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ أَيْضًا وَأَنَّ التَّعْيِينَ أَحْوَطُ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ إلَخْ) صَحَّحَهُ أَيْضًا فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى، فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَالتَّعْيِينُ أَنْ يُعَيِّنَ أَنَّهُ صَائِمٌ عَنْ رَمَضَانَ سَنَةِ كَذَا، وَفِي الصَّلَاةِ أَنْ يُعَيِّنَ الصَّلَاةَ وَيَوْمَهَا بِأَنْ يُعَيِّنَ ظُهْرَ يَوْمِ كَذَا، وَلَوْ نَوَى أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ أَوْ آخِرَهُ جَازَ وَهَذَا مُخَلَّصُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ الْأَوْقَاتَ الَّتِي فَاتَتْهُ أَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ أَوْ أَرَادَ التَّسْهِيلَ عَلَى نَفْسِهِ.

ص: 734

يَكْفِيهِ نِيَّةُ الظُّهْرِ لَا غَيْرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ فِي الصَّلَوَاتِ يَنْبَغِي حِفْظُهُ انْتَهَى بِلَفْظِهِ، ثُمَّ رَأَيْته نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْأَشْبَاهِ فِي بَحْثِ تَعْيِينِ الْمَنْوِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا مُشْكِلٌ، وَمَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا كَقَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ اهـ بِحُرُوفِهِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ

(رَأْسُ شَاةٍ مُتَلَطِّخٌ بِدَمٍ أُحْرِقَ) رَأْسُهُ وَزَالَ عَنْهُ الدَّمُ فَاتَّخَذَ مِنْهُ مَرَقَةً (جَازَ اسْتِعْمَالُهَا) وَالْحَرْقُ (كَالْغَسْلِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ مِنْ الْمُطَهِّرَاتِ)

(سُلْطَانٌ جَعَلَ الْخَرَاجَ لِرَبِّ الْأَرْضِ جَازَ، وَإِنْ جَعَلَ لَهُ الْعُشْرَ لَا) لِأَنَّهُ زَكَاةٌ. قُلْت: وَقَدْ قَدَّمَهُ فِي الْجِهَادِ، وَقَدَّمْته فِي الذَّكَاةِ أَيْضًا.

(عَجَزَ أَصْحَابُ الْخَرَاجِ عَنْ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَأَدَاءِ الْخَرَاجِ وَدَفَعَ الْإِمَامُ الْأَرْضَ إلَى غَيْرِهِمْ) بِالْأُجْرَةِ (لِيُعْطُوا الْخَرَاجَ) مِنْ أُجْرَتِهَا الْمُسْتَحَقَّةِ (جَازَ) فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَتِهَا دَفَعَهُ لِمَالِكِهَا

ــ

[رد المحتار]

وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْفُرُوضَ مُتَزَاحِمَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ وَالشَّرْطُ تَعْيِينُ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِتَمْيِيزِ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ.

أَمَّا التَّعْيِينُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ: أَيْ فِي أَفْرَادِهِ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ فَهُوَ لَغْوٌ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَصَامَهُ بِنِيَّةِ يَوْمٍ آخَرَ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ صَوْمِ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَصَامَ نَاوِيًا عَنْ قَضَاءِ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى عَنْ رَمَضَانَيْنِ أَوْ عَنْ رَمَضَانَ آخَرَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ نَوَى ظُهْرَيْنِ أَوْ ظُهْرًا عَنْ عَصْرٍ، أَوْ نَوَى ظُهْرَ السَّبْتِ وَعَلَيْهِ ظُهْرُ الْخَمِيسِ، وَيُعْرَفُ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ كَالصَّلَوَاتِ حَتَّى الظُّهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ، فَإِنَّ الدُّلُوكَ فِي يَوْمٍ غَيْرُهُ فِي آخَرَ، بِخِلَافِ صَوْمِ رَمَضَانَ لِتَعَلُّقِهِ بِشُهُودِ الشَّهْرِ وَهُوَ وَاحِدٌ، لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا فَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَعْيِينِ يَوْمِ كَذَا، بِخِلَافِ رَمَضَانَيْنِ زَيْلَعِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْته) أَيْ هَذَا التَّفْصِيلُ نَقَلَهُ عَنْهُ: أَيْ عَنْ الْمُحِيطِ فِي الْأَشْبَاهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَهَذَا مُشْكِلٌ) لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ جِنْسٌ لِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا فَيُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ لِتَمْيِيزِ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحِيطِ لَجَازَ مَعَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ أَيْضًا لِإِمْكَانِ صَرْفِهِ إلَى الْأَوَّلِ إذْ لَا يَجِبُ التَّعْيِينُ عِنْدَ التَّرْتِيبِ وَلَا يُفِيدُ اهـ كَذَا أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ خِلَافُهُ) أَيْ مِنْ التَّعْيِينِ وَلَوْ بِأَوَّلِ ظُهْرٍ أَوْ آخِرِهِ مَثَلًا ط (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الثَّانِيَ مُصَحَّحٌ وَإِنْ كَانَ الْأَحْوَطُ التَّعْيِينَ ط

(قَوْلُهُ وَالْحَرْقُ كَالْغَسْلِ) لِأَنَّ النَّارَ تَأْكُلُ مَا فِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهِ شَيْءٌ، أَوْ تُحِيلُهُ فَيَصِيرَ الدَّمُ رَمَادًا فَيَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ، وَلِهَذَا لَوْ أُحْرِقَتْ الْعَذِرَةُ وَصَارَتْ رَمَادًا طَهُرَتْ لِلِاسْتِحَالَةِ، كَالْخَمْرِ إذَا تَخَلَّلَتْ، وَكَالْخِنْزِيرِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَمْلَحَةِ وَصَارَ مِلْحًا. وَعَلَى هَذَا قَالُوا: إذَا تَنَجَّسَ التَّنُّورُ يَطْهُرُ بِالنَّارِ حَتَّى لَا يَتَنَجَّسَ الْخُبْزُ، وَكَذَلِكَ إذَا تَنَجَّسَ مِمْسَحَةُ الْخَبَّازِ تَطْهُرُ بِالنَّارِ زَيْلَعِيٌّ. قَالَ السَّائِحَانِيُّ: وَبِهَذَا لَا يَظْهَرُ مَا عُزِيَ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ السِّكِّينَ الْمُمَوَّهَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ يُمَوَّهُ بِالطَّاهِرِ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ النَّارَ وَمَكَثَ أَدْنَى مُدَّةٍ لَمْ يَبْقَ أَثَرُ النَّجَاسَةِ فِيهِ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا اهـ

(قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمَهُ فِي الْجِهَادِ) حَيْثُ قَالَ: تَرَكَ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبُهُ الْخَرَاجَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَلَوْ بِشَفَاعَةٍ جَازَ عِنْدَ الثَّانِي وَحَلَّ لَهُ لَوْ مَصْرِفًا وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ وَبِهِ يُفْتَى. وَمَا فِي الْحَاوِي مِنْ تَرْجِيحِ حِلِّهِ لِغَيْرِ الْمَصْرِفِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَلَوْ تَرَكَ الْعُشْرَ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا وَيُخْرِجُهُ بِنَفْسِهِ لِلْفُقَرَاءِ خِلَافًا لِمَا فِي قَاعِدَةِ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ مَعْزِيًّا لِلْبَزَّازِيَّةِ فَتَنَبَّهْ اهـ أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ السُّلْطَانُ الْعُشْرَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ جَازَ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا، لَكِنْ لَوْ غَنِيًّا ضَمِنَهُ السُّلْطَانُ لِلْفُقَرَاءِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْخَرَاجِ لِبَيْتِ مَالِ الصَّدَقَةِ، وَلَوْ فَقِيرًا لَا يَضْمَنُ

(قَوْلُهُ عَنْ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ) أَيْ الْمَمْلُوكَةِ لَهُمْ (قَوْلُهُ لِمُسْتَحِقِّهِ)

ص: 735

رِعَايَةً لِلْحَقَّيْنِ، إنْ لَمْ يَجِدْ الْإِمَامُ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا بَاعَهَا لِقَادِرٍ وَأَخَذَ الْخَرَاجَ الْمَاضِيَ مِنْ الثَّمَنِ لَوْ عَلَيْهِمْ خَرَاجٌ وَرَدَّ الْفَضْلَ لِأَرْبَابِهَا زَيْلَعِيٌّ: قُلْت: وَقَدَّمْنَا فِي الْجِهَادِ تَرْجِيحَ سُقُوطِهِ بِالتَّدَاخُلِ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْمَرْجُوحِ أَوْ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَخْذُ خَرَاجِ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ فَقَطْ.

(غَنَمٌ مَذْبُوحَةٌ وَمَيِّتَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَذْبُوحَةُ أَكْثَرَ تَحَرَّى وَأَكَلَ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ الْمَيِّتَةُ أَكْثَرَ أَوْ اسْتَوَيَا (لَا) يَتَحَرَّى لَوْ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ بِأَنْ يَجِدَ ذَكِيَّةً وَإِلَّا تَحَرَّى وَأَكَلَ مُطْلَقًا

ــ

[رد المحتار]

أَيْ لِمُسْتَحِقِّ الْخَرَاجِ (قَوْلُهُ رِعَايَةً لِلْحَقَّيْنِ) لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إلَى إزَالَةِ مِلْكِهِمْ بِلَا رِضَاهُمْ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا إلَى تَعْطِيلِ حَقِّ الْمُقَاتِلَةِ فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ بَاعَهَا لِقَادِرٍ) أَيْ عَلَى الزِّرَاعَةِ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبِعْهَا يَفُوتُ حَقُّ الْمُقَاتِلَةِ فِي الْخَرَاجِ أَصْلًا، وَلَوْ بَاعَ يَفُوتُ حَقُّ الْمَالِكِ فِي الْعَيْنِ، وَالْفَوَاتُ إلَى خَلَفٍ كَلَا فَوَاتٍ فَيَبِيعُ تَحْقِيقًا لِلنَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ زَيْلَعِيٌّ. هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ قَبْلَ الْبَيْعِ إنْ شَاءَ دَفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً، وَإِنْ شَاءَ زَرَعَهَا بِنَفَقَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَقْبَلُهَا مُزَارَعَةً بَاعَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) أَصْلُهُ لِلْمُصَنِّفِ حَيْثُ اسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ وَأَخَذَ الْخَرَاجَ الْمَاضِيَ بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ اجْتَمَعَ الْخَرَاجُ فَلَمْ يُؤَدِّ سَنَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُؤْخَذُ بِخَرَاجِ هَذِهِ السَّنَةِ وَلَا يُؤْخَذُ بِخَرَاجِ السَّنَةِ الْأُولَى وَيَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْهُ كَمَا قَالَ فِي الْجِزْيَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ هَذَا إذَا عَجَزَ عَنْ الزِّرَاعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ يُؤْخَذْ بِالْخَرَاجِ عِنْدَ الْكُلِّ اهـ (قَوْلُهُ فَيُحْمَلُ إلَى إلَخْ) لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى حَالَةِ عَدَمِ الْعَجْزِ لِأَنَّ فَرْضَ مَسْأَلَتِنَا فِي الْعَجْزِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ الْمَاضِيَةُ فَقَطْ) أَيْ الَّتِي عَجَزُوا فِيهَا، وَهِيَ الَّتِي قَبْلَ السَّنَةِ الَّتِي دَفَعَ فِيهَا الْإِمَامُ الْأَرْضَ إلَى غَيْرِهِمْ دُونَ مَا قَبْلَهَا، وَلَا يَحْصُلُ التَّدَاخُلُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ سَنَةِ الدَّفْعِ حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَسْقُطُ خَرَاجُ هَذِهِ الْمَاضِيَةِ، لِأَنَّ وُجُوبَ الْخَرَاجِ بِآخِرِ الْحَوْلِ لَا بِأَوَّلِهِ، بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ كَمَا صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ تَحَرَّى وَأَكَلَ) لِأَنَّ لِلْغَالِبِ حُكْمَ الْكُلِّ، وَكَذَا الزَّيْتُ لَوْ اخْتَلَطَ مَعَ وَدَكِ الْمَيِّتَةِ أَوْ الْخِنْزِيرِ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا إذَا غَلَبَ الزَّيْتُ، لَكِنْ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ بَلْ يَسْتَصْبِحُ بِهِ أَوْ يَبِيعُهُ مَعَ بَيَانِ عَيْبِهِ أَوْ يَدْبَغُ بِهِ الْجُلُودَ وَيَغْسِلُهَا لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ تَبَعٌ لِلْغَالِبِ وَلَا حُكْمَ لِلتَّبَعِ لَوْ كَانَ مَعَهُ ثِيَابٌ مُخْتَلِطَةٌ، فَفِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ بِأَنْ لَا يَجِدَ طَاهِرًا بِيَقِينٍ وَلَا مَاءَ يَغْسِلُهَا بِهِ تَحَرَّى مُطْلَقًا لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِثَوْبٍ نَجِسٍ بِيَقِينٍ جَائِزَةٌ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ بِالْإِجْمَاعِ فَفِي ثَوْبٍ مَشْكُوكٍ أَوْلَى. وَأَمَّا فِي الِاخْتِيَارِ فَإِنَّ الْغَلَبَةَ لِلطَّاهِرِ تَحَرَّى وَإِلَّا لَا كَالْجَوَابِ فِي الْمَسَالِيخِ، وَكَذَا أَوَانِي الْمَاءِ إلَّا أَنَّهُ فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ لَوْ غَلَبَ النَّجِسُ يَتَحَرَّى لِلشُّرْبِ إجْمَاعًا لِأَنَّ شُرْبَ النَّجِسِ بِيَقِينٍ يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ فَالْمَشْكُوكُ أَوْلَى، وَلَا يَتَحَرَّى لِلْوُضُوءِ عِنْدَنَا بَلْ يَتَيَمَّمُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُرِيقَ الْمَاءَ قَبْلَهُ أَوْ بِخَلْطِهِ بِالنَّجِسِ وَتَمَامُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. أَقُولُ: وَالْمُرَادُ مِنْ اخْتِلَاطِ الزَّيْتِ مَعَ الْوَدَكِ اخْتِلَاطُ أَجْزَائِهِمَا لَا اخْتِلَاطُ أَوَانِيهِمَا وَلِذَا لَمْ يَحِلَّ الْأَكْلُ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ لَا يَتَحَرَّى) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَلَامَةٌ تُعْلَمُ بِهَا الذَّكِيَّةُ، فَإِنْ كَانَتْ فَعَلَيْهِ الْأَخْذُ بِهَا كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى.

قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَالُوا: مِنْ عَلَامَةِ الْمَيْتَةِ أَنَّهَا تَطْفُو فَوْقَ الْمَاءِ وَالذَّكِيَّةُ لَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّ عَلَامَةَ الْمُذَكَّاةِ خُلُوُّ الْأَوْدَاجِ مِنْ الدَّمِ وَعَلَامَةُ الْمَيْتَةِ امْتِلَاؤُهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَجِدَ ذَكِيَّةً) أَقُولُ: الْمُرَادُ أَنْ يَجِدَ مَا يَسُدُّ بِهِ رَمَقَهُ مِنْ لَحْمٍ مُذَكًّى أَوْ خُبْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا تَحَرَّى إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: أَمَّا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ يَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَيْتَةَ الْمُتَيَقَّنَةَ تَحِلُّ فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ، فَاَلَّذِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَكِيَّةً أَوْ لَا غَيْرَ أَنَّهُ يَتَحَرَّى لِأَنَّهُ طَرِيقٌ يُوَصِّلُهُ إلَى الذَّكِيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَتْرُكُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ اهـ.

ص: 736

وَمَرَّ فِي الْحَظْرِ.

(إيمَاءُ الْأَخْرَسِ وَكِتَابَتُهُ كَالْبَيَانِ) بِاللِّسَانِ (بِخِلَافِ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُمَا سَوَاءٌ فِي وَصِيَّةٍ

ــ

[رد المحتار]

قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَطُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْغَنَمِ وَالثِّيَابِ، فَإِنَّ الْمُسَافِرَ لَوْ مَعَهُ ثَوْبَانِ طَاهِرٌ وَنَجِسٌ لَا غَيْرُ وَلَا مُمَيَّزَ بَيْنَهُمَا يَتَحَرَّى وَيُصَلِّي، فَقَدْ جَوَّزَ التَّحَرِّيَ فِيمَا إذَا كَانَا نِصْفَيْنِ وَفِي الْمَسَالِيخِ لَمْ يَجُزْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ حُكْمَ الثِّيَابِ أَخَفُّ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا نَجِسَةً لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَعْضِهَا لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ، بِخِلَافِ الْغَنَمِ إلَخْ، وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهَا. أَقُولُ: هَذَا عَجِيبٌ مِنْهُمْ، فَإِنَّ مَا ذَكَرُوا مِنْ مَسْأَلَةِ الثَّوْبَيْنِ حَالَةُ ضَرُورَةٍ، وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الثِّيَابِ وَالْغَنَمِ كَمَا سَمِعْت التَّصْرِيحَ بِهِ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ.

وَفِي قَوْلِ الْهِدَايَةِ يَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الذَّكِيَّةُ غَالِبَةً أَوْ مَغْلُوبَةً أَوْ مُسَاوِيَةً فَكَيْفَ يَطْلُبُ الْفَرْقَ فِيمَا لَا فَرْقَ فِيهِ، وَإِنْ أَرَادُوا الْفَرْقَ بَيْنَ الثِّيَابِ فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ وَبَيْنَ الْغَنَمِ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ فَهُوَ سَاقِطٌ أَصْلًا إذْ لَا يُطْلَبُ الْفَرْقُ إلَّا عِنْدَ اتِّحَادِ الْحَالَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ الطُّورِيَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ (قَوْلُهُ وَمَرَّ فِي الْحَظْرِ) أَيْ فِي أَوَّلِهِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَمَنْ دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ، وَلَفْظُ الْحَظْرِ سَاقِطٌ مِنْ أَغْلَبِ النُّسَخِ

(قَوْلُهُ إيمَاءُ الْأَخْرَسِ) أَيْ إشَارَتُهُ بِحَاجِبٍ أَوْ يَدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إذَا عَرَفَ الْقَاضِي إشَارَتَهُ، وَإِلَّا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَخْبِرَ مِمَّنْ يَعْرِفُهَا مِنْ إخْوَانِهِ وَأَصْدِقَائِهِ وَجِيرَانِهِ حَتَّى يَقُولَ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي أَرَادَ بِهَذِهِ الْإِشَارَةِ كَذَا وَيُفَسِّرُ ذَلِكَ وَيُتَرْجِمُ حَتَّى يُحِيطَ عِلْمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَدْلًا مَقْبُولَ الْقَوْلِ، لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا قَوْلَ لَهُ بِيرِيّ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَإِطْلَاقُهُ يُفِيدُ اعْتِبَارَ الْإِيمَاءِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حُجَّةٌ ضَرُورَةً كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ وَكِتَابَتُهُ) اعْتَرَضَ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّ الْأَخْرَسَ الْخَلْفِيَّ لَا يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَلَا يُمْكِنُ تَعْرِيفَهُ إيَّاهَا لِأَنَّهَا بِإِزَاءِ الْأَلْفَاظِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ الْحُرُوفِ وَهُوَ لَا يَنْطِقُ وَلَا يَسْمَعُ النُّطْقَ اهـ. أَقُولُ: يُمْكِنُ ذَلِكَ بِتَعْرِيفِهِ أَنَّ الْمَعْنَى الْفُلَانِيَّ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ الْمَنْقُوشَةِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ) بِفَتْحِ الْقَافِ، يُقَالُ: اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ بِضَمِّ التَّاءِ إذَا احْتَبَسَ عَنْ الْكَلَامِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ مُغْرِبٌ أَيْ فَلَا يُعْتَبَرُ إيمَاؤُهُ وَلَا كِتَابَتُهُ إلَّا إذَا امْتَدَّتْ عُقْلَتُهُ كَمَا يَأْتِي وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَارِضَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ فَلَا يُقَاسُ عَلَى الْخَرَسِ الْأَصْلِيِّ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا فِي كِتَابَةٍ غَيْرِ مَرْسُومَةٍ أَيْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ، لِمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكِتَابَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ: مُسْتَبِينٍ مَرْسُومٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُعَنْوَنًا: أَيْ مُصَدَّرًا بِالْعِنْوَانِ، وَهُوَ أَنْ يَكْتُبَ فِي صَدْرِهِ مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَهَذَا كَالنُّطْقِ فَلَزِمَ حُجَّةً. وَمُسْتَبِينٌ غَيْرُ مَرْسُومٍ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْجُدْرَانِ وَأَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ أَوْ عَلَى الْكَاغَدِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً إلَّا بِانْضِمَامِ شَيْءٍ آخَرَ إلَيْهِ كَالنِّيَّةِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى الْغَيْرِ حَتَّى يَكْتُبَهُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ وَنَحْوِهَا، وَبِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَتَعَيَّنُ الْجِهَةُ وَقَبْلَ الْإِمْلَاءِ بِلَا إشْهَادٍ لَا يَكُونُ حُجَّةً وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَغَيْرُ مُسْتَبِينٍ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْهَوَاءِ أَوْ الْمَاءِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ كَلَامٍ غَيْرِ مَسْمُوعٍ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ وَإِنْ نَوَى اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوَّلَ صَرِيحٌ وَالثَّانِي كِنَايَةٌ وَالثَّالِثُ لَغْوٌ. وَبَقِيَ صُورَةٌ رَابِعَةٌ عَقْلِيَّةٌ لَا وُجُودَ لَهَا وَهِيَ مَرْسُومٌ غَيْرُ مُسْتَبِينٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي النَّاطِقِ فَفِي غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى، لَكِنْ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى عَنْ الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ فِي حَقِّ الْأَخْرَسِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُعَنْوَنًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَائِبٍ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَعْنَوِيَّ مِنْ النَّاطِقِ الْحَاضِرِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ. وَفِي الْأَشْبَاهِ: رَجُلٌ كَتَبَ صَكَّ وَصِيَّةٍ وَأَشْهَدَ بِمَا فِيهِ وَلَمْ يَقْرَأْ وَصِيَّتَهُ عَلَيْهِمْ قَالُوا لَا يَجُوزُ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا

ص: 737

وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَقَوَدٍ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ: أَيْ إيمَاءُ الْأَخْرَسِ فِيمَا يُذْكَرُ مُعْتَبَرٌ، وَمِثْلُهُ مُعْتَقَلُ اللِّسَانِ إنْ عُلِمَتْ إشَارَتُهُ وَامْتَدَّتْ عُقْلَتُهُ إلَى مَوْتِهِ بِهِ يُفْتَى. قُلْت: وَمَرَّ فِي الْوَصَايَا وَذَكَرَهُ هُنَا الْأَكْمَلُ وَابْنُ الْكَمَالِ وَالزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ. ثُمَّ مُفَادُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْإِشَارَةِ أَوْ طَلَّقَ مَثَلًا تَوَقَّفَ فَإِنْ مَاتَ عَلَى عُقْلَتِهِ نَفَذَ مُسْتَنِدًا وَإِلَّا لَا وَعَلَيْهِ، فَلَوْ تَزَوَّجَ بِالْإِشَارَةِ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِعَدَمِ نَفَاذِهِ، لَكِنَّهُ إذَا مَاتَ بِحَالِهِ كَانَ لَهَا الْمَهْرُ مِنْ تَرِكَتِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُهُ فِي الزَّوَاهِرِ عِنْدَ ذِكْرِ الْأَشْبَاهِ الْأَحْكَامَ الْأَرْبَعَةَ أَنَّ قَوْلَهُمْ وَالضَّابِطُ لِلْمُقْتَصِرِ وَالْمُسْتَنَدُ أَنَّ مَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ يَقَعُ مُقْتَصَرًا وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ يَقَعُ مُسْتَنَدًا كَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ يُخَالِفُ ذَلِكَ إذْ مُقْتَضَاهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ مُقْتَصِرٌ فَتَنَبَّهْ (لَا) تَكُونُ إشَارَتُهُ وَكِتَابَتُهُ كَالْبَيَانِ (فِي حَدٍّ)

ــ

[رد المحتار]

بِمَا فِيهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ أَيْ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ عِلْمٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ مُعْتَقَلُ إلَخْ) الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ لَا مُعْتَقَلُ اللِّسَانِ، إلَّا إنْ عُلِمَتْ إشَارَتُهُ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ، وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ التُّمُرْتَاشِيِّ تَقْدِيرُهُ بِسَنَةٍ، قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَاسْتَثْنَى الْعِمَادِيُّ الْمَرِيضَ إذَا طَالَ عَلَيْهِ الِاعْتِقَالُ فَإِنَّهُ كَالْأَخْرَسِ كَمَا أَفَادَهُ الْبُرْجَنْدِيُّ مَعْزِيًّا لِلْعِمَادِيَّةِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْهَا، فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِيمَنْ يُرْجَى مِنْهُ الْكَلَامُ فَافْهَمْ الْمَرَامَ اهـ وَعِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ: فَلَوْ أَصَابَهُ فَالِجٌ فَذَهَبَ لِسَانُهُ أَوْ مَرِضَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَلَامِ بِضَعْفِهِ إلَّا أَنَّهُ عَاقِلٌ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ إلَى وَصِيَّةٍ فَقَدْ صَحَّ وَصِيَّتُهُ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا إنَّهَا لَمْ تَصِحَّ كَمَا فِي الْعِمَادِيِّ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ طَلَّقَ مَثَلًا) أَيْ كَمَا إذَا أَعْتَقَ ط.

(قَوْلُهُ نَفَذَ مُسْتَنِدًا) فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ إنْ مَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ وَقْتِ الْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمَعْتُوقِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ط (قَوْلُهُ لِعَدَمِ نَفَاذِهِ) لِأَنَّ نَفَاذَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَوْتِهِ عَلَى عُقْلَتِهِ، لَا عَلَى إجَازَتِهِ، حَتَّى يُقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ طَلَبُهُ الْوَطْءِ دَلِيلًا عَلَى إرَادَةِ النِّكَاحِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُهُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: نَفَذَ مُسْتَنِدًا حَتَّى فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ (قَوْلُهُ الْأَحْكَامَ الْأَرْبَعَةَ) الَّتِي هِيَ الِاقْتِصَارُ كَمَا فِي إنْشَاءِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالِانْقِلَابِ، كَمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ بِالشَّرْطِ، فَعِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ يَنْقَلِبُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ عِلَّةً وَالِاسْتِنَادُ كَالْمَضْمُونَاتِ تُمْلَكُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدَةً إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ وَالتَّبَيُّنِ، مِثْلُ أَنْ كَانَ زَيْدٌ الْيَوْمَ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَتَبَيَّنَ فِي الْغَدِ وُجُودُهُ فِيهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْيَوْمِ، وَتَعْتَدُّ مِنْهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاسْتِنَادِ أَنَّهُ فِي التَّبْيِينِ يُمْكِنُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ الْعِبَادُ وَفِي الِاسْتِنَادِ لَا يُمْكِنُ اهـ مِنْ الْأَشْبَاهِ مُلَخَّصًا، وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الطَّلَاقِ الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ) مَفْعُولُ ذَكَرَ، وَقَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ إلَخْ مَقُولُ الْقَوْلِ، وَجُمْلَةُ يُخَالِفُ خَبَرُ إنَّ (قَوْلُهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ) أَيْ يُخَالِفُ الْقَوْلَ بِالِاسْتِنَادِ فِي نَحْوِ: طَلَاقُ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ وَعَتَاقِهِ ط. أَقُولُ: وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَالتَّعْلِيقُ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْمِلْكِ أَوْ مُضَافًا إلَيْهِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّحَّةِ اللُّزُومُ، فَإِنَّ التَّعْلِيقَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ، وَالْمُضَافُ إلَيْهِ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ حَتَّى لَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِزَوْجَةِ إنْسَانٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِجَازَةِ، فَإِنْ أَجَازَهُ لَزِمَ التَّعْلِيقُ، فَتَطْلُقُ بِالدُّخُولِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ لَا قَبْلَهَا، وَكَذَا الطَّلَاقُ الْمُنْجَزُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ، فَإِذَا أَجَازَهُ وَقَعَ مُقْتَصِرًا عَلَى وَقْتِ الْإِجَازَةِ، وَلَا يَسْتَنِدُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ فَإِنَّهُ بِالْإِجَازَةِ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْبَيْعِ، حَتَّى مَلَكَ الْمُشْتَرِي الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ وَالضَّابِطُ فِيهِ أَنَّ مَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَقْتَصِرُ وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَنِدُ اهـ فَأَنْتَ تَرَاهُ لَمْ يَجْعَلْ الضَّابِطَ لِكُلِّ مُقْتَصِرٍ وَمُسْتَنِدٍ بَلْ لِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنْهُ، وَهُوَ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يَقَعَ نَحْوُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إلَّا مُقْتَصَرًا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا لِمَا مَرَّ عَنْ الْأَشْبَاهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ إذْ لَيْسَتْ مَسْأَلَتُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فِي حَدٍّ) تَنَاوَلَ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْحَدِّ أَيْ لَا يُحَدُّ الْأَخْرَسُ إذَا كَانَ

ص: 738

لِأَنَّهَا تُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ لِكَوْنِهَا حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا فِي شَهَادَةٍ مَا مُنْيَةٌ وَهَلْ يَصِحُّ إسْلَامُهُ بِالْإِشَارَةِ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ نَعَمْ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا أَشْبَاهٌ.

(ابْتَلَعَ الصَّائِمُ بُصَاقَ مَحْبُوبِهِ) يَقْضِي وَ (يُكَفِّرُ وَإِلَّا) يَكُنْ مَحْبُوبَهُ (لَا) يُكَفِّرُ وَمَرَّ فِي الصَّوْمِ.

(قَتْلُ بَعْضِ الْحُجَّاجِ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْحَجِّ) مَرَّ فِي الْحَجِّ.

(مَنَعَهَا زَوْجُهَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا وَهُوَ يَسْكُنُ مَعَهَا فِي بَيْتِهَا نُشُوزٌ) حُكْمًا كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِي بَابِ النَّفَقَةِ (وَلَوْ) كَانَ (الْمَنْعُ لِيَنْقُلَهَا إلَى مَنْزِلِهِ) فَلَيْسَتْ نَاشِزَةً لِوُجُوبِ السُّكْنَى عَلَيْهِ (أَوْ كَانَ يَسْكُنُ فِي بَيْتِ الْغَصْبِ فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ لَا) تَكُونُ نَاشِزَةً لِأَنَّهَا مُحِقَّةٌ إذْ السُّكْنَى فِيهِ حَرَامٌ مَا لَوْ كَانَ فِيهِ (شُبْهَةٌ قَالَتْ: لَا أَسْكُنُ مَعَ أَمَتِك وَأُرِيدُ بَيْتًا عَلَى حِدَةٍ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ) وَكَذَا مَعَ أُمِّ وَلَدِهِ وَكُلُّهُ مَرَّ فِي النَّفَقَةِ.

(قَالَ لِعَبْدِهِ يَا مَالِكِي أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنَا عَبْدُك لَا تَعْتِقُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ) لِعَبْدِهِ

ــ

[رد المحتار]

قَاذِفًا بِالْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا أَوْ السَّرِقَةِ أَوْ الشُّرْبِ، لِأَنَّ الْمُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِبَعْضِ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْعُقُوبَةِ مَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّفْظَ الصَّرِيحَ لَا يَسْتَوْجِبُ الْعُقُوبَةَ كِفَايَةٌ زَادَ فِي الْهِدَايَةِ، وَلَا يُحَدُّ لَهُ أَيْ حَدُّ الْقَذْفِ خَاصَّةً إذَا كَانَ مَقْذُوفًا اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقِصَاصِ: أَنَّ الْحَدَّ لَا يَثْبُتُ بِبَيَانٍ فِيهِ شُبْهَةٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ شَهِدُوا بِالْوَطْءِ الْحَرَامِ، أَوْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ الْحَرَامِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ وَلَوْ شَهِدُوا بِالْقَتْلِ الْمُطْلَقِ، أَوْ أَقَرَّ بِمُطْلَقِ الْقَتْلِ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ التَّعَمُّدُ لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِيهِ مَعْنَى الْعِوَضِيَّةِ، لِأَنَّهُ شُرِعَ جَابِرًا، فَجَازَ أَنْ يَثْبُتَ مَعَ الشُّبْهَةِ كَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ الَّتِي هِيَ حَقُّ الْعَبْدِ. أَمَّا الْحُدُودُ الْخَالِصَةُ لِلَّهِ تَعَالَى شُرِعَتْ زَاجِرَةً وَلَيْسَ فِيهَا مَعْنَى الْعِوَضِيَّةِ، فَلَا تَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ هِدَايَةٌ، وَقَدْ اعْتَرَضَ الْعَلَّامَةُ الطُّورِيُّ كَلَامَهُمْ هُنَا بِأَنَّهُمْ سَوَّوْا بَيْنَ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا الْكَفَالَةُ فَلَا تَجُوزُ بِالنَّفْسِ فِيهِمَا، وَمِنْهَا الْوَكَالَةُ فَلَا تَجُوزُ بِاسْتِيفَائِهِمَا، وَمِنْهَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا تَجُوزُ فِيهَا، وَعَلَّلُوا جَمِيعَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمَا مِمَّا يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، وَكَذَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْجِنَايَاتِ وَفَرَّعُوا عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلَ كَثِيرَةً اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَلَا فِي شَهَادَةٍ مَا) نَقَلَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ إجْمَاعُ الْفُقَهَاءِ، لِأَنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) نَعَمْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ صَرِيحًا حَيْثُ قَالَ وَالْإِيمَاءُ بِالرَّأْسِ مِنْ النَّاطِقِ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِمَالٍ وَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ، بِخِلَافِ إفْتَاءٍ وَنَسَبٍ وَإِسْلَامٍ وَكُفْرٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ) لِوُجُودِ مَعْنَى صَلَاحِ الْبَدَنِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الصَّوْمِ عَنْ الدِّرَايَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ لَا يُكَفِّرُ) أَيْ بَلْ يَقْضِي فَقَطْ

(قَوْلُهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْحَجِّ) لِأَنَّ أَمْنَ الطَّرِيقِ شَرْطُ الْوُجُوبِ، أَوْ الْأَدَاءِ لَكِنْ الشَّارِحُ هُنَاكَ قَيَّدَ أَمْنَ الطَّرِيقِ بِغَلَبَةِ السَّلَامَةِ، وَلَوْ بِالرِّشْوَةِ وَعَزَاهُ إلَى الْكَمَالِ، وَبِقَتْلِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ لَا تَنْتَفِي الْغَلَبَةُ وَلِذَا قَيَّدَهُ ط بِالْقَتْلِ فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ مَنَعَهَا زَوْجُهَا) مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ (قَوْلُهُ نُشُوزٌ حُكْمًا) لِأَنَّ النَّاشِزَةَ هِيَ الْخَارِجَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمَنْعُهَا لَهُ عَنْ الدُّخُولِ إلَى بَيْتِهَا مَعَ إرَادَتِهَا السُّكْنَى فِيهِ خُرُوجٌ حُكْمًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِيهِ شُبْهَةٌ) كَبَيْتِ السُّلْطَانِ فَهِيَ نَاشِزَةٌ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الشُّبْهَةِ فِي زَمَانِنَا كَذَا فِي التَّجْنِيسِ (قَوْلُهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِمَّنْ يَخْدُمُهُ، وَقَدْ تَمْتَنِعُ هِيَ عَنْ خِدْمَتِهِ، فَلَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ ط (قَوْلُهُ وَكَذَا مَعَ أُمِّ وَلَدِهِ) وَكَذَا مَعَ طِفْلِهِ الَّذِي لَا يَفْهَمُ الْجِمَاعَ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ أَهْلِهِ وَأَهْلِهَا

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا عِتْقَ وَلَوْ بِالنِّيَّةِ وَفِي الْحَمَوِيِّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. قَالَ لِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَنَا عَبْدُك يَعْتِقُ إنْ نَوَى وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ يَا مَالِكِي، لِأَنَّ مُؤَدَّى الْعِبَارَتَيْنِ وَاحِدٌ ط وَفِي الْخَانِيَّةِ عَنْ الصِّغَارِ: فِيمَنْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ يَا مَنْ أَنَا عَبْدُك قَالَ: هَذِهِ كَلِمَةُ لُطْفٍ لَا تَعْتِقُ بِهَا فَإِنْ نَوَى الْعِتْقَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ فِيهِ

ص: 739

(يَا مَوْلَايَ) لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ.

(الْعَقَارُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ لَا يَخْرُجُ مِنْ يَدِ ذِي الْيَدِ مَا لَمْ يُبَرْهِنْ الْمُدَّعِي) عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ بِخِلَافِ الْمَنْقُولِ (أَوْ يَعْلَمْ بِهِ الْقَاضِي) وَلَا يَكْفِي تَصْدِيقُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي يَدِهِ فِي الصَّحِيحِ لِاحْتِمَالِ الْمُوَاضَعَةِ. قُلْت: قَدَّمْنَا غَيْرَ مَرَّةٍ آخِرُهَا فِي بَابِ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِعِلْمِ الْقَاضِي فَتَأَمَّلْ. وَهَذَا إذَا ادَّعَاهُ مِلْكًا مُطْلَقًا أَمَّا إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ ذِي الْيَدِ وَإِقْرَارُهُ بِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَأَنْكَرَ الشِّرَاءَ وَأَقَرَّ بِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِبُرْهَانٍ عَلَى كَوْنِهِ فِي يَدِهِ لِأَنَّ دَعْوَى الْفِعْلِ كَمَا تَصِحُّ عَلَى ذِي الْيَدِ تَصِحُّ عَلَى غَيْرِهِ أَيْضًا كَمَا بُسِطَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

(عَقَارٌ لَا فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي يَصِحُّ قَضَاؤُهُ فِيهِ) كَمَنْقُولٍ هُوَ الصَّحِيحُ وَتَقَدَّمَ فِي الْقَضَاءِ أَنَّ الْمِصْرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهِ بِهِ يُفْتَى وَيُكْتَبُ بِالْحُكْمِ لِقَاضِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ لِيَأْمُرَهُ بِالتَّسْلِيمِ (وَقِيلَ لَا تَصِحُّ) وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى.

(قَضَى الْقَاضِي بِبَيِّنَةٍ فِي حَادِثَةٍ قَالَ: رَجَعْت عَنْ قَضَائِي أَوْ بَدَا لِي غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ وَقَعْت فِي تَلْبِيسِ الشُّهُودِ أَوْ أَبْطَلْت حُكْمِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ) قَوْلُ الْقَاضِي فِي كُلِّ ذَلِكَ لِتَعْلِيقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَهُوَ الْمُدَّعَى (وَالْقَضَاءُ مَاضٍ إنْ كَانَ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ) إلَّا فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فِي الْقَضَاءِ، لَوْ بِعِلْمِهِ أَوْ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ

ــ

[رد المحتار]

رِوَايَتَانِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ) أَيْ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ. أَقُول: وَقَدْ عَدَّهُ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ مِنْ الصَّرِيحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ تُنْبِئُ عَنْ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ عَلَى الْعَبْدِ، وَذَلِكَ بِالْعِتْقِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ مِنْ جِهَتِهِ، وَقَوْلُهُ: يَا مَالِكِي أَوْ أَنَا عَبْدُك حَقِيقَةً يُنْبِئُ عَنْ ثُبُوتِ مِلْكِ الْعَبْدِ عَلَى الْمَوْلَى، وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى اهـ. أَقُولُ: وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا وَجْهُ تَخْصِيصِهِمْ الْمَوْلَى هُنَا بِالْمَعْتُوقِ، وَإِنْ كَانَ يُطْلَقُ عَلَى الْمُعْتَقِ بِالِاشْتِرَاكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ: أَيْ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَجْعَلَ لِعَبْدِهِ وَلَاءً عَلَيْهِ، فَكَانَ لَغْوًا فَتَعَيَّنَ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْمُمْكِنِ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يُبَرْهِنْ الْمُدَّعِي عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ) كَذَا فِي شَرْحِ مِسْكِينٍ وَالْمُنَاسِبُ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ، مَا لَمْ يُبَرْهِنْ عَلَى أَنَّ الْعَقَارَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لِأَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي إلَخْ) تَصْرِيحٌ بِمَا فُهِمَ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِهِ مَا لَمْ يُبَرْهِنْ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ الْمُوَاضَعَةِ) أَيْ الْمُوَافَقَةِ إذَا كَانَ مَالِكُ الْعَقَارِ غَائِبًا فَيَتَوَاضَعُ اثْنَانِ، وَيُقِرُّ أَحَدُهُمَا بِالْيَدِ وَيُبَرْهِنُ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ، وَيَتَسَامَحُ فِي الشُّهُودِ ثُمَّ يَدْفَعُ الْمَالِكُ، مُتَعَلِّلًا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَهَذِهِ التُّهْمَةُ فِي الْمَنْقُولِ مُنْتَفِيَةٌ، لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ لَا تَنْقَطِعُ عَنْ الْمَنْقُولِ عَادَةً بَلْ يَكُونُ فِي يَدِهِ بَحْرٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ لُزُومُ إثْبَاتِ الْيَدِ بِالْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ) وَمِثْلُهُ الْغَصْبُ (قَوْلُهُ وَإِقْرَارَهُ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ دَعْوَى الْفِعْلِ) كَالشِّرَاءِ مَثَلًا (قَوْلُهُ تَصِحُّ عَلَى غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ التَّمْلِيكَ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ مِنْ غَيْرِ ذِي الْيَدِ، فَعَدَمُ ثُبُوتِ الْيَدِ بِالْإِقْرَارِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى، أَمَّا دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقَةِ، فَدَعْوَى تَرْكِ التَّعَرُّضِ بِإِزَالَةِ الْيَدِ، وَطَلَبُ إزَالَتِهَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَى مِنْ ذِي الْيَدِ وَبِإِقْرَارِهِ لَا يَثْبُتُ كَوْنُهُ ذَا يَدٍ لِاحْتِمَالِ الْمُوَاضَعَةِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ مِنَحٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ

(قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ أَوَّلَ كِتَابِ الْقَضَاءِ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَدَاعِيَانِ مِنْ بَلَدِ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْمَنْقُولِ وَالدَّيْنِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي عَقَارٍ لَا فِي وِلَايَتِهِ فَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَإِيَّاكَ أَنْ تَفْهَمَ خِلَافَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ غَلَطٌ اهـ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهِ) فَالْقَضَاءُ فِي السَّوَادِ صَحِيحٌ وَبِهِ يُفْتَى بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَيُكْتَبُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْمَتْنِ

(قَوْلُهُ قَضَى الْقَاضِي بِبَيِّنَةٍ) إنَّمَا ذَكَرَهُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: أَوْ وَقَعَتْ فِي تَلْبِيسِ الشُّهُودِ وَإِلَّا فَالْإِقْرَارُ كَالْبَيِّنَةِ فِيمَا يَظْهَرُ ط (قَوْلُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ) كَنَقَضْتُهُ أَوْ فَسَخْته أَوْ رَفَعْته ط عَنْ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ) تَقَدَّمَتْ شُرُوطُ صِحَّتِهَا فِي الْقَضَاءِ وَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ إلَخْ) الِاسْتِثْنَاءُ

ص: 740

أَوْ ظَهَرَ خَطَؤُهُ (إذَا قَالَ الشُّهُودُ قَضَيْت وَأَنْكَرَ الْقَاضِي فَالْقَوْلُ لَهُ) بِهِ يُفْتَى قَالَهُ ابْنُ الْغَرْسِ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ زَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ زَادَ فِي الْبَحْرِ (مَا لَمْ يُنَفِّذْهُ قَاضٍ آخَرُ) فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ لِوُجُودِ قَضَاءِ الثَّانِي بِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ قَيْدٌ حَسَنٌ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْبَحْرِ.

(شُرِطَ نَفَاذُ الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهِدَاتِ) مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ (أَنْ يَصِيرَ الْحُكْمُ فِي حَادِثَةٍ) بِأَنْ يَتَقَدَّمَهُ دَعْوَى صَحِيحَةٌ مِنْ خَصْمٍ عَلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ مُنَازِعٍ شَرْعِيٍّ، فَلَوْ بَرْهَنَ بِحَقٍّ عَلَى آخَرَ عِنْدَ قَاضٍ فَقَضَى بِهِ بِبُرْهَانِهِ بِدُونِ مُنَازَعَةٍ، وَمُخَاصَمَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَتَدَاعٍ بَيْنَهُمَا لَمْ يَنْفُذْ قَضَاؤُهُ لِفَقْدِ شَرْطِهِ، وَهُوَ التَّدَاعِي بِخُصُومَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَكَانَ إفْتَاءً فَيَحْكُمُ بِمَذْهَبِهِ لَا غَيْرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْقَضَاءِ وَأَفَادَهُ وَبِقَوْلِهِ (فَلَوْ رَفَعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْحَنَفِيِّ (قَضَاءُ مَالِكِيٍّ بِلَا دَعْوَى لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ وَعَمِلَ الْحَنَفِيُّ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ) لِعَدَمِ تَقَدُّمِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ لِخُرُوجِ قَضَاءِ الْمَالِكِيِّ مَخْرَجَ الْفَتْوَى، لِعَدَمِ تَقَدُّمِ الْخُصُومَةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي هِيَ شَرْطُ انْعِقَادِ الْقَضَاءِ فِي حَقِّ الْعِبَادِ.

(إذَا ارْتَابَ) الْقَاضِي (فِي حُكْمِ) الْقَاضِي (الْأَوَّلِ لَهُ طَلَبُ شُهُودِ الْأَصْلِ) مَرَّ فِي الْقَضَاءِ قَيَّدَ بِارْتِيَابِهِ فِي حُكْمِ الْأَوَّلِ فَأَفَادَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْتَبْ فِيهِ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ قَالَ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ قَالُوا فِي قَضَاءِ الْعَدْلِ الْعَالِمِ لَا يُنْقَضُ، وَيُحْمَلُ عَلَى السَّدَادِ بِخِلَافِ قَضَاءِ غَيْرِهِ يَعْنِي إذَا تَبَيَّنَ وَجْهُ فَسَادِهِ بِطَرِيقِهِ فَلِلثَّانِي نَقْضُهُ.

ــ

[رد المحتار]

بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ لَا شَهَادَةَ فِيهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ ظَهَرَ خَطَؤُهُ) أَيْ بِيَقِينٍ كَمَا لَوْ قَضَى بِالْقِصَاصِ مَثَلًا فَجَاءَ الْمَقْتُولُ حَيًّا أَوْ كَانَ مُجْتَهِدًا فَرَأَى النَّصَّ بِخِلَافِهِ، كَمَا لَوْ تَحَوَّلَ اجْتِهَادُهُ وَأَفَادَ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ الْمُحِيطِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا لَمْ يَنْقَضِ مَا قَضَى فِيهِ بِاجْتِهَادِهِ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِخِلَافَةِ لِأَنَّهُ كَانَ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ فَصَحَّ، وَصَارَ شَرِيعَةً لَهُ فَإِذَا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِخِلَافِهِ صَارَ نَاسِخًا لِتِلْكَ الشَّرِيعَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ نَصٌّ بِخِلَافِهِ، لِأَنَّ النَّصَّ كَانَ مَوْجُودًا مُنَزَّلًا إلَّا أَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِ فَكَانَ الِاجْتِهَادُ فِي مَحَلِّ النَّصِّ فَلَا يَصِحُّ وَتَمَامُهُ فِيهِ. وَفِي أَشْبَاهِ السُّيُوطِيّ عَنْ السُّبْكِيّ: أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي يُنْقَضُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إذَا كَانَ حُكْمًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَمَا خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَهُوَ حُكْمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَأَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِ شَارِحِ الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهِ أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ الْقَاضِي) أَمَّا لَوْ اعْتَرَفَ فَيَثْبُتُ حَيْثُ كَانَ مُوَلًّى لَا لَوْ مَعْزُولًا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يُثْبِتُوا حُكْمَ الْخَلِيفَةِ عِنْدَ الْأَصْلِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ عَلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ، وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ أَرَادُوا إثْبَاتَ قَضَاءِ قَاضٍ آخَرَ اهـ بَحْرٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَرَجَّحَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ لِمَا عُلِمَ مِنْ أَحْوَالِ قُضَاةِ زَمَانِنَا اهـ (قَوْلُهُ لِوُجُودِ قَضَاءِ الثَّانِي بِهِ) فَإِنَّهُ لَا يُنَفِّذُهُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهِ عِنْدَهُ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدَّعْوَى أَيْضًا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا بُدَّ فِي إمْضَاءِ الثَّانِي لِحُكْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الدَّعْوَى أَيْضًا وَلَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُ شُهُودِ الْأَصْلِ اهـ فَلَوْ قَبْلَ قَوْلِ الْأَوَّلِ لَزِمَ إبْطَالُ الْقَضَاءِ الثَّانِي بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ، وَالْإِمْضَاءِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِ الْقَاضِي الثَّانِي فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الْحَادِثَةَ لَا تُشْتَرَطُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْحُدُودِ، وَعِتْقِ الْأَمَةِ وَطَلَاقِ الزَّوْجَةِ ط (قَوْلُهُ مُنَازَعٍ شَرْعِيٍّ) كَأَصِيلٍ أَوْ وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُتَوَلٍّ، أَوْ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ، وَالْمُودَعِ وَالْمُسْتَعِيرِ فَإِنْ نِزَاعَهُمَا لَا يُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ فَقَضَى بِهِ بِبُرْهَانِهِ) الْبَاءُ الْأُولَى لِلتَّعْدِيَةِ وَالثَّانِيَةُ لِلسَّبَبِيَّةِ ط (قَوْلُهُ بِدُونِ مُنَازَعَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ، وَالْمُرَادُ بِدُونِ حُضُورِ مُنَازِعٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَيَحْكُمُ بِمَذْهَبِهِ) يَعْنِي لَوْ رَفَعَ هَذَا الْحُكْمَ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَحْكُمُ بِمَذْهَبِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُلْزَمًا لِفَقْدِ شَرْطِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ إفْتَاءٌ أَيْ بَيَانُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ أَيْ إلَى الْحَنَفِيِّ) أَيْ مَثَلًا فَإِنَّ غَيْرَهُ إنْ كَانَ يَشْتَرِطُ مَا ذُكِرَ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ إذَا ارْتَابَ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ عَنْ صَاحِبِ الْبَحْرِ، وَقَالَ لَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) أَقُولُ: عَلَى هَذَا

ص: 741

(إذَا تَرَتَّبَ بَيْعُ التَّعَاطِي عَلَى بَيْعٍ بَاطِلٍ أَوْ فَاسِدٍ لَا يَنْعَقِدُ) مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْبَحْرِ

(خَبَّأَ قَوْمًا ثُمَّ سَأَلَ رَجُلًا عَنْ شَيْءٍ فَأَقَرَّ بِهِ وَهُمْ يَرَوْنَهُ وَيَسْمَعُونَ كَلَامَهُ وَهُوَ لَا يَرَاهُمْ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ) بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ (وَإِنْ سَمِعُوا كَلَامَهُ وَلَمْ يَرَوْهُ لَا تَجُوزُ) شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّغْمَةَ تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ فَتَقَعُ الشُّبْهَةُ إلَّا إذَا عَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ بِأَنْ دَخَلُوا الْبَيْتَ ثُمَّ خَرَجُوا وَجَلَسُوا عَلَى بَابِهِ وَلَا مَسْلَكَ لَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ فَسَمِعُوا إقْرَارَهُ وَلَمْ يَرَوْهُ وَقْتَهُ.

(بَاعَ عَقَارًا) أَوْ حَيَوَانًا أَوْ ثَوْبًا (وَابْنُهُ أَوْ امْرَأَتُهُ) أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ أَقَارِبِهِ

ــ

[رد المحتار]

لَا فَرْقَ بَيْنَ قَضَاءِ الْعَدْلِ الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ قِيلَ يَعْنِي لَا يَتَعَرَّضُ لِنَقْضِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ: أَيْ لَا يَسْأَلُ عَنْ الْأَحْوَالِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّقْضِ، فَلَا يُقَالُ هَلْ قَضَى بِالرِّشْوَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِمْ: وَيُحْمَلُ عَلَى السَّدَادِ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَدْلِ الْعَالِمِ فَيَسْأَلُ عَنْ حَالِهِ

(قَوْلُهُ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ إلَخْ) وَمَرَّ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ مُتَارَكَةِ الْأَوَّلِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ خَاصًّا بِالْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي، بَلْ الْبَيْعِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَذَلِكَ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: شَرَى ثَوْبًا شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ لَقِيَهُ غَدًا فَقَالَ: قَدْ بِعْتنِي ثَوْبَك هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ: بَلَى فَقَالَ قَدْ أَخَذْته فَهُوَ بَاطِلٌ وَهَذَا عَلَى مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنْ كَانَا تَتَارَكَا الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فَهُوَ جَائِزٌ الْيَوْمَ اهـ. أَقُولُ: وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ قَطِيعِ غَنْمٍ كُلِّ شَاةٍ بِكَذَا إنَّهُ فَاسِدٌ، وَإِنْ عَلِمَ بِعَدَدِ الْغَنَمِ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ رَضِيَا انْعَقَدَ بِالتَّعَاطِي وَنَظِيرُهُ الْبَيْعُ بِالرَّقْمِ سِرَاجٌ اهـ وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْفَتْحِ وَغَيْرِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ) أَيْ وَحْدَهُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ لَا إذَا عَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ دَخَلَ مَعَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِحُصُولِ الشُّبْهَةِ بِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُقِرَّ هُوَ مُدَّعِي الْحَقِّ، وَأَنَّهُ جَعَلَ نَغْمَتَهُ كَنَغْمَةِ الْآخَرِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ بَاعَ عَقَارًا إلَخْ) وَكَذَا لَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ وَسَلَّمَ وَقَيَّدَ بِالْبَيْعِ إذْ لَوْ أَجَّرَ أَوْ رَهَنَ، أَوْ أَعَارَ ثُمَّ ادَّعَى الْحَاضِرُ تُسْمَعُ إذْ لَيْسَ مِنْ لَوَازِمِ ذَلِكَ الْخُرُوجُ عَنْ الْمِلْكِ، وَقَدْ يَرْضَى الشَّخْصُ بِالِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ، وَلَا يَرْضَى بِالْخُرُوجِ عَنْ مِلْكِهِ، وَلِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ رَمْلِيٌّ. أَقُولُ: وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْوَقْفُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الشَّلَبِيُّ، وَوَاقَفَهُ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَالِمًا مِنْ أَعْيَانِ الْحَنَفِيَّةِ فِي عَصْرِهِ كَتَبَ أَسْمَاءَهُمْ وَخُطُوطَهُمْ بِمُوَافَقَتِهِ فِي آخِرِ كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ فَتَاوِيهِ الْمَشْهُورَةِ فَرَاجِعْهَا.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْبَيْعِ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَرِيبِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ، فَلَا لِمَا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى أَوَّلَ كِتَابِ الدَّعْوَى عَنْ الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ تَصَرَّفَ فِي أَرْضٍ زَمَانًا وَرَجُلٌ آخَرُ يَرَى تَصَرُّفَهُ فِيهَا، ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَرِّفُ وَلَمْ يَدَّعِ الرَّجُلُ حَالَ حَيَاتِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ اهـ، وَفِي الْحَامِدِيَّةِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ تَصَرَّفَ زَمَانًا فِي أَرْضٍ وَرَجُلٌ آخَرُ يَرَى الْأَرْضَ وَالتَّصَرُّفَ، وَلَمْ يَدَّعِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى وَلَدِهِ فَتُتْرَكُ عَلَى يَدِ الْمُتَصَرِّفِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَوْتَ غَيْرُ قَيْدٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَمْ يُقَيِّدُوا بِهِ هُنَا وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مُجَرَّدَ السُّكُوتِ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ مَانِعٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ بَيْعٌ، وَأَمَّا السُّكُوتُ عِنْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَمْنَعُ إلَّا دَعْوَى الْقَرِيبِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ نَقَلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْغَرْسِ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ إذَا تَرَكَ الدَّعْوَى ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَلَمْ يَكُنْ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى، ثُمَّ ادَّعَى لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى مَعَ التَّمَكُّنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى: لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَيْسَ لَهُمَا وَلِيٌّ، أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمِيرًا جَائِزًا يُخَافُ مِنْهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ

ص: 742

(حَاضِرٌ يَعْلَمُ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى الِابْنُ) مَثَلًا (أَنَّهُ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى وَجُعِلَ سُكُوتُهُ كَالْإِفْصَاحِ قَطْعًا لِلتَّزْوِيرِ وَالْحِيَلِ، وَكَذَا لَوْ ضَمِنَ الدَّرْكَ أَوْ تَقَاضَى الثَّمَنَ وَقَالُوا فِيمَنْ زَوَّجُوهُ بِلَا جِهَازٍ إنَّ سُكُوتَهُ عَنْ طَلَبِ الْجِهَازِ عِنْدَ الزِّفَافِ رِضًا فَلَا يَمْلِكُ طَلَبَ الْجِهَازِ بَعْدَ سُكُوتِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْمَهْرِ (بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) فَإِنَّ سُكُوتَهُ وَ (لَوْ جَارًا) لَا يَكُونُ رِضَا (إلَّا إذَا) سَكَتَ الْجَارُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَ (تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ زَرْعًا وَبِنَاءً) فَحِينَئِذٍ (لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى قَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْفُضُولِيُّ مِلْكَ رَجُلٍ وَالْمَالِكُ سَاكِتٌ

ــ

[رد المحتار]

اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ سَمَاعِهَا بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَعَمُّ مَعَ كَوْنِهِ مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ أَوْ بِدُونِهِ، لِأَنَّ عَدَمَ سَمَاعِهَا مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ لَمْ يُقَيِّدُوهُ هُنَا بِمُدَّةٍ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَلَامِهِمْ تَأَمَّلْ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ سَمَاعِهَا لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى بُطْلَانِ الْحَقِّ، حَتَّى يَرِدَ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ مَهْجُورٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ حُكْمًا بِبُطْلَانِ الْحَقِّ، وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ مِنْ الْقَضَاءِ عَنْ سَمَاعِهَا خَوْفًا مِنْ التَّزْوِيرِ وَلِدَلَالَةِ الْحَالِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ، وَإِلَّا فَقَدْ قَالُوا إنَّ الْحَقَّ لَا يَسْقُطُ بِالتَّقَادُمِ كَمَا فِي قَضَاءِ الْأَشْبَاهِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ لِلْآخِرَةِ وَلِذَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ عَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً إذَا نَهَى السُّلْطَانُ عَنْ سَمَاعِهَا كَمَا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ بَابِ التَّحْكِيمِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُفْرَدَ (قَوْلُهُ حَاضِرٌ) الْمُرَادُ مِنْ الْحُضُورِ الِاطِّلَاعُ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ الزَّوْجَةُ أَوْ غَيْرُهَا مِنْ الْأَقَارِبِ (قَوْلُهُ إنَّهُ مِلْكُهُ) أَيْ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ مُشَاعًا أَوْ مُعَيَّنًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي الثَّمَنِ أَيْضًا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ حُضُورَهُ، وَتَرْكَهُ فِيمَا يَصْنَعُ إقْرَارٌ مِنْهُ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ وَأَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَبِيعِ إلَخْ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ إلَخْ) أَيْ أَطْلَقَهُ عَمَّا قَيَّدَهُ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ نَقْلًا عَنْ الْفَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ بِأَنْ يَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ زَمَانًا قَالَ فِي الْمِنَحِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ فِي الْكَنْزِ وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ نُقَيِّدْهُ بِهِ وَلِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ يُوجِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْجَارِ مَعَ أَنَّ الْجَارَ يُخَالِفُهُ اهـ وَحَكَى فِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالًا أُخَرَ فَرَاجِعْهَا (قَوْلُهُ وَجُعِلَ سُكُوتُهُ كَالْإِفْصَاحِ) أَيْ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ، وَفِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ: إذَا ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَلَكَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ يُصَدَّقُ.

وَقَالَ فِي نَهْجِ النَّجَاةِ أَقُولُ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعِي مَعْزُورًا، وَإِلَّا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَقَدْ قَالُوا يُعْذَرُ الْوَارِثُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُتَوَلِّي بِالتَّنَاقُضِ لِلْجَهْلِ فِي مَوْضِعِ الْخَفَاءِ اهـ وَقَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ: اشْتَرَى دَارًا لِطِفْلِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَكَبِرَ الِابْنُ وَلَمْ يَعْلَمْ، ثُمَّ بَاعَهَا الْأَبُ وَسَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا الِابْنُ مِنْهُ ثُمَّ عَلِمَ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ، فَادَّعَى الدَّارَ تُقْبَلُ وَلَا يَصِيرُ مُتَنَاقِضًا بِالِاسْتِئْجَارِ لِأَنَّ فِيهِ خَفَاءً لِأَنَّ الْأَبَ يَسْتَبِدُّ بِالشِّرَاءِ لِلصَّغِيرِ وَعَسَى لَا يَعْلَمُ بَعْدَ الْبُلُوغِ اهـ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ضَمِنَ الدَّرَكَ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ الْأَجْنَبِيِّ لِئَلَّا يُوهَمَ اخْتِصَاصُهُ بِالْقَرِيبِ وَأَوْضَحَ الْمَسْأَلَةُ الزَّيْلَعِيُّ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَمْلِكُ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ الطَّلَبَ وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: أَقُولُ: الَّذِي ظَهَرَ لِي فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْأَطْمَاعَ الْفَاسِدَةَ فِي الْقَرِيبِ أَغْلَبُ، فَمَظِنَّةُ التَّلْبِيسِ فِيهِ أَرْجَحُ، وَلِذَلِكَ غَلَبَ فِي الْأَقْرِبَاءِ مَخْصُوصًا فِي دَعْوَى الْإِرْثِ لِسُهُولَةِ إثْبَاتِهِ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ طَمَعَهُ فِي مَالِ مَنْ هُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ نَادِرٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ يُرَجِّحُ جِهَةَ التَّزْوِيرِ: وَهِيَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي زَمَانًا (قَوْلُهُ إلَّا إذَا سَكَتَ الْجَارُ) وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَجَانِبِ بِالْأَوْلَى فَتَخْصِيصُ الْجَارِ بِالذِّكْرِ، لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْقَرِيبِ وَالزَّوْجَةِ.

(قَوْلُهُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ) أَيْ وَقْتَ عِلْمِهِ بِهِمَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرَّمْلِيِّ السَّابِقُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ قَيْدٍ، بَلْ مُجَرَّدُ السُّكُوتِ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ زَرْعًا وَبِنَاءً) الْمُرَادُ بِهِ كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يُطْلَقُ إلَّا لِلْمَالِكِ فَهُمَا مِنْ قَبِيلِ التَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) أَيْ دَعْوَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جَارًا رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْفُضُولِيُّ إلَخْ) ذَكَرَهَا لِأَدْنَى مُنَاسَبَةٍ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا ادَّعَى السَّاكِتُ الْمِلْكَ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي

ص: 743

حَيْثُ لَا يَكُونُ سُكُوتُهُ رِضًا عِنْدَنَا خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى بَزَّازِيَّةٌ آخِرَ الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ وَغَيْرَهُ.

(بَاعَ ضَيْعَةً ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ) أَوْ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا أَوْ كُنْت وَقَفْتهَا (وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) اتِّفَاقًا لِلتَّنَاقُضِ (وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً تُقْبَلُ) عَلَى الْأَصَحِّ لَا لِصِحَّةِ الدَّعْوَى، بَلْ لِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ فِي الْوَقْفِ بِلَا دَعْوَى خِلَافًا لِمَا صَوَّبَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَقَدْ حَقَّقْنَاهُ فِي الْوَقْفِ وَبَابِ الِاسْتِحْقَاقِ.

(وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا فَمَاتَتْ وَطَالَبَتْ وَرَثَتَهَا بِمَهْرِهَا وَقَالُوا كَانَتْ الْهِبَةُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا وَقَالَ بَلْ فِي الصِّحَّةِ فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ) هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ فِي الْخَانِيَّةِ تَبَعًا لِرِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَعْدَ نَقْلِهِ لِمَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ لِلزَّوْجِ، فَقَالَ: وَالِاعْتِمَادُ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُمْ تَصَادَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْمَهْرِ. وَاخْتَلَفُوا فِي السُّقُوطِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِهِ إلَخْ. قُلْت: وَأَقَرَّهُ فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا عَلَى خِلَافِ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُلْتَقَى كَالْكَنْزِ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لِلزَّوْجِ، وَإِنْ جَزَمَ بِهِ شُرَّاحُهُ كَالزَّيْلَعِيِّ وَابْنِ سُلْطَانٍ بِأَنَّهُ الِاسْتِحْسَانُ فَتَنَبَّهْ. قُلْت: وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي آخِرِ النَّهْرِ فَقَالَ: وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَقٌّ بَلْ لَهَا وَهُمْ يَدَّعُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ، وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ فَالْقَوْلُ لَهُ.

(وَكَّلَهَا بِطَلَاقِهَا لَا يَمْلِكُ عَزْلَهَا) لِأَنَّهُ يَمِينٌ مِنْ جِهَتِهِ (وَكَّلْتُك بِكَذَا عَلَى أَنِّي مَتَى عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي) فَطَرِيقُهُ

ــ

[رد المحتار]

وَهُنَا لَا إنْكَارَ (قَوْلُهُ لَا يَكُونُ سُكُوتُهُ رِضًا عِنْدَنَا) فِي فَتَاوَى أَمِينِ الدِّينِ عَنْ الْمُحِيطِ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ فُضُولِيٍّ، وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِ السِّلْعَةِ فَسَكَتَ يَكُونُ رِضًا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ أَيْضًا. فَعَلِمَ بِهِ أَنَّ مَحَلَّ مَا هُنَا مَا إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهَا، وَهُوَ سَاكِتٌ تَأَمَّلْ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ آخِرَ الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ) أَيْ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ النِّكَاحِ، وَقَدْ نَقَلَهَا الزَّيْلَعِيُّ هُنَا عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ

(قَوْلُهُ تُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ) وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ. وَقَالَ الْفَقِيهُ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَلَكِنَّا لَا نَأْخُذُ بِهِ تَتَارْخَانِيَّةْ، وَبِهِ: أَيْ بِالْقَبُولِ نَأْخُذُ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِمَادِيَّةٌ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى خُلَاصَةٌ وَبَزَّازِيَّةٌ، وَصَحَّحَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْفَتَاوَى. وَقَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ بِمَا إذَا بَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ مَحْكُومٌ بِلُزُومِهِ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْوَقْفِ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ، وَمِثْلُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ، أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ قُلْت: الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ الْمِلْكَ يَزُولُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَقَفْت (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا صَوَّبَهُ الزَّيْلَعِيُّ) حَيْثُ قَالَ: وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ وَهُوَ أَصْوَبُ وَأَحْوَطُ لِأَنَّهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الضَّيْعَةَ وَقْفٌ عَلَيْهِ يَدَّعِي فَسَادَ الْبَيْعِ وَحَقًّا لِنَفْسِهِ فَلَا تُسْمَعُ لِلتَّنَاقُضِ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ تُسْمَعُ إذْ لَا يَدَّعِي حَقًّا لِنَفْسِهِ

(قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ) هَذَا عِنْدَ عَدَمِ الْبُرْهَانِ، فَإِنْ أَقَامُوا الْبُرْهَانَ، فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْهِبَةَ فِي الصِّحَّةِ مِنَحٌ. قُلْت: وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لِلْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ فِي الْخَانِيَّةِ) وَتَصْحِيحُ قَاضِي خَانْ مِنْ أَجَلِّ التَّصَاحِيحِ وَهَذَا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي رَجَّحُوا الْقِيَاسَ فِيهَا عَلَى الِاسْتِحْسَانِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ بَعْدَ نَقْلِهِ) ضَمِيرُهُ كَضَمِيرِ قَالَ يَرْجِعُ إلَى قَاضِي خَانْ ط (قَوْلُهُ إلَى آخِرِهِ) هُوَ قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْهِبَةَ حَادِثَةٌ وَالْأَصْلُ فِي الْحَوَادِثِ أَنْ تُضَافَ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ اهـ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ الِاسْتِحْسَانُ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ جَزَمَ ط (قَوْلُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ) أَيْ كَوْنُ الْقَوْلِ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ وَجْهُ الظَّاهِرِ) مُفَادُهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَقٌّ) أَيْ وَقْتَ الْهِبَةِ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَمِينٌ مِنْ جِهَتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْيَمِينِ وَهُوَ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِفِعْلِهَا، فَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْيَمِينِ، وَهُوَ تَمْلِيكٌ مِنْ جِهَتِهَا لِأَنَّ الْوَكِيلَ هُوَ الَّذِي يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ وَهِيَ عَامِلَةٌ لِنَفْسِهَا، فَلَا تَكُونُ وَكِيلَةً بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ زَيْلَعِيٌّ وَلِمَعْنَى

ص: 744

أَنْ (يَقُولَ فِي عَزْلِهِ عَزَلْتُك ثُمَّ عَزَلْتُك) لِأَنَّ مَتَى لِعُمُومِ الْأَوْقَاتِ، وَأَمَّا كُلَّمَا فَلِعُمُومِ الْأَفْعَالِ (فَلَوْ قَالَ كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتِ وَكِيلِي يَقُولُ) فِي عَزْلِهِ (رَجَعْت عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَعَزَلْتُك عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنْجَزَةِ) الْحَاصِلَةِ مِنْ لَفْظِ كُلَّمَا فَحِينَئِذٍ يَنْعَزِلُ

(قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ شَرْطٌ إنْ) كَانَ (دَيْنًا بِدَيْنٍ) بِأَنْ صَالَحَ عَلَى دَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ أَوْ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ فِي الذِّمَّةِ (وَإِلَّا) يَكُنْ دَيْنًا بِدَيْنٍ (لَا) يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ لِأَنَّ الصُّلْحَ إذَا وَقَعَ عَلَى عَيْنٍ تَتَعَيَّنُ لَا تَبْقَى دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، فَجَازَ الِافْتِرَاقُ عَنْهُ.

(قَالَ) الْمُدَّعِي (لَا بَيِّنَةَ لِي فَبَرْهَنَ) وَلَوْ بَعْدَ حَلِفِ خَصْمِهِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى وَكَذَا لَوْ قَالَ عِنْدَ طَلَبِهِ لِيَمِينِهِ إذَا حَلَفْت فَأَنْتَ بَرِيءٌ عَنْ الْمَالِ الَّذِي لِي عَلَيْك وَحَلَفَ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الْحَقِّ قُبِلَ وَقَضَى لَهُ بِالْمَالِ خَانِيَّةٌ (أَوْ قَالَ) الشَّاهِدُ (لَا شَهَادَةَ لِي) فَشَهِدَ تُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ بِالنِّسْيَانِ، ثُمَّ التَّذَكُّرِ (كَمَا لَوْ قَالَ لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ شَهَادَةٌ ثُمَّ جَاءَ بِهِ فَشَهِدَ أَوْ قَالَ لَا حُجَّةَ لِي عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ أَتَى بِهَا) بِالْحُجَّةِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَيْسَ لِي حَقٌّ، ثُمَّ ادَّعَى حَقًّا لَمْ تُسْمَعْ لِلتَّنَاقُضِ (لِلْإِمَامِ الَّذِي وَلَّاهُ الْخَلِيفَةُ أَنْ يُقْطِعَ) مِنْ الْإِقْطَاعِ (إنْسَانًا

ــ

[رد المحتار]

التَّمْلِيكِ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَجْلِسِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَتَى لِعُمُومِ الْأَوْقَاتِ) أَيْ فَلَا تُفِيدُ إلَّا عَزْلًا وَنَصْبًا وَاحِدًا. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: فَإِذَا عَزَلَهُ انْعَزَلَ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ وَتَنَجَّزَتْ الْمُعَلَّقَةُ، فَصَارَ وَكِيلًا جَدِيدًا ثُمَّ بِالْعَزْلِ الثَّانِي انْعَزَلَ عَنْ الْوَكَالَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ يَقُولُ فِي عَزْلِهِ رَجَعْت إلَخْ) لِأَنَّهُ لَوْ عَزَلَهُ عَنْ الْمُنَجَّزَةِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ لَصَارَ وَكِيلًا مِثْلَ مَا كَانَ وَلَوْ عَزَلَهُ أَلْفَ مَرَّةٍ لِأَنَّ كَلِمَةَ كُلَّمَا تَقْتَضِي تَكْرَارَ الْأَفْعَالِ لَا إلَى نِهَايَةٍ، فَلَا يُقَيَّدُ الْعَزْلُ إلَّا بَعْدَ الرُّجُوعِ حَتَّى لَوْ عَزَلَهُ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْمُعَلَّقَةِ يَحْتَاجُ إلَى عَزْلٍ آخَرَ لِأَنَّهُ كُلَّمَا عَزَلَهُ صَارَ وَكِيلًا، فَلَا يُفِيدُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ الْمُعَلَّقَةِ فِي حَقِّهَا لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى عَزْلٍ آخَرَ بَعْدَ الرُّجُوعِ زَيْلَعِيٌّ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ الْحَاصِلَةِ مِنْ لَفْظِ كُلَّمَا) هَكَذَا فِي الْمِنَحِ أَيْضًا وَهُوَ سَهْوٌ لِأَنَّ الْمُنَجَّزَةَ حَصَلَتْ مِنْ قَوْلِهِ: أَنْتَ وَكِيلِي وَالْمُعَلَّقَةُ حَصَلَتْ مِنْ قَوْلِهِ كُلَّمَا عَزَلْتُك إلَخْ سَائِحَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الدَّرَاهِمِ لِقَوْلِ مِسْكِينٍ هَذَا إذَا كَانَ عَلَى خِلَافِ جِنْسِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ صَالَحَ عَلَى جِنْسِهِ مُؤَجَّلًا جَازَ (قَوْلُهُ فِي الذِّمَّةِ) صِفَةٌ لِدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ وَشَيْءٍ آخَرَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَقَارًا بِعَقَارٍ أَوْ عَقَارًا بِدَيْنٍ مِسْكِينٌ (قَوْلُهُ لَمْ تَتَعَيَّنْ) صِفَةٌ لِعَيْنٍ أَيْ تَتَعَيَّنُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ فَجَازَ الِافْتِرَاقُ عَنْهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَالَ الرِّبَا كَمَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى شَعِيرٍ بِعَيْنِهِ عَنْ حِنْطَةٍ فِي الذِّمَّةِ زَيْلَعِيٌّ

(قَوْلُهُ قَبْل إلَخْ) لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ بِالْخَطَرِ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ لَا حُجَّةَ لِي) لَمَّا كَانَتْ الْحُجَّةُ تَصْدُقُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ فِيمَا يُكْتَفَى بِهِ ذَكَرَهَا عَقِبَ الْبَيِّنَةِ سَائِحَانِيٌّ أَيْ فَلَا تَكْرَارَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَيْسَ لِي حَقٌّ) أَيْ عَلَى فُلَانٍ، وَإِنَّمَا حَذَفَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الْمَتْنِ، وَعِبَارَةُ الْمِنَحِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إلَخْ. وَفِيهَا: وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لَيْسَتْ لِي أَوْ قَالَ ذَلِكَ الْعَبْدُ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً، أَنَّ الدَّارَ أَوْ الْعَبْدَ لَهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ بِإِقْرَارِهِ حَقًّا لِأَحَدٍ فَكَانَ لَغْوًا، وَلِهَذَا تَصِحُّ دَعْوَى الْمُلَاعِنِ نَسَبَ وَلَدٍ نُفِيَ بِلِعَانِهِ نَسَبُهُ، لِأَنَّهُ حِينَ نَفَاهُ لَمْ يُثْبِتْ فِيهِ حَقًّا. وَفِيهَا وَلَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ لِأَنَّ لِي حَقًّا عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ حَقًّا تُقْبَلُ لِإِمْكَانِ الْخَفَاءِ عَلَيْهِ فَأَمْكَنَ التَّوْفِيقُ (قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ لِلتَّنَاقُضِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ التَّوْفِيقَ الْمَذْكُورَ مُمْكِنٌ هُنَا أَيْضًا فَلِمَاذَا لَمْ يُعْتَبَرْ، وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَبَتَتْ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ثُمَّ يُرِيدُ شُغْلَهَا بِالثَّانِي وَلَا يُقْبَلُ ط (قَوْلُهُ أَنْ يَقْطَعَ)

ص: 745

مِنْ طَرِيقِ الْجَادَّةِ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ) لِأَنَّ لِلْإِمَامِ وِلَايَةُ ذَلِكَ فَكَذَا نَائِبُهُ.

(صَادَرَهُ السُّلْطَانُ وَلَمْ يُعَيِّنْ بَيْعَ مَا لَهُ فَلَوْ عَيَّنَهُ فَمُكْرَهٌ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ طَوْعًا فَبَاعَ مَالَهُ) بِسَبَبِ الْمُصَادَرَةِ (صَحَّ) بَيْعُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ كَمَا مَرَّ فِي الْإِكْرَاهِ (كَالدَّائِنِ إذَا حُبِسَ بِالدَّيْنِ فَبَاعَ مَا لَهُ لِقَضَائِهِ تَصِحُّ) إجْمَاعًا.

(خَوَّفَهَا) زَوْجُهَا أَوْ غَيْرُهُ (بِالضَّرْبِ حَتَّى وَهَبَتْ مَهْرَهَا لَمْ يَصِحَّ إنْ قَدَرَ عَلَى الضَّرْبِ) لِأَنَّهَا مُكْرَهَةٌ عَلَيْهِ (وَإِنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْخُلْعِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَمْ يَسْقُطْ الْمَالُ) لِأَنَّ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ وَاقِعٌ وَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ بِهِ لِمَا قُلْنَا (وَلَوْ أَحَالَتْ إنْسَانًا عَلَى الزَّوْجِ ثُمَّ وَهَبَتْ الْمَهْرَ الزَّوْجَ لَمْ يَصِحَّ) قَالُوا وَهُوَ الْحِيلَةُ. قُلْت: وَإِنَّمَا تَتِمُّ بِقَبُولِهِ فَيَعْلَمُ حِيلَتَهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يَتَمَكَّنُ الْمُحَالُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ

ــ

[رد المحتار]

أَيْ يُعَيِّنَ لَهُ قِطْعَةً ط عَنْ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ طَرِيقِ الْجَادَّةِ) هُوَ وَسَطُ الطَّرِيقِ وَمُعْظَمُهُ ط (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ) بِأَنْ كَانَ وَاسِعًا لَا يَضِيقُ بِذَلِكَ قَالَ فِي الْمَعْدِنِ: قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ أَضَرَّ بِالْمَارَّةِ لَا يُقْطَعُ إذْ فِيهِ قَطْعُ الطَّرِيقِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ الطَّرِيقَ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ طَرِيقٌ أُخْرَى، حَتَّى لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ آثِمٌ، وَإِنْ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي رَدَّهُ كَذَا فِي نِصَابِ الْفُقَهَاءِ، وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَجْعَلَ مِلْكَ الرَّجُلِ طَرِيقًا عِنْدَ الْحَاجَةِ اهـ ط (قَوْلُهُ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ وِلَايَةَ ذَلِكَ) إذْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي حَقِّ الْكَافَّةِ فِيمَا فِيهِ نَظَرٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً لَهُمْ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلْحِقَ ضَرَرًا بِأَحَدٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا رَأَى أَنْ يُدْخِلَ بَعْضَ الطَّرِيقِ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ عَكْسَهُ وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ بِالْمُسْلِمِينَ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ مِنَحٌ وَالْمُرَادُ هُنَا بِالْإِمَامِ الْخَلِيفَةُ لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ فَكَذَا نَائِبُهُ

(قَوْلُهُ صَادَرَهُ السُّلْطَانُ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَالًا ط (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ) فَإِنَّهُ إنَّمَا بَاعَهُ بِاخْتِيَارِهِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ صَارَ مُحْتَاجًا إلَى بَيْعِهِ لِإِيفَاءِ مَا طُلِبَ مِنْهُ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الْكُرْهَ مِنَحٌ (قَوْلُهُ كَالدَّائِنِ إذَا حُبِسَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ الْمَدْيُونُ ط

(قَوْلُهُ بِالضَّرْبِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْمُبَرِّحَ ط (قَوْلُهُ عَلَى الْخُلْعِ) أَيْ عَلَى الْمُخَالَعَةِ مَعَهُ بِمَالٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ وَاقِعٌ) كَذَا عَلَّلَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَعَقَّبَهُ الشَّلَبِيُّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ، هُوَ الَّذِي أَكْرَهَهَا لَا يَصِحُّ هَذَا التَّعْلِيلُ إلَّا إذَا قُرِئَ وَإِنْ أَكْرَهَهَا أَيْ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ أَيْ أَكْرَهَهُمَا إنْسَانٌ اهـ أَبُو السُّعُودِ: أَقُولُ: أَوْ يُقْرَأُ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ فَاعِلٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ) أَيْ بَدَلُ الْخُلْعِ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْبَدَلُ تَارَةً يَكُونُ مَا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ مِنْ الْمَهْرِ وَتَارَةً يَكُونُ غَيْرَهُ وَقَدْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِمَا يُنَاسِبُ الْأَوَّلَ، وَهُوَ السُّقُوطُ عَبَّرَ الشَّارِحُ بِمَا يُنَاسِبُ الثَّانِي جَمْعًا بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ لِمَا قُلْنَا) أَيْ مِنْ أَنَّهَا مُكْرَهَةٌ وَسُقُوطُ الْمَالِ أَوْ لُزُومُهُ يُشْتَرَطُ لَهُ الرِّضَا (قَوْلُهُ قَالُوا وَهُوَ الْحِيلَةُ) قَالَ فِي الْمِنَحِ: ذَكَرَ هَذَا الْفَرْعَ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُخَلِّصُ لِامْرَأَةٍ تُرِيدُ أَنْ تُرْضِيَ زَوْجَهَا بِهِبَةِ الْمَهْرِ ظَاهِرًا وَهِيَ لَا تُرِيدُ صِحَّةَ ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) هُوَ لِلْمُصَنِّفِ وَأَقُولُ: إنَّمَا تَنْفَعُهَا هَذِهِ الْحِيلَةُ فِي الْخُلْعِ لَوْ عَلِمَ الزَّوْجُ أَنْ لَا مَهْرَ عَلَيْهِ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ خَلَعَ امْرَأَتَهُ بِمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْمَهْرِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ عَدَمَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا بِمَهْرِهَا، فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ الْمَهْرَ إنْ قَبَضَتْ. أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ بِأَنْ وَهَبَتْ صَحَّ الْخُلْعُ، وَلَا تَرُدُّ عَلَيْهِ شَيْئًا اهـ. وَأَقُولُ أَيْضًا: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ حِيلَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ، حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا هُوَ حِيلَةٌ لِغَيْرِهِ فَفِي حِيَلِ الْأَشْبَاهِ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَهَبِينِي صَدَاقَك الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَالْحِيلَةُ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْهُ ثَوْبًا مَلْفُوفًا بِمَهْرِهَا ثُمَّ تَرُدُّهُ بَعْدَ الْيَوْمِ فَيَبْقَى الْمَهْرُ وَلَا حِنْثَ اهـ، وَفِي مُدَايَنَاتِ الْأَشْبَاهِ عَنْ الْقُنْيَةِ وَلَهُ أَيْ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْهِبَةِ ثَلَاثُ حِيَلٍ:

أَحَدُهَا: شِرَاءُ شَيْءٍ مَلْفُوفٍ مِنْ زَوْجِهَا بِالْمَهْرِ قَبْلَ الْهِبَةِ،

وَالثَّانِيَةُ: صُلْحُ إنْسَانٍ مَعَهَا عَنْ الْمَهْرِ بِشَيْءٍ مَلْفُوفٍ قَبْلَ الْهِبَةِ، وَالثَّالِثَةُ: هِبَةُ الْمَرْأَةِ الْمَهْرَ لِابْنِ الصَّغِيرِ لَهَا قَبْلَ الْهِبَةِ وَفِي الْأَخِيرِ نَظَرٌ اهـ فَلْيَكُنْ مَا هُنَا حِيلَةً أُخْرَى لِذَلِكَ تَأَمَّلْ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ فِيمَا ذُكِرَ لِعَدَمِ

ص: 746

بِرَفْعِهِ إلَى مَنْ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ. -

(اتَّخَذَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ أَوْ بَالُوعَةً فَنَزَّ مِنْهَا حَائِطُ جَارِهِ وَطَلَبَ جَارُهُ تَحْوِيلَهُ لَمْ يُجْبَرْ) عَلَيْهِ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالرِّفْقِ دَفْعًا لِلْإِيذَاءِ (وَإِنْ سَقَطَ الْحَائِطُ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ) لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ إذَا حَفَرَهُ فِي مِلْكِهِ فَكَانَ تَسَبُّبًا وَمَرَّ فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَوْ سَقَى أَرْضَهُ سَقْيًا لَا تَحْتَمِلُهُ فَتَعَدَّى لِجَارِهِ ضَمِنَ.

(عَمَرَ دَارَ زَوْجَتِهِ بِمَالِهِ بِإِذْنِهَا فَالْعِمَارَةُ لَهَا وَالنَّفَقَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا) لِصِحَّةِ أَمْرِهَا (وَلَوْ) عَمَرَ (لِنَفْسِهِ بِلَا إذْنِهَا الْعِمَارَةُ لَهُ) وَيَكُونُ غَاصِبًا لِلْعَرْصَةِ فَيُؤْمَرُ بِالتَّفْرِيغِ بِطَلَبِهَا ذَلِكَ (وَلَهَا بِلَا إذْنِهَا فَالْعِمَارَةُ لَهَا وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ) فِي الْبِنَاءِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ، وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِهِ بِيَمِينِهِ، وَفِي أَنَّ الْعِمَارَةَ لَهَا أَوْ لَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَمَلِّكُ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا

ــ

[رد المحتار]

إمْكَانِ الْبِرِّ فِي الْيَوْمِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْمَلْفُوفِ لِيُثْبِتَ الرَّدَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ (قَوْلُهُ بِرَفْعِهِ إلَى مَنْ لَا يَشْتَرِطُ قَبُولَهُ) أَيْ إلَى قَاضٍ لَا يَرَى أَنَّ قَبُولَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ شَرْطٌ لِتَمَامِ الْحَوَالَةِ كَقَاضٍ مَالِكِيٍّ

(قَوْلُهُ لَمْ يُجْبَرْ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ، وَإِنْ أَضَرَّ بِغَيْرِهِ لَكِنْ تَرَكَ الْقِيَاسَ فِي مَحَلٍّ يَضُرُّ بِغَيْرِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا فَقِيلَ بِالْمَنْعِ وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ إلَخْ) أَقُولُ: الْأَنْسَبُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ غَيْرُ مُتَعَدٍّ إذْ حَفَرَهُ فِي مِلْكِهِ: أَيْ لِأَنَّ الْمُتَسَبِّبَ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا تَعَدَّى كَوَضْعِ الْحِجْرِ فِي الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ) لِأَنَّهُ جُعِلَ مُبَاشِرًا وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ تَفْصِيلٌ حَيْثُ قَالَ: فَلَوْ أَجْرَى الْمَاءَ فِي أَرْضِهِ إجْرَاءً لَا يَسْتَقِرُّ فِيهَا ضَمِنَ وَلَوْ يَسْتَقِرُّ فِيهَا ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَلَوْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ جَارُهُ بِالسُّكْرِ وَالْإِحْكَامِ، وَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ كَالْإِشْهَادِ عَلَى الْحَائِطِ الْمَائِلِ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ اهـ، قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ: أَقُولُ: يُعْلَمُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى اتَّخَذَ فِي دَارِهِ بَالُوعَةً أَوْهَنَتْ بِنَاءَ جَارِهِ لِسَرَيَانِ الْمَاءِ إلَى أُسِّهِ فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ بِإِحْكَامِ الْبِنَاءِ، حَتَّى لَا يَسْرِيَ الْمَاءُ تَأَمَّلْ اهـ وَبِهِ يُقَيَّدُ إطْلَاقُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَا سِيَّمَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ

(قَوْلُهُ عَمَرَ دَارَ زَوْجَتِهِ إلَخْ) عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ عِمَارَةُ كَرْمِهَا وَسَائِرِ أَمْلَاكِهَا جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، وَفِيهِ عَنْ الْعُدَّةِ كُلُّ مَنْ بَنَى فِي دَارِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَالْبِنَاءُ لِآمِرِهِ وَلَوْ لِنَفْسِهِ بِلَا أَمْرِهِ فَهُوَ لَهُ، وَلَهُ رَفْعُهُ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِالْبِنَاءِ، فَيُمْنَعُ وَلَوْ بَنَى لِرَبِّ الْأَرْضِ، بِلَا أَمْرِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا كَمَا مَرَّ اهـ وَفِيهِ بَنَى الْمُتَوَلِّي فِي عَرْصَةِ الْوَقْفِ إنْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَلِلْوَقْفِ، وَكَذَا لَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، لَكِنْ لِلْوَقْفِ وَلَوْ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ أَشْهَدَ فَلَهُ وَإِلَّا فَلِلْوَقْفِ بِخِلَافِ أَجْنَبِيٍّ بَنَى فِي مِلْكِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْطُوعٍ فِي الْإِنْفَاقِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا لِصِحَّةِ أَمْرِهَا، فَصَارَ كَالْمَأْمُورِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ زَيْلَعِيٌّ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ عَلَى جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ فَالْعِمَارَةُ لَهُ) هَذَا لَوْ الْآلَةُ كُلُّهَا لَهُ فَلَوْ بَعْضُهَا لَهُ وَبَعْضُهَا لَهَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا ط عَنْ الْمَقْدِسِيَّ (قَوْلُهُ بِلَا إذْنِهَا) فَلَوْ بِإِذْنِهَا تَكُونُ عَارِيَّةً ط (قَوْلُهُ فَيُؤْمَرُ بِالتَّفْرِيغِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ، وَبِهِ أَفْتَى الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ مُفْتِي الرُّومِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ قِيمَةَ الْأَقَلِّ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ بِطَلَبِهَا) الْأَوْضَحُ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ إنْ طَلَبَتْ (قَوْلُهُ وَلَهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْسِهِ أَيْ وَلَوْ عَمَرَ لَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا) أَيْ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ وَقَالَ بَعْدَهُ: لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ إذَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ إلَّا إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ، فَمَاتَتْ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهَا، وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ اهـ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا عَمَرَ دَارَ زَوْجَتِهِ لَهَا فَمَاتَتْ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهَا

ص: 747

وَتَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ.

(قَالَ هَذِهِ رَضِيعَتِي ثُمَّ اعْتَرَفَ) بِالْخَطَإِ (وَصَدَّقَتْهُ) فِي خَطَئِهِ (فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ) أَفَادَ بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَوْلِ كَقَوْلِهِ (هُوَ حَقٌّ أَوْ صِدْقٌ أَوْ كَمَا قُلْت أَوْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ شُهُودًا أَوْ مَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ) مِنْ الثَّبَاتِ اللَّفْظِيِّ الدَّالِّ عَلَى الثَّبَاتِ النَّفْسِيِّ وَهَلْ يَكُونُ تَكْرَارُ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ ثَبَاتًا خِلَافٌ مَبْسُوطٌ فِي الْمَبْسُوطِ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ التَّكْرَارَ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْإِقْرَارُ (وَلَوْ أَخَذَ) رَجُلٌ (غَرِيمَهُ فَنَزَعَهُ إنْسَانٌ مِنْ يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ تَسَبُّبٌ (وَكَذَا إذَا دَلَّ السَّارِقُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ أَوْ أَمْسَكَ هَارِبًا مِنْ عَدُوِّهِ حَتَّى قَتَلَهُ) عَدُوُّهُ لِمَا قُلْنَا (فِي يَدِهِ مَالُ إنْسَانٍ فَقَالَ لَهُ سُلْطَانٌ ادْفَعْ إلَى هَذَا الْمَالَ وَإِلَّا) تَدْفَعْهُ إلَيَّ (اقْطَعْ يَدَك أَوْ أَضْرِبْك خَمْسِينَ فَدَفَعَهُ لَمْ يَضْمَنْ) الدَّافِعُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ.

(قَالَ تَرَكْت دَعْوَايَ عَلَى فُلَانٍ وَفَوَّضْت أَمْرِي إلَى الْآخِرَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ (الْإِجَازَةُ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ) عَلَى الصَّحِيحِ (فَلَوْ غَصَبَ عَيْنًا لِإِنْسَانٍ فَأَجَازَ الْمَالِكُ غَصْبَهُ صَحَّ) إجَازَتُهُ وَحِينَئِذٍ (فَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ) وَلَوْ انْتَفَعَ بِهِ فَأَمَرَهُ بِالْحِفْظِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَحْفَظْ وَتَمَامُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ.

ــ

[رد المحتار]

لِيَرْجِعَ فِي تَرِكَتِهَا بِمَا أَنْفَقَ وَأَنْكَرَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ إذْنَهَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَوَجْهُهُ شَهَادَةُ الْعُرْفِ الظَّاهِرُ لَهُ تَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ) لَمْ أَرَهُ فِيهِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ آنِفًا

(قَوْلُهُ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا) وَالْعُذْرُ لَهُ فِي رُجُوعِهِ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ، فَقَدْ يَظْهَرُ لَهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ خَطَأُ النَّاقِلِ، وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي اغْتَفَرُوا فِيهَا التَّنَاقُضَ أَفَادَهُ فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَكُونُ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَقَعَتْ فِي زَمَنِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ الشِّحْنَةِ، فَأَفْتَى: بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ ثَبَاتًا، وَخَالَفَهُ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ، وَوَقَعَ نِزَاعٌ طَوِيلٌ وَعُقِدَ لَهَا مَجَالِسُ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ قَايِتْبَايْ، وَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنْ عُرِضَتْ النُّقُولُ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْقَاضِي زَكَرِيَّا مِنْ نَحْوِ أَرْبَعِينَ كِتَابًا. فَأَجَابَ: بِأَنَّ صَرِيحَ هَذِهِ النُّقُولِ وَمَنْطُوقَهَا أَنَّ الثَّبَاتَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِقَوْلِهِ، هُوَ حَقٌّ أَوْ نَحْوُهُ وَلَيْسَ فِي صَرِيحِهَا أَنَّ التَّكْرَارَ كَذَلِكَ نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمَبْسُوطِ، وَلَكِنَّ الثَّابِتَ عَلَى الْإِقْرَارِ كَالْمُجَدِّدِ لَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَهُ يَقُومُ مَقَامَ قَوْلِهِ هُوَ حَقٌّ، وَنَحْوُهُ، وَقَدَّمْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ خِلَافٌ مَبْسُوطٌ فِي الْمَبْسُوطِ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَبْسُوطِ بَيَانُ الْخِلَافِ، وَأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ أَنَّ التَّكْرَارَ يَثْبُتُ بِهِ الْإِصْرَارُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا يَثْبُتُ صَوَابُهُ حَذْفُ لَا، وَلَوْ قَالَ صَرِيحُ النُّقُولِ أَنَّ التَّكْرَارَ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْإِصْرَارُ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَسَبُّبٌ) أَيْ النَّزْعُ، وَقَدْ دَخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ضَيَاعِ حَقِّهِ فِعْلُ فَاعِلٍ مُخْتَارٍ، وَهُوَ هُرُوبُهُ فَلَا يُضَافُ إلَيْهِ التَّلَفُ كَمَا إذَا حَلَّ قَيْدَ الْعَبْدِ فَأَبَقَ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ أَضْرِبُك خَمْسِينَ) أَيْ فَأَكْثَرَ فَلَوْ قَالَ لَهُ: أَحْبِسُك شَهْرًا أَوْ أَضْرِبُك ضَرْبًا، فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَالِ لِلْغَيْرِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِخَوْفِ التَّلَفِ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْإِكْرَاهِ أَنَّ أَمْرَ السُّلْطَانِ إكْرَاهٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَدَفَعَهُ) أَمَّا إذَا دَفَعَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُهُ ط (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ فَلَوْ ادَّعَى ذَلِكَ أَيْ الْأَخْذَ مِنْهُ كَرْهًا، هَلْ يُكْتَفَى مِنْهُ بِالْيَمِينِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ بُرْهَانٍ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ حَمَوِيٌّ. أَقُولُ: مُقْتَضَى كَوْنِهِ أَمِينًا أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِالْيَمِينِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْهَلَاكَ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ الْإِجَازَةُ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ أَوَائِلَ كِتَابِ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ فَأَجَازَ الْمَالِكُ غَصْبَهُ) الَّذِي فِي الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا غَصَبَ شَيْئًا وَقَبَضَهُ فَأَجَازَ الْمَالِكُ قَبْضَهُ إلَخْ وَهُوَ أَنْسَبُ مِنْ قَوْلِهِ غَصَبَهُ (قَوْلُهُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَحْفَظْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْفَعْ بِهِ يَبْرَأُ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا انْتَفَعَ بِهِ وَدَامَ عَلَى الِانْتِفَاعِ كَمَا لَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ، فَإِذَا أَمَرَهُ بِالْحِفْظِ لَا يَبْرَأُ حَتَّى يَنْزِعَهُ وَيَحْفَظَهُ أَمَّا لَوْ نَزَعَهُ قَبْلَ الْأَمْرِ وَحَفِظَهُ فَأَمَرَهُ بِالْحِفْظِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَبْرَأُ لِأَنَّهُ بِدَوَامِهِ

ص: 748

(وَضَعَ مِنْجَلًا فِي الصَّحْرَاءِ لِيَصِيدَ بِهِ حِمَارَ وَحْشٍ وَسَمَّى عَلَيْهِ فَجَاءَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي) قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَوْ وَجَدَهُ مَيِّتًا مِنْ سَاعَتِهِ لَمْ يَحِلَّ زَيْلَعِيٌّ (وَوَجَدَ الْحِمَارَ مَجْرُوحًا مَيِّتًا لَمْ يُؤْكَلْ) لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَذْبَحَهُ إنْسَانٌ أَوْ يَجْرَحَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالنَّطِيحَةِ (كُرِهَ تَحْرِيمًا) وَقِيلَ تَنْزِيهًا وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ (مِنْ الشَّاةِ سَبْعٌ الْحَيَاءُ وَالْخُصْيَةُ وَالْغُدَّةُ وَالْمَثَانَةُ وَالْمَرَارَةُ وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ وَالذَّكَرُ) لِلْأَثَرِ الْوَارِدِ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ وَجَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَقَالَ:

فَقُلْ ذَكَرٌ وَالْأُنْثَيَانِ مَثَانَةٌ

كَذَاك دَمٌ ثُمَّ الْمَرَارَةُ وَالْغُدَدْ

وَقَالَ غَيْرُهُ:

ــ

[رد المحتار]

عَلَى الِانْتِفَاعِ بَعْدَ الْأَمْرِ مُتَعَدٍّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَزَعَهُ قَبْلَهُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَأَفَادَ ط نَحْوَهُ

(قَوْلُهُ وَضَعَ مِنْجَلًا) بِكَسْرِ الْمِيمِ ط يُحْصَدُ بِهِ الزَّرْعُ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ أَيْضًا وَالْعَيْنِيُّ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ، وَمُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الذَّبَائِحِ أَنَّهُ لِلِاحْتِرَازِ حَيْثُ قَالَ: وَتُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ حَالَ الذَّبْحِ أَوْ الرَّمْيِ لِصَيْدٍ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ حَالَ وَضْعِ الْحَدِيدِ لِحِمَارِ الْوَحْشِ إذَا لَمْ يَقْعُدْ عَنْ طَلَبِهِ اهـ وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ هُنَاكَ وَفِي كِتَابِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ كُرِهَ تَحْرِيمًا) لِمَا رَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ وَاصِلِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الشَّاةِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَيَيْنِ وَالْقُبُلَ وَالْغُدَّةَ وَالْمَرَارَةَ وَالْمَثَانَةَ وَالدَّمَ» ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الدَّمُ حَرَامٌ وَأَكْرَهُ السِّتَّةَ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ عز وجل {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3]- الْآيَةَ فَلَمَّا تَنَاوَلَهُ النَّصُّ قَطَعَ بِتَحْرِيمِهِ وَكَرِهَ مَا سِوَاهُ، لِأَنَّهُ مِمَّا تَسْتَخْبِثُهُ الْأَنْفُسُ، وَتَكْرَهُهُ وَهَذَا الْمَعْنَى سَبَبُ الْكَرَاهِيَةِ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]- زَيْلَعِيٌّ.

وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ آخِرَ كِتَابِ الذَّبَائِحِ: وَمَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فَالْمُرَادُ مِنْهُ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ السِّتَّةِ وَبَيْنَ الدَّمِ فِي الْكَرَاهَةِ وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ مُحَرَّمٌ وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: الدَّمُ حَرَامٌ وَأَكْرَهُ السِّتَّةَ فَأَطْلَقَ الْحَرَامَ عَلَى الدَّمِ، وَسَمَّى مَا سِوَاهُ مَكْرُوهًا لِأَنَّ الْحَرَامَ الْمُطْلَقَ مَا ثَبَتَتْ حُرْمَتُهُ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ وَهُوَ الْمُفَسَّرُ مِنْ الْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145]- وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى حُرْمَتِهِ، وَأَمَّا حُرْمَةُ مَا سِوَاهُ مِنْ السِّتَّةِ فَمَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ، بَلْ بِالِاجْتِهَادِ أَوْ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ الْمُحْتَمِلِ لِلتَّأْوِيلِ أَوْ الْحَدِيثِ، فَلِذَا فَصَّلَ فَسَمَّى الدَّمَ حَرَامًا وَذَا مَكْرُوهًا اهـ. أَقُولُ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُتُونِ هُوَ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَنْزِيهًا) قَائِلُهُ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الذَّكَرَ أَوْ الْغُدَّةَ لَوْ طُبِخَ فِي الْمَرَقَةِ لَا تُكْرَهُ الْمَرَقَةُ وَكَرَاهَةُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ اهـ. وَاخْتَارَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ مَا فِي الْقُنْيَةِ وَقَالَ: إنَّ فِيهِ فَائِدَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ، وَالْأُخْرَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَكْلُ الْمَرَقَةِ وَاللَّحْمِ اهـ نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِهِ، وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ) لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ اسْتِدْلَالِ الْإِمَامِ بِالْآيَةِ وَأَيْضًا فَكَلَامُ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ لَا يُعَارِضُ ظَاهِرَ الْمُتُونِ وَكَلَامُ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ مِنْ الشَّاةِ) ذِكْرُ الشَّاةِ اتِّفَاقِيٌّ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَلِفُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْمَأْكُولَاتِ ط.

(قَوْلُهُ الْحَيَاءُ) هُوَ الْفَرْجُ مِنْ ذَوَاتِ الْخُفِّ وَالظِّلْفِ وَالسِّبَاعِ، وَقَدْ يُقْصَرُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَالْغُدَّةُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ كُلُّ عُقْدَةٍ فِي الْجَسَدِ أَطَافَ بِهَا شَحْمٌ، وَكُلُّ قِطْعَةٍ صُلْبَةٍ بَيْنَ الْعَصَبِ وَلَا تَكُونُ فِي الْبَطْنِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ) أَمَّا الْبَاقِي فِي الْعُرُوقِ بَعْدَ الذَّبْحِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ فِي بَيْتٍ) وَقَبْلَهُ بَيْتٌ آخَرُ ذَكَرَهُ فِي الْمِنَحِ وَهُوَ.

وَيُكْرَهُ أَجْزَاءٌ مِنْ الشَّاةِ سَبْعَةٌ

فَخُذْهَا فَقَدْ أَوْضَحْتهَا لَك بِالْعَدَدْ

(قَوْلُهُ فَقُلْ ذَكَرٌ إلَخْ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَعَلَيْهِ فَالْمَعْدُودُ سِتَّةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَصْلَ الْبَيْتِ حَيَا ذَكَرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ) أَيْ بِطَرِيقِ الرَّمْزِ وَمِثْلُهُ قَوْلِي:

إنَّ الَّذِي مِنْ الْمُذَكَّاةِ رُمِيَ

يَجْمَعُهُ حُرُوفُ فَخْذٍ مُدْغَمِ

ص: 749

إذَا مَا ذُكِّيَتْ شَاةٌ فَكُلْهَا

سِوَى سَبْعٍ فَفِيهِنَّ الْوَبَالُ

فَحَاءٌ ثُمَّ خَاءٌ ثُمَّ غَيْنٌ

وَدَالٌ ثُمَّ مِيمَانِ وَذَالٌ

(لِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْغَائِبِ وَالطِّفْلِ وَاللُّقَطَةِ) بِشُرُوطٍ تَقَدَّمَتْ فِي الْقَضَاءِ (بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُلْتَقِطِ) إلَّا إذَا أَنْشَدَهَا حَتَّى سَاغَ تَصَدُّقُهُ فَإِقْرَاضُهُ أَوْلَى زَيْلَعِيٌّ.

(قَالَ إنْ كَانَ اللَّهُ يُعَذِّبُ الْمُشْرِكِينَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ قَالُوا لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَنْ لَا يُعَذَّبُ) كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَظَاهِرُ تَوْجِيهِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْبَعْضِ مَنْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُ فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ يَكُونَ مُشْرِكًا فِي عُمْرِهِ، ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ بِالْحُسْنَى أَوْ أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ مُشْرِكُونَ شَرْعًا وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْبَعْضَ لَا يُعَذَّبُ وَهِيَ سَالِبَةٌ جُزْئِيَّةٌ لَمْ تَصْدُقْ الْمُوجَبَةُ الْكُلِّيَّةُ الْقَائِلَةُ كُلُّ مُشْرِكٍ يُعَذَّبُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ: وَقَدْ أَوْرَدَ هَذَا اللُّغْزَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ ابْنُ وَهْبَانَ فَقَالَ:

وَهَلْ قَائِلٌ لَا يَدْخُلُ النَّارَ كَافِرٌ

وَلَكِنَّهَا بِالْمُؤْمِنِينَ تُعَمَّرُ

قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا يَرَوْنَ النَّارَ يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ؛ وَلَا يَنْفَعُهُمْ، قَالَ تَعَالَى - {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: 85]- وَلِعَجُزِ الْبَيْتِ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ أَنَّ عَمَرَتَهَا خَزَنَتُهَا الْقَائِمُونَ بِأَمْرِهَا وَهُمْ مُؤْمِنُونَ فَفِي الْبَيْتِ سُؤَالَانِ قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ: وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا مِمَّا يُنْكَرُ ذِكْرُهُ وَالتَّلَفُّظُ بِهِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُدَوَّنَ وَيُسَطَّرَ وَلَا يُقْبَلُ تَأْوِيلُ قَائِلِهِ انْتَهَى.

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ إذَا مَا ذُكِّيَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَالتَّاءُ عَلَامَةُ التَّأْنِيثِ

(قَوْلُهُ وَاللُّقَطَةِ) قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِغَيْرِ لُقَطَةِ الذِّمِّيِّ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي إقْرَاضُهَا لِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِهَا بَلْ يَضَعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ قُرْبَةٌ وَالذِّمِّيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ اهـ وَأَطْلَقَ فِي إقْرَاضِهِ اللُّقَطَةَ فَشَمَلَ إقْرَاضَهَا. مِنْ الْمُلْتَقِطِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُ الْبَحْرِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ تَقَدَّمَتْ فِي الْقَضَاءِ) حَيْثُ قَالَ: مِنْ مَلِيءٍ مُؤْتَمَنٍ حَيْثُ لَا وَصِيَّ، وَلَا مَنْ يَقْبَلُهُ مُضَارَبَةً وَلَا مُسْتَغِلًّا يَشْتَرِيهِ اهـ وَقَوْلُهُ: حَيْثُ لَا وَصِيَّ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَحْثًا وَفِيهِ كَلَامٌ يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ إلَخْ) فَإِنْ أَقْرَضُوا ضَمِنُوا لِعَجْزِهِمْ عَنْ التَّحْصِيلِ، بِخِلَافِ الْقَاضِي وَيُسْتَثْنَى إقْرَاضُهُمْ لِلضَّرُورَةِ كَحَرْقٍ وَنَهْبٍ، فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا بَحْرٌ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْقَضَاءِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْأَبَ كَالْوَصِيِّ لَا كَالْقَاضِي هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ مُصَحَّحَيْنِ، وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ فَكَانَ الْمُعْتَقَدُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا أَنْشَدَهَا إلَخْ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِصِيغَةِ يَنْبَغِي، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بَحْثٌ مِنْهُ لَكِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُجِزْ صَاحِبُهَا كَالْقَاضِي مَعَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلْحَاقُ الْإِقْرَاضِ بِالتَّصَدُّقِ إلَّا إذَا قُلْنَا بِالضَّمَانِ (قَوْلُهُ فَإِقْرَاضُهُ أَوْلَى) أَيْ إقْرَاضُهُ مِنْ فَقِيرٍ زَيْلَعِيٌّ

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ تَوْجِيهِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنَحِ وَظَاهِرُ التَّوْجِيهِ الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ قَاضِي خَانْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُشْرِكِينَ فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ الْجَمِيعُ، فَلِذَا قَالَ فِي تَعْلِيلِهِ، لِأَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَنْ لَا يُعَذَّبُ، فَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهَذَا الْبَعْضِ مَنْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُ فِي الْجُمْلَةِ إلَخْ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ بِهَذَا الْبَعْضِ) أَيْ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ التَّبْعِيضِيَّةُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ مُشْرِكُونَ شَرْعًا) أَيْ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ مِنَحٌ فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُعَامَلُونَ شَرْعًا مُعَامَلَةَ آبَائِهِمْ أَمَّا حُكْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ عَشَرَةٌ أَحَدُهَا أَنَّهُمْ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ الْإِمَامِ التَّوَقُّفُ (قَوْلُهُ لَمْ تَصْدُقْ الْمُوجَبَةُ الْكُلِّيَّةُ) أَيْ فَلَا يَحْنَثُ، لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى كَوْنِ الْمُشْرِكِينَ جَمِيعًا مُعَذَّبِينَ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مِنَحٌ أَيْ حَمْلًا لِأَلْ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ (قَوْلُهُ وَهَلْ قَائِلٌ) أَيْ هَلْ يُوجَدُ قَائِلٌ وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ مَقُولُ الْقَوْلِ وَكَافِرٌ فَاعِلُ يَدْخُلُ (قَوْلُهُ فَفِي الْبَيْتِ سُؤَالَانِ) وَهُمَا عَدَمُ دُخُولِ النَّارِ كَافِرٌ وَدُخُولُ الْمُؤْمِنِينَ النَّارَ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ تَأْوِيلُ قَائِلِهِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ وُجُوهٌ تُوجِبُ الْكُفْرَ وَوَجْهٌ وَاحِدٌ يَمْنَعُهُ، فَعَلَى الْمُفْتِي الْمَيْلُ لِمَا يَمْنَعُ، وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ وُجُودِ الْقَرِينَةِ فَإِرَادَةُ

ص: 750

قُلْت: هَذَا مَعَ وُضُوحِ وَجْهِهِ تُكُلِّمَ فِيهِ، فَكَيْفَ الْأَوَّلُ فَلَا تَغْفُلْ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا قَالَ قَدْ قَضَى بِنَقْلِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْإِنْكَارِ، وَأَنَّهُ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يُدَوِّنَهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(صَبِيٌّ حَشَفَتُهُ ظَاهِرَةٌ بِحَيْثُ لَوْ رَآهُ إنْسَانٌ ظَنَّهُ مَخْتُونًا وَلَا تُقْطَعُ جَلْدَةُ ذَكَرِهِ إلَّا بِتَشْدِيدِ أَلَمِهِ تُرِكَ عَلَى حَالِهِ كَشَيْخٍ أَسْلَمَ وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ لَا يُطِيقُ الْخِتَانَ) تُرِكَ أَيْضًا (وَلَوْ خُتِنَ وَلَمْ تُقْطَعْ الْجَلْدَةُ كُلُّهَا يَنْظُرُ فَإِنْ قَطَعَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ كَانَ خِتَانًا وَإِنْ قَطَعَ النِّصْفَ فَمَا دُونَهُ لَا) يَكُونُ خِتَانًا يُعْتَدُّ بِهِ لِعَدَمِ الْخِتَانِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا. (وَ) الْأَصْلُ أَنَّ (الْخِتَانَ سُنَّةٌ) كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ (وَهُوَ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ) وَخَصَائِصِهِ (فَلَوْ اجْتَمَعَ أَهْلُ بَلْدَةٍ عَلَى تَرْكِهِ حَارَبَهُمْ) الْإِمَامُ فَلَا يُتْرَكُ إلَّا لِعُذْرٍ وَعُذْرُ شَيْخٍ لَا يُطِيقُهُ ظَاهِرٌ (وَوَقْتُهُ) غَيْرُ مَعْلُومٍ وَقَبْلَ (سَبْعِ) سِنِينَ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَقِيلَ عَشْرٌ وَقِيلَ أَقْصَاهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً وَقِيلَ الْعِبْرَةُ بِطَاقَتِهِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا عِلْمَ لِي بِوَقْتِهِ وَلَمْ يَرِدْ عَنْهُمَا فِيهِ شَيْءٌ فَلِذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَخِتَانُ الْمَرْأَةِ لَيْسَ سُنَّةً بَلْ مَكْرُمَةً لِلرِّجَالِ وَقِيلَ سُنَّةٌ وَقَدْ جَمَعَ السُّيُوطِيّ مَنْ وُلِدَ مَخْتُونًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَقَالَ:

ــ

[رد المحتار]

الْإِلْغَازِ وَالتَّعْمِيَةِ كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِامْرَأَةٍ مَازِحًا: «إنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا عَجُوزٌ» (قَوْلُهُ قُلْت هَذَا) أَيْ مَا فِي الشَّطْرِ الثَّانِي (قَوْلُهُ فَكَيْفَ الْأَوَّلُ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ الْمُسَاوِي لِمَا فِي الشَّطْرِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا قَالَ) أَيْ مُعْتَرِضًا عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ حَيْثُ نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ الشِّحْنَةِ، فَالضَّمِيرُ فِي نَقْلِهِ لِكَلَامِ ابْنِ الشِّحْنَةِ وَفِي قَضَى وَنَفْسِهِ لِلْمُصَنِّفِ فَافْهَمْ، لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ الشِّحْنَةِ حَتَّى يَتَعَيَّنَ مَرْجِعُ الضَّمَائِرِ.

(قَوْلُهُ آلَمَهُ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ فِعْلٌ مَاضٍ مِنْ الْإِيلَامِ وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِتَشْدِيدٍ. (قَوْلُهُ وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ) أَيْ الْمَعْرِفَةِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَحُكْمًا) الْحُكْمِيُّ بِقَطْعِ الْأَكْثَرِ وَلَمْ يُوجَدْ ط (قَوْلُهُ حَارَبَهُمْ الْإِمَامُ) كَمَا لَوْ تَرَكُوا الْأَذَانَ مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَوَقْتُهُ) أَيْ ابْتِدَاءُ وَقْتِهِ مِسْكِينٌ أَوْ وَقْتُهُ الْمُسْتَحَبُّ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ بَاكِيرٍ عَلَى الْكَنْزِ (قَوْلُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ) أَيْ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِمُدَّةٍ وَقَدْ عَدَلَ الشَّارِحُ عَمَّا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَالْكَنْزِ، لِيَكُونَ الْمَتْنُ جَارِيًا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ كَعَادَةِ الْمُتُونِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ سَبْعٌ) لِأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ إذَا بَلَغَهَا فَيُؤْمَرُ بِالْخِتَانِ، حَتَّى يَكُونَ أَبْلَغَ فِي التَّنْظِيفِ قَالَهُ فِي الْكَافِي، زَادَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْهُ فَحَسَنٌ، وَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَقِيلَ: لَا يُخْتَنُ حَتَّى يَبْلُغَ لِأَنَّهُ لِلطَّهَارَةِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ قَبْلَهُ ط (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَشْرٌ) لِزِيَادَةِ أَمْرِهِ بِالصَّلَاةِ إذَا بَلَغَهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ) أَيْ بِالْفِقْهِ زَيْلَعِيٌّ وَهَذِهِ مِنْ صِيَغِ التَّصْحِيحِ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ بِنَاءً عَلَى قَاعِدَةِ الْإِمَامِ مِنْ عَدَمِ التَّقْدِيرِ فِيمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ وَتَفْوِيضُهَا إلَى الرَّأْيِ تَأَمَّلْ، وَنَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ تَأْيِيدًا لِمَا اخْتَارَهُ أَوَّلًا فَلَا تَكْرَارَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الصَّاحِبَيْنِ (قَوْلُهُ وَخِتَانُ الْمَرْأَةِ) الصَّوَابُ خِفَاضُ، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ خِتَانٌ وَإِنَّمَا خِفَاضٌ حَمَوِيٌّ (قَوْلُهُ بَلْ مَكْرُمَةٌ لِلرِّجَالِ) لِأَنَّهُ أَلَذُّ فِي الْجِمَاعِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ سُنَّةٌ) جَزَمَ بِهِ الْبَزَّازِيُّ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْخُنْثَى تُخْتَنُ، وَلَوْ كَانَ خِتَانُهَا مَكْرُمَةً لَمْ تُخْتَنْ الْخُنْثَى، لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً وَلَكِنْ لَا كَالسُّنَّةِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ اهـ. أَقُولُ: وَخِتَانُ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رَجُلًا، وَخِتَانُ الرَّجُلِ لَا يُتْرَكُ فَلِذَا كَانَ سُنَّةً احْتِيَاطًا وَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ سُنِّيَّتَهُ لِلْمَرْأَةِ تَأَمَّلْ.

وَفِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ اعْلَمْ أَنَّ الْخِتَانَ سُنَّةٌ عِنْدَنَا لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاجِبٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ مُسْتَحَبٌّ لِلنِّسَاءِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «خِتَانُ الرِّجَالِ سُنَّةٌ وَخِتَانُ النِّسَاءِ مَكْرُمَةٌ» وَلَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ ذَكَرَانِ فَإِنْ كَانَا عَامِلَيْنِ خُتِنَا وَلَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ خُتِنَ خَاصَّةً وَيُعْرَفُ الْعَامِلُ بِالْبَوْلِ وَالِانْتِشَارِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ يُخْتَنُ مِنْ الْفَرْجَيْنِ لِيَقَعَ الْيَقِينُ، وَأُجْرَةُ خِتَانِ الصَّبِيِّ عَلَى أَبِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَالْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ وَمَنْ بَلَغَ

ص: 751

وَفِي الرُّسُلِ مَخْتُونٌ لَعَمْرُك خِلْقَةً

ثَمَانٍ وَتِسْعٌ طَيِّبُونَ أَكَارِمُ

وَهُمْ زَكَرِيَّا شِيثُ إدْرِيسُ يُوسُفُ

وَحَنْظَلَةٌ عِيسَى وَمُوسَى وَآدَمُ

وَنُوحٌ شُعَيْبٌ سَامَ لُوطٌ وَصَالِحٌ

سُلَيْمَانُ يَحْيَى هُودُ يس خَاتَمُ

(وَيَجُوزُ كَيُّ الصَّغِيرِ وَبَطُّ قُرْحَتِهِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُدَاوَاةِ لِلْمَصْلَحَةِ وَ) يَجُوزُ (فَصْدُ الْبَهَائِمِ وَكَيُّهَا وَكُلُّ عِلَاجٍ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهَا وَجَازَ قَتْلُ مَا يَضُرُّ مِنْهَا كَكَلْبٍ عَقُورٍ وَهِرَّةٍ) تَضُرُّ (وَيَذْبَحُهَا) أَيْ الْهِرَّةَ (ذَبْحًا) وَلَا يَضُرُّ بِهَا لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ، وَلَا يُحْرِقُهَا وَفِي الْمُبْتَغَى يُكْرَهُ إحْرَاقُ جَرَادٍ وَقَمْلٍ وَعَقْرَبٍ، وَلَا بَأْسَ بِإِحْرَاقِ حَطَبٍ فِيهَا نَمْلٌ وَإِلْقَاءُ الْقَمْلَةِ لَيْسَ بِأَدَبٍ (وَجَازَتْ الْمُسَابَقَةُ بِالْفَرَسِ وَالْإِبِلِ وَالْأَرْجُلِ وَالرَّمْيِ) لِيَرْتَاضَ لِلْجِهَادِ (وَحَرُمَ شَرْطُ الْجُعْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) إلَّا إذَا أَدْخَلَ مُحَلِّلًا بِشُرُوطِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْحَظْرِ (لَا) يَحْرُمُ (مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ) اسْتِحْسَانًا وَلَا يَجُوزُ

ــ

[رد المحتار]

غَيْرَ مَخْتُونٍ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ فَهُوَ هَدَرٌ لِمَوْتِهِ مِنْ فِعْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ شَرْعًا اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَفِي الرُّسُلِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ سَامًا وَحَنْظَلَةَ مُرْسَلَانِ ط (قَوْلُهُ شِيثٌ إدْرِيسُ) بِلَا تَنْوِينٍ كَسَامَ وَهُودَ.

[تَتِمَّةٌ] قِيلَ السَّبَبُ فِي الْخِتَانِ أَنَّ إبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام، لَمَّا اُبْتُلِيَ بِالتَّرْوِيعِ بِذَبْحِ وَلَدِهِ أَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ تَرْوِيعًا بِقَطْعِ عُضْوٍ وَإِرَاقَةِ دَمٍ، ابْتَلَى بِالصَّبْرِ عَلَى إسْلَامِ الْآبَاءِ أَبْنَاءَهُمْ تَأَسِّيًا بِهِ عليه الصلاة والسلام، وَقَدْ اخْتَتَنَ إبْرَاهِيمُ عليه السلام وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً أَوْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَجَمَعَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ حِينِ النُّبُوَّةِ، وَالثَّانِي مِنْ حِينِ الْوِلَادَةِ وَاخْتُتِنَ بِالْقَدُومِ اسْمِ مَوْضِعٍ، وَقِيلَ آلَةُ النَّجَّارِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ وَالْحُفَّاظُ فِي وِلَادَةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم مَخْتُونًا، وَلَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ وَأَطَالَ الذَّهَبِيُّ فِي رَدِّ قَوْلِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ تَوَاتَرَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ، وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ ضَعْفُ الْحَدِيثِ بِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْحُفَّاظِ الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ أَنَّهُ لَمْ يُولَدْ مَخْتُونًا

(قَوْلُهُ وَبَطُّ قُرْحَتِهِ) أَيْ شَقُّهَا مِنْ بَابِ قَتَلَ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمَذْكُورِ مِنْ الْكَيِّ وَالْبَطِّ (قَوْلُهُ وَهِرَّةٍ تَضُرُّ) كَمَا إذَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْحَمَامَ وَالدَّجَاجَ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَيَذْبَحُهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَلْبَ مِثْلُهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يُكْرَهُ إحْرَاقُ جَرَادٍ) أَيْ تَحْرِيمًا وَمِثْلُ الْقَمْلِ الْبُرْغُوثُ وَمِثْلُ الْعَقْرَبِ الْحَيَّةُ ط (قَوْلُهُ وَإِلْقَاءُ الْقَمْلَةِ لَيْسَ بِأَدَبٍ) لِأَنَّهَا تُؤْذِي غَيْرَهُ وَيُورِثُ النِّسْيَانَ وَفِيهِ تَعْذِيبٌ لَهَا بِجُوعِهَا ط أَمَّا الْبُرْغُوثُ فَيَعِيشُ فِي التُّرَابِ (قَوْلُهُ وَجَازَتْ الْمُسَابَقَةُ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْغَايَةُ مِمَّا يَحْتَمِلُهَا الْفَرَسُ، وَأَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرَسَيْنِ احْتِمَالُ السَّبْقِ، أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا يَسْبِقُ لَا مَحَالَةَ فَلَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ لَهُ لِلْحَاجَةِ إلَى الرِّيَاضَةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا إلَّا إيجَابَ الْمَالِ لِلْغَيْرِ عَلَى نَفْسِهِ بِشَرْطٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ اهـ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَالرَّمْيُ) أَيْ بِالسِّهَامِ (قَوْلُهُ لِيَرْتَاضَ لِلْجِهَادِ) أَفَادَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَظْرِ، وَأَنَّهُ لِلتَّلَهِّي مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ «لَا تَحْضُرُ الْمَلَائِكَةُ شَيْئًا مِنْ الْمَلَاهِي سِوَى النِّضَالِ أَيْ الرَّمْيِ وَالْمُسَابَقَةِ» فَالظَّاهِرُ أَنَّ تَسْمِيَتَهُ لَهْوًا لِلْمُشَابَهَةِ الصُّورِيَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَحَرُمَ شَرْطُ الْجُعْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) بِأَنْ يَقُولَ إنْ سَبَقَ فَرَسُك، فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا وَإِنْ سَبَقَ فَرَسِي، فَلِي عَلَيْك كَذَا زَيْلَعِيٌّ.

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا أَدْخَلَ مُحَلِّلًا) الْمُنَاسِبُ أَدْخَلَا وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَا لِثَالِثٍ إنْ سَبَقْتنَا فَالْمَالَانِ لَك، وَإِنْ سَبَقْنَاك فَلَا شَيْءَ لَنَا عَلَيْك، وَلَكِنْ الشَّرْطُ الَّذِي شَرَطَاهُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَيُّهُمَا سَبَقَ كَانَ لَهُ الْجُعْلُ عَلَى صَاحِبِهِ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ، فَإِنْ غَلَبَهُمَا أَخَذَ الْمَالَيْنِ، وَإِنْ غَلَبَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا عَلَيْهِ، وَيَأْخُذُ أَيُّهُمَا غَلَبَ الْمَالَ الْمَشْرُوطَ لَهُ مِنْ صَاحِبِهِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فَرَسُ الْمُحَلِّلِ كُفُؤًا لِفَرَسَيْهِمَا يَجُوزُ أَنْ يَسْبِقَ أَوْ يُسْبَقَ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ: وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا لَكِنْ جَزَمَ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، بِأَنَّ الْبَغْلَ وَالْحِمَارَ كَالْفَرَسِ، وَعَزَاهُ إلَى الْمُلْتَقَى، وَالْمَجْمَعِ قُلْت وَمِثْلُهُ فِي الْمُخْتَارِ وَالْمَوَاهِبِ وَغَيْرِهِمَا، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ هُنَا وَتَقَدَّمَ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ

ص: 752

الِاسْتِبَاقُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ كَالْبَغْلِ بِالْجُعْلِ، وَأَمَّا بِلَا جُعْلٍ فَيَجُوزُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ

(وَلَا يُصَلِّي عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا غَيْرِ الْمَلَائِكَةِ إلَّا بِطَرِيقِ التَّبَعِ) وَهَلْ يَجُوزُ التَّرَحُّمُ عَلَى النَّبِيِّ؟ قَوْلَانِ زَيْلَعِيٌّ.

ــ

[رد المحتار]

فِي كِتَابِ الْحَظْرِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ) حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاحِدٌ مِنْ النَّاسِ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْفُرْسَانِ أَوْ لِاثْنَيْنِ مَنْ سَبَقَ فَلَهُ كَذَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ قَالَ لِلرُّمَاةِ مَنْ أَصَابَ الْهَدَفَ فَلَهُ كَذَا جَازَ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّنْفِيلِ، فَإِذَا كَانَ التَّنْفِيلُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَالسَّلَبِ وَنَحْوِهِ يَجُوزُ فَمَا ظَنُّك بِخَالِصِ مَالِهِ، وَعَلَى هَذَا الْفُقَهَاءُ إذَا تَنَازَعُوا فِي الْمَسَائِلِ وَشُرِطَ لِلْمُصِيبِ مِنْهُمْ جُعْلٌ جَازَ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْخَيْلِ إذْ التَّعَلُّمُ فِي الْبَابَيْنِ يَرْجِعُ إلَى تَقْوِيَةِ الدِّينِ وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الْمُسَابَقَةِ الْحِلُّ؛ دُونَ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْمَغْلُوبُ مِنْ الدَّفْعِ لَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي وَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ اهـ

(قَوْلُهُ وَلَا يُصَلِّي عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ إلَخْ) لِأَنَّ فِي الصَّلَاةِ مِنْ التَّعْظِيمِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الدَّعَوَاتِ وَهِيَ زِيَادَةُ الرَّحْمَةِ وَالْقُرْبِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَلِيقُ ذَلِكَ بِمَنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ خَطَايَا وَالذُّنُوبُ إلَّا تَبَعًا بِأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم زَيْلَعِيٌّ. وَاخْتُلِفَ هَلْ تُكْرَهُ تَحْرِيمًا أَوْ تَنْزِيهًا أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى؟ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ الثَّانِيَ، لَكِنْ فِي خُطْبَةِ شَرْحِ الْأَشْبَاهِ لِلْبِيرِيِّ مَنْ صَلَّى عَلَى غَيْرِهِمْ أَثِمَ وَكُرِهَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْمُسْتَصْفَى: وَحَدِيثُ «صَلَّى اللَّهُ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» الصَّلَاةُ حَقُّهُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى غَيْرِهِ ابْتِدَاءً أَمَّا الْغَيْرُ فَلَا اهـ. وَأَمَّا السَّلَامُ فَنَقَلَ اللَّقَانِيُّ فِي شَرْحِ جَوْهَرَةِ التَّوْحِيدِ عَنْ الْإِمَامِ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ، فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْغَائِبِ وَلَا يُفْرَدُ بِهِ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا يُقَالُ عَلِيٌّ عليه السلام وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْأَحْيَاءُ وَالْأَمْوَاتُ إلَّا فِي الْحَاضِرِ فَيُقَالُ السَّلَامُ أَوْ سَلَامٌ عَلَيْك أَوْ عَلَيْكُمْ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ اهـ.

أَقُولُ: وَمِنْ الْحَاضِرِ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَنْعِ السَّلَامِ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي عِلَّةِ مَنْعِ الصَّلَاةِ أَنَّ ذَلِكَ شِعَارُ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ فِي لِسَانِ السَّلَفِ بِالْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا أَنَّ قَوْلَنَا عز وجل مَخْصُوصٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يُقَالُ مُحَمَّدٌ عز وجل وَإِنْ كَانَ عَزِيزًا جَلِيلًا ثُمَّ قَالَ اللَّقَانِيُّ: وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ، وَأَمِيلُ إلَيْهِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ، وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ يَجِبُ تَخْصِيصُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ كَمَا يَخْتَصُّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ بِالتَّقْدِيسِ وَالتَّنْزِيهِ، وَيُذْكَرُ مَنْ سِوَاهُمْ بِالْغُفْرَانِ وَالرِّضَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ - وَأَيْضًا فَهُوَ أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا أَحْدَثَهُ الرَّافِضَةُ فِي بَعْضِ الْأَئِمَّةِ وَالتَّشَبُّهُ بِأَهْلِ الْبِدَعِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَتَجِبُ مُخَالَفَتُهُمْ اهـ.

أَقُولُ: وَكَرَاهَةُ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْبِدَعِ مُقَرَّرَةٌ عِنْدَنَا أَيْضًا لَكِنْ لَا مُطْلَقًا بَلْ فِي الْمَذْمُومِ وَفِيمَا قُصِدَ بِهِ التَّشَبُّهُ بِهِمْ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ مِثْلُ الصَّلَاةِ وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى بِهِ لِغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ عليهم السلام وَهُوَ مَرْحُومٌ قَطْعًا، فَيَكُونُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَقَدْ اسْتَغْنَيْنَا عَنْ هَذِهِ بِالصَّلَاةِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِنْ أَشْوَقِ الْعِبَادِ إلَى مَزِيدِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْنَاهَا مَعْنَى الصَّلَاةِ فَلَمْ يُوجَدْ مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ زَيْلَعِيٌّ. وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ قَالَ وَلَا يَقُولُ: ارْحَمْ مُحَمَّدًا وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُهُ لِلتَّوَارُثِ، وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ الْأَثَرَ وَرَدَ بِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَلِأَنَّ أَحَدًا

ص: 753

قُلْت: وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَجَوَّزَهُ السُّيُوطِيّ تَبَعًا لَا اسْتِقْلَالًا، فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(وَيُسْتَحَبُّ التَّرَضِّي لِلصَّحَابَةِ) وَكَذَا مَنْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَذِي الْقَرْنَيْنِ وَلُقْمَانَ وَقِيلَ يُقَالُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُقَدِّمَةِ لِلْقَرْمَانِيِّ. (وَالتَّرَحُّمُ لِلتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْعُبَّادِ وَسَائِرِ الْأَخْيَارِ وَكَذَا يَجُوزُ عَكْسُهُ) التَّرَحُّمُ وَلِلصَّحَابَةِ وَالتَّرَضِّي لِلتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ (عَلَى الرَّاجِحِ) ذَكَرَهُ الْقَرْمَانِيُّ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْأَوْلَى أَنْ يَدْعُوَ لِلصَّحَابَةِ بِالتَّرَضِّي وَلِلتَّابِعِينَ بِالرَّحْمَةِ وَلِمَنْ بَعْدَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَالتَّجَاوُزِ

(وَالْإِعْطَاءُ بِاسْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ لَا يَجُوزُ) أَيْ الْهَدَايَا بِاسْمِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ حَرَامٌ (وَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَهُ) كَمَا يُعَظِّمُهُ الْمُشْرِكُونَ (يَكْفُرُ) قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَبَدَ اللَّهَ خَمْسِينَ سَنَةً ثُمَّ أَهْدَى لِمُشْرِكٍ يَوْمَ النَّيْرُوزِ بَيْضَةً يُرِيدُ تَعْظِيمَ الْيَوْمِ فَقَدْ كَفَرَ وَحَبِطَ عَمَلُهُ اهـ وَلَوْ أَهْدَى لِمُسْلِمٍ وَلَمْ يُرِدْ تَعْظِيمَ الْيَوْمِ بَلْ جَرَى عَلَى عَادَةِ النَّاسِ لَا يَكْفُرُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَهُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ نَفْيًا لِلشُّبْهَةِ وَلَوْ شَرَى فِيهِ مَا لَمْ يَشْتَرِهِ قَبْلَ

ــ

[رد المحتار]

وَإِنْ جَلَّ قَدْرُهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ (قَوْلُهُ وَجَوَّزَهُ السُّيُوطِيّ تَبَعًا لَا اسْتِقْلَالًا) أَيْ مَضْمُومًا إلَى الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لَا وَحْدَهُ فَيَجُوزُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَلَا يَجُوزُ ارْحَمْ مُحَمَّدًا بِدُونِ الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ) أَيْ يُحْمَلُ الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ عَلَى التَّبَعِيَّةِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِهِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يُقَالُ مَضْمُومًا إلَى الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ، فَلِذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ ابْتِدَاءً رحمه الله اهـ قَالَ ط: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزُ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَسَامَحَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إيهَامِ نَقْصٍ اهـ. أَقُولُ: وَكَذَا عَفَا عَنْهُ وَإِنْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَهُ أَنْ يُخَاطِبَ عَبْدَهُ بِمَا أَرَادَ كَمَا لَا يَلِيقُ أَنْ تُخَاطِبَ الرَّعِيَّةُ الْأُمَرَاءَ بِمَا تُخَاطِبُهُمْ بِهِ الْمُلُوكُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِلتَّرَحُّمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ التَّرَضِّي لِلصَّحَابَةِ) لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُبَالِغُونَ فِي طَلَبِ الرِّضَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَيَجْتَهِدُونَ فِي فِعْلِ مَا يُرْضِيهِ، وَيَرْضَوْنَ بِمَا يَلْحَقُهُمْ مِنْ الِابْتِلَاءِ مِنْ جِهَتِهِ أَشَدَّ الرِّضَا، فَهَؤُلَاءِ أَحَقُّ بِالرِّضَا وَغَيْرُهُمْ لَا يَلْحَقُ أَدْنَاهُمْ وَلَوْ أَنْفَقَ مِلْءَ الْأَرْضِ ذَهَبًا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ) قَالَ النَّوَوِيُّ وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّ هَذَا أَيْ الدُّعَاءَ بِالصَّلَاةِ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنَّ الْأَرْجَحَ أَنْ يُقَالَ رضي الله عنه لِأَنَّهُ مَرْتَبَةٌ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُمَا نَبِيَّيْنِ اهـ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَا يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَكَذَا كَلَامُ الْقَاضِي عِيَاضٍ السَّابِقُ أَنَّهُ لَا يُدْعَى لَهُ بِالصَّلَاةِ، لَكِنْ يَنْبَغِي عَدَمُ الْإِثْمِ بِهِ لِشُبْهَةِ الِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُقَالُ إلَخْ) أَيْ لِتَكُونَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ تَبَعًا فَيَكُونُ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَهُوَ وَجِيهٌ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى النَّبِيهِ (قَوْلُهُ وَالْعُبَّادِ) بِالضَّمِّ جَمْعُ عَابِدٍ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ إلَخْ) لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ إلَّا فِي قَوْلِهِ وَلِمَنْ بَعْدَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَالتَّجَاوُزِ.

[تَتِمَّةٌ] يُكْرَهُ الْجَدَلُ فِي أَنَّ لُقْمَانَ وَذَا الْقَرْنَيْنِ وَذَا الْكِفْلِ أَنْبِيَاءٌ أَمْ لَا، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْأَلُ الْإِنْسَانُ عَمَّا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَأَنْ يَقُولَ: كَيْفَ هَبَطَ جِبْرِيلُ وَعَلَى أَيِّ صُورَةٍ رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَحِينَ رَآهُ عَلَى صُورَةِ الْبَشَرِ هَلْ بَقِيَ مَلَكًا أَمْ لَا؟ وَأَيْنَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ وَمَتَى السَّاعَةُ وَنُزُولُ عِيسَى؟ وَإِسْمَاعِيلُ أَفْضَلُ أَمْ إِسْحَاقُ وَأَيُّهُمَا الذَّبِيحُ؟ وَفَاطِمَةُ أَفْضَلُ مِنْ عَائِشَةَ أَمْ لَا؟ وَأَبَوَا النَّبِيِّ كَانَا عَلَى أَيِّ دِينٍ؟ وَمَا دِينُ أَبِي طَالِبٍ؟ وَمَنْ الْمَهْدِيُّ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَجِبُ مَعْرِفَتُهُ وَلَمْ يَرِدُ التَّكْلِيفُ بِهِ.

وَيَجِبُ ذِكْرُهُ صلى الله عليه وسلم بِأَسْمَاءٍ مُعَظَّمَةٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ فَقِيرٌ غَرِيبٌ مِسْكِينٌ فَرِيدٌ طَوِيلٌ، وَيَجِبُ تَعْظِيمُ الْعَرَبِ خُصُوصًا أَهْلَ الْحَرَمَيْنِ خُصُوصًا أَوْلَادَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ خُصُوصًا أَوْلَادَ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ مَقْدِسِيٌّ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ

(قَوْلُهُ وَالْإِعْطَاءُ بِاسْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ) بِأَنْ يُقَالَ هَدِيَّةُ هَذَا الْيَوْمِ وَمِثْلُ الْقَوْلِ النِّيَّةُ فِيمَا يَظْهَرُ ط وَالنَّيْرُوزُ أَوَّلُ الرَّبِيعِ وَالْمِهْرَجَانُ أَوَّلُ الْخَرِيفِ وَهُمَا يَوْمَانِ يُعَظِّمُهُمَا بَعْضُ الْكَفَرَةِ وَيَتَهَادَوْنَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ ثُمَّ أَهْدَى لِمُشْرِكٍ إلَخْ)

ص: 754

إنْ أَرَادَ تَعْظِيمَهُ كَفَرَ وَإِنْ أَرَادَ الْأَكْلَ كَالشُّرْبِ وَالتَّنْعِيمِ لَا يَكْفُرُ زَيْلَعِيٌّ (وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْقَلَانِسِ) غَيْرَ حَرِيرٍ وَكِرْبَاسٍ عَلَيْهِ إبْرَيْسَمَ فَوْقَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ سِرَاجِيَّةٌ وَصَحَّ أَنَّهُ حَرُمَ لُبْسُهَا (وَنُدِبَ لُبْسُ السَّوَادِ وَإِرْسَالُ ذَنَبِ الْعِمَامَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ إلَى وَسَطِ الظَّهْرِ) وَقِيلَ لِمَوْضِعِ الْجُلُوسِ وَقِيلَ شِبْرٌ.

(وَيُكْرَهُ) أَيْ لِلرِّجَالِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْكَرَاهِيَةِ (لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ) لِقَوْلِ «ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَقَالَ إيَّاكُمْ وَالْأَحْمَرَ فَإِنَّهُ زِيُّ الشَّيْطَانِ» وَيُسْتَحَبُّ التَّجَمُّلُ وَأَبَاحَ اللَّهُ الزِّينَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى - {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32]- الْآيَةَ وَخَرَجَ صلى الله عليه وسلم رِدَاءٌ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِينَارٍ زَيْلَعِيٌّ

(وَلِلشَّابِّ الْعَالِمِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الشَّيْخِ الْجَاهِلِ) وَلَوْ قُرَشِيًّا قَالَ تَعَالَى

ــ

[رد المحتار]

قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اتَّخَذَ مَجُوسِيٌّ دَعْوَةً لِحَلْقِ رَأْسِ وَلَدِهِ فَحَضَرَ مُسْلِمٌ دَعْوَتَهُ فَأَهْدَى إلَيْهِ شَيْئًا لَا يَكْفُرُ، وَحُكِيَ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ مَجُوسِي سَرْبَلَ كَانَ كَثِيرَ الْمَالِ حَسَنَ التَّعَهُّدِ بِالْمُسْلِمِينَ، فَاِتَّخَذَ دَعْوَةً لِحَلْقِ رَأْسِ وَلَدِهِ، فَشَهِدَ دَعْوَتَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَهْدَى بَعْضُهُمْ إلَيْهِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى مُفْتِيهِمْ، فَكَتَبَ إلَى أُسْتَاذِهِ عَلِيٍّ السَّعْدِيِّ أَنْ أَدْرِكْ أَهْلَ بَلَدِك، فَقَدْ ارْتَدُّوا وَشَهِدُوا شِعَارَ الْمَجُوسِيِّ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَكَتَبَ إلَيْهِ إنَّ إجَابَةَ دَعْوَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مُطْلَقَةٌ فِي الشَّرْعِ وَمُجَازَاةُ الْإِحْسَانِ مِنْ الْمُرُوءَةِ وَحَلْقُ الرَّأْسِ لَيْسَ مِنْ شِعَارِ أَهْلِ الضَّلَالَةِ وَالْحُكْمُ بِرِدَّةِ الْمُسْلِمِ بِهَذَا الْقَدْرِ لَا يُمْكِنُ وَالْأَوْلَى لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يُوَافِقُوهُمْ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ لِإِظْهَارِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ اهـ (قَوْلُهُ وَالتَّنْعِيمِ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَالتَّنَعُّمِ بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ) مِنْ الْبُؤْسِ أَيْ لَا شِدَّةَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ أَوْ مِنْ الْبَأْسِ وَهُوَ الْجَرَاءَةُ أَيْ لَا جَرَاءَةَ فِي مُبَاشَرَتِهِ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَشْرُوعٌ وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهُ لَا يُؤْجَرُ وَلَا يَأْثَمُ بِهِ حَمَوِيٌّ عَنْ الْمِفْتَاحِ اهـ ط. أَقُولُ: وَالْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا تَرْكُهُ أَوْلَى (قَوْلُهُ الْقَلَانِسِ) جَمْعِ قَلَنْسُوَةٍ بِفَتْحِ الْقَافِ ذَاتِ الْآذَانِ تَحْتَ الْعِمَامَةِ ط (قَوْلُهُ غَيْرِ حَرِيرٍ إلَخْ) رَدَّ عَلَى مِسْكِينٍ حَيْثُ قَالَ لَفْظُ الْجَمْعِ يَشْمَلُ قَلَنْسُوَةَ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْكِرْبَاسِ وَالسَّوْدَاءَ وَالْحَمْرَاءَ (قَوْلُهُ وَصَحَّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَبِسَهَا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَمِثْلُهُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: أَيْ لَبِسَ الْقَلَانِسَ، وَقَدْ عَزَاهُ الْمُصَنِّفُ وَالزَّيْلَعِيُّ إلَى الذَّخِيرَةِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَصَحَّ أَنَّهُ حَرَّمَ لُبْسَهَا أَيْ قَلَانِسَ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ لُبْسُ السَّوَادِ) لِأَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْغَنَائِمِ حَدِيثًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لُبْسَ السَّوَادِ مُسْتَحَبٌّ وَأَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُجَدِّدَ اللَّفَّ لِعِمَامَتِهِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْفُضَهَا كَوْرًا كَوْرًا، فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْسَنُ مِنْ رَفْعِهَا عَنْ الرَّأْسِ، وَإِلْقَائِهَا فِي الْأَرْضِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ إرْسَالُ ذَنَبِ الْعِمَامَةِ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ

(قَوْلُهُ وَقَالَ إيَّاكُمْ وَالْأَحْمَرَ) الَّذِي فِي الزَّيْلَعِيِّ: إيَّاكُمْ وَالْحُمْرَةَ فَإِنَّهَا زِيُّ الشَّيْطَانِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ التَّجَمُّلُ إلَخْ) قَالَ عليه الصلاة والسلام «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدِهِ أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ» وَأَبُو حَنِيفَةَ كَانَ يَتَرَدَّى بِرِدَاءٍ قِيمَتُهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ، وَكَانَ يَأْمُرُ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ وَيَقُولُ: فَإِنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ إلَيْكُمْ بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ " وَمُحَمَّدٌ كَانَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ النَّفِيسَةَ وَيَقُولُ: إنَّ لِي نِسَاءً وَجِوَارِي فَأُزَيِّنُ نَفْسِي كَيْ لَا يَنْظُرُونَ إلَى غَيْرِي قِيلَ لِلشَّيْخِ: أَلَيْسَ عُمَرُ رضي الله عنه كَانَ يَلْبَسُ قَمِيصًا عَلَيْهِ كَذَا رُقْعَةً فَقَالَ: فَعَلَ ذَلِكَ لِحِكْمَةٍ هِيَ أَنَّهُ كَانَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُمَّالُهُ يَقْتَدُونَ وَرُبَّمَا لَا يَكُونُ لَهُمْ مَالٌ، فَيَأْخُذُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ذَخِيرَةٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِينَارٍ) تَبِعَ الْمُصَنِّفَ وَاَلَّذِي فِي الزَّيْلَعِيِّ أَلْفٌ دِرْهَمٍ

(قَوْلُهُ وَلِلشَّابِّ الْعَالِمِ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَخْ) لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَلِهَذَا يُقَدَّمُ فِي الصَّلَاةِ: وَهِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ: وَهِيَ تَالِيَةُ الْإِيمَانِ زَيْلَعِيٌّ. وَصَرَّحَ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوَاهُ بِحُرْمَةِ تَقَدُّمِ الْجَاهِلِ عَلَى الْعَالِمِ، حَيْثُ أَشْعَرَ بِنُزُولِ دَرَجَتِهِ عِنْدَ الْعَامَّةِ لِمُخَالَفَتِهِ - {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]- إلَى أَنْ قَالَ وَهَذَا

ص: 755

{وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]- فَالرَّافِعُ هُوَ اللَّهُ فَمَنْ يَضَعْهُ يَضَعْهُ اللَّهُ فِي جَهَنَّمَ وَهُمْ أُولُو الْأَمْرِ عَلَى الْأَصَحِّ وَوَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ بِلَا خِلَافٍ.

(اخْتَضَبَ لِأَجْلِ التَّزَيُّنِ لِلنِّسَاءِ وَالْجَوَارِي جَازَ) فِي الْأَصَحِّ وَيُكْرَهُ بِالسَّوَادِ وَقِيلَ لَا وَمَرَّ فِي الْخَطَرِ (كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ مُتَّكِئًا) فِي الصَّحِيحِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ مُتَّكِئًا» مَجْمَعُ الْفَتَاوَى:

(أَخَذَتْهُ الزَّلْزَلَةُ فِي بَيْتِهِ فَفَرَّ إلَى الْفَضَاءِ لَا يُكْرَهُ) بَلْ يُسْتَحَبُّ لِفِرَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْحَائِطِ

ــ

[رد المحتار]

مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَالْمُتَقَدِّمُ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً فَيُعَزَّرُ (قَوْلُهُ فَمَنْ يَضَعُهُ) أَيْ يَضَعُ الْعَالِمَ (قَوْلُهُ وَهُمْ أُولُو الْأَمْرِ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ مِنْ الْأَقْوَالِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ - {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. وَفِي الْمِنَحِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَقَالَ الزندويستي حَقُّ الْعَالِمِ عَلَى الْجَاهِلِ وَحَقُّ الْأُسْتَاذِ عَلَى التِّلْمِيذِ وَاحِدٌ عَلَى السَّوَاءِ وَهُوَ أَنْ لَا يَفْتَحَ الْكَلَامَ قَبْلَهُ وَلَا يَجْلِسَ مَكَانَهُ، وَإِنْ غَابَ وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ كَلَامَهُ وَلَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي مَشْيِهِ، وَحَقُّ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا وَهُوَ أَنْ تُطِيعَهُ فِي كُلِّ مُبَاحٍ، وَعَنْ خَلَفٍ أَنَّهُ وَقَعَتْ زَلْزَلَةٌ فَأَمَرَ الطَّلَبَةَ بِالدُّعَاءِ فَقِيلَ لَهُ فِيهِ فَقَالَ: خَيْرُهُمْ خَيْرٌ مِنْ خَيْرِ غَيْرِهِمْ وَشَرُّهُمْ خَيْرٌ مِنْ شَرِّ غَيْرِهِمْ

(قَوْلُهُ جَازَ فِي الْأَصَحِّ) وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فَقَدْ قَالَ: يُعْجِبُنِي أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي امْرَأَتِي كَمَا يُعْجِبُهَا أَنْ أَتَزَيَّنَ لَهَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ فِي عُمْرِهِ وَالْأَصَحُّ لَا وَفَصَّلَ فِي الْمُحِيطِ بَيْنَ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَهُ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، أَمَّا بِالْحُمْرَةِ فَهُوَ سُنَّةُ الرِّجَالِ وَسِيَّمَا الْمُسْلِمِينَ اهـ مِنَحٌ مُلَخَّصًا وَفِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ لِلْأَكْمَلِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَضَّبَ فِي وَقْتٍ، وَتَرَكَهُ فِي مُعْظَمِ الْأَوْقَاتِ، وَمَذْهَبُنَا أَنَّ الصَّبْغَ بِالْحِنَّاءِ وَالْوَسْمَةِ حَسَنٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَمَذْهَبُنَا اسْتِحْبَابُ خِضَابِ الشَّيْبِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِصُفْرَةٍ أَوْ حُمْرَةٍ وَتَحْرِيمُ خِضَابِهِ بِالسَّوَادِ عَلَى الْأَصَحِّ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «غَيِّرُوا هَذَا الشَّيْبَ وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ» اهـ قَالَ الْحَمَوِيُّ وَهَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْغُزَاةِ وَلَا يَحْرُمُ فِي حَقِّهِمَا لِلْإِرْهَابِ وَلَعَلَّهُ مَحْمَلٌ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ ط (قَوْلُهُ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ مُتَّكِئًا فِي الصَّحِيحِ) قَدَّمْنَا فِي الْحَظْرِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْمُخْتَارِ أَيْ فَتَرْكُهُ أَوْلَى وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ تَكَبُّرٍ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ (قَوْلُهُ لِمَا رُوِيَ إلَخْ) الَّذِي فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «لَا آكُلُ مُتَّكِئًا» قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ عَنْ النَّسَائِيّ قَالَ «مَا رُئِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ مُتَّكِئًا قَطُّ» ، لَكِنْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ «أَنَّهُ أَكَلَ مُتَّكِئًا مَرَّةً» فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ زِيَادَةٌ مَقْبُولَةٌ، وَيُؤَيِّدُهَا مَا أَخْرَجَهُ عَنْ ابْنِ شَاهِينَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ جِبْرِيلَ «رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ مُتَّكِئًا فَنَهَاهُ» ، وَفَسَّرَ الْأَكْثَرُونَ الِاتِّكَاءَ بِالْمَيْلِ عَلَى أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْآكِلِ وَوَرَدَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ «زَجْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عِنْدَ الْأَكْلِ» قَالَ مَالِكٌ رحمه الله: وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الِاتِّكَاءِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِصِفَةٍ بِعَيْنِهَا اهـ مُلَخَّصًا وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ مُتَّكِئًا فَقَدْ تَرَكَهُ لِمَا نَهَى عَنْهُ، فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْجَوَازِ؛ نَعَمْ ذَكَرَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ عليه الصلاة والسلام، وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ عَامٌّ قَالَ الْعَلْقَمِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: اُخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الِاتِّكَاءِ فَقِيلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ فِي الْجُلُوسِ لِلْأَكْلِ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ، وَقِيلَ: أَنْ يَمِيلَ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ وَقِيلَ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى مِنْ الْأَرْضِ وَالْأَوَّلُ الْمُعْتَمَدُ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْقَوْلَيْنِ وَالْحِكْمَةُ فِي تَرْكِهِ أَنَّهُ مِنْ فِعْلِ مُلُوكِ الْعَجَمِ وَالْمُتَعَظَّمِينَ، وَأَنَّهُ أَدْعَى إلَى كَثْرَةِ الْأَكْلِ، وَأَحْسَنُ الْجِلْسَاتِ لِلْأَكْلِ الْإِقْعَاءُ عَلَى الْوَرِكَيْنِ، وَنَصْبُ الرُّكْبَتَيْنِ ثُمَّ الْجُثُوُّ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ ثُمَّ

ص: 756