المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَقَدْ حَلَّلَا لَحْمَ الْبِغَالِ وَأُمُّهَا … مِنْ الْخَيْلِ قَطْعًا وَالْكَرَاهَةُ - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٦

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌[رُكْن الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَرْصَدِ وَالْقِيمَةِ وَمِشَدِّ الْمُسْكَةِ]

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَمَعْنَى الِاسْتِحْكَارُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ تَفَاسَخَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ]

- ‌بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْبِنَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْمَعَاصِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِئْجَارِ الْمَاءِ مَعَ الْقَنَاةِ وَاسْتِئْجَارِ الْآجَامِ وَالْحِيَاضِ لِلسَّمَكِ]

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ

- ‌[مَبْحَثُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ الْخَاصِّ أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْحَارِسِ وَالْخَانَاتِيِّ]

- ‌[مَبْحَثُ اخْتِلَافِ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ إصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ وَإِخْرَاجُ التُّرَابِ وَالرَّمَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَجْمِ الدَّارِ مِنْ الْجِنِّ هَلْ هُوَ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِسْقُ الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ عُذْرًا فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ إرَادَةُ السَّفَرِ أَوْ النُّقْلَةِ مِنْ الْمِصْرِ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَخْلِيَةِ الْبَعِيدِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْمُؤَجِّرِ وَلِغَيْرِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أُجْرَةِ صَكِّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُقْطَعِ وَانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ الْمُقْطِعِ وَإِخْرَاجُهُ لَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْكَرَ الدَّافِعُ وَقَالَ لَيْسَ هَذَا مِنْ دَرَاهِمِي فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا]

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ

- ‌بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ

- ‌بَابٌ: مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى

- ‌كِتَابُالْوَلَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ

- ‌كِتَابُالْإِكْرَاهِ

- ‌كِتَابُالْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ.(بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ

- ‌كِتَابُالْمَأْذُونِ

- ‌[مَبْحَثٌ فِي تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ وَمَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ وَتَرْتِيبُهَا]

- ‌[فروع أَقَرَّ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونَانِ بِمَا مَعَهُمَا مِنْ كَسْبٍ أَوْ إرْثٍ]

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ هُدِمَ حَائِطٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَفِيمَا لَوْ أَبَى الْمَالِكُ قَبُولَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَبْحَاثِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي لُحُوقِ الْإِجَازَةِ لِلْإِتْلَافِ وَالْأَفْعَالِ فِي اللُّقَطَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِمَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةً تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ مَنَافِعِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ السَّاعِي]

- ‌كِتَابُالشُّفْعَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ غَصَبَ السُّلْطَانُ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ مِنْ شِرْبٍ أَوْ دَارٍ وَقَالَ لَا أَغْصِبُ إلَّا نَصِيبَهُ]

- ‌بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌[بَابُ مَا تَثْبُتُ الشُّفْعَة فِيهِ أَوْ لَا تَثْبُتُ]

- ‌[بَابُ مَا يُبْطِل الشُّفْعَة]

- ‌[فُرُوعٌ]بَاعَ مَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ شَفِيعُهَا

- ‌كِتَابُالْقِسْمَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ السُّكْنَى فِي بَعْضِ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ]

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌[مُطْلَبٌ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْحُورِ وَالصَّفْصَافِ]

- ‌[مُطْلَبٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُنَاصَبَةِ بَيَانُ الْمُدَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ قَامَ الْعَامِلُ عَلَى الْكَرْمِ أَيَّامًا ثُمَّ تَرَكَ فَلَمَّا أَدْرَكَ الثَّمَرَ جَاءَ يَطْلُبُ الْحِصَّةَ]

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةَ

- ‌فُرُوعٌ]

- ‌[فُرُوعٌ]لَوْنُ أُضْحِيَّتِهِ عليه الصلاة والسلام سَوْدَاءُ

- ‌كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ]

- ‌فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ

- ‌بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ

- ‌فَرْعٌ]يُكْرَهُ إعْطَاءُ سَائِلٍ الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ الشِّرْبُ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ

- ‌بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتُهُ أَيْ الرَّهْنُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْأَبُ مِنْ مَالِ طِفْلِهِ شَيْئًا بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ لِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ عِنْدَ غَرِيمٍ مِنْ غُرَمَائِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

- ‌[فَرْعٌ] رَهْنُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ

- ‌بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

- ‌[فُرُوعٌ] أَلْقَى حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا فِي الطَّرِيقِ فَلَدَغَتْ رَجُلًا

- ‌فَصْلٌ فِي الْفِعْلَيْنِ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ

- ‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

- ‌[فُرُوعٌ لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكَرْمِ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ]

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَصْبِ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌[تَتِمَّةٌ صَبِيٌّ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ فِي مَاءٍ فَمَاتَ]

- ‌كِتَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌[فُرُوعٌ وُجِدَ الْقَتِيل فِي دَارِ صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوه]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَرْعٌ]أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فُلَانٌ أَوْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ

- ‌ بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَصَايَا الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ

- ‌[فُرُوعٌ]أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلصَّلَوَاتِ

- ‌بَابُ الْوَصِيِّ

- ‌فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ

- ‌[فُرُوعٌ]يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ

- ‌كِتَابُ الْخُنْثَى

- ‌مَسَائِلُ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَصَبَاتِ

- ‌بَابُ الْعَوْلِ

- ‌ مَسَائِلُ الرَّدِّ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ

- ‌بَابُ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى وَغَيْرِهِمْ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُنَاسَخَةِ

- ‌بَابُ الْمَخَارِجِ

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: وَقَدْ حَلَّلَا لَحْمَ الْبِغَالِ وَأُمُّهَا … مِنْ الْخَيْلِ قَطْعًا وَالْكَرَاهَةُ

وَقَدْ حَلَّلَا لَحْمَ الْبِغَالِ وَأُمُّهَا

مِنْ الْخَيْلِ قَطْعًا وَالْكَرَاهَةُ تُذْكَرُ

وَإِنْ يَنْزُ كَلْبٌ فَوْقَ عَنْزٍ فَجَاءَهَا

نِتَاجٌ لَهُ رَأْسٌ كَكَلْبٍ فَيُنْظَرُ

فَإِنْ أَكَلَتْ لَحْمًا فَكَلْبٌ جَمِيعُهَا

وَإِنْ أَكَلَتْ تِبْنًا فَذَا الرَّأْسُ يُبْتَرُ

وَيُؤْكَلُ بَاقِيَهَا وَإِنْ أَكَلَتْ لِذَا

وَذَا فَاضْرِبْنَهَا وَالصِّيَاحُ يُخْبِرُ

وَإِنْ أَشْكَلَتْ فَاذْبَحْ فَإِنْ كَرِشُهَا بَدَا

فَعَنْزٌ وَإِلَّا فَهُوَ كَلْبٌ فَيُطْمَرُ

وَفِي مُعَايَاتِهَا:

وَأَيُّ شِيَاهٍ دُونَ ذَبْحٍ يُحِلُّهَا

وَمِنْ ذَا الَّذِي ضَحَّى وَلَا دَمَ يَنْهَرُ

‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةَ

مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ (هِيَ) لُغَةً اسْمٌ لِمَا يُذْبَحُ أَيَّامَ الْأَضْحَى،

ــ

[رد المحتار]

شَاةٌ اعْتِبَارًا لِلْأُمِّ اهـ ح (قَوْلُهُ وَأُمُّهَا مِنْ الْخَيْلِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، فَلَوْ أُمُّهَا أَتَانٌ لَا تُؤْكَلُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَالْكَرَاهَةُ تُذْكَرُ) أَيْ عِنْدَهُمَا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفَهِمَ الطَّرَسُوسِيُّ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ، وَنَازَعَهُ النَّاظِمُ بِأَنَّ مُحَمَّدًا نَصَّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَكْرُوهٍ حَرَامٌ، وَعِنْدَهُمَا إلَى الْحِلِّ أَقْرَبُ. وَرَجَحَ ابْنُ الشِّحْنَةِ الْأَوَّلَ بِمَسْأَلَةِ الشَّاةِ إذَا نَزَا عَلَيْهَا ذِئْبٌ فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِلَا كَرَاهَةٍ. قَالَ: لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ وَالْبَغْلُ لَا يُؤْكَلُ وَلَمْ يُفَصِّلْ، وَمَا سَيَأْتِي مِنْ التَّعْوِيلِ عَلَى الشَّبَهِ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ لِأَنَّ الْبَغْلَ أَشْبَهُ بِالْحِمَارِ مِنْ الْفَرَسِ اهـ.

أَقُولُ: الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، لِمَا مَرَّ أَنَّ كَرَاهَةَ الْفَرَسِ عِنْدَهُمَا تَنْزِيهِيَّةٌ فَكَذَا وَلَدُهَا وَأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالشَّبَهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ يَنْزُ إلَخْ) يُقَالُ نَزَا الْفَحْلُ إذَا وَثَبَ عَلَى الْأُنْثَى فَوَاقَعَهَا وَالنِّتَاجُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ يَشْمَلُ وَضْعَ الْبَهَائِمِ مِنْ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا شَارِحٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَكَلَتْ إلَخْ) تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ فَيُنْظَرُ. وَتِبْنًا بِتَقْدِيمِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَبْتًا بِتَأْخِيرِهَا وَتَقْدِيمِ النُّونِ، وَالْبَتْرُ الْقَطْعُ: أَيْ يُقْطَعُ الرَّأْسُ وَيُرْمَى وَيُؤْكَلُ الْبَاقِي (قَوْلُهُ وَالصِّيَاحُ يُخْبِرُ) أَيْ فَإِنْ نَبَحَ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ ثَغَا يُرْمَى رَأْسُهُ وَيُؤْكَلُ الْبَاقِي (قَوْلُهُ وَإِنْ أَشُكِلَتْ) بِأَنْ نَبَحَ كَالْكَلْبِ وَثَغَا كَالْعَنْزِ (قَوْلُهُ فَعَنْزٌ) أَيْ فَيُؤْكَلُ مَا سِوَى رَأْسُهُ

(قَوْلُهُ وَإِلَّا) بِأَنْ خَرَجَ لَهُ أَمْعَاءٌ بِلَا كَرِشٍ. وَالطَّمْرُ: الدَّفْنُ فِي الْأَرْضِ. هَذَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ اعْتِبَارَ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَبَعْدَ وُضُوحِ عَلَامَةِ الْأَكْلِ لَا يُعْتَبَرُ الصِّيَاحُ مُطْلَقًا، وَبَعْدَ وُضُوحِ عَلَامَةِ الصِّيَاحِ لَا يُعْتَبَرُ مَا فِي الْجَوْفِ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ فَإِذَا أَكَلَ لَحْمًا وَثَغَا أَوْ ظَهَرَ لَهُ كَرِشٌ لَا يُؤْكَلُ، وَإِذَا أَكَلَ تِبْنًا وَنَبَحَ أَوْ ظَهَرَ لَهُ أَمْعَاءٌ يُؤْكَلُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَيُّ شِيَاهٍ إلَخْ) هِيَ الَّتِي نَدَّتْ خَارِجَ الْمِصْرِ تَحِلُّ بِالْجَرْحِ، وَقَدْ مَرَّ قُبَيْلَ الذَّبَائِحِ (قَوْلُهُ وَمَنْ ذَا الَّذِي ضَحَّى إلَخْ) جَوَابُهُ: رَجُلٌ أَقَامَ فِي بَيْتِهِ إلَى وَقْتِ الضُّحَى فَقَدْ ضَحَّى بِلَا دَمٍ. [تَتِمَّةٌ]

مَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولُ سَبْعَةٌ: الدَّمُ الْمَسْفُوحُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ وَالْقُبُلُ وَالْغُدَّةُ وَالْمَثَانَةُ وَالْمَرَارَةُ بَدَائِعُ، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى آخِرَ الْكِتَابِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةَ]

َ أَفَعُولَةٌ أَصْلُهُ أُضْحُويَةٌ اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ وَكُسِرَتْ الْحَاءُ لِثَبَاتِ الْيَاءِ وَتُجْمَعُ عَلَى أَضَاحِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ عِنَايَةٌ. وَنَقَلَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَنَّ فِيهَا ثَمَانِي لُغَاتٍ أُضْحِيَّةٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَضَحِيَّةٌ بِلَا هَمْزَةٍ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا وَأُضْحَاةٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ) فِيهِ بَيَانُ الْمُنَاسَبَةِ مَعَ وَجْهِ التَّعْقِيبِ كَمَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ. أَوْرَدَهَا عَقِبَ الذَّبَائِحِ لِأَنَّ التَّضْحِيَةَ ذَبْحٌ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ بَعْدَ الْعَامِّ اهـ، بَيَانُهُ أَنَّ الْعَامَّ جَزْءٌ مِنْ الْخَاصِّ، فَالْحَيَوَانُ مَثَلًا جَزْءٌ مِنْ مَاهِيَّةِ

ص: 311

مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ وَقْتِهِ. وَشَرْعًا (ذَبْحُ حَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ. وَشَرَائِطُهَا: الْإِسْلَامُ وَالْإِقَامَةُ وَالْيَسَارُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ) وُجُوبُ (صَدَقَةِ الْفِطْرِ) كَمَا مَرَّ (لَا الذُّكُورَةُ فَتَجِبُ عَلَى الْأُنْثَى) خَانِيَّةٌ (وَسَبَبُهَا الْوَقْتُ) وَهُوَ أَيَّامُ النَّحْرِ

ــ

[رد المحتار]

الْإِنْسَانِ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ وَالْجُزْءُ مُقَدَّمٌ طَبْعًا فَقُدِّمَ وَضْعًا (قَوْلُهُ مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ وَقْتِهِ) يَعْنِي بِاسْمٍ مَأْخُوذٍ مِنْ اسْمِ وَقْتِ ذَبْحِهِ فَافْهَمْ. وَفِي الْمُغْرِبِ: يُقَالُ ضَحَّى، إذَا ذَبَحَ الْأُضْحِيَّةَ وَقْتَ الضُّحَى هَذَا أَصْلُهُ، ثُمَّ كُسِرَ حَتَّى قِيلَ ضَحَّى فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَلَوْ آخِرَ النَّهَارِ اهـ. وَقِيلَ مَنْسُوبَةٌ إلَى أَضْحَى (قَوْلُهُ وَشَرْعًا ذَبْحُ حَيَوَانٍ) كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَاَلَّذِي فِي الدُّرَرِ أَنَّهَا اسْمٌ لِحَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ: هِيَ مَا يُذْبَحُ، وَكَتَبَ فِي هَامِشِهِ أَنَّ مَنْ قَالَ ذَبْحُ حَيَوَانٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةَ وَالتَّضْحِيَةِ اهـ وَقَدْ خَطَرَ لِي قَبْلَ رُؤْيَتِهِ (قَوْلُهُ مَخْصُوصٍ) أَيْ نَوْعًا وَسِنًّا ط (قَوْلُهُ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ) أَيْ الْمَعْهُودَةِ وَهِيَ التَّضْحِيَةُ. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: فَلَا تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِدُونِهَا لِأَنَّ الذَّبْحَ قَدْ يَكُونُ لِلَّحْمِ وَقَدْ يَكُونُ لِلْقُرْبَةِ، وَالْفِعْلُ لَا يَقَعُ قُرْبَةً بِدُونِ النِّيَّةِ، وَلِلْقُرْبَةِ جِهَاتٌ مِنْ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ وَالْإِحْصَارِ وَغَيْرِهِ فَلَا تَتَعَيَّنُ الْأُضْحِيَّةَ إلَّا بِنِيَّتِهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ بِلِسَانِهِ مَا نَوَى بِقَلْبِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ ذَبَحَ الْمُشْتَرَاةَ لَهَا بِلَا نِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ جَازَتْ اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ عِنْدَ الشِّرَاءِ اهـ.

أَقُولُ: فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا أَنَّ مِنْ الشُّرُوطِ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لِلتَّضْحِيَةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ، فَلَا يَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْقِرَانِ إلَّا لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي الصَّوْمِ لِتَعَذُّرِ قِرَانِهَا بِوَقْتِ الشُّرُوعِ اهـ وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى مِنْ الْأَشْبَاهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَشَرَائِطُهَا) أَيْ شَرَائِطُ وُجُوبِهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْحُرِّيَّةَ صَرِيحًا لِعِلْمِهَا مِنْ قَوْلِهِ وَالْيَسَارُ، وَلَا الْعَقْلَ وَالْبُلُوغَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ كَمَا يَأْتِي، وَالْمُعْتَبَرُ وُجُودُ هَذِهِ الشَّرَائِطِ آخِرَ الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي أَوَّلِهِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَالْإِقَامَةُ) فَالْمُسَافِرُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ تَطَوَّعَ بِهَا أَجْزَأَتْهُ عَنْهَا وَهَذَا إذَا سَافَرَ قَبْلَ الشِّرَاءِ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ شَاةً لَهَا ثُمَّ سَافَرَ فَفِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ يَبِيعُهَا وَلَا يُضَحِّي بِهَا أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ. وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ فَصَّلَ فَقَالَ: إنْ كَانَ مُوسِرًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَإِلَّا يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ وَلَا تَسْقُطُ بِسَفَرِهِ، وَإِنْ سَافَرَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ اهـ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ وَالْيَسَارُ إلَخْ) بِأَنْ مَلَك مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ عَرْضًا يُسَاوِيهَا غَيْرَ مَسْكَنِهِ وَثِيَابِ اللُّبْسِ أَوْ مَتَاعٍ يَحْتَاجُهُ إلَى أَنْ يَذْبَحَ الْأُضْحِيَّةَ وَلَوْ لَهُ عَقَارٌ يَسْتَغِلُّهُ فَقِيلَ تَلْزَمُ لَوْ قِيمَتُهُ نِصَابًا، وَقِيلَ لَوْ يَدْخُلُ مِنْهُ قُوتُ سَنَةٍ تَلْزَمُ، وَقِيلَ قُوتُ شَهْرٍ، فَمَتَى فَضَلَ نِصَابٌ تَلْزَمُهُ. وَلَوْ الْعَقَارُ وَقْفًا، فَإِنْ وَجَبَ لَهُ فِي أَيَّامِهَا نِصَابٌ تَلْزَمُ، وَصَاحِبُ الثِّيَابِ الْأَرْبَعَةِ لَوْ سَاوَى الرَّابِعُ نِصَابًا غِنًى وَثَلَاثَةً فَلَا، لِأَنَّ أَحَدَهَا لِلْبِذْلَةِ وَالْآخَرُ لِلْمِهْنَةِ وَالثَّالِثُ لِلْجَمْعِ وَالْوَفْدِ وَالْأَعْيَادِ، وَالْمَرْأَةُ مُوسِرَةٌ بِالْمُعَجَّلِ لَوْ الزَّوْجُ مَلِيًّا وَبِالْمُؤَجَّلِ لَا، وَبِدَارٍ تَسْكُنُهَا مَعَ الزَّوْجِ إنْ قَدَرَ عَلَى الْإِسْكَانِ.

لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ غَائِبٌ فِي يَدِ مُضَارِبِهِ أَوْ شَرِيكِهِ وَمَعَهُ مِنْ الْحَجَرَيْنِ أَوْ مَتَاعِ الْبَيْتِ مَا يُضَحِّي بِهِ تَلْزَمُ، وَتَمَامُ الْفُرُوعِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَسَبَبُهَا الْوَقْتُ) سَبَبُ الْحُكْمِ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ مِمَّا لَا يُدْرِكُ الْعَقْلُ تَأْثِيرَهُ وَلَا يَكُونُ بِصُنْعِ الْمُكَلَّفِ كَالْوَقْتِ لِلصَّلَاةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِلَّةِ وَالشَّرْطِ مَذْكُورٌ فِي حَاشِيَتِنَا [نَسَمَاتِ الْأَسْحَارِ عَلَى شَرْحِ الْمَنَارِ] لِلشَّارِحِ. وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ وَوَصْفُ الْقُدْرَةِ فِيهَا بِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ أَوْ مُيَسَّرَةٌ لَمْ يُذْكَرْ لَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَلَا فِي فُرُوعِهِ، ثُمَّ حَقَّقَ أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْوَقْتُ لِأَنَّ السَّبَبَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِنِسْبَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ وَتَعَلُّقِهِ بِهِ إذْ الْأَصْلُ فِي إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى الشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا وَكَذَا إذَا لَازَمَهُ فَتَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِهِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ وُجُوبُ الْأُضْحِيَّةِ بِتَكَرُّرِ

ص: 312

وَقِيلَ الرَّأْسُ وَقَدَّمَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

(وَرُكْنُهَا) ذَبْحُ (مَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ) مِنْ النَّعَمِ لَا غَيْرُ، فَيُكْرَهُ ذَبْحُ دَجَاجَةٍ وَدِيكٍ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالْمَجُوسِ بَزَّازِيَّةٌ

(وَحُكْمُهَا)(الْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ) فِي الدُّنْيَا (وَالْوُصُولُ إلَى الثَّوَابِ) بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فِي الْعُقْبَى) مَعَ صِحَّةِ النِّيَّةِ إذْ لَا ثَوَابَ بِدُونِهَا (فَتَجِبُ) التَّضْحِيَةُ: أَيْ إرَاقَةُ الدَّمِ مِنْ النَّعَمِ عَمَلًا لَا اعْتِقَادًا

ــ

[رد المحتار]

الْوَقْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَوُجِدَتْ الْإِضَافَةُ فَإِنَّهُ يُقَالُ يَوْمُ الْأَضْحَى كَمَا يُقَالُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ إضَافَةُ الْحُكْمِ إلَى سَبَبِهِ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ، لَكِنْ قَدْ يُعْكَسُ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى سَبَبِيَّةِ الْوَقْتِ امْتِنَاعُ التَّقْدِيمِ عَلَيْهِ كَامْتِنَاعِ تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْفَقْدِ لِفَقْدِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْغِنَى وَإِنْ وُجِدَ السَّبَبُ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الْعِنَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الرَّأْسُ) فِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ؛ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُعْرَفُ السَّبَبُ بِنِسْبَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي حَاشِيَةِ الْمَنَارِ قُبَيْلَ بَحْثِ السُّنَّةِ فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ وَرُكْنُهَا ذَبْحُ إلَخْ) لِأَنَّ رُكْنَ الشَّيْءِ مَا يَقُومُ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَالْأُضْحِيَّةَ إنَّمَا تَقُومُ بِهَذَا الْفِعْلِ فَكَانَ رُكْنًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ ذَبْحُ دَجَاجَةٍ وَدِيكٍ إلَخْ) أَيْ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ ط، وَهَذَا فِيمَنْ لَا أُضْحِيَّةَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ

(قَوْلُهُ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى) هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَعَالَى شَيْءٌ (قَوْلُهُ مَعَ صِحَّةِ النِّيَّةِ) أَيْ بِخُلُوصِهَا بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ (قَوْلُهُ إذْ لَا ثَوَابَ بِدُونِهَا) أَيْ بِدُونِ النِّيَّةِ لِأَنَّ ثَوَابَ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ أَوْ بِدُونِ صِحَّتِهَا، إذْ لَوْ خَالَطَهَا رِيَاءٌ مَثَلًا فَلَا ثَوَابَ أَيْضًا وَإِنْ سَقَطَ الْوَاجِبُ، لِأَنَّ الثَّوَابَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَبُولِ وَبَعْدَ جَوَازِ الْفِعْلِ لَا يَلْزَمُ حُصُولُ الْقَبُولِ فِي الْمُخْتَارِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنَارِ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الظُّهْرَ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَالْقَبُولُ لَا يَدْرِي هُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ - {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]- وَشَرَائِطُ التَّقْوَى عَظِيمَةٌ اهـ وَتَمَامُهُ فِي [نَسَمَاتِ الْأَسْحَارِ](قَوْلُهُ فَتَجِبُ التَّضْحِيَةُ) إسْنَادُ الْوُجُوبِ إلَى الْفِعْلِ أَوْلَى مِنْ إسْنَادِهِ إلَى الْعَيْنِ كَالْأُضْحِيَّةِ كَمَا فَعَلَهُ الْقُدُورِيُّ ط. وَالْوُجُوبُ هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَعَنْهُ أَنَّهَا سُنَّةٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ هِدَايَةٌ، وَالْأَدِلَّةُ فِي الْمُطَوَّلَاتِ (قَوْلُهُ أَيْ إرَاقَةُ الدَّمِ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا الْإِرَاقَةُ لَوْ تَصَدَّقَ بَيْنَ الْحَيَوَانِ لَمْ يَجُزْ، وَالتَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا بَعْدَ الذَّبْحِ مُسْتَحَبٌّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ اهـ

(قَوْلُهُ عَمَلًا لَا اعْتِقَادًا) اعْلَمْ أَنَّ الْفَرْضَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ كَالْإِيمَانِ وَالْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ، وَحُكْمُهُ اللُّزُومُ عِلْمًا: أَيْ حُصُولُ الْعِلْمِ الْقَطْعِيِّ بِثُبُوتِهِ وَتَصْدِيقًا بِالْقَلْبِ: أَيْ لُزُومُ اعْتِقَادِ حَقِّيَّتِهِ وَعَمَلًا بِالْبَدَنِ حَتَّى يَكْفُرَ جَاحِدُهُ وَيَفْسُقُ تَارِكُهُ بِلَا عُذْرٍ. وَالْوَاجِبُ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ فِيهِ شُبْهَةٌ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ، وَحُكْمُهُ اللُّزُومُ عَمَلًا كَالْفَرْضِ لَا عِلْمًا عَلَى الْيَقِينِ لِلشُّبْهَةِ، حَتَّى لَا يَكْفُرَ جَاحِدُهُ وَيَفْسُقَ تَارِكُهُ بِلَا تَأْوِيلٍ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ. ثُمَّ إنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مَرَاتِبَ كَمَا قَالَ الْقُدُورِيُّ بَعْضُهَا آكَدُّ مِنْ بَعْضٍ. فَوُجُوبُ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ آكَدُّ مِنْ وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَوُجُوبُهَا آكَدُّ مِنْ وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةَ اهـ وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ تَفَاوُتِ الْأَدِلَّةِ فِي الْقُوَّةِ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي التَّلْوِيحِ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْفَرْضِ فِيمَا ثَبَتَ بِظَنِّيٍّ، وَالْوَاجِبُ فِيمَا ثَبَتَ بِقَطْعِيٍّ شَائِعٌ مُسْتَفِيضٌ كَقَوْلِهِمْ الْوِتْرُ فَرْضٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَيُسَمَّى فَرْضًا عَمَلِيًّا، وَكَقَوْلِهِمْ الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ وَنَحْوُهُ، فَلَفْظُ الْوَاجِبِ يَقَعُ عَلَى مَا هُوَ فَرْضٌ عِلْمًا وَعَمَلًا كَصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَعَلَى ظَنِّيٍّ هُوَ فِي قُوَّةِ الْفَرْضِ فِي الْعَمَلِ كَالْوِتْرِ حَتَّى يَمْنَعَ تَذَكُّرُهُ صِحَّةَ الْفَجْرِ كَتَذَكُّرِ الْعِشَاءِ، وَعَلَى ظَنِّيٍّ هُوَ دُونَ الْفَرْضِ فِي الْعَمَلِ وَفَوْقَ السُّنَّةِ كَتَعْيِينِ الْفَاتِحَةِ حَتَّى لَا تَفْسُدَ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا بَلْ تَجِبُ سَجْدَةُ السَّهْوِ اهـ وَتَمَامُ تَحْقِيقِ ذَلِكَ بِمَا لَمْ يُوجَدْ مَجْمُوعَةٌ فِي كِتَابٍ مَذْكُورٍ فِي حَاشِيَتِنَا عَلَى الْمَنَارِ بِتَوْفِيقِ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ.

ص: 313

بِقُدْرَةٍ مُمْكِنَةٍ هِيَ مَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْفِعْلِ؛ فَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاؤُهَا لِبَقَاءِ الْوُجُوبِ لِأَنَّهَا شَرْطٌ مَحْضٌ لَا مُيَسَّرَةٌ، هِيَ مَا يَجِبُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ بِصِفَةِ الْيُسْرِ فَغَيَّرَتْهُ مِنْ الْعُسْرِ إلَى الْيُسْرِ، فَيُشْتَرَطُ بَقَاؤُهَا لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ كَمَا مَرَّ فِي الْفِطْرَةِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ تَصَدُّقِهِ

ــ

[رد المحتار]

إذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ اشْتَرَكَا فِي لُزُومِ الْعَمَلِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ مَرَاتِبُ اللُّزُومِ كَمَا تَفَاوَتَتْ مَرَاتِبُ الْوُجُوبِ.

وَاخْتَلَفَا فِي لُزُومِ الِاعْتِقَادِ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِيَّةِ وَلِهَذَا يُسَمَّى الْوَاجِبُ فَرْضًا عَمَلًا فَقَطْ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ عَمَلًا لَا اعْتِقَادًا احْتِرَازٌ عَنْ الْفَرْضِ الْقَطْعِيِّ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمِنَحِ أَيْ فَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ، فَأَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوَاجِبُ الظَّنِّيُّ كَالْوِتْرِ وَنَحْوِهِ، لَا الْقَطْعِيُّ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ عِلْمًا وَعَمَلًا فَإِنَّ مُنْكِرَهُ كَافِرٌ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ مُنْكَرِ الْوَاجِبِ الظَّنِّيِّ: أَيْ مُنْكَرِ وُجُوبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفُرُ لِلشُّبْهَةِ فِيهِ. أَمَّا إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ مَشْرُوعِيَّتِهِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا بَيْنَ الْأُمَّةِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ، فَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ سُنَّةَ الْفَجْرِ يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ. ثُمَّ رَأَيْته فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَا يَكْفُرُ بِهِ نَقْلٌ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ: لَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ الْوِتْرِ وَأَصْلُ الْأُضْحِيَّةِ كَفَرَ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الزَّنْدَوَسْتِيِّ أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ الْفَرْضِيَّةَ لَا يَكْفُرُ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَالْفَرْضِيَّةُ وَالْوُجُوبُ مُخْتَلِفٌ فِيهِمَا اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِقُدْرَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتَجِبُ (قَوْلُهُ مُمْكِنَةٍ) بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ التَّمْكِينِ ط (قَوْلُهُ هِيَ مَا يَجِبُ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَالْوَاجِبُ بِهَذِهِ الْقُدْرَةِ مَا يَجِبُ إلَخْ ط. بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْقُدْرَةَ الَّتِي يَتَمَكَّنُ بِهَا الْعَبْدُ مِنْ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ نَوْعَانِ: مُطْلَقٌ، وَهُوَ أَدْنَى مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ الْعَبْدُ مِنْ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ، وَهُوَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ أَدَاءِ كُلِّ مَأْمُورٍ بِهِ، وَكَامِلٌ وَهُوَ الْقُدْرَةُ الْمُيَسَّرَةُ لِلْأَدَاءِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ، وَدَوَامُهَا شَرْطٌ لِدَوَامِ الْوَاجِبِ الشَّاقِّ عَلَى النَّفْسِ كَأَكْثَرِ الْوَاجِبَاتِ الْمَالِيَّةِ، حَتَّى بَطَلَتْ الزَّكَاةُ وَالْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ بِهَلَاكِ الْمَالِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ، لِأَنَّ الْقُدْرَةَ الْمُيَسَّرَةَ وَهِيَ وَصْفُ النَّمَاءِ قَدْ فَاتَتْ بِالْهَلَاكِ فَيَفُوتُ دَوَامُ الْوُجُوبِ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ، بِخِلَافِ الْأَوْلَى فَلَيْسَ بَقَاؤُهَا شَرْطًا لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ، حَتَّى لَا يَسْقُطَ الْحَجُّ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ بِهَلَاكِ الْمَالِ لِوُجُوبِهِمَا بِقُدْرَةٍ مُمْكِنَةٍ وَهِيَ الْقُدْرَةُ عَلَى الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَمِلْكِ النِّصَابِ، وَلَا يَقَعُ الْيُسْرُ فِيهِمَا إلَّا بِخَدَمٍ وَمَرَاكِبَ وَأَعْوَانٍ فِي الْأَوَّلِ وَمِلْكُ أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ فِي الثَّانِي وَلَيْسَ بِشَرْطٍ بِالْإِجْمَاعِ

(قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْفِعْلِ) أَيْ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الْفِعْلِ الْمُجَرَّدِ عَنْ اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْقُدْرَةِ ط (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا شَرْطٌ مَحْضٌ) أَيْ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْعِلَّةِ، وَالشَّرْطُ يَكْفِي مُطْلَقُ وُجُودِهِ لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ لِتَحَقُّقِ الْمَشْرُوطِ اهـ ط (قَوْلُهُ هِيَ مَا يَجِبُ إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَالْوَاجِبُ بِهَا مَا يَجِبُ إلَخْ ط (قَوْلُهُ بِصِفَةِ الْيُسْرِ) الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ ط (قَوْلُهُ فَغَيَّرَتْهُ مِنْ الْعُسْرِ) وَهُوَ الْوُجُوبُ بِمُجَرَّدِ التَّمَكُّنِ إلَى الْيُسْرِ وَهُوَ الْوُجُوبُ بِصِفَةِ الْيُسْرِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ، وَهَذَا مِنْهُ بَيَانٌ لِوَجْهِ التَّسْمِيَةِ بِمُيَسَّرَةٍ وَالتَّغْيِيرُ تَقْدِيرِيٌّ، إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا بِالْعُسْرَةِ بِقُدْرَةٍ مُمْكِنَةٍ ثُمَّ تَغَيَّرَ إلَى الْيُسْرِ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ بِالْمُمْكِنَةِ كَبَاقِي الْوَاجِبَاتِ بِهَا لَكَانَ جَائِزًا فَلَمَّا تَوَقَّفَ عَلَيْهَا صَارَ كَأَنَّهُ تَغَيَّرَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ) لِأَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ الْمُؤَثِّرَةُ، وَلَمَّا أَثَّرَ هَذَا الشَّرْطُ بِتَغْيِيرِ الْوَاجِبِ إلَى صِفَةِ الْيُسْرِ كَانَ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ وَالْعِلَّةُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ بَقَاءُ الْحُكْمِ بِدُونِهَا إذْ لَا يُسْرَ بِدُونِ قُدْرَةٍ مُيَسَّرَةٍ، وَالْوَاجِبُ الَّذِي لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بِصِفَةِ الْيُسْرِ لَا يَبْقَى بِدُونِهَا (قَوْلُهُ بِدَلِيلٍ) عِلَّةٌ لِكَوْنِهَا بِقُدْرَةٍ مُمْكِنَةٍ لَا مُيَسَّرَةٍ اهـ ح. قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَهِيَ وَاجِبَةٌ بِالْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُوسِرَ إذَا اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةٍ فِي أَوَّلِ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ ثُمَّ افْتَقَرَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَيْنِهَا وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةَ، فَلَوْ كَانَتْ بِالْقُدْرَةِ الْمُيَسَّرَةِ كَانَ دَوَامُهَا شَرْطًا كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ وَالْخُرَاجِ حَيْثُ تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ اهـ.

ص: 314

بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا لَوْ مَضَتْ أَيَّامُهَا (عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ مُقِيمٍ) بِمِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ بَادِيَةٍ عَيْنِيٌّ، فَلَا تَجِبُ عَلَى حَاجٍّ مُسَافِرٍ؛ فَأَمَّا أَهْلُ مَكَّةَ فَتَلْزَمُهُمْ وَإِنْ حَجُّوا، وَقِيلَ لَا تَلْزَمُ الْمُحْرِمَ سِرَاجٌ (مُوسِرٌ) يَسَارَ الْفِطْرَةِ (عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ طِفْلِهِ) عَلَى الظَّاهِرِ، بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ (شَاةٌ) بِالرَّفْعِ بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ تَجِبُ أَوْ فَاعِلِهِ (أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ) هِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ؛ سُمِّيَتْ بِهِ لِضَخَامَتِهَا، وَلَوْ لِأَحَدِهِمْ أَقَلُّ مِنْ سُبْعٍ

ــ

[رد المحتار]

وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ إذَا افْتَقَرَ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ كَانَتْ الْقُدْرَةُ الْمُيَسَّرَةُ حَاصِلَةً فِيهَا فَلِذَا لَمْ تَسْقُطْ بَعْدُ.

وَاعْتَرَضَهُ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَ الْهِدَايَةِ وَتَفُوتُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ لَيْسَ بِالْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ شَاةً فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَبِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ كَالزَّكَاةِ تَسْقُطُ بِهَلَاكِ النِّصَابِ، بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ بَعْدَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَهَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا هُوَ الْقُدْرَةُ الْمُيَسَّرَةُ اهـ. أَقُولُ: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَهَا وَقْتٌ مُقَدَّرٌ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْعِبْرَةُ لِلْوُجُوبِ فِي آخِرِهِ كَمَا يَأْتِي، فَمَنْ كَانَ غَنِيًّا آخِرَهُ تَلْزَمُهُ، وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا آخِرَهُ لَا تَلْزَمُهُ وَلَوْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَمَنْ اشْتَرَاهَا غَنِيًّا ثُمَّ افْتَقَرَ بَعْدَ أَيَّامِهَا كَانَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ مُتَمَكِّنًا بِالْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ حَتَّى لَزِمَهُ الْقَضَاءُ لَا بِالْقُدْرَةِ الْمُيَسَّرَةِ وَإِلَّا لَاشْتَرَطَ دَوَامَهَا بِأَنْ تَسْقُطَ عَنْهُ إذَا افْتَقَرَ، وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ؛ وَمَعْنَى قَوْلِ الْهِدَايَةِ وَتَفُوتُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ فَوَاتُ أَدَائِهَا بِدَلِيلِ أَنَّ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِقِيمَتِهَا أَوْ بِعَيْنِهَا كَمَا يَأْتِي فِي بَيَانِهِ، وَسُقُوطُهَا بِهَلَاكِ الْمَالِ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِهَا لَا يُفِيدُ أَنَّ الْقُدْرَةَ مُيَسَّرَةٌ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِآخِرِ الْوَقْتِ وَلَمْ تُوجَدْ الْقُدْرَةُ فِيهِ أَصْلًا، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ إذْ لَيْسَ لَهُمَا وَقْتٌ يَفُوتُ الْأَدَاءُ بِفَوْتِهِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ وَقْتٍ زَكَاةٌ وَكَذَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ، بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةَ فَإِنَّ الْوَاقِعَ بَعْدَ وَقْتِهَا خَلَفٌ عَنْهَا، فَحَيْثُ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ بِالْهَلَاكِ فِي وَقْتِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَلَمْ تَسْقُطْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عُلِمَ أَنَّ الْأُولَى وَجَبَتْ بِقُدْرَةٍ مُيَسَّرَةٍ وَالثَّانِيَةَ بِقُدْرَةٍ مُمْكِنَةٍ، وَهَلَاكُ الْمَالِ فِي الْأُضْحِيَّةَ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَذَلِكَ فِي آخِرِ أَيَّامِ النَّحْرِ، لِأَنَّ وَقْتَهَا مُقَدَّرٌ كَمَا عَلِمْت؛ فَحَيْثُ هَلَكَ الْمَالُ بَعْدَ أَيَّامِهَا وَأَلْزَمْنَاهُ بِالتَّصَدُّقِ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا عَلِمْنَا أَنَّهَا لَمْ تَسْقُطْ بِهِ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَكَانَ وُجُوبُهَا بِقُدْرَةٍ مُمْكِنَةٍ.

وَأَمَّا إذَا هَلَكَ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِهَا كَانَ الْهَلَاكُ قَبْلَ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَتَدَبَّرْ هَذَا التَّحْقِيقَ فَهُوَ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ، وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ (قَوْلُهُ بِعَيْنِهَا) أَيْ لَوْ نَذَرَهَا أَوْ كَانَ فَقِيرًا شَرَاهَا لَهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ بِقِيمَتِهَا أَيْ لَوْ كَانَ غَنِيًّا وَلَمْ يَنْذِرْهَا كَمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَتَلْزَمُهُمْ وَإِنْ حَجُّوا) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْبَدَائِعِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مُقِيمُونَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا تَلْزَمُ الْمُحْرِمَ) وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ جَوْهَرَةٌ عَنْ الْخُجَنْدِيِّ، وَحَمَلَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَلَى الْمُسَافِرِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لَا عَنْ طِفْلِهِ) أَيْ مِنْ مَالِ الْأَبِ ط (قَوْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَلَا يَجِبُ، بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَجِبُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ الَّذِي لَا أَب لَهُ، وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اهـ وَلَوْ ضَحَّى عَنْ أَوْلَادِهِ الْكِبَارِ وَزَوْجَتِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ. وَعَنْ الثَّانِي أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا بِلَا إذْنِهِمْ بَزَّازِيَّةٌ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَعَلَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْعَادَةَ إذَا جَرَتْ مِنْ الْأَبِ فِي كُلِّ سَنَةٍ صَارَ كَالْإِذْنِ مِنْهُمْ، فَإِنْ كَانَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَمَا اسْتَحْسَنَهُ أَبُو يُوسُفَ مُسْتَحْسَنٌ (قَوْلُهُ شَاةٌ) أَيْ ذَبَحَهَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْإِرَاقَةُ (قَوْلُهُ بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ تَجِبُ أَوْ فَاعِلُهُ) كَذَا فِي الْمِنَحِ وَهَذَا بِالنَّظَرِ إلَى مُجَرَّدِ الْمَتْنِ، وَإِلَّا فَالشَّارِحُ ذَكَرَ فَاعِلَ تَجِبُ فِيمَا مَرَّ وَهُوَ التَّضْحِيَةُ تَبَعًا لِلْمِنَحِ أَيْضًا، فَبِالنَّظَرِ إلَى الشَّرْحِ تَكُونُ شَاةٌ بَدَلًا مِنْ التَّضْحِيَةِ أَوْ خَبَرًا لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ مَعَ تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ الْوَاجِبُ ذَبْحُ شَاةٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِضَخَامَتِهَا) أَيْ عِظَمِ بَدَنِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ لِأَحَدِهِمْ) أَيْ أَحَدِ السَّبْعَةِ

ص: 315

لَمْ يُجْزِ عَنْ أَحَدٍ، وَتُجْزِي عَمَّا دُونَ سَبْعَةٍ بِالْأَوْلَى (فَجْرَ) نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ (يَوْمَ النَّحْرِ إلَى آخِرِ أَيَّامِهِ) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ أَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا.

(وَيُضَحِّي عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مِنْ مَالِهِ) صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ (وَقِيلَ لَا) صَحَّحَهُ فِي الْكَافِي. قَالَ: وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ مَالِ طِفْلِهِ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ.

قُلْت: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِمَا فِي مَتْنِ مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ مِنْ أَنَّهُ أَصَحُّ مَا يُفْتَى بِهِ. وَعَلَّلَهُ فِي الْبُرْهَانِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْإِتْلَافُ فَالْأَبُ لَا يَمْلِكُهُ فِي مَالِ وَلَدِهِ كَالْعِتْقِ أَوْ التَّصَدُّقِ بِاللَّحْمِ فَمَالُ الصَّبِيِّ لَا يَحْتَمِلُ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ، وَعَزَاهُ لِلْمَبْسُوطِ فَلْيُحْفَظْ.

ــ

[رد المحتار]

الْمَعْلُومِينَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ، لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تُجْزِي عَنْ سَبْعَةٍ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ جِهَاتُ الْقُرْبَةِ كَمَا يَأْتِي

(قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِ عَنْ أَحَدٍ) مِنْ الْجَوَازِ أَوْ مِنْ الْإِجْزَاءِ وَالثَّانِي أَنْسَبُ بِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَتُجْزِي عَمَّا دُونَ سَبْعَةٍ) الْأَوْلَى عَمَّنْ لِأَنَّ مَا لِمَا لَا يَعْقِلُ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا اتَّفَقَتْ الْأَنْصِبَاءُ قَدْرًا أَوْ لَا لَكِنْ بَعْدَ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ السَّبْعِ، وَلَوْ اشْتَرَكَ سَبْعَةٌ فِي خَمْسِ بَقَرَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ صَحَّ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فِي بَقَرَةٍ سُبُعُهَا لَا ثَمَانِيَةُ فِي سَبْعِ بَقَرَاتِ أَوْ أَكْثَرَ، لِأَنَّ كُلَّ بَقَرَةٍ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ أَقَلُّ مِنْ السَّبْعِ وَلَا رِوَايَةَ فِي هَذِهِ الْفُصُولِ وَلَوْ اشْتَرَكَ سَبْعَةٌ فِي سَبْعِ شِيَاهٍ لَا يُجْزِيهِمْ قِيَاسًا لِأَنَّ كُلَّ شَاةٍ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُجْزِيهِمْ وَكَذَا اثْنَانِ فِي شَاتَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْأَوَّلِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ، وَالْمَذْكُورُ فِيهِ جَوَابُ الْقِيَاسِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَجِبُ، وَهَذَا بَيَانٌ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا مُطْلَقًا لِلْمِصْرِيِّ وَالْقَرَوِيِّ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إلَى آخِرِ أَيَّامِهِ) دَخَلَ فِيهَا اللَّيْلُ وَإِنْ كُرِهَ كَمَا يَأْتِي، وَأَفَادَ أَنَّ الْوُجُوبَ مُوَسَّعٌ فِي جُمْلَةِ الْوَقْتِ غَيْرَ عَيْنٍ. وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا وَجَبَ كَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ الْجُزْءُ الَّذِي أَدَّى فِيهِ لِلْوُجُوبِ أَوْ آخِرَ الْوَقْتِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ يَتَخَرَّجُ مَا إذَا صَارَ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ فِي آخِرِهِ، بِأَنْ أَسْلَمَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ أَيْسَرَ أَوْ أَقَامَ تَلْزَمُهُ، لَا إنْ ارْتَدَّ أَوْ أَعْسَرَ أَوْ سَافَرَ فِي آخِرِهِ، وَلَوْ أَعْسَرَ بَعْدَ خُرُوجٍ صَارَ قِيمَةُ شَاةٍ صَالِحَةٍ لِلْأُضْحِيَّةِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُوسِرُ فِي أَيَّامِهَا سَقَطَتْ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لَمْ تَجِبْ، وَلَوْ ضَحَّى الْفَقِيرُ ثُمَّ أَيْسَرَ فِي آخِرِهِ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأُولَى تَطَوُّعٌ بَدَائِعُ مُلَخَّصًا، لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالُوا لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَبِهِ نَأْخُذُ

(قَوْلُهُ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ) وَكَذَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةٌ، وَالْكُلُّ يَمْضِي بِأَرْبَعَةٍ أَوَّلُهَا نَحْرٌ لَا غَيْرُ وَآخِرُهَا تَشْرِيقٌ لَا غَيْرُ وَالْمُتَوَسِّطَانِ نَحْرٌ وَتَشْرِيقٌ هِدَايَةٌ. وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ التَّضْحِيَةَ تَجُوزُ فِي اللَّيْلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ لَا الْأُولَى، إذْ اللَّيْلُ فِي كُلِّ وَقْتٍ تَابِعٌ لِنَهَارٍ مُسْتَقْبَلٍ إلَّا فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةَ فَإِنَّهُ تَابِعٌ لِنَهَارٍ مَاضٍ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ لَيْلَةَ الرَّابِعِ لَمْ تَكُنْ وَقْتًا لَهَا بِلَا خِلَافٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ فِيمَا بَيْنَ أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةَ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ أَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا) ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ

(قَوْلُهُ وَيُضَحِّي عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مِنْ مَالِهِ) أَيْ مَالِ الصَّغِيرِ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَأَمَّا الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ فَلَيْسَا مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ فِي قَوْلِهِمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ مِنْ الشَّرَائِطِ حَتَّى لَا تَجِبَ التَّضْحِيَةُ فِي مَالِهِمَا لَوْ مُوسِرَيْنِ، وَلَا يَضْمَنُ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ. وَاَلَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ يُعْتَبَرُ حَالُهُ، فَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ وَإِنْ مُفِيقًا تَجِبُ بِلَا خِلَافٍ اهـ. قُلْت: لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ، وَأَمَّا الَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ اهـ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ) حَيْثُ قَالَ: وَالْأَصَحُّ أَنْ يُضَحِّيَ مِنْ مَالِهِ، فَقَوْلُ ابْنِ الشِّحْنَةِ إنَّهُ فِي الْهِدَايَةِ لَمْ يُصَحِّحْ شَيْئًا بَلْ مُقْتَضَى صَنِيعِهِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْوُجُوبِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّهُ سَاقِطٌ مِنْ نُسْخَتِهِ

(قَوْلُهُ قُلْت وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ)

ص: 316

ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَأَكَلَ مِنْهُ الطِّفْلُ) وَادَّخَرَ لَهُ قَدْرَ حَاجَتِهِ (وَمَا بَقِيَ يُبَدَّلُ بِمَا يَنْتَفِعُ) الصَّغِيرُ (بِعَيْنِهِ) كَثَوْبٍ وَخُفٍّ لَا بِمَا يُسْتَهْلَكُ كَخُبْزٍ وَنَحْوِهِ ابْنُ كَمَالٍ وَكَذَا الْجَدُّ وَالْوَصِيُّ.

(وَصَحَّ)(اشْتِرَاكُ سِتَّةٍ فِي بَدَنَةٍ شُرِيَتْ لِأُضْحِيَّةٍ) أَيْ إنْ نَوَى وَقْتَ الشِّرَاءِ الِاشْتِرَاكَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا وَإِلَّا لَا (اسْتِحْسَانًا وَذَا) أَيْ الِاشْتِرَاكُ (قَبْلَ الشِّرَاءِ أَحَبُّ، وَيُقْسَمُ اللَّحْمُ وَزْنًا

ــ

[رد المحتار]

وَاخْتَارَهُ فِي الْمُلْتَقَى حَيْثُ قَدَّمَهُ، وَعَبَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ بِقِيلَ، وَرَجَّحَهُ الطَّرَسُوسِيُّ بِأَنَّ الْقَوَاعِدَ تَشْهَدُ لَهُ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ، وَلَيْسَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا أَوْلَى مِنْ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ بِمَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِهَا مَا ذُكِرَ ط، وَيُفِيدُهُ مَا نَذْكُرُهُ عَنْ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْجَدُّ وَالْوَصِيُّ) أَيْ كَالْأَبِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ

(قَوْلُهُ وَصَحَّ اشْتِرَاكُ سِتَّةٍ) كَذَا فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ النُّسَخِ مِنْ الِافْتِعَالِ بِالتَّاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ الشَّارِي، وَلِذَا قَالَ فِي الدُّرَرِ: أَيْ جَعَلَهُمْ شُرَكَاءَ لَهُ (قَوْلُهُ فِي بَدَنَةٍ شُرِيَتْ لِأُضْحِيَّةٍ) أَيْ لِيُضَحِّيَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ هِدَايَةٌ وَغَيْرُهَا، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْغَنِيِّ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَعَيَّنْ لِوُجُوبِ الضَّحِيَّةِ بِهَا وَمَعَ ذَلِكَ يُكْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ خَلْفِ الْوَعْدِ. وَقَدْ قَالُوا إنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ نَصًّا، فَأَمَّا الْفَقِيرُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشْرَكَ فِيهَا لِأَنَّهُ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِالشِّرَاءِ لِلْأُضْحِيَّةِ فَتَعَيَّنَتْ لِلْوُجُوبِ بَدَائِعُ وَغَايَةُ الْبَيَانِ لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ سَوَّى بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ ثُمَّ حَكَى التَّفْصِيلَ عَنْ بَعْضِهِمْ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ أَيْ إنْ نَوَى وَقْتَ الشِّرَاءِ الِاشْتِرَاكَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا وَإِلَّا لَا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَالْوَاجِبُ إسْقَاطُهُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ الاستحسانية أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِيُضَحِّيَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا، وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ اسْتِحْسَانًا وَذَا قَبْلَ الشِّرَاءِ أَحَبُّ. وَفِي الْهِدَايَةِ: وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ الْخِلَافِ وَعَنْ صُورَةِ الرُّجُوعِ فِي الْقُرْبَةِ اهـ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ أَشْرَكَهُمْ فَقَدْ كَرِهَهُ أَبُو حَنِيفَةَ.

أَقُولُ: وَقَدَّمْنَا فِي بَابِ الْهَدْيِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ مَعْزُوًّا إلَى الْأَصْلِ وَالْمَبْسُوطِ: إذَا اشْتَرَى بَدَنَةً لِمُتْعَةٍ مَثَلًا ثُمَّ أَشْرَكَ فِيهَا سِتَّةً بَعْدَمَا أَوْجَبَهَا لِنَفْسِهِ خَاصَّةً لَا يَسَعُهُ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَهَا صَارَ الْكُلُّ وَاجِبًا بَعْضُهَا بِإِيجَابِ الشَّرْعِ وَبَعْضُهَا بِإِيجَابِهِ، فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ نَوَى أَنْ يُشْرِكَ فِيهَا سِتَّةً أَجْزَأَتْهُ لِأَنَّهُ مَا أَوْجَبَ الْكُلَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالشِّرَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَلَكِنْ لَمْ يُوجِبْهَا حَتَّى شَرَّك السِّتَّةَ جَازَ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمْ بِأَمْرِ الْبَاقِينَ حَتَّى تَثْبُتَ الشَّرِكَةُ فِي الِابْتِدَاءِ اهـ وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَقِيرِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ أَوْجَبَهَا بِالنَّذْرِ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيُقْسَمُ اللَّحْمُ) اُنْظُرْ هَلْ هَذِهِ الْقِسْمَةُ مُتَعَيِّنَةٌ أَوْ لَا، حَتَّى لَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَلِزَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الْكِبَارِ بَدَنَةً وَلَمْ يَقْسِمُوهَا تُجْزِيهِمْ أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْإِرَاقَةُ وَقَدْ حَصَلَتْ. وَفِي فَتَاوَى الْخُلَاصَةِ وَالْفَيْضِ: تَعْلِيقُ الْقِسْمَةِ عَلَى إرَادَتِهِمْ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا سَبَقَ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهِمْ فَقِيرٌ وَالْبَاقِي أَغْنِيَاءُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَخْذُ نَصِيبِهِ لِيَتَصَدَّقَ بِهِ اهـ ط. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ شَرْطِ الْقِسْمَةِ إنْ فُعِلَتْ لَا أَنَّهَا شَرْطٌ، لَكِنْ فِي اسْتِثْنَائِهِ الْفَقِيرَ نَظَرٌ إذْ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ كَمَا يَأْتِي، نَعَمْ النَّاذِرُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَا جُزَافًا) لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهَا مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ، وَلَوْ حَلَّلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: أَمَّا عَدَمُ جَوَازِ الْقِسْمَةِ مُجَازَفَةً فَلِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَاللَّحْمُ مِنْ أَمْوَالِ الرِّبَا فَلَا يَجُوزُ تَمْلِيكُهُ مُجَازَفَةً.

وَأَمَّا عَدَمُ جَوَازِ التَّحْلِيلِ فَلِأَنَّ الرِّبَا لَا يَحْتَمِلُ الْحِلَّ بِالتَّحْلِيلِ، وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ وَهِبَةُ الْمَشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا تَصِحُّ اهـ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَحِلُّ لِفَسَادِ الْمُبَادَلَةِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ

ص: 317

لَا جُزَافًا إلَّا إذَا ضَمَّ مَعَهُ الْأَكَارِعَ أَوْ الْجِلْدَ) صَرْفًا لِلْجِنْسِ لِخِلَافِ جِنْسِهِ.

(وَأَوَّلُ وَقْتِهَا)(بَعْدَ الصَّلَاةِ إنْ ذَبَحَ فِي مِصْرٍ) أَيْ بَعْدَ أَسْبَقِ صَلَاةِ عِيدٍ، وَلَوْ قَبْلَ الْخُطْبَةِ لَكِنْ بَعْدَهَا أَحَبُّ وَبَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِهَا لَوْ لَمْ يُصَلُّوا لِعُذْرٍ، وَيَجُوزُ فِي الْغَدِ وَبَعْدَهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْغَدِ تَقَعُ قَضَاءً لَا أَدَاءً زَيْلَعِيٌّ وَغَيْرُهُ (وَبَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إنْ ذَبَحَ فِي غَيْرِهِ) وَآخِرُهُ قُبَيْلَ غُرُوبِ يَوْمِ الثَّالِثِ. وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الرَّابِعِ، وَالْمُعْتَبَرُ مَكَانُ الْأُضْحِيَّةَ لَا مَكَانُ مَنْ عَلَيْهِ، فَحِيلَةُ مِصْرِيٍّ أَرَادَ التَّعْجِيلَ أَنْ يُخْرِجَهَا

ــ

[رد المحتار]

مِنْ أَنَّهُ فِيهِ بِمَعْنًى لَا يَصِحُّ وَلَا حُرْمَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا ضَمَّ مَعَهُ إلَخْ) بِأَنْ يَكُونَ مَعَ أَحَدِهِمَا بَعْضُ اللَّحْمِ مَعَ الْأَكَارِعِ وَمَعَ الْآخَرِ الْبَعْضُ مَعَ الْبَعْضِ مَعَ الْجِلْدِ عِنَايَةٌ

(قَوْلُهُ وَأَوَّلُ وَقْتِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ إذْ التَّضْحِيَةُ لَا يَخْتَلِفُ وَقْتُهَا بِالْمِصْرِيِّ وَغَيْرِهِ بَلْ شَرْطُهَا، فَأَوَّلُ وَقْتِهَا فِي حَقِّ الْمِصْرِيِّ وَالْقَرَوِيِّ طُلُوعُ الْفَجْرِ إلَّا أَنَّهُ شَرَطَ لِلْمِصْرِيِّ تَقْدِيمَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَعَدَمُ الْجَوَازِ لِفَقْدِ الشَّرْطِ لَا لِعَدَمِ الْوَقْتِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَأُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا قُهُسْتَانِيٌ، وَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ الْكَمَالِ فِي مَنْهِيَّاتِ شَرْحِهِ أَنَّ هَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَخْطَأَ فِيهَا تَاجُ الشَّرِيعَةِ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ

(قَوْلُهُ بَعْدَ أَسْبَقِ صَلَاةِ عِيدٍ) وَلَوْ ضَحَّى بَعْدَمَا صَلَّى أَهْلُ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُصَلِّ أَهْلُ الْجَبَّانَةِ أَجْزَأَهُ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مُعْتَبَرَةٌ، حَتَّى لَوْ اكْتَفَوْا بِهَا أَجْزَأَتْهُمْ، وَكَذَا عَكْسُهُ هِدَايَةٌ وَلَوْ ضَحَّى بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَجُوزُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ وَيَكُونُ مُسِيئًا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْخُطْبَةِ) قَالَ فِي الْمِنَحِ وَعَنْ الْحَسَنِ: لَوْ ضَحَّى قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْخُطْبَةِ فَقَدْ أَسَاءَ (قَوْلُهُ وَبَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِهَا) أَيْ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَوَقْتُ الصَّلَاةِ مِنْ الِارْتِفَاعِ إلَى الزَّوَالِ (قَوْلُهُ لِعُذْرٍ) أَيْ غَيْرِ الْفِتْنَةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدُ اهـ ط. أَقُولُ: وَلَمْ يَذْكُرْ الزَّيْلَعِيُّ لَفْظَ الْعُذْرِ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ عَنْ الْيَنَابِيعِ. وَفِي الْبَدَائِعِ: وَإِنْ أَخَّرَ الْإِمَامُ صَلَاةَ الْعِيدِ فَلَا ذَبْحَ حَتَّى يَنْتَصِفَ النَّهَارُ، فَإِنْ اشْتَغَلَ الْإِمَامُ فَلَمْ يُصَلِّ أَوْ تَرَكَ عَمْدًا حَتَّى زَالَتْ فَقَدْ حَلَّ الذَّبْحُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فِي الْأَيَّامِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ بِالزَّوَالِ فَاتَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ الْإِمَامُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَالتَّرْتِيبُ شَرْطٌ فِي الْأَدَاءِ لَا فِي الْقَضَاءِ كَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ اهـ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ الْمُحِيطِ، وَنَقَلَ قَبْلَهُ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا تُجْزِيهِمْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي قَبْلَ الزَّوَالِ إلَّا إذَا كَانُوا لَا يَرْجُونَ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِهِمْ. [تَنْبِيهٌ]

قَالَ فِي مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ: لَيْسَ عَلَى أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ صَلَاةُ الْعِيدِ لِأَنَّهُمْ فِي وَقْتِهَا مَشْغُولُونَ بِأَدَاءِ الْمَنَاسِكِ، وَتَجُوزُ لَهُمْ التَّضْحِيَةُ بَعْدَ انْشِقَاقِ الْفَجْرِ كَمَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْقُرَى اهـ.

وَمِنْ الظَّاهِرِ أَنَّ أَهْلَ مِنًى هُمْ مَنْ بِهَا مِنْ الْحُجَّاجِ وَأَهْلِ مَكَّةَ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ أَيْ أَهْلِ مَكَّةَ الْمُحْرِمِينَ، ثُمَّ إنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي خِلَافِ مَا ذَكَرَهُ الْبِيرِيُّ حَيْثُ قَالَ: إنَّ مِنًى لَا تَجُوزُ فِيهَا الْأُضْحِيَّةُ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّهَا مَوْضِعٌ تَجُوزُ فِيهِ صَلَاةُ الْعِيدِ إلَّا أَنَّهَا سَقَطَتْ عَنْ الْحَاجِّ وَلَمْ نَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا مَعَ كَثْرَةِ الْمُرَاجَعَةِ، وَلَا صَلَاةُ الْعِيدِ بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ لِأَنَّا وَمَنْ أَدْرَكْنَاهُ مِنْ الْمَشَايِخِ لَمْ يُصَلِّهَا بِمَكَّةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا السَّبَبُ فِي ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ إنْ ذَبَحَ فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرَ الْمِصْرِ شَامِلٌ لِأَهْلِ الْبَوَادِي، وَقَدْ قَالَ قَاضِي خَانْ: فَأَمَّا أَهْلُ السَّوَادِ وَالْقُرَى وَالرِّبَاطَاتِ عِنْدَنَا يَجُوزُ لَهُمْ التَّضْحِيَةُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَمَّا أَهْلُ الْبَوَادِي لَا يُضَحُّونَ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ أَقْرَبِ الْأَئِمَّةِ إلَيْهِمْ اهـ وَعَزَاهُ الْقُهُسْتَانِيُّ إلَى النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي التَّبْيِينِ وَلِإِطْلَاقِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ مَكَانُ الْأُضْحِيَّةَ إلَخْ) فَلَوْ كَانَتْ فِي السَّوَادِ وَالْمُضَحِّي فِي الْمِصْرِ جَازَتْ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَفِي الْعَكْسِ لَمْ تَجُزْ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ أَنْ يُخْرِجَهَا) أَيْ يَأْمُرَ

ص: 318

لِخَارِجِ الْمِصْرِ، فَيُضَحِّي بِهَا إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ مُجْتَبًى. (وَالْمُعْتَبَرُ)(آخِرُ وَقْتِهَا لِلْفَقِيرِ وَضِدُّهُ وَالْوِلَادَةِ وَالْمَوْتِ، فَلَوْ كَانَ غَنِيًّا فِي أَوَّلِ الْأَيَّامِ فَقِيرًا فِي آخِرِهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ وُلِدَ فِي يَوْمِ الْآخِرِ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ فِيهِ لَا) تَجِبُ عَلَيْهِ (تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ)(تُعَادُ الصَّلَاةُ دُونَ الْأُضْحِيَّةَ) لِأَنَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ: لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ إلَّا الْإِمَامُ وَحْدَهُ فَكَانَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَسَاغًا زَيْلَعِيٌّ. وَفِي الْمُجْتَبَى: إنَّمَا تُعَادُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَا بَعْدَهُ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: بَلْدَةٌ فِيهَا فِتْنَةٌ فَلَمْ يُصَلُّوا وَضَحَّوْا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ جَازَ فِي الْمُخْتَارِ، لَكِنْ فِي الْيَنَابِيعِ: وَلَوْ تَعَمَّدَ التَّرْكَ فَسَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهَا لَا يَجُوزُ الذَّبْحُ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ اهـ. وَقِيلَ لَا تَجُوزُ قَبْلَ الزَّوَالِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَتَجُوزُ فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ.

قُلْت: وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ مُخْتَارُ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمَوَاهِبِ فَتَنَبَّهْ. (كَمَا لَوْ)(شَهِدُوا أَنَّهُ يَوْمَ الْعِيدِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَصَلَّوْا ثُمَّ ضَحَّوْا ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ)(أَجْزَأَتْهُمْ الصَّلَاةُ وَالتَّضْحِيَةُ)

ــ

[رد المحتار]

بِإِخْرَاجِهَا (قَوْلُهُ لِخَارِجِ الْمِصْرِ) أَيْ إلَى مَا يُبَاحُ فِيهِ الْقَصْرُ قُهُسْتَانِيٌ وَزَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ مُجْتَبًى) لَا حَاجَةَ إلَى الْعَزْوِ إلَيْهِ بَعْدَ وُجُودِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ (قَوْلُهُ وَالْوِلَادَةِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي مَالِ الصَّغِيرِ أَوْ الْأَبِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ تُعَادُ الصَّلَاةُ دُونَ التَّضْحِيَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ قَبْلَ تَفَرُّقِ النَّاسِ يُعِيدُ بِهِمْ الصَّلَاةَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَهَلْ يَجُوزُ مَا ضَحَّى قَبْلَ الْإِعَادَةِ ذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّهُ ذَبَحَ بَعْدَ صَلَاةٍ يُجِيزُهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ الشَّافِعِيُّ، لِأَنَّ فَسَادَ صَلَاةِ الْإِمَامِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي عِنْدَهُ فَكَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ مُعْتَبَرَةً عِنْدَهُ، فَعَلَى هَذَا يُعِيدُ الْإِمَامُ وَحْدَهُ وَلَا يُعِيدُ الْقَوْمُ وَذَلِكَ اسْتِحْسَانٌ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ

(قَوْلُهُ فَكَانَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَسَاغًا) كَذَا فِي الْمِنَحِ وَبَعْضِ نُسَخِ التَّبْيِينِ أَيْضًا وَصَوَابُهُ مَسَاغٌ بِالرَّفْعِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُجْتَبَى إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِإِطْلَاقِ الْمَتْنِ، وَهُوَ وَجِيهٌ لِمَا فِي الْإِعَادَةِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ مِنْ الْمَشَقَّةِ اهـ ح (قَوْلُهُ لَا بَعْدَهُ) أَقُولُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَوْ نَادَى بِالنَّاسِ لِيُعِيدُوهَا، فَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ جَازَتْ، وَمَنْ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَجُزْ ذَبْحُهُ إذَا ذَبَحَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ يَجُوزُ اهـ لَكِنْ مُقْتَضَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ عَدَمُ الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي الْبَدَائِعِ ذَكَرَ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ رِوَايَةٌ أُخْرَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَمْ يُصَلُّوا) لِعَدَمِ وَالٍ يُصَلِّيهَا بِهِمْ أَتْقَانِيٌّ وَزَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ جَازَ فِي الْمُخْتَارِ) لِأَنَّ الْبَلْدَةَ صَارَتْ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَالسَّوَادِ أَتْقَانِيٌّ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا، وَلَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُ كَمَا ظَنَّهُ ح لِأَنَّ الْإِمَامَ هُنَاكَ مَوْجُودٌ فَلَمْ تَصِرْ فِي حُكْمِ السَّوَادِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْيَنَابِيعِ إلَخْ) سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ الْأَوْلَى. إذْ لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ تَرَكَ لِعُذْرٍ وَهَذَا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَمَّدَ التَّرْكَ) مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ أَوْ لِلْمَعْلُومِ وَفَاعِلُهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ فَسَنَّ) يُقَالُ سَنَّ فُلَانًا طَعَنَهُ بِالسِّنَانِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الذَّبْحُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّهُ مُعَارِضٌ لِمَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ كَمَا فَهِمَهُ الْمُحَشِّي وَالْمُعَارَضَةُ مُنْدَفِعَةٌ بِمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) لَيْسَ فِي عِبَارَةِ الزَّيْلَعِيِّ مَا يُفِيدُهُ لِأَنَّهُ حَكَى الْقَوْلَيْنِ عَنْ الْمُحِيطِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَلَمْ يُرَجِّحْ

(قَوْلُهُ أَجْزَأَتْهُمْ الصَّلَاةُ وَالتَّضْحِيَةُ) كَذَا فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا. وَفِيهَا: وَلَوْ شَهِدُوا بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ أَنَّهُ الْعَاشِرُ جَازَ لَهُمْ أَنْ يُضَحُّوا وَيَخْرُجُ الْإِمَامُ مِنْ الْغَدِ فَيُصَلِّي بِهِمْ الْعِيدَ، وَإِنْ عَلِمَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ أَنَّهُ يَوْمُ النَّحْرِ فَشُغِلَ الْإِمَامُ عَنْ الْخُرُوجِ أَوْ غَفَلَ فَلَمْ يَخْرُجْ وَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا يُصَلِّي بِهِمْ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُضَحِّيَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهِمْ الْإِمَامُ إلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ، فَإِذَا زَالَتْ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ ضَحَّى النَّاسُ، وَإِنْ ضَحَّى أَحَدٌ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ ضَحَّى بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ يَوْمُ النَّحْرِ جَازَتْ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ

ص: 319

لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْخَطَأِ فَيُحْكَمُ بِالْجَوَازِ صِيَانَةً لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ زَيْلَعِيٌّ

(وَكُرِهَ) تَنْزِيهًا (الذَّبْحُ لَيْلًا) لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ. (وَلَوْ)(تُرِكَتْ التَّضْحِيَةُ وَمَضَتْ أَيَّامُهَا)(تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً نَاذِرٌ) فَاعِلُ تَصَدَّقَ (لِمُعَيَّنَةٍ) وَلَوْ فَقِيرًا، وَلَوْ ذَبَحَهَا

ــ

[رد المحتار]

فِي وَقْتِهِ اهـ (قَوْلُهُ صِيَانَةً لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ) الَّذِي رَأَيْته فِي الزَّيْلَعِيِّ لِجَمْعِ بِدُونِ يَاءٍ: أَيْ صَلَاتُهُمْ بِالْجَمَاعَةِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ تَنْزِيهًا) بَحْثٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ: قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْكَرَاهَةَ لِلتَّنْزِيهِ وَمَرْجِعُهَا إلَى خِلَافِ الْأَوْلَى إذْ احْتِمَالُ الْغَلَطِ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ اهـ. أَقُولُ: وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي ذَبَائِحِ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ لَيْلًا) أَيْ فِي اللَّيْلَتَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ لَا الْأُولَى وَلَا الرَّابِعَةُ، إذْ لَا تَصِحُّ فِيهِمَا الْأُضْحِيَّةَ أَصْلًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ وَمَعَ هَذَا خَفِيَ عَلَى الْبَعْضِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تُرِكَتْ التَّضْحِيَةُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ قَضَاءِ الْأُضْحِيَّةِ إذَا فَاتَتْ عَنْ وَقْتِهَا فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالْقَضَاءِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ

(قَوْلُهُ وَمَضَتْ أَيَّامُهَا إلَخْ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا فِي النِّهَايَةِ: إذَا وَجَبَتْ بِإِيجَابِهِ صَرِيحًا أَوْ بِالشِّرَاءِ لَهَا، فَإِنْ تَصَدَّقَ بِعَيْنِهَا فِي أَيَّامِهَا فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا مَكَانَهَا، لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْإِرَاقَةُ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى الصَّدَقَةِ إذَا وَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ التَّضْحِيَةِ بِمُضِيِّ أَيَّامِهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ مِثْلَهَا حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُهَا تَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا، لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ إنَّمَا عُرِفَتْ قُرْبَةً فِي زَمَانٍ مَخْصُوصٍ وَلَا تُجْزِيه الصَّدَقَةُ الْأُولَى عَمَّا يَلْزَمُهُ بَعْدُ لِأَنَّهَا قَبْلَ سَبَبِ الْوُجُوبِ اهـ (قَوْلُهُ تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً) لِوُقُوعِ الْيَأْسِ عَنْ التَّقَرُّبِ بِالْإِرَاقَةِ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا أَجْزَأَهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا التَّصَدُّقُ بِعَيْنِهَا وَهَذَا مِثْلُهُ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ اهـ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ نَاذِرٌ لِمُعَيِّنَةٍ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: أَمَّا الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ فَالْمَنْذُورُ بِهِ، بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ شَاةً أَوْ بَدَنَةً أَوْ هَذِهِ الشَّاةَ أَوْ الْبَدَنَةَ، أَوْ قَالَ جَعَلْت هَذِهِ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مِنْ جِنْسِهَا إيجَابٌ وَهُوَ هَدْيُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ وَالْإِحْصَارِ فَتَلْزَمُ بِالنَّذْرِ كَسَائِرِ الْقُرَبِ وَالْوُجُوبُ بِالنَّذْرِ يَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ اهـ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ الْجَعْلَ الْمَذْكُورَ نَذْرٌ وَأَنَّ النَّذْرَ بِالْوَاجِبِ صَحِيحٌ. وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ النَّذْرِ أَنْ لَا يَكُونَ وَاجِبًا قَبْلَهُ. وَأَجَابَ أَبُو السُّعُودِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ التَّضْحِيَةُ مُطْلَقًا وَصِحَّةُ النَّذْرِ بِالنِّسْبَةِ الْمُعَيَّنَةِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ صِحَّةِ النَّذْرِ بِغَيْرِ مُعَيَّنَةٍ أَيْضًا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُضَحِّيَ شَاةً وَذَلِكَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِشَاتَيْنِ عِنْدَنَا شَاةٌ بِالنَّذْرِ وَشَاةٌ بِإِيجَابِ الشَّرْعِ ابْتِدَاءً إلَّا إذَا عَنِيَ بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدَةٌ، وَلَوْ قَبْلَ أَيَّامِ النَّحْرِ لَزِمَهُ شَاتَانِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ الصِّيغَةَ لَا تَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ عَنْ الْوَاجِبِ إذْ لَا وُجُوبَ قَبْلَ الْوَقْتِ

وَكَذَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا ثُمَّ أَيْسَرَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ لَزِمَهُ شَاتَانِ اهـ. وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْمُوسِرَ إذَا نَذَرَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَقَصَدَ الْإِخْبَارَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ نَذْرًا حَقِيقَةً وَإِنَّ لُزُومَ الشَّاةِ عَلَيْهِ بِإِيجَابِ الشَّرْعِ. أَمَّا إذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْإِخْبَارَ أَوْ كَانَ قَبْلَ أَيَّامِ النَّحْرِ أَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَأَيْسَرَ فِيهَا، فَإِنَّهُ وَإِنْ لَزِمَتْهُ شَاةٌ أُخْرَى بِالنَّذْرِ لَكِنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً قَبْلُ بَلْ الْوَاجِبَةُ غَيْرُهَا فَهُوَ نَذْرٌ حَقِيقَةً. وَعَلَى كُلٍّ فَلَمْ يُوجَدْ نَذْرٌ حَقِيقِيٌّ بِوَاجِبٍ قَبْلَهُ فَاتَّضَحَ الْحَالُ وَطَاحَ الْإِشْكَالُ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْأُضْحِيَّةَ زِيَادَةُ تَحْقِيقٍ لِهَذَا الْبَحْثِ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ حَيْثُ قَصَدَ الْإِخْبَارَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَلْزَمْ بِالنَّذْرِ. [فَرْعٌ]

قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ شَاةً فَضَحَّى بِبَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ جَازَ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَقِيرًا) الْأَنْسَبُ أَنْ يُقَالَ وَلَوْ غَنِيًّا، لِأَنَّ الْفَقِيرَ لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ صِحَّةِ نَذْرِهِ بِالْمُعَيَّنَةِ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ قَبْلَهُ بِخِلَافِ الْغَنِيِّ، وَلِأَنَّ الْفَقِيرَ إذَا شَرَاهَا لَهُ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِهَا بِلَا نَذْرٍ، بِخِلَافِ الْغَنِيِّ. وَقَاعِدَةُ لَوْ الْوَصْلِيَّةِ أَنَّ نَقِيضَ مَا بَعْدَهَا أَوْلَى بِالْحُكْمِ تَأَمَّلْ

ص: 320

تَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا، وَلَوْ نَقَصَهَا تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ النُّقْصَانِ أَيْضًا وَلَا يَأْكُلُ النَّاذِرُ مِنْهَا؛ فَإِنْ أَكَلَ تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ مَا أَكَلَ (وَفَقِيرٌ) عُطِفَ عَلَيْهِ (شَرَاهَا لَهَا) لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ حَتَّى يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا (وَ) تَصَدَّقَ (بِقِيمَتِهَا غَنِيٌّ شَرَاهَا أَوَّلًا) لِتَعَلُّقِهَا بِذِمَّتِهِ بِشِرَائِهَا أَوَّلًا، فَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ قِيمَةُ شَاةٍ تُجْزِي فِيهَا.

(وَصَحَّ الْجَذَعُ) ذُو سِتَّةِ أَشْهُرٍ (مِنْ الضَّأْنِ)

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَلَوْ نَقَصَهَا) أَيْ الذَّبْحُ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بَعْدَ الذَّبْحِ أَقَلَّ مِنْهُ قَبْلَهُ تَتَارْخَانِيَّةٌ

(قَوْلُهُ بِقِيمَةِ النُّقْصَانِ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ قِيمَةٍ، أَوْ يَقُولَ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ النُّقْصَانَ مِنْ الْقِيمَةِ لَا مِنْ ذَاتِ الشَّاةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يَأْكُلُ النَّاذِرُ مِنْهَا) أَيْ نَذْرًا عَلَى حَقِيقَتِهِ كَمَا عَلِمْت. وَأَقُولُ: النَّاذِرُ لَيْسَ بِقَيْدٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا مَضَى وَقْتُهَا وَوَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهَا حَيَّةً أَوْ بِقِيمَتِهَا، وَلِذَا لَوْ ذَبَحَهَا وَنَقَصَهَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَهَذَا يَشْمَلُ الْفَقِيرَ إذَا شَرَاهَا لَهَا، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إذَا أَوْجَبَ شَاةً بِعَيْنِهَا أَوْ اشْتَرَاهَا لِيُضَحِّيَ بِهَا فَمَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَهَا تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً، وَلَا يَأْكُلُ مِنْ لَحْمِهَا لِأَنَّهُ انْتَقَلَ الْوَاجِبُ مِنْ إرَاقَةِ الدَّمِ إلَى التَّصَدُّقِ، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ وَلَمْ يَشْتَرِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَقَدْ مَضَتْ أَيَّامُهَا تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ شَاةٍ تُجْزِي لِلْأُضْحِيَّةِ اهـ فَفِيهِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى مَا قُلْنَا، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْكِفَايَةِ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ فَقِيرٌ شَرَاهَا لَهَا وَإِنْ ذَبَحَ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا، وَسَيَأْتِي لَهُ مَزِيدُ بَيَانٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى فَاعِلِ تَصَدَّقَ (قَوْلُهُ شَرَاهَا لَهَا) فَلَوْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ فَنَوَى أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا أَوْ اشْتَرَاهَا وَلَمْ يَنْوِ الْأُضْحِيَّةَ وَقْتَ الشِّرَاءِ ثُمَّ نَوَى بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ، لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تُقَارِنْ الشِّرَاءَ فَلَا تُعْتَبَرُ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِالشِّرَاءِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ شِرَاءَهُ لَهَا يَجْرِي مَجْرَى الْإِيجَابِ وَهُوَ النَّذْرُ بِالتَّضْحِيَةِ عُرْفًا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. وَوَقَعَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ شَرَاهَا لَهَا أَيَّامَ النَّحْرِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ شَرَاهَا لَهَا قَبْلَهَا لَا تَجِبُ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا غَنِيٌّ شَرَاهَا أَوْ لَا) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا كَالدُّرَرِ. وَتَعَقَّبَهُ الشَّيْخُ شَاهِينُ بِأَنَّ وُجُوبَ التَّصَدُّقِ بِالْقِيمَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَرِ، أَمَّا إذَا اشْتَرَى فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّصَدُّقِ بِالْقِيمَةِ أَوْ التَّصَدُّقِ بِهَا حَيَّةً كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ أَبُو السُّعُودِ.

وَأَقُولُ: ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الشَّاةَ الْمُشْتَرَاةَ لِلْأُضْحِيَّةِ إذَا لَمْ يُضَحِّ بِهَا حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ يَتَصَدَّقُ الْمُوسِرُ بِعَيْنِهَا حَيَّةً كَالْفَقِيرِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَالَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُنَا اهـ وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ، وَعَلَى كُلٍّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا إذَا ذَبَحَهَا كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ حَبْسُ شَيْءٍ مِنْ قِيمَتِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا أَجْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ، لِأَنَّ قَوْلَهُ تَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا لِأَنَّ قِيمَتَهَا تُعْلَمُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِهَا فَمَا مَعْنَى أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا فَإِنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ؛ فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ إذَا لَمْ يَشْتَرِهَا قِيمَةُ شَاةٍ تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ، أَوْ قِيمَةُ شَاةٍ وَسَطٍ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا

(قَوْلُهُ وَصَحَّ الْجَذَعُ) بِفَتْحَتَيْنِ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ ذُو سِتَّةِ أَشْهُرٍ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفَسَّرَهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى شَرْعًا بِمَا أَتَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْحَوْلِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَفَسَّرَ الْأَكْثَرُ فِي الْمُحِيطِ بِمَا دَخَلَ فِي الشَّهْرِ الثَّامِنِ. وَفِي الْخِزَانَةِ بِمَا أَتَى عَلَيْهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَشَيْءٌ. وَذَكَرَ الزَّعْفَرَانِيُّ أَنَّهُ ابْنُ سَبْعَةٍ، وَعَنْهُ ثَمَانِيَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ، وَمَا دُونَهُ حَمَلٌ اهـ.

قُلْت: وَاقْتَصَرَ فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى مَا فِي الْخِزَانَةِ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ شَرْعًا لِأَنَّهُ فِي اللُّغَةِ مَا تَمَّتْ لَهُ سَنَةٌ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ مِنْ الضَّأْنِ) هُوَ مَا لَهُ أَلْيَةٌ مِنَحٌ، قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَذَعُ مِنْ الْمَعْزِ وَغَيْرِهِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ قُهُسْتَانِيٌ،

ص: 321

إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ خُلِطَ بِالثَّنَايَا لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ مِنْ بُعْدٍ. (وَ) صَحَّ (الثَّنِيُّ) فَصَاعِدًا مِنْ الثَّلَاثَةِ وَالثَّنِيُّ (هُوَ ابْنُ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، وَحَوْلَيْنِ مِنْ الْبَقَرِ وَالْجَامُوسِ، وَحَوْلٌ مِنْ الشَّاةِ) وَالْمَعْزِ وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الْأَهْلِيِّ، وَالْوَحْشِيِّ يَتْبَعُ الْأُمَّ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ.

[فُرُوعٌ]

الشَّاةُ أَفْضَلُ مِنْ سُبْعِ الْبَقَرَةِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الْقِيمَةِ وَاللَّحْمِ، وَالْكَبْشُ أَفْضَلُ مِنْ النَّعْجَةِ إذَا اسْتَوَيَا فِيهِمَا، وَالْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ أَفْضَلُ مِنْ التَّيْسِ إذَا اسْتَوَيَا قِيمَةً، وَالْأُنْثَى مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ أَفْضَلُ حَاوِيٌّ. وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ أَنَّ الْأُنْثَى أَفْضَلُ مِنْ الذَّكَرِ إذَا اسْتَوَيَا قِيمَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَدَتْ الْأُضْحِيَّةُ وَلَدًا قَبْلَ الذَّبْحِ يُذْبَحُ الْوَلَدُ مَعَهَا.

ــ

[رد المحتار]

وَالْجَذَعُ: مِنْ الْبَقَرِ ابْنُ سَنَةٍ، وَمِنْ الْإِبِلِ ابْنُ أَرْبَعٍ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ إلَخْ) فَلَوْ صَغِيرَ الْجُثَّةِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَتِمَّ لَهُ سَنَةٌ وَيَطْعَنَ فِي الثَّانِيَةِ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْآتِيَةِ، وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ بِنَوْعَيْهِ وَالشَّاةُ بِنَوْعَيْهِ (قَوْلُهُ وَالثَّنِيُّ هُوَ ابْنُ خَمْسٍ إلَخْ) ذَكَرَ سِنَّ الثَّنِيِّ وَالْجَذَعِ فِي الْمِنَحِ مَنْظُومًا فِي أَرْبَعِ أَبْيَاتٍ لِبَعْضِهِمْ، وَقَدْ نَظَمْتهَا فِي بَيْتَيْنِ فَقُلْت:

ذُو الْحَوْلِ مِنْ غَنْمٍ وَالْخَمْسُ مِنْ إبِلٍ

وَاثْنَيْنِ مِنْ بَقَرٍ ذَا بِالثَّنِيِّ دُعِي

وَالْحَوْلِ مِنْ بَقَرٍ وَالنِّصْفِ مِنْ غَنْمٍ

وَأَرْبَعٍ مِنْ بَعِيرٍ سَمِّ بِالْجَذَعِ

وَفِي الْبَدَائِعِ: تَقْدِيرُ هَذِهِ الْأَسْنَانِ بِمَا ذُكِرَ لِمَنْعِ النُّقْصَانِ لَا الزِّيَادَةِ، فَلَوْ ضَحَّى بِسِنٍّ أَقَلَّ لَا يَجُوزُ، وَبِأَكْبَرَ يَجُوزُ وَهُوَ أَفْضَلُ. وَلَا تَجُوزُ بِحَمَلٍ وَجَدْيٍ وَعُجُولٍ وَفَصِيلٍ لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا وَرَدَ بِالْأَسْنَانِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ وَالْجَامُوسِ) نَوْعٌ مِنْ الْبَقَرِ، وَكَذَا الْمَعْزُ نَوْعٌ مِنْ الْغَنَمِ بِدَلِيلِ ضَمِّهَا فِي الزَّكَاةِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ) تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا.

قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: فَلَوْ نَزَا ثَوْرٌ وَحْشِيٌّ عَلَى بَقَرَةٍ أَهْلِيَّةٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُضَحِّي بِهِ دُونَ الْعَكْسِ لِأَنَّهُ يَنْفَصِلُ عَنْ الْأُمِّ وَهُوَ حَيَوَانٌ مُتَقَوِّمٌ تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ، وَمِنْ الْأَبِ مَاءٌ مَهِينٌ وَلِذَا يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ

(قَوْلُهُ فُرُوعٌ إلَى قَوْلِهِ يَنَابِيعُ) يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ سُبْعِ الْبَقَرَةِ إلَخْ) وَكَذَا مِنْ تَمَامِ الْبَقَرَةِ. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ: وَكَانَ الْأُسْتَاذُ يَقُولُ بِأَنَّ الشَّاةَ الْعَظِيمَةَ السَّمِينَةَ تُسَاوِي الْبَقَرَةَ قِيمَةً وَلَحْمًا أَفْضَلُ مِنْ الْبَقَرَةِ لِأَنَّ جَمِيعَ الشَّاةِ تَقَعُ فَرْضًا بِلَا خِلَافٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَقَرَةِ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يَقَعُ سُبُعُهَا فَرْضًا وَالْبَاقِي تَطَوُّعٌ اهـ (قَوْلُهُ إذَا اسْتَوَيَا إلَخْ) فَإِنْ كَانَ سُبُعَ الْبَقَرَةِ أَكْثَرَ لَحْمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا إذَا اسْتَوَيَا فِي اللَّحْمِ وَالْقِيمَةِ فَأَطْيَبُهُمَا لَحْمًا أَفْضَلُ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِيهِمَا فَالْفَاضِلُ أَوْلَى تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ النَّعْجَةِ) هِيَ الْأُنْثَى مِنْ الضَّأْنِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ إذَا اسْتَوَيَا فِيهِمَا) فَإِنْ كَانَتْ النَّعْجَةُ أَكْثَرَ قِيمَةً أَوْ لَحْمًا فَهِيَ أَفْضَلُ ذَخِيرَةٌ ط (قَوْلُهُ وَالْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ أَفْضَلُ) مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ ط: مَشَى ابْنُ وَهْبَانَ عَلَى أَنَّ الذَّكَرَ فِي الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ أَفْضَلُ لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ مَوْجُوءًا، أَيْ مَرْضُوضَ الْأُنْثَيَيْنِ: أَيْ مَدْقُوقَهُمَا.

قَالَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَرِّ: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُوءًا لَا يَكُونُ أَفْضَلَ (قَوْلُهُ وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِلْإِطْلَاقِ بِالِاسْتِوَاءِ أَيْ: أَنَّ الْأُنْثَى مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ أَفْضَلُ إذَا اسْتَوَيَا. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة لِأَنَّ لَحْمَهَا أَطْيَبُ اهـ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ الْمَارِّ

(قَوْلُهُ قَبْلَ الذَّبْحِ) فَإِنْ خَرَجَ مِنْ بَطْنِهَا حَيًّا فَالْعَامَّةُ أَنَّهُ يَفْعَلُ بِهِ مَا يَفْعَلُ بِالْأُمِّ، فَإِنْ لَمْ يَذْبَحْهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ يَتَصَدَّقُ بِهِ حَيًّا، فَإِنْ ضَاعَ أَوْ ذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ، فَإِنْ بَقِيَ عِنْدَهُ وَذَبَحَهُ لِلْعَامِ الْقَابِلِ أُضْحِيَّةً لَا يَجُوزُ، وَعَلَيْهِ أُخْرَى لِعَامَّةِ الَّذِي ضَحَّى وَيَتَصَدَّقُ بِهِ مَذْبُوحًا مَعَ قِيمَةِ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ، وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ يَذْبَحُ الْوَلَدَ مَعَهَا) إلَّا أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِهِ

ص: 322

وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَتَصَدَّقُ بِهِ بِلَا ذَبْحٍ. ضَلَّتْ أَوْ سُرِقَتْ فَاشْتَرَى أُخْرَى ثُمَّ وَجَدَهَا فَالْأَفْضَلُ ذَبْحُهُمَا، وَإِنْ ذَبَحَ الْأُولَى جَازَ، وَكَذَا الثَّانِيَةُ لَوْ قِيمَتُهَا كَالْأُولَى أَوْ أَكْثَرُ، وَإِنْ أَقَلُّ ضَمِنَ الزَّائِدَ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ وَجَبَتْ عَنْ يَسَارٍ فَكَذَا الْجَوَابُ، وَإِنْ عَنْ إعْسَارٍ ذَبَحَهُمَا يَنَابِيعُ.

(وَيُضَحِّي بِالْجَمَّاءِ وَالْخَصِيِّ وَالثَّوْلَاءِ) أَيْ الْمَجْنُونَةِ (إذَا لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ السَّوْمِ وَالرَّعْيِ)(، وَإِنْ مَنَعَهَا لَا) تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهَا (وَالْجَرْبَاءِ السَّمِينَةِ) فَلَوْ مَهْزُولَةَ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ الْجَرَبَ فِي اللَّحْمِ نَقْصٌ (لَا)(بِالْعَمْيَاءِ وَالْعَوْرَاءِ وَالْعَجْفَاءِ) الْمَهْزُولَةِ الَّتِي لَا مُخَّ فِي عِظَامِهَا (وَالْعَرْجَاءِ الَّتِي لَا تَمْشِي إلَى الْمَنْسَكِ) أَيْ الْمَذْبَحِ، وَالْمَرِيضَةِ الْبَيِّنِ مَرَضُهَا (وَمَقْطُوعِ أَكْثَرِ الْأُذُنِ أَوْ الذَّنَبِ أَوْ الْعَيْنِ) أَيْ الَّتِي ذَهَبَ أَكْثَرُ نُورُ عَيْنِهَا فَأُطْلِقَ الْقَطْعُ عَلَى الذَّهَابِ

ــ

[رد المحتار]

فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ مَا أَكَلَ. وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ خَانِيَّةٌ، قِيلَ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ عَدَمُ بُلُوغِ الْوَلَدِ سِنَّ الْإِجْزَاءِ فَكَانَتْ الْقُرْبَةُ فِي اللَّحْمِ بِذَاتِهِ لَا فِي إرَاقَةِ دَمِهِ اهـ تَأَمَّلْ. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَقَالَ فِي الْأَصْلِ: وَإِنْ بَاعَهُ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ لِأَنَّ الْأُمَّ تَعَيَّنَتْ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْوَلَدُ يَحْدُثُ عَلَى صِفَاتِ الْأُمِّ الشَّرْعِيَّةِ. وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ هَذَا فِي الْأُضْحِيَّةَ الْمُوجِبَةِ بِالنَّذْرِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَشِرَاءِ الْفَقِيرِ وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِغَيْرِهَا فَكَذَا وَلَدُهَا (قَوْلُهُ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَتَصَدَّقُ بِهِ بِلَا ذَبْحٍ) قَدَّمْنَا عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ الْمُسْتَحَبُّ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، وَانْظُرْ مَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبَدَائِعِ

(قَوْلُهُ ثُمَّ وَجَدَهَا) أَيْ الضَّالَّةَ أَوْ الْمَسْرُوقَةَ بِمَعْنًى وَصَلَتْ إلَى يَدِهِ وَهَذَا إذَا وَجَدَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ (قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْبَدَائِعِ. وَقَالَ السَّائِحَانِيُّ: وَبِهِ جَزَمَ الشُّمُنِّيُّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ اهـ. وَفِي الْبَدَائِعِ: وَلَوْ لَمْ يَذْبَحْ الثَّانِيَةَ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ ثُمَّ وَجَدَ الْأُولَى عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَفْضَلِهَا وَلَا يَذْبَحَ

(قَوْلُهُ وَيُضَحِّي بِالْجَمَّاءِ) هِيَ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا خِلْقَةً وَكَذَا الْعُظَمَاءُ الَّتِي ذَهَبَ بَعْضُ قَرْنِهَا بِالْكَسْرِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ بَلَغَ الْكَسْرُ إلَى الْمُخِّ لَمْ يَجُزْ قُهُسْتَانِيٌ، وَفِي الْبَدَائِعِ إنْ بَلَغَ الْكَسْرُ الْمُشَاشَ لَا يُجْزِئُ وَالْمُشَاشُ رُءُوسُ الْعِظَامِ مِثْلُ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ وَالثَّوْلَاءُ) بِالْمُثَلَّثَةِ. فِي الْقَامُوسِ الثَّوَلُ بِالتَّحْرِيكِ اسْتِرْخَاءٌ فِي أَعْضَاءِ الشَّاةِ خَاصَّةً، أَوْ كَالْجُنُونِ يُصِيبُهَا فَلَا تَتْبَعُ الْغَنَمَ وَتَسْتَدِيرُ فِي مَرْتَعِهَا (قَوْلُهُ وَالرَّعْيِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ ط (قَوْلُهُ فَلَوْ مَهْزُولَةً إلَخْ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَتَجُوزُ بِالثَّوْلَاءِ وَالْجَرْبَاءِ السَّمِينَتَيْنِ، فَلَوْ مَهْزُولَتَيْنِ لَا تُنَقِّي لَا يَجُوزُ إذَا ذَهَبَ مُخُّ عَظْمِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مَهْزُولَةً فِيهَا بَعْضُ الشَّحْمِ جَازَ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ اهـ قَوْلُهُ لَا تُنَقِّي مَأْخُوذٌ مِنْ النِّقْيِ بِكَسْرِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ: هُوَ الْمُخُّ: أَيْ لَا مُخَّ لَهَا، وَهَذَا يَكُونُ مِنْ شِدَّةِ الْهُزَالِ فَتَنَبَّهْ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْكُلَّ لَا يَخْلُو عَنْ عَيْبٍ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ سَلِيمًا عَنْ الْعُيُوبِ الظَّاهِرَةِ، فَمَا جُوِّزَ هَهُنَا جُوِّزَ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ

(قَوْلُهُ الْمَهْزُولَةُ إلَخْ) تَفْسِيرٌ مُرَادٌ، لِأَنَّ الْعَجَفَ مُحَرَّكًا: ذَهَابُ السِّمَنِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، فَلَا يَضُرُّ أَصْلُ الْهُزَالِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ، وَلِذَا قَيَّدْت فِي حَدِيثِ الْمُوَطَّإِ «وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنَقِّي» (قَوْلُهُ وَالْعَرْجَاءِ) أَيْ الَّتِي لَا يُمْكِنُهَا الْمَشْيُ بِرِجْلِهَا الْعَرْجَاءِ إنَّمَا تَمْشِي بِثَلَاثِ قَوَائِمَ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ تَضَعُ الرَّابِعَةَ عَلَى الْأَرْضِ وَتَسْتَعِينُ بِهَا جَازَ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ إلَى الْمَنْسِكِ) بِكَسْرِ السِّينِ وَالْقِيَاسُ الْفَتْحُ (قَوْلُهُ وَمَقْطُوعِ أَكْثَرِ الْأُذُنِ إلَخْ) فِي الْبَدَائِعِ: لَوْ ذَهَبَ بَعْضُ الْأُذُنِ أَوْ الْأَلْيَةِ أَوْ الذَّنَبِ أَوْ الْعَيْنِ. ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إنْ كَانَ كَثِيرًا يَمْنَعُ، وَإِنْ يَسِيرًا لَا يَمْنَعُ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْفَاصِلِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ؟ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ. رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْهُ فِي الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْمَانِعَ ذَهَابُ أَكْثَرِ مِنْ الثُّلُثِ، وَعَنْهُ أَنَّهُ الثُّلُثُ، وَعَنْهُ أَنَّهُ الرُّبُعُ، وَعَنْهُ أَنْ يَكُونَ الذَّاهِبُ أَقَلَّ

ص: 323

مَجَازًا، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِتَقْرِيبِ الْعَلَفِ (أَوْ) أَكْثَرِ (الْأَلْيَةِ) لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ بَقَاءً وَذَهَابًا فَيَكْفِي بَقَاءُ الْأَكْثَرِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مُجْتَبًى (وَلَا)(بِالْهَتْمَاءِ) الَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا، وَيَكْفِي بَقَاءُ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ مَا تَعْتَلِفُ بِهِ (وَالسَّكَّاءِ) الَّتِي لَا أُذُنَ لَهَا خِلْقَةً فَلَوْ لَهَا أُذُنٌ صَغِيرَةٌ خِلْقَةً أَجْزَأَتْ زَيْلَعِيٌّ (وَالْجَذَّاءُ) مَقْطُوعَةِ رُءُوسِ ضَرْعِهَا أَوْ يَابِسَتِهَا، وَلَا الْجَدْعَاءِ: مَقْطُوعَةِ الْأَنْفِ، وَلَا الْمُصَرِّمَةِ أَطْبَاؤُهَا: وَهِيَ الَّتِي عُولِجَتْ حَتَّى انْقَطَعَ لَبَنُهَا،

ــ

[رد المحتار]

مِنْ الْبَاقِي أَوْ مِثْلَهُ اهـ بِالْمَعْنَى وَالْأُولَى هِيَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَصَحَّحَهَا فِي الْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ الثُّلُثُ، وَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَمَشَى عَلَيْهَا فِي مُخْتَصَرِ الْوِقَايَةِ وَالْإِصْلَاحِ. وَالرَّابِعَةُ هِيَ قَوْلُهُمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ. وَقَالَا: إذَا بَقِيَ الْأَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ أَجْزَأَهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَخْبَرْت بِقَوْلِي أَبَا حَنِيفَةَ فَقَالَ قَوْلِي هُوَ قَوْلُك، قِيلَ هُوَ رُجُوعٌ مِنْهُ إلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ قَوْلِي قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِك.

وَفِي كَوْنِ النِّصْفِ مَانِعًا رِوَايَتَانِ عَنْهُمَا اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَظَاهِرُ مَذْهَبِهِمَا أَنَّ النِّصْفَ كَثِيرٌ اهـ. وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الرَّابِعَةِ وَهِيَ قَوْلُهُمَا وَإِلَيْهَا رَجَعَ الْإِمَامُ أَنَّ الْكَثِيرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَكْثَرُهُ، وَفِي النِّصْفِ تَعَارَضَ الْجَانِبَانِ اهـ أَيْ فَقَالَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ احْتِيَاطًا بَدَائِعُ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ كَالْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى هُوَ الرَّابِعَةُ، وَعَلَيْهَا الْفَتْوَى كَمَا يَذْكُرُهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمُجْتَبَى، وَكَأَنَّهُمْ اخْتَارُوهَا لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ السَّابِقِ هُوَ الرُّجُوعُ عَمَّا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ إلَى قَوْلِهِمَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَهَلْ تُجْمَعُ الْخُرُوقُ فِي أُذُنَيْ الْأُضْحِيَّةِ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ. قُلْت: وَقَدَّمَ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَنَّهُ يَنْبَغِي الْجَمْعُ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ مَجَازًا) مِنْ إطْلَاقِ السَّبَبِ أَوْ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةِ الْمُسَبَّبِ أَوْ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَمَعْرِفَةُ الْمِقْدَارِ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ مُتَيَسِّرَةٌ. وَفِي الْعَيْنِ قَالُوا: تُشَدُّ الْمَعِيبَةُ بَعْدَ أَنْ لَا تَعْتَلِفَ الشَّاةُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ يُقَرَّبُ الْعَلَفُ إلَيْهَا قَلِيلًا قَلِيلًا فَإِذَا رَأَتْهُ مِنْ مَوْضِعٍ أُعْلِمَ عَلَيْهِ ثُمَّ تُشَدُّ الصَّحِيحَةُ وَقُرِّبَ إلَيْهَا الْعَلَفُ كَذَلِكَ فَإِذَا رَأَتْهُ مِنْ مَكَان أُعْلِمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى تَفَاوُتِ مَا بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ ثُلُثًا فَالذَّاهِبُ هُوَ الثُّلُثُ وَإِنْ نِصْفًا فَالنِّصْفُ اهـ (قَوْلُهُ الْأَلْيَةُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ كَسَجْدَةٍ وَجَمْعُهُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ أَلْيَاتٌ وَأَلَايَا

(قَوْلُهُ وَقِيلَ مَا تَعْتَلِفُ بِهِ) هُوَ وَمَا قَبْلَهُ رِوَايَتَانِ حَكَاهُمَا فِي الْهِدَايَةِ عَنْ الثَّانِي، وَجَزَمَ فِي الْخَانِيَّةِ بِالثَّانِيَةِ، وَقَالَ قَبْلَهُ: وَاَلَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا وَهِيَ تَعْتَلِفُ أَوْ لَا تَعْتَلِفُ لَا تَجُوزُ (قَوْلُهُ الَّتِي لَا أُذُنَ لَهَا خِلْقَةً) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَلَا تَجُوزُ مَقْطُوعَةُ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ بِكَمَالِهَا وَاَلَّتِي لَهَا أُذُنٌ وَاحِدَةٌ خِلْقَةٌ اهـ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَهَا أُذُنٌ صَغِيرَةٌ خِلْقَةٌ أَجْزَأَتْ) وَهَذِهِ تُسَمَّى صَمْعَاءَ بِمُهْمَلَتَيْنِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ وَالْجَذَّاءُ إلَخْ) هِيَ بِالْجِيمِ: الَّتِي يَبِسَ ضَرْعُهَا، وَبِالْحَاءِ: الْمَقْطُوعَةُ الضَّرْعِ عَيْنِيٌّ وَهِيَ فِي عِدَّةِ نُسِخَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْقَامُوسِ شَيْئًا مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ، نَعَمْ ذَكَرَ الْجَذَّ بِالْجِيمِ الْقَطْعُ الْمُسْتَأْصِلُ وَبِالْحَاءِ خِفَّةُ الذَّنَبِ، وَذَكَرَ الْجَدَّاءَ بِالْجِيمِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الصَّغِيرَةُ الثَّدْيِ، وَالْمَقْطُوعَةُ الْأُذُنِ، وَالذَّاهِبَةُ اللَّبَنِ، وَمِثْلُهُ فِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ. وَالذَّاهِبَةُ اللَّبَنِ يَأْتِي حُكْمُهَا وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَا بَأْسَ بِالْجَدَّاءِ، وَهِيَ الصَّغِيرَةُ الْأَطْبَاءِ جَمْعُ طُبْيٍ: وَهُوَ الضَّرْعُ (قَوْلُهُ وَلَا الْجَدْعَاءُ) بِالْجِيمِ وَالدَّالِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ تَحْرِيفٌ وَفِي بَعْضِهَا بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمِ بَعْدَهَا وَلَا يُنَاسِبُ تَفْسِيرُ الشَّارِحِ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى صَحِيحًا لِأَنَّ الْأَجْذَمَ مَقْطُوعَ الْيَدِ أَوْ الذَّاهِبُ الْأَنَامِلِ قَامُوسٌ، وَصَرَّحَ فِي الدُّرَرِ بِأَنَّ مَقْطُوعَةَ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ لَا تَجُوزُ (قَوْلُهُ وَلَا الْمُصَرِّمَةُ أَطْبَاؤُهَا) مُصَرِّمَةٌ كَمُعَظِّمَةٍ، مِنْ الصِّرْمِ: وَهُوَ الْقَطْعُ، وَالْأَطْبَاءُ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمَعَ طُبْيٍ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ: حَلَمَاتُ الضَّرْعِ الَّتِي مِنْ خُفٍّ وَظِلْفٍ وَحَافِرٍ وَسَبْعٍ قَامُوسٌ، وَمَا رَأَيْنَاهُ فِي عِدَّةِ نُسَخٍ بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ تَحْرِيفٌ

(قَوْلُهُ وَهِيَ إلَخْ) فَسَّرَهَا الزَّيْلَعِيُّ بِاَلَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرْضِعَ فَصِيلَهَا، وَهُوَ تَفْسِيرُ بِلَازِمِ الْمَعْنَى؛ لِمَا فِي الْقَامُوسِ: هِيَ نَاقَةٌ يُقْطَعُ

ص: 324

وَلَا الَّتِي لَا أَلْيَةَ لَهَا خِلْقَةً مُجْتَبًى، وَلَا بِالْخُنْثَى لِأَنَّ لَحْمَهَا لَا يَنْضَجُ شَرْحٌ وَهْبَانِيَّةٌ، وَتَمَامُهُ فِيهِ (وَ) لَا (الْجَلَّالَةُ) الَّتِي تَأْكُلُ الْعُذْرَةَ وَلَا تَأْكُلُ غَيْرَهَا.

(وَلَوْ)(اشْتَرَاهَا سَلِيمَةً ثُمَّ تَعَيَّبَتْ بِعَيْبٍ مَانِعٍ) كَمَا مَرَّ (فَعَلَيْهِ إقَامَةُ غَيْرِهَا مَقَامَهَا إنْ) كَانَ (غَنِيًّا، وَإِنْ) كَانَ (فَقِيرًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ) وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مَعِيبَةً وَقْتَ الشِّرَاءِ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْغَنِيِّ، وَلَا يَضُرُّ تَعَيُّبُهَا مِنْ اضْطِرَابِهَا عِنْدَ الذَّبْحِ وَكَذَا لَوْ مَاتَتْ فَعَلَى الْغَنِيِّ غَيْرُهَا لَا الْفَقِيرِ

ــ

[رد المحتار]

أَطْبَاؤُهَا لِيُبْسِ الْإِحْلِيلِ فَلَا يُخْرِجُ اللَّبَنَ لِيَكُونَ أَقْوَى لَهَا، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ انْقِطَاعِ اللَّبَنِ بِأَنْ يُصِيبَ ضَرْعَهَا شَيْءٌ فَيَكُونَ فَيَنْقَطِعَ لَبَنُهَا اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: مَقْطُوعَةُ رُءُوسِ ضُرُوعِهَا لَا تَجُوزُ، فَإِنْ ذَهَبَ مِنْ وَاحِدَةٍ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ فِي الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ. وَفِي الشَّاةِ وَالْمَعْزِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا إحْدَى حَلَمَتَيْهِمَا خِلْقَةً أَوْ ذَهَبَتْ بِآفَةٍ وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ لَمْ يَجُزْ، وَفِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ إنْ ذَهَبَتْ وَاحِدَةٌ يَجُوزُ أَوْ اثْنَتَانِ لَا اهـ وَذَكَرَ فِيهَا جَوَازَ الَّتِي لَا يَنْزِلُ لَهَا لَبَنٌ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالشُّطُورِ لَا تُجْزِئُ، وَهِيَ مِنْ الشَّاةِ مَا قَطَعَ اللَّبَنَ عَنْ إحْدَى ضَرْعَيْهَا، وَمِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ مَا قُطِعَ مِنْ ضَرْعَيْهَا لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعُ أَضْرُعَ (قَوْلُهُ وَلَا الَّتِي لَا أَلْيَةَ لَهَا خِلْقَةً) الشَّاةُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أُذُنٌ وَلَا ذَنَبٌ خِلْقَةً.

قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ هَذَا وَلَوْ كَانَ لَا يَجُوزُ، وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجُوزُ خَانِيَّةٌ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَ لَهَا أَلْيَةٌ صَغِيرَةٌ مِثْلُ الذَّنَبِ خِلْقَةً جَازَ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَظَاهِرٌ لِأَنَّ عِنْدَهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أُذُنٌ أَصْلًا وَلَا أَلْيَةٌ جَازَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ صَغِيرَةُ الْأُذُنَيْنِ جَائِزَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَلْيَةٌ وَلَا أُذُنٌ خِلْقَةً لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ لَحْمَهَا لَا يَنْضَجُ) مِنْ بَابِ سَمِعَ. وَبِهَذَا التَّعْلِيلِ انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ وَهْبَانَ مِنْ أَنَّهَا لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَعَلَى كُلٍّ تَجُوزُ (قَوْلُهُ وَلَا الْجَلَّالَةُ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ الْحَبْسِ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: فَإِنْ كَانَتْ إبِلًا تُمْسَكُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى يَطِيبَ لَحْمُهَا وَالْبَقَرُ عِشْرِينَ وَلِلْغَنَمِ عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا تَأْكُلُ غَيْرَهَا) أَفَادَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَخْلِطُ تُجْزِي ط. [تَتِمَّةٌ]

تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِالْمَجْبُوبِ الْعَاجِزِ عَنْ الْجِمَاعِ، وَاَلَّتِي بِهَا سُعَالٌ، وَالْعَاجِزَةُ عَنْ الْوِلَادَةِ لِكِبَرِ سِنِّهَا، وَاَلَّتِي لَهَا كَيٌّ، وَاَلَّتِي لَا لِسَانَ لَهَا فِي الْغَنَمِ خُلَاصَةٌ: أَيْ لَا الْبَقَرِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْعَلَفَ بِاللِّسَانِ وَالشَّاةُ بِالسِّنِّ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُنْيَةِ، وَقِيلَ إنْ انْقَطَعَ مِنْ اللِّسَانِ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَجُوزُ. أَقُولُ: وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ قِيَاسًا عَلَى الْأُذُنِ وَالذَّنَبِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِالْأَكْلِ، وَقَدْ يُخِلُّ قَطْعُهُ بِالْعَلَفِ تَأَمَّلْ وَفِي الْبَدَائِعِ: وَتُجْزِي الشَّرْقَاءُ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ طُولًا وَالْخَرْقَاءُ: مَثْقُوبَةُ الْأُذُنِ، وَالْمُقَابَلَةُ مَا قُطِعَ مِنْ مُقَدِّمِ أُذُنِهَا شَيْءٌ وَتُرِكَ مُعَلَّقًا؛ وَالْمُدَابِرَةُ: مَا فُعِلَ ذَلِكَ بِمُؤَخِّرِ الْأُذُنِ مِنْ الشَّاةِ، وَالنَّهْيُ الْوَارِدُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ، وَفِي الْخَرْقَاءِ عَلَى الْكَثِيرِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي حَدِّ الْكَثِيرِ عَلَى مَا بَيَّنَّا اهـ بَدَائِعُ، وَتَجُوزُ الْحَوْلَاءُ: مَا فِي عَيْنِهَا حَوَلٌ، وَالْمَجْزُوزَةُ الَّتِي جُزَّ صُوفُهَا خَانِيَّةٌ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ مَا جُوِّزَ هُنَا جُوِّزَ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُسْتَحَبِّ

(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ كَالْمَوَانِعِ الَّتِي مَرَّتْ ط (قَوْلُهُ وَإِنْ فَقِيرًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّهَا إنَّمَا تَعَيَّنَتْ بِالشِّرَاءِ فِي حَقِّهِ، حَتَّى لَوْ أَوْجَبَ أُضْحِيَّةً عَلَى نَفْسِهِ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَاشْتَرَى صَحِيحَةً ثُمَّ تَعَيَّبَتْ عِنْدَهُ فَضَحَّى بِهَا لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْوَاجِبُ لِوُجُوبِ الْكَامِلَةِ عَلَيْهِ كَالْمُوسِرِ زَيْلَعِيٌّ

(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مَعِيبَةً وَقْتَ الشِّرَاءِ) أَيْ وَبَقِيَ الْعَيْبُ، فَإِنْ زَالَ أَجْزَأَتْ الْغَنِيَّ أَيْضًا. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ كَانَتْ مَهْزُولَةً عِنْدَ الشِّرَاءِ فَسَمِنَتْ بَعْدَهُ جَازَ (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ تَعَيُّبُهَا مِنْ اضْطِرَابِهَا إلَخْ) وَكَذَا لَوْ تَعَيَّبَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَانْفَلَتَتْ ثُمَّ أَخَذَتْ مِنْ فَوْرِهَا، وَكَذَا بِهِ فَوْرُهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِمُقَدَّمَاتِ الذَّبْحِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْغَنِيِّ غَيْرُهَا لَا الْفَقِيرِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْمَيِّتَةُ مَنْذُورَةً بِعَيْنِهَا لِمَا فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الْمَنْذُورَةَ لَوْ هَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ تَسْقُطُ التَّضْحِيَةُ بِسَبَبِ النَّذْرِ، غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا تَلْزَمُهُ أُخْرَى بِإِيجَابِ الشَّرْعِ ابْتِدَاءً لَا بِالنَّذْرِ،

ص: 325

وَلَوْ ضَلَّتْ أَوْ سُرِقَتْ فَشَرَى أُخْرَى فَظَهَرَتْ فَعَلَى الْغَنِيِّ إحْدَاهُمَا وَعَلَى الْفَقِيرِ كِلَاهُمَا شُمُنِّيٌّ.

(وَإِنْ)(مَاتَ أَحَدُ السَّبْعَةِ) الْمُشْتَرِكِينَ فِي الْبَدَنَةِ (وَقَالَ الْوَرَثَةُ اذْبَحُوا عَنْهُ وَعَنْكُمْ)(صَحَّ) عَنْ الْكُلِّ اسْتِحْسَانًا لِقَصْدِ الْقُرْبَةِ مِنْ الْكُلِّ، وَلَوْ ذَبَحُوهَا بِلَا إذْنِ الْوَرَثَةِ لَمْ يُجْزِهِمْ لِأَنَّ بَعْضَهَا لَمْ يَقَعْ قُرْبَةً (وَإِنْ)(كَانَ شَرِيكُ السِّتَّةِ نَصْرَانِيًّا أَوْ مُرِيدًا اللَّحْمَ)(لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ لَا تَتَجَزَّأُ هِدَايَةٌ لِمَا مَرَّ.

ــ

[رد المحتار]

وَلَوْ مُعْسِرًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَصْلًا هـ

(قَوْلُهُ وَلَوْ ضَلَّتْ أَوْ سُرِقَتْ إلَخْ) مُسْتَدْرَكٌ بِمَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ عَلَى مَا فِي أَغْلَبِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ فَظَهَرَتْ) أَيْ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ زَيْلَعِيٌّ، وَقَدَّمْنَا مَفْهُومَهُ عَنْ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْغَنِيِّ إحْدَاهُمَا) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ ضَحَّى بِالْأَوْلَى أَجْزَأَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ، وَإِنْ ضَحَّى بِالثَّانِيَةِ وَقِيمَتُهَا أَقَلُّ تَصَدَّقَ بِالزَّائِدِ. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ إلَّا إذَا ضَحَّى بِالْأُولَى أَيْضًا فَتَسْقُطُ الصَّدَقَةُ لِأَنَّهُ أَدَّى الْأَصْلَ فِي وَقْتِهِ فَيَسْقُطُ الْخَلَفُ (قَوْلُهُ شُمُنِّيٌّ) وَمِثْلُهُ فِي التَّبْيِينِ، وَتَمَامُهُ فِيهِ

(قَوْلُهُ وَقَالَ الْوَرَثَةُ) أَيْ الْكِبَارُ مِنْهُمْ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِقَصْدِ الْقُرْبَةِ مِنْ الْكُلِّ) هَذَا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يَمْنَعُ التَّقَرُّبَ عَنْ الْمَيِّتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ وَيَحُجَّ عَنْهُ، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَالْآخَرُ عَمَّنْ لَمْ يَذْبَحْ مِنْ أُمَّتِهِ» وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ قَدْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ اهـ لِأَنَّ لَهُ صلى الله عليه وسلم وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ أَتْقَانِيٌّ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمْ أُمَّ وَلَدٍ ضَحَّى عَنْهَا مَوْلَاهَا أَوْ صَغِيرًا ضَحَّى عَنْهُ أَبُوهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ بَعْضَهَا لَمْ يَقَعْ قُرْبَةً) فَكَذَا الْكُلُّ لِعَدَمِ التَّجَزُّؤِ كَمَا يَأْتِي. [فَرْعٌ]

مَنْ ضَحَّى عَنْ الْمَيِّتِ يَصْنَعُ كَمَا يَصْنَعُ فِي أُضْحِيَّةِ نَفْسِهِ مِنْ التَّصَدُّقِ وَالْأَكْلِ وَالْأَجْرُ لِلْمَيِّتِ وَالْمِلْكُ لِلذَّابِحِ. قَالَ الصَّدْرُ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إنْ بِأَمْرِ الْمَيِّتِ لَا يَأْكُلْ مِنْهَا وَإِلَّا يَأْكُلُ بَزَّازِيَّةٌ، وَسَيَذْكُرُهُ فِي النَّظْمِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ شَرِيكُ السِّتَّةِ نَصْرَانِيًّا إلَخْ) وَكَذَا إذَا كَانَ عَبْدًا أَوْ مُدَبَّرًا يُرِيدُ الْأُضْحِيَّةَ لِأَنَّ نِيَّتَهُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقُرْبَةِ فَكَانَ نَصِيبُهُ لَحْمًا فَمَنَعَ الْجَوَازَ أَصْلًا بَدَائِعُ. [تَنْبِيهٌ]

قَدْ عُلِمَ أَنَّ الشَّرْطَ قَصْدُ الْقُرْبَةِ مِنْ الْكُلِّ، وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ مُرِيدًا لِلْأُضْحِيَّةِ عَنْ عَامِهِ وَأَصْحَابُهُ عَنْ الْمَاضِي تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةَ عَنْهُ وَنِيَّةُ أَصْحَابِهِ بَاطِلَةٌ وَصَارُوا مُتَطَوِّعِينَ، وَعَلَيْهِمْ التَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا وَعَلَى الْوَاحِدِ أَيْضًا لِأَنَّ نَصِيبَهُ شَائِعٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ جَوَازِ الْأَكْلِ مِنْهَا تَأَمَّلْ، وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ الْقُرْبَةُ وَاجِبَةً عَلَى الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ اتَّفَقَتْ جِهَاتُهَا أَوْ لَا: كَأُضْحِيَّةٍ وَإِحْصَارٍ وَجَزَاءِ صَيْدٍ وَحَلْقٍ وَمُتْعَةٍ وَقِرَانٍ خِلَافًا لِزُفَرَ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكُلِّ الْقُرْبَةُ، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ الْعَقِيقَةَ عَنْ وَلَدٍ قَدْ وُلِدَ لَهُ مِنْ قِبَلِ لِأَنَّ ذَلِكَ جِهَةُ التَّقَرُّبِ بِالشُّكْرِ عَلَى نِعْمَةِ الْوَلَدِ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَلِيمَةَ. وَيَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ لِأَنَّهَا تُقَامُ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى نِعْمَةِ النِّكَاحِ وَوَرَدَتْ بِهَا السُّنَّةُ، فَإِذَا قَصَدَ بِهَا الشُّكْرَ أَوْ إقَامَةَ السُّنَّةِ فَقَدْ أَرَادَ الْقُرْبَةَ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كُرِهَ الِاشْتِرَاكُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ، وَأَنَّهُ قَالَ لَوْ كَانَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَهَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ بَدَائِعُ.

وَاسْتَشْكَلَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ الْجَوَازَ مَعَ الْعَقِيقَةِ بِمَا قَالُوا مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الْأُضْحِيَّةَ نَسَخَ كُلَّ دَمٍ كَانَ قَبْلَهَا مِنْ الْعَقِيقَةِ وَالرَّجَبِيَّةِ وَالْعَتِيرَةِ، وَبِأَنَّ مُحَمَّدًا قَالَ فِي الْعَقِيقَةِ مَنْ شَاءَ فَعَلَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ. وَقَالَ فِي الْجَامِعِ: وَلَا يَعِقُّ وَالْأَوَّلُ يُشِيرُ إلَى الْإِبَاحَةِ وَالثَّانِي إلَى الْكَرَاهَةِ إلَخْ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْمُرَادَ لَا يَعِقُّ عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ بِدَلِيلِ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ؛ وَقَدْ ذَكَرَ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ أَنَّ الْعَقِيقَةَ مُبَاحَةٌ عَلَى مَا فِي جَامِعِ الْمَحْبُوبِيِّ أَوْ تَطَوُّعٌ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ اهـ وَمَا مَرَّ يُؤَيِّدُ أَنَّهَا تَطَوُّعٌ. عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مُبَاحَةٌ لَكِنْ بِقَصْدِ الشُّكْرِ تَصِيرُ قُرْبَةً، فَإِنَّ النِّيَّةَ تُصَيِّرُ الْعَادَاتِ عِبَادَاتٍ وَالْمُبَاحَاتِ طَاعَاتٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ لَا تَتَجَزَّأُ إلَى قَوْلِهِ يَنَابِيعُ) وُجِدَ عَلَى هَامِشِ نُسْخَةِ الشَّارِحِ بِخَطِّهِ وَسَقَطَ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ

ص: 326