الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فُرُوعٌ]
وَلَوْ أَنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً لِلْأُضْحِيَّةٍ أَحَدُهُمْ بِعَشَرَةٍ وَالْآخَرُ بِعِشْرِينَ وَالْآخَرُ بِثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِثْلُ ثَمَنِهَا فَاخْتَلَطَتْ حَتَّى لَا يَعْرِفُ كُلُّ وَاحِدٍ شَاتَه بِعَيْنِهَا وَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً يُضَحِّي أَجْزَأَتْهُمْ، وَيَتَصَدَّقُ صَاحِبُ الثَّلَاثِينَ بِعِشْرِينَ وَصَاحِبُ الْعِشْرِينَ بِعَشَرَةٍ وَلَا يَتَصَدَّقُ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَذْبَحَهَا عَنْهُ أَجْزَأَتْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ ضَحَّى أُضْحِيَّةً غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمَرَهُ يَنَابِيعُ.
(وَيَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ
ــ
[رد المحتار]
مِنْ أَنَّ بَعْضَهَا لَمْ يَقَعْ قُرْبَةً
[فُرُوعٌ]
(قَوْلُهُ فُرُوعٌ) جَمَعَهَا نَظَرًا إلَى صُورَتَيْ الْمَسْأَلَةِ وَمَا قَاسَهَا عَلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً) وَأَوْجَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ شَاتَه تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَبِهِ يَظْهَرُ وَجْهُ لُزُومِ التَّصَدُّقِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِثْلُ ثَمَنِهَا) فَلَوْ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ تَصَدَّقَ بِاعْتِبَارِهِ فِيمَا يَظْهَرُ ط (قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَعْرِفُ كُلٌّ شَاتَه) بِأَنْ كَانُوا فِي ظُلْمَةٍ مَثَلًا، وَإِلَّا فَعَدَمُ التَّمْيِيزِ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ بَعِيدٌ كَمَا قَالَهُ ط (قَوْلُهُ وَيَتَصَدَّقُ صَاحِبُ الثَّلَاثِينَ بِعِشْرِينَ إلَخْ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ذَبَحَ مَا اُشْتُرِيَتْ بِعَشَرَةٍ وَكَذَا صَاحِبُ الْعِشْرِينَ، فَيَتَصَدَّقُ بِعَشَرَةٍ لِيَبْرَأَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَقِينًا عَمَّا أَوْجَبَهُ، وَأَمَّا صَاحِبُ الْعَشَرَةِ فَأَيًّا ذَبَحَ بَرِئَ يَقِينًا
(قَوْلُهُ أَجْزَأَتْهُ) لِأَنَّهُ يَصِيرُ كُلُّ مَنْ ذَبَحَ مِنْهُمْ شَاةَ غَيْرِهِ وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهَا (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ ضَحَّى أُضْحِيَّةً غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمَرَهُ) ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْيَنَابِيعِ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَلَا يَظْهَرُ التَّشْبِيهُ إلَّا بِإِسْقَاطِ لَفْظَةِ غَيْرٍ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَيَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةَ إلَخْ) هَذَا فِي الْأُضْحِيَّةَ الْوَاجِبَةِ وَالسُّنَّةِ سَوَاءٌ إذَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً بِالنَّذْرِ، وَإِنْ وَجَبَتْ بِهِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا شَيْئًا وَلَا يُطْعِمُ غَنِيًّا سَوَاءٌ كَانَ النَّاذِرُ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا لِأَنَّ سَبِيلَهَا التَّصَدُّقُ وَلَيْسَ لِلْمُتَصَدِّقِ ذَلِكَ، وَلَوْ أَكَلَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَكَلَ زَيْلَعِيٌّ، وَأَرَادَ بِالْأُضْحِيَّةِ السُّنَّةِ أُضْحِيَّةَ الْفَقِيرِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّهَا تَقَعُ مِنْهُ سُنَّةً قُبَيْلَ قَوْلِ الْكَنْزِ، وَيُضَحِّي بِالْجَمَّاءِ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَقَعُ مِنْهُ وَاجِبَةً وَلَا سُنَّةً بَلْ تَطَوُّعًا مَحْضًا، وَكَذَا صَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهَا تَكُونُ تَطَوُّعًا وَهِيَ أُضْحِيَّةُ الْمُسَافِرِ وَالْفَقِيرِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ النَّذْرُ بِهَا وَلَا الشِّرَاءُ لِلْأُضْحِيَّةِ لِانْعِدَامِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَشَرْطِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالسُّنَّةِ التَّطَوُّعَ تَأَمَّلْ. ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْفَقِيرِ بِالشِّرَاءِ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا. وَذَكَرَ أَبُو السُّعُودِ أَنَّ شِرَاءَهُ لَهَا بِمَنْزِلَةِ النَّذْرِ فَعَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهَا اهـ. أَقُولُ: التَّعْلِيلُ بِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ النَّذْرِ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ، وَمُفَادُهُ مَا ذُكِرَ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ عَنْ الْفَقِيرِ إذَا اشْتَرَى شَاةً لَهَا هَلْ يَحِلُّ لَهُ الْأَكْلُ؟ قَالَ نَعَمْ.
وَقَالَ الْقَاضِي بُرْهَانُ الدِّينِ لَا يَحِلُّ اهـ فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَا إذَا ذَبَحَهَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أَوْجَبَ شَاةً بِعَيْنِهَا أَوْ اشْتَرَاهَا لِيُضَحِّيَ بِهَا فَمَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً وَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا لِانْتِقَالِ الْوَاجِبِ مِنْ الْإِرَاقَةِ إلَى التَّصَدُّقِ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ وَلَمْ يَشْتَرِ وَهُوَ مُوسِرٌ تَصَدَّقَ بِالْقِيمَةِ اهـ وَقَدَّمْنَا أَنَّ مُفَادَ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْغَنِيَّ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ الْمَنْذُورَةِ إذَا قَصَدَ بِنَذْرِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، فَالْمُرَادُ بِالنَّذْرِ فِي كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ هُنَا النَّذْرُ ابْتِدَاءً. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّتِي لَا يُؤْكَلُ مِنْهَا هِيَ الْمَنْذُورَةُ ابْتِدَاءً وَاَلَّتِي وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِهَا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ وَاَلَّتِي ضَحَّى بِهَا عَنْ الْمَيِّتِ بِأَمْرِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَالْوَاجِبَةُ عَلَى الْفَقِيرِ بِالشِّرَاءِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمَارَّيْنِ وَاَلَّذِي وَلَدَتْهُ الْأُضْحِيَّةَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ سَبْعَةٍ نَوَى بَعْضُهُمْ بِحِصَّتِهِ الْقَضَاءَ عَنْ الْمَاضِي كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْخَانِيَّةِ أَيْضًا، فَهَذِهِ كُلُّهَا سَبِيلُهَا التَّصَدُّقُ
وَيَأْكُلُ غَنِيًّا وَيَدَّخِرُ، وَنُدِبَ أَنْ لَا يَنْقُصَ التَّصَدُّقُ عَنْ الثُّلُثِ) . وَنُدِبَ تَرْكُهُ لِذِي عِيَالٍ تَوْسِعَةً عَلَيْهِمْ (وَأَنْ يَذْبَحَ بِيَدِهِ إنْ عَلِمَ ذَلِكَ وَإِلَّا) يَعْلَمْهُ (شَهِدَهَا) بِنَفْسِهِ وَيَأْمُرُ غَيْرَهُ بِالذَّبْحِ كَيْ لَا يَجْعَلَهَا مَيْتَةً.
(وَكُرِهَ)(ذَبْحُ الْكِتَابِيِّ) وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ فَيَحْرُمُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ دُرَرٌ (وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا أَوْ يَعْمَلُ مِنْهُ نَحْوَ غِرْبَالٍ وَجِرَابٍ) وَقِرْبَةٍ وَسُفْرَةٍ وَدَلْوٍ (أَوْ يُبَدِّلَهُ بِمَا يَنْتَفِعُ بِهِ بَاقِيًا) كَمَا مَرَّ (لَا بِمُسْتَهْلَكٍ كَخَلٍّ وَلَحْمٍ وَنَحْوِهِ) كَدَرَاهِمَ (فَإِنْ)(بِيعَ اللَّحْمُ أَوْ الْجِلْدُ بِهِ) أَيْ بِمُسْتَهْلَكٍ (أَوْ بِدَرَاهِمَ)(تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ) وَمُفَادُهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَعَنْ الثَّانِي بَاطِلٌ لِأَنَّهُ كَالْوَقْفِ مُجْتَبًى. (وَلَا يُعْطَى أَجْرُ الْجَزَّارِ مِنْهَا) لِأَنَّهُ كَبَيْعٍ،
ــ
[رد المحتار]
عَلَى الْفَقِيرِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ، وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْضًا بَعْضُ مَسَائِلِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ (قَوْلُهُ وَيَأْكُلُ غَنِيًّا وَيَدَّخِرُ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام بَعْدَ النَّهْيِ عَنْ الِادِّخَارِ «كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا» الْحَدِيثُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَحْمَدُ
(قَوْلُهُ وَنُدِبَ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ وَيَتَّخِذَ الثُّلُثَ ضِيَافَةً لِأَقْرِبَائِهِ وَأَصْدِقَائِهِ وَيَدَّخِرَ الثُّلُثَ؛ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، وَلَوْ حَبَسَ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ جَازَ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ فِي الْإِرَاقَةِ وَالتَّصَدُّقِ بِاللَّحْمِ تَطَوُّعٌ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ تَرْكُهُ) أَيْ تَرْكُ التَّصَدُّقِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ (قَوْلُهُ لِذِي عِيَالٍ) غَيْرِ مُوَسَّعِ الْحَالِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ شَهِدَهَا بِنَفْسِهِ) لِمَا رَوَى الْكَرْخِيُّ بِإِسْنَادِهِ إلَى عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قُومِي يَا فَاطِمَةُ فَاشْهَدِي أُضْحِيَّتَك فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَك بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا كُلُّ ذَنْبٍ عَمِلْته وَقُولِي - {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162] {لا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام: 163]-» أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ كَيْ لَا يَجْعَلَهَا مَيِّتَةً) عِلَّةٌ لِعَدَمِ ذَبْحِهَا بِيَدِهِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ شَهِدَهَا وَيَأْمُرُ غَيْرَهُ
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ ذَبْحُ الْكِتَابِيِّ) أَيْ بِالْأَمْرِ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَعَانَ بِالْكَافِرِ فِي أُمُورِ الدِّينِ، وَلَوْ ذَبَحَ جَازَ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّبْحِ بِخِلَافِ الْمَجُوسِيِّ أَتْقَانِيٌّ وَقُهُسْتَانِيٌّ وَغَيْرُهُمَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ لَوْ كَانَ بِأَمْرِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ مِسْكِينٌ مُسْتَدِلًّا عَلَيْهِ بِقَوْلِ الْكَافِي: وَلَوْ أَمَرَ الْمُسْلِمُ كِتَابِيًّا بِأَنْ يَذْبَحَ أُضْحِيَّتَهُ جَازَ، وَكُرِهَ بِدُونِ أَمْرِهِ، لَكِنْ نَقَلَ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ أَنَّ عِبَارَةَ الْكَافِي عَلَى خِلَافِ مَا نُقِلَ عَنْهُ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ: فَإِذَا ذَبَحَهَا لِلْمُسْلِمِ بِأَمْرِهِ أَجْزَأَهُ وَيُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ فَيَحْرُمُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ دُرَرٌ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا) وَكَذَا بِجِلَالِهَا وَقَلَائِدِهَا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ إذَا أَوْجَبَ بَقَرَةً أَنْ يُجَلِّلَهَا وَيُقَلِّدَهَا، وَإِذَا ذَبَحَهَا تَصَدَّقَ بِذَلِكَ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ بِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ بَاقِيًا) لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُبْدَلِ فَكَأَنَّ الْجِلْدَ قَائِمٌ مَعْنًى بِخِلَافِ الْمُسْتَهْلَكِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي أُضْحِيَّةِ الصَّغِيرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: مِمَّا مَرَّ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ نَحْوَ غِرْبَالٍ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ بِيعَ اللَّحْمُ أَوْ الْجِلْدُ بِهِ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُمَا بِمُسْتَهْلَكٍ وَأَنَّ لَهُ بَيْعُ الْجِلْدِ بِمَا تَبْقَى عَيْنُهُ، وَسَكَتَ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِهِ لِلْخِلَافِ فِيهِ. فَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا: لَوْ أَرَادَ بَيْعَ اللَّحْمِ لِيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُطْعِمَ أَوْ يَأْكُلَ اهـ وَالصَّحِيحُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي جَوَازِ بَيْعِهِمَا بِمَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ دُونَ مَا يَسْتَهْلِكُ، وَأَيَّدَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِمَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ اشْتَرَى بِاللَّحْمِ ثَوْبًا فَلَا بَأْسَ بِلُبْسِهِ اهـ. [فُرُوعٌ]
فِي الْقُنْيَةِ: اشْتَرَى بِلَحْمِهَا مَأْكُولًا فَأَكَلَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِقِيمَتِهِ اسْتِحْسَانًا، وَإِذَا دَفَعَ اللَّحْمَ إلَى فَقِيرٍ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ لَا يُحْسَبُ عَنْهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، لَكِنْ إذَا دَفَعَ لِغَنِيٍّ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ بِنِيَّتِهَا يُحْسَبُ قُهُسْتَانِيٌ
(قَوْلُهُ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ) أَيْ وَبِالدَّرَاهِمِ فِيمَا لَوْ أَبْدَلَهُ بِهَا (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ) هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ بَدَائِعُ لِقِيَامِ الْمِلْكِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ) لِلْحَدِيثِ الْآتِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَبَيْعٍ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُعَاوَضَةٌ،
وَاسْتُفِيدَتْ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ» هِدَايَةٌ.
(وَكُرِهَ)(جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ) لِيَنْتَفِعَ بِهِ، فَإِنْ جَزَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ، وَلَا يَرْكَبُهَا وَلَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا شَيْئًا وَلَا يُؤَجِّرَهَا فَإِنْ فَعَلَ تَصَدَّقَ بِالْأُجْرَةِ حَاوِيٌّ الْفَتَاوَى لِأَنَّهُ الْتَزَمَ إقَامَةَ الْقُرْبَةِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا (بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مُجْتَبًى
(وَيُكْرَهُ)(الِانْتِفَاعُ بِلَبَنِهَا قَبْلَهُ) كَمَا فِي الصُّوفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُمَا لِلْغَنِيِّ لِوُجُوبِهِمَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَتَعَيَّنُ زَيْلَعِيٌّ.
(وَلَوْ)(غَلِطَ اثْنَانِ وَذَبَحَ كُلٌّ شَاةَ صَاحِبِهِ) يَعْنِي عَنْ نَفْسِهِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ غَلِطَ أَوْ لَمْ يَغْلَطَا فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ دَلَالَةً هِدَايَةٌ قَالَهُ ابْنُ الْكَمَالِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرِهِ وُقُوعُهُ عَنْ صَاحِبِهِ
ــ
[رد المحتار]
لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْطَى الْجَزَّارُ بِمُقَابَلَةِ جَزْرِهِ وَالْبَيْعُ مَكْرُوهٌ فَكَذَا مَا فِي مَعْنَاهُ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ وَاسْتُفِيدَتْ إلَخْ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالضَّمِيرُ لِلْكَرَاهَةِ، لَكِنْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ فِي الْبَيْعِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا يُعْطَى أَجْرُ الْجَزَّارِ مِنْهَا «لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِعَلِيٍّ رضي الله عنه تَصَدَّقْ بِجِلَالِهَا وَخِطَامِهَا وَلَا تُعْطِ أَجْرَ الْجَزَّازِ مِنْهَا شَيْئًا» وَالنَّهْيُ عَنْهُ نَهْيٌ عَنْ الْبَيْعِ أَيْضًا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ دَلَالَةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ
(قَوْلُهُ فَإِنْ جَزَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ إلَى قَوْلِهِ حَاوِي الْفَتَاوَى) يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَقَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ تَصَدَّقَ بِالْأُجْرَةِ: أَيْ فِيمَا لَوْ آجَرَهَا، وَأَمَّا إذَا رَكِبَهَا أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا تَصَدَّقَ بِمَا نَقَصَتْهُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: وَعَمِلَ الْجَلْدَ جِرَابًا وَأَجْرُهُ لَمْ يَجُزْ وَعَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ إقَامَةَ الْقُرْبَةِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا) فِيهِ أَنَّ الْقُرْبَةَ تَتَأَدَّى بِالْإِرَاقَةِ فَهِيَ تَقُومُ بِهَا لَا بِغَيْرِهَا فَكَيْفَ يُكْرَهُ مِنَحٌ، وَيَأْتِي دَفْعُهُ قَرِيبًا
(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الِانْتِفَاعُ بِلَبَنِهَا) فَإِنْ كَانَتْ التَّضْحِيَةُ قَرِيبَةً يَنْضَحُ ضَرْعُهَا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ وَإِلَّا حَلَبَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ لِوُجُوبِهَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَتَعَيَّنُ) وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُشْتَرَاةَ لِلْأُضْحِيَّةِ مُتَعَيِّنَةٌ لِلْقُرْبَةِ إلَى أَنْ يُقَامَ غَيْرُهَا مَقَامَهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَا دَامَتْ مُتَعَيِّنَةً وَلِهَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ لَحْمُهَا إذَا ذَبَحَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا بَدَائِعُ، وَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُبَدِّلَ بِهَا غَيْرَهَا فَيُفِيدُ التَّعَيُّنَ أَيْضًا، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا مَرَّ عَنْ الْمِنَحِ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ وَلَوْ غَلِطَ اثْنَانِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: قَوْلُهُ غَلِطَ شَرْطٌ، لِمَا فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ تَعَمَّدَ فَذَبَحَ أُضْحِيَّةً رَجُلٍ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ عَنْ صَاحِبِهَا وَفِي الْغَلَطِ جَازَ عَنْ صَاحِبِهَا وَلَا يُشْبِهُ الْعَمْدَ الْغَلَطَ، وَلَوْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا فِي الْعَمْدِ جَازَتْ عَنْ الذَّابِحِ. وَفِي الْإِمْلَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ ذَبَحَهَا مُتَعَمِّدًا عَنْ صَاحِبِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ جَازَ أَيْضًا اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهَا هُيِّئَتْ لِلذَّبْحِ اهـ. (قَوْلُهُ وَذَبَحَ كُلٌّ شَاةَ صَاحِبِهِ) يَعْنِي شَاةَ الْأُضْحِيَّةَ، وَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِهِ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ لِيُفِيدَ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْأُضْحِيَّةِ تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ يَعْنِي عَنْ نَفْسِهِ) صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا، فَلَوْ نَوَاهَا، عَنْ صَاحِبِهِ مَعَ ظَنِّهِ أَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ نَفْسِهِ هَلْ تَقَعُ عَنْ الْمَالِكِ أَيْضًا؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ، وَلَمْ أَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ غَلِطَ) لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ ظَنَّ كَوْنَهَا شَاتُه فَلَا يَذْبَحُهَا إلَّا عَنْ نَفْسِهِ عَادَةً
(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَغْلَطَا) مِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ عَنْ صَاحِبِهِ يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَفْظَةُ أَوْ لَمْ يَغْلَطَا سَبْقُ قَلَمٍ إذْ لَا وُجُودَ لَهَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ دَلَالَةً هِدَايَةٌ كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ صَحَّ اسْتِحْسَانًا. وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ: وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا تَعَيَّنَتْ لِلذَّبْحِ لِتَعَيُّنِهَا لِلْأُضْحِيَّةِ، حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ أَيْ لَوْ كَانَ الْمُضَحِّي فَقِيرًا نِهَايَةٌ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُبَدِّلَ بِهَا غَيْرَهَا أَيْ إذَا كَانَ غَنِيًّا نِهَايَةٌ، فَصَارَ الْمَالِكُ مُسْتَعِينًا بِكُلِّ مَنْ يَكُونُ أَهْلًا لِلذَّبْحِ آذِنًا لَهُ دَلَالَةً اهـ، فَقَوْلُهُ هِدَايَةٌ نَقْلٌ لِحَاصِلِ الْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْكَمَالِ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ ابْنُ الْكَمَالِ عَنْ الْهِدَايَةِ، وَلَعَلَّ ضَمِيرَ قَالَهُ زَائِدٌ وَمَقُولُ الْقَوْلِ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ
(صَحَّ) اسْتِحْسَانًا (بِلَا غُرْمٍ) وَيَتَحَالَّانِ وَلَوْ أَكَلَا وَلَمْ يَعْرِفَا ثُمَّ عَرَفَا هِدَايَةٌ، وَإِنْ تَشَاحَّا ضَمِنَ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ قِيمَةَ لَحْمِهِ وَتَصَدَّقَ بِهَا.
قُلْت: وَفِي أَوَائِلِ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى مِنْ الْأَشْبَاهِ: لَوْ شَرَاهَا بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ فَذَبَحَهَا غَيْرُهُ بِلَا إذْنِهِ، فَإِنْ أَخَذَهَا مَذْبُوحَةً وَلَمْ يَضْمَنْهُ أَجْزَأَتْهُ، وَإِنْ ضَمِنَهُ لَا تُجْزِئُهُ، وَهَذَا إذَا ذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ. أَمَّا إذَا ذَبَحَهَا عَنْ مَالِكِهَا فَلَا ضَمَانَ
ــ
[رد المحتار]
صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرِهِ وُقُوعُهُ عَنْ صَاحِبِهِ، لَكِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ ابْنَ الْكَمَالِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي مَنْهُوَّاتِهِ عَلَى الْهَامِشِ. ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ هُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ ط: أَهْلُ الْمَذْهَبِ إلَّا زُفَرَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا تَقَعُ عَنْ الْمَالِكِ لِلْإِذْنِ دَلَالَةً (قَوْلُهُ صَحَّ اسْتِحْسَانًا بِلَا غُرْمٍ) أَيْ صَحَّ عَنْ صَاحِبِهِ، فَتَقَعُ كُلُّ أُضْحِيَّةٍ عَنْ مَالِكِهَا كَمَا عَلِمْت فَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَسْلُوخَتَهُ وَقَدَّمْنَا وَجْهَ الِاسْتِحْسَانِ.
وَأَمَّا الْقِيَاسُ وَهُوَ قَوْلُ زَفَرَ فَهُوَ أَنَّهُ يَضْمَنُ لَهُ قِيمَتَهَا لِأَنَّهُ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ وَيَتَحَالَّانِ) أَيْ إنْ كَانَا قَدْ أَكَلَا ثُمَّ عَلِمَا فَلْيُحْلِلْ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَشَاحَّا) أَيْ عَنْ التَّحْلِيلِ (قَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ بِهَا) لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ اللَّحْمِ فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ، لِأَنَّ التَّضْحِيَةَ لَمَّا وَقَعَتْ عَنْ صَاحِبِهِ كَانَ اللَّحْمُ لَهُ، وَمَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةٍ غَيْرِهِ فَالْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا هِدَايَةٌ. أَقُولُ: وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ اللَّحْمِ إلَخْ أَنَّ التَّضْمِينَ لِقِيمَةِ اللَّحْمِ لَا لَقِيمَتِهَا حَيَّةً وَلِذَا وَقَعَتْ عَنْ الْمَالِكِ. بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ بِلَا غُرْمٍ وَكَذَا قَوْلُ الْهِدَايَةِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا وَقَوْلُهُمْ لِأَنَّهُ صَارَ ذَابِحًا لِإِذْنِ دَلَالَةً يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ كُلٌّ تَضْمِينَ صَاحِبِهِ قِيمَتَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. وَفِي الْبَدَائِعِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: لَوْ تَشَاحَّا وَأَدَّى كُلٌّ مِنْهُمَا الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ تَقَعُ الْأُضْحِيَّةَ لَهُ وَجَازَتْ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ اهـ فَعَلَى هَذَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ بَيْنَ تَضْمِينِ صَاحِبِهِ وَتَكُونُ ذَبِيحَةُ كُلٍّ أُضْحِيَّةً عَنْ نَفْسِهِ وَبَيْنَ عَدَمِ التَّضْمِينِ فَتَكُونُ ذَبِيحَةُ كُلٍّ أُضْحِيَّةً عَنْ صَاحِبِهِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ بِلَا غُرْمٍ عَلَى مَا إذَا رَضِيَ كُلٌّ بِفِعْلِ الْآخَرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) لَمَّا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ فِيمَا إذَا غَلِطَ الذَّابِحُ وَذَبَحَ عَنْ نَفْسِهِ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ مَا إذَا تَعَمَّدَ ذَبْحَ أُضْحِيَّةٍ بِلَا أَمْرِهِ صَرِيحًا فَذَبَحَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ الْمَالِكِ وَقَدَّمْنَاهُ مُلَخَّصًا عَنْ الْأَتْقَانِيِّ (قَوْلُهُ أَجْزَأَتْهُ) أَيْ أَجْزَأَتْ الشَّارِي عَنْ التَّضْحِيَةِ لِأَنَّهُ قَدْ نَوَاهَا فَلَا يَضُرُّهُ ذَبْحُهَا غَيْرَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا زَيْلَعِيٌّ
(قَوْلُهُ وَإِنْ ضَمَّنَهُ إلَخْ) أَيْ ضَمَّنَهُ الشَّارِي قِيمَتَهَا لَا تُجْزِي الشَّارِي وَتَجُوزُ عَنْ الذَّابِحِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الْإِرَاقَةَ حَصَلَتْ عَلَى مِلْكِهِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ وُقُوعُهَا عَنْ الْمَالِكِ إنْ لَمْ يُضَمِّنْ الذَّابِحَ وَعَدَمُ وُقُوعِهَا عَنْهُ بَلْ عَنْ الذَّابِحِ إنْ ضَمَّنَهُ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا ذَبَحَهَا إلَخْ) قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي: وَإِذَا ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ الْغَيْرِ نَاوِيًا مَالِكَهَا بِغَيْرِ أَمَرَهُ جَازَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اهـ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ لِوُجُودِ الْإِذْنِ دَلَالَةً كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: أَطْلَقَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ وَقَيَّدَهَا فِي الْأَجْنَاسِ بِمَا إذَا أَضْجَعَهَا صَاحِبُهَا لِلْأُضْحِيَّةِ. وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُخْتَارُ اهـ أَيْ لِلِاكْتِفَاءِ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ الشِّرَاءِ فَتَعَيَّنَتْ لَهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ صَفْحَةٍ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لَا تُجْزِي وَضَمِنَ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: اشْتَرَى خَمْسَ شِيَاهٍ فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهَا فَذَبَحَ رَجُلٌ وَاحِدَةً مِنْهَا يَوْمَ الْأَضْحَى بِنِيَّةِ صَاحِبِهَا بِلَا أَمَرَهُ ضَمِنَ اهـ. وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ أَنَّهُ لَوْ غَلِطَ فَذَبَحَ أُضْحِيَّةً غَيْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ ضَمَّنَهُ وَقَعَتْ عَنْ الذَّابِحِ وَإِلَّا فَعَنْ الْمَالِكِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ، وَكَذَا لَوْ تَعَمَّدَ وَذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَتَأَمَّلْهُ مَعَ