الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَجُوزُ، وَجَوَازُهُ بِكُلِّ حَالٍ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى زَيْلَعِيٌّ وَبَحْرٌ مَعْزِيًّا لِلْمُغْنِي، لَكِنْ رَدَّهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ بِأَنَّ مَا فِي الْمُغْنِي شَاذٌّ مَجْهُولُ الْقَائِلِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَفِي الْبَدَائِعِ: لَوْ آجَرَ مَشَاعًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَقَسَمَهُ وَسَلَّمَ جَازَ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَلَوْ أَبْطَلَهَا الْحَاكِمُ ثُمَّ قَسَمَ وَسَلَّمَ لَمْ يَجُزْ وَيُفْتَى بِجَوَازِهِ لَوْ الْبِنَاءُ لِرَجُلٍ وَالْعَرْصَةُ لِآخَرَ فَصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ يَعْنِي الْوَسَطَ مِنْهُ
(وَ) تَفْسُدُ (بِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ كَتَسْمِيَةِ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَرُمَّهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِصَيْرُورَةِ الْمَرَمَّةِ مِنْ الْأُجْرَةِ فَيَصِيرُ الْأَجْرُ مَجْهُولًا (وَ) تَفْسُدُ (بِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ) أَصْلًا أَوْ بِتَسْمِيَةِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ (فَإِنْ فَسَدَتْ بِالْأَخِيرَيْنِ) بِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى وَعَدَمِ التَّسْمِيَةِ (وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ) يَعْنِي الْوَسَطَ مِنْهُ وَلَا يَنْقُصُ عَنْ الْمُسَمَّى لَا بِالتَّمْكِينِ بَلْ (بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ) حَقِيقَةً كَمَا مَرَّ (بَالِغًا مَا بَلَغَ) لِعَدَمِ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ وَلَا يَنْقُصُ عَنْ الْمُسَمَّى (وَإِلَّا) تَفْسُدُ بِهِمَا بَلْ بِالشُّرُوطِ أَوْ الشُّيُوعِ مَعَ الْعِلْمِ بِالْمُسَمَّى
ــ
[رد المحتار]
وَالْمُحَكَّمُ كَالْقَاضِي إنْ تَعَذَّرَتْ الْمُرَافَعَةُ. (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ) أَيْ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَجَوَّزَاهُ بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ لَا فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ لَا ح لَكِنْ بِشَرْطِ بَيَانِ نَصِيبِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَا يَجُوزُ فِي الصَّحِيحِ زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ) بَلْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، وَبِهِ جَزَمَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبَ، أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ الْيَوْمَ. (قَوْلُهُ وَفِي الْبَدَائِعِ إلَخْ) تَخْرِيجٌ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ ط (قَوْلُهُ وَسَلِمَ جَازَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدُ فَإِنَّهُ اُعْتُبِرَ الْحُكْمُ ط. (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) يَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ إجَارَةٌ بِالتَّعَاطِي إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ بَعْدَ فَسْخِ الْأُولَى رَحْمَتِيٌّ.
[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْبِنَاءِ]
1
(قَوْلُهُ وَيُفْتَى بِجَوَازِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِ إجَارَةِ الْبِنَاءِ وَحْدَهُ، وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّهُ كَالْمُشَاعِ.
قُلْتُ: لَكِنَّ نَصَّ مُحَمَّدٍ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ آجَرَهَا مِنْ صَاحِبِهَا اسْتَوْجَبَ مِنْ الْأَجْرِ حِصَّةَ الْبِنَاءِ، فَلَوْلَا جَوَازُ إجَارَةِ الْبِنَاءِ لَمَا اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ وَقَاسَهُ عَلَى الْفُسْطَاطِ، وَبِهِ أَفْتَى مَشَايِخُنَا، وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ مِلْكًا وَالْعَرْصَةُ وَقْفًا وَآجَرَ الْمُتَوَلِّي بِإِذْنِ مَالِكِ الْبِنَاءِ فَالْأَجْرُ يَنْقَسِمُ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْعَرْصَةِ، وَجَازَ إجَارَةُ بِنَائِهِ لِمَالِكِ الْأَرْضِ اتِّفَاقًا، وَكَذَا لِغَيْرِهِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَأَقَرَّهُ الْبَاقَانِيُّ اهـ، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ آخِرَ الْمُتَفَرِّقَاتِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي الْوَسَطَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ.
وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ أَعْنِي وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْهُ ط.
(قَوْلُهُ كَتَسْمِيَةِ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ) مِثَالٌ لِمَجْهُولِ الْكُلِّ وَمَا بَعْدَهُ مِثَالُ مَجْهُولِ الْبَعْضِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ جَهَالَةُ الْكُلِّ، فَصَحَّ قَوْلُهُ بَعْدُ فَيَصِيرُ الْأَجْرُ مَجْهُولًا. (قَوْلُهُ لِصَيْرُورَةِ الْمَرَمَّةِ) أَيْ نَفَقَتِهَا. (قَوْلُهُ وَبِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ) كَآجَرْتُكَ دَارِي شَهْرًا أَوْ سَنَةً وَلَمْ يَقُلْ بِكَذَا مِنَحٌ
1 -
(قَوْلُهُ أَوْ بِتَسْمِيَةِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) يُفِيدُ أَنَّ هَذِهِ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لَا بَاطِلَةٌ ط أَيْ فَيُخَالِفُ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ يَعْنِي الْوَسَطَ مِنْهُ) أَيْ عِنْدَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ ط. (قَوْلُهُ لَا بِالتَّمْكِينِ) أَيْ تَمْكِينِ الْمَالِكِ لَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالتَّمَكُّنِ: أَيْ تَمَكُّنِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْهُ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ مَتْنًا فِي قَوْلِهِ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَفِي قَوْلِهِ أَوَّلَ كِتَابِ الْإِجَارَةِ.
أَمَّا فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا يَجِبُ إلَّا بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ، وَقَدَّمْنَا تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا وُجِدَ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْإِجَارَةِ، وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ اسْتِثْنَاءُ الْوَقْفِ وَمَا بَحَثَهُ الشَّارِحُ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ) أَيْ إذَا لَمْ يُبَيِّنْهُ الْمُؤَجِّرُ بَعْدُ، أَمَّا إذَا بَيَّنَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَزْيَدُ مِنْهُ.
قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَإِنْ تَكَارَى دَابَّةً إلَى بَغْدَادَ، إنْ بَلَّغَهُ إيَّاهَا فَلَهُ رِضَاهُ فَبَلَّغَهُ فَقَالَ رِضَايَ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ مَجْهُولٌ، وَلَا يُزَادُ عَلَى عِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ الزِّيَادَةِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْقِصُ عَنْ الْمُسَمَّى) هَكَذَا يُوجَدُ فِي مَوْضِعَيْنِ: الْأَوَّلُ
لَمْ يَزِدْ) أَجْرُ الْمِثْلِ (عَلَى الْمُسَمَّى) لِرِضَاهُمَا بِهِ (وَيَنْقُصُ عَنْهُ) لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ.
وَاسْتَثْنَى الزَّيْلَعِيُّ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا عَلَى أَنْ لَا يَسْكُنَهَا فَسَدَتْ، وَيَجِبُ إنْ سَكَنَهَا أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَحَمَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَلَى مَا إذَا جَهِلَ الْمُسَمَّى لَكِنْ أَرْجَعَهُ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ إلَى جَهَالَةِ الْمُسَمَّى
ــ
[رد المحتار]
بَعْدَ قَوْلِهِ يَعْنِي الْوَسَطَ مِنْهُ، وَالثَّانِي بَعْدَ قَوْلِهِ لِعَدَمِ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَأَفَادَ الْمُحَشِّي أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ بَلْ لَا مَعْنَى لَهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ: أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَفْرُوضَ جَهَالَةُ الْمُسَمَّى قِيلَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْمُسَمَّى مَا جَهِلَ بَعْضَهُ كَإِجَارَتِهَا بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنْ يَرُمَّهَا اهـ.
أَقُولُ: لَا يَصِحُّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ فِي جَهَالَتِهِ بَعْضًا أَوْ كُلًّا أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ ثُمَّ قَالَ: فَأَمَّا إذَا فَسَدَ بِحُكْمِ شَرْطٍ فَاسِدٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى اهـ، وَكَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ لِعَدَمِ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْمُسَمَّى) فَلَوْ كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ اثْنَيْ عَشَرَ وَالْمُسَمَّى عَشَرَةً فَهِيَ لَهُ. (قَوْلُهُ وَيَنْقُصُ عَنْهُ) بِأَنْ كَانَ الْمُسَمَّى خَمْسَةَ عَشَرَ فَلَهُ اثْنَا عَشَرَ. (قَوْلُهُ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ) أَيْ بِفَسَادِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَسَدَ الشَّيْءُ فَسَدَ مَا فِي ضِمْنِهِ
1 -
(قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الزَّيْلَعِيُّ إلَخْ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى إذَا فَسَدَتْ بِالشَّرْطِ، وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِيهِ صَاحِبَ الْبَحْرِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ اسْتِثْنَاءٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ مِنْ فُرُوعِ جَهَالَةِ الْمُسَمَّى فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ فَسَدَتْ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لِرَبِّ الدَّارِ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْكُنْ فِيهَا لَا تَمْتَلِئُ الْبَالُوعَةُ وَالْمُتَوَضَّاةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ بَالُوعَةٌ أَوْ بِئْرُ وُضُوءٍ لَا تَفْسُدُ بِالشَّرْطِ لِعَدَمِ مَا قُلْنَا بَزَّازِيَّةٌ وَغَيْرُهَا. (قَوْلُهُ وَحَمَلَهُ فِي الْبَحْرِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ: وَفِيهِ يَعْنِي فِي اسْتِثْنَاءِ الزَّيْلَعِيِّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ إنْ لَمْ تَكُنْ مُسَمَّاةً فَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ، وَإِنْ كَانَتْ مُسَمَّاةً يَنْبَغِي أَنْ لَا يُجَاوِزَ بِهِ الْمُسَمَّى كَغَيْرِهَا مِنْ الشُّرُوطِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْأُجْرَةِ اهـ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اخْتِيَارُ الشِّقِّ الْأَوَّلِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْخُلَاصَةِ.
وَوَجْهُ كَوْنِهِ مِنْ جَهَالَةِ الْمُسَمَّى مَعَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ أَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ فِيهِ نَفْعٌ لِلْمَالِكِ وَقَدْ جَعَلَهُ بَدَلًا وَهُوَ مَجْهُولٌ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَكِنْ أَرْجَعَهُ إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ عَيَّنَ مَا فِي الْبَحْرِ فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِدْرَاكِ.
قُلْتُ: قَدْ يُجَابُ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى الشِّقِّ الثَّانِي، وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُسَمَّاةً.
وَوَجْهُ إرْجَاعِهِ إلَى جَهَالَةِ الْمُسَمَّى حِينَئِذٍ أَنَّهُ جَعَلَ الْأُجْرَةَ ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَعَدَمَ السُّكْنَى فَصَارَ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَرُمَّهَا الْمُسْتَأْجِرُ، وَعَلَّلَ الشَّارِحُ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ لِصَيْرُورَةِ الْمَرَمَّةِ مِنْ الْأَجْرِ فَيَصِيرُ الْأَجْرُ مَجْهُولًا.
وَحَاصِلَةُ أَنَّهُ بِجَهَالَةِ الْبَعْضِ يَحْصُلُ جَهَالَةُ الْكُلِّ فَلِهَذَا قَالَ أَرْجَعَهُ إلَى جَهَالَةِ الْمُسَمَّى، بِخِلَافِ مَا فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى جَهَالَةِ الْكُلِّ ابْتِدَاءً، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ثُمَّ رَأَيْتُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْتُهُ، وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ شَرْطٍ مَرْغُوبٍ مِنْ جِهَةِ الْأَجِيرِ كَمَا لَوْ آجَرَ دَارِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنْ يَعْمُرَهَا وَيُؤَدِّيَ نَوَائِبَهَا فَسَدَتْ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ يَجِبْ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا يَنْقُصُ عَنْ الْمُسَمَّى؛ وَكَذَا لَوْ قَالَ آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنْ لَا تَسْكُنَهَا فَسَدَتْ، فَإِنْ سَكَنَ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا يَنْقُصُ عَنْ الْمُسَمَّى، وَهَذَا أَيْضًا يَرْجِعُ إلَى جَهَالَةِ الْمُسَمَّى فِي الْحَقِيقَةِ كَذَا قَالَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ اهـ.
فَقَدْ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا لَوْ كَانَ مُسَمًّى وَشَبَّهَهَا بِمَسْأَلَةِ الْمَرَمَّةِ، وَقَالَ: وَهَذَا أَيْضًا
فَافْهَمْ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا اسْتِثْنَاءَ فَتَنَبَّهْ.
قُلْتُ: وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ فَتَأَمَّلْ
(فَإِنْ آجَرَ دَارِهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى جَهَالَةِ الْمُسَمَّى (بِعَبْدٍ مَجْهُولٍ فَسَكَنَ مُدَّةً وَلَمْ يَدْفَعْهُ فَعَلَيْهِ لِلْمُدَّةِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَتُفْسَخُ فِي الْبَاقِي) مِنْ الْمُدَّةِ.
(آجَرَ حَانُوتًا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا صَحَّ فِي وَاحِدٍ فَقَطْ) وَفَسَدَ فِي الْبَاقِي لِجَهَالَتِهَا، وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى دَخَلَ كُلٌّ فِيمَا لَا يُعْرَفُ مُنْتَهَاهُ تَعَيَّنَ أَدْنَاهُ، وَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ فَلِكُلٍّ فَسْخُهَا بِشَرْطِ حُضُورِ الْآخَرِ لِانْتِهَاءِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ (وَفِي كُلِّ شَهْرٍ سَكَنَ فِي أَوَّلِهِ) هُوَ اللَّيْلَةُ الْأُولَى وَيَوْمُهَا عُرْفًا وَبِهِ يُفْتَى (صَحَّ الْعَقْدُ فِيهِ) أَيْضًا، وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ إخْرَاجُهُ
ــ
[رد المحتار]
يَرْجِعُ إلَى جَهَالَةِ الْمُسَمَّى: أَيْ كَمَا يَرْجِعُ الْأَوَّلُ وَهَذَا عَيْنُ مَا حَمَلْتُ عَلَيْهِ كَلَامَهُ قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ (قَوْلُهُ فَافْهَمْ) لَعَلَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَنِكَاتُ هَذَا الشَّارِحِ الْفَاضِلِ أَدَقُّ مِنْ هَذَا كَمَا يَعْرِفُهُ مَنْ مَارَسَ كَلَامَهُ وَعَلِمَ مَرَامَهُ. (قَوْلُهُ قُلْتُ إلَخْ) هُوَ مَنْقُولٌ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ سَائِحَانِيٌّ.
أَقُولُ: بَلْ تَقَدَّمَ مَتْنًا حَيْثُ قَالَ: مُتَوَلِّي أَرْضِ الْوَقْفِ آجَرَهَا بِغَيْرِ أَجْرٍ الْمِثْلِ يَلْزَمُ مُسْتَأْجِرَهَا تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ.
وَقَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: وَكَذَا حُكْمُ وَصِيٍّ وَأَبٍ اهـ.
وَمِمَّا اسْتَثْنَى مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا بِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَسَكَنَ شَهْرًا وَلَمْ يَدْفَعْ الْعَبْدَ حَتَّى أَعْتَقَهُ صَحَّ وَكَانَ عَلَيْهِ لِلشَّهْرِ الْمَاضِي أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَتُنْقَضُ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ لِفَسَادِهَا بِإِعْتَاقِهِ، وَفِيهَا تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: اسْتَأْجَرَهَا عَلَى عَيْنٍ مُسَمَّاةٍ وَسَكَنَ الدَّارَ وَهَلَكَتْ الْعَيْنُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا الْمُسْتَأْجِرُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْإِجَارَاتِ فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ فِيهِ عَلَى الْمُسَمَّى اهـ فَهَذَا الْمُسَمَّى فِيهِ مَعْلُومٌ مُعَيَّنٌ وَوَجَبَ الْأَجْرُ بَالِغًا مَا بَلَغَ
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ) أَمَّا لَوْ عَجَّلَهُ وَقَبِلَهُ الْمُؤَجِّرُ مِنْهُ لَا يُزَادُ بِهِ عَلَيْهِ لِرِضَاهُ وَهَلْ تَنْقَلِبُ صَحِيحَةً يُرَاجَعُ رَحْمَتِيٌّ.
وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى عَدَمِ دَفْعِهِ إذْ هُوَ الْوَاجِبُ لِلْفَسَادِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ حَانُوتًا) مِثَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ طُورِيٌّ. (قَوْلُهُ وَفَسَدَ فِي الْبَاقِي) مُقَيَّدٌ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ تُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ بِأَلَّا يَسْكُنَ فِيمَا بَعْدَ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، وَأَنْ لَا يُعَجِّلَ أُجْرَتَهُ، وَأَنْ لَا يُسَمِّيَ جُمْلَةَ الشُّهُورِ، فَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا صَحَّ فِيهِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: فَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ أُجْرَةِ الْأَبَدِ لَا يَصِحُّ إلَّا عَنْ شَهْرٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ لِجَهَالَتِهَا) أَيْ الشُّهُورِ. (قَوْلُهُ مَتَى دَخَلَ كُلٌّ) أَيْ لَفْظُ كُلٍّ (قَوْلُهُ فِيمَا لَا يُعْرَفُ مُنْتَهَاهُ) كَالْأَشْهُرِ وَالْأَيَّامِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ " كُلَّ شَهْرٍ " مِثَالٌ، فَمِثْلُهُ " كُلَّ سَنَةٍ " أَوْ يَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ كَمَا أَفَادَهُ الرَّمْلِيُّ. (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ أَدْنَاهُ) أَيْ تَعَيَّنَ لِلصِّحَّةِ، إذْ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ دَاخِلٌ تَحْتَ الْعَقْدِ وَلِهَذَا اشْتَرَطَ حُضُورَهُمَا عِنْدَ الْفَسْخِ فَهُوَ فَاسِدٌ لَكِنْ يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالسُّكْنَى هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ.
ثُمَّ رَأَيْتُ الطُّورِيَّ قَالَ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ صَحَّ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ الْفَسَادُ فِي الْبَاقِي: قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْإِجَارَةَ كُلَّ شَهْرٍ جَائِزَةٌ، وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَيَجُوزُ الْعَقْدُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْفَسْخِ فِي أَوَّلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُ الْمُضَافَةِ اهـ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَفَسَدَ فِي الْبَاقِي، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْفَسَادِ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلْإِفْسَادِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بِشَرْطِ حُضُورِ الْآخَرِ) وَالْحِيلَةُ إذَا غَابَ أَنْ يُؤَجِّرَ مِنْ آخَرَ فَإِذَا انْقَضَى الشَّهْرُ صَحَّ لِلْآخَرِ فِي الثَّانِي وَانْفَسَخَ الْأَوَّلُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الصَّرِيحِ سَائِحَانِيٌّ، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ ذَلِكَ قُبَيْلَ هَذَا الْبَابِ. (قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى) وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
وَذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ سَاعَةٌ مِنْ أَوَّلِهِ، وَعَلَيْهِ مَشَى الْقُدُورِيُّ وَصَاحِبُ الْكَنْزِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَفِيهِ حَرَجٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ.
حَتَّى يَنْقَضِيَ إلَّا بِعُذْرٍ، كَمَا لَوْ عَجَّلَ أُجْرَةَ شَهْرَيْنِ فَأَكْثَرَ لِكَوْنِهِ كَالْمُسَمَّى زَيْلَعِيٌّ (إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الْكُلَّ) أَيْ جُمْلَةَ شُهُورٍ مَعْلُومَةٍ فَيَصِحُّ لِزَوَالِ الْمَانِعِ
(وَإِذَا آجَرَهَا سَنَةً بِكَذَا صَحَّ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ أَجْرَ كُلِّ شَهْرٍ) وَتُقَسَّمُ سَوِيَّةً (وَأَوَّلُ الْمُدَّةِ مَا سَمَّى) إنْ سَمَّى (وَإِلَّا فَوَقْتُ الْعَقْدِ) هُوَ أَوَّلُهَا (فَإِنْ كَانَ) الْعَقْدُ (حِينَ يُهَلُّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ: أَيْ يُبْصَرُ الْهِلَالُ، وَالْمُرَادُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الشَّهْرِ شمتي (اعْتَبَرَ الْأَهِلَّةَ وَإِلَّا فَالْأَيَّامَ) كُلُّ شَهْرٍ ثَلَاثُونَ، وَقَالَا يُتِمُّ الْأَوَّلَ بِالْأَيَّامِ وَالْبَاقِيَ بِالْأَهِلَّةِ
(اسْتَأْجَرَ عَبْدًا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَبِطَعَامِهِ لَمْ يَجُزْ) لِجَهَالَةِ بَعْضِ الْأَجْرِ كَمَا مَرَّ. (وَجَازَ إجَارَةُ الْحَمَّامِ)
ــ
[رد المحتار]
قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْأَصَحُّ أَنَّ وَقْتَ الْفَسْخِ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مَعَ لَيْلَتِهِ وَالْيَوْمُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ الْفَسْخِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَأَوَّلُ الشَّهْرِ هَذَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَهَذَا خِلَافُ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ فِيهِ وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَبِهِ يُفْتَى.
وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَتْ الشُّرُوحُ وَالْفَتَاوَى فَالِاعْتِبَارُ لِمَا فِي الشُّرُوحِ اهـ أَنَّ مَا فِي الشُّرُوحِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا عَلِمْتَ. (قَوْلُهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ) أَيْ ذَلِكَ الشَّهْرُ الَّذِي سَكَنَ فِي أَوَّلِهِ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ إلَّا بِعُذْرٍ) أَيْ مِنْ أَعْذَارِ الْفَسْخِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ عَجَّلَ) تَنْظِيرٌ فِي الصِّحَّةِ لِمَا فِي الْمَتْنِ.
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: فَلَا يَكُونُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ فِي قَدْرِ الْمُعَجَّلِ أُجْرَتُهُ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّقْدِيمِ زَالَتْ الْجَهَالَةُ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ فَيَكُونُ كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الْكُلَّ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَفَسَدَ فِي الْبَاقِي: أَيْ كُلَّ مَا قُصِدَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ، وَهَذَا كَمَا إذَا قَالَ: آجَرْتُهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ) أَيْ الَّذِي كَانَ فِي صُورَةِ عَدَمِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ
(قَوْلُهُ وَتُقْسَمُ سَوِيَّةً) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِي الْفَسْخِ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ.
وَفِي التتارخانية: وَلَوْ قَالَ آجَرْتُكَ سَنَةً بِأَلْفٍ كُلَّ شَهْرٍ بِمِائَةٍ فَقِبَلَ فَهُوَ إجَارَةٌ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ كُلُّ شَهْرٍ بِمِائَةٍ وَالْأَخِيرُ يَكُونُ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ.
قَالَ الْفَقِيهُ: وَهَذَا إذَا كَانَ قَصْدًا، فَلَوْ غَلَطًا فَالْأَجْرُ هُوَ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ إنْ سَمَّى) بِأَنْ يَقُولَ: مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ دُرَرٌ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ خِيَارُ شَرْطٍ، فَإِنْ كَانَ فَمِنْ وَقْتِ سُقُوطِهِ سِرِّيُّ الدَّيْنِ عَنْ الْكَافِي ط (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ) أَيْ لَا وَقْتُ إبْصَارِ الْهَلَالِ حَقِيقَةً. (قَوْلُهُ اعْتَبَرَ الْأَهِلَّةَ) حَتَّى لَوْ نَقَصَ الشَّهْرُ يَوْمًا كَانَ عَلَيْهِ كَمَالُ الْأُجْرَةِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْأَيَّامَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ فَيَعْتَبِرُ الْأَيَّامَ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ الْأَوَّلَ يُكَمَّلُ بِالْأَيَّامِ مِنْ الثَّانِي فَيَصِيرُ أَوَّلَ الثَّانِي بِالْأَيَّامِ فَيُكَمَّلُ بِالثَّالِثِ وَهَكَذَا بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ وَقَالَ: يُتِمُّ الْأَوَّلَ بِالْأَيَّامِ) وَفِي الذَّخِيرَةِ: إنْ عَقَدَ الْإِجَارَةَ عَلَى كُلِّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ وَإِنْ وُجِدَتْ فِي وَسَطِهِ يَعْتَبِرُ كُلَّ شَهْرٍ بِالْأَيَّامِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَعْتَبِرَانِ الْأَهِلَّةَ إذَا عُلِمَ آخِرُ الْمُدَّةِ لِيُمْكِنَ تَكْمِيلُهُ مِنْهُ اهـ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَةٌ كَأَبِي حَنِيفَةَ.
قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ: وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ: يَعْتَبِرُ الْأَوَّلَ بِالْأَيَّامِ وَيُكَمِّلُ مِنْ الْأَخِيرِ وَيَعْتَبِرُ الْبَاقِيَ بِالْأَهِلَّةِ، فَإِنْ آجَرَ فِي عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةً فَذُو الْحِجَّةِ إنْ تَمَّ عَلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَالسَّنَةُ تَتِمُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَإِنْ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَالسَّنَةُ تَتِمُّ عَلَى الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.
فَإِنْ قُلْتَ: هَلَّا يَلْزَمُ أَنْ يَتَكَرَّرَ عِيدُ الْأَضْحَى فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ؟ قُلْتُ نَعَمْ، لَكِنْ فِي السَّنَةِ الَّتِي قُدِّرَتْ بِهَا مُدَّةُ الْإِجَارَةِ لَا فِي السَّنَةِ الْمَعْرُوفَةِ، فَالْمَحْذُورُ غَيْرُ لَازِمٍ وَاللَّازِمُ غَيْرُ مَحْذُورٍ اهـ
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قَبْلَ وَرَقَةٍ وَمَرَّ الْكَلَامُ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَجَازَ إجَارَةُ الْحَمَّامِ) قَدَّمْنَا أَنَّ الْإِجَارَةَ اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ: أَيْ جَازَ أَخْذُ الْحَمَّامِيِّ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ.
وَفِي أَبِي السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ الْحَمَّامُ مُؤَنَّثٌ فِي الْأَغْلَبِ وَجَمْعُهُ حَمَّامَاتٌ عَلَى الْقِيَاسِ.
وَفِي ذِكْرَى أَوَّلُ مَنْ وَضَعَهُ نَبِيُّ اللَّهِ سُلَيْمَانُ عليه السلام -
«؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام دَخَلَ حَمَّامَ الْجُحْفَةِ» وَلِلْعُرْفِ. وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ» .
قُلْتُ: وَالْمَعْرُوفُ وَقْفُهُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ (وَ) جَازَ (بِنَاؤُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) هُوَ الصَّحِيحُ لِلْحَاجَةِ، بَلْ حَاجَتُهُنَّ أَكْثَرُ لِكَثْرَةِ أَسْبَابِ اغْتِسَالِهِنَّ، وَكَرَاهَةُ عُثْمَانَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا فِيهِ كَشْفُ عَوْرَةٍ زَيْلَعِيٌّ. وَفِي إحْكَامَاتِ الْأَشْبَاهِ: وَيُكْرَهُ لَهَا دُخُولُ الْحَمَّامِ فِي قَوْلٍ، وَقِيلَ إلَّا لِمَرِيضَةٍ أَوْ نُفَسَاءَ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنْ لَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا.
قُلْتُ: وَفِي زَمَانِنَا لَا شَكَّ فِي الْكَرَاهَةِ لِتَحَقُّقِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَقَدْ مَرَّ فِي النَّفَقَةِ (وَالْحَجَّامِ)«؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أُجْرَتَهُ» وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ كَسْبِهِ مَنْسُوخٌ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي حَدِيثِ دُخُولِهِ عليه الصلاة والسلام الْحَمَّامَ، وَحَدِيثِ «مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا» (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام دَخَلَ حَمَّامَ الْجُحْفَةِ) قَالَ مُنْلَا عَلَيَّ الْقَارِيّ: ذَكَرَ الدَّمِيرِيِّ وَالنَّوَوِيُّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ جِدًّا، فَقَوْلُ شَيْخِنَا ابْنِ حَجَرٍ الْمَكِّيِّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ إنَّهُ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ وَإِنْ وَقَعَ فِي كَلَامِ الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرِهِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ اهـ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ وَلِلْعُرْفِ) ؛ لِأَنَّ النَّاسَ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ يَدْفَعُونَ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُ مَا يَسْتَعْمِلُ مِنْ الْمَاءِ وَلَا مِقْدَارُ الْقُعُودِ، فَدَلَّ إجْمَاعُهُمْ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ يَأْبَاهُ لِوُرُودِهِ عَلَى إتْلَافِ الْعَيْنِ مَعَ الْجَهَالَةِ إتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ) وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي وَائِلٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «إنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاخْتَارَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاخْتَارَ أَصْحَابَنَا فَجَعَلَهُمْ أَنْصَارَ دِينِهِ وَوُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، فَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ قَبِيحًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ قَبِيحٌ» وَهُوَ مَوْقُوفٌ حَسَنٌ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّيَالِسِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ الْحِلْيَةِ اهـ مِنْ الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ ط (قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ كَرِهَهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: «قَدِمْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَسَأَلَنِي عَنْ مَالِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ لِي غِلْمَانًا وَحَمَّامًا لَهُ غَلَّةٌ فَكَرِهَ لِي غَلَّةَ الْحَجَّامِينَ وَغَلَّةَ الْحَمَّامِ وَقَالَ: إنَّهُ بَيْتُ الشَّيَاطِينِ، وَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَرَّ بَيْتٍ» فَإِنَّهُ تُكْشَفُ فِيهِ الْعَوْرَاتُ وَتُصَبُّ الْغُسَالَاتُ وَالنَّجَاسَاتُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ حَمَّامِ الرِّجَالِ وَحَمَّامِ النِّسَاءِ زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ أَسْبَابِ اغْتِسَالِهِنَّ) أَيْ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ، وَاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْبَارِدِ قَدْ يَضُرُّ وَقَدْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِيعَابِ بِهِ وَإِزَالَةِ الْوَسَخِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَّا لِمَرِيضَةٍ أَوْ نُفَسَاءَ) رُوِيَ فِي السُّنَنِ مُسْنَدًا إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنَّهَا سَتُفْتَحُ لَكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتًا يُقَالُ لَهَا الْحَمَّامَاتُ فَلَا يَدْخُلُهَا الرِّجَالُ إلَّا بِالْإِزَارِ وَامْنَعُوهَا النِّسَاءَ إلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ» إتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ قُلْتُ إلَخْ) قَائِلُهُ ابْنُ الْهُمَامِ.
أَقُولُ: وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِحَمَّامِ النِّسَاءِ، فَإِنَّ فِي دِيَارِنَا كَشْفَ الْعَوْرَةِ الْخَفِيفَةِ أَوْ الْغَلِيظَةِ مُتَحَقِّقٌ مِنْ فَسَقَةِ الْعَوَامّ الرِّجَالِ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ، وَهُوَ إنْ كَانَ الدَّاخِلُ يَغُضُّ بَصَرَهُ بِحَيْثُ لَا يَرَى عَوْرَةَ أَحَدٍ وَلَا يَكْشِفُ عَوْرَتَهُ لِأَحَدٍ فَلَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ فِي دُخُولِ الْفَرِيقَيْنِ حَيْثُ كَانَتْ الْعِلَّةُ مَا ذُكِرَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام احْتَجَمَ إلَخْ) رَوَى الْبُخَارِيُّ مُسْنِدًا إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ» وَلَوْ عَلِمَ كَرَاهِيَةً لَمْ يُعْطِهِ وَفِي رِوَايَةِ السُّنَنِ وَلَوْ عَلِمَهُ خَبِيثًا لَمْ يُعْطِهِ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَحَدِيثُ النَّهْيِ) وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ السُّنَنِ بِإِسْنَادِهِ إلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ» إتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ مَنْسُوخٌ) أَيْ بِمَا رُوِيَ
(وَالظِّئْرُ) بِكَسْرٍ فَهَمْزٍ: الْمُرْضِعَةُ (بِأَجْرٍ مُعَيَّنٍ) لِتَعَامُلِ النَّاسِ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانَاتِ لِعَدَمِ التَّعَارُفِ (وَ) كَذَا (بِطَعَامِهَا وَكُسْوَتِهَا) وَلَهَا الْوَسَطُ، وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالتَّوْسِعَةِ عَلَى الظِّئْرِ شَفَقَةً عَلَى الْوَلَدِ (وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَطَأَهَا) خِلَافًا لِمَالِكٍ (لَا فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَا يَدْخُلُهُ (إلَّا بِإِذْنِهِ، وَ) الزَّوْجُ (لَهُ فِي نِكَاحٍ ظَاهِرٍ) أَيْ مَعْلُومٍ بِغَيْرِ الْإِقْرَارِ (فَسْخُهَا مُطْلَقًا) شَانَهُ إجَارَتُهَا أَوْ لَا فِي الْأَصَحِّ (وَلَوْ غَيْرَ ظَاهِرٍ) بِأَنْ عَلِمَ بِإِقْرَارِهِمَا (لَا) يَفْسَخُهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ (وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُهَا بِحَبَلِهَا وَمَرَضِهَا وَفُجُورِهَا) فُجُورًا بَيِّنًا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْذَارِ
ــ
[رد المحتار]
وَأَجَابَ الأتقاني يُحْمَلُ حَدِيثُ الْخُبْثِ عَلَى الْكَرَاهَةِ طَبْعًا مِنْ طَرِيقِ الْمُرُوءَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِسَّةِ وَالدَّنَاءَةِ.
قَالَ: عَلَى أَنَّا نَقُولُ رَاوِيهُ رَافِعٍ لَيْسَ كَابْنِ عَبَّاسٍ فِي الضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ وَالْفِقْهِ فَيُعْمَلُ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ دُونَهُ اهـ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَإِنْ شَرَطَ الْحَجَّامُ شَيْئًا عَلَى الْحِجَامَةِ كُرِهَ
(قَوْلُهُ وَالظِّئْرِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْحَمَّامِ. (قَوْلُهُ بِكَسْرٍ فَهَمْزٍ) أَيْ هَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا حَمَوِيٌّ. (قَوْلُهُ الْمُرْضِعَةُ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ.
وَفِي الْقَامُوسِ: الظِّئْرُ الْعَاطِفَةُ عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا الْمُرْضِعَةُ لَهُ فِي النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَجَمْعُهُ أَظْؤُرٌ وَأَظْآرٌ وَظُئُورٌ وَظُئُورَةٌ وَظُؤَارٌ وَظُؤَرَةٌ (قَوْلُهُ لِتَعَامُلِ النَّاسِ) عِلَّةٌ لِلْجَوَازِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ؛ لِأَنَّهَا تَرِدُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ وَهُوَ اللَّبَنُ: وَيُشْتَرَطُ التَّوْقِيتُ إجْمَاعًا حَمَوِيٌّ عَنْ الْمَنْصُورِيَّةِ: وَالْإِطْلَاقُ مُشِيرٌ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمَةِ أَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا لِإِرْضَاعِ وَلَدِ الْكَافِرِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِخِدْمَةِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: اسْتَأْجَرَ نَصْرَانِيٌّ مُسْلِمًا لِلْخِدْمَةِ لَمْ يَجُزْ، وَلِغَيْرِهَا جَازَ إنْ وَقَّتَ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانَاتِ) أَيْ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِهَا لِلْإِرْضَاعِ: وَفِي التتارخانية: اسْتَأْجَرَ بَقَرَةً لِيَشْرَبَ اللَّبَنَ أَوْ كَرْمًا أَوْ شَجَرًا لِيَأْكُلَ ثَمَرَهُ أَوْ أَرْضًا لِيَرْعَى غَنَمَهُ الْقَصِيلَ أَوْ شَاةً لِيَجُزَّ صُوفَهَا فَهُوَ فَاسِدٌ كُلُّهُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ وَالصُّوفِ وَالْقَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْآجِرِ وَقَدْ اسْتَوْفَاهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضَهُ لِيَرْعَى الْكَلَأَ. (قَوْلُهُ وَكَذَا بِطَعَامِهَا وَكِسْوَتِهَا) أَشَارَ إلَى أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَأَنَّهُمَا عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالْعَقْدِ. (قَوْلُهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمَا لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ مَجْهُولَةٌ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعَادَةَ لَمَّا جَرَتْ بِالتَّوْسِعَةِ عَلَى الظِّئْرِ شَفَقَةً عَلَى الْوَلَدِ لَمْ تَكُنْ الْجَهَالَةُ مُفْضِيَةً إلَى النِّزَاعِ، وَالْجَهَالَةُ لَيْسَتْ بِمَانِعَةٍ لِذَاتِهَا بَلْ لِكَوْنِهَا مُفْضِيَةً إلَى النِّزَاعِ. (قَوْلُهُ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَطَأَهَا) أَيْ وَإِنْ رَضِيَ بِالْإِجَارَةِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَنْعُهُ مَخَافَةَ الْحَبَلِ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ مَوْهُومٌ وَالْمَنْعَ مِنْ الْوَطْءِ ضَرَرٌ مُتَحَقِّقٌ وَلَيْسَ لِلظِّئْرِ أَنْ تَمْنَعَهُ نَفْسَهَا إتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ شَانَهُ إجَارَتُهَا أَوْ لَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ تَشِينُ الزَّوْجَ: أَيْ تَعِيبُهُ بِأَنْ كَانَ وَجِيهًا بَيْنَ النَّاسِ أَوْ لَا، لِمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَأَنْ يَمْنَعَ الصَّبِيَّ الدُّخُولَ عَلَيْهَا وَلِأَنَّ الْإِرْضَاعَ وَالسَّهَرَ بِاللَّيْلِ يُضْعِفُهَا وَيُذْهِبُ جَمَالَهَا فَكَانَ لَهُ الْمَنْعُ كَمَا يَمْنَعُهَا مِنْ الصِّيَامِ تَطَوُّعًا زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُهَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْحُبْلَى وَالْمَرِيضَةِ يَضُرُّ بِالصَّغِيرِ وَهِيَ يَضُرُّهَا أَيْضًا الرَّضَاعُ، فَكَانَ لَهَا وَلَهُمْ الْخِيَارُ وَلَهَا أَيْضًا الْفَسْخُ بِأَذِيَّةِ أَهْلِهِ لَهَا وَكَذَا إذَا لَمْ تَجْرِ لَهَا عَادَةٌ بِإِرْضَاعِ وَلَدِ غَيْرِهَا وَكَذَا إذَا عَيَّرُوهَا بِهِ؛ لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِهِ عَلَى مَا قِيلَ: تَجُوعُ الْحُرَّةُ وَلَا تَأْكُلُ بِثَدْيَيْهَا زَيْلَعِيٌّ، وَهَذَا إذَا أَمْكَنَ مُعَالَجَتُهُ بِالْغِذَاءِ أَوْ بِأَخْذِ لَبَنٍ لِلْغَيْرِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا بَسَطَهُ فِي التتارخانية. (قَوْلُهُ وَفُجُورِهَا) أَيْ زِنَاهَا؛ لِأَنَّهَا تَشْتَغِلُ بِهِ عَنْ حِفْظِ الصَّبِيِّ. (قَوْلُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَمَا إذَا أَرَادُوا سَفَرًا وَأَبَتْ الْخُرُوجِ مَعَهُمْ أَوْ كَانَتْ بَذِيَّةَ اللِّسَانِ أَوْ سَارِقَةً أَوْ يَتَقَيَّأُ لَبَنَهَا أَوْ لَا يَأْخُذُ ثَدْيَهَا، وَكَذَا كُلُّ مَا يَضُرُّ بِالصَّبِيِّ لَا مَحَالَةَ نَحْوُ الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ زَمَانًا كَثِيرًا وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهَا عَنْهُ لَا مَا لَا يَضُرُّ، وَأَمَّا مَا كَانَ فِيهِ وَهْمُ الضَّرَرِ فَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهَا عَنْهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُرْضِعَهُ
لَا بِكُفْرِهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ بِالصَّبِيِّ، وَلَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ أَوْ الظِّئْرُ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ وَلَوْ مَاتَ أَبُوهُ لَا، وَعَلَيْهَا غَسْلُ الصَّبِيِّ وَثِيَابِهِ وَإِصْلَاحُ طَعَامِهِ وَدَهْنُهُ بِفَتْحِ الدَّالِ: أَيْ طَلْيُهُ بِالدُّهْنِ لِلْعُرْفِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُهَا ثَمَنُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ مِنْ أَنَّ الدُّهْنَ وَالرَّيْحَانَ عَلَيْهَا فَعَادَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ (وَهُوَ) أَيْ ثَمَنُهُ وَأُجْرَةُ عَمَلِهَا (عَلَى أَبِيهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ مَالٌ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالنَّفَقَةِ
(فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ شَاةٍ أَوْ غَذَّتْهُ بِطَعَامٍ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ لَا أَجْرَ لَهَا) ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُوَ الْإِرْضَاعُ وَالتَّرْبِيَةُ لَا اللَّبَنُ وَالتَّغْذِيَةُ عِنَايَةٌ (بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَتْهُ إلَى خَادِمَتِهَا حَتَّى أَرْضَعَتْهُ) أَوْ اسْتَأْجَرَتْ مَنْ أَرْضَعَتْهُ حَيْثُ تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إلَّا إذَا شَرَطَ إرْضَاعَهَا عَلَى الْأَصَحِّ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَلَوْ آجَرَتْ نَفْسَهَا لِذَلِكَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُونَ فَأَرْضَعَتْهُمَا وَفَرَغَتْ أَثِمَتْ،
ــ
[رد المحتار]
فِي مَنْزِلِ الْأَبِ مَا لَمْ يَكُنْ عُرِفَ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ عَلَيْهَا تَتَارْخَانِيَّةٌ وَغَيْرُهَا. (قَوْلُهُ لَا بِكُفْرِهَا) ؛ لِأَنَّ كُفْرَهَا فِي اعْتِقَادِهَا زَيْلَعِيٌّ.
قَالَ ط: وَيُخَالِفُهُ فِي الْخَانِيَّةِ إذَا ظَهَرَتْ الظِّئْرُ كَافِرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ زَانِيَةً أَوْ حَمْقَى فَلَهُمْ فَسْخُ الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ أَبُوهُ لَا) أَيْ لَا تُنْتَقَضُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَاقِعَةٌ لِلصَّبِيِّ لَا لِلْأَبِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ تَجِبُ الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِهِ إذْ هِيَ كَالنَّفَقَةِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَثِيَابِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الصَّبِيِّ وَأَطْلَقَ فِي غَسْلِ الثِّيَابِ.
وَفِي الْكِفَايَةِ: الصَّحِيحُ أَنَّ غَسْلَ ثِيَابِ الصَّبِيِّ مِنْ الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ عَلَيْهَا وَمِنْ الْوَسَخِ وَالدَّرَنِ لَا يَكُونُ عَلَيْهَا حَمَوِيٌّ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ. (قَوْلُهُ وَإِصْلَاحِ طَعَامِهِ) يُرِيدُ بِهِ أَنْ تَصْنَعَ لَهُ الطَّعَامَ وَلَا تَأْكُلَ شَيْئًا يُفْسِدُ لَبَنَهَا وَيَضُرُّ بِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ. (قَوْلُهُ فَعَادَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ) وَقَدْ قَالُوا فِي تَوَابِعِ الْعُقُودِ الَّتِي لَا ذِكْرَ لَهَا فِيهَا: إنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى عَادَةِ كُلِّ بَلَدٍ كَالسِّلْكِ عَلَى الْخَيَّاطِ، وَالدَّقِيقِ الَّذِي يُصْلِحُ الْحَائِكُ بِهِ الثَّوْبَ عَلَى رَبِّ الثَّوْبِ، وَإِدْخَالِ الْحِنْطَةِ الْمَنْزِلَ عَلَى الْمُكَارِي، بِخِلَافِ الصُّعُودِ بِهَا إلَى الْغُرْفَةِ أَوْ السَّطْحِ، وَالْإِكَافِ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ، وَالْحِبَالِ وَالْجُوَالِقِ عَلَى مَا تَعَارَفُوهُ بَدَائِعُ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ عَلَى أَبِيهِ) قَالَ فِي التتارخانية وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حِينَ اسْتَأْجَرَهَا الْأَبُ ثُمَّ أَصَابَ الصَّغِيرُ مَالًا، قَالَ سُئِلَ وَالِدِي عَنْهَا، فَقَالَ: قِيلَ: أَجْرُ مَا مَضَى عَلَى الْأَبِ وَمَا بَقِيَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ اهـ.
وَفِيهَا إرْضَاعُ الْيَتِيمِ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، فَإِنْ كَانَ لَا وَارِثَ لَهُ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ شَاةٍ) أَيْ بِأَنْ أَقَرَّتْ بِهِ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِهِ، وَإِنْ جَحَدَتْ فَالْقَوْلُ لَهَا مَعَ يَمِينِهَا اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا مَا أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ نَفْسِهَا لَمْ يُقْبَلْ لِقِيَامِهَا عَلَى النَّفْيِ مَقْصُودًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِدُخُولِهِ فِي ضِمْنِ الْإِثْبَاتِ وَإِنْ أَقَامَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الظِّئْرِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ إلَخْ) أَيْ فَلَمْ تَأْتِ بِالْعَمَلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا وَهُوَ الْإِرْضَاعُ وَهَذَا إيجَارٌ وَلَيْسَ بِإِرْضَاعٍ.
وَفِي الْمُحِيطِ: اسْتَأْجَرَ شَاةً لِتُرْضِعَ جَدْيًا أَوْ صَبِيًّا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ لِلَبَنِ الْبَهَائِمِ قِيمَةً فَوَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ فَلَا يَجُوزُ، وَلَيْسَ لِلَبَنِ الْمَرْأَةِ قِيمَةٌ فَلَا تَقَعُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَقَعُ عَلَى فِعْلِ الْإِرْضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ وَالْحَضَانَةِ زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ هُوَ الْإِرْضَاعُ) وَهُوَ مَا يَقَعُ بِلَبَنِ الْآدَمِيَّةِ وَمَا وَرَاءَهُ يَكُونُ إطْعَامًا إتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ لَا اللَّبَنُ) أَيْ مُطْلَقًا ط. (قَوْلُهُ حَيْثُ تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ) أَيْ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ تَارَةً يَعْمَلُ بِنَفْسِهِ وَتَارَةً بِغَيْرِهِ وَلِأَنَّهَا لَمَّا عَمِلَتْ بِأَمْرِ الْأَوْلَى صَارَ كَأَنَّهَا عَمِلَتْ بِنَفْسِهَا بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ) وَنَصُّهَا: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ اهـ وَمِثْلُهُ فِي التتارخانية
1 -
(قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِلْإِرْضَاعِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُونَ) أَيْ حَتَّى يَفْسَخُوا هَذِهِ الْإِجَارَةَ تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَمُفَادُهُ أَنَّ لَهُمْ فَسْخَ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ أَثِمَتْ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ عَلَيْهَا كَمَالَ الرَّضَاعِ، فَلَمَّا أَرْضَعَتْ صَبِيَّيْنِ