الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ تَعَاقَلُوا، فَعَلَى الْعَاقِلَةِ
وَلَوْ مَرَّ رَجُلٌ فِي مَحَلَّةٍ فَأَصَابَهُ سَهْمٌ أَوْ حَجَرٌ وَلَمْ يُدْرَ مِنْ أَيْنَ وَمَاتَ مِنْهُ فَعَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ سِرَاجِيَّةٌ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: وُجِدَ بَهِيمَةٌ أَوْ دَابَّةٌ مَقْتُولَةٌ فَلَا شَيْءَ فِيهَا
وَإِنْ وُجِدَ مُكَاتَبٌ أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ قَتِيلًا فِي مَحَلَّةٍ فَالْقَسَامَةُ وَالْقِيمَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ
وَلَوْ وُجِدَ الْعَبْدُ قَتِيلًا فِي دَارِ مَوْلَاهُ فَهَدَرٌ إلَّا مَدْيُونًا فَقِيمَتُهُ عَلَى مَوْلَاهُ لِغُرَمَائِهِ حَالَّةً وَإِلَّا مُكَاتَبًا فَقِيمَتُهُ عَلَى مَوْلَاهُ مُؤَجَّلَةً
وَلَوْ وُجِدَ الْمَوْلَى قَتِيلًا فِي دَارِ مَأْذُونٍ مَدْيُونًا أَوْ لَا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى
وَلَوْ وُجِدَ الْحُرُّ قَتِيلًا فِي دَارِ أَبِيهِ أَوْ إمَاءٌ أَوْ الْمَرْأَةُ فِي دَارِ زَوْجِهَا فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَا يُحْرَمُ مِنْ الْمِيرَاثِ اهـ.
كِتَابُ الْمَعَاقِلِ
(هِيَ جَمْعُ مَعْقِلٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ (وَالدِّيَةُ) تُسَمَّى عَقْلًا لِأَنَّهَا تَعْقِلُ الدِّمَاءَ مِنْ أَنْ تُسْفَكَ أَيْ تُمْسِكُهُ وَمِنْهُ الْعَقْلُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْقَبَائِحَ (وَالْعَاقِلَةُ أَهْلُ الدِّيوَانِ)
ــ
[رد المحتار]
ثُمَّ رَأَيْت فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ شَرْحِ الْكَافِي أَنَّ الْقَسَامَةَ عَلَى الْمُدْرِكِ، وَتُكَرَّرُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ، وَعَلَى أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ مِنْهُمْ الدِّيَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَتَمَامُهُ فِيهَا
[فُرُوعٌ وُجِدَ الْقَتِيل فِي دَارِ صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوه]
(قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَاقَلُوا) أَيْ أَهْلُ الذِّمَّةِ
(قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ فِيهَا) أَيْ لَا غَرَامَةَ وَلَا قَسَامَةَ لِوُرُودِ النَّصِّ فِي الْآدَمِيِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ
(قَوْلُهُ فِي دَارِ مَوْلَاهُ) أَمَّا فِي غَيْرِ مِلْكِ مَوْلَاهُ فَتَجِبُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَتُؤْخَذُ الْقِيمَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَقِيمَتُهُ عَلَى مَوْلَاهُ إلَخْ) أَيْ فِي مَالِهِ لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِمَالِيَّتِهِ وَجَعَلْنَاهُ كَأَنَّهُ أَهْلَكَهُ وَلْوَالِجِيَّةٌ (قَوْلُهُ عَلَى مَوْلَاهُ) أَيْ دُونَ الْعَاقِلَةِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ مُؤَجَّلَةً) أَيْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ تُقْضَى مِنْهَا كِتَابَتُهُ وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ وَمَا بَقِيَ يَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهُ لِوَرَثَتِهِ خَانِيَّةٌ
(قَوْلُهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى) أَيْ الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ
(قَوْلُهُ فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) أَيْ عَاقِلَةِ رَبِّ الدَّارِ وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَأَنَّ الْقَسَامَةَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ حَاضِرُونَ، فَتَكُونُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَإِذَا وُجِدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي دَارِ الْأَبِ أَوْ الْأَخِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْوَارِثَ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْمَعَاقِلِ]
ِ كَذَا تَرْجَمَ فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ جَمْعَ مَعْقُلَةٍ: وَهِيَ الدِّيَةُ لَزِمَ التَّكْرَارُ، لِأَنَّ أَقْسَامَ الدِّيَاتِ مَرَّ مُسْتَوْفًى وَالْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ بِأَنْوَاعِهِمْ وَأَحْكَامِهِمْ وَهُمْ الْعَاقِلَةُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُتَرْجِمَ بِالْعَوَاقِلِ لِأَنَّهُ جَمْعُ عَاقِلَةٍ طُورِيٌّ وشُرُنْبُلالِيَّة (قَوْلُهُ جَمْعُ مَعْقُلَةٍ) كَمَكَارِمٍ جَمْعُ مَكْرُمَةٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَعْقِلُ الدِّمَاءَ مِنْ أَنْ تُسْفَكَ) أَوْ لِأَنَّ الْإِبِلَ كَانَتْ تُعْقَلُ بِفِنَاءِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ ثُمَّ عَمَّ هَذَا الِاسْمُ، فَسُمِّيَتْ الدِّيَةُ مَعْقُلَةً، وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ تُمْسِكُهُ) الْأَوْلَى تُمْسِكُهَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِدُونِ ضَمِيرٍ (قَوْلُهُ وَالْعَاقِلَةُ أَهْلُ الدِّيوَانِ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ الدِّيوَانُ الْجَرِيدَةُ مِنْ دَوَّنَ الْكُتُبَ إذَا جَمَعَهَا، لِأَنَّهَا قِطَعٌ مِنْ الْقَرَاطِيسِ مَجْمُوعَةٌ
وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ الدَّوَاوِينَ أَيْ رَتَّبَ الْجَرَائِدَ لِلْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ وَيُقَالُ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ أَيْ مِمَّنْ أَثْبَتَ اسْمَهُ فِي الْجَرِيدَةِ اهـ
وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ فَرَضَ الْمَعَاقِلَ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ فَرَضَ الدِّيوَانَ، وَجَعَلَ الْعَقْلَ فِيهِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى عَشِيرَةِ الرَّجُلِ فِي أَمْوَالِهِمْ
وَهُمْ الْعَسْكَرُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: أَهْلُ الْعَشِيرَةِ وَهُمْ الْعَصَبَاتُ (لِمَنْ هُوَ مِنْهُمْ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ كُلُّ دِيَةٍ وَجَبَتْ بِنَفْسِ الْقَتْلِ) خَرَجَ مَا انْقَلَبَ مَا لَا يَصْلُحُ أَوْ بِشُبْهَةٍ كَقَتْلِ الْأَبِ ابْنَهُ عَمْدًا فَدِيَتُهُ فِي مَالِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ (فَتُؤْخَذُ مِنْ عَطَايَاهُمْ) أَوْ مِنْ أَرْزَاقِهِمْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَطِيَّةِ وَالرِّزْقِ أَنَّ الرِّزْقَ مَا يُفْرَضُ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْكِفَايَةِ مُشَاهَرَةً أَوْ مُيَاوَمَةً وَالْعَطَاءُ مَا يُفْرَضُ فِي كُلِّ سَنَةٍ لَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ بَلْ بِصَبْرِهِ وَعَنَائِهِ فِي أَمْرِ الدِّينِ (فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ وَكَذَا مَا تَجِبُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ عَمْدًا بِأَنْ قَتَلَ الْأَبُ ابْنَهُ يُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَجِبُ حَالًا (فَإِنْ خَرَجَتْ الْعَطَايَا فِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ أَقَلَّ تُؤْخَذُ مِنْهُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْقَاتِلُ (مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ فَعَاقِلَتُهُ قَبِيلَتُهُ) وَأَقَارِبُهُ
ــ
[رد المحتار]
وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ تَغْيِيرًا لِحُكْمِ الشَّرْعِ، بَلْ تَقْرِيرًا لَهُ لِأَنَّهُ عُرِفَ أَنَّ عَشِيرَتَهُ كَانُوا يَتَحَمَّلُونَ بِطَرِيقِ النُّصْرَةِ فَلَمَّا كَانَ التَّنَاصُرُ بِالرَّايَاتِ جُعِلَ الْعَقْلُ عَلَيْهِمْ، حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى النِّسْوَانِ وَالصِّبْيَانِ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِمْ التَّنَاصُرُ اهـ.
وَفِي الْمِعْرَاجِ طَعَنَ بَعْضُ الْمُلْحِدِينَ وَقَالَ لَا جِنَايَةَ مِنْ الْعَاقِلَةِ، فَتَكُونُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] . قُلْنَا إيجَابُهَا عَلَيْهِمْ مَشْهُورٌ ثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَيُزَادُ بِهِ عَلَى الْكِتَابِ عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ يَتَحَمَّلُونَ بِاعْتِبَارِ تَقْصِيرِهِمْ وَتَرْكِهِمْ حِفْظَهُ وَمُرَاقَبَتَهُ وَخُصُّوا بِالضَّمِّ، لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَّرَ لِفَوْتِهِ بِأَنْصَارِهِ فَكَانُوا هُمْ الْمُقَصِّرِينَ، وَكَانُوا قِبَلَ الشَّرْعِ يَتَحَمَّلُونَ عَنْهُ تَكَرُّمًا وَاصْطِنَاعًا بِالْمَعْرُوفِ، فَالشَّرْعُ قَرَّرَ ذَلِكَ وَتُوجَدُ هَذِهِ الْعَادَةُ بَيْنَ النَّاسِ فَإِنَّ مَنْ لَحِقَهُ خُسْرَانٌ مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ حَرْقٍ يَجْمَعُونَ لَهُ مَالًا لِهَذَا الْمَعْنَى اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَهُمْ الْعَسْكَرُ) أَيْ الْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا الْعَسْكَرُ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: فَالنِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ مِمَّنْ لَهُ حَظٌّ فِي الدِّيوَانِ وَكَذَا الْمَجْنُونُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مِنْ الدِّيَةِ، وَاخْتُلِفَ فِي دُخُولِهِمْ لَوْ بَاشَرُوا الْقَتْلَ مَعَ الْعَاقِلَةِ فِي الْغَرَامَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يُشَارِكُونَ الْعَاقِلَةَ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ التَّبْيِينِ اهـ (قَوْلُهُ لِمَنْ هُوَ مِنْهُمْ) أَيْ يَعْقِلُونَ لِقَاتِلٍ هُوَ مِنْهُمْ قَالَ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ فَإِنْ كَانَ غَازِيًا فَعَاقِلَتُهُ مَنْ يُرْزَقُ مِنْ دِيوَانِ الْغُزَاةِ، وَإِنْ كَانَ كَاتِبًا فَعَاقِلَتُهُ مَنْ يُرْزَقُ مِنْ دِيوَانِ الْكُتَّابِ اهـ وَقَيَّدَهُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى كالقهستاني بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ مِصْرِهِمْ، لَا مِنْ مِصْرٍ آخَرَ وَقِيلَ مُطْلَقًا.
قُلْت: وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَعْقِلُ أَهْلُ مِصْرٍ لِأَهْلِ مِصْرٍ آخَرَ إذَا كَانَ لِأَهْلِ مِصْرٍ دِيوَانٌ عَلَى حِدَةٍ، وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَهَذَا إذَا كَانَ دِيوَانُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمِصْرَيْنِ مُخْتَلِفًا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ التَّنَاصُرُ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ دِيوَانُهُمَا وَاحِدًا وَكَانَ الْجَانِي مِنْ أَهْلِ دِيوَانِ ذَلِكَ الْمِصْرِ الْآخَرِ يَعْقِلُ عَنْهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمِصْرِ (قَوْلُهُ خَرَجَ مَا انْقَلَبَ مَالًا إلَخْ) أَيْ خَرَجَ الْقَتْلُ الَّذِي انْقَلَبَ مُوجَبُهُ إلَى الْمَالِ بِعَارِضِ صُلْحٍ أَوْ شُبْهَةٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَجِبْ بِنَفْسِ الْقَتْلِ فَلَا تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَتُؤْخَذُ مِنْ عَطَايَاهُمْ أَوْ مِنْ أَرْزَاقِهِمْ) أَيْ لَا مِنْ أُصُولِ أَمْوَالِهِمْ.
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَوْ كَانَتْ عَاقِلَةُ رَجُلٍ أَصْحَابَ الرِّزْقِ يُقْضَى بِالدِّيَةِ فِي أَرْزَاقِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، لِأَنَّ الرِّزْقَ فِي حَقِّهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْعَطَاءِ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ تَخْرُجُ أَرْزَاقُهُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَكُلَّمَا خَرَجَ رِزْقٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ الثُّلُثُ بِمَنْزِلَةِ الْعَطَاءِ أَوْ فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ سُدُسُ الدِّيَةِ أَوْ فِي كُلِّ شَهْرٍ يُؤْخَذُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الشَّهْرِ حَتَّى يَكُونَ الْمُسْتَوْفَى فِي كُلِّ سَنَةٍ مِقْدَارَ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ أَرْزَاقٌ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَوْ عَطِيَّةٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ فُرِضَتْ فِي الْأَعْطِيَةِ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ، لِأَنَّ الْأَعْطِيَةَ أَكْثَرُ وَالرِّزْقَ لِكِفَايَةِ الْوَقْتِ فَتَعَسَّرَ الْأَدَاءُ مِنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ إلَخْ) وَقِيلَ الْعَطِيَّةُ مَا يُفْرَضُ لِلْمُقَاتِلِ وَالرِّزْقُ مَا يُجْعَلُ لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ إذَا لَمْ يَكُونُوا مُقَاتِلِينَ وَنَظَرَ فِيهِ الْأَتْقَانِيُّ (قَوْلُهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) اعْلَمْ أَنَّ الْوَاجِبَ إذَا كَانَ ثُلُثَ الدِّيَةِ، أَوْ أَقَلَّ يَجِبُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إلَى تَمَامِ الثُّلُثَيْنِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ هِدَايَةٌ، وَفِيهَا: لَوْ قَتَلَ عَشَرَةٌ رَجُلًا خَطَأً فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عُشْرُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ (قَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ) أَيْ بِالدِّيَةِ لَا مِنْ يَوْمِ الْقَتْلِ وَالْجِنَايَةِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ غُرَرُ الْأَفْكَارِ (قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَتْ الْعَطَايَا إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْمَجْمَعِ وَدُرَرِ الْبِحَارِ أَنَّهَا تُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، سَوَاءٌ خَرَجَتْ فِي أَقَلَّ
وَكُلُّ مَنْ يَتَنَاصَرُ هُوَ بِهِ تَنْوِيرُ الْبَصَائِرِ.
(وَتُقَسَّمُ) الدِّيَةُ (عَلَيْهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ لَا يُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَثُلُثٌ وَلَمْ تَزِدْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى أَرْبَعَةٍ) عَلَى الْأَصَحِّ ثُمَّ السِّنِينَ بِمَعْنَى الْعَطِيَّاتِ قُهُسْتَانِيُّ فَلْيُحْفَظْ
(فَإِنْ لَمْ تَسْعَ الْقَبِيلَةُ لِذَلِكَ ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ نَسَبًا عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ وَالْقَاتِلُ) عِنْدَنَا (كَأَحَدِهِمْ وَلَوْ) الْقَاتِلُ (امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا
ــ
[رد المحتار]
أَوْ أَكْثَرَ قَالَ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ: لَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ إنْ أُعْطِيت الْعَطَايَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مُسْتَقْبِلَةٍ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ تُؤْخَذُ الدِّيَةُ كُلُّهَا مِنْهَا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَرْبَعِ سِنِينَ، لِأَنَّ وُجُوبَهَا فِي الْعَطَاءِ لِلتَّخْفِيفِ، وَذَا حَاصِلٌ فِي أَيِّ وَقْتٍ أُخِذَ، فَعَلَى هَذَا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ ثَلَاثَ أَعْطِيَةٍ، وَلَوْ اجْتَمَعَتْ عَطَايَا سِنِينَ مَاضِيَةٍ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ، ثُمَّ خَرَجَتْ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا تُؤْخَذُ مِنْهَا لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِالْقَضَاءِ اهـ
أَقُولُ: فَعَلَى هَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَطَاءِ وَالرِّزْقِ فَإِنَّ الرِّزْقَ إذَا خَرَجَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ يُؤْخَذُ بِقَدْرِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَالسِّنِينَ فِيهِ عَلَى حَقِيقَتِهَا، بِخِلَافِ الْعَطَاءِ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِالْفَرْقِ فِي الْمُجْتَبَى مُعَلَّلًا بِأَنَّ الرِّزْقَ لَمَّا كَانَ مُقَدَّرًا بِالْكِفَايَةِ، لَزِمَ الْخَرْجُ بِالْأَخْذِ مِنْهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ
(قَوْلُهُ وَكُلُّ مَنْ يَتَنَاصَرُ هُوَ بِهِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ: وَيَعْقِلُ أَهْلُ كُلِّ مِصْرٍ عَنْ أَهْلِ سَوَادِهِمْ، لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعٌ لِأَهْلِ الْمِصْرِ، فَإِنَّهُمْ إذَا حَزَبَهُمْ أَمْرٌ اسْتَنْصَرُوا بِهِمْ فَيَعْقِلُونَهُمْ أَهْلُ الْمِصْرِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْقُرْبِ وَالنُّصْرَةِ، وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بِالْبَصْرَةِ وَدِيوَانُهُ بِالْكُوفَةِ عَقَلَ عَنْهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ، لِأَنَّهُ يَسْتَنْصِرُ بِأَهْلِ دِيوَانِهِ لَا بِجِيرَانِهِ أَنَّهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِنْصَارَ بِالدِّيوَانِ أَظْهَرُ فَلَا يَظْهَرُ مَعَهُ حُكْمُ النُّصْرَةِ بِالْقَرَابَةِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ، وَقُرْبِ السُّكْنَى، وَبَعْدَ الدِّيوَانِ النُّصْرَةُ بِالنَّسَبِ، وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ كَثِيرٌ مِنْ مَسَائِلِ الْمَعَاقِلِ مِنْهَا أَخَوَانِ دِيوَانُ أَحَدِهِمَا بِالْبَصْرَةِ، وَدِيوَانُ الْآخَرِ بِالْكُوفَةِ لَا يَعْقِلُ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ وَإِنَّمَا يَعْقِلُ عَنْهُ دِيوَانُهُ، وَمَنْ جَنَى جِنَايَةً مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَلَيْسَ لَهُ فِي أَهْلِ الدِّيوَانِ عَطَاءٌ، وَأَهْلُ الْبَادِيَةِ أَقْرَبُ إلَيْهِ نَسَبًا وَمَسْكَنُهُ الْمِصْرُ عَقَلَ عَنْهُ أَهْلُ الدِّيوَانِ مِنْ ذَلِكَ الْمِصْرِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الدِّيوَانِ قَرَابَةٌ لِأَنَّ أَهْلَ الدِّيوَانِ هُمْ، الَّذِينَ يَذُبُّونَ عَنْ أَهْلِ الْمِصْرِ، وَيَقُومُونَ بِنُصْرَتِهِمْ، وَقِيلَ إذَا لَمْ يَكُونُوا قَرِيبًا لَهُ لَا يَعْقِلُونَهُ وَإِنَّمَا يَعْقِلُونَهُ إذَا كَانُوا قَرِيبًا لَهُ وَلَهُ فِي الْبَادِيَةِ أَقْرَبُ مِنْهُمْ نَسَبًا، لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِحُكْمِ الْقَرَابَةِ، وَأَهْلُ الْمِصْرِ أَقْرَبُ مِنْهُمْ مَكَانًا فَكَانَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى النُّصْرَةِ لَهُمْ، وَصَارَ نَظِيرَ مَسْأَلَةِ الْغَيْبَةِ الْمُنْقَطِعَةِ اهـ أَيْ أَنَّ لِلْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ أَنْ يُزَوِّجَ إذَا كَانَ الْأَقْرَبُ غَائِبًا عِنَايَةٌ وَذَكَرَ الْأَتْقَانِيُّ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي أَصَحُّ
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثُ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةٌ كَمَا فِي الْمُنْتَفَى (قَوْلُهُ ثُمَّ السِّنِينَ إلَخْ) كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَهُ بِالْفَاءِ عَقِبَ قَوْلِهِ: فَإِنْ خَرَجَتْ الْعَطَايَا إلَخْ
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَسْمَعْ الْقَبِيلَةُ لِذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ قَلَائِلَ، فَتَصِيرُ الْحِصَّةُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ دُرٌّ مُنْتَقًى ثُمَّ عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا تَتَّسِعُ بِتَاءَيْنِ فِي أَوَّلِهِ، فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِهِ أَوْ حَذْفُ اللَّامِ مِنْ قَوْلِهِ لِذَلِكَ وَالْقَبِيلَةُ غَيْرُ قَيْدٍ.
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَعَلَى هَذَا حُكْمُ الرَّايَاتِ إذَا لَمْ تَتَّسِعْ لِذَلِكَ أَهْلُ رَايَةٍ ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الرَّايَاتِ يَعْنِي أَقْرَبَهُمْ نُصْرَةً إذَا حَزَبَهُمْ أَمْرٌ: الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَيُفَوَّضُ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ هُوَ الْعَالِمُ بِهِ اهـ (قَوْلُهُ عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ) فَيُقَدَّمُ الْإِخْوَةُ ثُمَّ بَنُوهُمْ ثُمَّ الْأَعْمَامُ ثُمَّ بَنُوهُمْ مَثَلًا إذَا كَانَ الْجَانِي مِنْ أَوْلَادِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه، وَلَمْ يَتَّسِعْ حَيُّهُ لِذَلِكَ ضُمَّ إلَيْهِ قَبِيلَةُ الْحَسَنِ رضي الله عنه، ثُمَّ بَنُوهُمْ فَإِنْ لَمْ تَتَّسِعْ هَاتَانِ الْقَبِيلَتَانِ لَهُ ضُمَّ عَقِيلٌ ثُمَّ بَنُوهُمْ كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ وَآبَاءُ الْقَاتِلِ وَأَبْنَاؤُهُ لَا يَدْخُلُونَ فِي الْعَاقِلَةِ وَقِيلَ يَدْخُلُونَ، وَلَيْسَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَاقِلًا لِلْآخَرِ وَتَمَامُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ وَالْقَاتِلُ عِنْدَنَا كَأَحَدِهِمْ) يَعْنِي إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَطَاءِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ
أَوْ مَجْنُونًا) فَيُشَارِكَهُمْ عَلَى الصَّحِيحِ زَيْلَعِيٌّ
(وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ سَيِّدِهِ) وَيَعْقِلُ عَنْ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ مَوْلَاهُ وَقَبِيلَةُ مَوْلَاهُ.
(وَ) اعْلَمْ أَنَّهُ (لَا تَعْقِلُ عَاقِلَةٌ جِنَايَةَ عَبْدٍ وَلَا عَمْدٍ) وَإِنْ سَقَطَ قَوَدُهُ بِشُبْهَةٍ أَوْ قَتَلَهُ ابْنُهُ عَمْدًا كَمَا مَرَّ (وَلَا مَا لَزِمَ بِصُلْحٍ أَوْ اعْتِرَافٍ) وَلَا مَا دُونَ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا تَعْقِلُ الْعَوَاقِلُ وَعَمْدًا وَلَا عَبْدًا
ــ
[رد المحتار]
عِنْدَنَا أَيْضًا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ فَيُشَارِكُهُمْ عَلَى الصَّحِيحِ) تَقَدَّمَ فِي الْقَسَامَةِ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمَشَى فِي الْهِدَايَةِ هَذَا عَلَى عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّحَاوِيِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ أَصْلُ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ اهـ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْعِنَايَةِ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ امْرَأَةٍ فَأَدْخَلَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ مَعَ الْعَاقِلَةِ لِتَقْدِيرِهَا قَاتِلَةً بِسَبَبِ وُجُوبِ الْقَسَامَةِ أَمَّا مَا هُنَا وَفِيمَا إذَا كَانَتْ قَاتِلَةً حَقِيقَةً، الْفَرْقُ أَنَّ الْقَسَامَةَ تَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ الدِّيَةِ عَلَى الْمُقْسِمِ، إمَّا بِاسْتِقْلَالٍ أَوْ بِالدُّخُولِ فِي الْعَاقِلَةِ عِنْدَنَا بِالِاسْتِقْرَاءِ وَقَدْ تَحَقَّقَ الْمَلْزُومُ، فَتَحَقَّقَ اللَّازِمُ بِخِلَافِ الْقَتِيلِ مُبَاشَرَةً فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَسْتَلْزِمُ الدِّيَةَ اهـ مُلَخَّصًا وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ تَصْحِيحٌ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ قَبِيلَةُ سَيِّدِهِ) أَيْ مَعَ سَيِّدِهِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ الْبُرْهَانِ، وَعِبَارَةُ الْمُلْتَقَى وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ، وَمَوْلَى الْمُوَالَاةِ مَوْلَاهُ وَعَاقِلَتُهُ وَهِيَ أَخْصَرُ وَأَظْهَرُ
(قَوْلُهُ جِنَايَةَ عَبْدٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَأَمَّا إذَا جَنَى حُرٌّ عَلَى نَفْسِ عَبْدٍ فَسَيَأْتِي ط (قَوْلُهُ وَلَا عَمْدٍ) أَيْ فِي النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ فَإِنَّ الْعَمْدَ لَا يُوجِبُ التَّخْفِيفَ بِتَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ فَوَجَبَ الْقَوَدُ بِهِ قُهُسْتَانِيٌ. [تَنْبِيهٌ]
قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ الْعَمْدَ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا عَفَا الْأَوْلِيَاءُ، وَصَالَحَ فَإِنَّ نَصِيبَ الْبَاقِينَ يَنْقَلِبُ مَالًا وَتَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ اهـ.
أَقُولُ: وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَنْ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ أَنَّهُ خِلَافُ الرِّوَايَةِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَاَلَّذِي فِي سَائِرِ الْكُتُبِ أَنَّهُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ أَوْ قَتَلَهُ ابْنُهُ عَمْدًا) الْأَوْلَى كَقَتْلِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِيمَا مَرَّ آنِفًا لِيَكُونَ تَمْثِيلًا لِلشُّبْهَةِ، وَمِنْهَا مَا إذَا قَتَلَا رَجُلًا وَأَحَدُهُمَا صَبِيٌّ أَوْ مَعْتُوهٌ وَالْآخَرُ عَاقِلٌ بَالِغٌ أَوْ أَحَدُهُمَا بِحَدِيدٍ وَالْآخَرُ بِعَصًا (قَوْلُهُ وَلَا مَا لَزِمَ بِصُلْحٍ) أَيْ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ اهـ ط فَإِنَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ حَالًّا إلَّا إذَا أُجِّلَ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ أَوْ اعْتِرَافٍ) أَيْ بِقَتْلٍ خَطَأٍ فَإِنَّهُ عَلَى الْمُقِرِّ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ وَلَا مَا دُونَ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ) أَيْ مَا دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ، وَهَذَا خَاصٌّ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، أَمَّا بَدَلُ النَّفْسِ فَتَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَإِنْ قَلَّ كَمَا لَوْ قَتَلَ مِائَةُ رَجُلٍ حُرًّا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِائَةُ دِرْهَمٍ، أَوْ قَتَلَ رَجُلٌ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ مَثَلًا لَزِمَتْ الْعَاقِلَةَ لِأَنَّ بَدَلَ النَّفْسِ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وُجُوبُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْعِنَايَةِ وَالْكِفَايَةِ. [تَنْبِيهٌ]
قَدَّمَ الشَّارِحُ قُبَيْلَ فَصْلِ الْجَنِينِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ حُكُومَةَ الْعَدْلِ لَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ مُطْلَقًا: أَيْ وَإِنْ بَلَغَتْ أَرْشَ الْمُوضِحَةِ وَذَكَرَ الْأَتْقَانِيُّ عَنْ الْكَرْخِيِّ، أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ جِنَايَةً وَقَعَتْ جِنَايَةً وَقَعَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الْجَانِي (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام إلَخْ) ذَكَرَهُ فُقَهَاؤُنَا فِي كُتُبِهِمْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا لَكِنْ قِيلَ إنَّهُ مِنْ كَلَامِ الشَّعْبِيِّ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَقَوْلُ الشَّعْبِيِّ لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَلَيْسَ بِحَدِيثٍ كَمَا تَوَهَّمَ الْجَوْهَرِيُّ مَعْنَاهُ: أَنْ يَجْنِيَ الْحَرُّ عَلَى الْعَبْدِ لَا الْعَبْدُ عَلَى حُرٍّ كَمَا تَوَهَّمَ أَبُو حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَعْنَى عَلَى مَا تَوَهَّمَ، لَكَانَ الْكَلَامُ لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ عَنْ عَبْدٍ، وَلَمْ يَكُنْ وَلَا تَعْقِلُ عَبْدًا. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ كَلَّمْت فِي ذَلِكَ أَبَا يُوسُفَ بِحَضْرَةِ الرَّشِيدِ، فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ عَقَلْته وَعَقَلْت عَنْهُ حَتَّى فَهِمْته اهـ أَيْ لِأَنَّهُ يُقَالُ عَقَلْت الْقَتِيلَ إذَا أَعْطَيْت دِيَتَهُ وَعَقَلْت عَنْ فُلَانٍ إذَا لَزِمَتْهُ دِيَةٌ فَأَعْطَيْتهَا عَنْهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ عَقَلْته يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى عَقَلْت عَنْهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَمْدًا وَكَذَا السِّيَاقُ، وَهُوَ وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا لِأَنَّ مَعْنَاهُ عَنْ عَمْدٍ، وَعَنْ صُلْحٍ وَعَنْ اعْتِرَافٍ تَأَمَّلْ. وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مِنْ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، وَالْأَصْلُ عَنْ عَبْدٍ.
وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا وَلَا مَا دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ» بَلْ الْجَانِي " (إلَّا أَنْ يُصَدِّقُوهُ فِي إقْرَارِهِ أَوْ تَقُومَ حُجَّةٌ) وَإِنَّمَا قُبِلَتْ بِالْبَيِّنَةِ هُنَا مَعَ الْإِقْرَارِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ مَعَهُ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْوُجُوبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ
(وَلَوْ تَصَادَفَ الْقَاتِلُ وَأَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ عَلَى أَنَّ قَاضِي بَلَدِ كَذَا قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِالْبَيِّنَةِ وَكَذَّبَهُمَا الْعَاقِلَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّ تَصَادُقَهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ إلَّا حِصَّتُهُ لِأَنَّ تَصَادُقَهُمَا حُجَّةٌ فِي حَقِّهِمَا زَيْلَعِيٌّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَصْمَ فِي ذَلِكَ هُوَ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا فَالْخَصْمُ أَبُوهُ خَانِيَةٌ.
قُلْت: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْخَصْمُ هُوَ الْجَانِي لَا الْعَاقِلَةُ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى: وَهِيَ أَنَّ صَبِيًّا فَقَأَ عَيْنَ صَبِيَّةٍ فَمَاتَتْ فَأَرَادَ وَلِيُّهَا تَحْلِيفَ الْعَاقِلَةِ عَلَى نَفْيِ الصَّبِيِّ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا تَحْلِيفَ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْعُ الدَّعْوَى وَهِيَ غَيْرُ مُتَوَجِّهَةٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَبَقِيَ هُنَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ الْعَاقِلَةَ، لَوْ أَقَرُّوا بِفِعْلِ الْجَانِي هَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ حَتَّى
ــ
[رد المحتار]
وَأَقْوَى دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي مُوَطَّئِهِ بِقَوْلِهِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ؛ عَنْ ابْن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا وَلَا مَا جَنَى الْمَمْلُوكُ اهـ فَقَدْ جُعِلَ الْجَانِي مَمْلُوكًا (قَوْلُهُ بَلْ الْجَانِي) لَيْسَ مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا تَعْقِلُ عَاقِلَةٌ جِنَايَةَ عَبْدٍ إلَخْ أَيْ بَلْ يَتَحَمَّلُ ذَلِكَ الْجَانِي وَحْدَهُ: أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَمَوْلَى الْعَبْدِ كَمَا أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ، أَوْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا مَا لَزِمَ بِصُلْحٍ أَوْ اعْتِرَافٍ وَأَتَى بِهِ لِيَرْبِطَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقُوهُ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ أَوْ تَقُومُ حُجَّةٌ) هَذَا إذَا أَقَامَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِهَا الْقَاضِي أَيْ بِالدِّيَةِ عَلَى الْمُقِرِّ، أَمَّا لَوْ قَضَى بِهَا فِي مَالِهِ ثُمَّ أَقَامَهَا لِيُحَوِّلَهَا إلَى الْعَاقِلَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُبْطِلَ قَضَاءَهُ بِبَيِّنَتِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَبْسُوطِ اهـ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِثَابِتٍ وَضَمِيرٍ وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى مَا
(قَوْلُهُ وَلَا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَالضَّمِيرُ لِلْقَاتِلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَصَادُقَهُمَا) عِلَّةٌ لِلُزُومِ الْقَاتِلِ حِصَّةً فَقَطْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ جَمِيعُ الدِّيَةِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ التَّصْدِيقُ مِنْ الْوَلِيِّ بِالْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي الْأُولَى وَقَدْ وُجِدَ هُنَا فَافْتَرَقَا أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ ط (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ لَا الْعَاقِلَةِ) هَذَا لَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ، لَكِنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ مَفْهُومِ الْحَصْرِ فِي قَوْلِهِ هُوَ الْجَانِي (قَوْلُهُ وَهِيَ غَيْرُ مُتَوَجِّهٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ) بَلْ عَلَى أَبِيهِ إنْ كَانَ لَهُ أَبٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ بِتِلْكَ الدَّعْوَى ط (قَوْلُهُ وَبَقِيَ هُنَا شَيْءٌ إلَخْ) تَخْرِيجٌ لِلْجَوَابِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُحَصِّلُهُ: أَنَّا إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ إقْرَارِهِمْ، يَلْزَمُ جَرَيَانُ الْحَلِفِ، لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ، فَإِذَا أَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ صُورَةً تَقَدَّمَتْ آخِرَ الْوَقْفِ، لَيْسَتْ مِنْهَا، لَكِنْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْخَصْمَ هُوَ الْجَانِي كَمَا مَرَّ، وَلَا يُسْتَحْلَفُ مَنْ لَيْسَ بِخَصْمٍ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُمْ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا تَلْزَمُهُمْ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ عَنْ الْقَاتِلِ فَإِقْرَارُهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ إقْرَارٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يَصْلُحْ إقْرَارُهُمْ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُمْ مُوجَبُهُ، إذْ لَا يُمْكِنُ تَحَمُّلُ مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ، بِخِلَافِ إذَا أَقَرَّ بِالْقَتْلِ وَصَدَّقُوهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُمْ كَمَا مَرَّ، لِأَنَّ تَصْدِيقَهُمْ أَلْزَمَهُمْ تَحَمُّلَ مَا هُوَ ثَابِتٌ بِإِقْرَارِهِ هَذَا.
وَاَلَّذِي حَرَّرَهُ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ: لُزُومُ التَّحْلِيفِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: كَفَلْت بِمَا لَك عَلَى زَيْدٍ وَأَقَرَّ الْكَفِيلُ بِأَنَّ لَهُ عَلَى زَيْدٍ كَذَا وَأَنْكَرَهُ زَيْدٌ، وَلَا بَيِّنَةَ لَزِمَ الْكَفِيلَ دُونَ الْأَصِيلِ فِيهِ عُلِمَ أَنَّ الْإِقْرَارَ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْمُقِرِّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْأَصْلِ، إذْ هُوَ حُجَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ قَاصِرَةً، وَمَسْأَلَتُنَا نَظِيرُ هَذِهِ قَالَ: وَقَدْ
يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْنَا: نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِي الْحَلِفُ فِي حَقِّهِمْ لِظُهُورِ فَائِدَتِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بَحْثًا فَلْيُحَرَّرْ
(وَإِنْ جَنَى حُرٌّ عَلَى نَفْسِ عَبْدٍ خَطَأً فَهِيَ عَلَى عَاقِلَتِهِ) يَعْنِي إذَا قَتَلَهُ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَتَحَمَّلُ أَطْرَافَ الْعَبْدِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَتَحَمَّلُ النَّفْسَ أَيْضًا
(وَلَا يَدْخُلُ صَبِيٌّ وَامْرَأَةٌ وَمَجْنُونٌ فِي الْعَاقِلَةِ إذَا لَمْ يَتَنَاصَرُوا) يَعْنِي لَوْ الْقَاتِلُ غَيْرَهُمْ وَإِلَّا فَيَدْخُلُونَ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ
(وَلَا يَعْقِلُ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ وَلَا بِعَكْسِهِ) لِعَدَمِ التَّنَاصُرِ (وَالْكُفَّارُ يَتَعَاقَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ) لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ يَعْنِي إنْ تَنَاصَرُوا وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَالْمُسْلِمِ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْمُجْتَبَى
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاتِلِ عَاقِلَةٌ كَاللَّقِيطِ وَحَرْبِيٍّ أَسْلَمَ (فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى دُرَرٌ وَبَزَّازِيَّةٌ وَجَعَلَ الزَّيْلَعِيُّ رِوَايَةً وَجَوَابَهَا فِي مَالِهِ رِوَايَةً شَاذَّةً.
قُلْت: وَظَاهِرُ مَا فِي الْمُجْتَبَى عَنْ خَوَارِزْمَ مِنْ أَنَّ تَنَاصُرَهُمْ قَدْ انْعَدَمَتْ وَبَيْتُ الْمَالِ قَدْ انْهَدَمَ يُرَجَّحُ وُجُوبُهَا
ــ
[رد المحتار]
ظَفِرْت بِالنَّقْلِ فَفِي الثَّالِثِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: دَعْوَى الْقَتْلِ الْخَطَأِ عَلَى الْقَاتِلِ تُسْمَعُ وَالْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ تُقْبَلُ بِغَيْبَةِ الْعَاقِلَةِ وَدَعْوَى الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِغَيْبَةِ الْقَاتِلِ، هَلْ يَصِحُّ فَعَلَى قِيَاسِ مَا كَتَبْنَاهُ عَنْ بغ فِي آخِرِ الْفَصْلِ السَّادِسِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ دَعْوَاهُ كُلُّ الدِّيَةِ عَلَيْهِمْ اهـ مُلَخَّصًا أَيْ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنْ تَصِحَّ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ قَالَ قُلْت يُؤْخَذُ إلَى هُنَا
(قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا قَتَلَهُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ: نَفْسِ عَبْدٍ اهـ ح، نَعَمْ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ ذَلِكَ عَلَى عِبَارَةِ الْكَنْزِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ النَّفْسِ، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: قَيَّدَ بِالنَّفْسِ، لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا تَتَحَمَّلُ أَطْرَافَ الْعَبْدِ) لِأَنَّهُ يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ، وَلِذَا لَا يَجْرِي فِيهَا الْقِصَاصُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ أَتْقَانِيٌّ
(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَتَنَاصَرُوا) كَذَا فِيمَا رَأَيْت مِنْ النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ إذَا لَمْ يُبَاشِرُوا، لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا عَدَمَ دُخُولِهِمْ فِي الْعَاقِلَةِ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ النُّصْرَةِ، وَلِهَذَا كَانَ أَصْلُ الرِّوَايَةِ عَدَمَ دُخُولِهِمْ وَإِنْ بَاشَرُوا كَمَا قَدَّمْنَا تَقْرِيرَهُ
(قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ) قَيَّدَهُ فِي الْمُلْتَقَى بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ الْمِلَّتَيْنِ ظَاهِرَةً كَالْيَهُودِ مَعَ النَّصَارَى اهـ وَهُوَ مُسْتَفَادُ قَوْلِ الشَّارِحِ يَعْنِي إنْ تَنَاصَرُوا (قَوْلُهُ كَالْمُسْلِمِ) عِبَارَةُ الْأَتْقَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يُقْضَى بِهِ كَمَا فِي الْمُسْلِمِ، وَهَذَا فِي الذِّمِّيِّ أَمَّا الْمُسْلِمُ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْمُجْتَبَى) حَيْثُ قَالَ لِأَنَّ الْوُجُوبَ فِي الْأَصْلِ عَلَى الْقَاتِلِ، وَإِنَّمَا يَتَحَوَّلُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالْقَضَاءِ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ عَاقِلَةٌ بَقِيَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِ كَتَاجِرَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَعَقْلُهُ فِي مَالِهِ اهـ
(قَوْلُهُ وَحَرْبِيٍّ أَسْلَمَ) أَيْ وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا (قَوْلُهُ فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ؛ هُمْ أَهْلُ نُصْرَتِهِ وَلِهَذَا إذَا مَاتَ كَانَ مِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَكَذَا مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْغَرَامَةِ يَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ زَيْلَعِيٌّ وَهِدَايَةٌ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ لَا يَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ وَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ (قَوْلُهُ وَجَعَلَ الزَّيْلَعِيُّ) وَكَذَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ عَنْ خَوَارِزْمَ) أَيْ حَاكِيًا عَنْ حَالِ أَهْلِ خَوَارِزْمَ اهـ ح وَعِبَارَةُ الْمُجْتَبَى.
قُلْت: وَفِي زَمَانِنَا بِخَوَارِزْمَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَالِ الْجَانِي إلَّا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ أَوْ مَحَلَّةٍ يَتَنَاصَرُونَ لِأَنَّ الْعَشَائِرَ فِيهَا قَدْ وَهَتْ وَرَحْمَةُ التَّنَاصُرِ مِنْ بَيْنِهِمْ قَدْ رُفِعَتْ وَبَيْتُ الْمَالِ قَدْ انْهَدَمَ، نَعَمْ أَسَامِي أَهْلِهَا مَكْتُوبَةٌ فِي الدِّيوَانِ أُلُوفًا وَمِئَاتٍ لَكِنْ لَا يَتَنَاصَرُونَ بِهِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَجِبَ فِي مَالِهِ اهـ (قَوْلُهُ يُرَجَّحُ وُجُوبُهَا فِي مَالِهِ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَظَاهِرٌ، قُلْت وَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِهِ تَرْجِيحًا لِلرِّوَايَةِ الشَّاذَّةِ، بَلْ يُمْكِنُ تَرْجِيحُ مَا ذَكَرَ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّ أَصْلَ الْوُجُوبِ عَلَى الْقَاتِلِ، وَحَيْثُ لَا عَاقِلَةَ تَتَحَمَّلُ عَنْهُ، وَلَا بَيْتَ مَالٍ يَدْفَعُ مِنْهُ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ كَمَا مَرَّ فِي الذِّمِّيِّ فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا لَزِمَ إهْدَارُ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَتَدَبَّرْ، ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِ النُّقَايَةِ وَشُرُوحِهَا لِلْقُهُسْتَانِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ أَيْ عَلَى الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ يُعْطِي الدِّيَةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا
فِي مَالِهِ فَيُؤَدِّي فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةً كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمُجْتَبَى عَنْ النَّاطِفِيِّ قَالَ هَذَا حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ فَلْيُحْفَظْ فَقَدْ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ أَنَّهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَافْهَمْ وَهَذَا (إذَا كَانَ) الْقَاتِلُ (مُسْلِمًا) فَلَوْ ذِمِّيًّا فَفِي مَالِهِ إجْمَاعًا بَزَّازِيَّةٌ
(وَمَنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ مُطْلَقًا) وَلَوْ بَعِيدًا أَوْ مَحْرُومًا بِرِقٍّ أَوْ كُفْرٍ (لَا يَعْقِلُهُ بَيْتُ الْمَالِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْخَانِيَّةِ
(وَلَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ) وَبِهِ جَزَمَ فِي الدُّرَرِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لِعَدَمِ تَنَاصُرِهِمْ وَقِيلَ لَهُمْ عَوَاقِلُ لِأَنَّهُمْ يَتَنَاصَرُونَ كَالْأَسَاكِفَةِ وَالصَّيَّادِينَ وَالصَّرَّافِينَ وَالسَّرَّاجِينَ فَأَهْلُ مَحَلَّةِ الْقَاتِلِ وَصَنْعَتِهِ عَاقِلَتُهُ وَكَذَلِكَ طَلَبَةُ الْعِلْمِ.
قُلْت: وَبِهِ أَفْتَى الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ خَانِيَّةٌ زَادَ فِي الْمُجْتَبَى: وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّنَاصُرَ أَصْلٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَعْنَى التَّنَاصُرِ أَنَّهُ إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ قَامُوا مَعَهُ فِي كِفَايَتِهِ. وَتَمَامُهُ فِيهِ.
وَفِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ مَعْزِيًّا لِلْحَافِظِيَّةِ وَالْحَقُّ أَنَّ التَّنَاصُرَ فِيهِمْ بِالْحَرْفِ فَهُمْ عَاقِلَتُهُ إلَى آخِرِهِ فَلْيُحْفَظْ وَأَقَرَّهُ
ــ
[رد المحتار]
أَوْ مَضْبُوطًا وَإِلَّا أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ كَذَلِكَ فَعَلَى الْجَانِي (قَوْلُهُ فَيُؤَدِّي فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَخْ) فَظَاهِرُهُ عَدَمُ التَّقَيُّدِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ يَكُونُ الْبَاقِي عَلَى أَنَّهُ مَعَ هَذَا هُوَ مُشْكِلٌ أَيْضًا، لِأَنَّهُ إذَا أَدَّى فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ عُمْرِهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةً فَمَتَى تَنْقَضِي الدِّيَةُ، وَإِذَا مَاتَ فَهَلْ يَسْقُطُ الْبَاقِي أَوْ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا: لَمْ نَرَ مَنْ أَوْضَحَ هَذَا الْمَقَامَ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى وَنَصُّهُ. قُلْت: وَهَذَا حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهِ فَقَدْ رَأَيْت فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ يَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ اهـ.
أَقُولُ: وُجُوبُهَا فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرُوهُ فِي الذِّمِّيِّ، وَلَا إشْكَالَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَمَا ذَكَرَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ هُوَ الْأَعْدَلُ فَعَنْهُ لَا يُعْدَلُ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ وُجُوبُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْخِلَافُ فِي وُجُوبِهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ ذِمِّيًّا) أَيْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ
(قَوْلُهُ وَمَنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ) هَذَا قَيْدٌ آخَرُ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاتِلِ عَاقِلَةٌ فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ قَاضِي خَانَ، حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ مَا سَبَقَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاتِلِ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ بِأَنْ كَانَ لَقِيطًا أَوْ مَنْ يُشْبِهُهُ اهـ.
وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ مُفَادُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ وَالْهِدَايَةِ وَبَحْثِ الرَّمْلِيِّ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ عَامَّةِ الْكُتُبِ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَلَكِنَّ قَاضِي خَانَ مِنْ أَجَلِّ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحِهِ لِأَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ كَمَا قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ (قَوْلُهُ أَوْ مَحْرُومًا بِرِقٍّ أَوْ كُفْرٍ) كَمُسْتَأْمَنٍ اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْمُسْتَأْمَنُ إلَى دَارِهِ فَاسْتُرِقَّ ثُمَّ جَنَى الْعَتِيقُ فَهُوَ فِي مَالِهِ لِأَنَّ لَهُ وَارِثًا مَعْرُوفًا، وَهُوَ الْمُعْتَقُ مَعَ أَنَّ مِيرَاثَهُ لَوْ مَاتَ لِبَيْتِ الْمَالِ، لِأَنَّ مُعْتَقَهُ رَقِيقٌ فِي الْحَالِ أَفَادَهُ فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ الْأَصْلِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ ذِمِّيًّا يَكُونُ الْعَقْلُ فِي مَالِ الْجَانِي أَيْضًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَعْقِلُ الْمُسْلِمَ، فَلَا يَرِدُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ عَاقِلَةَ الْعَتِيقِ قَبِيلَةُ سَيِّدِهِ كَذَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ لَا يَعْقِلُهُ بَيْتُ الْمَالِ) بَلْ يَكُونُ فِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ مُسْتَحِقٌّ كَمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ فَإِنَّهُ إذَا وَرِثَهُ بَيْتُ الْمَالِ وَلَمْ يَعْقِلْهُ، فَإِذَا لَمْ يَرِثْهُ فَعَقْلُهُ فِي مَالِهِ بِالْأَوْلَى، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَارِثِ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ
(قَوْلُهُ وَلَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ) جَمْعُ عَجَمِيٍّ وَهُوَ خِلَافُ الْعَرَبِيِّ وَإِنْ كَانَ فَصِيحًا مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الدُّرَرِ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ، لِأَنَّ الْعَجَمَ لَمْ يَحْفَظُوا أَنْسَابَهُمْ، وَلَا يَتَنَاصَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ دِيوَانٌ وَتَحَمُّلُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْغَيْرِ عُرْفٌ، بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فِي حَقِّ الْعَرَبِ، وَبِهِ أَخَذَ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ عَاقِلَتُهُ) أَيْ إذَا كَانُوا يَتَنَاصَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ ط، وَلَا تَنْسَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمٍ وَثُلُثٍ (قَوْلُهُ إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ) فِي الْمُغْرِبِ حَزَبَهُمْ أَمْرٌ أَصَابَهُمْ مِنْ بَابِ طَلَبَ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِيهِ) حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ لَهُ مُتَنَاصَرُونَ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ وَالْعَشِيرَةِ وَالْمَحَلَّةِ وَالسُّوقِ، فَالْعَاقِلَةُ أَهْلُ الدِّيوَانِ ثُمَّ الْعَشِيرَةُ ثُمَّ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ وَبِهِ قَالَ النَّاطِفِيُّ ط (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ إلَخْ)