الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَغَاصِبُ شَيْءٍ كَيْفَ يَضْمَنُ غَيْرَهُ
…
وَلَيْسَ لَهُ فِعْلٌ بِمَا يَتَغَيَّرُ
وَغَاصِبُ نَهْرٍ هَلْ لَهُ مِنْهُ شُرْبُهُ
…
وَهَلْ ثَمَّ نَهْرٌ طَاهِرٌ لَا مُطَهِّرُ
فَصْلٌ (غَيَّبَ) بِمُعْجَمَةٍ (مَا غَصَبَ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ) لِمَالِكِهِ (مَلَكَهُ) عِنْدَنَا مِلْكًا (مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ) فَتُسَلَّمُ لَهُ الْأَكْسَابُ
ــ
[رد المحتار]
أَنَّهُ إنْ لَمْ يَسُقْهُ، مَعَهَا لَا يَضْمَنُهُ، وَقَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْغَصْبِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ. لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ قَاضِي خَانْ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَاقُ إلَّا بِسَوْقِهَا كَمَا قَالُوا إذَا غَصَبَ عِجْلًا فَيَبِسَ لَبَنُ أُمِّهِ ضَمِنَهُ مَعَ نُقْصَانِ الْأُمِّ اهـ.
أَقُولُ: إنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَخْرِيجَاتِ الْمَشَايِخِ فَمَا اخْتَارَهُ قَاضِي خَانْ وَجِيهٌ، وَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ وَهْبَانَ وَإِنْ كَانَتْ مَنْقُولَةً عَنْ الْمُجْتَهِدِ فَاتِّبَاعُهُ أَوْجَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ بِمَا يَتَغَيَّرُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَضْمُونُ وَهُوَ الْجَحْشُ هُنَا فَإِنَّهُ لَمَّا هَلَكَ تَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ وَقَدْ ضَمِنَهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ فِيهِ فِعْلًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ هَلْ لَهُ مِنْهُ شُرْبُهُ) الْجَوَابُ: نَعَمْ إنْ حَوَّلَ النَّهْرَ عَنْ مَوْضِعِهِ كُرِهَ الشُّرْبُ وَالتَّوَضُّؤُ مِنْهُ لِظُهُورِ أَثَرِ الْغَصْبِ بِالتَّحْوِيلِ، وَإِلَّا لَا لِثُبُوتِ حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ فِيهِمَا ابْنُ الشِّحْنَةِ (قَوْلُهُ وَهَلْ ثَمَّ نَهْرٌ طَاهِرٌ لَا مُطَهَّرٌ) الْجَوَابُ أَنَّهُ الْفَرَسُ السَّرِيعُ، فَإِنَّهُ يُسَمَّى نَهْرًا وَبَحْرًا لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ فِي قَوْله تَعَالَى - {وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف: 51] أَيْ الْخَيْلُ «وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي فَرَسِ أَبِي طَلْحَةَ: إنَّا وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا» ابْنُ الشِّحْنَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةً تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]
فَصْلٌ لَمَّا ذَكَرَ مُقَدَّمَاتِ الْغَصْبِ وَكَيْفِيَّةَ مَا يُوجِبُ الْمِلْكَ لِلْغَاصِبِ بِالضَّمَانِ ذَكَرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةً تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ كَمَا هُوَ دَأْبُ الْمُصَنِّفِينَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ غَيَّبَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: غَابَ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ عَبْدًا فَأَبَقَ فَإِنَّهُ إذَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَلَكَهُ، أَفَادَهُ الطُّورِيُّ وَقَالَ يُعْلَمُ حُكْمُ التَّغْيِيبِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ) أَيْ إنْ شَاءَ الْمَالِكُ التَّضْمِينَ، وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَصْبِرَ إلَى أَنْ يُوجَدَ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ ح (قَوْلُهُ مَلَكَهُ عِنْدَنَا إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِمَا مَرَّ، أَنَّ الْغَصْبَ مَحْظُورٌ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ كَمَا فِي الْمُدَبَّرِ وَلَنَا أَنَّهُ مَلَكَ الْبَدَلَ بِكَمَالِهِ وَالْمُبْدَلُ قَابِلٌ لِلنَّقْلِ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ فَيَمْلِكُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلنَّقْلِ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ فَتُسَلَّمُ لَهُ الْأَكْسَابُ لَا الْأَوْلَادُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ مُسْتَنِدًا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ بِالِاسْتِنَادِ نَاقِصٌ يَثْبُتُ مِنْ وَجْهٍ دُونُ وَجْهٍ فَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ فِي الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَلَدَ بَعْدَ الِانْفِصَالِ غَيْرُ تَبَعٍ، بِخِلَافِ الْكَسْبِ فَإِنَّهُ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ، فَيَكُونُ تَبَعًا مَحْضًا. أَقُولُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِكْسَابِ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ كَالْحُسْنِ وَالسِّمَنِ، وَبِالْوَلَدِ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ كَالدَّرِّ وَالثَّمَرِ، فَلَا تُسَلَّمُ لَهُ إذَا مَلَكَ الْمَغْصُوبَ بِالضَّمَانِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ وَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْكَسْبِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ وَلَا كَذَلِكَ الْمُنْفَصِلَةُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ، أَوْ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ حَيْثُ
لَا الْأَوْلَادُ مُلْتَقًى (وَالْقَوْلُ لَهُ) بِيَمِينِهِ لَوْ اخْتَلَفَا (فِي قِيمَتِهِ إنْ لَمْ يُبَرْهِنْ الْمَالِكُ عَلَى الزِّيَادَةِ) فَإِنْ بَرْهَنَ أَوْ بَرْهَنَا فَلِلْمَالِكِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ لِقِيَامِهَا عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ هُوَ الصَّحِيحُ زَيْلَعِيٌّ.
وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْبَحْرِ وَالْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ الْغَاصِبُ أَوْ الْمُودِعُ الْمُعْتَدِي لَا أَعْرِفُ قِيمَتَهُ لَكِنْ عَلِمْت أَنَّهَا أَقَلُّ مِمَّا يَقُولُهُ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ حَلَفَ عَلَى الزِّيَادَةِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ، وَلَوْ حَلَفَ الْمَالِكُ أَيْضًا عَلَى الزِّيَادَةِ أَخَذَهَا
ــ
[رد المحتار]
يَمْلِكُ بِهِ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ مَوْضُوعٌ لِلْمِلْكِ فَيَسْتَنِدُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ) أَيْ لِلْغَاصِبِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْمَالِكُ بِأَنْ يَقُولَ مَا قِيمَتُهُ إلَّا عَشَرَةٌ مَثَلًا مُنْيَةُ الْمُفْتِي
(قَوْلُهُ فَالْمَالِكُ) ؛ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ لِلزِّيَادَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الْمَالِكِ ذِكْرُ أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى، وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْفَظَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ اهـ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنَحِ فَإِنْ عَجَزَ الْمَالِكُ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَطَلَبَ يَمِينَ الْغَاصِبِ وَلِلْغَاصِبِ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِقِيمَةِ الْمَغْصُوبِ لَمْ تُقْبَلْ، بَلْ يَحْلِفُ عَلَى دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَنْفِي الزِّيَادَةَ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى النَّفْيِ لَا تُقْبَلُ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ يَقُولُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عُدَّتْ مُشْكِلَةً، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْوَدِيعَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَالتَّبْيِينِ اهـ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) نَقَلَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ فِي مِنَحِهِ عَنْ الْبَحْرِ وَجَوَاهِرِ الْفَتَاوَى عِنْدَ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْغَصْبِ، وَلَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ الْهَلَاكَ إلَخْ ثُمَّ أَعَادَ النَّقْلَ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى هُنَا، وَقَدْ نَقَلَ الشَّارِحُ الْمَسْأَلَةَ قُبَيْلَ كِتَابِ الْإِقْرَارِ، وَعَزَاهَا لِدَعْوَى الْبَحْرِ وَنَقَلَهَا فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْكَنْزِ، وَلَا تَرُدُّ يَمِينٌ عَلَى مُدَّعٍ وَعَزَاهَا إلَى الْمُحِيطِ عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ، وَنَقَلَ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ قَالَ وَهَذِهِ مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْكِتَابِ وَغَرَائِبِ مَسَائِلِهِ، فَيَجِبُ حِفْظُهَا وَقَدْ لَفَّقَ الشَّارِحُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ مِنْ عِبَارَةِ الْبَحْرِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْمُحِيطِ، وَمِنْ عِبَارَةِ الْجَوَاهِرِ عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ فَإِنَّهُ فِي عِبَارَةِ الْبَحْرِ بَيَّنَ حُكْمَ مَا إذَا حَلَفَ الْغَاصِبُ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا نَكَلَ.
وَفِي عِبَارَةِ الْجَوَاهِرِ بِعَكْسِ ذَلِكَ وَجَمِيعُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَنْقُولٌ لَمْ يَنْفَرِدْ بِشَيْءٍ مِنْهُ سِوَى حُسْنِ التَّعْبِيرِ فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا (قَوْلُهُ لَوْ قَالَ الْغَاصِبُ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ مَا بَيَّنَ الْمَالِكُ مِقْدَارًا بِأَنْ قَالَ قِيمَتُهُ مِائَةٌ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ بِتَعَدِّيهِ صَارَ غَاصِبًا ح (قَوْلُهُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقِيمَةٍ مَجْهُولَةٍ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ أَيْ يَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ بِقَوْلِهِ لَا أَعْرِفُ قِيمَتَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ يَحْلِفُ عَلَى مَا يَدَّعِي الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي الزِّيَادَةِ، فَإِنْ حَلَفَ يَحْلِفُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ قِيمَتَهُ مِائَةٌ وَيَأْخُذُ مِنْ الْغَاصِبِ مِائَةً اهـ فَالْمُرَادُ بِالزِّيَادَةِ مَا تَضَمَّنَتْهَا دَعْوَى الْمَالِكِ الَّتِي نَفَاهَا الْغَاصِبُ بِقَوْلِهِ: عَلِمْت أَنَّ قِيمَتَهُ أَقَلُّ مِمَّا يَقُولُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِهَا بِأَنْ يَقُولَ لَيْسَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً كَمَا ادَّعَاهُ الْمَالِكُ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ لَمْ يُبَيِّنْ عَمَّا إذَا بَيَّنَ وَقَالَ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ مَثَلًا فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ السَّابِقَةِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ النُّسْخَةِ فَإِنْ بَيَّنَ لِاخْتِلَافِ حُكْمِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ الْمَالِكُ أَيْضًا) أَفَادَ بِلَفْظِ أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ حَلَفَ بَعْدَ مَا حَلَفَ الْغَاصِبُ قَالَ ح لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ أَيْ وَجْهُ تَحْلِيفِ الْمَالِكِ أَيْضًا.
وَأَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا لَمْ يُبَيِّنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ فَلَمْ تَرْتَفِعْ دَعْوَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهَا تَرْتَفِعُ لَوْ بَيَّنَ شَيْئًا يُصَدَّقُ فِيهِ بِالْيَمِينِ وَفَائِدَةُ تَحْلِيفِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرْفَعُ دَعْوَى الْمَالِكِ التَّوَصُّلُ إلَى ثُبُوتِهَا بِنُكُولِهِ، فَإِذَا حَلَفَ لَمْ تَثْبُتْ دَعْوَى الْمَالِكِ، لِعَدَمِ النُّكُولِ وَلَمْ تَرْتَفِعْ لِعَدَمِ الْبَيَانِ فَبَقِيَتْ بِحَالِهَا فَاحْتَاجَتْ إلَى التَّنْوِيرِ بِالْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمُدَّعِي لِعَدَمِ إفَادَةِ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَسَائِلُ مِنْهَا لَوْ اخْتَلَفَ
ثُمَّ إنْ ظَهَرَ الْمَغْصُوبُ، فَلِلْغَاصِبِ أَخْذُهُ وَدَفْعُ قِيمَتِهِ أَوْ رَدُّهُ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ وَهِيَ مِنْ خَوَاصِّ كِتَابِنَا فَلْتُحْفَظْ (فَإِنْ ظَهَرَ) الْمَغْصُوبُ (وَهِيَ) أَيْ قِيمَتُهُ (أَكْثَرُ مِمَّا ضَمِنَ) أَوْ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنَايَةٌ فَالْأَوْلَى تَرْكُ قَوْلِهِ وَهِيَ أَكْثَرُ (وَقَدْ ضَمِنَ بِقَوْلِهِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَرَدَّ عِوَضَهُ أَوْ أَمْضَى) الضَّمَانَ، وَلَا خِيَارَ لِلْغَاصِبِ وَلَوْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ لِلُزُومِهِ بِإِقْرَارِهِ ذَكَرَهُ الْوَانِيُّ نَعَمْ مَتَى مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ فَلَهُ خِيَارُ عَيْبٍ وَرُؤْيَةٍ مُجْتَبًى (وَلَوْ ضَمِنَ بِقَوْلِ الْمَالِكِ أَوْ بِرِهَانِهِ أَوْ نُكُولِ الْغَاصِبِ فَهُوَ لَهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمَالِكِ) لِرِضَاهُ حَيْثُ ادَّعَى هَذَا الْمِقْدَارَ فَقَطْ
(وَإِنْ بَاعَ) الْغَاصِبُ (الْمَغْصُوبَ
ــ
[رد المحتار]
الْمُتَبَايِعَانِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، أَوْ الْمَبِيعِ تَحَالَفَا مَعَ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُدَّعٍ، وَالْآخَرُ مُنْكِرٌ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْمُتُونِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَجُهْدُ الْمُقِلِّ دُمُوعُهُ هَذَا وَذَكَرَ الْبِيرِيُّ فِي دَعْوَى الْأَشْبَاهِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ الْحَاكِمَ أَبَا مُحَمَّدٍ طَعَنَ عَلَى مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تُشْرَعْ عِنْدَنَا لِلْمُدَّعِي وَقَالَ الْجَوَابُ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي لِلْغَاصِبِ بَعْدَ مَا امْتَنَعَ عَنْ الْبَيَانِ: أَكَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً أَكَانَتْ خَمْسِينَ أَكَانَتْ ثَلَاثِينَ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى أَقَلَّ مَا لَا يَنْقُصُ مِنْهُ قِيمَتُهُ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، فَإِذَا انْتَهَى إلَى ذَلِكَ لَزِمَهُ وَجَعَلَ الْقَوْلَ لَهُ فِي الزِّيَادَةِ مَعَ يَمِينِهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِحَقٍّ مَجْهُولٍ فِي عَيْنٍ فِي يَدِهِ لِغَيْرِهِ يُسَمِّي لَهُ الْقَاضِي السِّهَامَ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى أَقَلِّ مَا لَا يَقْصِدُونَهُ بِالتَّمْلِيكِ عُرْفًا وَعَادَةً وَيُلْزِمُهُ بِهِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ،؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ ضَمِنَ بِقَوْلِ الْمَالِكِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمَالِكِ ط.
قُلْت: قَصَدَ الشَّارِحُ ذِكْرَ عِبَارَةِ الْبَحْرِ بِتَمَامِهَا مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُصَرِّحْ، بِخِيَارِ الْغَاصِبِ بَلْ نَفَى خِيَارَ الْمَالِكِ وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْغَاصِبِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ كَلَامًا سَنَذْكُرُهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَدَفْعُ قِيمَتِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهَا (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ) أَيْ إنْ كَانَ دَفَعَهَا (قَوْلُهُ وَهِيَ مِنْ خَوَاصِّ كِتَابِنَا) قَدْ ذَكَرْنَا سَابِقًا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنْقُولِ قَبْلَهُ وَوَجْهُ الْخُصُوصِيَّةِ تَضَمُّنُهَا وُرُودَ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي الْكُتُبِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ،؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ رِضَاهُ حَيْثُ لَمْ يُعْطِ مَا يَدَّعِيهِ وَالْخِيَارُ لِفَوَاتِ الرِّضَا خِلَافًا لِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ إنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى تَرْكُ قَوْلِهِ وَهِيَ أَكْثَرُ) أَوْ يَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ الْقُدُورِيُّ وَصَاحِبُ الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى حَيْثُ قَدَّمُوا ذِكْرَ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى، وَجَعَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ ذَلِكَ قَيْدًا لِلسَّابِقَةِ فَقَطْ، وَلَكِنْ الْأَوْلَى كَمَا قَالَ الشَّارِحِ تَبَعًا لِلْقُهُسْتَانِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَقَدْ ضَمِنَ بِقَوْلِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ (قَوْلُهُ أَخَذَهُ الْمَالِكُ) وَلِلْغَاصِبِ حَبْسُهُ حَتَّى يَأْخُذَ مَا دَفَعَهُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا خِيَارَ لِلْغَاصِبِ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَا بَحَثَهُ فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ بِأَنَّهُ عَلَى التَّعْلِيلِ بِعَدَمِ رِضَا الْمَالِكِ يَنْبَغِي ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْغَاصِبِ لَوْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ لِعَدَمِ رِضَاهُ أَيْضًا وَلِذَا قَالَ وَلَوْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِلُزُومِهِ بِإِقْرَارِهِ) أَقُولُ: وَلِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِغَصْبِهِ وَتَغْيِيبِهِ، وَلِأَنَّ تَمَامَ مِلْكِهِ كَانَ مُتَوَقِّفًا عَلَى رِضَا الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَقَدْ وُجِدَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ نُكُولِ الْغَاصِبِ) أَيْ عَنْ الْحَلِفِ بِأَنَّ الْقِيمَةَ لَيْسَتْ كَمَا يَدَّعِي الْمَالِكُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ لَهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمَالِكِ) وَكَذَا لَا خِيَارَ لِلْغَاصِبِ لِرِضَاهُ حَيْثُ أَقْدَمَ عَلَى الْغَصْبِ رَحْمَتِيٌّ وَذَكَرَ ط أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِي الْأُولَى، وَلَا خِيَارَ لِلْغَاصِبِ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ اهـ.
وَأَقُولُ: قَدْ رَاجَعْت كَثِيرًا فَلَمْ أَظْفَرْ بِصَرِيحِ النَّقْلِ فِي ذَلِكَ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ مَا قَالَهُ الرَّحْمَتِيُّ، فَإِنَّ الْغَاصِبَ ظَالِمٌ بِالْغَصْبِ وَبِالتَّغْيِيبِ عَنْ الْمَالِكِ فَإِصْرَارُهُ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلُ الرِّضَا وَحَيْثُ كَانَ ظَالِمًا لَا يُرَاعَى جَانِبُهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ اقْتِصَارُهُمْ عَلَى بَيَانِ الْخِيَارِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ فَقَطْ لِكَوْنِهِ مَظْلُومًا وَلِذَا قَالَ الْأَتْقَانِيُّ فِي تَعْلِيلِ خِيَارِ الْمَالِكِ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ عَلَى نَقْلِ حَقِّهِ مِنْ الْعَيْنِ إلَى بَدَلٍ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَالْمُكْرَهُ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ اهـ.
فَضَمِنَهُ الْمَالِكُ نَفَذَ بَيْعُهُ وَإِنْ حُرِّرَ) أَيْ الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّ تَحْرِيرَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ نَافِذٌ فِي الْأَصَحِّ عِنَايَةٌ (ثُمَّ ضَمِنَهُ لَا) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ النَّاقِصَ يَكْفِي لِنَفَاذِ الْبَيْعِ لَا الْعِتْقِ
(وَزَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ) مُطْلَقًا مُتَّصِلَةٌ كَسَمْنٍ وَحُسْنٍ أَوْ مُنْفَصِلَةٌ كَدُرٍّ وَثَمَرٍ (أَمَانَةٌ لَا تُضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي أَوْ الْمَنْعِ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ وَلَوْ طَلَبَ الْمُتَّصِلَةَ لَا يَضْمَنُ (وَمَا نَقَصَتْهُ الْجَارِيَةُ بِالْوِلَادَةِ مَضْمُونٌ وَيُجِيزُ بِوَلَدِهَا)
ــ
[رد المحتار]
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ فَهُوَ لَهُ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ الْخِيَارِ لَهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى رِضَا الْمَالِكِ وَقَدْ وُجِدَ، وَلَا سِيَّمَا فِيمَا إذَا نَكَلَ فَإِنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ: وَأَمَّا ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ عَنْ الْبَحْرِ وَالْجَوَاهِرِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهِ هُنَا، لِاخْتِلَافِ مَوْضُوعِهِمَا وَلِأَنَّهُ ظَهَرَ صِدْقُهُ فِي يَمِينِهِ الَّذِي حَلَفَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِقَوْلِ الْمَالِكِ وَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ بُرْهَانٌ وَلَمْ يَنْكُلْ عَنْ الْيَمِينِ بِخِلَافِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَبِالْجُمْلَةِ فَإِثْبَاتُ الْخِيَارِ لَهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَحْتَاجُ لِلنَّقْلِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ فَضَمِنَهُ الْمَالِكُ) قَيَّدَ بِتَضْمِينِ الْمَالِكِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ فَبَاعَهُ الْمَالِكُ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ مَاتَ الْمَالِكُ وَالْغَاصِبُ وَارِثُهُ فَإِنَّ بَيْعَ الْغَاصِبِ يَبْطُلُ،؛ لِأَنَّهُ طَرَأَ مِلْكٌ بَاتَ عَلَى مَوْقُوفٍ عَلَى أَدَاءِ الضَّمَانِ فَأَبْطَلَهُ أَبُو السُّعُودِ عَنْ شَيْخِهِ (قَوْلُهُ نَفَذَ بَيْعُهُ) هَذَا إنْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قُبَيْلَ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ غَصَبَ شَيْئًا وَبَاعَهُ فَإِنْ ضَمَّنَهُ الْمَالِكُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ جَازَ بَيْعُهُ لَا لَوْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْبَيْعِ اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ تَحْرِيرَ) تَعْلِيلٌ لِلتَّفْسِيرِ الْمَفْهُومِ مِنْ أَيْ ح (قَوْلُهُ نَافِذٌ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ ثُمَّ ضَمِنَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ نَفَذَ إعْتَاقُهُ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَكَذَا يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْمَالِكِ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ تَرَتَّبَ عَلَى سَبَبِ مِلْكٍ تَامٍّ بِنَفْسِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَبِيعَ يُمْلَكُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ بِزَوَائِدِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ تَامًّا بِنَفْسِهِ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ النَّاقِصَ إلَخْ) نُقْصَانُهُ بِثُبُوتِهِ مُسْتَنِدًا كَمَا مَرَّ وَلَمْ يَرْتَضِ ابْنُ الْكَمَالِ هَذَا التَّعْلِيلَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ مَنْقُوصٌ بِإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْغَصْبَ غَيْرُ مَوْضُوعٍ لِإِفَادَةِ الْمِلْكِ اهـ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَزَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ إلَخْ) لَيْسَ مِنْهَا الْأَكْسَابُ الْحَاصِلَةُ بِاسْتِغْلَالِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ مَنَافِعِ الْمَغْصُوبِ وَمَنَافِعُهُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عِنْدَنَا كَمَا يَأْتِي فَكَذَا بَدَلُهَا كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ أَمَانَةٌ لَا تُضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي) أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَهَذِهِ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِي حَقِيقَةِ الْغَصْبِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ أَوَّلَ الْغَصْبِ فَلَوْ قَتَلَهُ الْغَاصِبُ ضَمِنَهُ مَعَ الزِّيَادَةِ ابْنُ مَلَكٍ، وَلَوْ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَقْتَ الْغَصْبِ وَلَا يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ، وَكَذَا لَوْ زَادَتْ قِيمَتُهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَبَ الْمُتَّصِلَةَ لَا يَضْمَنُ) ؛ لِأَنَّ دَفْعَهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا اهـ ح بَقِيَ مَا لَوْ طَلَبَهَا مَعَ الْأَصْلِ بِأَنْ قَالَ سَلِّمْنِي الْجَارِيَةَ أَوْ الدَّابَّةَ بَعْدَ الْحُسْنِ أَوْ السِّمَنِ فَمَنَعَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَهُ كَالْأَصْلِ وَلْيُحَرَّرْ رَحْمَتِيٌّ.
أَقُولُ: ذَكَرَ فِي الْمَجْمَعِ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ لَا تُضْمَنُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ. قَالَ شَارِحُهُ أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. أَمَّا الْمُنْفَصِلَةُ فَمَضْمُونَةٌ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي صَارَ مُتَعَدِّيًا اهـ وَفِي الِاخْتِيَارِ: وَإِنْ طَلَبَ الْمُتَّصِلَةَ لَا يَضْمَنُ بِالْبَيْعِ لِلْغَيْرِ،؛ لِأَنَّ الطَّلَبَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِعَدَمِ إمْكَانِ رَدِّ الزَّوَائِدِ بِدُونِ الْأَصْلِ اهـ فَحَيْثُ لَمْ تُضْمَنْ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي لَا تُضْمَنْ بِالْمَنْعِ أَيْضًا وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْغَصْبِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ غَصَبَ شَاةً فَسَمِنَتْ فَذَبَحَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ لَا يَوْمَ ذَبْحِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا لَوْ تَلِفَتْ بِلَا إهْلَاكِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمَا نَقَصَتْهُ الْجَارِيَةُ) أَيْ انْتَقَصَتْ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ يَجِيءُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا وَهَاهُنَا لَازِمٌ ابْنُ مَلَكٍ وَأَمَّا الضَّمِيرُ الْمُتَّصِلُ بِهِ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى التَّعَدِّي؛ لِأَنَّهُ ضَمِيرُ الْمَصْدَرِ فَإِنَّهُ عَائِدٌ إلَى مَا الْوَاقِعَةِ عَلَى النُّقْصَانِ (قَوْلُهُ مَضْمُونٌ) أَيْ إذَا حَبِلَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ، أَوْ زَنَتْ بِعَبْدِ الْغَاصِبِ أَمَّا إذَا كَانَ الْحَبَلُ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الْمَوْلَى لَا ضَمَانَ جَوْهَرَةٌ. وَفِي الطُّورِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ: غَصَبَهَا حَامِلًا أَوْ مَرِيضَةً فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ مَعَ
بِقِيمَتِهِ أَوْ بِغُرَّتِهِ إنْ وَفَّى بِهِ وَإِلَّا فَيَسْقُطُ بِحِسَابِهِ، وَلَوْ مَاتَتْ وَبِالْوَلَدِ وَفَاءٌ كَفَى هُوَ الصَّحِيحُ اخْتِيَارٌ
(زَنَى بِأَمَةٍ مَغْصُوبَةٍ) أَيْ غَصَبَهَا (فَرَدَّهَا حَامِلًا فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا) يَوْمَ عُلِّقَتْ (بِخِلَافِ الْحُرَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ لِيَبْقَى ضَمَانُ الْغَصْبِ بَعْدَ فَسَادِ الرَّدِّ وَلَوْ رَدَّهَا مَحْمُومَةً فَمَاتَتْ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ زَنَتْ عِنْدَهُ فَرَدَّهَا فَجُلِدَتْ فَمَاتَتْ بِهِ مُلْتَقًى، وَلَوْ زَنَى بِهَا وَاسْتَوْلَدَهَا ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ
(وَ) بِخِلَافِ
ــ
[رد المحتار]
ذَلِكَ ضَمِنَهَا وَبِهَا ذَلِكَ الْعَيْبُ (قَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ إنْ نَزَلَ حَيًّا وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِوَلَدِهَا، وَالْمُرَادُ إذَا رَدَّهَا وَوَلَدَهَا يُجْبَرُ نُقْصَانُ الْوِلَادَةِ بِهِ نَظَرًا إلَى قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِغُرَّتِهِ) أَيْ لَوْ ضَرَبَ الْغَاصِبُ أَوْ غَيْرُهُ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا وَهِيَ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ حَيًّا لَوْ ذَكَرًا وَعُشْرُ قِيمَتِهِ لَوْ أُنْثَى قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ،؛ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَهُ لِوُجُوبِهَا بَدَلًا عَنْهُ (قَوْلُهُ إنْ وَفَّى بِهِ) أَيْ بِالنُّقْصَانِ، وَكَذَا إنْ زَادَ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَفِ بِهِ يُجْبَرُ بِقَدْرِهِ وَضَمِنَ الْبَاقِيَ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَتْ إلَخْ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ عَنْ الْإِمَامِ يَبْرَأُ بِرَدِّ الْوَلَدِ يُجْبَرُ بِالْوَلَدِ قَدْرَ نُقْصَانِ الْوِلَادَةِ وَيَضْمَنُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَيْهِ رَدُّ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ كَامِلَةً كَمَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ
(قَوْلُهُ زَنَى بِأَمَةٍ) أَيْ الْغَاصِبُ أَوْ غَيْرُهُ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ، وَقَيَّدَ بِهِ إذْ لَوْ حَبِلَتْ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الْمَوْلَى فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ مَاتَتْ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ غَصَبَهَا) فَائِدَةُ هَذَا التَّفْسِيرِ دَفْعُ مَا رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ شُمُولِ قَوْلِهِ مَغْصُوبَةٍ مَا إذَا زَنَى بِأَمَةٍ غَصَبَهَا غَيْرُهُ، فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ لَا الزَّانِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ) أَيْ بِسَبَبِهَا لَا عَلَى فَوْرِهَا. قَالَ قَاضِي خَانْ وَمَاتَتْ فِي الْوِلَادَةِ أَوْ فِي النِّفَاسِ، فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ كَانَ ظَهَرَ الْحَبَلُ عِنْدَ الْمَوْلَى لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ رَدِّ الْغَاصِبِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْمَوَاهِبِ: عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْعُلُوقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا عَلَيْهِ نَقْصُ الْحَبَلِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا) أَيْ وَإِنْ بَقِيَ وَلَدُهَا وَلَا يُجْبَرُ بِالْوَلَدِ كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ غَصَبَهَا، وَمَا انْعَقَدَ فِيهَا سَبَبُ التَّلَفِ وَرُدَّتْ، وَفِيهَا ذَلِكَ فَلَمْ يُوجَدْ الرَّدُّ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَخَذَ فَلَمْ يَصِحَّ الرَّدُّ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ كَمَا إذَا جَنَتْ عِنْدَهُ فَرَدَّهَا فَقُتِلَتْ بِتِلْكَ الْجِنَايَةِ أَوْ دُفِعَتْ بِهَا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمَالِكُ بِكُلِّ الْقِيمَةِ كَأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهَا (قَوْلُهُ يَوْمَ عُلِّقَتْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَجْمَعِ وَغَيْرِهِمَا وَبَحَثَ فِيهِ فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْغَصْبِ فَرَاجِعْهَا وَيُوَافِقُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ) أَيْ إذَا زَنَى بِهَا رَجُلٌ مُكْرَهَةً أَوْ لَا أَتْقَانِيٌّ فَمَا فِي الدُّرَرِ فِيهِ نَظَرٌ عَزْمِيَّةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ بَعْدَ فَسَادِ الرَّدِّ) أَيْ بِسَبَبِ الْحَبَلِ زَادَ الزَّيْلَعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ، وَلَا يَجِبُ رَدُّهَا أَصْلًا.
قَالَ الرَّمْلِيُّ: سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّ مَنْ خَدَعَ امْرَأَةَ رَجُلٍ يُحْبَسُ حَتَّى يَرُدَّهَا أَوْ يَمُوتَ فَلَعَلَّ مَا هُنَا قِيَاسٌ وَمَا هُنَاكَ اسْتِحْسَانٌ قَطْعًا لِلْفَسَادِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ رَدَّهَا مَحْمُومَةً إلَخْ) أَيْ الْأَمَةَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَمَسْأَلَةِ الْمَتْنِ أَنَّ الْهَلَاكَ لِضَعْفِ الطَّبِيعَةِ عَنْ دَفْعِ آثَارِ الْحُمَّى الْمُتَوَالِيَةِ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِالْحُمَّى الْأُولَى عِنْدَ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُوجِبٍ لِمَا بَعْدَهُ وَالزِّنَا يُوجِبُ جَلْدًا مُؤْلِمًا لَا مُتْلِفًا، فَلَا يُضَافُ إلَى الزِّنَا بِخِلَافِ الْهَلَاكِ بِحَبَلِ الزِّنَا فَإِنَّهُ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ لَا يَضْمَنُ) أَيْ لَا يَضْمَنُ كُلَّ الْقِيمَةِ بَلْ نُقْصَانُ الْحُمَّى كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى (قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ لَا يَضْمَنُ الْقِيمَةَ بَلْ نُقْصَانَ عَيْبِ الزِّنَا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَنَى بِهَا) أَيْ بِأَمَةٍ غَصَبَهَا وَاسْتَوْلَدَهَا أَيْ حَبِلَتْ مِنْهُ دُرَرٌ (قَوْلُهُ ثَبَتَ النَّسَبُ) أَيْ إنْ ضَمِنَهَا وَادَّعَاهُ كَمَا فِي الدُّرَرِ ح (قَوْلُهُ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ) ؛ لِأَنَّ التَّضْمِينَ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ التَّضْمِينِ أَوْرَثَ شُبْهَةً وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ بِخِلَافِ الْحُرِّيَّةِ دُرَرٌ عَنْ الْكَافِي وَنَقَلَ فِي الْعَزْمِيَّةِ أَنَّ صَاحِبَ الدُّرَرِ أَسَاءَ التَّحْرِيرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا تَتَّضِحُ إلَّا بِمُرَاجَعَةِ الْكَافِي.