الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَأَدْنَى مُدَّتِهِ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً وَلَهَا تِسْعُ سِنِينَ) هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ (فَإِنْ رَاهَقَا) بِأَنْ بَلَغَا هَذَا السِّنَّ (فَقَالَا: بَلَغْنَا؛ صُدِّقَا إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُمَا الظَّاهِرُ) كَذَا قَيَّدَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَبَعْدَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً يُشْتَرَطُ شَرْطٌ آخَرُ لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْبُلُوغِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ يَحْتَلِمُ مِثْلُهُ وَإِلَّا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ (وَهُمَا) حِينَئِذٍ (كَبَالِغٍ حُكْمًا) فَلَا يُقْبَلُ جُحُودُهُ الْبُلُوغَ بَعْدَ إقْرَارِهِ مَعَ احْتِمَالِ حَالِهِ فَلَا تُنْقَضُ قِسْمَتُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرَاهِقَيْنِ " قَدْ بَلَغْنَا " مَعَ تَفْسِيرِ كُلٍّ بِمَاذَا بَلَغَ بِلَا يَمِينٍ. وَفِي الْخِزَانَةِ أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ فَقَبْلَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً لَا تَصِحُّ الْبَيِّنَةُ وَبَعْدَهُ تَصِحُّ اهـ.
كِتَابُ
الْمَأْذُونِ
(الْإِذْنُ) لُغَةً: الْإِعْلَامُ وَشَرْعًا (فَكُّ الْحَجْرِ) أَيْ فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّ الْحَجْرَ لَا يَنْفَكُّ
ــ
[رد المحتار]
وَسِنُّهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَرَدَّهُ، ثُمَّ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَسِنُّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَبِلَهُ» وَلِأَنَّهَا الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ عَلَى أَهْلِ زَمَانِنَا، وَغَيْرُهُمَا احْتِيَاطٌ فَلَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْعَادَةُ إحْدَى الْحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ نَصَّ عَلَيْهِ الشُّمُنِّيُّ وَغَيْرُهُ دُرٌّ مُنْتَقًى. (قَوْلُهُ: وَأَدْنَى مُدَّتِهِ) أَيْ مُدَّةِ الْبُلُوغِ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلْغُلَامِ وَفِي لَهَا لِلْجَارِيَةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ) هُوَ اسْمُ كِتَابٍ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَاهَقَا) يُقَالُ رَهِقَهُ أَيْ دَنَا مِنْهُ رَهَقًا، وَمِنْهُ إذَا «صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى سُتْرَةٍ فَلْيَرْهَقْهَا» ، وَصَبِيٌّ مُرَاهِقٌ مُدَانٍ لِلْحُلُمِ مُغْرِبٌ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُمَا الظَّاهِرُ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ الْآتِي، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ يَحْتَلِمُ مِثْلُهُ.
وَفِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: صَبِيٌّ أَقَرَّ أَنَّهُ بَالِغٌ وَقَاسَمَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ مُرَاهِقًا وَيَحْتَلِمُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ قِسْمَتُهُ وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا وَيُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَحْتَلِمُ لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُكَذَّبُ ظَاهِرًا وَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ بَعْدَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يَحْتَلِمُ مِثْلُهُ إذَا أَقَرَّ الْبُلُوغَ لَا يُقْبَلُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَبَعْدَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً) ادَّعَى صَاحِبُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ الصَّوَابَ إبْدَالُ بَعْدَ بِقَبْلَ زَعْمًا مِنْهُ أَنَّهُ شَرْطٌ لِغَيْرِ الْمُرَاهِقِ وَرَدَّهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ وَنَسَبَهُ إلَى الْوَهْمِ وَقِلَّةِ الْفَهْمِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ) وَعِبَارَتُهَا يَعْنِي وَقَدْ فَسَّرَا مَا بِهِ عَلِمَا بُلُوغَهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا يَمِينٌ اهـ قَالَ أَبُو السُّعُودِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِمَّا نَقَلَهُ الْحَمَوِيُّ عَنْ شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ قَوْلِهِمَا أَنْ يُبَيِّنَا كَيْفِيَّةَ الْمُرَاهَقَةِ حِينَ السُّؤَالِ عَنْهُ اهـ.
قُلْت: وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَتَاوَى النَّسَفِيِّ عَنْ الْقَاضِي مَحْمُودٍ السَّمَرْقَنْدِيِّ أَنَّ مُرَاهِقًا أَقَرَّ فِي مَجْلِسِهِ بِبُلُوغِهِ فَقَالَ بِمَاذَا بَلَغْتَ؟ قَالَ: بِاحْتِلَامٍ قَالَ: فَمَاذَا رَأَيْتَ بَعْدَمَا انْتَبَهْتَ؟ قَالَ: الْمَاءَ قَالَ: أَيُّ مَاءٍ؟ فَإِنَّ الْمَاءَ مُخْتَلِفٌ قَالَ: الْمَنِيُّ قَالَ: مَا الْمَنِيُّ؟ قَالَ: مَاءُ الرَّجُلِ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ قَالَ: عَلَى مَاذَا احْتَلَمْتَ عَلَى ابْنٍ أَوْ بِنْتٍ أَوْ أَتَانٍ قَالَ: عَلَى ابْنٍ فَقَالَ الْقَاضِي: لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِقْصَاءِ فَقَدْ يُلَقَّنُ الْإِقْرَارَ بِالْبُلُوغِ كَذِبًا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: هَذَا مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ التَّفْسِيرِ وَكَذَا جَارِيَةٌ أَقَرَّتْ بِحَيْضٍ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ مَعَ التَّفْسِيرِ أَيْ تَفْسِيرِ مَا بَلَغَ بِهِ مِنْ احْتِلَامٍ أَوْ إحْبَالٍ فَقَطْ بِلَا هَذَا الِاسْتِقْصَاءِ. (قَوْلُهُ: لَا تَصِحُّ الْبَيِّنَةُ) صَوَابُهُ أَلْبَتَّةَ مِنْ الْبَتِّ وَهُوَ الْقَطْعُ كَمَا جَاءَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَقَدْ وُجِدَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ يَقُولُ: لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ.
[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]
أَيْ الْإِذْنِ فَهُوَ مَصْدَرٌ كَمَعْسُورٍ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ صِفَةٌ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ لِحَذْفِ الْمُضَافِ وَالصِّلَةِ فِي الْكَرْمَانِيِّ يُقَالُ مَأْذُونٌ لَهُ أَوْ لَهَا وَتَرْكُ الصِّلَةِ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَأَقَرَّهُ الْقُهُسْتَانِيُّ دُرٌّ مُنْتَقًى. وَتَقْدِيرُ الْمُضَافِ إذْنُ الْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْ الْأَفْعَالِ لَا عَنْ الذَّوَاتِ وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَحْذِفُونَ الصِّلَةَ لِفَهْمِ الْمَعْنَى، وَأَوْرَدَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَقْتَضِي سَبْقَ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ الْإِذْنُ لُغَةً الْإِعْلَامُ) تَبِعَ الزَّيْلَعِيَّ وَالنِّهَايَةَ
عَنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فِي غَيْرِ بَابِ التِّجَارَةِ ابْنُ كَمَالٍ (وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ) الْمُسْقِطُ هُوَ الْمَوْلَى لَوْ الْمَأْذُونُ رَقِيقًا وَالْوَلِيُّ لَوْ صَبِيًّا وَعِنْدَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ هُوَ تَوْكِيلٌ وَإِنَابَةٌ (ثُمَّ يَتَصَرَّفُ) الْعَبْدُ (لِنَفْسِهِ بِأَهْلِيَّتِهِ فَلَا يَتَوَقَّتُ) بِوَقْتٍ وَلَا يَتَخَصَّصُ بِنَوْعٍ تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِهِ إسْقَاطًا (وَلَا يَرْجِعُ بِالْعُهْدَةِ عَلَى سَيِّدِهِ) لِفَكِّهِ الْحَجْرَ (فَلَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى فَكِّ الْحَجْرِ (يَوْمًا) أَوْ شَهْرًا (صَارَ مَأْذُونًا مُطْلَقًا حَتَّى يُحْجَرَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَاتِ لَا تَتَوَقَّتُ (وَلَمْ يَتَخَصَّصْ بِنَوْعٍ فَإِذَا أَذِنَ فِي نَوْعٍ عَمَّ إذْنُهُ فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا) لِأَنَّهُ فَكُّ الْحَجْرِ لَا تَوْكِيلٌ.
ــ
[رد المحتار]
قَالَ الطُّورِيُّ: قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ: الْإِذْنُ هُوَ الْإِطْلَاقُ لُغَةً؛ لِأَنَّهُ ضِدُّ الْحَجْرِ وَهُوَ الْمَنْعُ فَكَانَ إطْلَاقًا عَنْ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ اهـ. وَفِي النِّهَايَةِ: الْإِذْنُ فِي الشَّيْءِ رَفْعٌ لِمَنْ هُوَ مَحْجُورٌ عَنْهُ وَإِعْلَامٌ بِإِطْلَاقِهِ فِيمَا حُجِرَ عَلَيْهِ مِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الشَّيْءِ إذْنًا وَأَبْعَدَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ حَيْثُ قَالَ إنَّهُ الْإِعْلَامُ، وَمِنْهُ الْأَذَانُ وَهُوَ الْإِعْلَامُ،؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مِنْ أَذِنَ فِي كَذَا إذَا أَبَاحَهُ وَالْأَذَانُ مِنْ أَذِنَ بِكَذَا إذَا أَعْلَمَ اهـ وَفِي أَبِي السُّعُودِ: قَالَ قَاضِي زَادَهْ فِي التَّكْمِلَةِ: لَمْ أَرَ قَطُّ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ مَجِيءَ الْإِذْنِ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ (قَوْلُهُ عَنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظَةِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ كَذَلِكَ ح (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ بَابِ التِّجَارَةِ) كَالتَّزَوُّجِ وَالتَّسَرِّي وَالْإِقْرَاضِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ) كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ فَكُّ الْحَجْرِ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَعْتُوهَ لَيْسَ فِيهِ إسْقَاطُ حَقٍّ سَعْدِيَّةٌ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ يَعْنِي حَقَّ الْمَنْعِ لَا حَقَّ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَعَ اخْتِصَاصِهِ بِإِذْنِ الْعَبْدِ غَيْرُ صَحِيحٍ،؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى لَا يَسْقُطُ بِالْإِذْنِ، وَلِذَلِكَ يَأْخُذُ مِنْ كَسْبِهِ جَبْرًا عَلَى مَا سَيَأْتِي اهـ (قَوْلُهُ هُوَ تَوْكِيلٌ وَإِنَابَةٌ) سَتَأْتِي ثَمَرَةُ الْخِلَافِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ يَتَصَرَّفُ) عُطِفَ عَلَى الْمَعْنَى فَكَأَنَّهُ قَالَ: إذَا أَذِنَ الْمَوْلَى يَنْفَكُّ الْعَبْدُ مِنْ الْحَجْرِ، ثُمَّ يَتَصَرَّفُ إلَخْ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ الْعَبْدُ) إنَّمَا خَصَّ الْبَيَانُ بِهِ لِخَفَاءِ الْحَالِّ فِيهِ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ مُشْتَرَكٌ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ لَا لِسَيِّدِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِجُمْلَتِهِ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى، فَإِذَا تَعَذَّرَ مِلْكُهُ لَمَّا تَصَرَّفَ فِيهِ يَخْلُفُهُ الْمَوْلَى فِي الْمِلْكِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ بِأَهْلِيَّتِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ بَعْدَ الرِّقِّ،؛ لِأَنَّ رُكْنَ التَّصَرُّفِ كَلَامٌ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا لِصُدُورِهِ عَنْ تَمْيِيزٍ، وَمَحَلُّ التَّصَرُّفِ ذِمَّةٌ صَالِحَةٌ لِالْتِزَامِ الْحُقُوقِ وَهُمَا لَا يَفُوتَانِ بِالرِّقِّ،؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ كَرَامَاتِ الْبَشَرِ وَهُوَ بِالرِّقِّ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ بَشَرًا إلَّا أَنَّهُ حُجِرَ عَلَيْهِ عَنْ التَّصَرُّفِ لِحَقِّ الْمَوْلَى، كَيْ لَا يَبْطُلَ حَقُّهُ بِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِرَقَبَتِهِ لِضَعْفِ ذِمَّتِهِ بِالرِّقِّ، حَتَّى لَا يَجِبَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ إلَّا وَهُوَ شَاغِلٌ لِرَقَبَتِهِ، فَإِذَا أَذِنَ الْمَوْلَى فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فَكَانَ الْعَبْدُ مُتَصَرِّفًا بِأَهْلِيَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَخَصَّصُ بِنَوْعٍ) أَيْ وَلَا بِمَكَانٍ قُهُسْتَانِيٌّ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة هَذَا إذَا صَادَفَ الْإِذْنُ عَبْدًا مَحْجُورًا، أَمَّا إذَا صَادَفَ عَبْدًا مَأْذُونًا يَتَخَصَّصُ، فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وَقَالَ: اشْتَرِ لِي بِهِ الطَّعَامَ فَاشْتَرَى الْعَبْدُ الرَّقِيقَ يَصِيرَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رحمه الله (قَوْلُهُ تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِهِ إسْقَاطًا) فَإِنَّ الْإِسْقَاطَاتِ لَا تَقْبَلُ التَّقْيِيدَ، كَمَا يَأْتِي كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَلَا يُقَالُ لَوْ كَانَ إسْقَاطًا لَمَا مَلَكَ نَهْيَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ بِإِسْقَاطٍ فِي حَقِّ مَا لَمْ يُوجَدْ، فَيَكُونُ النَّهْيُ امْتِنَاعًا عَنْ الْإِسْقَاطِ فِيمَا لَمْ يُوجَدْ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ بِالْعُهْدَةِ) أَيْ بِحَقِّ التَّصَرُّفِ كَطَلَبِ الثَّمَنِ وَغَيْرِهِ، وَالْعُهْدَةُ فُعَّلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ عَهِدَهُ لَقِيَهُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِفَكِّهِ الْحَجْرَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَا يَرْجِعُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَكُّ الْحَجْرِ، وَجَعَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ تَفْرِيعًا عَلَى كَوْنِ تَصَرُّفِهِ لِنَفْسِهِ
(قَوْلُهُ تَفْرِيعٌ عَلَى فَكِّ الْحَجْرِ) فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى التَّفْرِيعِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فَلَا يَتَوَقَّفُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَاتِ لَا تَتَوَقَّتُ) ؛ لِأَنَّهَا تَتَلَاشَى عِنْدَ وُقُوعِهَا (قَوْلُهُ فَإِذَا أَذِنَ فِي نَوْعِ إلَخْ) سَوَاءٌ سَكَتَ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ نَهَى بِطَرِيقِ الصَّرِيحِ نَحْوُ: أَنْ يَأْذَنَ فِي شِرَاءِ الْبَزِّ وَقَالَ لَا تَشْتَرِ غَيْرَهُ اهـ تَتَارْخَانِيَّةٌ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فَكُّ الْحَجْرِ لَا تَوْكِيلٌ) أَعَادَهُ وَإِنْ مَرَّ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى ثَمَرَةِ الْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ فَافْهَمْ
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْإِذْنَ بِالتَّصَرُّفِ النَّوْعِيِّ إذْنٌ بِالتِّجَارَةِ وَبِالشَّخْصِيِّ اسْتِخْدَامٌ
(وَيَثْبُتُ) الْإِذْنُ (دَلَالَةً فَعَبْدٌ رَآهُ سَيِّدُهُ يَبِيعُ مِلْكَ أَجْنَبِيٍّ) فَلَوْ مِلْكَ مَوْلَاهُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَأْذَنَ بِالنُّطْقِ بَزَّازِيَّةٌ وَدُرَرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنَحِ التَّخْصِيصُ قَدْ لَا يَكُونُ مُفِيدًا إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِخْدَامَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ ذَلِكَ إذْنًا لَانْسَدَّ بَابُ الِاسْتِخْدَامِ لِإِفْضَائِهِ إلَى أَنَّ مَنْ أَمَرَ عَبْدَهُ بِشِرَاءِ بَقْلٍ بِفَلْسَيْنِ كَانَ مَأْذُونًا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِدُيُونٍ تَسْتَغْرِقُ رَقَبَتَهُ وَيُؤْخَذُ بِهَا فِي الْحَالِ، فَلَا يَتَجَرَّأُ أَحَدٌ عَلَى اسْتِخْدَامِ عَبْدِهِ فِيمَا اشْتَدَّ لَهُ حَاجَتُهُ،؛ لِأَنَّ غَالِبَ اسْتِعْمَالِ الْعَبِيدِ فِي شِرَاءِ الْأَشْيَاءِ الْحَقِيرَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ حَدٍّ فَاصِلٍ بَيْنَ الِاسْتِخْدَامِ وَالْإِذْنِ بِالتِّجَارَةِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَذِنَ بِتَصَرُّفٍ مُكَرَّرٍ صَرِيحًا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِ لِي ثَوْبًا وَبِعْهُ أَوْ قَالَ: بِعْ هَذَا الثَّوْبَ وَاشْتَرِ بِثَمَنِهِ، أَوْ دَلَالَةً كَأَدِّ إلَيَّ الْغَلَّةَ كُلَّ شَهْرٍ أَوْ أَدِّ إلَيَّ أَلْفًا وَأَنْتَ حُرٌّ، فَإِنَّهُ طَلَبَ مِنْهُ الْمَالَ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّكَسُّبِ وَهُوَ دَلَالَةُ التَّكْرَارِ وَلَوْ قَالَ: أَقْعِدْ صَبَّاغًا أَوْ قَصَّارًا،؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ بِشِرَاءِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ دَلَالَةً، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْأَنْوَاعِ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْعَمَلِ الْمَذْكُورِ كَانَ ذَلِكَ إذْنًا، وَإِنْ أَذِنَ بِتَصَرُّفٍ غَيْرِ مُكَرَّرٍ كَطَعَامِ أَهْلِهِ وَكِسْوَتِهِمْ لَا يَكُونُ إذْنًا كَمَا قَرَّرْنَاهُ. وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ صَرَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
فَإِنْ قُلْت: يُنْتَقَضُ هَذَا الْأَصْلُ بِمَا إذَا غَصَبَ الْعَبْدُ مَتَاعًا، وَأَمَرَهُ مَوْلَاهُ بِبَيْعِهِ فَإِنَّهُ إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ بِعَقْدٍ مُكَرَّرٍ. قُلْت: أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْعَقْدِ الْمُكَرَّرِ دَلَالَةً، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ بِبَيْعِ الْمَغْصُوبِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ؛ وَالْإِذْنُ قَدْ صَدَرَ مِنْهُ صَرِيحًا فَإِذَا بَطَلَ التَّقْيِيدُ ظَهَرَ الْإِطْلَاقُ اهـ وَكَلَامُ الْهِدَايَةِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْفَاصِلَ هُوَ التَّصَرُّفُ النَّوْعِيُّ وَالشَّخْصِيُّ وَالْإِذْنُ بِالْأَوَّلِ إذْنٌ دُونَ الثَّانِي فَتَأَمَّلْ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَكَلَامُ الْوِقَايَةِ يُفِيدُهُ اهـ
(قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ الْإِذْنُ دَلَالَةً إلَخْ) فِي الْحَقَائِقِ إنَّمَا يُجْعَلُ سُكُوتُ الْمَوْلَى إذْنًا إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ مَا يُوجِبُ نَفْيَ الْإِذْنِ حَالَةَ السُّكُوتِ كَقَوْلِهِ: إذَا رَأَيْتُمْ عَبْدِي يَتَّجِرُ فَسَكَتَ، فَلَا إذْنَ لَهُ بِالتِّجَارَةِ، ثُمَّ رَآهُ يَتَّجِرُ فَسَكَتَ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ فَعَبْدٌ رَآهُ سَيِّدُهُ إلَخْ) عَبْدٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَأْذُونٌ، وَسَاغَ الِابْتِدَاءُ بِهِ لِوُقُوعِهِ مَوْصُوفًا وَأَفَادَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّهُ إذَا رَأَى أَجْنَبِيًّا يَبِيعُ مَالَهُ وَسَكَتَ، فَإِنَّ سُكُوتَهُ لَا يَكُونُ إذْنًا لَهُ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ وَصَاحِبُهُ يَنْظُرُ وَهُوَ سَاكِتٌ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالضَّمَانِ اهـ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَلْيَنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ وَلَوْ شَقَّ زِقَّ غَيْرِهِ فَسَالَ مَا فِيهِ وَهُوَ سَاكِتٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ رِضًا. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى الْإِتْلَافِ الْغَيْرِ الْمُمْكِنِ تَدَارُكُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ بَزَّازِيَّةٌ) عِبَارَتُهَا وَإِنْ رَآهُ يَشْتَرِي وَيَبِيعُ فَسَكَتَ فَأَذِنَ إلَّا أَنْ يَنْهَاهُ وَلَكِنَّهُ فِيمَا بَاعَ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ بِالنُّطْقِ اهـ (قَوْلُهُ وَدُرَرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ) فِي عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ اضْطِرَابٌ، فَإِنَّهُ قَالَ أَوَّلَ الْبَابِ: رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ، فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا، وَقَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ وَلَوْ رَآهُ فِي حَانُوتِهِ فَسَكَتَ حَتَّى بَاعَ مَتَاعًا كَثِيرًا كَانَ إذْنًا، وَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْمَوْلَى بَيْعُ الْعَبْدِ ذَلِكَ الْمَتَاعَ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَفَعَ إلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَتَاعًا لِيَبِيعَهُ فَبَاعَ فَرَآهُ الْمَوْلَى وَلَمْ يَنْهَهُ كَانَ إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ اهـ حَمَوِيٌّ.
أَقُولُ: لَا اضْطِرَابَ فِي كَلَامِهِ، فَإِنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ إذْنًا فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ، فَلَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ صَارَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ بَعْدَهُ كَمَا فَسَّرَهُ كَلَامُهُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ، وَإِنَّمَا نَفَذَ الْبَيْعُ فِي مَتَاعِ الْأَجْنَبِيِّ لِإِذْنِهِ أَيْ الْأَجْنَبِيِّ فِيهِ وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مَا فِي شَرْحِ الْبِيرِيِّ عَنْ الْبَدَائِعِ: رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ صَارَ مَأْذُونًا عِنْدَنَا إلَّا فِي الْبَيْعِ الَّذِي صَادَفَهُ السُّكُوتُ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ الطُّورِيَّ وُفِّقَ كَذَلِكَ مُسْتَدِلًّا بِعِبَارَةِ الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا، وَاعْتَرَضَ عَلَى الزَّيْلَعِيِّ حَيْثُ قَالَ:
لَكِنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِالتَّسْوِيَةِ ابْنُ الْكَمَالِ وَصَاحِبُ الْمُلْتَقَى وَرَجَّحَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ أَوْلَى بِمَا فِي كُتُبِ الْفَتَاوَى فَلْيُحْفَظْ (وَيَشْتَرِي) مَا أَرَادَ (وَسَكَتَ) السَّيِّدُ (مَأْذُونٌ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْلَى قَاضِيًا أَشْبَاهٌ وَلَكِنْ (لَا) يَكُونُ مَأْذُونًا (فِي) بَيْعِ (ذَلِكَ الشَّيْءِ) أَوْ شِرَائِهِ فَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْمَوْلَى بَيْعُ ذَلِكَ الْمَتَاعِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ
ــ
[رد المحتار]
وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ عَيْنًا مَمْلُوكًا لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا هَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ: إذَا رَأَى عَبْدًا يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا اهـ فَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ فَهِمَ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ الْهِدَايَةِ وَالْخَانِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: وَكَيْفَ يَجُوزُ حَمْلُ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَمْ يَجُزْ حَتَّى يَأْذَنَ بِالنُّطْقِ مَعْنَاهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ الْبَيْعُ بِخُصُوصِهِ عَلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ صَارَ الْعَبْدُ بِهِ مَأْذُونًا، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ لَمْ يَكُنْ إذْنًا لَهُ كَمَا فَهِمَهُ الْمُحَشِّي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كَوْنِهِ مَأْذُونًا بَيْنَ كُلِّ الْمَبِيعِ مِلْكًا لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا الْفَرْقُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ الْبَيْعِ الَّذِي صَادَفَهُ السُّكُوتُ، فَإِنْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ جَازَ وَإِنْ لِلْمَوْلَى فَلَا إلَّا بِالنُّطْقِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَإِنَّهُ مِنْ مَزَالِّ أَقْدَامِ الْأَفْهَامِ (قَوْلُهُ لَكِنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ) أَيْ كَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ كَمَا سَمِعْت عِبَارَتَهُ وَالِاسْتِدْرَاكُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ مُخَالَفَةِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ فِي أَنَّهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا بَعْدَ السُّكُوتِ مُطْلَقًا.
وَإِنَّمَا أَفَادَ فِي الْخَانِيَّةِ شَيْئًا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ بِخُصُوصِهِ أَوْ مِلْكًا لِلْمَوْلَى وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ) أَيْ رَجَّحَ مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَابْنُ الْكَمَالِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ مَالِ الْمَوْلَى وَغَيْرِهِ. وَنَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ أَثَرَ الْإِذْنِ يَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، لَا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ وَغَابَ عَنْهُ أَنَّهُ مُرَادُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ وَعَلَى مَا مَرَّ، فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَبَيْنَ مَا فِي الْفَتَاوَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ (قَوْلُهُ وَيَشْتَرِي مَا أَرَادَ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ بِقَرِينَةِ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ أَوْ شِرَائِهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْمِيمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشِّرَاءِ مَا يَعُمُّ أَنْوَاعَ الْمُشْتَرَى وَلَوْ مُحَرَّمًا وَلِذَلِكَ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَيَشْتَرِي وَلَوْ كَانَ خَمْرًا ط (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْلَى قَاضِيًا) قَالَ الْحَمَوِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَقَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي الرَّمْزِ: ظَهَرَ لِي فِي تَوْجِيهِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ مِمَّنْ لَا يُبَاشِرُ الْأَعْمَالَ بِنَفْسِهِ، فَلَا يَدُلُّ مَعَ تَكْرَارِ الْأَعْمَالِ مِنْ عَبْدِهِ عَلَى إذْنِهِ لِقُوَّةِ احْتِمَالِ التَّوْكِيلِ اهـ فَأَفَادَ هَذَا التَّعْلِيلُ أَنَّ الْقَاضِيَ ذُكِرَ لِلتَّمْثِيلِ فَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَنْ لَا يُبَاشِرُ الْأَعْمَالَ بِنَفْسِهِ. وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ أَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ الظَّهِيرِيَّةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَذَكَرَهَا قَاضِي خَانْ لَا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ الْقَاضِي: إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا اهـ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ إطْلَاقَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى قَاضِيًا أَوْ لَا، وَأَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى اهـ وَأَقَرَّهُ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ.
وَأَقُولُ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي ذَلِكَ التَّصَرُّفِ الَّذِي صَادَفَهُ السُّكُوتُ، كَمَا أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِهِ الْمَارِّ كَمَا عَلِمْت فَيَكُونُ مَأْذُونًا بَعْدَهُ وَعَلَيْهِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمَقْدِسِيَّ يَصْلُحُ وَجْهًا لِتَنْصِيصِهِ عَلَى الْقَاضِي، مَعَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ السَّابِقِ، يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ عَبْدِ الْقَاضِي كَغَيْرِهِ وَإِنْ قَوِيَ احْتِمَالُ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْهُ، فَلَا يُنَافِي إطْلَاقَ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا فَعَلَ فِي الْأَشْبَاهِ: ثُمَّ رَأَيْت الطُّورِيَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ وَفَهِمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ أَنَّ سُكُوتَ الْقَاضِي لَا يَكُونُ إذْنًا بِخِلَافِ سُكُوتِ الْمَوْلَى كَمَا فَهِمَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الْفَهْمَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ كَفَهْمِ الزَّيْلَعِيِّ الْمَارِّ وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَاهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا بَاعَ مِلْكَ
أَنْ يَصِيرَ مَأْذُونًا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مَأْذُونًا وَهُوَ بَاطِنٌ.
قُلْت: لَكِنْ قَيَّدَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ مَعْزِيًّا لِلذَّخِيرَةِ بِالْبَيْعِ دُونَ الشِّرَاءِ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ. أَيْ فَيَصِحُّ فِيهِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَيُفْتَقَرُ إلَى الْفَرْقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
(وَ) يَثْبُتُ (صَرِيحًا فَلَوْ أَذِنَ مُطْلَقًا) بِلَا قَيْدٍ (صَحَّ كُلُّ تِجَارَةٍ مِنْهُ إجْمَاعًا) أَمَّا لَوْ قَيَّدَ فَعِنْدَنَا يَعُمُّ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (فَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ) خِلَافًا لَهُمَا
ــ
[رد المحتار]
الْأَجْنَبِيِّ، وَحِينَئِذٍ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ سُكُوتُ السَّيِّدِ إذْنًا فِي بَيْعِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، حَتَّى يَصِحَّ نَفْيُهُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: فَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْمَوْلَى بَيْعُ ذَلِكَ الْمَتَاعِ، لَكِنَّهُ شَرْحٌ لَا يُطَابِقُ الْمَشْرُوحَ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُبْرِزَهُ فِي قَالِبِ الِاعْتِرَاضِ ح.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّ عَدَمَ كَوْنِهِ مَأْذُونًا فِي بَيْعِ ذَلِكَ الشَّيْءِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَوْ بَاعَ مِلْكَ الْمَوْلَى أَمَّا لَوْ بَاعَ مِلْكَ الْأَجْنَبِيِّ بِإِذْنِهِ نَفَذَ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَنَفَاذُهُ لَا بِسُكُوتِ الْمَوْلَى بَلْ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْمَتَاعِ وَهَلْ الْعُهْدَةُ عَلَى الْعَبْدِ، أَوْ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ ذَخِيرَةٌ وتتارخانية لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ السِّرَاجِ يُفِيدُ عَدَمَ الْفَرْقِ، فَإِنَّهُ قَالَ وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ صَارَ مَأْذُونًا، وَلَا يَجُوزُ هَذَا التَّصَرُّفُ الَّذِي شَاهَدَهُ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ بِالْقَوْلِ، سَوَاءٌ كَانَ مَا بَاعَهُ لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ وَيَصِيرُ مَأْذُونًا فِيمَا يَتَصَرَّفُ بَعْدَ هَذَا اهـ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ التَّعْمِيمُ إلَى قَوْلِهِ صَارَ مَأْذُونًا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مَأْذُونًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْإِذْنُ إلَّا إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِحَضْرَتِهِ لَا قَبْلَهُ فَبِالضَّرُورَةِ يَكُونُ ذَلِكَ الْبَيْعُ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ فَلَا يَنْفُذُ (قَوْلُهُ وَهُوَ بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَقَدُّمُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ مَعْزِيًّا لِلذَّخِيرَةِ) نَصُّ عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ هَكَذَا، وَإِذَا رَأَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي بِمَالِهِ يَعْنِي بِمَالِ الْمَوْلَى فَلَمْ يَنْهَهُ فَهَذَا مِنْ الْمَوْلَى إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَمَا اشْتَرَاهُ فَهُوَ لَازِمٌ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَرِدَّ مَالَهُ ثُمَّ إذَا اسْتَرَدَّ الْمَوْلَى مَالَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ عَرَضًا أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ اهـ. (قَوْلُهُ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَالِ بِالْبَاءِ بَدَلٍ مِنْ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ فَيَفْتَقِرُ إلَى الْفَرْقِ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْفَاءِ ط وَلَعَلَّ الْفَرْقَ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْفُضُولِيِّ مِنْ أَنَّ الشِّرَاءَ أَسْرَعُ نَفَاذًا فَتَأَمَّلْ ح.
قُلْت: وَفِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ يَنْفُذُ عَلَى الْمَوْلَى لِدُخُولِ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ وَفِي صُورَةِ الْبَيْعِ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهِ لِزَوَالِ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِهِ اهـ وَنَقَلَ مِثْلَهُ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْبَدَائِعِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ فِي كُلٍّ إدْخَالًا وَإِخْرَاجًا. أَقُولُ: إنْ كَانَ الثَّمَنُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لَا يُشْكِلُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، بَلْ تَجِبُ فِي الذِّمَّةِ وَلِذَا لَوْ اسْتَرَدَّ الْمَوْلَى لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمَا فَيُشْكِلُ،؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُقَايَضَةٍ وَالثَّمَنُ فِيهَا مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَاعَ مِلْكَ الْمَوْلَى، وَقَدْ مَرَّ غَيْرُ مَرَّةٍ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ مَأْذُونًا بَعْدَهُ وَجَوَابُهُ: أَنَّ اللَّازِمَ مَا اشْتَرَاهُ الْعَبْدُ، وَأَمَّا مَا دَفَعَهُ مِنْ مِلْكِ الْمَوْلَى فَلَمْ يَنْفُذْ عَلَى الْمَوْلَى، وَلِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ فَإِذَا أَجَازَ مَا صَنَعَ الْعَبْدُ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ نَفَذَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَصَارَ مَأْذُونًا فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالسَّابِقَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي
(قَوْلُهُ بِلَا قَيْدٍ) بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، وَلَا بِنَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ صَحَّ كُلُّ تِجَارَةٍ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ قَيَّدَ) أَيْ بِنَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ أَوْ بِوَقْتٍ أَوْ بِمُعَامَلَةِ شَخْصٍ زَيْلَعِيٌّ، أَوْ بِمَكَانٍ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا لَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ كَالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ لَا يَكُونُ مَأْذُونًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) أَيْ وَلِزُفَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَوْكِيلٌ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَنَا إسْقَاطٌ ط كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ أَوْ أَطْلَقَ لَهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) وَعَلَى
(وَيُوَكَّلُ بِهِمَا وَيَرْهَنُ وَيَرْتَهِنُ وَيُعِيرُ الثَّوْبَ وَالدَّابَّةَ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَادَةِ التُّجَّارِ
(وَيُصَالِحُ عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ عَلَى عَبْدِهِ وَيَبِيعُ مِنْ مَوْلَاهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَ) أَمَّا (بِأَقَلَّ) مِنْهَا فَ (لَا وَ) يَبِيعُ (مَوْلَاهُ مِنْهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ وَلِلْمَوْلَى حَبْسُ الْمَبِيعِ لِقَبْضِ ثَمَنِهِ) مِنْ الْعَبْدِ (وَيَبْطُلُ الثَّمَنُ) خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ شَارِحُ الْمَجْمَعِ مَعْزِيًّا لِلْمُحِيطِ (لَوْ سَلَّمَ) الْمَبِيعَ (قَبْلَ قَبْضِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَخَرَجَ مَجَّانًا حَتَّى لَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا لَمْ يَبْطُلْ لِتَعَيُّنِهِ بِالْعَقْدِ، وَهَذَا كُلُّهُ لَوْ الْمَأْذُونُ مَدْيُونًا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ نِهَايَةٌ (وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ حَطَّ الزَّائِدَ أَوْ فَسْخَ الْعَقْدَ) أَيْ يُؤْمَرُ السَّيِّدُ بِأَنْ يَفْعَلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا
ــ
[رد المحتار]
هَذَا الْخِلَافِ بَيْعُ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ الْمَأْذُونِ لَهُمَا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُوَكَّلُ بِهِمَا) أَيْ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ زَادَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى، وَيُسَلِّمُ وَيَقْبَلُ السَّلَمَ وَفِي التَّبْيِينِ وَلَهُ الْمُضَارَبَةُ أَخْذًا وَدَفْعًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَادَةِ التُّجَّارِ) يَصْلُحُ عِلَّةً لِلْجَمِيعِ حَتَّى لِلْغَبْنِ الْفَاحِشِ، فَإِنَّهُ مِنْ صَنِيعِهِمْ اسْتِجْلَابًا لِلْقُلُوبِ وَيَبِيعُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فِي صَفْقَةٍ، وَيَرْبَحُ فِي أُخْرَى كَمَا فِي التَّبْيِينِ، وَفِيهِ لَوْ مَرِضَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ وَحَابَى فِيهِ يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَإِنْ كَانَ فَمِنْ جَمِيعِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ فِي الْحُرِّ عَلَى الثُّلُثِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ وَلَا وَارِثَ لِلْعَبْدِ وَالْمَوْلَى رَضِيَ بِسُقُوطِ حَقِّهِ بِالْإِذْنِ، بِخِلَافِ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي أَدِّ جَمِيعَ الْمُحَابَاةِ وَإِلَّا فَرُدَّ الْمَبِيعَ كَمَا فِي الْحُرِّ وَهَذَا لَوْ الْمَوْلَى صَحِيحًا، وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ مُحَابَاةُ الْعَبْدِ إلَّا مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَوْلَى،؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى بِاسْتِدَامَةِ الْإِذْنِ بَعْدَمَا مَرِضَ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فَصَارَ تَصَرُّفُهُ كَتَصَرُّفِهِ وَالْفَاحِشُ مِنْ الْمُحَابَاة وَغَيْرِ الْفَاحِشِ فِيهِ سَوَاءٌ فَلَا يَنْفُذُ الْكُلُّ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ اهـ مُلَخَّصًا
(قَوْلُهُ وَيُصَالِحُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِبَدَلِ الصُّلْحِ وَلَهُ الشِّرَاءُ ط (قَوْلُهُ فَلَا) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تُهْمَةً فَلَا يَجُوزُ هَذَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ تَعَلَّقَ بِالْمَالِيَّةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْطِلَ حَقَّهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا حَابَى الْأَجْنَبِيَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ،؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِيهِ، وَقَالَا يَجُوزُ وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، وَلَكِنْ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ أَنْ يُزِيلَ الْغَبْنَ أَوْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِهِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ أَصْلًا عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ عَلَى أَصْلِهِمَا لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَهُوَ آذِنٌ فِيمَا يَشْتَرِيهِ بِنَفْسِهِ غَيْرَ أَنَّ إزَالَةَ الْمُحَابَاةِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ. وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ قِيلَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَالْأَصَحُّ أَنْ قَوْلَهُ كَقَوْلِهِمَا فَصَارَ تَصَرُّفُهُ مَعَ مَوْلَاهُ كَتَصَرُّفِ الْمَرِيضِ الْمَدْيُونِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْغَبْنُ الْفَاحِشُ وَالْيَسِيرُ سَوَاءٌ عِنْدَهُ كَقَوْلِهِمَا زَيْلَعِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ الثَّمَنُ) وَإِذَا بَطَلَ الثَّمَنُ صَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَمُرَادُهُ بِبُطْلَانِ الثَّمَنِ بُطْلَانُ تَسْلِيمِهِ وَالْمُطَالَبَةُ بِهِ وَلِلْمَوْلَى اسْتِرْجَاعُ الْمَبِيعِ جَوْهَرَةٌ، لَكِنْ فِي التَّبْيِينِ بَعْدَمَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُ الْعَبْدَ بِشَيْءٍ،؛ لِأَنَّهُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ سَقَطَ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ وَإِنْ عِنْدَهُمَا تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِعَيْنِهِ فَكَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ إلَى أَنْ قَالَ: هَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ إنْ كَانَ قَائِمًا وَيَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ اهـ. وَكَذَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ بُطْلَانُ الثَّمَنِ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ هَذَا: إذَا اسْتَهْلَكَ الْعَبْدُ الْمَبِيعَ فَلَوْ قَائِمًا فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَرِدَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ شَارِحُ الْمَجْمَعِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ الثَّمَنُ وَإِنْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ الْبَيْعَ وَيَتَأَخَّرَ وُجُوبُ الثَّمَنِ دَيْنًا كَمَا تَأَخَّرَ فِي الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ إلَى وَقْتِ سُقُوطِهِ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ اهـ كَلَامُ شَارِحِ الْمَجْمَعِ. وَرَأَيْت بِهَامِشِهِ مَا نَصُّهُ: فِيهِ نَظَرٌ،؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُحِيطِ إنَّمَا حَكَمَ بِصِحَّةِ الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْبَيْعِ مِنْ الْعَبْدِ لَا بِعَدَمِ سُقُوطِ الثَّمَنِ عَنْهُ عَلَى تَقْدِيرِ بَيْعِ مَوْلَاهُ مِنْهُ كَمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ ح
(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ دَيْنٌ، وَبَيَانٌ لِمَفْهُومِهِ،؛ لِأَنَّ الْعَرَضَ لَمَّا تَعَيَّنَ بِالْعَقْدِ مَلَكَهُ بِعَيْنِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَيْنُ مِلْكِهِ فِي يَدِ عَبْدِهِ وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ مَوْلَاهُ وَعَكْسُهُ بِالْقِيمَةِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ) لِعَدَمِ
لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ (فِيمَا كَانَ مِنْ التِّجَارَةِ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِحَقٍّ مَا (وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مَوْلَاهُ) وَلَوْ مَحْجُورًا لَا تُقْبَلُ يَعْنِي لَا تُقْبَلُ عَلَى مَوْلَاهُ بَلْ عَلَيْهِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَوْ حَضَرَا مَعًا فَإِنَّ الدَّعْوَى بِاسْتِهْلَاكِ مَالٍ أَوْ غَصْبِهِ قَضَى عَلَى الْمَوْلَى وَإِنْ بِاسْتِهْلَاكِ وَدِيعَةٍ أَوْ بِضَاعَةٍ عَلَى الْمَحْجُورِ تُسْمَعُ عَلَى الْعَبْدِ.
وَقِيلَ عَلَى الْمَوْلَى وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ بِحَقٍّ لَمْ يَقْضِ عَلَى الْمَوْلَى مُطْلَقًا وَتَمَامُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ
(وَيَأْخُذُ الْأَرْضَ إجَارَةً وَمُسَاقَاةً وَمُزَارَعَةً وَيَشْتَرِي بَذْرًا يَزْرَعُهُ) وَيُؤَاجِرُ وَيُزَارِعُ (وَيُشَارِكُ عِنَانًا) لَا مُفَاوَضَةً
ــ
[رد المحتار]
الْفَائِدَةِ،؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَالُ الْمَوْلَى وَلَا حَقَّ فِيهِ لِغَيْرِهِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فِيمَا كَانَ مِنْ التِّجَارَةِ) لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ وَقَالَ ط: لَمْ أَرَ مَفْهُومَ التَّقْيِيدِ بِهِ، وَلَعَلَّهُ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ لِلْأَكْلِ أَوْ لِلُّبْسِ فَإِنَّهُ لَا فَسْخَ فِيهِ وَحَرِّرْهُ اهـ (قَوْلُهُ بِحَقٍّ مَا) كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَشِرَاءٍ أَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِغَصْبٍ أَوْ اسْتِهْلَاكٍ وَدِيعَةٍ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ عِمَادِيَّةٌ. أَيْ وَيُؤَاخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَالِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ يَعْنِي لَا تُقْبَلُ عَلَى مَوْلَاهُ) حَتَّى لَا يُخَاطَبَ الْمَوْلَى بِبَيْعِ الْعَبْدِ عِمَادِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَضَرَا) أَيْ الْمَوْلَى وَالْمَحْجُورُ (قَوْلُهُ قُضِيَ عَلَى الْمَوْلَى) فَيُخَاطَبُ بِبَيْعِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَحْجُورِ) مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ تُسْمَعُ عَلَى الْعَبْدِ) أَيْ فَيُؤَاخَذُ بَعْدَ عِتْقِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى الْمَوْلَى) قَائِلُهُ أَبُو يُوسُفَ وَالْأَوَّلُ قَوْلُهُمَا كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ لَكِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَحَضَرَهُ الْمَوْلَى شَرْطٌ إلَّا عِنْدَ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ) أَيْ الْمَحْجُورِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالْمُضْمَرِ مَكَانَ الْمُظْهَرِ أَمَّا إقْرَارُ الْمَأْذُونِ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّهَا تُقْبَلُ عَلَى الْمَوْلَى وَسَيَأْتِي لَهُ تَتِمَّةٌ (قَوْلُهُ لَمْ يَقْضِ عَلَى الْمَوْلَى) أَيْ بَلْ يُؤَخَّرُ إلَى عِتْقِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَوَّلَ كِتَابِ الْحَجْرِ لَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِمَالٍ أُخِّرَ إلَى عِتْقِهِ لَوْ لِغَيْرِ مَوْلَاهُ، وَلَوْ لَهُ هَدْرٌ وَبِحَدٍّ وَقَوَدٍ أُقِيمَ فِي الْحَالِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالْمَحْجُورُ يُؤَاخَذُ بِأَفْعَالِهِ لَا بِأَقْوَالِهِ إلَّا فِيمَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِهِ كَالْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ. وَحَضْرَةُ الْمَوْلَى لَا تُشْتَرَطُ، وَلَوْ أَتْلَفَ مَالًا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ، أَمَّا الْإِقْرَارُ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُ الدَّفْعَ أَوْ الْفِدَاءَ لَا يَصِحُّ مَحْجُورًا أَوْ مَأْذُونًا، وَإِقْرَارُ الْمَحْجُورِ بِالدَّيْنِ وَالْغَصْبِ وَعَيْنِ مَالٍ لَا يَصِحُّ وَفِي الْمَأْذُونِ يَصِحُّ وَيُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِمَهْرِ امْرَأَتِهِ أَوْ صَدَقَةٍ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا عِمَادِيَّةٌ
(قَوْلُهُ وَمُزَارَعَةً) فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَيَأْخُذُهَا مُزَارَعَةً وَيَدْفَعُهَا مُطْلَقًا كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُ أَوْ لَا اهـ. وَهِيَ فِي الْمَعْنَى إيجَارٌ أَوْ اسْتِئْجَارٌ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهَا فَكَانَتْ مِنْ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ وَيُؤَاجِرُ وَيُزَارِعُ) يَعْنِي لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْأَرْضَ إجَارَةً وَمُزَارَعَةً (قَوْلُهُ وَيُشَارِكُ عِنَانًا) قَالَ فِي النِّهَايَةِ شَرِكَةُ الْعِنَانِ إنَّمَا تَصِحُّ مِنْهُ إذَا اشْتَرَكَ مُطْلَقًا عَنْ ذِكْرِ الشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ، أَمَّا لَوْ اشْتَرَكَ الْعَبْدَانِ الْمَأْذُونَانِ شَرِكَةَ عِنَانٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ مِنْ ذَلِكَ النَّسِيئَةُ، وَجَازَ النَّقْدُ،؛ لِأَنَّ فِي النَّسِيئَةِ مَعْنَى الْكَفَالَةِ عَنْ صَاحِبِهِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُمَا الْمَوْلَيَانِ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى الشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا لَوْ أَذِنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْلَاهُ بِالْكَفَالَةِ أَوْ التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَإِذَا أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى بِشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ، فَلَا تَجُوزُ الْمُفَاوَضَةُ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْمَوْلَى بِالْكَفَالَةِ لَا يَجُوزُ فِي التِّجَارَاتِ كَذَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ.
أَقُولُ: يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الذَّخِيرَةِ آخِرًا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَأْذُونُ مَدْيُونًا ح (قَوْلُهُ لَا مُفَاوَضَةً) لِعَدَمِ مِلْكِهِ
وَيَسْتَأْجِرُ وَيُؤَجِّرُ وَلَوْ نَفْسَهُ وَيُقِرُّ بِوَدِيعَةٍ وَغَصْبٍ وَدَيْنٍ وَلَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ (لِغَيْرِ زَوْجٍ وَوَلَدٍ وَوَالِدٍ) وَسَيِّدٍ فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَهُمْ بِالدَّيْنِ بَاطِلٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا دُرَرٌ وَلَوْ بِعَيْنٍ صَحَّ إنْ لَمْ يَكُنْ مَدْيُونًا وَهْبَانِيَّةٌ
(وَيُهْدِي طَعَامًا يَسِيرًا)
ــ
[رد المحتار]
الْكَفَالَةَ فَمُفَاوَضَتُهُ تَنْقَلِبُ عِنَانًا بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَيَسْتَأْجِرُ وَيُؤَجِّرُ) أَيْ يَسْتَأْجِرُ أُجَرَاءَ. وَيُؤَجِّرُ غِلْمَانَهُ وَيَسْتَأْجِرُ الْبُيُوتَ وَالْحَوَانِيتَ، وَيُؤَجِّرُهَا لِمَا فِيهَا مِنْ تَحْصِيلِ الْمَالِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَفْسَهُ) أَتَى بِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ خِلَافَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله (قَوْلُهُ وَيُقِرُّ بِوَدِيعَةٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ لَمْ يُعَامِلْهُ أَحَدٌ زَيْلَعِيٌّ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْمَأْذُونَ بِالتِّجَارَةِ مَأْذُونٌ بِأَخْذِ الْوَدِيعَةِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ فِي وَدِيعَةِ الْحَقَائِقِ خِلَافُهُ قُهُسْتَانِيٌّ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا أَقَرَّ لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ، وَمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا وَمَا إذَا كَانَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ صِحَّةِ مَوْلَاهُ أَوْ مَرَضِهِ وَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِذَا أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ بِدَيْنٍ أَوْ بِعَيْنٍ لِرَجُلٍ جَازَ بِقَدْرِ مَا فِي يَدِهِ فَقَطْ اهـ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ يَجُوزُ إلَّا فِيمَا أَخَذَهُ الْمَوْلَى مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ) أَيْ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ فِي صِحَّتِهِ فَلَوْ فِي الْمَرَضِ قَدَّمَ غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ كَمَا فِي حَقِّ الْحُرِّ. فَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا يَكُونُ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ مِنْ دُيُونِهِ وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِهِ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى أَوْ لَا وَمَا لَا يَكُونُ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ إلَّا بِتَصْدِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ كَالْمَحْجُورِ زَيْلَعِيٌّ وَالْأَوَّلُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ، وَالثَّانِي بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ. وَمِثَالُ الثَّانِي: إقْرَارُهُ بِمَهْرِ امْرَأَتِهِ أَوْ بِجِنَايَةٍ كَمَا مَرَّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَفِي الطُّورِيِّ عَنْ الْمَبْسُوطِ: لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِ مَوْلَاهُ فَعَلَى أَقْسَامٍ:
الْأَوَّلُ: لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ جُعِلَ كَأَنَّ الْمَوْلَى أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ وَيَبْدَأُ بِدَيْنِ الصِّحَّةِ. الثَّانِي: عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَوْلَى فِي صِحَّتِهِ فَإِقْرَارُ الْعَبْدِ بِهِ صَحِيحٌ،؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْجَرُ فِي مَرَضِ سَيِّدِهِ لَوْ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنُ صِحَّةٍ مُحِيطٍ بِمَالِهِ وَرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَمَا فِي يَدِهِ. الثَّالِثُ: عَلَى كُلِّ دَيْنِ صِحَّةٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ رَقَبَةُ الْعَبْدِ، وَمَا فِي يَدِهِ لَا يَفْضُلُ عَنْ دَيْنِهِ أَوْ يَفْضُلُ عَنْهُ لَا عَنْ دَيْنِ الْمَوْلَى، أَوْ يَفْضُلُ عَنْهُمَا. فَفِي الْأَوَّلِ: لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ،؛ لِأَنَّهُ شَاغِلٌ لِرَقَبَتِهِ وَمَا فِي يَدِهِ. وَفِي الثَّانِي: يَكُونُ الْفَاضِلُ لِغُرَمَاءِ صِحَّةِ الْمَوْلَى. وَفِي الثَّالِثِ: يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي ذَلِكَ الْفَاضِلِ، وَلَوْلَا دَيْنٌ عَلَى أَحَدِهِمَا فَأَقَرَّ الْمَوْلَى فِي مَرَضِهِ بِأَلْفٍ ثُمَّ الْعَبْدُ بِأَلْفٍ تَحَاصَّا فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَوَّلًا ثُمَّ الْمَوْلَى بُدِئَ بِدَيْنِ الْعَبْدِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ لِغَيْرِ زَوْجٍ إلَخْ) أَيْ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ لَهُ لَوْ كَانَ حُرًّا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَوَلَدٍ وَوَالِدٍ) قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: إذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ لِابْنِهِ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لِزَوْجَتِهِ وَهِيَ حَرَّةٌ أَوْ مُكَاتَبُ ابْنِهِ أَوْ لِعَبْدِ ابْنِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا فَإِقْرَارُهُ لِهَؤُلَاءِ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَفِي قَوْلِهِمَا جَازَ وَيُشَارِكُونَ الْغُرَمَاءَ فِي كَسْبِهِ ط (قَوْلُهُ وَسَيِّدٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ فَأَقَرَّ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ لِمَوْلَاهُ أَوْ لِابْنِ مَوْلَاهُ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لِعَبْدٍ تَاجِرٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا أَوْ لِمُكَاتَبِ مَوْلَاهُ أَوْ لِأُمِّ وَلَدِهِ فَإِقْرَارُهُ لِمَوْلَاهُ وَمُكَاتَبِهِ وَعَبْدِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ بَاطِلٌ، فَأَمَّا إقْرَارُهُ لِابْنِ مَوْلَاهُ أَوْ لِأَبِيهِ فَجَائِزٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَانَ إقْرَارُهُ جَائِزًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ اهـ ط
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِعَيْنٍ صَحَّ إلَخْ) فِي الْمَبْسُوطِ إذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِمَوْلَاهُ أَوْ لِعَبْدِ مَوْلَاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِمَوْلَاهُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا طُورِيٌّ، وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ اخْتِصَاصُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ بِالْمَوْلَى دُونَ زَوْجِ الْمُقِرِّ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ وَعِبَارَةُ الْوَهْبَانِيَّةِ:
بِمَا لَا يُعَدُّ سَرَفًا وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يُهْدِي مِنْ غَيْرِ الْمَأْكُولِ أَصْلًا ابْنُ كَمَالٍ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَالْمَحْجُورُ لَا يُهْدِي شَيْئًا وَعَنْ الثَّانِي: إذَا دَفَعَ لِلْمَحْجُورِ قُوتَ يَوْمِهِ فَدَعَا بَعْضَ رُفَقَائِهِ لِلْأَكْلِ مَعَهُ فَلَا بَأْسَ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ قُوتَ شَهْرٍ، وَلَا بَأْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَصَدَّقَ مِنْ بَيْتِ سَيِّدِهَا أَوْ زَوْجِهَا بِالْيَسِيرِ كَرَغِيفٍ وَنَحْوِهِ مُلْتَقًى، وَلَوْ عُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ الرِّضَا لَمْ يَجُزْ (وَيُضَيِّفُ مَنْ يُطْعِمُهُ) وَيَتَّخِذُ الضِّيَافَةَ الْيَسِيرَةَ بِقَدْرِ مَالِهِ
(وَيَحُطُّ مِنْ الثَّمَنِ بِعَيْبٍ قَدَرَ مَا يَحُطُّ التُّجَّارُ) وَيُحَابِي وَيُؤَجِّلُ مُجْتَبًى (وَلَا يَتَزَوَّجُ) إلَّا بِإِذْنٍ (وَلَا يَتَسَرَّى) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى
(وَلَا يُزَوِّجُ رَقِيقَهُ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُزَوِّجُ الْأَمَةَ
ــ
[رد المحتار]
وَإِقْرَارُهُ بِالْعَيْنِ لَا بِالدَّيْنِ جَائِزٌ
…
لِمَوْلَاهُ إلَّا حَيْثُمَا الدَّيْنُ يَظْهَرُ
وَلَوْ أَقَرَّ لِمَوْلَاهُ أَوْ عَبْدِهِ بِدَيْنٍ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ بَطَلَ إقْرَارُهُ، وَلَوْ بِعَيْنٍ فَلَا حَتَّى يَكُونَ الْمَوْلَى أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ وَلْوَالِجِيَّةٌ، وَفِيهَا أَقَرَّ لِابْنِ نَفْسِهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ مُكَاتَبٍ لِابْنِهِ لَمْ يَجُزْ شَيْءٌ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا عِنْدَ الْإِمَامِ اهـ فَقَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ شَيْءٌ يَشْمَلُ الدِّينَ وَالْعَيْنَ فَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ تَأَمَّلْ: ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ التَّعْلِيلَ لِقَوْلِ الْإِمَامِ بِأَنَّ إقْرَارَهُ لَهُمْ إقْرَارُ صُورَةٍ وَشَهَادَةُ مَعْنًى. وَشَهَادَتُهُ لَهُمْ غَيْرُ جَائِزَةٍ لَوْ كَانَ حُرًّا فَكَذَا إقْرَارُهُ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى صَاحِبِ الدُّرَرِ فِي تَقْيِيدِهِ بُطْلَانَ الْإِقْرَارِ لَهُمْ بِالدَّيْنِ بِأَنَّ الزَّيْلَعِيَّ أَطْلَقَهُ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ شَهَادَةُ مَعْنًى فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ إلَّا فِي الْمَوْلَى وَلِلَّهِ الْحَمْدُ
(قَوْلُهُ بِمَا لَا يُعَدُّ سَرَفًا) حَذَفَ الشَّارِحُ جُمْلَةً فِيهَا مُتَعَلِّقُ الْبَاءِ وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَلِهَذَا يَمْلِكُ إهْدَاءَ مَأْكُولٍ وَإِنْ زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ بِمَا لَا يُعَدُّ سَرَفًا فَإِنَّ الْبَاءَ مُتَعَلِّقَةٌ بِزَادَ ح (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الشِّحْنَةِ) حَيْثُ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: وَقَدْ عَلِمْت تَقْيِيدَهُمْ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الْهَدِيَّةِ بِالْمَأْكُولَاتِ فَيَحْتَاجُ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ فِي النَّظْمِ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ اهـ. قُلْت: وَمِثْلُهُ فِي التَّبْيِينِ وَصَرَّحَ بِهِ التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ فَقَالَ: وَلَا يَمْلِكُ الْإِهْدَاءَ بِمَا سِوَى الْمَأْكُولَاتِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ اهـ وَفِيهَا عَنْ الْأَصْلِ وَلَوْ وَهَبَ وَكَانَتْ شَيْئًا سِوَى الطَّعَامِ، وَقَدْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمًا فَصَاعِدًا لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَجَازَ الْمَوْلَى هِبَتَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ تُعْمَلُ إجَازَتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا لَا يَتَصَدَّقُ إلَّا بِدِرْهَمٍ فَمَا دُونَهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ قُوتَ شَهْرٍ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ أَكَلُوهُ قَبْلَ الشَّهْرِ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمَوْلَى هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ كَرَغِيفٍ وَنَحْوِهِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ عَنْهُ فِي الْعَادَةِ هِدَايَةٌ بَقِيَ لَوْ كَانَ فِي بَيْتِهِ مَنْ فِي مَقَامِ الْمَرْأَةِ كَحَاجِبِهِ وَغُلَامِهِ نَقَلَ ابْنُ الشِّحْنَةِ عَنْ ابْنِ وَهْبَانَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ فِي كَلَامِهِمْ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ قِيَاسًا عَلَيْهَا ثُمَّ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَمْنُوعَةً مِنْ التَّصَرُّفِ فِي بَيْتِهِ تَأْكُلُ مَعَهُ بِالْفَرْضِ وَلَا يُمَكِّنُهَا مِنْ طَعَامِهِ وَالتَّصَرُّفُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُجَوِّزَ لَهَا الصَّدَقَةَ وَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّهُ جَرَى الْعُرْفُ بِالتَّصَدُّقِ بِذَلِكَ مُطْلَقًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَالِهِ) أَيْ مَا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ، قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ عَنْ التَّتِمَّةِ حَتَّى رُوِيَ عَنْ ابْنِ سَلَمَةَ إذَا كَانَ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَاِتَّخَذَ ضِيَافَةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ تَكُونُ يَسِيرَةً وَإِنْ كَانَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَبِدَانَقٍ كَثِيرَةٍ فَيَنْظُرُ فِي الْعُرْفِ فِي قَدْرِ مَالِ التِّجَارَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَطْلَقَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُجِيبَ دَعْوَةَ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ اهـ. قُلْت: وَالْمَأْذُونُ بِالْأَوْلَى تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ بِعَيْبٍ) فَلَا يَحُطُّ بِدُونِهِ إذْ هُوَ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَيُحَابِي) أَيْ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ التَّاجِرُ قَدَّمْنَا عَنْ الزَّيْلَعِيِّ شَيْئًا مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْمُحَابَاةِ (قَوْلُهُ مُجْتَبًى) وَمِثْلُهُ فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَزَوَّجُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ، وَلِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى الْمَوْلَى بِوُجُوبِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةُ فِي رَقَبَتِهِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَسَرَّى) ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَكَ
(قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُزَوِّجُ الْأَمَةَ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَهْرِ وَسُقُوطِ النَّفَقَةِ فَأَشْبَهَ إجَارَتَهَا، وَلِهَذَا جَازَ لِلْمُكَاتَبِ وَوَصِيِّ الْأَبِ وَالْأَبِ. وَلَهُمَا أَنَّ الْإِذْنَ تَنَاوَلَ التِّجَارَةَ وَالتَّزْوِيجُ لَيْسَ مِنْهَا، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الِاكْتِسَابَ وَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالتِّجَارَةِ، وَكَذَا الْأَبُ
(وَلَا يُكَاتِبُهُ) إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْمَوْلَى وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَوِلَايَةُ الْقَبْضِ لِلْمَوْلَى (وَلَا يُعْتِقُ بِمَالِ) إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْمَوْلَى إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (وَلَا بِغَيْرِهِ وَلَا يُقْرِضُ وَلَا يَهَبُ وَلَوْ بِعِوَضٍ وَلَا يَكْفُلُ مُطْلَقًا) بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ (وَلَا يُصَالِحُ عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَا يَعْفُو عَنْ الْقِصَاصِ) وَيُصَالِحُ عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ عَلَى عَبْدِهِ خِزَانَةُ الْفِقْهِ
(وَكُلُّ دَيْنٍ وَجَبَ عَلَيْهِ بِتِجَارَةٍ أَوْ بِمَا هُوَ فِي مَعْنَاهَا) أَمْثِلَةُ الْأَوَّلِ (كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَاسْتِئْجَارٍ وَ) أَمْثِلَةُ الثَّانِي (غُرْمُ وَدِيعَةٍ وَغَصْبٌ وَأَمَانَةٌ جَحَدَهُمَا) عِبَارَةُ الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا جَحَدَهَا بِلَا مِيمٍ فَتَنَبَّهْ
(وَعُقْرٌ وَجَبَ بِوَطْءِ مَشْرِيَّةٍ
ــ
[رد المحتار]
وَالْجَدُّ وَالْوَصِيُّ، وَلِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ مُقَيَّدٌ بِالْأَنْظَرِ لِلصَّغِيرِ وَتَزْوِيجِ الْأَمَةِ مِنْ الْأَنْظَرِ وَعَلَى هَذَا الصَّرْفِ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونُ لَهُمَا وَالْمُضَارِبُ وَالشَّرِيكُ عِنَانًا وَمُفَاوَضَةً وَجَعَلَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَهُوَ سَهْوٌ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يُكَاتِبُهُ) ؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُ حُرِّيَّةَ الْيَدِ حَالًا وَالرَّقَبَةَ مَآلًا وَالْإِذْنُ لَا يُوجِبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَالشَّيْءُ لَا يَتَضَمَّنُ مَا هُوَ فَوْقَهُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْمَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ لَحِقَهُ، فَإِذَا أَجَازَهُ زَالَ الْمَانِعُ فَيَنْفُذُ (قَوْلُهُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ دَيْنًا مُسْتَغْرِقًا. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ لَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فَكِتَابَتُهُ بَاطِلَةٌ وَإِنْ أَجَازَهَا الْمَوْلَى، وَهَذَا مُشْكِلٌ، فَإِنْ مَا لَمْ يَسْتَغْرِقْ رَقَبَتَهُ وَمَا فِي يَدِهِ لَا يَمْنَعُ الدُّخُولَ فِي مِلْكِ الْمَوْلَى إجْمَاعًا، حَتَّى جَازَ لِلْمَوْلَى عِتْقُ مَا فِي يَدِهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمُسْتَغْرَقِ فَيُمْنَعُ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا اهـ.
قُلْت: وَأُجِيبَ بِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَوْ لَا بِأَنَّ غَيْرَ الْمُسْتَغْرِقِ يُمْنَعُ الدُّخُولَ أَيْضًا وَمَا ذَكَرَ قَوْلَهُ آخِرًا (قَوْلُهُ وَوِلَايَةُ الْقَبْضِ لِلْمَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ نَائِبٌ عَنْ الْمَوْلَى كَالْوَكِيلِ فَكَانَ قَبْضُ الْبَدَلِ لِمَنْ نَفَذَ الْعَقْدُ مِنْ جِهَتِهِ،؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ، فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقُ الْعَقْدِ كَالنِّكَاحِ بِخِلَافِ الْمُبَادَلَةِ الْمَالِيَّةِ، وَلَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْبَدَلَ إلَى الْمَوْلَى قَبْلَ الْإِجَازَةِ ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى لَا يُعْتَقُ وَسَلَّمَ الْمَقْبُوضَ إلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يُعْتِقُ) ؛ لِأَنَّهُ فَوْقَ الْكِتَابَةِ فَكَانَ أَوْلَى بِالِامْتِنَاعِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَوِلَايَةُ الْقَبْضِ لِلْمَوْلَى، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ هُنَا وَقَالَ: إلَّا أَنْ يُجِيزَهُمَا الْمَوْلَى إلَخْ كَمَا فَعَلَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى لَكَانَ أَخْصَرَ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَا يَنْفُذُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ مَا فِي يَدِهِ أَمْ لَا اهـ (قَوْلُهُ وَلَا بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مَالٍ وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْأَوَّلِ كَمَا لَا يَخْفَى مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْرِضُ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَهَبُ) قَدَّمْنَا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْأَصْلِ أَنَّهُ يَهَبُ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا دُونَ الدِّرْهَمِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً أَوْ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً زَيْلَعِيٌّ يَعْنِي لَوْ بِلَا عِوَضٍ وَلَا يُبْرِئُ؛ لِأَنَّهُ كَالْهِبَةِ دُرَرٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفُلُ) ؛ لِأَنَّهَا ضَرَرٌ مَحْضٌ دُرَرٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُصَالِحُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي رَقَبَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْإِذْنِ وَعَفْوِهِ تَبَرُّعٌ ط (قَوْلُهُ وَيُصَالِحُ عَنْ قِصَاصٍ إلَخْ) مُسْتَدْرَكٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ ح أَيْ تَقَدَّمَ مَتْنًا
(قَوْلُهُ وَأَمْثِلَةُ الثَّانِي) الْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِجَارَةٍ وَاسْتِئْجَارٍ؛ لِأَنَّهُمَا بِمَعْنَى التِّجَارَةِ الْوَدِيعَةِ وَمَا بَعْدَهُ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ وَأَمَانَةٌ) كَمُضَارَبَةٍ وَبِضَاعَةٍ وَعَارِيَّةٍ (قَوْلُهُ فَتَنَبَّهْ) لَعَلَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ أَحْسَنُ،؛ لِأَنَّ غُرْمَ الْغَصْبِ يَكُونُ بِلَا جُحُودٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِهِ، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ وَالْأَمَانَةِ فَإِنَّهُ إذَا جَحَدَهَا ضَمِنَهُمَا كَمَا إذَا اسْتَهْلَكَهُمَا لَكِنْ كَانَ الْأَحْسَنُ تَقْدِيمَ الْغَصْبِ عَلَى الْوَدِيعَةِ.
فَإِنْ قُلْت: قَدَّمْتُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ إقْرَارَ الْمَأْذُونِ بِالدَّيْنِ وَالْغَصْبِ وَعَيْنِ مَالٍ يَصِحُّ وَيُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلِمَ قَيَّدَ بِالْجُحُودِ. قُلْت: لِيَصِيرَ دَيْنًا فَيَدْخُلَ تَحْتَ قَوْلِهِ وَكُلُّ دَيْنٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا بِالْجُحُودِ وَإِنْ كَانَ مُؤَاخَذًا بِإِقْرَارِهِ بِالْعَيْنِ كَمَا قَدَّمَهُ.
فَإِنْ قُلْت: الْغَصْبُ عَيْنٌ. قُلْت: نَعَمْ قَبْلَ التَّعَدِّي عَلَيْهِ وَكَلَامُهُ فِي غُرْمِهِ وَلَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَهُ فَيَكُونُ دَيْنًا
(قَوْلُهُ وَعُقْرٌ إلَخْ) لِاسْتِنَادِهِ إلَى الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ لَوْلَا الشِّرَاءُ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لَا الْعُقْرُ، سَوَاءٌ وَجَبَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ الْبَيِّنَةِ كِفَايَةٌ
بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ) كُلُّ ذَلِكَ (يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ) كَدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ وَالْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ (يُبَاعُ فِيهِ) وَلَهُمْ اسْتِسْعَاؤُهُ أَيْضًا زَيْلَعِيٌّ وَمُفَادُهُ أَنَّ زَوْجَتَهُ لَوْ اخْتَارَتْ اسْتِسْعَاءَهُ لِنَفَقَةِ كُلِّ يَوْمٍ أَنْ يَكُونَ لَهَا ذَلِكَ أَيْضًا بَحْرٌ مِنْ النَّفَقَةِ (بِحَضْرَةِ مَوْلَاهُ) أَوْ نَائِبِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَفْدِيَهُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْكَسْبِ، فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِحُضُورِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ خَصْمٌ فِيهِ (وَيَقْسِمُ ثَمَنَهُ بِالْحِصَصِ وَ) يَتَعَلَّقُ (بِكَسْبٍ حَصَلَ قَبْلَ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ) وَيَتَعَلَّقُ (بِمَا وُهِبَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ) مَوْلَاهُ هَذَا قَيْدٌ لِلْكَسْبِ وَالْإِنْهَابِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ الْخَصْمُ فِي كَسْبِهِ، ثُمَّ إنَّمَا يَبْدَأُ بِالْكَسْبِ وَعِنْدَ عَدَمِهِ يُسْتَوْفَى مِنْ الرَّقَبَةِ.
ــ
[رد المحتار]
أَيْ فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الشِّرَاءِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالتَّزْوِيجِ فَلَيْسَ بِمَعْنَى التِّجَارَةِ قُهُسْتَانِيُّ (قَوْله بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ) مُتَعَلِّقٌ بِوَجَبَ لَا بِوَطْءِ ط (قَوْلُهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ظَهَرَ وُجُوبُهُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى دُرَرٌ وَاسْتَثْنَى فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ إجَارَةٍ مُنْيَةُ الْمُفْتِي مَا إذَا كَانَ أَجِيرًا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ: أَيْ فَإِنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِالْآذِنِ، وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ وَمَا قَالَهُ الْمَقْدِسِيَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ إذْ لَيْسَ بِمَأْذُونٍ بَلْ كَوَكِيلِ الْمُسْتَأْجِرِ بَحَثَ فِي مَعْرِضِ النَّقْلِ بِيرِيٌّ (قَوْلُهُ كَدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ) أَيْ كَدَيْنٍ تَرَتَّبَ بِذِمَّتِهِ بِسَبَبِ اسْتِهْلَاكِهِ لِشَيْءٍ آخَرَ ط (قَوْلُهُ يُبَاعُ فِيهِ) وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا بِرِضَا الْغُرَمَاءِ أَوْ بِأَمْرِ الْقَاضِي،؛ لِأَنَّ لِلْغُرَمَاءِ حَقَّ الِاسْتِسْعَاءِ لِيَصِلَ إلَيْهِمْ كَمَالُ حَقِّهِمْ، وَيَبْطُلُ ذَلِكَ بِبَيْعِ الْمَوْلَى فَاحْتِيجَ إلَى رِضَاهُمْ وَلْوَالِجِيَّةٌ وَفِيهَا: وَلَوْ بَاعَهُ الْقَاضِي لِمَنْ حَضَرُوا يَحْبِسُ حِصَّةَ مَنْ غَابَ مِنْ ثَمَنِهِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَا يُعَجِّلُ الْقَاضِي بِبَيْعِهِ بَلْ يَتَلَوَّمُ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ أَوْ دَيْنٌ يَقْتَضِيهِ، فَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ التَّلَوُّمِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَجْهٌ بَاعَهُ اهـ وَفِيهِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ ثُمَّ الْمَوْلَى يَبِيعُ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ لَهُ الْمَدْيُونُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالدَّيْنِ لَمْ يُجْعَلُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ بِالْقِيمَةِ، ويَبِيعُ الْعَبْدَ الْجَانِيَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ جُعِلَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ بِالْأَرْشِ،؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ هُنَا عَلَى الْعَبْدِ بِحَيْثُ لَا يَبْرَأُ بِالْعِتْقِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى شَيْءٌ وَلَوْ اخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ صَرِيحًا بِأَنْ قَالَ: أَنَا أَقْضِي دَيْنَهُ كَانَ عِدَّةً مِنْهُ تَبَرُّعًا، فَلَا يَلْزَمُهُ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ مُوجِبَهَا عَلَى الْمَوْلَى خَاصَّةً (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِاشْتِرَاطِ الْحَضْرَةِ، وَأَفَادَ أَنَّ بَيْعَهُ غَيْرُ حَتْمٍ بَلْ يُخَيَّرُ مَوْلَاهُ بَيْنَ الْبَيْعِ أَوْ الْفِدَاءِ أَيْ أَدَاءِ جَمِيعِ الدُّيُونِ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ أَدَاءَ قِيمَتِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ خَصْمٌ فِيهِ) أَيْ فِي كَسْبِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ فَإِذَا ادَّعَى رَقَبَتَهُ إنْسَانٌ كَانَ الْمَوْلَى هُوَ الْخَصْمُ دُونَ الْعَبْدِ، وَإِذَا ادَّعَى كَسْبَهُ فَالْعَبْدُ خَصْمٌ فِيهِ دُونَ الْمَوْلَى كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَيَقْسِمُ ثَمَنَهُ بِالْحِصَصِ) سَوَاءٌ ثَبَتَ الدَّيْنُ بِإِقْرَارِ الْعَبْدِ، أَوْ بِالْبَيِّنَةِ جَوْهَرَةٌ قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَلَوْ بَعْضُهُ مُؤَجَّلًا يُعْطَى أَرْبَابُ الْحَالِّ حِصَّتَهُمْ وَيُمْسِكُ حِصَّةَ صَاحِبِ الْأَجَلِ إلَى حُلُولِهِ.
قَالَ فِي الرَّمْزِ قُلْت: مَرَّ فِي الْمُفْلِسِ عَنْ الْيَنَابِيعِ أَنَّهُ يُعْطِي الْكُلَّ لِصَاحِبِ الْحَالِّ، فَإِذَا حَلَّ الْمُؤَجَّلُ قِيلَ لَهُ شَارَكَهُ وَهَذَا إذَا كَانَ كُلُّ الدَّيْنِ ظَاهِرًا وَلَوْ بَعْضَهُ لَمْ يَظْهَرْ وَلَكِنْ ظَهَرَ سَبَبُهُ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُبَاعُ، وَيَدْفَعُ لِلْغَرِيمِ قَدْرَ دَيْنِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِثْلَ الثَّمَنِ دَفَعَهُ كُلَّهُ، فَإِذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ دَابَّةٌ رَجَعَ صَاحِبُهَا عَلَى الْغَرِيمِ بِحَضْرَتِهِ يُضْرَبُ كُلٌّ بِمَا لَهُ اهـ حَمَوِيٌّ عَلَى الْكَنْزِ (قَوْله قَبْلَ الدَّيْنِ) أَيْ وَبَعْدَ الْإِذْنِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ وَقَوْلُهُ قَيَّدَ الْأُولَى أَنْ يَقُولَ تَعْمِيمٌ فِي الْكَسْبِ وَالِاتِّهَابِ ط لَكِنْ عَلَى جَعْلِهِ شَرْطًا مَحْذُوفَ الْجَوَابِ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ قُيُودٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْخَصْمُ فِي كَسْبِهِ) مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ قَبْلَهُ قَرِيبًا ط (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّمَا يَبْدَأُ بِالْكَسْبِ) ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ عَلَى الْمَوْلَى مَعَ إيفَاءِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ عَدَمِهِ)
قُلْت: وَأَمَّا الْكَسْبُ الْحَاصِلُ قَبْلَ الْإِذْنِ فَحَقٌّ لِلْمَوْلَى فَلَهُ أَخْذُهُ مُطْلَقًا. قَالَ شَيْخُنَا: وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ اكْتَسَبَ الْمَحْجُورُ شَيْئًا وَأَوْدَعَهُ عِنْدَ آخَرَ وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُودَعِ لِلْمَوْلَى تَضْمِينُهُ؛ لِأَنَّهُ كَمُودِعِ الْغَاصِبِ فَتَأَمَّلْهُ (لَا) يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ (بِمَا أَخَذَهُ مَوْلَاهُ مِنْهُ قَبْلَ الدَّيْنِ وَطُولِبَ) الْمَأْذُونُ (بِمَا بَقِيَ) مِنْ الدَّيْنِ زَائِدًا عَنْ كَسْبِهِ وَثَمَنِهِ (بَعْدَ عِتْقِهِ) وَلَا يُبَاعُ ثَانِيًا
(وَلِمَوْلَاهُ أَخْذُ غَلَّةِ مِثْلِهِ
ــ
[رد المحتار]
أَيْ أَصْلًا أَوْ عَدَمِ إيفَائِهِ ط (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) يَعْنِي سَوَاءٌ وَجَدَهُ فِي يَدِ الْعَبْدِ أَوْ فِي يَدِ الْغَرِيمِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْغَرِيمُ لِلْمَوْلَى أَنْ يَضْمَنَهُ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ كَوْنِ الْمَوْلَى أَحَقَّ بِكَسْبِ عَبْدِهِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ وَأَوْدَعَهُ) الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَحْجُورِ فَيُفِيدُ أَنَّ إيدَاعَهُ قَبْلَ الْإِذْنِ بِالتِّجَارَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ إيدَاعَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إيدَاعُ مَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ لِلْمَوْلَى تَضْمِينُهُ إلَخْ) أَقُولُ: مَا بَحَثَهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ حَيْثُ قَالَ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الرَّقِيقُ إذَا اكْتَسَبَهُ وَاشْتَرَى شَيْئًا مِنْ كَسْبِهِ، وَأَوْدَعَهُ وَهَلَكَتْ عِنْدَ الْمُودَعِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِكَوْنِهِ مَالَ الْمَوْلَى مَعَ أَنَّ لِلْعَبْدِ يَدًا مُعْتَبَرَةً، حَتَّى لَوْ أَوْدَعَ شَيْئًا وَغَابَ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَخْذُهُ اهـ، وَقَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَخْذُهُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا أَوْ مَحْجُورًا مَدْيُونًا أَوْ لَا بِيرِيٌّ لَكِنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَالُهُ أَوْ كَسْبُ عَبْدِهِ فَإِنْ عَلِمَ فَلَهُ حَقُّ الْأَخْذِ بِلَا حُضُورِ الْعَبْدِ حَمَوِيٌّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ كَمُودِعِ الْغَاصِبِ) عِبَارَةُ الرَّمْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَالُهُ أَيْ مَالُ السَّيِّدِ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ بِلَا إذْنِهِ فَصَارَ كَمُودِعِ الْغَاصِبِ قَالَ ط يُفَادُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ لِلْمُودِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا غَرِمَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ قَبْلَ الدَّيْنِ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا فِي الطُّورِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَوْمَ أَخَذَ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا لَمْ يُسَلِّمْ لِلْمَوْلَى مَا أَخَذَهُ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ آخَرُ يَرُدُّ الْمَوْلَى جَمِيعَ مَا كَانَ أَخَذَهُ؛ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَا بَعْضَهُ مَشْغُولًا بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَجَبَ عَلَى الْمَوْلَى رَدُّ قَدْرِ الْمَشْغُولِ عَلَى الْغَرِيمِ فَإِذَا أَخَذَهُ كَانَ لِلْغَرِيمِ الثَّانِي أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ، إنْ كَانَ دَيْنُهُمَا سَوَاءً، وَكَانَ لِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ عَلَى السَّيِّدِ، وَإِذَا أَخَذَ مِنْهُ ثَانِيًا كَانَ لِلْغَرِيمِ الْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ ثَمَّ وَثُمَّ إلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ مِنْ كَسْبِهِ اهـ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ الدَّيْنُ بِمَا أَخَذَهُ بَعْدَ الدَّيْنِ، فَيُسْتَرَدُّ مِنْهُ كَمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ خَمْسُمِائَةٍ وَكَسْبُهُ أَلْفٍ فَأَخَذَهُ السَّيِّدُ ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنُ خَمْسِمِائَةٍ أُخْرَى، فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ الْأَلْفَ مِنْ السَّيِّدِ اهـ وَعَزَاهُ لِلْكَرْمَانِيِّ. وَفِي الذَّخِيرَةِ: فَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ دَيْنٌ آخَرُ فَالْمَوْلَى لَا يَغْرَمُ إلَّا خَمْسَمِائَةٍ. وَفِي النِّهَايَةِ رَدَّ مَا أَخَذَ لَوْ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَضَمَانُهُ لَوْ مُسْتَهْلَكًا اهـ وَهَذَا بِخِلَافِ الضَّرِيبَةِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى غَلَّةِ مِثْلِهِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَطُولِبَ الْمَأْذُونُ بِمَا بَقِيَ) لِتَقَرُّرِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ وَعَدَمِ وَفَاءِ الرَّقَبَةِ دُرَرٌ وَصَرَّحَ بِالْمَأْذُونِ، لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمَوْلَى (قَوْلُهُ وَلَا يُبَاعُ ثَانِيًا) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ عَنْ شِرَائِهِ، فَيُؤَدِّي إلَى امْتِنَاعِ الْبَيْعِ بِالْكُلِّيَّةِ فَيَتَضَرَّرُ الْغُرَمَاءُ دُرَرٌ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ جَدِيدٌ وَتَبَدُّلُ الْمِلْكِ كَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ حُكْمًا فَصَارَ كَأَنَّهُ عَبْدٌ آخَرُ زَيْلَعِيٌّ، وَإِنَّمَا يُبَاعُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ مِرَارًا؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ شَيْئًا فَشَيْئًا كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ قُهُسْتَانِيُّ
(قَوْلُهُ وَلِمَوْلَاهُ أَخْذُ غَلَّةِ مِثْلِهِ) فَلَوْ أَخَذَ أَكْثَرَ رَدَّ الْفَضْلَ عَلَى الْغُرَمَاءِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِمْ، وَلَا ضَرُورَةَ فِيهِ دُرَرٌ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَمَعْنَاهُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الضَّرِيبَةَ الَّتِي ضَرَبَهَا عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ بَعْدَ مَا لَزِمَهُ الدُّيُونُ كَمَا كَانَ يَأْخُذُ قَبْلَ ذَلِكَ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ رِيعِهِ يَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْعِتْقِ: يَجُوزُ وَضْعُ الضَّرِيبَةِ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا بَلْ إنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ اهـ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ غَلَّةً قَبْلَ وَضْعِ الضَّرِيبَةِ وَقَبْلَ لُحُوقِ الدَّيْنِ، وَأَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ غَلَّةِ مِثْلِهِ قَبْلَ الدَّيْنِ وَلَا يَأْخُذُ الْأَكْثَرَ بَعْدَهُ، وَأَنْ يَضَعَ الضَّرِيبَةَ بَعْدَ الدَّيْنِ كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ اهـ.
بِوُجُودِ دَيْنِهِ وَمَا زَادَ لِلْغُرَمَاءِ) يَعْنِي لَوْ كَانَ الْمَوْلَى يَأْخُذُ مِنْ الْعَبْدِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا قَبْلَ لُحُوقِ الدَّيْنِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بَعْدَ لُحُوقِهِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ مُنِعَ مِنْهَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ فَيَنْسَدُّ بَابُ الِاكْتِسَابِ
(وَيَنْحَجِرُ بِحَجْرِهِ إنْ عَلِمَ هُوَ) نَفْسُهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ (وَأَكْثَرُ أَهْلِ سُوقِهِ إنْ كَانَ) الْإِذْنُ (شَائِعًا، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ) أَيْ بِالْإِذْنِ (إلَّا الْعَبْدُ) وَحْدَهُ (كَفَى فِي حَجْرِهِ عِلْمُهُ) بِهِ (فَقَطْ) وَلَا يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ عِلْمُ أَكْثَرِ أَهْلِ سُوقِهِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: بَاعَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عَلِمَ أَهْلُ سُوقِهِ بِبَيْعِهِ أَمْ لَا لِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَإِنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا مَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي لِفَسَادِ الْبَيْعِ، وَهَلْ لِلْغُرَمَاءِ فَسْخُهُ إنْ دُيُونُهُمْ حَالَّةً؟ نَعَمْ إلَّا إذَا كَانَ بِالثَّمَنِ وَفَاءٌ أَوْ أَبْرَءُوا الْعَبْدَ أَوْ أَدَّى الْمَوْلَى وَتَمَامُهُ فِي السِّرَاجِيَّةِ (وَبِمَوْتِ سَيِّدِهِ
ــ
[رد المحتار]
وَفِي قَوْلِهِ: وَأَنْ يَضَعَ الضَّرِيبَةَ بَعْدَ الدَّيْنِ مُخَالِفَةً لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ، وَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ بَعْدَ الدَّيْنِ وَلِتَقْيِيدِ الشَّارِحِ كَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ قَبْلَ لِحُقُوقِ الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يُوَفَّقَ بِأَنَّ لَهُ وَضْعَهَا بَعْدَ الدَّيْنِ غَيْرِ الْمُسْتَغْرِقِ لِمَا فِي يَدِهِ أَيْ بِقَدْرِ مَا يَفْضُلُ بَعْدَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ دُونَ الْأَكْثَرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعْطِفَ قَوْلَهُ وَأَنْ يَضَعَ عَلَى مَدْخُولِ النَّفْيِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَأْخُذَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِوُجُودِ دَيْنِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ رَحْمَتِيٌّ.
قُلْت: وَبِهَا عَبَّرَ ابْنُ الْكَمَالِ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ مَا أَخَذَ،؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ فِي كَسْبِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَوْلَى نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَيَنْسَدُّ بَابُ الِاكْتِسَابِ) فَصَارَ مَا يَأْخُذُهُ كَالتَّحْصِيلِ لِلْكَسْبِ، وَأَمَّا أَخْذُ الْأَكْثَرِ فَلَا يُعَدُّ مِنْ التَّحْصِيلِ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْغُرَمَاءِ نِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ:؛ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِهِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَمَا رَضِيَ بِهِ ح (قَوْلُهُ وَأَكْثَرُ أَهْلِ سُوقِهِ) هَذَا اسْتِحْسَانٌ،؛ لِأَنَّ إعْلَامَ الْكُلِّ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ، فَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ الْأَقَلِّ لَمْ يَصِرْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ بَايَعَهُ مَنْ عَلِمَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ جَازَ الْبَيْعُ،؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ مَأْذُونًا لَهُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ صَارَ مَأْذُونًا فِي حَقِّ مَنْ عَلِمَ أَيْضًا،؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ وَلَا يَتَجَزَّأُ كَالْإِذْنِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: ثَبَتَ بِهَذَا عَدَمُ صِحَّةِ الْحَجْرِ الْخَاصِّ، وَإِنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْحَجْرِ التَّعْمِيمَ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْإِذْنُ شَائِعًا) وَكَذَا بِشَرْطِ كَوْنِ الْحَجْرِ قَصْدًا. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ إظْهَارِ الْحَجْرِ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ سُوقِهِ فِيمَا إذَا ثَبَتَ الْحَجْرُ قَصْدًا كَعَزْلِ الْوَكِيلِ فَلَوْ ضَمِنَا لِغَيْرِهِ فَلَا كَمَا إذَا بَاعَ عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ غَيْرَ الْمَدْيُونِ اهـ وَسَيُشِيرُ إلَيْهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ شَائِعًا (قَوْلُهُ كَفَى فِي حَجْرِهِ عِلْمُهُ بِهِ فَقَطْ) فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَاشْتَرَى وَبَاعَ كَانَ مَأْذُونًا وَالْحَجْرُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَجْرِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِعِلْمِهِ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ بَاعَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ وَهَبَهُ مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَهُ فَلَوْ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ لَا يَعُودُ الْإِذْنُ، وَكَذَا إذَا رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ بِالْقَضَاءِ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ) وَهُوَ حَجْرٌ ثَبَتَ حُكْمًا لِلْبَيْعِ لَا مَقْصُودًا،؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يُوضَعْ لِلْحَجْرِ وَيَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ الشَّيْءُ حُكْمًا لِغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ قَصْدًا كَعَزْلِ الْوَكِيلِ الْغَائِبِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ) أَيْ وَبَاعَهُ بِلَا إذْنِ الْغُرَمَاءِ، وَقَوْلُهُ لَا أَيْ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا (قَوْلُهُ لِفَسَادِ الْبَيْعِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا وَقَدْ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ، فَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّهُ سَيَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْغُرَمَاءِ، وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ فَاسِدٌ إلَّا أَنَّ الْفَسَادَ فِيهِ دُونَ سَائِرِ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّهُ خَالٍ عَنْ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَالْمَالِكُ غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَيْهِ إنَّمَا عَدَمُ الرِّضَا مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ لَا غَيْرُ فَأَظْهَرْنَا زِيَادَتَهُ عَلَى سَائِرِ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ فِي إفَادَتِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِلْكًا مَوْقُوفًا تَتَارْخَانِيَّةٌ مُلَخَّصًا.
وَعَلَيْهِ لِيَنْظُرَ مَا فَائِدَةُ قَوْلِ الشَّارِحِ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْمِلْكَ حَاصِلٌ قَبْلَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنَّ دُيُونَهُمْ حَالَّةٌ نَعَمْ) أَيْ لَهُمْ فَسْخُهُ وَلَوْ مُؤَجَّلَةً فَلَا، فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ ضَمِنَ الْمَوْلَى لَهُمْ قِيمَتَهُ وَكَذَا لَوْ وَهَبَ الْعَبْدَ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ لِرَجُلٍ وَقَبَضَهُ أَوْ آجَرَهُ جَازَ، فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ ضَمِنَ لَهُمْ الْقِيمَةَ وَلَيْسَ لَهُمْ رَدُّ الْهِبَةِ، وَكَانَ لَهُمْ نَقْضُ الْإِجَارَةِ، وَأَمَّا الرَّهْنُ فَكَالْبَيْعِ تَتَارْخَانِيَّةٌ وَأَمَّا الْعِتْقُ فَسَيَأْتِي مَتْنًا (قَوْلُهُ وَفَاءً) أَيْ بِدُيُونِ الْمَأْذُونِ (قَوْلُهُ وَبِمَوْتِ سَيِّدِهِ)
وَجُنُونِهِ مُطْبَقًا وَلُحُوقِهِ) وَكَذَا بِجُنُونِ الْمَأْذُونِ وَلُحُوقِهِ أَيْضًا (بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَوْتٌ حُكْمًا (وَ) يَنْحَجِرُ حُكْمًا (بِإِبَاقِهِ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ كَجُنُونِهِ (وَلَوْ عَادَ مِنْهُ) أَوْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ (لَمْ يَعُدْ الْإِذْنُ) فِي الصَّحِيحِ زَيْلَعِيٌّ وَقُهُسْتَانِيٌّ
(وَبِاسْتِيلَادِهَا) بِأَنْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَادَّعَاهُ كَانَ حَجْرًا دَلَالَةً مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِخِلَافِهِ (لَا) تَنْحَجِرُ (بِالتَّدْبِيرِ وَضَمِنَ بِهِمَا قِيمَتَهُمَا) فَقَطْ (لِلْغُرَمَاءِ لَوْ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ) مُحِيطٌ.
(إقْرَارُهُ) مُبْتَدَأٌ (بَعْدَ حَجْرِهِ إنَّ مَا مَعَهُ أَمَانَةٌ أَوْ غَصْبٌ أَوْ دَيْنٌ عَلَيْهِ) لِآخَرَ (صَحِيحٌ) خَبَرٌ (فَيَقْبِضُهُ مِنْهُ) وَقَالَ لَا يَصِحُّ.
(أَحَاطَ دَيْنُهُ بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ لَمْ يَمْلِكْ سَيِّدُهُ مَا مَعَهُ فَلَمْ يَعْتِقْ عَبْدٌ مِنْ كَسْبِهِ بِتَحْرِيرِ مَوْلَاهُ)
ــ
[رد المحتار]
وَكَذَا الصَّبِيُّ يُحْجَرُ بِمَوْتِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ. وَأَمَّا الْمَأْذُونُ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ وَجُنُونِهِ مُطْبِقًا) سَنَةً فَصَاعِدًا أَوْ يُفَوَّضُ لِلْقَاضِي وَبِهِ يُفْتَى فَإِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى التَّوْقِيتِ يُفْتِي بِسَنَةٍ كَمَا فِي تَتِمَّةِ الْوَاقِعَاتِ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ وَلُحُوقِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ أَقُولُ: قَدْ تَسَامَحَ فِيهِ؛ لِأَنَّ اللَّحَاقَ بِدُونِ الْقَضَاءِ لَا يَكُونُ كَالْمَوْتِ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ وَكَذَا بِجُنُونِ الْمَأْذُونِ وَلُحُوقِهِ أَيْضًا) فَلَوْ قَالَ وَمَوْتُ أَحَدِهِمَا وَلَوْ حُكْمًا أَوْ جُنُونُهُ مُطْبَقًا لَكَانَ أَتَمَّ وَأَخْصَرَ عَزْمِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْحَجْرِ أَوْ بِالْمَوْتِ، وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي ضِمْنِ بُطْلَانِ الْأَهْلِيَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُهُ، وَلَا عِلْمُ أَهْلِ سُوقِهِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ حُكْمِيٌّ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ كَانْعِزَالِ الْوَكِيلِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْتٌ حُكْمًا) حَتَّى يَعْتِقَ مُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ، وَيَقْسِمُ مَالَهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ وَهَذَا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلُحُوقِهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ بِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْحَجِرُ حُكْمًا) كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِمَوْتِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ حَجْرٌ حُكْمِيٌّ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ بِإِبَاقِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِ عَبْدِهِ الْمُتَمَرِّدِ الْخَارِجِ عَنْ طَاعَتِهِ عَادَةً فَكَانَ حَجْرًا عَلَيْهِ دَلَالَةً زَيْلَعِيٌّ، وَسَيَذْكُرُ آخِرًا عَنْ الْأَشْبَاهِ تَصْحِيحَ خِلَافِهِ وَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ) أَيْ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ
(قَوْلُهُ كَانَ حَجْرًا دَلَالَةً) هَذَا اسْتِحْسَانٌ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِتَحْصِينِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَأَنَّهُ لَا يَرْضَى بِخُرُوجِهَا وَاخْتِلَاطِهَا بِالرِّجَالِ فِي الْمُعَامَلَةِ وَدَلِيلُ الْحَجْرِ كَصَرِيحِهِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِخِلَافِهِ) ؛ لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَفُوقُ الدَّلَالَةَ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ لَا بِالتَّدْبِيرِ) ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِتَحْصِينِ الْمُدَبَّرَةِ فَلَمْ يُوجَدْ دَلِيلُ الْحَجْرِ مِنَحٌ. وَكَذَا الْمُدَبَّرُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَضَمِنَ بِهِمَا قِيمَتَهُمَا) أَيْ ضَمِنَ الْمَوْلَى بِالِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ بِهِمَا مَحَلًّا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ امْتَنَعَ بَيْعُهُمَا زَيْلَعِيٌّ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَضْمَنَ الْقِيمَةَ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِيَارِ الْغُرَمَاءِ، فَلَوْ زَادَ إنْ شَاءُوا لَكَانَ أَوْلَى لِمَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَسْعَوْا الْعَبْدَ فِي دَيْنِهِمْ، وَإِنْ ضَمِنُوا الْمَوْلَى لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ حَتَّى يَعْتِقَ. وَفِيهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِثَلَاثَةٍ لِكُلِّ أَلْفٍ اخْتَارَ اثْنَانِ ضَمَانَ الْمَوْلَى فَضَمَّنَاهُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَاخْتَارَ الثَّالِثُ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ فِي جَمِيعِ دَيْنِهِ جَازَ، وَلَا يُشَارِكُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِيمَا قَبَضَ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْغَرِيمُ وَاحِدًا فَإِذَا اخْتَارَ أَحَدُهُمَا بَطَلَ حَقُّهُ فِي الْآخَرِ طُورِيٌّ (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ لَا مَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ مِنْ الدَّيْنِ بَلْ يُطَالِبَانِ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ إنَّ مَا مَعَهُ) قَيَّدَ بِالْمَعِيَّةِ إذْ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ رَقَبَتِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا يَصِحُّ، حَتَّى لَا تُبَاعَ رَقَبَتُهُ بِالدَّيْنِ إجْمَاعًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ صَحِيحٌ) أَيْ بِشُرُوطٍ تُؤْخَذُ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ. وَهِيَ أَنْ لَا يَكُونَ إقْرَارُهُ بَعْدَ أَخْذِ الْمَوْلَى مَا فِي يَدِهِ أَوْ بَعْدَمَا بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ. وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِمَا فِي يَدِهِ وَقْتَ الْحَجْرِ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَا فِي يَدِهِ اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ وَقَالَا لَا يَصِحُّ) يَعْنِي حَالًّا وَهُوَ الْقِيَاسُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ
(قَوْلُهُ فَلَمْ يَعْتِقُ عَبْدٌ إلَخْ) أَيْ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ فَلَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ وَيَسْتَوْفُوا دُيُونَهُمْ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْمَوْلَى فَهُوَ حُرٌّ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى إنَّ الْغُرَمَاءَ لَوْ أَبْرَءُوا الْعَبْدَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ بَاعُوهُ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ قَضَى
وَقَالَا يَمْلِكُهُ فَيَعْتِقُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مُوسِرًا وَلَوْ مُعْسِرًا فَلَهُمْ أَنْ يَضْمَنُوا الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى ابْنُ كَمَالٍ (وَلَوْ اشْتَرَى ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَوْلَى لَمْ يُعْتَقْ) وَلَوْ مَلَكَهُ لَعَتَقَ (وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَوْلَى مَا فِي يَدِهِ مِنْ الرَّقِيقِ ضَمِنَ) وَلَوْ مَلَكَهُ لَمْ يَضْمَنْ خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ (وَإِنْ لَمْ يُحِطْ) دَيْنُهُ بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ (صَحَّ تَحْرِيرُهُ) إجْمَاعًا
(وَ) صَحَّ (إعْتَاقُهُ) حَالَ كَوْنِ (الْمَأْذُون مَدْيُونًا) وَلَوْ بِمُحِيطٍ (وَضَمِنَ الْمَوْلَى لِلْغُرَمَاءِ الْأَقَلَّ مِنْ دَيْنِهِ وَقِيمَتِهِ) وَإِنْ شَاءُوا اتَّبَعُوا الْعَبْدَ بِكُلِّ دُيُونِهِمْ وَبِاتِّبَاعِ أَحَدِهِمَا لَا يَبْرَأُ الْآخَرُ فَهُمَا كَكَفِيلٍ مَعَ مَكْفُولٍ عَنْهُ (وَطُولِبَ بِمَا بَقِيَ) مِنْ دَيْنِهِمْ إذَا لَمْ تَفِ بِهِ قِيمَتُهُ (بَعْدَ عِتْقِهِ) لِتَقَرُّرِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَصَحَّ تَدْبِيرُهُ وَلَا يَنْحَجِرُ وَيُخَيَّرُ الْغُرَمَاءُ كَعِتْقِهِ إلَّا أَنَّ مَنْ اخْتَارَ أَحَدَ الشَّيْئَيْنِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ شَرْحُ تَكْمِلَةٍ. وَفِي الْهِدَايَةِ: وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ لَمْ يَضْمَنْ قِيمَتَهُمَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُبَاعَانِ بِالدَّيْنِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ فَلَهُمْ تَضْمِينُ مَوْلَاهُ زَيْلَعِيٌّ
(وَ) الْمَأْذُونُ (إنْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ)
ــ
[رد المحتار]
الْمَوْلَى دَيْنَهُ فَإِنَّهُ حُرٌّ تَتَارْخَانِيَّةٌ عَنْ الْيَنَابِيعِ (قَوْلُهُ وَقَالَا يَمْلِكُهُ) ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ سَبَبَ الْمَلِكِ فِي كَسْبِهِ وَهُوَ مِلْكُ رَقَبَتِهِ وَلِهَذَا يَمْلِكُ إعْتَاقَهُ وَوَطْءَ الْمَأْذُونَةِ. وَلَهُ أَنَّ مِلْكَ الْمَوْلَى إنَّمَا يَثْبُتُ خِلَافُهُ عَنْ الْعَبْدِ عِنْدَ فَرَاغِهِ عَنْ حَاجَتِهِ وَالْمُحِيطُ بِهِ الدَّيْنُ مَشْغُولٌ بِهَا فَلَا يَخْلُفُهُ فِيهِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى لَمْ يَعْتِقْ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَلَكَهُ لَمْ يَضْمَنْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ عِنْدَ الْقَائِلِ بِالْمِلْكِ لَا يَضْمَنُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الضَّمَانُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَكِنْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْحَالِ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ وَإِنَّمَا ضَمِنَهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَعِنْدَهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ لِعَدَمِ مِلْكِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ ذِي الرَّحِمِ أَيْضًا اهـ ح (قَوْلُهُ صَحَّ تَحْرِيرُهُ) أَيْ تَحْرِيرُ الْمَوْلَى الْعَبْدَ الَّذِي اكْتَسَبَهُ الْمَأْذُونُ (قَوْلُهُ إجْمَاعًا) أَيْ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ فِي قَوْلِهِ الْأَخِيرِ وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَا يَمْلِكُ، فَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ زَيْلَعِيٌّ
(قَوْلُهُ حَالَ كَوْنِ الْمَأْذُونِ) الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ أَيْ الْمَأْذُونُ حَالَ كَوْنِهِ ح (قَوْلُهُ وَلَوْ بِمُحِيطٍ) هَذَا بِالْإِجْمَاعِ لِقِيَامِ مِلْكِهِ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَكْسَابِهِ بَعْدَ الِاسْتِغْرَاقِ بِالدَّيْنِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ الْمَوْلَى إلَخْ) سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَوْلَى بِالدَّيْنِ أَوْ لَا بِمَنْزِلَةِ إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ لَمَّا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمْ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ الْأَقَلَّ مِنْ دَيْنِهِ وَقِيمَتِهِ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ تَعَلَّقَ بِمَالِيَّتِهِ فَيَضْمَنُهَا، كَمَا إذَا أَعْتَقَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءُوا اتَّبَعُوا الْعَبْدَ) ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُسْتَقِرٌّ فِي ذِمَّتِهِ زَيْلَعِيٌّ. قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَمَا قَبَضَهُ أَحَدُهُمْ مِنْ الْعَبْدِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ الْبَاقُونَ، بِخِلَافِ مَا قَبَضَهُ أَحَدُهُمْ مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي عَلَى الْمَوْلَى،؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لَهُمْ عَلَى الْمَوْلَى بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْعِتْقُ وَالدَّيْنُ مَتَى وَجَبَ لِجَمَاعَةٍ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ كَانَ مُشْتَرِكًا بَيْنَهُمْ اهـ طُورِيٌّ (قَوْلُهُ لَا يَبْرَأُ الْآخَرُ) ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنٌ عَلَى حِدَةٍ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ مَعَ غَاصِبِ الْغَاصِبِ،؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ وَاجِبٌ عَلَى أَحَدِهِمَا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ بَعْدَ عِتْقِهِ) مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ قَدْ أَعْتَقَ (قَوْلُهُ وَصَحَّ تَدْبِيرُهُ إلَخْ) إنَّمَا أَعَادَ صَدْرَ الْمَسْأَلَةِ مَعَ تَصْرِيحِ الْمُصَنِّفِ بِهِ آنِفًا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ عَجْزَهَا ط (قَوْلُهُ وَيُخَيَّرُ الْغُرَمَاءُ) إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمَوْلَى قِيمَةَ الْعَبْدِ وَإِنْ شَاءُوا اسْتَسْعَوْا الْعَبْدَ فِي دُيُونِهِمْ، فَإِنْ ضَمَّنُوا الْمَوْلَى الْقِيمَةَ فَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ حَتَّى يُعْتِقَ وَبَقِيَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ اسْتَسْعَوْا الْعَبْدَ أَخَذُوا مِنْ السِّعَايَةِ دُيُونَهُمْ بِكَمَالِهَا وَبَقِيَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا عَلَى حَالِهِ هِنْدِيَّةٌ، وَبِهِ ظَهَرَ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ ط أَيْ فِي قَوْلِهِ: إلَّا إنَّ إلَخْ بِخِلَافِ الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ فَإِنَّهُ بِاتِّبَاعِ أَحَدِهِمَا لَا يَبْرَأُ الْآخَرُ (قَوْلُهُ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ) وَهُمَا تَضْمِينُ الْمَوْلَى وَاسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى إلَخْ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَصَحَّ إعْتَاقُهُ لَا بِمَسْأَلَةِ الْمُدَبَّرِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ فَلَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا مَوْلَاهُ الْقِيمَةَ، وَلَيْسَ هَذَا كَإِعْتَاقِ الرَّاهِنِ عَبْدَ الرَّهْنِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ مُعْسِرٌ،
بِأَقَلَّ مِنْ الدُّيُونِ (وَغَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ إذَا قَدَرُوا عَلَى الْعَبْدِ كَانَ لَهُمْ فَسْخُ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ (ضَمَّنَ الْغُرَمَاءُ الْبَائِعَ قِيمَتَهُ) لِتَعَدِّيهِ (فَإِنْ رَدَّ) الْعَبْدُ (عَلَيْهِ بِعَيْبٍ قَبْلَ الْقَبْضِ) مُطْلَقًا أَوْ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ (أَوْ بَعْدَهُ بِقَضَاءٍ رَجَعَ) السَّيِّدُ (بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَعَادَ حَقُّهُمْ فِي الْعَبْدِ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ (وَإِنْ رَدَّ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا بِقَضَاءٍ فَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ لِلْمَوْلَى وَلَا لِعَبْدِ عَلَى الْقِيمَةِ) ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالتَّرَاضِي إقَالَةٌ وَهِيَ بَيْعٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا (وَإِنْ فَضَلَ مِنْ دَيْنِهِمْ شَيْءٌ رَجَعُوا بِهِ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ) كَمَا مَرَّ (أَوْ ضَمَّنُوا مُشْتَرِيَهُ)
ــ
[رد المحتار]
؛ لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ بِإِذْنِهِ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ بِإِذْنِ الْغَرِيمِ اهـ أَيْ فِي عِتْقِهِ أَمَّا الْمُدَبَّرُ فَلَا ضَمَانَ بِإِعْتَاقِهِ مُطْلَقًا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ التَّعْلِيلِ فَتَدَبَّرْ ط. وَعِبَارَةُ الطُّورِيِّ وَقَوْلُهُ: وَضَمِنَ شَمَلَ مَا إذَا أَعْتَقَ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ إلَخْ
(قَوْلُهُ بِأَقَلَّ مِنْ الدُّيُونِ) أَيْ وَكَانَ بِلَا إذْنِ الْغُرَمَاءِ وَالدَّيْنُ حَالٌّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْلَى نِهَايَةٌ. وَزَادَ الْمَقْدِسِيَّ عَنْ شَرْحِ الْجَامِعِ لِأَبِي اللَّيْثِ وَكَانَ الْبَيْعُ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ، أَمَّا لَوْ بَاعَهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ وَقَبَضَ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّضْمِينِ، وَلَكِنْ يَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَيْهِمْ اهـ نَقَلَهُ السَّائِحَانِيُّ (قَوْلُهُ وَغَيَّبَهُ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ كَانَ لَهُمْ فَسْخُ الْبَيْعِ) أَيْ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي لَهُمْ بِالْقِيمَةِ فَلَوْ بَعْدَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي عَنْ الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قَبْلَ نَحْوِ صَفْحَةٍ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ (قَوْلُهُ ضَمَّنَ الْغُرَمَاءُ الْبَائِعَ قِيمَتَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ قَدْرَ الثَّمَنِ أَوْ دُونَهُ أَوْ أَزْيَدَ هَذَا إذَا كَانَتْ قَدْرَ الدَّيْنِ أَوْ دُونَهُ، فَلَوْ كَانَتْ أَزْيَدَ يَضْمَنُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ فَقَطْ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ لِتَعَدِّيهِ) أَيْ بِبَيْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي مِنَحٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ رَدَّ الْعَبْدَ) يَعْنِي إذَا اخْتَارُوا أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْمَوْلَى ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ وَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ رَدَّهُ بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَخْ) نَظَرَ فِيهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِأَنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا غَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي، وَلَيْسَ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ قَالَ: وَلَعَلَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ مُطْلَقًا لِيُقَابِلَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ بِقَضَاءٍ
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا ح (قَوْلُهُ أَوْ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ) أَيْ مُطْلَقًا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا فَكَانَ عَلَيْهِ تَأْخِيرٌ قَيَّدَ الْإِطْلَاقَ إلَى هُنَا ح، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْتَجْ لِلْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ يَمْنَعُ تَمَامَ الصَّفْقَةِ فَيَكُونُ الرَّدُّ فَسْخًا وَخِيَارُ الشَّرْطِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ فَكَأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَكُنْ لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَهُوَ الرِّضَا، وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ يَمْنَعُ تَمَامَ الْحُكْمِ فَالرَّدُّ بِهِمَا لَا يَكُونُ إلَّا فَسْخًا رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ بِقَضَاءٍ) رَاجِعٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ أَيْ أَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَضَاءِ يَصِيرُ فَسْخًا رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ) أَيْ مِنْ تَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِالْعَبْدِ وَهُوَ الْبَيْعُ وَالتَّسْلِيمُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الضَّمَانِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: فَصَارَ كَالْغَاصِبِ إذَا بَاعَ وَسَلَّمَ وَضَمِنَ الْقِيمَةَ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى الْمَالِكِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ الَّتِي دَفَعَهَا إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ) أَيْ فِي اسْتِسْعَائِهِ (قَوْلُهُ وَلَا لِلْمَوْلَى عَلَى الْقِيمَةِ) أَيْ فِي اسْتِرْدَادِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ وَهِيَ بَيْعٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِقَالَةِ أَنَّهَا فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ وَالْغُرَمَاءُ ثَالِثٌ فَفِي حَقِّهِمْ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ وَبَيْعُهُ الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ رَحْمَتِيٌّ. فَلِذَا قَالَ: فَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا لِلْمَوْلَى عَلَى الْقِيمَةِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ الْعَبْدَ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ أَوْ ضَمَّنُوا مُشْتَرِيَهُ) أَيْ ضَمَّنُوهُ الْقِيمَةَ.؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ وَالتَّغْيِيبِ زَيْلَعِيٌّ. قَالَ ح: وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ
عَطْفٌ عَلَى الْبَائِعِ أَيْ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِيَ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ (أَوْ أَجَازُوا الْبَيْعَ وَأَخَذُوا الثَّمَنَ) لَا قِيمَةَ الْعَبْدِ
(وَإِنْ بَاعَهُ) السَّيِّدُ (مُعْلِمًا بِدَيْنِهِ) يَعْنِي مُقِرًّا بِهِ لَا مُنْكِرًا كَمَا سَيَجِيءُ
ــ
[رد المحتار]
الثَّمَنَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ فِي مَسْأَلَتِنَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، لَكِنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ. فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ضَمَانِ الْقِيمَةِ بِمَا إذَا كَانَتْ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ. أَمَّا لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ إلَّا مِقْدَارَ الدَّيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى وَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ فِي كَيْفِيَّةِ الرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ اهـ قَالَ ط: إنْ كَانَ الثَّمَنُ قَدْرَ مَا ضَمِنَ مِنْ الْقِيمَةِ رَجَعَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ أَكْثَرَ فَلَا وَجْهَ لِرُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالزِّيَادَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى الْبَائِعِ) إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ قَوْلُهُ ضَمَّنُوا لَيْسَ مِنْ عِبَارَةِ الْمَتْنِ وَهُوَ خِلَافُ مَا رَأَيْنَاهُ فِي النُّسَخِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ ضَمَّنَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ مِنْهُ كَأَخْذِ الْعَيْنِ زَيْلَعِيٌّ، وَقَوْلُهُ: بِالثَّمَنِ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ، بَلْ بِمَا أَدَّاهُ لِلْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ بِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ اهـ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَجَازُوا الْبَيْعَ إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ.
حَاصِلُهُ: أَنَّ الْغُرَمَاءَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إجَازَةُ الْبَيْعِ، وَتَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءُوا، ثُمَّ إنْ ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِيَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ ضَمَّنُوا الْبَائِعَ سَلَّمَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي وَتَمَّ الْبَيْعُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَأَيُّهُمَا اخْتَارُوا تَضْمِينَهُ بَرِئَ الْآخِرُ حَتَّى لَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَوَيْت الْقِيمَةَ عِنْدَ الَّذِي اخْتَارُوهُ، وَلَوْ ظَهَرَ الْعَبْدُ بَعْدَمَا اخْتَارُوا تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا لَيْسَ لَهُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ إنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى لَهُمْ بِالْقِيمَةِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِبَاءِ يَمِينٍ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ تَحَوَّلَ إلَى الْقِيمَةِ بِالْقَضَاءِ، وَإِنْ قَضَى بِالْقِيمَةِ بِقَوْلِ الْخَصْمِ مَعَ يَمِينِهِ، وَقَدْ ادَّعَى الْغُرَمَاءُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ فَهُمْ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا رَضُوا بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءُوا رَدُّوهُمَا وَأَخَذُوا الْعَبْدَ فَبِيعَ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ كَمَالُ حَقِّهِمْ بِزَعْمِهِمْ وَهُوَ نَظِيرُ الْمَغْصُوبِ فِي ذَلِكَ كَذَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَعَزَاهُ إلَى الْمَبْسُوطِ. قَالَ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ: الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَغْصُوبِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ تَظْهَرَ الْعَيْنُ وَقِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِمَّا ضَمِنَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ هُنَا ذَلِكَ، وَإِنَّمَا شَرَطَ أَنْ يَدَّعِيَ الْغُرَمَاءُ أَكْثَرَ مِمَّا ضَمِنَ وَأَنَّ كَمَالَ حَقِّهِمْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ بِزَعْمِهِمْ، وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ كَبِيرٌ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ تَكُونُ غَيْرَ مُطَابِقَةٍ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مِثْلَ مَا ضَمِنَ أَوْ أَقَلَّ، فَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ الْخِيَارُ فِيهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُمْ الْخِيَارُ إذَا ظَهَرَ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِمَّا ضَمِنَ فَلَا يَكُونُ الْمَذْكُورُ هُنَا مُلَخَّصًا اهـ.
وَيُجَابُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّلَبِيُّ عَنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوا مَا أَخَذُوا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ مَا ضَمِنَ أَوْ أَقَلَّ؛ لِأَنَّ لَهُمْ فِيهِ فَائِدَةً وَهُوَ حَقُّ اسْتِسْعَائِهِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ أَبُو السُّعُودِ وَبِمِثْلِهِ أَجَابَ الطُّورِيُّ
(قَوْلُهُ مُعْلِمًا بِدَيْنِهِ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ الْإِعْلَامِ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ السَّيِّدِ. وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَأَعْلَمَهُ بِالدَّيْنِ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَيْ أَعْلَمَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِأَنَّ هَذَا الْعَبْدَ مَدْيُونٌ، وَفَائِدَتُهُ سُقُوطُ خِيَارِ الْمُشْتَرِي فِي الرَّدِّ بِعَيْبِ الدَّيْنِ حَتَّى يَقَعَ الْبَيْعُ لَازِمًا فِيمَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهِ وَفَاءٌ بِدُيُونِهِمْ اهـ وَمِثْلُهُ فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ وَسَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ يَعْنِي مُقِرًّا بِهِ لَا مُنْكِرًا كَمَا سَيَجِيءُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَهُ مُعْلِمًا حَالٌ مِنْ السَّيِّدِ الْبَائِعِ فَهُوَ وَصْفٌ لَهُ وَاَلَّذِي سَيَجِيءُ اعْتِبَارُ إقْرَارِ الْمُشْتَرِي لَا الْبَائِعِ، وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِابْنِ الْكَمَالِ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ فَائِدَةَ قَوْلِهِ مُعْلِمًا تَظْهَرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَإِنْ غَابَ الْبَائِعُ فَالْمُشْتَرِي لَيْسَ بِخَصْمٍ لَهُمْ لَوْ مُنْكِرًا دَيْنَهُ قَالَ فَإِنَّهُ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهُ يُخَاصِمُ مُقِرًّا فَلَا بُدَّ مِنْ فَرْضِ الْعِلْمِ حَتَّى يَتَيَسَّرَ تَصْوِيرُ الْإِنْكَارِ مَرَّةً وَالْإِقْرَارُ أُخْرَى اهـ لَكِنَّهُ لَمْ يُفَسِّرْ الْإِعْلَامَ بِالْإِقْرَارِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ، بَلْ جَعَلَهُ مَبْنَى تَصْوِيرِ الْإِنْكَارِ الْآتِي صَرِيحًا وَالْإِقْرَارِ الْمَفْهُومِ ضِمْنًا وَلِذَا قَالَ ح: إنَّ قَوْلَهُ مُقِرًّا بِهِ لَا يَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلْمَتْنِ وَلَا تَقْيِيدًا لَهُ وَقَدْ غَلِطَ فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْكَمَالِ وَلَمْ يَفْهَمْهَا اهـ.
لِتَحَقُّقِ الْمُخَاصَمَةِ وَيَسْقُطُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي لَا الْغُرَمَاءِ (فَلِلْغُرَمَاءِ رَدُّ الْبَيْعِ) إنْ لَمْ يَصِلْ ثَمَنُهُ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُمْ الثَّمَنَ دَلِيلُ الرِّضَا لِلْبَيْعِ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ مُحَابَاةٌ فَإِمَّا أَنْ تُرْفَعَ أَوْ يُنْقَضَ الْبَيْعُ ابْنُ كَمَالٍ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَكَانَ الْبَيْعُ بِلَا طَلَبِ الْغُرَمَاءِ وَالثَّمَنُ لَا يَفِي بِدَيْنِهِمْ وَإِلَّا فَالْبَيْعُ نَافِذٌ
ــ
[رد المحتار]
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ يَعْنِي مُقِرًّا تَفْسِيرًا لِمَفْعُولِ بَاعَ الْأَوَّلَ: أَيْ بَاعَ مُشْتَرِيًا مُقِرًّا أَوْ حَالًّا مِنْ الْمُشْتَرِي الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ وَلَوْ قَالَ لِمُقِرٍّ لَكَانَ أَظْهَرَ وَفِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ مِنْ الْفَائِدَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ رُبَاعِيَّةٌ غَابَ الْعَبْدُ، وَقَدْ مَرَّ غَابَ الْبَائِعُ أَوْ غَابَ الْمُشْتَرِي وَسَيَأْتِي، حَضَرَ الْكُلُّ: وَهِيَ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا وَلِذَا قَالَ ط: هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا لِيُبَايِنَ قَوْلَهُ سَابِقًا، وَإِنْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ وَغَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا فَلَهُمْ الْفَسْخُ بِحَضْرَتِهِمَا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ اهـ وَفِي هَذِهِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُقِرًّا بِالدَّيْنِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا فَعَلَى الْغُرَمَاءِ إثْبَاتُهُ لِعَدَمِ الْمَانِعِ لِوُجُودِ الْخَصْمِ فِيهَا، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُقِرًّا لَهُمْ رَدُّ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ خَصْمٌ وَإِلَّا فَلَا، فَقَوْلُهُ مُعْلِمًا فِي مَسْأَلَةِ حَضْرَةِ الْكُلِّ لَا يَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَصْلًا وَإِنَّمَا فَائِدَتُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا فَتَدَبَّرْ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ لِتُحَقَّقَ الْمُخَاصَمَةُ) تُحَقَّقَ فِعْلٌ مُضَارِعٌ حُذِفَ مِنْهُ إحْدَى التَّاءَيْنِ وَالْمُخَاصَمَةُ فَاعِلٌ يَعْنِي أَنَّ فَائِدَةَ إقْرَارِ الْمُشْتَرِي بِالدَّيْنِ فِيمَا إذَا غَابَ الْبَائِعُ صِحَّةُ كَوْنِهِ خَصْمًا لِلْغُرَمَاءِ فِي رَدِّ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فَلِلْغُرَمَاءِ رَدُّ الْبَيْعِ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ تَعَلَّقَ بِهِ وَهُوَ حَقُّ الِاسْتِسْعَاءِ أَوْ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ رَقَبَتِهِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَائِدَةٌ فَالْأَوَّلُ تَامٌّ مُؤَخَّرٌ، وَالثَّانِي نَاقِصٌ مُعَجَّلٌ وَبِالْبَيْعِ تَفُوتُ هَذِهِ الْخِيرَةُ فَكَانَ لَهُمْ رَدُّهُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَصِلْ ثَمَنُهُ إلَيْهِمْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ قَالُوا تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ الثَّمَنُ
فَإِنْ وَصَلَ وَلَا مُحَابَاةَ فِي الْبَيْعِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ لِوُصُولِ حَقِّهِمْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُمْ لَا يَكُونُ لَهُمْ خِيَارُ الْفَسْخِ عِنْدَ وُصُولِ الثَّمَنِ إلَيْهِمْ، إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْعِ مُحَابَاةٌ، وَإِنْ لَمْ يَفِ الثَّمَنُ بِحَقِّهِمْ
وَإِنْ كَانَ فِي الْبَيْعِ مُحَابَاةٌ ثَبَتَ لَهُمْ خِيَارُ الْفَسْخِ، وَإِنْ وَفَّى الثَّمَنُ بِحَقِّهِمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَهُمْ خِيَارُ الْفَسْخِ إذَا لَمْ يَفِ الثَّمَنُ بِحَقِّهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُحَابَاةٌ لِأَجْلِ الِاسْتِسْعَاءِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ بِنَفْسِهِ قُبَيْلَهُ وَلَا خِيَارَ لَهُمْ إنْ وَفَّى الثَّمَنُ بِحَقِّهِمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُحَابَاةٌ لِوُصُولِ حَقِّهِمْ إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ وَتَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ بِثَمَنٍ لَا يَفِي بِدَيْنِهِمْ اسْتَقَامَ وَزَالَ الْإِشْكَالُ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ إذَا لَمْ يَفِ بِدَيْنِهِمْ لَهُمْ نَقْضُ الْبَيْعِ كَيْفَمَا كَانَ، وَإِذَا وَفَّى لَيْسَ لَهُمْ نَقْضُهُ كَيْفَمَا كَانَ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ وَطَلَبِهِمْ الْبَيْعَ، وَوَفَاءِ الثَّمَنِ بِالدَّيْنِ فَالْبَيْعُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَجُوزَ بِإِجَازَةِ الْغُرَمَاءِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُمْ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَصِلْ ثَمَنُهُ إلَيْهِمْ وَالتَّقْدِيرُ: فَإِنْ وَصَلَ لَيْسَ لَهُمْ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ إلَخْ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِالْبَيْعِ ط.
ثُمَّ إنَّ هَذَا جَوَابٌ عَنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَأَصْلُهُ لِصَاحِبِ النِّهَايَةِ حَيْثُ قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ وَصَلَ وَلَا مُحَابَاةَ فِي الْبَيْعِ رِضَاهُمْ بِأَخْذِ الثَّمَنِ وَهُوَ رِضًا بِالْبَيْعِ ثُمَّ قَالَ: وَلَكِنَّ احْتِمَالَ إحْضَارِ الثَّمَنِ وَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الثَّمَنِ بِلَفْظِ الْوُصُولِ بَاقٍ فَكَانَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ قَوْلَ الْإِمَامِ قَاضِي خَانْ تَأْوِيلُهُ إذَا بَاعَ بِثَمَنٍ لَا يَفِي بِدُيُونِهِمْ اهـ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْوُصُولَ يَحْتَمِلُ مَعْنَى الْإِحْضَارِ وَالتَّخْلِيَةِ كَمَا يَحْتَمِلُ مَعْنَى الْقَبْضِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا. أَقُولُ: لَكِنَّ قَوْلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ قَبْلَهُ إنَّ لَهُمْ الْخِيَارَ إذَا لَمْ يَفِ الثَّمَنُ بِحَقِّهِمْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ، عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْوُصُولِ الْقَبْضَ كَيْ لَا يَتَنَاقَضَ كَلَامُهُ وَإِعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ سِيَّمَا مِنْ مِثْلِ هَذَا الْإِمَامِ؛ وَلِذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْكَمَالِ وَجَعَلَ مَا سِوَاهُ مِنْ حَشَاوِي الْأَوْهَامِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ مُحَابَاةٌ) إذْ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَنْ يَقُولُوا إنَّمَا قَبَضْنَا الثَّمَنَ لِاعْتِقَادِنَا أَنَّهُ تَمَامُ الْقِيمَةِ ابْنُ كَمَالٍ أَيْ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مَا لَمْ يَفِ الثَّمَنُ بِحَقِّهِمْ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ ثُبُوتُ رَدِّ الْبَيْعِ لِلْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْبَيْعُ نَافِذٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا،؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مِلْكَهُ قَادِرًا
لِزَوَالِ الْمَانِعِ (وَإِنْ غَابَ الْمَانِعُ) وَقَدْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي (فَالْمُشْتَرِي لَيْسَ بِخَصْمٍ لَهُمْ) أَوْ مُنْكِرًا دَيْنَهُ خِلَافًا لِلثَّانِي وَلَوْ مُقِرًّا فَخَصْمٌ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ بِقَلْبِهِ) بِأَنْ غَابَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ حَاضِرٌ (فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَيْ لَا خُصُومَةَ (إجْمَاعًا) يَعْنِي حَتَّى يَحْضُرَ الْمُشْتَرِي لَكِنْ لَهُمْ تَضْمِينُ الْبَائِعِ قِيمَتَهُ أَوْ إجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ.
(عَبْدٌ قَدِمَ مِصْرًا وَقَالَ أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ مَأْذُونٌ فِي التِّجَارَةِ فَبَاعَ وَاشْتَرَى) فَهُوَ مَأْذُونٌ وَحِينَئِذٍ (لَزِمَهُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ التِّجَارَةِ وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ اشْتَرَى) الْعَبْدُ (وَبَاعَ سَاكِتًا عَنْ إذْنِهِ وَحَجْرِهِ) كَانَ مَأْذُونًا اسْتِحْسَانًا لِضَرُورَةِ التَّعَامُلِ وَأَمْرُ الْمُسْلِمِ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّلَاحِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ ضَرُورَةُ شَرْحِ الْجَامِعِ وَمُفَادُهُ تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِالْمُسْلِمِ ابْنُ كَمَالٍ (وَ) لَكِنْ (لَا يُبَاعُ لِدَيْنِهِ) إذَا لَمْ يَفِ كَسْبُهُ (إلَّا إذَا أَقَرَّ مَوْلَاهُ بِهِ) أَيْ بِالْإِذْنِ أَوْ أَثْبَتَهُ الْغَرِيمُ بِالْبَيِّنَةِ
ــ
[رد المحتار]
عَلَى تَسْلِيمِهِ قَبْلَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ أَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِإِذْنِهِمْ،؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ، وَمَحَلُّهُ إذَا بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ ثُبُوتُ الرَّدِّ لَهُمْ لِمَا تَقَدَّمَ ط.
قُلْت: الظَّاهِرُ كَوْنُ الْمَوْلَى وَكِيلًا عَنْهُمْ فَيَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ تَأَمَّلْ: قَالَ أَبُو السُّعُودِ: وَكَذَا يَنْفُذُ إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْقَاضِي كَمَا قَدَّمْنَاهُ اهـ أَوْ كَانَ الثَّمَنُ يَفِي بِدَيْنِهِمْ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِمْ (قَوْلُهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ) وَهُوَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ لَهُمْ) ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَتَضَمَّنُ فَسْخَ الْعَقْدِ، فَيَكُونُ الْفَسْخُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ مُنْكِرًا دَيْنَهُ) أَيْ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُنْكِرًا دَيْنَ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلثَّانِي) حَيْثُ قَالَ: هُوَ خَصْمٌ وَيَقْضِي لِلْغُرَمَاءِ بِدَيْنِهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ فِي الْعَيْنِ فَيَكُونُ خَصْمًا لِمَنْ يُنَازِعُهُ فِيهَا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُقِرًّا فَخَصْمٌ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فَيَفْسَخُ بَيْعَهُ إذَا لَمْ يَفِ الثَّمَنُ بِدُيُونِهِمْ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ لَا خُصُومَةَ إجْمَاعًا) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَالْيَدَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُمَا وَهُوَ غَائِبٌ فَمَا لَمْ يَبْطُلْ مِلْكُهُ لَا تَكُونُ الرَّقَبَةُ مَحَلًّا لِحَقِّهِمْ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَهُمْ تَضْمِينُ الْبَائِعِ قِيمَتَهُ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُفَوِّتًا حَقَّهُمْ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ، فَإِذَا ضَمَّنُوهُ الْقِيمَةَ جَازَ الْبَيْعُ فِيهِ وَكَانَ الثَّمَنُ لِلْبَائِعِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ إجَازَةُ الْبَيْعِ) وَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْإِذْنِ السَّابِقِ، وَلَمْ يَذْكُرْ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مُقِرًّا بِدُيُونِهِمْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ وَيُحَرَّرُ وَهِيَ الْخِيَارَاتُ الَّتِي جَرَتْ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ ط
(قَوْلُهُ فَهُوَ مَأْذُونٌ) أَيْ يَصْدُقُ فِي حَقِّ كَسْبِهِ حَتَّى تُقْضَى بِهِ دُيُونُهُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ غَيْرَ عَدْلٍ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرُورَةً وَبَلْوَى،؛ لِأَنَّ إقَامَةَ الْحُجَّةِ عِنْدَ كُلِّ عَقْدٍ غَيْرُ مُمْكِنٍ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ سَاكِتًا) حَالٌ مِنْ الْعَبْدِ أَيْ لَمْ يُخْبِرْ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ قَوْلِهِ وَأَمْرُ الْمُسْلِمِ وَكَذَا قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ؛ لِأَنَّ عَقْلَهُ وَدِينَهُ يَمْنَعَانِهِ عَنْ ارْتِكَابِ الْمُحَرَّمِ لَكِنْ قَالَ ح فِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ.
قُلْت: لِأَنَّهُ خَبَرٌ فِي الْمُعَامَلَةِ وَقَدْ قَالُوا الْخَبَرُ ثَلَاثَةٌ: خَبَرٌ فِي الدِّيَانَةِ تُشْتَرَطُ لَهُ الْعَدَالَةُ دُونَ الْعَدَدِ، وَخَبَرٌ فِي الشَّهَادَةِ، فَالْعَدَالَةُ وَالْعَدَدُ، وَخَبَرٌ فِي الْمُعَامَلَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ وَاحِدٌ لِئَلَّا يَضِيقَ الْأَمْرُ، وَلِأَنَّهُ فِي الْهِدَايَةِ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ إنْ أَخْبَرَ بِالْإِذْنِ فَالْإِخْبَارُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَتَصَرُّفُهُ جَائِزٌ،؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَحْجُورَ يَجْرِي عَلَى مُوجِبِ حَجْرِهِ، وَالْعَمَلُ بِالظَّاهِرِ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَيْ لَا يَضِيقَ الْأَمْرُ عَلَى النَّاسِ اهـ فَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَى الْعَمَلِ بِالظَّاهِرِ وَالضَّرُورَةِ، فَيَشْمَلُ الْكُلَّ وَلَا يُنَافِيهِ ذِكْرُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ وَلِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِبَعْضِ الْأَشْخَاصِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِالْمُسْلِمِ) أَيْ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَا يُبَاعُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهَا خَالِصُ حَقِّ الْمَوْلَى، بِخِلَافِ الْكَسْبِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَأَثْبَتَهُ الْغَرِيمُ بِالْبَيِّنَةِ) أَيْ بِحَضْرَةِ الْمَوْلَى وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِخَصْمٍ فِي رَقَبَتِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِالدَّيْنِ فَبَاعَ الْقَاضِي أَكْسَابَهُ وَقَضَى دَيْنَ الْغُرَمَاءِ ثُمَّ جَاءَ الْمَوْلَى، وَأَنْكَرَ الْإِذْنَ فَإِنْ بَرْهَنَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْإِذْنِ وَإِلَّا رَدُّوا لِلْمَوْلَى مَا أَخَذُوا مِنْ ثَمَنِ كَسْبِهِ، وَلَا يَنْقُضُ بَيْعُ الْقَاضِي،؛ لِأَنَّهُ لَهُ وِلَايَةُ بَيْعِ مَالِ الْغَائِبِ وَيُؤَخِّرُ حَقَّهُمْ إلَى الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ لَا يُؤَاخَذُ بِأَقْوَالِهِ لِلْحَالِ أَتْقَانِيٌّ عَنْ مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ.
(وَتَصَرُّفُ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ) الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ (إنْ كَانَ نَافِعًا) مَحْضًا (كَالْإِسْلَامِ وَالِاتِّهَابِ صَحَّ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ ضَارًّا كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ) وَالصَّدَقَةِ وَالْقَرْضِ (لَا وَإِنْ أَذِنَ بِهِ وَلِيُّهُمَا وَمَا تَرَدَّدَ) مِنْ الْعُقُودِ (بَيْنَ نَفْعٍ وَضَرَرٍ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِذْنِ) حَتَّى لَوْ بَلَغَ فَأَجَازَهُ نَفَذَ (فَإِنْ أَذِنَ لَهُمَا الْوَلِيُّ فَهُمَا فِي شِرَاءٍ وَبَيْعٍ كَعَبْدٍ مَأْذُونٍ) فِي كُلِّ أَحْكَامِهِ.
(وَالشَّرْطُ) لِصِحَّةِ الْإِذْنِ (أَنْ يَعْقِلَا الْبَيْعَ سَالِبًا لِلْمِلْكِ) عَنْ الْبَائِعِ (وَالشِّرَاءَ جَالِبًا لَهُ) زَادَ الزَّيْلَعِيُّ: وَأَنْ يَقْصِدَ الرِّبْحَ وَيَعْرِفَ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَاحِشِ
ــ
[رد المحتار]
مَبْحَثٌ فِي تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ وَمَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ وَتَرْتِيبُهَا (قَوْلُهُ وَتَصَرُّفُ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ إلَخْ) ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ نَظَرًا إلَى إذْنِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ، وَكَوْنُهُ مَأْذُونًا بِإِذْنِهِ وَبَيْنَ حُكْمِهِ وَذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الْحَجْرِ حَيْثُ قَالَ: وَمَنْ عَقَدَ مِنْهُمْ وَهُوَ يَعْقِلُهُ أَجَازَهُ وَلِيُّهُ أَوْ رَدَّهُ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ مَحْجُورًا وَبَيْنَ حُكْمِهِ يَعْقُوبِيَّةٌ (قَوْلُهُ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ) صِفَةٌ لِكُلٍّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ مَحْضًا) أَيْ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ (قَوْلُهُ وَالِاتِّهَابِ) أَيْ قَبُولُ الْهِبَةِ وَقَبْضُهَا وَكَذَا الصَّدَقَةُ قُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ وَإِنْ ضَارًّا) أَيْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَيْ ضَرَرًا دُنْيَوِيًّا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ أُخْرَوِيٌّ كَالصَّدَقَةِ وَالْقَرْضِ (قَوْلُهُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ) وَلَوْ عَلَى مَالٍ فَإِنَّهُمَا وُضِعَا لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ وَهِيَ ضَرَرٌ مَحْضٌ، وَلَا يَضُرُّ سُقُوطُ النَّفَقَةِ بِالْأَوَّلِ وَحُصُولُ الثَّوَابِ بِالثَّانِي، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُوضَعَا لَهُ إذْ الِاعْتِبَارُ لِلْوَضْعِ وَكَذَا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَغَيْرُهُمَا قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ لَا وَإِنْ أَذِنَ بِهِ وَلِيُّهُمَا) لِاشْتِرَاطِ الْأَهْلِيَّةِ الْكَامِلَةِ، وَكَذَا لَوْ أَجَازَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَّا إذَا كَانَتْ بِلَفْظٍ يَصْلُحُ لِابْتِدَاءِ الْعَقْدِ كَأَوْقَعْتُ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ، وَكَذَا لَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ كَأَبِيهِ وَوَصِيِّهِ وَالْقَاضِي لِلضَّرَرِ.
قُلْت: وَمَوَاضِعُ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ كَمَا لَوْ كَانَ مَجْبُوبًا أَوْ ارْتَدَّ أَوْ أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ وَأَبَى الْإِسْلَامَ أَوْ كَاتَبَ وَلِيَّهُ حَظَّهُ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ، وَاسْتَوْفَى بَدَلَهَا فَقَدْ صَارَ الصَّبِيُّ مُطْلَقًا فِي قَوْلٍ كَمَا صَارَ مُعْتَقًا وَتَمَامُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَالْبُرْجُنْدِيِّ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ) أَيْ وَلَوْ بِضِعْفِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِأَصْلِ وَضْعِهِ دُونَ مَا عُرِضَ لَهُ بِاتِّفَاقِ الْحَالِ وَهُوَ بِأَصْلِهِ مُتَرَدِّدٌ بِخِلَافِ الْهِبَةِ لَهُ وَتَحْقِيقُهُ فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ أَحْكَامِهِ) فَيَصِيرُ مَأْذُونًا بِالسُّكُوتِ وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ كَسْبِهِ وَلَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ عَبْدِهِ وَلَا كِتَابَتِهِ كَمَا فِي الْعَبْدِ جَوْهَرَةٌ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِنَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي فِي الْعَبْدِ زَيْلَعِيٌّ ثُمَّ اسْتَثْنَى آخِرَ الْبَابِ فَقَالَ: إلَّا أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِمَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ، وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ بِخِلَافِ الْمَوْلَى. وَالْفَرْقُ أَنَّ إقْرَارَ الْوَلِيِّ عَلَيْهِمَا شَهَادَةٌ،؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يُقْبَلُ وَدَيْنُهُمَا غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِمَالِهِمَا، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا حُرَّانِ فَكَانَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ بَعْدَ الدَّيْنِ كَمَا كَانَ لَهُ قَبْلَهُ اهـ.
أَقُولُ: وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ فَرْقٌ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْوَلِيِّ لَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ، فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي تَصَرُّفَاتِ الصَّبِيِّ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ أَنْ يَعْقِلَا الْبَيْعَ إلَخْ) أَيْ أَنْ يَعْرِفَا مَضْمُونَ الْبَيْعِ لَا مُجَرَّدَ الْعِبَارَةِ يَعْقُوبِيَّةٌ وَغَيْرُهَا قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: فَإِنَّهُ مَا مِنْ صَبِيٍّ لُقِّنَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ إلَّا وَيَتَلَقَّنُهُمَا (قَوْلُهُ سَالِبًا لِلْمِلْكِ) أَيْ مِلْكِ الْمَبِيعِ وَجَالِبًا لِلثَّمَنِ وَبِالْعَكْسِ فِي الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ زَادَ الزَّيْلَعِيُّ) أَيْ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مِنْ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَقْصِدَ الرِّبْحَ) كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِأَلِفِ التَّثْنِيَةِ فِي يَقْصِدُ وَيَعْرِفُ لِيُنَاسِبَ الْمَتْنَ ح لَكِنْ حَكَى الشَّارِحُ عِبَارَةَ الزَّيْلَعِيِّ وَإِفْرَادُ الضَّمِيرِ هُنَا بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ وَالْخَطْبُ سَهْلٌ (قَوْلُهُ وَيَعْرِفُ الْغَبْنَ إلَخْ) بَحَثَ شَيْخُنَا فِي هَذَا الشَّرْطِ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْفَاحِشِ مُخْتَصٌّ بِحُذَّاقِ التُّجَّارِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَبَرَ ح.