المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تتمة صبي سقط من سطح أو في ماء فمات] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٦

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌[رُكْن الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَرْصَدِ وَالْقِيمَةِ وَمِشَدِّ الْمُسْكَةِ]

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَمَعْنَى الِاسْتِحْكَارُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ تَفَاسَخَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ]

- ‌بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْبِنَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْمَعَاصِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِئْجَارِ الْمَاءِ مَعَ الْقَنَاةِ وَاسْتِئْجَارِ الْآجَامِ وَالْحِيَاضِ لِلسَّمَكِ]

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ

- ‌[مَبْحَثُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ الْخَاصِّ أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْحَارِسِ وَالْخَانَاتِيِّ]

- ‌[مَبْحَثُ اخْتِلَافِ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ إصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ وَإِخْرَاجُ التُّرَابِ وَالرَّمَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَجْمِ الدَّارِ مِنْ الْجِنِّ هَلْ هُوَ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِسْقُ الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ عُذْرًا فِي الْفَسْخِ]

- ‌[مَطْلَبٌ إرَادَةُ السَّفَرِ أَوْ النُّقْلَةِ مِنْ الْمِصْرِ عُذْرٌ فِي الْفَسْخِ فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَخْلِيَةِ الْبَعِيدِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْإِجَارَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْمُؤَجِّرِ وَلِغَيْرِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أُجْرَةِ صَكِّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُقْطَعِ وَانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ الْمُقْطِعِ وَإِخْرَاجُهُ لَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْكَرَ الدَّافِعُ وَقَالَ لَيْسَ هَذَا مِنْ دَرَاهِمِي فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا]

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ

- ‌بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ

- ‌بَابٌ: مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى

- ‌كِتَابُالْوَلَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ

- ‌كِتَابُالْإِكْرَاهِ

- ‌كِتَابُالْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ.(بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ

- ‌كِتَابُالْمَأْذُونِ

- ‌[مَبْحَثٌ فِي تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ وَمَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ وَتَرْتِيبُهَا]

- ‌[فروع أَقَرَّ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونَانِ بِمَا مَعَهُمَا مِنْ كَسْبٍ أَوْ إرْثٍ]

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ هُدِمَ حَائِطٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَفِيمَا لَوْ أَبَى الْمَالِكُ قَبُولَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَبْحَاثِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي لُحُوقِ الْإِجَازَةِ لِلْإِتْلَافِ وَالْأَفْعَالِ فِي اللُّقَطَة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِمَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةً تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ مَنَافِعِ الْغَصْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ السَّاعِي]

- ‌كِتَابُالشُّفْعَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ غَصَبَ السُّلْطَانُ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ مِنْ شِرْبٍ أَوْ دَارٍ وَقَالَ لَا أَغْصِبُ إلَّا نَصِيبَهُ]

- ‌بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌[بَابُ مَا تَثْبُتُ الشُّفْعَة فِيهِ أَوْ لَا تَثْبُتُ]

- ‌[بَابُ مَا يُبْطِل الشُّفْعَة]

- ‌[فُرُوعٌ]بَاعَ مَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ شَفِيعُهَا

- ‌كِتَابُالْقِسْمَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ السُّكْنَى فِي بَعْضِ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ]

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌[مُطْلَبٌ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْحُورِ وَالصَّفْصَافِ]

- ‌[مُطْلَبٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُنَاصَبَةِ بَيَانُ الْمُدَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ قَامَ الْعَامِلُ عَلَى الْكَرْمِ أَيَّامًا ثُمَّ تَرَكَ فَلَمَّا أَدْرَكَ الثَّمَرَ جَاءَ يَطْلُبُ الْحِصَّةَ]

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةَ

- ‌فُرُوعٌ]

- ‌[فُرُوعٌ]لَوْنُ أُضْحِيَّتِهِ عليه الصلاة والسلام سَوْدَاءُ

- ‌كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

- ‌[خَاتِمَةٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ]

- ‌فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ

- ‌بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ

- ‌فَرْعٌ]يُكْرَهُ إعْطَاءُ سَائِلٍ الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ الشِّرْبُ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ

- ‌بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتُهُ أَيْ الرَّهْنُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْأَبُ مِنْ مَالِ طِفْلِهِ شَيْئًا بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ

- ‌فُرُوعٌ] رَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ لِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ عِنْدَ غَرِيمٍ مِنْ غُرَمَائِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

- ‌[فَرْعٌ] رَهْنُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ

- ‌بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

- ‌[فُرُوعٌ] أَلْقَى حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا فِي الطَّرِيقِ فَلَدَغَتْ رَجُلًا

- ‌فَصْلٌ فِي الْفِعْلَيْنِ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ

- ‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

- ‌[فُرُوعٌ لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكَرْمِ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ]

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَصْبِ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌[تَتِمَّةٌ صَبِيٌّ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ فِي مَاءٍ فَمَاتَ]

- ‌كِتَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌[فُرُوعٌ وُجِدَ الْقَتِيل فِي دَارِ صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوه]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَرْعٌ]أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فُلَانٌ أَوْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ

- ‌ بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي وَصَايَا الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ

- ‌[فُرُوعٌ]أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلصَّلَوَاتِ

- ‌بَابُ الْوَصِيِّ

- ‌فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ

- ‌[فُرُوعٌ]يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ

- ‌كِتَابُ الْخُنْثَى

- ‌مَسَائِلُ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَصَبَاتِ

- ‌بَابُ الْعَوْلِ

- ‌ مَسَائِلُ الرَّدِّ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ

- ‌بَابُ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى وَغَيْرِهِمْ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُنَاسَخَةِ

- ‌بَابُ الْمَخَارِجِ

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[تتمة صبي سقط من سطح أو في ماء فمات]

(فَإِنْ أُودِعَ طَعَامًا) بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ، وَلَيْسَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ (فَأَكَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ) لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ: يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ أُودِعَ عَبْدٌ مَحْجُورٌ مَالًا فَاسْتَهْلَكَهُ ضَمِنَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْحَالِ وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ أُعِيرَا أَوْ أُقْرِضَا، وَلَوْ كَانَ بِإِذْنٍ أَوْ مَأْذُونًا ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَ الصَّبِيُّ مَالَ الْغَيْرِ بِلَا وَدِيعَةٍ ضَمِنَهُ لِلْحَالِ.

قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ لَوْ الصَّبِيُّ عَاقِلًا، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ الشُّرُنْبُلَالِيَّة عَنْ الشَّلَبِيِّ وَمِسْكِينٍ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ فَلْيُحْفَظْ.

‌بَابُ الْقَسَامَةِ

هِيَ لُغَةً بِمَعْنَى الْقَسَمِ وَهُوَ الْيَمِينُ مُطْلَقًا وَشَرْعًا: الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى

ــ

[رد المحتار]

الْمَضْمُونُ فِي الْمُشَبَّهِ الدِّيَةُ وَهُنَا الْقِيمَةُ، وَعَبَّرَ فِي الْهِدَايَةِ هُنَا بِالدِّيَةِ أَيْضًا اعْتِمَادًا عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ دِيَةَ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ أُودِعَ طَعَامًا) أَيْ مَثَلًا دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ إلَخْ) سَيُذْكَرُ مُحْتَرَزُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَهُ تَمْكِينُ غَيْرِهِ مِنْ اسْتِهْلَاكِهِ لِأَنَّ عِصْمَتَهُ حَقُّ مَالِكِهِ، بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ الْمَمْلُوكِ فَعِصْمَتُهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ لَا لِحَقِّ مَوْلَاهُ، وَلِهَذَا بَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فِي حَقِّ الدَّمِ، وَلَيْسَ لِمَوْلَاهُ وِلَايَةُ اسْتِهْلَاكِهِ، فَلَا يَمْلِكُ تَمْكِينَ غَيْرِهِ مِنْهُ أَفَادَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ (قَوْلُهُ يَضْمَنُ) أَيْ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أُودِعَ عَبْدٌ مَحْجُورٌ مَالًا) أَيْ وَقَبِلَ الْوَدِيعَةَ بِلَا إذْنِ مَوْلَاهُ أَمَّا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا أَوْ مَحْجُورًا وَلَكِنْ قَبِلَهَا بِإِذْنِهِ فَاسْتَهْلَكَهَا لَا يَضْمَنُ فِي الْحَالِ، بَلْ بَعْدَ الْعِتْقِ لَوْ بَالِغًا عَاقِلًا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ فِي الْحَالِ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عَبْدًا فَجَنَى عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ، أَوْ فِيمَا دُونَهَا أُمِرَ مَوْلَاهُ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ إجْمَاعًا أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْخِلَافُ إلَخْ) قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: وَالِاخْتِلَافُ فِي الْإِيدَاعِ وَالْإِعَارَةِ وَالْقَرْضِ وَالْبَيْعِ، وَكُلُّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ وَاحِدٌ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ بِإِذْنٍ) أَيْ لَوْ كَانَ أُودِعَ الطَّعَامَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ ضَمِنَ أَيْ فِي الْحَالِ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الْمَارِّ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ بِلَا وَدِيعَةٍ) أَيْ وَنَحْوِهَا مِمَّا فِيهِ تَسْلِيمٌ (قَوْلُهُ ضَمِنَهُ لِلْحَالِ) لِأَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ دُرَرٌ (قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْمُنْتَقَى إلَخْ) أَيْ مِنْ أَنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ، وَذَكَرَ فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ مَذْهَبُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ، وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ وَإِنَّ غَيْرَهُ مِنْ شُرَّاحِ الْجَامِعِ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ ط: فَتَحَصَّلَ أَنَّهُمَا طَرِيقَتَانِ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ اهـ.

[تَتِمَّةٌ صَبِيٌّ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ فِي مَاءٍ فَمَاتَ]

1

[تَتِمَّةٌ]

صَبِيٌّ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ فِي مَاءٍ فَمَاتَ، فَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يَحْفَظُ نَفْسَهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ لَوْ فِي حِجْرِهِمَا وَعَلَى أَحَدِهِمَا لَوْ فِي حِجْرِهِ كَذَا عَنْ نُصَيْرٍ، وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا إلَّا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ، وَاخْتِيَارُ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَسْقُطَ مِنْ يَدِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ظَهِيرِيَّةٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الْقَسَامَةِ]

ِ لَمَّا كَانَ أَمْرُ الْقَتِيلِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ يَئُولُ إلَى الْقَسَامَةِ، ذَكَرَهَا فِي آخِرِ الدِّيَاتِ فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ لُغَةً بِمَعْنَى الْقَسَمِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ: اخْتَلَفَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي الْقَسَامَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا مَصْدَرٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي نِهَايَتِهِ حَيْثُ قَالَ: الْقَسَامَةُ بِفَتْحٍ الْيَمِينُ كَالْقَسَمِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ أَقْسَمَ قَسَمًا وَقَسَامَةً إذَا حَلَفَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا اسْمُ مَصْدَرٍ وَاخْتَارَهُ الْمُطَرِّزِيُّ فِي الْمُغْرِبِ، حَيْثُ قَالَ: الْقَسَمُ الْيَمِينُ يُقَالُ أَقْسَمَ بِاَللَّهِ إقْسَامًا، وَقَوْلُهُمْ حَكَمَ الْقَاضِي بِالْقَسَامَةِ اسْمٌ مِنْهُ وُضِعَ مَوْضِعَ الْأَقْسَامِ، وَاخْتَارَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ الْأَوَّلَ، وَاخْتَارَ مُنْلَا مِسْكِينٍ الثَّانِي اهـ ط

ص: 625

بِسَبَبٍ مَخْصُوصٍ وَعَدَدٍ مَخْصُوصٍ عَلَى شَخْصٍ مَخْصُوصٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ.

(مَيِّتٌ) حُرٌّ وَلَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مَجْنُونًا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (بِهِ جُرْحٌ أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ أَوْ خَنْقٍ أَوْ خُرُوجِ دَمٍ مِنْ أُذُنِهِ أَوْ عَيْنِهِ وُجِدَ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ) وُجِدَ (بَدَنُهُ أَوْ أَكْثَرُهُ) مِنْ أَيِّ جَانِبٍ كَانَ (أَوْ نِصْفُهُ ثُمَّ مَعَ رَأْسِهِ) وَالنَّصُّ وَإِنْ وَرَدَ فِي الْبَدَنِ لَكِنْ لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ حَتَّى لَوْ وُجِدَ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِهِ وَلَوْ مَعَ رَأْسِهِ لَا يُؤَدِّي لِتَكْرَارِ الْقَسَامَةِ فِي قَتِيلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ (وَلَمْ يَعْلَمْ قَاتِلُهُ) إذْ لَوْ عَلِمَ كَانَ هُوَ الْخَصْمُ وَسَقَطَ الْقَسَامَةُ (وَادَّعَى وَلِيُّهُ الْقَتْلَ عَلَى أَهْلِهَا) أَيْ الْمَحَلَّةِ كُلِّهِمْ (أَوْ) ادَّعَى عَلَى (بَعْضِهِمْ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ بِسَبَبٍ مَخْصُوصٍ) وَهُوَ وُجُودُ الْقَتِيلِ فِي الْمَحَلَّةِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا هُوَ مِلْكٌ لِأَحَدٍ أَوْ فِي يَدِ أَحَدٍ (قَوْلُهُ وَعَدَدٍ مَخْصُوصٍ) وَهُوَ خَمْسُونَ يَمِينًا (قَوْلُهُ عَلَى شَخْصٍ مَخْصُوصٍ) أَيْ مَخْصُوصِ النَّوْعِ وَهُوَ الرَّجُلُ الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ أَوْ الْمَالِكُ الْمُكَلَّفُ وَلَوْ امْرَأَةً، الْحُرُّ وَلَوْ يَدًا كَمُكَاتَبٍ إذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي مَحَلٍّ مَمْلُوكٍ لَهُ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى بَعْضِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ) إشَارَةٌ إلَى مَا فِي الشُّرُوطِ مِنْهَا كَوْنُ الْعَدَدِ خَمْسِينَ وَتَكْرَارُ الْيَمِينِ إنْ لَمْ يَتِمَّ الْعَدَدُ وَقَوْلُهُمْ فِيهَا بِاَللَّهِ مَا قُلْنَاهُ، وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا وَكَوْنُهَا بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ بَعْدَ طَلَبِهَا إذْ لَا تَجِبُ الْيَمِينُ بِدُونِ ذَلِكَ، وَكَوْنُ الْمَيِّتِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَوُجُودُ أَثَرِ الْقَتْلِ فِيهِ وَأَنْ لَا يُعْلَمَ قَاتِلُهُ، فَقَدْ تَضَمَّنَ مَا ذَكَرَهُ بَيَانَ مَعْنَى الْقَسَامَةِ وَسَبَبِهَا وَشَرْطِهَا

قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَرُكْنُهَا إجْرَاءُ الْيَمِينِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى لِسَانِهِ، وَحُكْمُهَا: الْقَضَاءُ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ إنْ حَلَفُوا وَالْحَبْسُ إلَى الْحَلِفِ إنْ أَبَوْا إنْ ادَّعَى الْوَلِيُّ الْعَمْدَ وَبِالدِّيَةِ عِنْدَ النُّكُولِ، إنْ ادَّعَى خَطَأً وَمَحَاسُّهَا خَطَرُ الدِّمَاءِ وَصِيَانَتُهَا عَنْ الْإِهْدَارِ وَخَلَاصُ الْمُتَّهَمِ بِالْقَتْلِ عَنْ الْقِصَاصِ، وَدَلِيلُ شَرْعِيَّتِهَا الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا (قَوْلُهُ مَيِّتٌ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ وُجِدَ جَرِيحًا فِي مَحَلَّةٍ، فَنُقِلَ مِنْهَا ذَا فِرَاشٍ، حَتَّى مَاتَ مِنْ الْجِرَاحَةِ فَإِنَّ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ عَلَى أَهْلِهَا كَمَا سَيَأْتِي مَتْنًا (قَوْلُهُ حُرٌّ) أَمَّا الْعَبْدُ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ وَالْقِيمَةُ إذَا وُجِدَ فِي غَيْرِ مِلْكِ سَيِّدِهِ، وَكَذَا الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ، وَلَوْ فِي مِلْكِهِ فَهَدَرٌ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ فَفِيهِمَا الْقِيمَةُ عَلَى الْمَوْلَى، لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ حَالَّةً لِلْغُرَمَاءِ فِي الْمَأْذُونِ، وَفِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي الْمُكَاتَبِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ الْبَدَائِعِ، وَسَيَأْتِي فِي الْفُرُوعِ آخِرَ الْبَابِ (قَوْلُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مَجْنُونًا) دَخَلَ فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ، وَخَرَجَ الْبَهَائِمُ، فَلَا شَيْءَ فِيهَا كَمَا سِيَاتِي (قَوْلُهُ بِهِ جُرْحٌ إلَخْ) سَيَأْتِي مُحْتَرِزًا مَتْنًا (قَوْلُهُ فِي مَحَلَّةٍ) بِالْفَتْحِ الْمَكَانُ الَّذِي يَنْزِلُهُ الْقَوْمُ ط عَنْ الْمِصْبَاحِ.

(قَوْلُهُ أَوْ نِصْفُهُ مَعَ رَأْسِهِ) وَلَوْ مَشْقُوقًا بِالطُّولِ مِنَحٌ أَيْ وَمَعَهُ الرَّأْسُ، وَأَمَّا إذَا شُقَّ طُولًا بِدُونِهِ أَوْ شُقَّ الرَّأْسُ مَعَهُ، فَلَا قَسَامَةَ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ فِي مَتْنِهِ ط (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ وُجِدَ إلَخْ) وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمَوْجُودَ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ وُجِدَ الْبَاقِي تَجْرِي فِيهِ الْقَسَامَةُ لَا تَجِبُ فِي الْمَوْجُودِ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ وُجِدَ الْبَاقِي لَا تَجِبُ فِيهِ الْقَسَامَةُ تَجِبُ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِي هَذَا الْبَابِ تَنْسَحِبُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ لِتَكْرَارِ الْقَسَامَةِ إلَخْ) أَيْ وَالدِّيَةُ بِأَنْ وُجِدَ الْأَقَلُّ مِنْ بَدَنِهِ مَعَ رَأْسِهِ فِي مَحَلٍّ، وَالْبَاقِي فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَإِنَّهُ إذَا وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ فِي الْأَقَلِّ لَزِمَ وُجُوبُهُمَا فِي الْأَكْثَرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ إذْ لَوْ عَلِمَ) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ قُهُسْتَانِيٌ أَيْ إقْرَارُ الْقَاتِلِ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْبَيِّنَةُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ كَمَا سَيَأْتِي مَتْنًا وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَادَّعَى وَلِيُّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِهَا الدَّعْوَى مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ، إذْ الْيَمِينُ لَا تَجِبُ بِدُونِهَا كَمَا فِي الطُّورِيِّ، وَقَدَّمْنَاهُ وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ هَلْ يَدَّعِيهَا الْإِمَامُ أَمْ لَا، ثُمَّ رَأَيْت مَنْقُولًا عَنْ شَرْحِ الْحَمَوِيِّ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي التَّخَيُّرِ الْآتِي، حَيْثُ الْأَوْلَى هَلْ يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ الْخَمْسِينَ أَمْ لَا وَقَالَ فَلْيُرْجَعْ.

(قَوْلُهُ أَوْ ادَّعَى عَلَى بَعْضِهِمْ) وَلَوْ مُعَيَّنًا مَا لَوْ ادَّعَى

ص: 626

حَلَفَ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْهُمْ يَخْتَارُهُمْ الْوَلِيُّ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا) بِأَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْت وَلَا عَلِمْت لَهُ قَاتِلًا (لَا يَحْلِفُ الْوَلِيُّ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ كَانَ ثَمَّةَ لَوْثٌ اُسْتُحْلِفَ الْأَوْلِيَاءُ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ قَتَلُوهُ ثُمَّ يُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَضَى مَالِكٌ بِالْقَوَدِ لَوْ الدَّعْوَى بِالْعَمْدِ (ثُمَّ قَضَى عَلَى أَهْلِهَا بِالدِّيَةِ) لَا مُطْلَقًا بَلْ (إنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى بِقَتْلٍ عَمْدٍ وَإِنْ) وَقَعَتْ الدَّعْوَى (بِخَطَأٍ فَعَلَى) أَيْ فَيُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى (عَوَاقِلِهِمْ) كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مَعْزِيًّا لِلذَّخِيرَةِ وَالْخَانِيَّةِ.

وَنَقَلَ ابْنُ الْكَمَالِ عَنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْقَسَامَةَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَالدِّيَةَ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ

ــ

[رد المحتار]

عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُمْ كَمَا يَأْتِي مَتْنًا (قَوْلُهُ حَلَفَ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْهُمْ إلَخْ) خَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ كَمَا مَرَّ، وَيَأْتِي وَهَذَا إنْ طَلَبَ الْوَلِيُّ التَّحْلِيفَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَلَهُ تَرْكُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّمْلِيُّ، وَإِذَا تَرَكَهُ فَهَلْ يُقْضَى لَهُ بِالدِّيَةِ أَمْ لَا، لِأَنَّهُ لَوْ حَلَّفَهُمْ أَمْكَنَ ظُهُورُ الْقَاتِلِ لَمْ أَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَقَوْلُهُ يَخْتَارُهُمْ الْوَلِيُّ، نَصَّ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمَوْلَى لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقُّهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْتَارُ مَنْ يَتَّهِمُهُ بِالْقَتْلِ، أَوْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ أَوْ صَالِحِي أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لِمَا أَنَّ تَحَرُّزَهُمْ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ أَبْلَغُ فَيَظْهَرُ الْقَاتِلُ، وَلَوْ اخْتَارَ أَعْمَى أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ جَازَ لِأَنَّهَا يَمِينٌ وَلَيْسَتْ بِشَهَادَةٍ اهـ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَحْلِفَ إلَخْ) فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ تَقَابُلِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ قُهُسْتَانِيٌ، فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْيِ قَتْلِهِ، وَنَفْيِ عِلْمِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَحْدَهُ، فَيَتَجَرَّأُ عَلَى يَمِينِهِ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ يَعْنِي جَمِيعًا، وَلَا يَعْكِسُ لِأَنَّهُ إذَا قَتَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ كَانَ قَاتِلًا وَفَائِدَةُ قَوْلِهِ: وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا مَعَ أَنَّ شَهَادَةَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِالْقَتْلِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ مَرْدُودَةٌ أَنْ يُقِرَّ الْحَالِفُ عَلَى عَبْدِهِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ أَوْ يُقِرُّ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَيُصَدِّقُهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ، فَيَسْقُطُ الْحُكْمُ عَنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ مِنَحٌ مُلَخَّصًا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ قَالَ: قَتَلَهُ زَيْدٌ يَقُولُ فِي حَلِفِهِ وَلَا عَلِمْت لَهُ قَاتِلًا غَيْرَ زَيْدٍ.

(قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) اللَّوْثُ أَنْ يَكُونَ عَلَامَةُ الْقَتْلِ عَلَى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ ظَاهِرٌ يَشْهَدُ لِلْمُدَّعِي مِنْ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ يَشْهَدُ عَدْلٌ أَوْ جَمَاعَةٌ غَيْرُ عُدُولٍ أَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ قَتَلُوهُ.

وَحَاصِلُ مَذْهَبِهِ: أَنَّهُ إنْ وُجِدَ ظَاهِرٌ يَشْهَدُ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ خَطَأً فَلَهُ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ، أَوْ عَمْدًا فَالْقِصَاصُ فِي قَوْلٍ، وَالدِّيَةُ فِي قَوْلٍ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفُوا، فَإِنْ حَلَفُوا لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؛ وَإِلَّا فَعَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ فِي قَوْلٍ وَالدِّيَةُ فِي قَوْلٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلْمُدَّعِي، حَلَفَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ عَلَى مَا قُلْنَا، فَحَيْثُ لَا لَوْثَ فَقَوْلُهُ كَقَوْلِنَا وَالِاخْتِلَافُ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَحْلِفُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَهُ يَحْلِفُ، وَالثَّانِي: بَرَاءَةُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي الْيَمِينِ اهـ مِنْ الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا وَبَيَانُ الْأَدِلَّةِ فِي الْمُطَوَّلَاتِ وَاللَّوْثُ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَسُكُونِ الْوَاوِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ كَمَا ضَبَطَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي لُغَاتِ الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ وَقَضَى مَالِكٌ بِالْقَوَدِ) أَيْ عَلَى وَاحِدٍ يَخْتَارُهُ الْمُدَّعِي لِلْقَتْلِ مِنْ بَيْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ غُرَرُ الْأَفْكَارِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ) وَكَذَا فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ الشُّرُنْبُلَالِيَّة عَنْ الْبُرْهَانِ مَعْزِيًّا لِلذَّخِيرَةِ وَالْخَانِيَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَنَقَلَ ابْنُ الْكَمَالِ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ ابْنَ الْكَمَالِ لَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ بَلْ قَالَ ثُمَّ قُضِيَ عَلَى أَهْلِهَا بِدِيَتِهِ وَتَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ، لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ إلَخْ، ثُمَّ فَرَّقَ ابْنُ الْكَمَالِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ عَنْهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْإِطْلَاقَ هُنَا، وَكَذَا أَطْلَقَ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ وُجُوبَهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ.

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا: وَفِي الْمَبْسُوطِ ثُمَّ يُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، لِأَنَّ حَالَهُمْ هُنَا دُونَ حَالِ مَنْ بَاشَرَ الْقَتْلَ خَطَأً وَإِذَا كَانَتْ الدِّيَةُ هُنَاكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فَهَاهُنَا أَوْلَى، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ كِلَاهُمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ اهـ مُلَخَّصًا

ص: 627

أَيْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَكَذَا قِيمَةُ الْقِنِّ تُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْعَدَدُ كُرِّرَ الْحَلِفُ عَلَيْهِمْ لِيَتِمَّ خَمْسِينَ يَمِينًا وَإِنْ تَمَّ) الْعَدَدُ (وَأَرَادَ الْوَلِيُّ تَكْرَارَهُ لَا، وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ هُنَا) هَذَا فِي دَعْوَى الْقَتْلِ الْعَمْدِ أَمَّا فِي الْخَطَأِ فَيُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ وَلَا يُحْبَسُونَ ابْنُ كَمَالٍ مَعْزِيًّا لِلْخَانِيَّةِ.

وَلَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ قَبْلَ إقْرَارِهِ، وَلَوْ عَلَى غَيْرِهِ فَصَدَّقَهُ الْوَلِيُّ سَقَطَ التَّحْلِيفُ عَنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ

(وَلَا قَسَامَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ وَعَبْدٍ وَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ فِي مَيِّتٍ لَا أَثَرَ بِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَتِيلٍ، لِأَنَّ الْقَتِيلَ عُرْفًا هُوَ فَائِتُ الْحَيَاةِ بِسَبَبِ مُبَاشَرَةِ الْحَيِّ، وَأَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَالْغَرَامَةُ تَتْبَعُ فِعْلَ الْعَبْدِ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْمَوْجُودَ هُنَا مُجَرَّدُ دَعْوَى إذْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ قَتَلُوهُ؛ فَهُوَ أَدْنَى حَالًا مِنْ حَالِ مَنْ بَاشَرَ الْقَتْلَ الْخَطَأَ عِيَانًا فَتَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ بِالْأَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى بِقَتْلِ الْعَمْدِ لِمَا قُلْنَا مِنْ عَدَمِ الثُّبُوتِ؛ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْعَوَاقِلَ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ، هَذَا وَعِبَارَاتُ الْمُتُونِ مُطْلَقَةٌ فِي أَنَّ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ تَخْصِيصِهَا بِدَعْوَى الْعَمْدِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ أَوْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ كَمَا فَعَلَ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقَاتِلَ كَوَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ، فَيَتَحَمَّلُ مَعَهُمْ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، فَكَذَا هُنَا وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْقَسَامَةَ عَلَيْهِمْ وَالدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ وَعَلَيْهِمْ، لِأَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ قَتَلُوا حُكْمًا فَيَكُونُ كَمَا لَوْ قَتَلُوا حَقِيقَةً (قَوْلُهُ أَيْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) أَتَى بِلَفْظِ أَيْ لِأَنَّ ابْنَ كَمَالٍ لَمْ يَذْكُرْهُ، لَكِنَّهُ مَذْكُورٌ فِي الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ وَكَذَا قِيمَةُ الْقِنِّ) أَيْ إذَا وُجِدَ فِي غَيْرِ مِلْكِ سَيِّدِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ الْوَلِيُّ تَكْرَارَهُ) أَيْ عَلَى بَعْضِهِمْ كَأَنْ اخْتَارَ الصُّلَحَاءَ مِنْهُمْ مَثَلًا وَلَا يُتِمُّونَ خَمْسِينَ لَا يُكَرِّرُ عَلَيْهِمْ، بَلْ يَخْتَارُ تَمَامَ الْخَمْسِينَ مِنْ الْبَاقِينَ أَفَادَهُ الْأَتْقَانِيُّ (قَوْلُهُ حَتَّى يَحْلِفَ) أَيْ أَوْ يُقِرَّ فَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُحْكَمْ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ، لِأَنَّ الْيَمِينَ هُنَا نَفْسُ الْحَقِّ تَعْظِيمًا لِأَمْرِ الدَّمِ لَا بَدَلًا عَنْ الدِّيَةِ، وَلِذَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْيَمِينِ فِي دَعْوَى الْمَالِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْهُ وَلِذَا تَسْقُطُ بِالْأَدَاءِ أَتْقَانِيٌّ مُلَخَّصًا. وَهَذَا إذَا لَمْ يَدَّعِ عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ هُنَا) وَهُوَ بِاَللَّهِ مَا قَتَلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ الْحَبْسُ بِالنُّكُولِ (قَوْلُهُ أَمَّا فِي الْخَطَأِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مُوجَبَهُ الْمَالُ، فَيُقْضَى بِهِ عِنْدَ النُّكُولِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَرِيبًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مَعْزِيًّا لِلْخَانِيَّةِ) أَقُولُ: هَذَا مَذْكُورٌ فِي الذَّخِيرَةِ، وَذَكَرَ عِبَارَتَهَا فِي الْمِنَحِ وَعَزَاهُ الْقُهُسْتَانِيُّ إلَى الْمُجْتَبَى وَالْكَرْمَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا الَّذِي رَأَيْته فِي الْخَانِيَّةِ فَهُوَ قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعُوا عَنْ الْيَمِينِ حُبِسُوا حَتَّى يَحْلِفُوا اهـ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُتُونِ

(قَوْلُهُ أَوْ عَبْدِهِ) أَيْ فِي الْخَطَأِ أَمَّا الْعَمْدُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ فَقَدْ تَقَدَّمَ عَدَمُ قَبُولِهِ عَلَى عَبْدِهِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ وَلَيْسَ مِنْ مَحَلَّتِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمِنَحِ وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ سَقَطَ التَّحْلِيفُ إلَخْ) وَكَذَا فِي إقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ، فَلَوْ قَالَ وَلَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ مَحَلَّتِهِ وَصَدَّقَهُ وَلِيُّهُ سَقَطَ التَّحْلِيفُ عَنْ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ

(قَوْلُهُ وَلَا قَسَامَةَ عَلَى صَبِيٍّ إلَخْ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ النُّصْرَةِ وَإِنَّمَا هُمْ أَتْبَاعٌ وَالنُّصْرَةُ لَا تَكُونُ بِالِاتِّبَاعِ وَالْيَمِينُ عَلَى أَهْلِ النُّصْرَةِ، وَلِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْقَوْلِ الصَّحِيحِ وَالْيَمِينُ قَوْلٌ اهـ زَيْلَعِيٌّ.

أَقُولُ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ مَعَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي قَسَامَةِ قَتِيلِهَا، فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مَتْنًا مِنْ وُجُوبِ الْقَسَامَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ لَوْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي قَرْيَةٍ لَهَا وَلَا مَا ذَكَرَهُ الطُّورِيُّ عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ وُجُوبِهَا عَلَى مُكَاتَبٍ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِهِ وَإِنْ حَلَفَ يَجِبُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الدِّيَةِ اهـ وَأَمَّا لَوْ وُجِدَ فِي دَارِ الْمَأْذُونِ فَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ أَنْ تَجِبَ الْقَسَامَةُ عَلَى الْمَوْلَى؛ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ أَقَرَّ بِالْجِنَايَةِ الْخَطَأِ لَا يَصْلُحُ إقْرَارُهُ فَلَا يَحْلِفُ اهـ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ فَالْهَمْزَةُ مَكْسُورَةٌ وَالضَّمِيرُ لِلْمَيِّتِ الَّذِي لَا أَثَرَ بِهِ اهـ ح (قَوْلُهُ وَالْغَرَامَةُ)

ص: 628

(أَوْ يَسِيلُ دَمٌ مِنْ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ دُبُرِهِ أَوْ ذَكَرِهِ) لِأَنَّ الدَّمَ يَخْرُجُ مِنْهَا عَادَةً بِلَا فِعْلِ أَحَدٍ بِخِلَافِ الْأُذُنِ وَالْعَيْنِ (أَوْ نِصْفٍ مِنْهُ) أَيْ

وَلَا قَسَامَةَ فِي نِصْفِ مَيِّتٍ (شُقَّ طُولًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ نِصْفِهِ (وَلَوْ مَعَهُ الرَّأْسُ) لِمَا مَرَّ (أَوْ)(عَلَى رَقَبَتِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (حَيَّةٌ مُلْتَوِيَةٌ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَاتَ بِهَا بَزَّازِيَّةٌ

(وَمَا تَمَّ خِلْقَةً كَكَبِيرٍ) أَيْ وُجِدَ سَقْطٌ تَامَّ الْخِلْقَةِ بِهِ أَثَرُ الضَّرْبِ وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ

(فَإِنْ ادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ) كَانَ إبْرَاءٌ مِنْهُ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَ (سَقَطَتْ) الْقَسَامَةُ عَنْهُمْ

(وَ) إنْ ادَّعَى الْوَلِيُّ (عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْهُمْ لَا) تَسْقُطُ وَقِيلَ تَسْقُطُ

(قَتِيلٌ عَلَى دَابَّةٍ مَعَهَا سَائِقٌ أَوْ قَائِدٌ أَوْ رَاكِبٌ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) دُونَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ

ــ

[رد المحتار]

أَيْ الدِّيَةُ تَتَّبِعُ فِعْلَ الْعَبْدِ أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ فِعْلُهُ وَكَذَا الْقَسَامَةُ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لِاحْتِمَالِ الْقَتْلِ مِنْهُمْ وَلَمْ يُحْتَمَلْ لِعَدَمِ أَثَرِهِ فَلَا تَجِبُ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ يَسِيلُ دَمٌ) عَطْفٌ عَلَى لَا أَثَرَ بِهِ اهـ ح (قَوْلُهُ مِنْ فَمِهِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ هَذَا إذَا نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ فَإِنْ عَلَا مِنْ الْجَوْفِ فَقَتِيلٌ قُهُسْتَانِيٌ وَأَتْقَانِيٌّ عَنْ فَخْرِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ بِلَا فِعْلِ أَحَدٍ) فَإِنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ مِنْ الْفَمِ أَوْ الْأَنْفِ لِرُعَافٍ، وَمِنْ الدُّبُرِ لِعِلَّةٍ فِي الْبَاطِنِ أَوْ أَكْلِ مَا لَا يُوَافِقُ، وَمِنْ الْإِحْلِيلِ لِعِرْقٍ انْفَجَرَ فِي الْبَاطِنِ أَوْ ضَعْفِ الْكُلَى أَوْ الْكَبِدِ أَوْ شِدَّةِ الْخَوْفِ أَفَادَهُ الْأَتْقَانِيُّ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ بِالْأَوْلَى: لَوْ عُلِمَ مَوْتُهُ بِحَرْقٍ أَوْ سُقُوطٍ مِنْ سَطْحٍ أَوْ فِي مَاءٍ بِلَا فِعْلِ أَحَدٍ، فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ، لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يُحَالَ الْقَتْلُ عَلَى سَبَبٍ ظَاهِرٍ قَوِيٍّ يَمْنَعُ وُجُوبَهُمَا كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأُذُنِ وَالْعَيْنِ) فَإِنَّهُ دَلَالَةُ الْقَتْلِ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا عَادَةً إلَّا بِفِعْلٍ حَادِثٍ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ نِصْفٍ مِنْهُ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَيِّتٍ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ أَفَادَهُ ح

(قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) مِنْ قَوْلِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ لِتَكْرَارِ الْقَسَامَةِ فِي قَتِيلٍ وَاحِدٍ

(قَوْلُهُ وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَامَّ الْخَلْقِ يَنْفَصِلُ حَيًّا، وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ الْخَلْقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَنْفَصِلُ مَيِّتًا هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ) وَنِصْفُهَا وَالْجَنِينُ إذَا وُجِدَ قَتِيلًا فِي الْمَحَلَّةِ فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ اهـ.

أَقُولُ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الشُّرُوحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُلْتَقَى وَالْوِقَايَةِ وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهَا

(قَوْلُهُ كَانَ إبْرَاءً مِنْهُ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ) لِأَنَّهُمْ لَا يَغْرَمُونَ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ الْقَتِيلِ فِيهِمْ؛ بَلْ بِدَعْوَى الْوَلِيِّ، فَإِذَا ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِمْ امْتَنَعَ دَعْوَاهُ عَلَيْهِمْ لِفَقْدِ شَرْطِهِ اهـ ط عَنْ الشُّمُنِّيِّ وَكَالْمَحَلَّةِ الْمِلْكُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ وَسَقَطَتْ الْقَسَامَةُ عَنْهُمْ) وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ ذَلِكَ وَبَاقِيهِمْ حَاضِرٌ سَاكِتٌ، وَلَوْ غَائِبًا لَا مَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعِي وَكِيلًا عَنْهُ فِيهَا، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمْ: قَتَلَهُ زَيْدٌ وَآخَرُ: عَمْرٌو وَآخَرُ قَالَ: لَا أَعْرِفُهُ. فَلَا تَكَاذُبَ وَسَقَطَتْ سَائِحَانِيٌّ عَنْ الزَّاهِدِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَبَيَانُهُ مَا ذَكَرَهُ الْأَتْقَانِيُّ أَنَّهُ إنْ بَرْهَنَ الْوَلِيُّ فِيهَا وَإِلَّا اسْتَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدَةً، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْمَالِ أَيْ الْقَتْلِ خَطَأً ثَبَتَ وَإِنْ فِي الْقِصَاصِ حُبِسَ، حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ أَوْ يَمُوتَ جُوعًا عِنْدَهُ وَقَالَا يَلْزَمُهُ الْأَرْشُ اهـ مُلَخَّصًا وَتَمَامُهُ فِيهِ

(قَوْلُهُ لَا تَسْقُطُ) أَيْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَوَاهِبُ، لِأَنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَهَا ابْتِدَاءً عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، فَتَعْيِينُهُ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَا يُنَافِي مَا شَرَعَهُ الشَّارِعُ، فَتَثْبُتُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَسْقُطُ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ وَالْأُصُولِ: أَنَّ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ تَسْقُطُ عَنْ الْبَاقِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَيُقَالُ لِلْوَلِيِّ أَلَكَ بَيِّنَةٌ فَإِنْ قَالَ: لَا يُسْتَحْلَفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلَهُ زَيْلَعِيٌّ

(قَوْلُهُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ تَجِبُ الْقَسَامَةُ، فَإِذَا حَلَفَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ ثُمَّ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: إنَّ هَذَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِلدَّابَّةِ مَالِكٌ مَعْرُوفٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَمِنْهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنْ كَانَ لَهَا مَالِكٌ فَعَلَيْهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ قُهُسْتَانِيٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ مَشَى الْمُصَنِّفُ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكًا لَهُمْ وَحِينَئِذٍ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الدِّيَةِ وَالدَّارِ حَيْثُ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَالِكِهَا دُونَ سَاكِنِهَا كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ الدَّارَ لَا تَنْقَطِعُ

ص: 629

لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي دَارِهِ (وَلَوْ اجْتَمَعَ) فِيهَا (سَائِقٌ وَقَائِدٌ وَرَاكِبٌ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكًا لَهُمْ) عَمَلًا بِيَدَيْهِمْ وَقِيلَ: الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى مَالِكِ الدَّابَّةِ كَالدَّارِ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ عَلَى السَّائِقِ إلَّا إذَا كَانَ يَسُوقُهَا مُخْتَفِيًا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ فَالدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الَّتِي فِيهَا الْقَتِيلُ عَلَى الدَّابَّةِ

(وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ عَلَيْهَا قَتِيلٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ) أَوْ قَبِيلَتَيْنِ (فَعَلَى أَقْرَبِهِمَا) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ بِأَنْ يُذْرَعَ فَوُجِدَ إلَى أَحَدِهِمَا أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَقَضَى عَلَيْهَا بِالْقَسَامَةِ» وَلَوْ اسْتَوَيَا فَعَلَيْهِمَا وَقَيْدُ الدَّابَّةِ اتِّفَاقِيٌّ قُهُسْتَانِيُّ (بِشَرْطِ سَمَاعِ الصَّوْتِ مِنْهُمْ) هَكَذَا عَبَّارُهُ الزَّيْلَعِيِّ.

ــ

[رد المحتار]

يَدُ مِلْكِهَا عَنْهَا فِي الرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ وَإِنْ أَجْرَاهَا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ فِيهَا لِذِي الْيَدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ) الضَّمِيرُ الْأَوَّلُ لِلْقَتِيلِ وَالثَّانِي لِلسَّائِقِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي دَارِهِ (قَوْلُهُ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا) أَيْ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِمْ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكًا لَهُمْ) إنْ وَصْلِيَّةٌ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مِلْكًا لَهُمْ أَوْ لَا وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَالِكُ أَحَدَهُمْ بِأَنْ كَانَ هُوَ السَّائِقُ مَثَلًا، وَالْقَائِدُ أَوْ الرَّاكِبُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَالْإِطْلَاقُ يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْأَتْقَانِيُّ لَوْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي سَفِينَةٍ فَالدِّيَةُ عَلَى مَنْ فِيهَا مِنْ مَالِكٍ وَرَاكِبٍ، لِأَنَّهَا تُنْقَلُ وَتَحُولُ فَالضَّمَانُ فِيهَا بِثُبُوتِ الْيَدِ لَا بِالنُّصْرَةِ كَالدَّابَّةِ اهـ أَفَادَهُ سَعْدِيٌّ (قَوْلُهُ عَمَلًا بِيَدِهِمْ) إشَارَةٌ إلَى الْفَرْقِ الْمَارِّ بَيْنَ الدَّابَّةِ وَالدَّارِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ عَلَى السَّائِقِ إلَخْ) هَذَا لَا يَخُصُّ السَّائِقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَائِدُ وَالرَّاكِبُ مِثْلَهُ، وَيُشِيرُ إلَيْهِ مَا فِي الْحَمَوِيِّ عَنْ الرَّمْزِ حَمَلُوا جِنَازَةً ظَاهِرَةً، فَإِذَا هُوَ قَتِيلٌ لَا شَيْءَ فِيهِ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْجَوْهَرَةِ) لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي غَيْرِ الْأُصُولِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ مِسْكِينٌ إذْ لَوْ مَعَهَا سَائِقٌ أَوْ نَحْوُهُ فَقَدْ مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ أَوْ قَبِيلَتَيْنِ) أَوْ سِكَّتَيْنِ أَوْ مَحَلَّتَيْنِ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ فَعَلَى أَقْرَبِهِمَا) أَيْ مِنْ الْقَتِيلِ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ مَمْلُوكًا لِأَحَدٍ، وَإِلَّا فَعَلَى مَالِكِهِ قُهُسْتَانِيٌ وَيَأْتِي قَرِيبًا وَقَالَ فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ وُجِدَ بَيْنَ أَرْضِ قَرْيَةٍ فَعَلَى الْأَقْرَبِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَوَيَا فَعَلَيْهِمَا) فَلَوْ كَانَ فِي إحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ أَلْفُ رَجُلٍ، وَفِي الْأُخْرَى أَقَلُّ فَالدِّيَةُ عَلَى الْقَرْيَتَيْنِ نِصْفَانِ بِلَا خِلَافٍ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ

أَقُولُ: وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مِنْ الشُّرُوطِ: الدَّعْوَى مِنْ الْوَلِيِّ، فَإِذَا ادَّعَى عَلَى إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى كَيْفَ الْحُكْمُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي بَحْثًا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَى إحْدَى الْمُسْتَوَيَيْنِ لَا تَسْقُطُ الْقَسَامَةُ عَنْ الْأُخْرَى، لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْ أَهْلِ مَحَلَّةٍ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَى الْبُعْدَى، فَهُوَ إبْرَاءٌ مِنْهُ لِلْقُرْبَى، لِأَنَّ أَصْلَ الْوُجُوبِ عَلَيْهَا وَحْدَهَا كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَقَيْدُ الدَّابَّةِ أَتْقَانِيٌّ) فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لَوْ وُجِدَ طَرِيحًا بَيْنَهُمَا ط (قَوْلُهُ بِشَرْطِ سَمَاعِ الصَّوْتِ مِنْهُمْ) عَبَّرَ عَنْهُ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ يُقْبَلُ، لَكِنْ جَزَمَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّة وَتَبِعَهُمَا ابْنُ كَمَالٍ وَصَاحِبُ الدُّرَرِ، وَجَعَلَهُ مَتْنًا كَالْمُصَنِّفِ وَكَذَا فِي الْمَوَاهِبِ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، وَمُفَادٌ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ الصَّوْتُ فَدَمُهُ هَدَرٌ، لَكِنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَكَانُ مَمْلُوكًا أَوْ عَلَيْهِ يَدٌ خَاصَّةٌ أَوْ عَامَّةٌ كَمَا يَأْتِي تَقْرِيرُهُ.

(قَوْلُهُ هَكَذَا عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ) أَيْ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا مِثْلُ مَا فِي الدُّرَرِ وَيُمْكِنُ إرْجَاعُ الْكُلِّ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ فَقَوْلُهُ: مِنْهُمْ صِلَةُ سَمَاعٍ، وَقَوْلُهُ: مِنْهُ حَالٌ مِنْ الصَّوْتِ، وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْكَافِي عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ فَهُوَ يَسْمَعُ صَوْتَهُمْ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَدَارُ الضَّمَانِ عَلَى نِسْبَةِ التَّقْصِيرِ إلَيْهِمْ بِعَدَمِ إغَاثَتِهِ كَانَ الْمَلْحُوظُ سَمَاعَهُمْ صَوْتَهُ لَا بِالْعَكْسِ فَأَوْرَدَ الشَّارِحُ عِبَارَةَ الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا لِبَيَانِ الْمُرَادِ فِي

ص: 630

وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا مِنْهُ عِبَارَةُ الْبُرْجَنْدِيِّ نَقْلًا عَنْ الْكَافِي يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْحَقُهُ لِلْغَوْثِ فَيُنْسَبُونَ إلَى التَّقْصِيرِ فِي النُّصْرَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ (لَا) تَلْزَمُهُمْ نُصْرَتُهُ فَلَا يُنْسَبُونَ إلَى التَّقْصِيرِ فَلَا يُجْعَلُونَ قَاتِلِينَ تَقْدِيرًا (وَيُرَاعَى حَالُ الْمَكَانِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْقَتِيلُ فَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا تَجِبُ الْقَسَامَةُ عَلَى الْمُلَّاكِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ) وَكَذَا لَوْ مَوْقُوفًا عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ مُسْتَنَدُ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ.

قُلْت: وَسَيَجِيءُ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْمَتْنِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ وَغَيْرِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا عِبْرَةَ لِلْقُرْبِ إلَّا إذَا وُجِدَ فِي مَكَان مُبَاحٍ لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ وَلَا يَدَ وَإِلَّا فَعَلَى ذِي الْمِلْكِ وَالْيَدِ وَالْمُرَادُ بِالْوِلَايَةِ وَالْيَدِ: الْخُصُوصُ وَلَوْ لِجَمَاعَةٍ يُحْصَوْنَ فَلَوْ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ عَلَى أَحَدٍ بَدَائِعُ لَكِنْ سَيَجِيءُ وُجُوبًا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ أَيْضًا الْمُحِقَّةُ.

وَأَمَّا الْأَرَاضِي الَّتِي لَهَا مَالِكٌ أَخَذَهَا وَالٍ ظُلْمًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَتِيلُ فِيهَا هَدَرًا لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ دِيَةٌ قُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ فَلْيُحَرَّرْ

ــ

[رد المحتار]

كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَا يَسْمَعُونَ) كَذَا فِيمَا رَأَيْت مِنْ النُّسَخِ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ لَا لِيُنَاسِبَ التَّعْلِيلَ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ مَوْقُوفًا عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ) أَيْ تَجِبُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ) خَرَجَ بِهِ غَيْرُ الْمَعْلُومِينَ كَالْمَوْقُوفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْمُصَنِّفِ بَحْثًا.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ) فِيهِ أَنَّ الْوِلَايَةَ فِي الْوَقْتِ لِوَاقِفِهِ أَوْ لِمَنْ جَعَلَهَا لَهُ لَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَتْ الدِّيَةُ فِي الْمَمْلُوكِ وَالْمَوْقُوفِ الْخَاصِّ عَلَى أَرْبَابِهِ، فَلَا عِبْرَةَ لِلْقُرْبِ الْمَشْرُوطِ بِسَمَاعِ الصَّوْتِ إلَّا فِي مُبَاحٍ لَا مِلْكَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ وَلَا يَدَ: أَيْ يَدَ خُصُوصٍ، وَدَخَلَ تَحْتَ ذَلِكَ الْمُبَاحِ شَيْئَانِ الْمَفَازَةُ الَّتِي لَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَحَدٌ وَالْفَلَاةُ الْمُنْتَفَعُ بِهَا الَّتِي فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَفِيهِمَا يُعْتَبَرُ لِلْقُرْبِ بِأَنْ يُنْظَرَ إلَى أَقْرَبِ مَوْضِعٍ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ فَتَجِبُ الْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ الصَّوْتُ، فَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ قَرِيبًا، وَإِلَّا فَهَدَرٌ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِشَرْطِ سَمَاعِ الصَّوْتِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّ الْقَتِيلَ إذَا وُجِدَ فِي فَلَاةٍ فَإِنْ مَمْلُوكَةً فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْمَالِكِ وَقَبِيلَتِهِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ مِنْ مِصْرٍ أَيْ مَثَلًا فَعَلَيْهِمْ الْقَسَامَةُ، وَإِلَّا فَإِنَّ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ مَنْفَعَةَ الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَالْكَلَأِ فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَدَمُهُ هَدَرٌ اهـ مُلَخَّصًا.

وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْخَانِيَّةِ وَلَوْ فِي مَوْضِعٍ مُبَاحٍ إلَّا أَنَّهُ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِقُرْبِهِ مِصْرٌ أَوْ قَرْيَةٌ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ فِي الْخَانِيَّةِ جَزَمَ بِاشْتِرَاطِ السَّمَاعِ أَوَّلًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوَّلًا هُوَ الْمِلْكُ وَالْيَدُ الْخَاصَّةُ ثُمَّ الْقُرْبُ ثُمَّ الْيَدُ الْعَامَّةُ.

[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مِلْكًا وَكَانَ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ فَعَلَى أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ مِنْ الْمِصْرِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ اهـ فَأَفَادَ أَنَّ الْقَسَامَةَ لَيْسَتْ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْمِصْرِ بَلْ عَلَى أَقْرَبِ قَبِيلَةٍ مِنْهَا إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلْيُحْفَظْ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِجَمَاعَةٍ يُحْصَوْنَ) أَيْ لَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ أَوْ لِجَمَاعَةٍ يُحْصَوْنَ كَالْمَوْقُوفِ عَلَى مَعْلُومِينَ (قَوْلُهُ لَكِنْ سَيَجِيءُ) أَيْ فِي الْمَتْنِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ) أَشَارَ بِهِ إلَى إمْكَانِ الْجَمْعِ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْبَدَائِعِ. وَلَا دِيَةَ عَلَى أَحَدٍ أَيْ مِنْ النَّاسِ اهـ ح: أَيْ فَلَا يُنَافِي فِي وُجُوبِهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَكِنَّ هَذَا حَيْثُ لَا قُرْبَ، وَإِلَّا فَالْوُجُوبُ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ الصَّوْتَ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ فَلْيُحَرَّرْ) أَقُولُ: تَحْرِيرُهُ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا فَإِنَّ مَا عَزَاهُ الْقُهُسْتَانِيُّ إلَى الْكَرْمَانِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ دِيَةٌ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِنْ بِيعَتْ وَلَمْ تُقْبَضْ. وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ هُنَاكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ وَدِيعَةً: أَيْ حَيْثُ يَضْمَنُ الْمَالِكُ، لِأَنَّ هَذَا الضَّمَانَ تَرْكُ الْحِفْظِ، وَهُوَ إنَّمَا

ص: 631

(وَإِنْ مُبَاحًا لَكِنَّهُ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ بِحَالٍ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ، يَجِبُ عَلَيْهِ الْغَوْثُ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ

وَفِيهَا (وَلَوْ وُجِدَ) قَتِيلٌ (فِي أَرْضِ رَجُلٍ إلَى جَانِبِ قَرْيَةٍ لَيْسَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ (فَهِيَ عَلَيْهِ) عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ (لَا عَلَى أَهْلِهَا) أَيْ الْقَرْيَةِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ اهـ.

قُلْت: فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقُرْبَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا وُجِدَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ لَا مَمْلُوكَةٍ وَلَا مَوْقُوفَةٍ لِأَنَّ تَدْبِيرَهُ لِأَرْبَابِهِ وَسَيَجِيءُ مَتْنًا فَتَنَبَّهْ

(وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارِ إنْسَانٍ فَعَلَيْهِ الْقَسَامَةُ) وَلَوْ عَاقِلَتُهُ حُضُورًا دَخَلُوا فِي الْقَسَامَةِ أَيْضًا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ مُلْتَقًى (وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) إنْ ثَبَتَ أَنَّهَا لَهُ بِالْحُجَّةِ كَمَا سَيَجِيءُ وَكَانَ لَهُ عَاقِلَةٌ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ (وَهِيَ) أَيْ الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ (عَلَى أَهْلِ الْخِطَّةِ) الَّذِينَ خَطَّ لَهُمْ الْإِمَامُ أَوَّلَ الْفَتْحِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ (دُونَ السُّكَّانِ وَالْمُشْتَرِينَ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: كُلُّهُمْ مُشْتَرِكُونَ (فَإِنْ بَاعَ كُلُّهُمْ عَلَى الْمُشْتَرِينَ) بِالْإِجْمَاعِ

(وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارٍ بَيْنَ قَوْمٍ لِبَعْضٍ

ــ

[رد المحتار]

يَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْحِفْظِ، وَهُوَ مَنْ لَهُ يَدُ أَصَالَةٍ لَا يَدُ نِيَابَةٍ وَيَدُ الْمُودَعِ يَدُ نِيَابَةٍ، وَكَذَا الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُرْتَهِنُ وَكَذَا الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ عِنْدَنَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ. وَذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ اهـ: أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْغَصْبَ يَتَحَقَّقُ فِي الْعَقَارِ وَرَجَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ مُبَاحًا إلَخْ) أَيْ وَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ لِمَا ذَكَرْنَا إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجيَّةِ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَقْرَبِ الْقَرْيَتَيْنِ إذَا كَانَ بِحَالٍ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ، لَكِنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ التَّعْلِيلِ وَالْمُعَلَّلِ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَتْنًا مِنْ قَوْلِهِ: وَيُرَاعَى حَالُ الْمَكَانِ إلَخْ فَظَنَّ الشَّارِحُ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِذَلِكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ مَحَلَّ الْوُجُوبِ هُنَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إذَا كَانَ بَعِيدًا عَنْ الْعُمْرَانِ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ

(قَوْلُهُ لَيْسَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْهَا دُخُولًا مَعَهُ إذَا كَانُوا عَاقِلَتَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَهَذَا صَرِيحٌ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا عِبْرَةَ لِلْقُرْبِ ط (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَدْبِيرَهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمَالِكِ وَذِي الْوِلَايَةِ لِأَنَّ إلَخْ ط

(قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الْقَسَامَةُ) فَتُكَرَّرُ عَلَيْهِ الْأَيْمَانُ وَلْوَالِجِيَّةٌ، وَلَوْ الدَّارُ مُغْلَقَةً لَا أَحَدَ فِيهَا طُورِيٌّ، وَهَذَا إذَا ادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ، فَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَاقِلَتُهُ حُضُورًا) أَيْ فِي بَلَدِهِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ قَوْلُهُ عَنْ الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) حَيْثُ قَالَ: لَا يَدْخُلُونَ مَعَهُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِغَيْرِهِ عَلَى دَارِهِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ لَمَّا اجْتَمَعُوا لِلْحِفْظِ وَالتَّنَاصُرِ ثَبَتَ لَهُمْ وِلَايَةُ حِفْظِ الدَّارِ يَحْفَظُ صَاحِبُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانُوا غُيَّبًا وَلْوَالِجِيَّةٌ (قَوْلُهُ أَيْ الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَسَامَةِ مُرَاعَاةً لِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ، لِأَنَّ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ أَهْلِ الْخِطَّةِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا.

وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَحَلَّةِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي دَعْوَى الْعَمْدِ عَلَيْهِمْ وَفِي الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ اهـ وَاعْتَرَضَهُ أَبُو السُّعُودِ بِأَنَّ التَّفْصِيلَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ عَلَى أَهْلِ الْخِطَّةِ) بِالْكَسْرِ هِيَ مَا أَخَطَّهُ الْإِمَامُ أَيْ أَفْرَزَهُ وَمَيَّزَهُ عَلَى أَرَاضٍ، وَأَعْطَاهُ لِأَحَدِكُمَا فِي الطُّلْبَةِ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ دُونَ السُّكَّانِ) كَالْمُسْتَأْجَرِينَ وَالْمُسْتَعْمَرِينَ فَالْقَسَامَةُ عَلَى أَرْبَابِهَا، وَإِنْ كَانُوا غُيَّبًا تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَكَالْمُشْتَرِينَ الَّذِينَ يَمْلِكُونَ بِالْهِبَةِ أَوْ الْمَهْرِ أَوْ الْوَصِيَّةِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانُوا يَقْبِضُونَهَا قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَ كُلُّهُمْ فَعَلَى الْمُشْتَرِينَ) أَيْ دُونَ السُّكَّانِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مَحَلَّةٍ أَمْلَاكٌ قَدِيمَةٌ وَحَدِيثَةٌ وَسُكَّانٌ فَالْقَسَامَةُ عَلَى الْقَدِيمَةِ دُونَ أَخَوَيْهَا، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ وِلَايَةُ تَدْبِيرِ الْمَحَلَّةِ إلَيْهِمْ، وَإِذَا كَانَ فِيهَا أَمْلَاكٌ حَدِيثَةٌ وَسُكَّانٌ فَعَلَى الْحَدِيثَةِ، وَإِذَا كَانَ سُكَّانٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَهُمَا، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَالثَّلَاثَةُ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْقَسَامَةِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، قِيلَ: هَذَا فِي عُرْفِهِمْ وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَعَلَى الْمُشْتَرِينَ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ إلَيْهِمْ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْكَرْمَانِيِّ قُهُسْتَانِيٌ، وَقَيَّدَ بِالْمَحَلَّةِ

ص: 632

أَكْثَرُ فَهِيَ عَلَى) عَدَدِ (الرُّءُوسِ) كَالشُّفْعَةِ (وَإِنْ بِيعَتْ وَلَمْ تُقْبَضْ) حَتَّى وُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ (فَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَائِعِ وَفِي الْبَيْعِ بِخِيَارٍ عَلَى عَاقِلَةِ ذِي الْيَدِ) خِلَافًا لَهُمَا (وَلَا تَعْقِلُ عَاقِلَةٌ حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا) أَيْ الدَّارَ الَّتِي فِيهَا قَتِيلٌ (لِذِي الْيَدِ) وَلَوْ هُوَ قَتِيلٌ كَمَا سَيَجِيءُ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْيَدِ حَتَّى لَوْ كَانَ بِهِ لَمْ تَدَّعِ قَتْلَهُ وَلَا نَفْسَهُ دُرَرٌ مُعَلَّلًا بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْإِيجَابُ عَلَى الْوَرَثَةِ لِلْوَرَثَةِ، لَكِنْ فِيهِ بَحْثٌ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الدِّيَةَ لِلْمَقْتُولِ حَتَّى يَقْضِيَ مِنْهُ دُيُونَهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِلْوَرَثَةِ شَيْءٌ ثُمَّ الْوَرَثَةُ يَحْلِفُونَ، فَيَكُونُ الْإِيجَابُ عَلَى الْوَرَثَةِ لِلْمَيِّتِ كَذَا قِيلَ.

قُلْت: وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ هُوَ لَا يَدِي لِنَفْسِهِ فَغَيْرُهُ بِالْأَوْلَى لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ فَتَأَمَّلْ

(وَإِنْ) وُجِدَ (فِي الْفُلْكِ فَالْقَسَامَةُ) وَالدِّيَةُ ضَرَرٌ (عَلَى مَنْ فِيهَا مِنْ الرُّكَّابِ وَالْمَلَّاحِينَ) اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ فِي أَيْدِيهِمْ كَالدَّابَّةِ (وَكَذَا الْعَجَلَةُ) حُكْمُهَا كَفُلْكٍ

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّهُ لَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارٍ بَيْنَ مُشْتَرٍ وَذِي خِطَّةٍ فَإِنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ

(قَوْلُهُ فَهِيَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ) فَإِنْ كَانَ نِصْفُهَا لِزَيْدٍ وَعُشْرُهَا لِعَمْرٍو، وَالْبَاقِي لِبَكْرٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِمْ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ أَثْلَاثًا مُتَسَاوِيَةً لِأَنَّ صَاحِبَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ سَوَاءٌ فِي الْحِفْظِ وَالتَّدْبِيرِ، وَكَذَا لَوْ وُجِدَ فِي نَهْرٍ مُشْتَرَكٍ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَائِعِ) أَيْ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْبَائِعِ هَكَذَا قَالَهُ الشُّرَّاحُ وَفِي الْمِنَحِ أَيْ الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ اهـ.

أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَارُّ وَهُوَ أَنَّ الْعَاقِلَةَ وَإِنْ كَانُوا حُضُورًا دَخَلُوا مَعَهُ فِي الْقَسَامَةِ وَإِلَّا فَلَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) حَيْثُ قَالَا إنْ لَمْ يَكُنْ خِيَارٌ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ فَعَلَى عَاقِلَةِ مَنْ يَصِيرُ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي ابْنُ كَمَالٍ.

فَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ اعْتَبَرَ الْيَدَ وَهُمَا اعْتَبَرَا الْمِلْكَ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى قَرَارِ الْمِلْكِ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا تَعْقِلُ عَاقِلَةٌ إلَخْ) أَيْ إذَا أَنْكَرَتْ الْعَاقِلَةُ كَوْنَ الدَّارِ لِذِي الْيَدِ وَقَالُوا إنَّهَا وَدِيعَةٌ أَوْ مُسْتَعَارَةٌ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٌ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْيَدِ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى عَاقِلَتِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ دُرَرٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الدُّرَرِ وَتَدِي عَاقِلَتُهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّهَا بِالْحُجَّةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ لَهُ عَاقِلَةٌ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ كَمَا مَرَّ مِرَارًا لَا بِمُجَرَّدِ الْيَدِ حَتَّى لَوْ كَانَ بِهِ لَا تَدِي عَاقِلَتُهُ وَلَا نَفْسُهُ اهـ فَقَوْلُهُ: وَلَا نَفْسُهُ مَعْنَاهُ وَلَا يَدِي وَهُوَ حَيْثُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إذَا كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ وَوُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ، سَوَاءٌ كَانَ الْقَتِيلُ ذَا الْيَدِ أَوْ غَيْرَهُ فَلَا تَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ دِيَةُ الْقَتِيلِ فِي الصُّورَتَيْنِ لَا عَلَى عَاقِلَةِ ذِي الْيَدِ إنْ كَانَ لَهُ عَاقِلَةٌ، وَلَا عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ إذَا ثَبَتَ أَنَّهَا لِذِي الْيَدِ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا لَهُ فَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ غَيْرَهُ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ رَبِّ الدَّارِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ هُوَ رَبُّ الدَّارِ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ خِلَافِيَّةٌ سَيَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدُ فَعِنْدَ الْإِمَامِ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ وَرَثَتِهِ، وَعِنْدَهُمَا لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْإِيجَابُ عَلَى الْوَرَثَةِ لِلْوَرَثَةِ، وَلِلْإِمَامِ: أَنَّ الدِّيَةَ لِلْمَقْتُولِ وَالْوَرَثَةُ يَخْلُفُونَهُ فَالْإِيجَابُ عَلَيْهِمْ لَهُ لَا لَهُمْ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ وَلَا لِوَرَثَتِهِ لَا يَدِي هُوَ لِنَفْسِهِ، فَلَا يَدِي لَهُ غَيْرُهُ بِالْأَوْلَى هَذَا تَقْرِيرُ مُرَادِ الشَّارِحِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَلَكِنَّ تَعْبِيرَهُ عَنْهُ غَيْرُ مُحَرَّرٍ فَتَدَبَّرْ: وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْخِلَافِيَّةِ فِي مَحَلِّهِ

(قَوْلُهُ فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا وَجَبَتْ أَيْضًا عَلَيْهِمْ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِمْ لِعَدَمِ حُضُورِ الْعَاقِلَةِ فَلَا يَتَأَتَّى التَّفْصِيلُ الْمَارُّ فِي الدَّارِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ فِيهَا إلَخْ) يَشْمَلُ أَرْبَابَهَا حَتَّى تَجِبَ عَلَى الْأَرْبَابِ الَّذِينَ فِيهَا، وَعَلَى السُّكَّانِ وَكَذَا عَلَى مَنْ يَمُدُّهَا وَالْمَالِكُ فِي ذَلِكَ وَغَيْرُ الْمَالِكِ سَوَاءٌ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا إلَخْ) هَذَا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ يَجْعَلُ السُّكَّانَ وَالْمُلَّاكَ فِي الْقَتِيلِ الْمَوْجُودِ فِي الْمَحَلَّةِ، سَوَاءً

ص: 633

(وَفِي مَسْجِدٍ مَحَلَّةٍ وَشَارِعِهَا) الْخَاصِّ بِأَهْلِهَا كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ كَمَالٍ مُسْتَنِدًا لِلْبَدَائِعِ وَقَدْ حَقَّقَهُ مُنْلَا خُسْرو وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ (عَلَى أَهْلِهَا وَسَوْقُ مَمْلُوكٍ عَلَى الْمُلَّاكِ) وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَى السُّكَّانِ مُلْتَقًى (وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ (وَالشَّارِعِ الْأَعْظَمِ) هُوَ النَّافِذُ (وَالسِّجْنِ وَالْجَامِعِ) وَكُلِّ مَكَان يَكُونُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا لِجَمَاعَةٍ يُحْصَوْنَ (لَا قَسَامَةَ) وَلَا دِيَةَ عَلَى أَحَدٍ ابْنُ كَمَالٍ (وَ) إنَّمَا (الدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ ثُمَّ إنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِيمَا لَوْ ذُكِرَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (إنْ كَانَ نَائِيًا) أَيْ بَعِيدًا (عَنْ الْمَحَلَّاتِ وَإِلَّا) يَكُنْ نَائِيًا بَلْ قَرِيبًا مِنْهَا (فَعَلَى أَقْرَبِ الْمَحَلَّاتِ إلَيْهِ) الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ بِحِفْظِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، فَتَكُونُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ،

ــ

[رد المحتار]

فَكَذَا هُنَا، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَفِي الْمَحَلَّةِ السُّكَّانُ لَا يُشَارِكُونَ الْمُلَّاكَ، لِأَنَّ تَدْبِيرَ الْمَحَلَّةِ إلَى الْمُلَّاكِ دُونَ السُّكَّانِ، وَفِي السَّفِينَةِ هُمْ فِي تَدْبِيرِهَا سَوَاءٌ، لِأَنَّهَا تُنْقَلُ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا الْيَدُ دُونَ الْمِلْكِ كَالدَّابَّةِ وَهُمْ فِي الْيَدِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ، بِخِلَافِ الْمَحَلَّةِ وَالدَّارِ لِأَنَّهَا لَا تُنْقَلُ كِفَايَةٌ

(قَوْلُهُ وَفِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ) مِثْلُهُ مَسْجِدُ الْقَبِيلَةِ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُنْتَقَى إنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ لِقَبِيلَةٍ، فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَبِيلَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْلَمُ لِمَنْ الْمَسْجِدُ وَإِنَّمَا يُصَلِّي فِيهِ غُرَبَاءُ، فَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَبَنَاهُ كَانَ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ الَّذِي بَنَاهُ كَانَ عَلَى أَقْرَبِ الدُّورِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ وَمُصَلَّاهُ وَاحِدٌ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ أَصْحَابِ الدُّورِ الَّذِينَ فِي الدَّرْبِ، وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي قَبِيلَةٍ فِيهَا عِدَّةُ مَسَاجِدَ، فَهُوَ عَلَى الْقَبِيلَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَبِيلَةٌ فَهُوَ عَلَى أَصْحَابِ الْمَحَلَّةِ وَأَهْلِ كُلِّ مَسْجِدِ مَحَلَّتِهِ اهـ (قَوْلُهُ الْخَاصِّ بِأَهْلِهَا) وَهُوَ غَيْرُ النَّافِذِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الشَّارِعِ الْأَعْظَمِ هُوَ النَّافِذُ (قَوْلُهُ وَقَدْ حَقَّقَهُ ابْنُ كَمَالٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مُنْلَا خُسْرو - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَسَّمَ فِي الدُّورِ الطَّرِيقَ إلَى قِسْمَيْنِ: خَاصٍّ، وَهُوَ غَيْرُ النَّافِذِ، وَعَامٍّ: وَهُوَ النَّافِذُ وَهُوَ قِسْمَانِ أَيْضًا شَارِعُ الْمَحَلَّةِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ الْمُرُورُ فِيهِ أَكْثَرِيًّا لِأَهْلِهَا وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِمْ أَيْضًا: وَالشَّارِعُ الْأَعْظَمُ، وَهُوَ مَا يَكُونُ مُرُورُ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ فِيهِ عَلَى السَّوِيَّةِ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ وَنَازَعَهُ ابْنُ كَمَالٍ وَكَذَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ الْحَمْلُ الصَّحِيحُ أَنْ يُرَادَ بِشَارِعِ الْمَحَلَّةِ الْخَاصُّ بِأَهْلِهَا، وَهُوَ مَا لَيْسَ نَافِذٌ الْآنَ لُزُومُ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ تَرْكِ التَّدْبِيرِ وَالْحِفْظِ، وَلَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الْخُصُوصِ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَحَلِّ وَلِذَا فِي الْبَدَائِعِ: وَلَا قَسَامَةَ فِي قَتِيلٍ يُوجَدُ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَلَا فِي شَوَارِعِ الْعَامَّةِ وَجُسُورِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْمِلْكُ وَلَا يَدُ الْخُصُوصِ اهـ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ حَقَّقَهُ مُنْلَا خُسْرو (قَوْلُهُ وَالْجَامِعِ) هَذَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ بَانِيهِ وَإِلَّا فَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ قُهُسْتَانِيٌ

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُنْتَقَى: وُجِدَ فِي الْجَامِعِ وَلَا يُدْرَى قَاتِلُهُ أَوْ زَحَمَهُ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَتَلُوهُ، وَلَا يُدْرَى مَنْ هُوَ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَكُونُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لَوْ وُجِدَ فِيهَا، كَذَلِكَ لَوْ قَتَلَهُ رَجُلٌ بِالسَّيْفِ وَلَا يُدْرَى مَنْ هُوَ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ لَا قَسَامَةَ) لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَقَعُ فِي اللَّيْلِ عَادَةً وَلَا يَكُونُ هُنَاكَ أَحَدٌ يَحْفَظُهُ وَالْقَسَامَةُ تَجْرِي فِي مَوْضِعٍ يَتَوَهَّمُ وُجُودَ مَنْ يَعْرِفُ قَاتِلَهُ أَفَادَهُ الْأَتْقَانِيُّ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) وَتُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، لِأَنَّ حُكْمَ الدِّيَةِ التَّأْجِيلُ كَمَا فِي الْعَاقِلَةِ، فَكَذَلِكَ غَيْرُهُمْ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْمُقِرِّ بِقَتْلِ الْخَطَأِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ اهـ اخْتِيَارٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ) أَيْ لَمَّا كَانَ عَامَّةُ الْمُسْلِمِينَ هُمْ الْمُنْتَفِعُونَ بِالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَالسِّجْنِ، وَالشَّارِعِ الْأَعْظَمِ كَانَ الْغُرْمُ عَلَيْهِمْ، فَيُدْفَعُ مِنْ مَالِهِمْ الْمَوْضُوعِ لَهُمْ فِي بَيْتِهِ ط (قَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ) يَشْمَلُ الشَّارِعَ الْأَعْظَمَ وَالسِّجْنَ وَالْجَامِعَ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ ذِكْرَ هَذَا الْقَيْدِ أَعْنِي قَوْلَهُ: إذَا كَانَ نَائِيًا فِي السُّوقِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكِ، وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ فِي فَلَاةٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ فَالْمُعْتَبَرُ الْقُرْبُ، لَكِنْ فِي الطُّورِيِّ عَنْ الْمُلْتَقَى، وَلَوْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ غَيْرِ زِحَامِ النَّاسِ، فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ اهـ فَإِنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ غَيْرُ نَاءٍ عَنْ الْمَحَلَّاتِ وَكَذَا السِّجْنُ عَادَةً فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بَلْ قَرِيبًا مِنْهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي سَمَاعِ الصَّوْتِ

ص: 634

وَكَذَا فِي السُّوقِ النَّائِي إذَا كَانَ مَنْ يَسْكُنُهَا فِي اللَّيَالِي، أَوْ كَانَ لِأَحَدٍ فِيهَا دَارٌ مَمْلُوكَةٌ تَكُونُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ صِيَانَةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَيُوصَفُ بِالتَّقْصِيرِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ مُوجَبُ التَّقْصِيرِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ مَعْزِيًّا لِلنِّهَايَةِ.

قُلْت: وَبِهِ أَفْتَى الْمَرْحُومُ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي مُفْتِي الرُّومِ، وَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ خَلَا عَنْهُ الْمُتُونُ، لِأَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي غَالِبِ الْفَتَاوَى وَالشُّرُوحِ فَلْيُحْفَظْ

(وَيَهْدِرُ لَوْ) وُجِدَ (فِي بَرِيَّةٍ أَوْ وَسَطِ الْفُرَاتِ) إذَا كَانَ يَمُرُّ بِهِ الْمَاءُ لَا مُحْتَبِسًا كَمَا سَيَجِيءُ إذْ لَا يَدَ لِأَحَدٍ وَقِيلَ: إذْ مَوْضِعُ انْبِعَاثِ مَائِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ ابْنُ كَمَالٍ (وَفِي نَهْرٍ صَغِيرٍ) هُوَ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ (عَلَى أَهْلِهِ) لِاخْتِصَاصِهِمْ بِهِ (وَلَوْ كَانَتْ الْبَرِيَّةُ مَمْلُوكَةً) أَوْ وَقْفًا (لِأَحَدٍ) كَمَا مَرَّ وَسَيَجِيءُ (أَوْ كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْ الْقَرْيَةِ) أَوْ الْأَخْبِيَةِ أَوْ الْفُسْطَاطِ بِحَيْثُ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ (تَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ) أَوْ ذِي الْيَدِ (أَوْ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ) لَوْ أَقْرَبَ الْأَخْبِيَةِ زَيْلَعِيٌّ (وَلَوْ مُحْتَبِسًا بِالشَّطِّ) أَوْ بِالْجَزِيرَةِ أَوْ مَرْبُوطًا أَوْ مُلْقًى عَلَى الشَّطِّ (فَعَلَى أَقْرَبِ) الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ مِنْ الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ زَادَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْأَرَاضِي وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ (إذَا كَانَ يَصِلُ صَوْتُ أَهْلِ الْأَرْضِ وَالْقُرَى إلَيْهِ وَإِلَّا لَا) كَمَا مَرَّ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَكَذَا فِي السُّوقِ النَّائِي إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ فِي الْمَعْنَى مِنْ قَوْلِهِ: إذَا كَانَ نَائِيًا أَيْ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فِي السُّوقِ النَّائِي إلَّا إذَا كَانَ فِيهَا مَنْ يَسْكُنُهَا لَيْلًا إلَخْ، وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِسُكْنَى النَّهَارِ تَأَمَّلْ وَالسُّوقُ مُؤَنَّثَةٌ وَتُذَكَّرُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ مُوجَبُ التَّقْصِيرِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ هُوَ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ ط (قَوْلُهُ مَعْزِيًّا لِلنِّهَايَةِ) وَعَزَاهُ فِيهَا إلَى مَبْسُوطِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ، وَمِثْلُهُ فِي الْكِفَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ، وَعَزَاهُ الْأَتْقَانِيُّ إلَى شَرْحِ الْكَافِي (قَوْلُهُ قُلْت وَبِهِ) أَيْ بِمَا فِي الْمَتْنِ مِنْ الْوُجُوبِ عَلَى أَقْرَبِ الْمَحَلَّاتِ

أَقُولُ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوَّلًا الْمِلْكُ وَالْيَدُ الْخَاصَّةُ ثُمَّ الْقُرْبُ ثُمَّ الْيَدُ الْعَامَّةُ

(قَوْلُهُ فِي بَرِيَّةٍ) أَيْ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ وَلَا قَرِيبَةٍ مِنْ قَرْيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَغَيْرِ مُنْتَفَعٍ بِهَا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِلَّا فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَوْ وَسَطَ الْفُرَاتِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمُرَادُ مُرُورُهُ فِي نَهْرٍ كَبِيرٍ احْتِرَازًا عَنْ الصَّغِيرِ، وَعَمَّا لَوْ كَانَ مُحْتَبَسًا فِي الشَّطِّ أَوْ مَرْبُوطًا أَوْ مُلْقًى عَلَى الشَّطِّ أَفَادَهُ ابْنُ كَمَالٍ وَغَيْرُهُ وَيُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ ابْنُ كَمَالٍ) وَتَمَامُ عِبَارَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ انْبِعَاثِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَتِيلَ أَهْلِ الْحَرْبِ اهـ وَعَزَاهُ إلَى الْكَرْخِيِّ جَازِمًا بِهِ، وَلَمْ يُعَبِّرْ عَنْهُ بِقِيلَ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ، وَكَذَا جَزَمَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَعَزَاهُ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ إلَى مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْأَتْقَانِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهِ، حَيْثُ لَمْ يَعْتَبِرُوا ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْفُرَاتَ وَنَحْوَهُ لَيْسَ فِي وِلَايَةِ أَحَدٍ، فَلَمْ يَلْزَمْ حِفْظُهُ عَلَى أَحَدٍ، وَإِلَّا لَزِمَ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي الْمَفَازَةِ الْبَعِيدَةِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ قَتِيلُ الْمُسْلِمِينَ لَا مَحَالَةَ اهـ مُلَخَّصًا

قُلْت وَالْمُرَادُ بِمَوْضِعِ انْبِعَاثِهِ مَوْضِعُ انْفِجَارِهِ وَنَبْعِهِ (قَوْلُهُ عَلَى أَهْلِهِ) أَيْ تَجِبُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ هِدَايَةٌ أَيْ عَاقِلَتِهِمْ أَتْقَانِيٌّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ وَقْفًا لِأَحَدٍ) أَيْ لِأَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ (قَوْلُهُ فَعَلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ كَمَا نَقَلَهُ الْأَتْقَانِيُّ، فَعَلَى أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ الْمِصْرِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَرْيَةَ كَذَلِكَ لَوْ فِيهَا قَبَائِلُ، وَإِلَّا فَأَقْرَبِ الْبُيُوتِ

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: سُئِلَ مُحَمَّدٌ فِيمَا وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ هَلْ الْقُرْبُ مُعْتَبَرٌ بِالْحِيطَانِ أَوْ الْأَرَاضِي: قَالَ: الْأَرَاضِي لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِمْ وَإِنَّمَا تُنْسَبُ إلَيْهِمْ كَمَا تُنْسَبُ الصَّحَارِي فَعَلَى أَقْرَبِهِمَا بُيُوتًا اهـ (قَوْلُهُ الْأَرَاضِي) أَيْ الْمَمْلُوكَةِ لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْبُنْيَانِ يَجِبُ عَلَى أَهْلِهَا حِفْظُهَا وَحِفْظُ مَا قَرُبَ إلَيْهَا رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ الصَّوْتُ لَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَالْقُرَى، بَلْ يُنْظَرُ إنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي مَوْضِعٍ يَنْتَفِعُ بِهِ الْعَامَّةُ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَهَدَرٌ

ص: 635

(وَإِنْ الْتَقَى قَوْمٌ بِالسُّيُوفِ فَأَجْلَوْا) أَيْ تَفَرَّقُوا (عَنْ قَتِيلٍ فَعَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ) لِأَنَّ حِفْظَهُمَا عَلَيْهِمْ (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْوَلِيُّ عَلَى أُولَئِكَ أَوْ) يَدَّعِي (عَلَى) بَعْضٍ (مُعَيَّنٍ مِنْهُمْ) فَلَمْ يَكُنْ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ شَيْءٌ وَلَا عَلَى أُولَئِكَ حَتَّى يُبَرْهِنَ، لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لَا يَثْبُتُ الْحَقُّ وَبَرِئَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ (وَمُسْتَحْلَفٌ) عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ.

(قَالَ قَتَلَهُ زَيْدٌ حَلَفَ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْت وَلَا عَرَفْت لَهُ قَاتِلًا غَيْرَ زَيْدٍ) وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَتَلَهُ

(وَبَطَلَ شَهَادَةُ بَعْضِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِقَتْلِ غَيْرِهِمْ) خِلَافًا لَهُمَا (أَوْ) بِقَتْلِ (وَاحِدٍ مِنْهُمْ) بِعَيْنِهِ لِلتُّهْمَةِ

(وَمَنْ جُرِحَ فِي حَيٍّ فَنُقِلَ) مِنْهُ (فَبَقِيَ ذَا فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ فَالدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَى) ذَلِكَ (الْحَيِّ) خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فَلَوْ مَعَهُ جَرِيحٌ بِهِ رَمَقٌ فَحَمَلَهُ آخَرُ لِأَهْلِهِ فَمَكَثَ مُدَّةً فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي قِيَاسِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ

ــ

[رد المحتار]

كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ وَإِنْ الْتَقَى قَوْمٌ بِالسُّيُوفِ إلَخْ) هَذَا إذَا اقْتَتَلُوا عَصَبِيَّةً؛ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ عَلَى أُولَئِكَ) أَيْ الْقَوْمِ وَكَانَ التَّعْبِيرُ بِهِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى أَظْهَرَ (قَوْلُهُ مِنْهُمْ) أَيْ الْقَوْمِ (قَوْلُهُ حَتَّى يُبَرْهِنَ) أَيْ بِإِقَامَةِ شَاهِدَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لَا مِنْهُمْ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا عَلَى أُولَئِكَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ) لِأَنَّ دَعْوَاهُ تَضَمَّنَتْ بَرَاءَةَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ

(قَوْلُهُ حَلَفَ بِاَللَّهِ إلَخْ) يَعْنِي لَا يَسْقُطُ الْيَمِينُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ قَتَلَهُ فُلَانٌ، غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ اسْتَثْنَى عَنْ يَمِينِهِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ شَرِيكَهُ فِي الْقَتْلِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ شَرِيكًا مَعَهُ وَفَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ مَا قَتَلَهُ وَلَا عَرَفَ لَهُ قَاتِلًا غَيْرَ فُلَانٍ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَتْ فَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ قَبُولَ قَوْلِهِ عَلَى زَيْدٍ

(قَوْلُهُ وَبَطَلَ إلَخْ) أَيْ إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ عِنْدَهُ، وَقَالَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا بِعُرْضِيَّةِ أَنْ يَصِيرُوا خُصَمَاءَ، وَقَدْ بَطَلَ ذَلِكَ بِدَعْوَاهُ عَلَى غَيْرِهِمْ كَالْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ إذَا عُزِلَ قَبْلَهَا وَلَهُ أَنَّهُمْ جُعِلُوا خُصَمَاءَ تَقْدِيرًا لِإِنْزَالِهِمْ قَاتِلِينَ لِلتَّقْصِيرِ الصَّادِرِ مِنْهُمْ، وَإِنْ خَرَجُوا مِنْ جُمْلَةِ الْخُصُومِ، فَلَا تُقْبَلُ كَالْوَصِيِّ إذَا خَرَجَ مِنْ الْوَصَايَا بِبُلُوغِ الْغُلَامِ أَوْ بِالْعَزْلِ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ، وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ إجْمَاعًا كَمَا فِي الْمُلْتَقَى لِأَنَّ الْخُصُومَةَ قَائِمَةٌ مَعَ الْكُلِّ، لِأَنَّ الْقَسَامَةَ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُمْ قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُعْمَلُ بِهَا.

[تَنْبِيهٌ] نَقَلَ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّهُ قَالَ: تَوَقَّفْت عَنْ الْفَتْوَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ، وَمَنَعْت مِنْ إشَاعَتِهِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ الْعَامِّ، فَإِنَّ مَنْ عَرَفَهُ مِنْ الْمُتَمَرِّدِينَ يَتَجَاسَرُ عَلَى قَتْلِ الْأَنْفُسِ فِي الْمَحَلَّاتِ الْخَالِيَةِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا مُعْتَمِدًا عَلَى عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ حَتَّى قُلْت: يَنْبَغِي الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لَا سِيَّمَا وَالْأَحْكَامُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَيَّامِ وَقَدْ خُيِّرَ الْمُفْتِي إذَا كَانَ الصَّاحِبَانِ مُتَّفِقَيْنِ وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَةِ الرَّحْمَتِيِّ، وَنَقَلَهُ السَّائِحَانِيُّ

أَقُولُ: لَكِنْ فِي تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ أَنَّ الصَّحِيحَ قَوْلُ الْإِمَامِ، عَلَى أَنَّ الضَّرَرَ الْمَذْكُورَ مَوْجُودٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا، وَقَدْ عَلِمْت الِاتِّفَاقَ فِيهَا إلَّا فِي رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ نَعَمْ الْقَلْبُ يَمِيلُ إلَى مَا ذَكَرَ، وَلَكِنْ اتِّبَاعُ النَّقْلِ أَسْلَمُ

(قَوْلُهُ مِنْ جُرِحَ فِي حَيٍّ) يَعْنِي وَلَمْ يُعْلَمْ الْجَارِحُ، وَإِلَّا فَلَا قَسَامَةَ بَلْ فِيهِ الْقِصَاصُ عَلَى الْجَارِحِ أَوْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ فَبَقِيَ ذَا فِرَاشٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ صَارَ ذَا فِرَاشٍ حِينَ جُرِحَ، فَلَوْ كَانَ صَحِيحًا بِحَيْثُ يَجِيءُ، وَيَذْهَبُ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ فَالدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَى ذَلِكَ الْحَيِّ) لِأَنَّ الْجُرْحَ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ صَارَ قَتْلًا، وَلِهَذَا وَجَبَ الْقِصَاصُ وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) أَيْ قَالَ لَا ضَمَانَ وَلَا قَسَامَةَ، لِأَنَّ مَا حَصَلَ فِي ذَلِكَ الْحَيِّ مَا دُونَ النَّفْسِ وَلَا قَسَامَةَ فِيهِ فَصَارَ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَا فِرَاشٍ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ مَعَهُ) أَيْ مَعَ رَجُلٍ (قَوْلُهُ بِهِ رَمَقٌ) وَهُوَ بَقِيَّةُ الرُّوحِ أَتْقَانِيٌّ فَلَوْ كَانَ يَذْهَبُ وَيَجِيءُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ فَحَمَلَهُ آخَرُ)

ص: 636

يَضْمَنُ

(وَفِي رَجُلَيْنِ بِلَا ثَالِثٍ وُجِدَ أَحَدُهُمَا قَتِيلًا ضَمِنَ الْآخَرُ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَقْتُلُ نَفْسَهُ (دِيَتَهُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ

(وَفِي قَتِيلِ قَرْيَةٍ لِامْرَأَةٍ كُرِّرَ الْحَلِفُ عَلَيْهَا وَتَدِي عَاقِلَتُهَا) وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَسَامَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَيْضًا قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَالْمَرْأَةُ تَدْخُلُ فِي التَّحَمُّلِ مَعَ الْعَاقِلَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى، وَهُوَ الْأَصَحُّ

ــ

[رد المحتار]

صَوَابُهُ إسْقَاطُ لَفْظَةِ آخَرَ وَعِبَارَةُ الْمُلْتَقَى: وَلَوْ مَعَ الْجَرِيحِ رَجُلٌ فَحُمِلَ وَمَاتَ فِي أَهْلِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ يَضْمَنُ اهـ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ بِأَنَّ هَذَا بِنَاءً عَلَى مَا إذَا كَانَ جَرِيحًا فِي قَبِيلَةٍ ثُمَّ مَاتَ فِي أَهْلِهِ اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي وُجِدَ فِي يَدِهِ الْجُرْحُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ يَضْمَنُ) لِأَنَّ يَدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَلَّةِ فَوُجُودُهُ جَرِيحًا فِي يَدِهِ كَوُجُودِهِ فِيهَا هِدَايَةٌ، فَتَجِبُ الْقَسَامَةُ عَلَيْهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَكَأَنَّهُ حَمَلَهُ مَقْتُولًا أَتْقَانِيٌّ، وَقَدَّمَ فِي الْمُلْتَقَى قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ كَالشَّارِحِ فَظَاهِرُهُ اخْتِيَارُهُ

(قَوْلُهُ وَفِي رَجُلَيْنِ) أَيْ كَانَا فِي بَيْتٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَفِي امْرَأَتَيْنِ وَامْرَأَةٍ وَرَجُلٍ كَذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَالِكِ اهـ (قَوْلُهُ بِلَا ثَالِثٍ) إذْ لَوْ كَانَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ يَقَعُ الشَّكُّ فِي الْقَاتِلِ فَلَا يَتَعَيَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كِفَايَةٌ: وَقَالَ الرَّمْلِيُّ: قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ وُجِدَ ثَالِثٌ كَانَ كَالدَّارِ اهـ أَيْ فَتَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ.

أَقُولُ: وَمُفَادُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَقْيِيدُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ. وَإِذَا وُجِدَ فِي دَارِ إنْسَانٍ، فَعَلَيْهِ الْقَسَامَةُ إلَخْ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْقَتِيلِ رَجُلٌ آخَرُ وَكَذَا قَوْلُهُ قَبْلَهُ، وَإِنْ وُجِدَ فِي مَكَان مَمْلُوكٍ، فَعَلَى الْمُلَّاكِ وَإِلَّا فَكَانَ الظَّاهِرُ هُنَا وُجُوبَ الضَّمَانِ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الرَّجُلَانِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى بَعْدَ ذِكْرِهِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ، وَقَوْلَ مُحَمَّدٍ قَالَ: وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ تَكُونُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَبِهِ زَالَ الْإِشْكَالُ لَكِنْ بَقِيَ أَنَّهُ يُقَالُ إنَّهُمْ مَشَوْا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَارَّةِ، حَيْثُ اعْتَبَرُوا الْمُلَّاكَ، فَلِمَ مَشَى هُنَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُلْتَقَى، وَغَيْرِهِمَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَلَعَلَّهُ لِعَدَمِ رِوَايَةٍ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) حَيْثُ قَالَ: لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَتَلَهُ الْآخَرُ، فَلَا يَضْمَنُ بِالشَّكِّ هِدَايَةٌ قَالَ الرَّمْلِيُّ: يَعْنِي فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى مَالِكِ الْبَيْتِ أَعْنِي عَاقِلَتَهُ تَنَبَّهْ اهـ وَقَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا هُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ فَتَأَمَّلْ. وَقَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا: وَعِنْدِي أَنْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَقْوَى مَدْرَكًا إذْ قَدْ يَقْتُلُهُ غَيْرُ الثَّانِي وَكَثِيرًا مَا وَقَعَ

(قَوْلُهُ وَفِي قَتِيلِ قَرْيَةٍ) الْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى فِي (قَوْلُهُ وَتَدِي عَاقِلَتُهَا) أَيْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ إلَيْهَا نَسَبًا لَا جِوَارًا أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) قَيَّدَ بِهِ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الْعَوَالِقِ فِي تَحَمُّلِ الدِّيَةِ فِي صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ عَلَى مَا يَجِيءُ فِي الْمَعَاقِلِ، وَتَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّا جَعَلْنَاهَا قَاتِلَةً، وَالْقَاتِلَةُ تُشَارِكُ الْعَاقِلَةَ،

ص: 637

ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

(وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِ نَفْسِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ وَرَثَتِهِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (وَعِنْدَهُمَا وَزُفَرَ وَلَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ فِي الْقَتِيلِ الْمَذْكُورِ (وَبِهِ يُفْتَى) كَذَا ذَكَرَهُ مُنْلَا خُسْرو تَبَعًا لِمَا رَجَّحَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ، وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَخَالَفَهُمْ ابْنُ الْكَمَالِ فَقَالَ: لَهُمَا إنَّ الدَّارَ فِي يَدِهِ حِينَ وُجِدَ الْجُرْحُ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ فَيَكُونُ هَدَرًا وَلَهُ أَنَّ الْقَسَامَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِظُهُورِ الْقَتِيلِ، وَحَالَ ظُهُورِهِ الدَّارُ لِوَرَثَتِهِ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ لَا يُقَالُ الْعَاقِلَةُ إنَّمَا يَتَحَمَّلُونَ مَا يَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ تَخْفِيفًا لَهُمْ وَلَا يُمْكِنُ الْإِيجَابُ عَلَى الْوَرَثَةِ لِلْوَرَثَةِ، لِأَنَّ الْإِيجَابَ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ بَلْ لِلْقَتِيلِ حَتَّى تَقْضِيَ مِنْهُ دُيُونَهُ وَتَنْفُذَ وَصَايَاهُ ثُمَّ يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِيهِ وَهُوَ نَظِيرُ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ إنْ قَتَلَ أَبَاهُ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَتَكُونُ لَهُ مِيرَاثًا فَتَنَبَّهْ

(وَلَوْ)(وُجِدَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ أَوْ دَارٍ كَذَلِكَ) يَعْنِي مَوْقُوفَةً (عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومَةٍ فَالْقَسَامَةُ

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّهَا لَمَّا وَجَبَتْ عَلَى غَيْرِ الْمُبَاشِرِ فَعَلَى الْمُبَاشِرِ أَوْلَى وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِ امْرَأَةٍ فِي مِصْرٍ لَيْسَ فِيهِ مِنْ عَشِيرَتِهَا أَحَدٌ أَمَّا إذَا كَانَتْ عَشِيرَتُهَا حُضُورًا تَدْخُلُ مَعَهَا الْقَسَامَةَ اهـ كِفَايَةٌ

(قَوْلُهُ وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ إلَخْ) هَذَا فِي الْحُرِّ أَمَّا الْمُكَاتَبُ إذَا وُجِدَ قَتِيلًا فِي دَارِ نَفْسِهِ فَهَدَرٌ اتِّفَاقًا لِأَنَّ حَالَ ظُهُورِ قَتْلِهِ بَقِيَتْ الدَّارُ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَنْفَسِخُ إذَا مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ لِجُعْلٍ كَأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ فِيهَا فَهَدَرَ دَمُهُ عِنَايَةٌ وَغُرَرُ الْأَفْكَارِ، ثُمَّ هَذَا حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ اللُّصُوصَ قَتَلَتْهُ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ بَابِ الشَّهِيدِ فِي الْجَنَائِزِ، لَوْ نَزَلَ عَلَيْهِ اللُّصُوصُ لَيْلًا فِي الْمِصْرِ، فَقُتِلَ بِسِلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، لِأَنَّ الْقَتِيلَ لَمْ يُخَلِّفْ بَدَلًا هُوَ مَالٌ اهـ

قَالَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ: وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ قَاتِلٌ مُعَيَّنٌ مِنْهُمْ، لِعَدَمِ وُجُودِهِمْ فَإِنَّهُ لَا قَسَامَةَ، وَلَا دِيَةَ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهُمَا لَا يَجِبَانِ إلَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ، وَهُنَا قَدْ عُلِمَ أَنَّ قَاتِلَهُ اللُّصُوصُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِمْ لِفِرَارِهِمْ، فَلْيُحْفَظْ هَذَا فَإِنَّ النَّاسَ عَنْهُ غَافِلُونَ اهـ

أَقُولُ: يَشْمَلُ أَيْضًا مَنْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ وَرَثَتِهِ) وَقِيلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ إذَا اخْتَلَفَتْ عَاقِلَتُهُ وَعَاقِلَةُ وَرَثَتِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَسَامَةَ فِي الْأَصْلِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا تَجِبُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ تَجِبُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ اهـ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا إلَخْ) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَيْضًا أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ تَبَعًا لِمَا رَجَّحَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ) حَيْثُ قَالَ: وَالْحَقُّ هَذَا لِأَنَّ الدَّارَ فِي يَدِهِ حَالَ ظُهُورِ الْقَتْلِ، فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ فَكَانَ هَدَرًا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ لِلْوَرَثَةِ فَالْعَاقِلَةُ إنَّمَا يَتَحَمَّلُونَ إلَخْ قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَبِهِ أَيْ بِقَوْلِهِمَا تَأْخُذُ اهـ (قَوْلُهُ وَخَالَفَهُمْ ابْنُ الْكَمَالِ) حَيْثُ جَزَمَ فِي مَتْنِهِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ بَلْ رَدَّ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَا يُقَالُ الْمُشْعِرُ بِالسُّقُوطِ رَأْسًا وَكَذَا تَبِعَ الْهِدَايَةَ وَشُرُوحَهَا فِي تَأْخِيرِ دَلِيلِ الْإِمَامِ الْمُتَضَمِّنِ لِنَقْضِ دَلِيلِهِمَا مَعَ دَفْعِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ وَكَيْفَ لَا وَالْمُتُونُ عَلَى قَوْلِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَا يُمْكِنُ الْإِيجَابُ عَلَى الْوَرَثَةِ) أَيْ نَظَرًا إلَى الْأَصْلِ فَإِنَّ مَا لَزِمَ الْعَاقِلَةَ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْإِيجَابِ عَلَيْهِمْ ابْتِدَاءً بَلْ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ وَإِنَّمَا أَصْلُ الْإِيجَابِ عَلَى الْوَرَثَةِ، كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ إنَّمَا يَتَحَمَّلُونَ إلَخْ، وَقِيلَ: إنَّهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ابْتِدَاءً وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْجِنَايَاتِ فِي فَصْلٍ فِي الْفِعْلَيْنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِيجَابَ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إلَخْ) جَوَابُ قَوْلِهِ لَا يُقَالُ وَفِي هَذَا الْجَوَابِ عَمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ قَبْلَ وَرَقَةٍ بِقَوْلِهِ: وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ هُوَ لِنَفْسِهِ لَا يَدِي فَغَيْرُهُ بِالْأَوْلَى لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ اهـ فَيُقَالُ إذَا كَانَ الْإِيجَابُ لِنَفْسِهِ أَصَالَةً فَكَيْفَ يَدِي عَنْهَا فَلَا شُبْهَةَ أَصْلًا (قَوْلُهُ حَتَّى تُقْضَى مِنْهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْوَاجِبِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْإِيجَابِ، وَأَجَابَ الْأَتْقَانِيُّ أَيْضًا بِأَنَّ الْعَاقِلَةَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ وَرَثَةً أَوْ غَيْرَ وَرَثَةٍ فَمَا وَجَبَ عَلَى غَيْرِ الْوَرَثَةِ مِنْ الْعَاقِلَةِ يَجِبُ لِلْوَرَثَةِ مِنْهُمْ، وَهَذَا لِأَنَّ عَاقِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلُ دِيوَانِهِ عِنْدَنَا اهـ (قَوْلُهُ فَتَنَبَّهْ) أَيْ لِوَجْهِ الْمُخَالَفَةِ

ص: 638

وَالدِّيَةُ عَلَى أَرْبَابِهَا) لِأَنَّ تَدْبِيرَهُ إلَيْهِمْ (وَإِنْ كَانَتْ) الْأَرْضُ أَوْ الدَّارُ (مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسْجِدِ فَهُوَ كَمَا لَوْ وُجِدَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ زَيْلَعِيٌّ وَدُرَرٌ وَسِرَاجِيَّةٌ وَغَيْرُهَا وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ.

قُلْت: التَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الْأَرْبَابِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مَعْلُومِينَ لِيَخْرُجَ غَيْرُ الْمَعْلُومِينَ كَمَا لَوْ كَانَ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ مَا أُعِدَّ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَأَشْبَهَ الْجَامِعَ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بَحْثًا

(وَلَوْ وُجِدَ فِي مُعَسْكَرٍ فِي فَلَاةٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ فَفِي الْخَيْمَةِ وَالْفُسْطَاطِ عَلَى مَنْ يَسْكُنُهُمَا وَفِي خَارِجِهِمَا) أَيْ الْخَيْمَةِ وَالْفُسْطَاطِ (وَإِنْ كَانُوا) أَيْ سَاكِنُو خَارِجِهَا (قَبَائِلَ فَعَلَى قَبِيلَةٍ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِيهَا وَلَوْ بَيْنَ الْقَبِيلَتَيْنِ كَانَ) حُكْمُهُ (كَمَا) مَرَّ (بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ) وَلَوْ نَزَلُوا جُمْلَةً مُخْتَلِفَتَيْنِ فَعَلَى كُلِّ الْعَسْكَرِ وَلَوْ كَانُوا قَدْ قَاتَلُوا عَدُوًّا فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ مُلْتَقًى (وَلَوْ) كَانَتْ الْأَرْضُ الَّتِي نَزَلَ الْعَسْكَرُ (مَمْلُوكَةً فَعَلَى الْمَالِكِ) بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُمْ سُكَّانٌ وَلَا يُزَاحِمُونَ الْمَالِكَ فِي الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ دُرَرٌ لَكِنْ فِي الْمُلْتَقَى خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فَتَنَبَّهْ

(وَ) فِيهَا (لَوْ وُجِدَ فِي قَرْيَةٍ لِأَيْتَامٍ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَيْتَامِ قَسَامَةٌ وَهِيَ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ (وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُدْرِكٌ فَعَلَيْهِ) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ وَلْوَالِجِيَّةٌ.

[فُرُوعٌ] لَوْ وُجِدَ فِي دَارِ صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوهٍ فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا، وَلَوْ فِي دَارِ ذِمِّيٍّ حَلَفَ خَمْسِينَ وَيَدِي مِنْ مَالِهِ

ــ

[رد المحتار]

لِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ

(قَوْلُهُ عَلَى أَرْبَابِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الدِّيَةَ تَتَحَمَّلُهَا عَنْهُمْ الْعَاقِلَةُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ وُجِدَ فِيهِ) فَالْمَوْجُودُ فِي وَقْفِ مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ أَوْ مَسْجِدِ الْجَامِعِ كَالْمَوْجُودِ فِيهِمَا، وَحُكْمُهُمَا قَدْ تَقَدَّمَ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بَحْثًا) وَأَقَرَّهُ الرَّمْلِيُّ وَقَالَ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَفْهُومَ التَّصَانِيفِ حُجَّةٌ

(قَوْلُهُ وَلَوْ وُجِدَ فِي مُعَسْكَرٍ فِي فَلَاةٍ) أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْهِدَايَةِ فِي مُعَسْكَرٍ: أَقَامُوا فِي فَلَاةٍ لِأَنَّ الْمُعَسْكَرَ بِفَتْحِ الْكَافِّ مَنْزِلُ الْعَسْكَرِ وَهُوَ الْجُنْدُ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَالَ: فِي عَسْكَرٍ كَمَا قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ أَمَّا هُنَا فَيَصِحُّ إرَادَةُ الْمَكَانِ (قَوْلُهُ فَفِي الْخَيْمَةِ وَالْفُسْطَاطِ) أَيْ فَلَوْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي الْخَيْمَةِ وَالْفُسْطَاطِ وَهُوَ الْخَيْمَةُ الْعَظِيمَةُ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ يَسْكُنُهُمَا) أَيْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ لِأَنَّهُمَا فِي يَدِهِ كَمَا فِي الدَّارِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي خَارِجِهِمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ، وَإِنْ كَانَ خَارِجًا مِنْهَا يُنْظَرُ فَإِنْ كَانُوا نَزَلُوا قَبَائِلَ مُتَفَرِّقِينَ فَعَلَى الْقَبِيلَةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا الْقَتِيلُ إلَخْ، فَالْمُرَادُ كَوْنُ الْقَتِيلِ خَارِجَ الْخَيْمَةِ، وَالْفُسْطَاطِ لَا الْعَسْكَرِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنْظُورٍ أَيْ كَوْنُهُمْ فِي الْخَارِجِ أَوْ الدَّاخِلِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِلْمِنَحِ وَالدُّرَرِ أَيْ سَاكِنُو خَارِجَهَا فِيهِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَعَلَى قَبِيلَةٍ إلَخْ) لِأَنَّهُمْ لَمَّا نَزَلُوا قَبَائِلَ قَبَائِلَ فِي أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ صَارَتْ الْأَمْكِنَةُ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَالِّ الْمُخْتَلِفَةِ فِي الْمِصْرِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ) أَيْ عَلَى أَقْرَبِهِمَا وَإِنْ اسْتَوَوْا فَعَلَيْهِمَا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ مُخْتَلِفَيْنِ) أَيْ مُخْتَلِطَيْنِ (قَوْلُهُ فَعَلَى كُلِّ الْعَسْكَرِ) أَيْ تَجِبُ غَرَامَةُ مَا وُجِدَ خَارِجَ الْخِيَامِ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعَدُوَّ قَتَلَهُ حَمْلًا لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّلَاحِ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ: وَهِيَ مَا إذَا اقْتَتَلَ الْمُسْلِمُونَ عَصَبِيَّةً فَأَجْلَوْا عَنْ قَتِيلٍ، فَلَيْسَ فِيهَا جِهَةُ الْحَمْلِ عَلَى الصَّلَاحِ، فَبَقِيَ حَالُ الْقَتْلِ مُشْكِلًا، فَأَوْجَبْنَا الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ لِوُرُودِ النَّصِّ بِإِضَافَةِ الْقَتْلِ إلَيْهِمْ عِنْدَ الْإِشْكَالِ وَكَانَ الْعَمَلُ بِمَا وَرَدَ فِي النَّصِّ أَوْلَى عِنْدَ الِاحْتِمَالِ أَفَادَهُ فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْمُلْتَقَى) اسْتَدْرَكَ عَلَى قَوْلِهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَفِي الْهِدَايَةِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمَحَلَّةِ وَالدَّارِ مِنْ أَنَّ السُّكَّانَ يُشَارِكُونَ الْمُلَّاكَ، وَعَلَى مَا فِي الدُّرَرِ يَحْتَاجُ أَبُو يُوسُفَ إلَى الْفَرْقِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ نُزُولَ الْعَسْكَرِ هُنَا لِلِارْتِحَالِ، فَلَا يُعْتَبَرُ وَالنُّزُولُ فِي الدَّارِ لِلْقَرَارِ فَيُعْتَبَرُ

(قَوْلُهُ وَفِيهَا) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فَإِنِّي لَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الدُّرَرِ وَلَا فِي الْمُلْتَقَى (قَوْلُهُ وَهِيَ عَاقِلَتُهُمْ) وَكَذَا الدِّيَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ ط (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ) أَيْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدِّيَةَ تَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ عَاقِلَتُهُ، وَهَلْ عَلَيْهِ الْكُلُّ أَوْ تُقَسَّمُ عَلَى الرُّءُوسِ كَمَا مَرَّ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ يُحَرَّرُ

ص: 639