الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك المُقْرِضُ بغير بلد القرض، لم يلزمه دفعه له، إلا إذا كانت القيمة ببلد القرض [1/ 370] ومحل الطلب واحدة، كما صرّحوا به، ويتجه: لو شَرَط عليه وفاءه في غير بلد القرض لا يصح، لأنه يجر نفعًا.
باب الرهن
(1)
قوله: "الثبوت والدوام": أي فيقال ماء راهن، أي ثابت وراكد، ونعمةٌ راهنة، أي دائمة.
(2)
قوله: "دين": أي غير سلم وكتابة.
وقوله: "أخذه": أي الدين كله.
وقوله: "منها": أي من العين بأن [37ب] كانت من جنس الدين.
وقوله: "ثمنها" أي إن كانت من غير جنس الدين.
مسألة: لو قال الراهن: رهنتك عبدي بألف، فقال المرتهن: بألفين، أو قال المرتهن: رهنتني عبدين، فقال الراهن: عبدًا واحدًا، أو قال الراهن: رهنتك بالمؤجل، فقال المرتهن: بل بالحالّ، أو قال: رهنتك هذا، فقال المرتهن: بل هذا، فإنه يقبل قول الراهن بيمينه. قلت: فعلى هذا إذا حلف الراهن خرج كلا المعنيين (1) من الرهن. مثاله: لو قال الراهن: رهنتك هذا الفرس، فقال المرتهن: بل هذا البغل، حلف الراهن أنه ما رهنه هذا البغل، وخرج البغل من الرهن أيضًا، كالفرس. ثم رأيته في الإقناع صرّح بذلك. أقول: فلو مات الراهن، فقال وارثه: لا أعلم قدر الدين، وإنما أعلم أن هذا العين رهن على دين فقط، ولا بينة للمرتهن في قدر الدين، وحلف الوارث أنه لا يعلم قدره، فهل يصدق المرتهن بيمينه في قدر دينه، أو كيف الحكم؟ لم أر من ذكره، والظاهر أنهما يصطلحان على شيء معلوم، وإلا فلا تطلب اليمين من المدعي. ينبغي أن يحرر.
أقول: ثم رأيت العلامة المحقق ابن القيم رجّح أن القول قول المرتهن
(1) كذا في ض والأصل، ولعل الصواب:"كلا العينين".
[1/ 372] مطلقًا. قال: وهو اختيار شيخنا، وذكر أنه مذهب مالك، وأطال في الاستدلال له. والله أعلم.
(3)
قوله: "الثاني أن يقوَّم غير المرهون الخ": هذه عبارة ابن النجار في شرح المنتهى، ومفهومه أنه لا يقوّم المرهون وحده في هذا الوجه. وليس كذلك، فإن عبارة الإنصاف: الوجه الثاني: أن يقوّم الولد أيضًا (1) منفردًا، فيقال: كم قيمته بدون أمه؟ فيقال: عشرون، فيكون للمرتهن خمسة أسداس. اهـ بحروفه.
فقوله: "أيضًا": أي كما أن الأم تقوّم مفردة في المثال. وهو واضح لا غبار عليه. مسألة: لو قال رهنتك عبدي الذي بيدك بألف، فقال: بل بعتنيه بها، أو قال: بعتكَهُ بألف، فقال: بل رهنتنيه بها، ولا بينة، أو لكل منهما بينة، حلف كل منهما على نفي ما ادعاه صاحبه، وسقط، ويأخذ الراهن رهنه، ويبقى الألف بدون رهن. ويتجه مثله لو قال أحدهما: بعتكه بذلك بيعًا وفائيًا (2) على مذهب من يرى صحته، وقال الآخر: بيعًا باتًّا، أو عكسه.
(4)
قوله: "قوّمت ولها ولد الخ": فيقال: كم قيمتها ولها ولد؟ فيقال مثلاً: خمسون، ثم يقال: كم قيمة الولد مع أمه؟ فيقال: خمسة وعشرون، فله ثلثا ثمنهما، بالغًا ما بلغ.
(5)
قوله: "إذا كان المرتهن يعلم أن لها ولدًا": أي وأما إذا لم يعلم أن لها ولدًا عند الرهن، ثم علم، فيخيَّر بين الإمساك ولا شيء له غيرها، وبين الرد وفسخ البيع إن كانت مشروطة فيه، كما في الإقناع. اهـ. التلخيص للشيخ فخر الدين بن تيمية. الرعاية الكبرى والصغرى لابن حمدان.
(6)
قوله: "ومثله مكاتب الخ": أي مثل اليتيم في كونه لا يصح رهن ماله لفاسق. وكذا سفيه ومجنون، كما صرح به م ص. تأمل.
(1) كلمة "أيضًا" ساقطة من الأصل، وثابتة في ض.
(2)
تقدم بيان المراد ببيع الوفاء، وأنه هو ما يسميه الحنابلة بيع الأمانة (وهو البيع الذي يحتال به على الربا).
(7)
قوله: "فإن قبضه الخ": أي وصفة قبضه كمبيع: فإن كان منقولاً فبنقله، [1/ 372] أو تناوله، وإن كان مكيلاً فبكيله، أو موزونًا فبوزنه، أو مذروعًا فبذرعِهِ، أو معدودًا فبعدّه. وقبض نحو أرض وشجر بالتخلية بينه وبين مرتهنه بغير حائل.
(8)
قوله:"لزم": أي في حق الراهن. واستدامة قبضه شرط للزومه. فيزيله أخذ راهن له بإذن مرتهن، ولو بنحو إجارة أو إعارة أو إيدل له. لكن يعود رهنًا بردّه إلى المرتهن بحكم العقد السابق. قال الإمام في رواية ابن منصور: إذا ارتهن دارًا ثم أكراها صاحبَها خرجت من الرهن، فإذا رجعت إليه صارت رهنًا. وكذا لو تخمّر عصير، وكان رهنًا، فإنه يعود بتخلله إلى كونه رهنًا. تأمل.
(9)
قوله: "أو معسرًا": وعنه لا ينفذ عتق المعسر، كما في شرح المنتهى لمصنفه.
(10)
قوله: "وإلا فالرهن له": الأولى إسقاط "وإلا"، أو يقول:"إن أتاه بحقه عند الحلول وإلا فالرهن له" هذا حاصل ما قرره لنا شيخنا الشيخ يوسف البرقاوي. وهو إنما يتوجه على جعل "فالرهن الخ" جوابَ إن المدغمة في لا في قولها "وإلا"، وهو غير متعين، إذ يصح جعله جوابًا لإن في قوله "إن لم" ويكون جواب الشرط الثاني محذوفًا، أي:"وإلا فليس الرهن له"، كما يؤخذ من جواب الباجوري عن قول البوصيري في البردة (1):
"إن لم " تكن في معادي آخذًا بيدي [38أ] فضلاً وإلاّ فقل يا زَلَّة القدمِ فإنه كعبارة المتن سواء بسواء (2).
(1)"البردة" قصيدة البوصيري الميمية الشهيرة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم. والبوصيري هو محمد بن سعيد الصَّنْهاجي (1211 - 1296م) من أهل مصر، لغويّ نحويّ أديب متصوف، كان فقير الحال شاعرًا مكثرًا للهجاء. اشتهر بقصيدتيه "البردة" و"الهمزية" وكلاهما في مدح النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أجاد من وجهة النظر الأدبية، لكنه غلا، وجاوز الحدّ المشروع، ومن غلّوه هذا البيت المذكور في الحاشية، فإن بمثل هذا القول يُتَوَجه إلى الله تعالى وحده، فهو المنجي في الآخرة، لأنه مالك يوم الدين. والنبي صلى الله عليه وسلم يشفع، لكن الأمر كله لله تعالى.
(2)
لا يخفى ضعف هذا التوجيه، وكلام بلديّنا الشيخ يوسف البرقاوي رحمه الله أوجه.