الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما التثبيت والإكمال فبإنشاء عشرات من المدارس الثانوية لتستوعب ما تخرّجه المدارس الابتدائية الحاضرة، وإنشاء عشرات من مدارس المعلّمين والمعلّمات، لأن مدارسها الابتدائية استنفدت كل ما عندها من المعلّمين، وإذا كثرت المدارس الجديدة احتاجت إلى معلّمين جدد، وعليه فإنشاء هذا النوع من المدارس ضروري لنمو هذه الحركة وتقدّم هذه النهضة، وإلا تعطّلت وانهارت، ولا واسطة بين الطرفين.
وأما إعلاء البناء والزيادة فيه فبمضاعفة عدد المدارس الابتدائية إلى المئات.
واجب جمعية العلماء هو التبليغ الصادق للحكومات العربية، الممثّلة في جامعة دولها، وواجب الحكومات الإسراع بالنجدة، بالكيفية التي تراها، بعد أن تؤمن بما شرحناه لها من حالة الجزائر، في المذكّرات المتتابعة للحكومات وللجامعة، والله يعلم أن ما شرحناه ووصفناه قليل من كثير، ولا يقف في طريقها احتمال اعتراض فرنسا على هذه النجدة، فالوقت والضرورة والواجب لا يتسع لهذا الاحتمال، فقد آن لحكوماتنا العربية أن تقف موقف الحزم والصلابة من فرنسا المتعنتة التي تحارب الثقافة والإنسانية- فضلًا عن العربية والإسلام- في المغرب العربي، ولا تتساهل كما تساهلت في قضية المعهد الثقافي بالجزائر، وفي المعهد الثقافي في طنجة، وفي قضية احداث قنصليات في عواصم المغرب ولو لتأشيرة الحجاج، وفي قضية الباخرة فوزية وغيرها.
ونحن نؤكّد لرجال حكوماتنا العربية بالصدق والشرف، أن تساهلهم في تلك القضايا زاد من جرأة فرنسا علينا وعليهم، وحكوماتنا تعلم كما نعلم أن بيدها أسلحة قوية، تستطيع أن تحارب بها فرنسا ولكنها لا تستعملها، ومن تلك الأسلحة إقفال المدارس والقنصليات الفرنسية حقًا وعدلًا ومقابلة بالمثل. إن فرنسا لا تفهم إلا هذه اللغة ولا ترجع عن غيّها إلا باستعمال هذا السلاح.
بادروا لنجدة إخوانكم
…
على حكوماتنا العربية أن تبادر بهذه النجدة، ما دام في الرمق بقية، ولها في تحويل الأموال اللازمة عدة طرائق هي أعلم الناس بها، فلها أن ترسل مشرفًا من جهتها يقوم بالصرف على بناء المدارس والمعاهد اللازمة، وجمعية العلماء ترحّب بهذا لأنها تفخر بأنها أدقّ الجمعيات الإسلامية نظامًا، وأقواها أمانة وثقة في المال، وأحرصها على المحاسبة التي تقوّي الأمانة، ولها أن تسلّم المال إلى الجمعية وتلزمها بالمحاسبة الدقيقة على كل فلس تدفعه، والجمعية تقوم بذلك حامدة شاكرة.
ولتعلم حكوماتنا الموقّرة أن كل جنيه تدفعه للأمة الجزائرية بواسطة جمعية العلماء، لينفق في هذا السبيل، يقع موقع الغيث على النبات، لأنه ينقذ طفلًا عربيًا حرًّا مسلمًا من
الشر، ويحرّر عقلًا من الوهم، ولتعلم كذلك أنه ليس علينا تحديد المبلغ وإنما علينا أن نصوّر الحالة ونبلغ الأمانة التي كلفتنا الأمة الجزائرية بتبليغها إلى الحكومات العربية، وقد بلغنا، وطال الأمد، وهي تنتظر، ونكل الأمر بعد ذلك إلى هيئة حكوماتنا، مبلغ تقديرها لحرمة الرحم، وإذا كانت لا تستطيع تحرير الجزائر تحريرًا عسكريًا لاستحالة ذلك في الوقت الحاضر، فلا أقل من أن تعاوننا بالحظ الأوفر على تحرير العقول، فهو واجب يهوّن القيام بالواجب العسكري أو السياسي.
قد تعتذر بعض الحكومات العربية- وهي صادقة- بأنه ما زال في شعوبها ملايين من الأطفال محرومون من التعليم، ونحن نلاحظ على هذا العذر بأنه يوجد بإزاء الملايين المحرومة ملايين أخرى متعلمة، بخلاف الجزائر فليس فيها إلا المحروم، وليس هناك خير يسلي عن الشر.
وفي هذا المقام يجب أن نذكر حضراتكم بنسبة المتعلمين من أبنائنا في المدارس الفرنسية مؤيدة بالأرقام المأخوذة من أدق المصادر الرسمية الحديثة لسنة 1951، فقد وقعت مناقشة في المجلس الجزائري، في قضية تعليم الجزائريين، وتقدّمت المعارضة بتقارير مدروسة رسمية فضحت بها الحكومة، ومن تلك التقارير الدامغة نقتطف هذه الأرقام.
قال التقرير المفحم الذي لم تستطع الحكومة له ردًا ما ترجمته بالحرف: بلغ عدد التلامذة الأوربيين سنة 1950 في مدارس الجزائر 97400، بينما لم يتجاوز عدد التلامذة المسلمين 82864 تلميذًا. ولما كانت الأغلبية الساحقة من سكّان الجزائر مسلمة فتكون إذن نسبة التلاميذ الأوربيين إلى التلامذة المسلمين كنسبة 4%، وهذا الفرق يرتفع كثيرًا في المدارس الثانوية، فبينما يبلغ عدد الطلبة المسلمين في هذه المدارس 3214 تلميذًا والافرنسيين 5177، نرى أن الطلبة الأوربيين يفوقونهم بمقدار 500 ضعفًا (156 أوربي في مقابل مسلم واحد) وباقي المسلمين لا يحق لهم الدخول في هذا النوع من المدارس. وفي عام 1951 بلغ عدد التلاميذ من المسلمين الجزائريين الذين وجدوا أمكنة في التعليم الابتدائي 198678 تلميذًا في وطن مسلم يبلغ عدد سكّانه أكثر من عشرة ملايين نسمة، بينما يبلغ عدد التلامذة من الأوربيين في هذه المدارس 111402 تلميذ من جالية أوربية لا تزيد عن المليون نسمة في الجزائر.
هذه فقرات مترجمة حرفيًا عن تقرير المعارضة، ومقدمه فرنسي، وقد نقص من تعداد المسلمين الجزائريين ولكنه أحسن في تسميته للأوربيين بالجالية.
ثامنًا: سبق لجمعية العلماء أن جلبت عشرات من تلامذتها للدراسة بمعاهد الشرق العربي على نفقة حكوماته، ولكنه عدد قليل بالنسبة لحاجة الجزائر ولقدرة الحكومات