الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة المحققين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين حمد الشاكرين، نحمده على عظيم نعمائه، ونبرأ إليه من الحول والقوة ونخلص القول بأنه لا إله إلا الله شهادة الموحد المستبصر، غير المتوقف المتحير، ونشهد أن سيدنا محمدًا عبده الأمين على وحيه، ورسوله الصادع بأمره ونهيه، المؤيد بجوامع الكلم، المبين للناس ما نزل إليهم بلسان عربي مبين، فيه المحكمُ، يعرفه السامعون، ومتشابه، لا يعقله إلا الراسخون، فصلي اللهم عليه وعلى آله المتبعين لسنته وأصحابه المنيبين لشريعته، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإن من نعم الله أن وفقنا إلى طريق العلم ووجدنا من يشجعنا عليه، ثم إن العناية بكتب التراث لا سيما الشرعي منها، واجب منوط بالعلماء وطلاب العلم؛ إذ هم الفئة القادرة والمعنية بذلك.
وإن حياة المسلمين المعاصرة ليست مقطوعة الجذور ولا مجهولة الأصول، لذلك فقد بات من الضروري، والمطلوب بإلحاح اليوم أكثر من أي وقت مضى الاهتمام بتراثنا المخطوط ونشره، خاصة ونحن في ظل
العولمة الثقافية التى تريد أن تجتث ما بقي من تراث الأمم لتجعلها بلا ماض، همها بطونها وشهواتها، حياة بدون قيم ولا مبادئ. فالاهتمام بتراثنا الغاية منه وصل الماضي بالحاضر، وصلا منطقيًا ووجدانيًا في صورة متسقة منسجمة، نخضع بها تراثنا إلى تمحيص عميق بفكر لا يتعصب لقديم ولا يفتتن بجديد، يعتمد الرأي متى أثبته الدليل، ويتقبل الحكم متى لاحت بجانبه حكمة، وشهدت له الشريعة بالاعتبار، ويثق في الرواية متى سلمت من القدح والشذوذ والعلة.
وبكلمة مختصرة ينبغي أن ننظر لتراثنا النظرة الواعية الثاقبة، البعيدة عن التحامل والهوى والتعصب.
وبناء عليه فإنه ينبغي التنقيب عن المخطوطات الضرورية التي تكمل النقص الذي تعانيه المكتبة الإسلامية العربية. . .
وإيمانا بهذا المنهج، وترسيخًا لهذا المبدأ، فقد أخذت الجامعات على عاتقها هذه المهمة، وتحملت هذه الأمانة، ممثلة في مجالسها العلمية عبر الأقسام والكليات. وعنيت بعلوم الشريعة ومنها علم أصول الفقه الذي نعتقد أن مباحثه تمثل قمة الفكر التى أنتجه وأبدعه العقل المسلم.
فإحياء كتب الأصول هو إحياء لمنهج البحث الإسلامي الذي يُكَوِّنُ المنظومة العقلية لمنهجنا الفكري المتميز، والذي ينبغي أن يكون بديلًا عن المنطق اليوناني، وعن المنهج الغربي ذي الأصول الوثنية.
فتراثنا الشرعي الضخم الذي خلفه علماؤنا السابقون جيلًا بعد جيل
يحتاج منا إلى جهود متلاحقة ومتواصلة لحفظه وصيانته من العبث والتحريف.
ولذا كان القيام بتحقيق التراث هو عملية الصيانة لهذا التراث والمحافظة عليه جديدًا حيًا نقيًا، ولا يخفى على ذي لب أن دراسة علم تحقيق النصوص على الشكل الصحيح، لمن الأمور التى تساعد على تحقيق هذه المهمة.
وهناك أمران لا بد من مراعاتهما - في جملة أمور مهمة - في هذه المهمة الخطيرة:
1 -
تعلم علم الخط العربي وأطواره عند العرب: إذ تعلم الخط وأطوار نشوئه لهو في غاية الأهمية لفهم النص وقراءته على الشكل الصحيح، بل ولتحديد زمن كتابة النسخة المخطوطة في أي مرحلة من المراحل.
ثم هناك أنواع من الخطوط من الخط المشرقي والمغربي وما يتفرع عن ذلك، فما لم يدرس هذا العلم دراسة وافية كيف يمكن قراءة النصوص القديمة على الشكل الصحيح ومن المحافظة عليها من غير تحريف ولا تبديل!
2 -
التعرف على مصطلحات الأقدمين من النساخ والعلماء في كتاباتهم: وإن تعرف المحقق على مثل هذه المصطلحات لما يساعد على فهم تلك الرموز التي توجد في النسخ القديمة. وقد ضرب لذلك أمثلة الأستاذ المحقق عبد السلام هارون في كتابه الفذ تحقيق التراث.