الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - صبره:
قال التاج رحمه الله: "وكانت أموره في حال مرضه في غاية العجب، وقاسَ الشدائدَ، ولم يسمعه أحدٌ يقول: آه، ولا يطلُب العافيةَ، بل غايةُ ما يطلُب ولايتي، ورؤيةُ الأخ
(1)
، والوصول إلى مصرَ قبل الوفاة، وقُضِيت له الحاجات الثلاث.
ولم أره قَطُّ بَرَح
(2)
بألمٍ يعترضه، ولا بأذىً يحصُل له، بل يصبر عند الحادثات، ويحتسب رضي الله عنه"
(3)
.
9 - كراماته:
إن أعظم كرامة هي التوفيق لفعل الطاعات، وترك المنكرات، والاستقامة على فعل الخيرات.
أما خَرْق العادات فهذا تارة يكون كرامة للعبد الصالح المستقيم، وتارة يكون استدراجًا للطالح اللعين، وتارة بسبب الجن والشياطين. فخرق العادة كرامة للعبد الصالح المستقيم، ولكن التوفيق للطاعة هو الكرامة العظمى، وهو الأصل لخرق العادات؛ لأن خرق العادة تأييد من المولى لعبده وتثبيت، وإظهار لشرفه وقدره بين العبيد، فيزداد صاحب الكرامة إيمانًا ويقينًا بصحة الطريق، ويزداد في فعل الخيرات، والإكثار من القربات،
(1)
وهو أبو حامد أحمد؛ لأنه كان غائبًا عنه.
(2)
أي: أظهر. وفي اللسان 2/ 409 مادة (برح): "والبَرَاح: الظهور والبيان. وبَرِح الخفاءُ وبَرَحَ، الأخيرة عن ابن الأعرابي: ظَهَر".
(3)
انظر: الطبقات الكبرى 10/ 218 - 219.
ويقتدي الآخرون به في ذلك.
وكل كرامة لولي فهي معجزة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنها إنما حصلت ببركة متابعته والاقتداء به صلى الله عليه وآله وسلم.
وينبغي لمن ظهرت على يديه الكرامة أن يكتمها، وأن يحمد الله تعالى عليها، ويسأله المزيد من فضله، وأن لا يغتر ولا يُعجب بنفسه، فالعبرة بالخواتِم والعواقِب.
يقول التقي رحمه الله في كتابه "قضاء الأَرَب في أسئلة حلب" مبيِّنًا وجوب كتمان الكرامة: "وأما أن الكرامات ينبغي كتمانُها - فذلك مما لا خلاف فيه بين أهل الطريق، بل لا يجوز إظهارُها إلا لحاجة، أو قصدٍ صحيح، لما في إظهارها مِنَ الخطر مِنْ وجوه:
منها: رؤية النفس، فيظن أن ذلك إنما ظهر عليه لصلاحه وعلوِّ منزلته عند الله، ورَفْعِه على أبناء جنسِه، واختصاصِه بحُسْن السابقة والخاتمة، وقد يكون الأمر بضد ذلك كلِّه، لما يحتمل أن يكون استدراجًا، وأنه بعيدٌ عن عَيْن الله تعالى، فالواجب عليه أن لا يغتر بذلك، وأن يحتقر نفسه، ويَوَدُّ لو كان نسيًا منسيًا.