الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث العاشر: محنته
صدق القائل:
مُحَسَّدُونَ وشَرُّ الناسِ منزلةً
…
مَنْ عاشَ في الناس يومًا غيرَ مَحْسُودِ
(1)
والقائل:
إنْ يَحْسِدوني فإنِّي غيرُ لائِمهمْ
…
قَبْلي مِن الناس أهلِ الفضلِ قد حُسِدوا
فدامَ لِي ولَهُمْ ما بِي وَمَا بِهِمُ
…
وماتَ أكثرُنا غيظًا بما يَجِدُ
(2)
وصدق المولى حيث يقول: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}
(3)
وقلَّ أن تجد ذا نعمةٍ لا يُحسد، فعلى العاقل الصبر والدفع بالتي هي أحسن وأرشد، فهذه دار الأكدار، لا دار الصفاء والقرار:
طُبِعَتْ على كَدَرٍ وأنتَ تُريدُها
…
صَفْوًا من الأَقْذار والأكدارِ
لقد حُسِد الإمام ابن السبكي - رحمهما الله - كما حُسِد غيره، وحِيكت له المؤامرات لتنحيته عن منصبه، وليتولاها حاسدوه، وليطفئوا
(1)
انظر: تاريخ بغداد 13/ 367.
(2)
انظر: أدب الدنيا والدين ص 262، تاريخ بغداد 13/ 367.
(3)
سورة الأنعام: 124.
جمرةَ غيظهم أمام شمسه وقمره التي أضات لهما الشام وما حولها. وليس عندنا تفاصيل تلك المحن الثلاث التي مرت بالتاج رحمه الله ولكن عندنا بعض نُقول تدل على مُجْمل المؤامرة، وأنها في الحقيقة حسدُ النفوس، وحُبُّ الدنيا والظهور.
وقد تكلم الدكتور سعيد الحميري عن محنة التاج كلامًا جيدًا أكتفي بالإحالة عليه
(1)
، وأكتفي أيضًا ببعض النقول التى تدل على براءة التاج ونزاهته رحمه الله:
يقول الحافظ ابن حجي: "وحصلت له محنة بسبب القضاء، وأوذي فصبر، وسُجن فثبت. وعقدت له مجالس فأبان عن شجاعة، وأفحم خصومه مع تواطئهم عليه، ثم عاد إلى مرتبته وعفا وصفح عمن قام عليه"
(2)
.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وحصل له بسبب القضاء محنةٌ شديدة، مرةً بعد مرة، وهو مع ذلك في غاية الثبات، ولما عاد إلى منصبه صفح عن كل مَنْ أساء إليه"
(3)
.
(1)
انظر: مقدمته لتحقيق منع الموانع ص 159.
(2)
انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 3/ 106.
(3)
انظر: الدرر 2/ 426.