الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: الملاحظات العامة على كتاب (الإبهاج في شرح المنهاج)
المتأمل لمؤلف التقي السبكي رحمه الله يلاحظ أنه يملي من حفظه، ويكتب من فكره؛ لأنه لا يعتنى بالنقل عن غيره كثيرًا، بل يتميز مُؤَلَّفُه بأسلوب مستقل، واعتناء كبير بتحقيق المسائل والتنبيه على دقائق الشرح، والاستدراك على شُراح المنهاج، وتبيين ما أخطأ فيه بعضهم. إلا أن أسلوبه رحمه الله يتميز بالصعوبة والغموض في بعض الأحيان، وذلك إذا أغرق في بحث المعقولات؛ إذ هو رحمه الله بحر البحار كما وصفه ابنه التاج البحر الزخار.
انظر على سبيل المثال بحثه في الفرق بين التصور والتصديق في: ص 73 - 78.
وانظر التنبيهات الخمسة في تعريف الفقه: ص 82 - 89.
أما قوته رحمه الله في البحث والتحقيق فينبيك عنها بحثه في كل المسائل، واستدراكه على كثيرين، ودونك مسألة الأداء والإعادة والقضاء، وهي المسألة الخامسة من الباب الأول: ص 199 - 214.
وانظر على سبيل المثال أيضًا ردَّه على شمس الدين الأصفهاني في قوله بأن قيد "الشرعية" في تعريف الفقه احتراز من قول المعتزلة: ص 89 - 93، وردَّه عليه في قوله بأن البعثة حادثة.
ورده على شيخه الباجي رحمه الله في قوله بأن قيد "العملية" في تعريف الفقه احتراز عن أصول الدين. انظر: ص 94 - 97.
وانظر ردَّه على الأصوليين ومنهم شيخه الباجي في تعريف الواجب: ص 143.
واستدراكه على أكثر الناس - ولعله يقصد بهم شُراح المنهاج - في تقرير أن الفقه قطعي والظن في طريقه انظر: ص 104 - 108.
وانظر سعة اطلاعه في دفع قول نسب لبعض الشافعية في أنهم يقولون بأن الصلاة تجب في أول الوقت، مع أنه لا يعرف في شيء من كتب المذهب أن أحدًا قاله من الشافعية، ولا يعرف ما سبب هذه النسبة إليه، حتى قال السبكي: سألت ابن الرفعة وهو أوحد الشافعية في زمانه فقال: تتبعت هذا في كتب المذاهب فلم أجده، ثم بيَّن التقي رحمه الله سبب هذه النسبة من كتاب "الأم" للشافعي رضي الله عنه وهو أن الشافعي نقل ذلك عن غيره، قال التقي:"فقد ثبت هذا المذهب بنقل الشافعي عن غيره، فلعل بعض الناس نقل ذلك عن نقل الشافعي، فالتبس ذلك على من بعده، وظن أنه من مذهب الشافعي". انظر: ص 265 - 267.
كما أن السبكي رحمه الله قد يطيل حينما لا يكون قد سُبق على
تحقيق المسألة، وذلك كمسألة الكلام عن أقسام التصورات الأربعة: تصور الموضوع، وتصور المحمول، وتصور النسبة بينهما، وتصور وقوع النسبة وهو التصديق. ثم بيّن الفرق بين التصور الثالث والرابع، ثم بين نسبة التصور والتصديق على العلم والحكم وفصَّل في ذلك، ثم قال: وقد أطلنا في هذا لأنا لم نجد من حقّقه هكذا. انظر: ص 73 - 78.