المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يُطلب منهم من أموال وهم صاغرون (1) .   ‌ ‌وأما الصناعة: فقد ازدهرت في عصر - الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي - جـ ١

[تاج الدين ابن السبكي - تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌الافتتاحية

- ‌مقدمة المحققين

- ‌أما الشارحان فهما:

- ‌وأما الكتاب فهو:

- ‌ويشتمل عملنا في هذا الكتاب قسمين: قسم الدراسة وقسم التحقيق

- ‌الدراسة

- ‌الجانب الأولترجمة المصنفوالشارحين

- ‌الباب الأولترجمة المصنف[البيضاوي]

- ‌الفصل الأولالتعريف بالمصنف

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه، ومولده ووفاته

- ‌1)1 -اسمه ونسبه:

- ‌2 - ولادته ووفاته:

- ‌أولًا - ولادته:

- ‌ثانيًا - وفاته:

- ‌المبحث الثاني: في نشأته، ورحلاته، وشيوخه، وتلامذته

- ‌1 - نشأته:

- ‌2 - رحلاته:

- ‌3 - شيوخه:

- ‌أولًا: والده، وصورة من إجازته العلمية:

- ‌ثانيًا - الشيخ محمد الكتحتائي:

- ‌4 - تلامذته:

- ‌(أ) الشيخ كمال الدين المراغي:

- ‌(ب) الشيخ عبد الرحمن بن أحمد الأصفهاني:

- ‌(جـ) فخر الدين الجاربردي:

- ‌(د) زين الدين الهنكي:

- ‌الفصل الثانيحياته العلمية وآثاره

- ‌المبحث الأول: ثقافته الواسعة والعلوم التي برز فيها

- ‌البيضاوي الأصولي:

- ‌البيضاوي الفقيه:

- ‌البيضاوي المتكلم:

- ‌البيضاوي المفسِّر:

- ‌البيضاوي النحوي:

- ‌البيضاوي المؤرخ:

- ‌المبحث الثاني: تقلده منصب القضاء

- ‌المبحث الثالث: مؤلفاته العلمية

- ‌الباب الثاني: ترجمة الشارحين تقي الدين وتاج الدين

- ‌الفصل الأول: بيان العصر الذي نشأ فيه الشارحان

- ‌المبحث الأول: الحياة السياسية

- ‌المبحث الثاني: الحياة الاجتماعية

- ‌الحياة الاقتصادية في العصر المملوكي:

- ‌ففي الزراعة:

- ‌وأما الصناعة:

- ‌التجارة الخارجية:

- ‌التجارة الداخلية:

- ‌بناء المجتمع:

- ‌المبحث الثالث: الحياة العلمية والدينية

- ‌المدارس والمكتبات:

- ‌المكتبات:

- ‌المكاتب:

- ‌النشاط الديني:

- ‌الفصل الثاني: التعريف بالشيخ تقي الدين السبكي

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه

- ‌المبحث الثاني: ولادته ونشأته

- ‌المبحث الثالث: طلبه للعلم وشيوخه

- ‌المبحث الرابع: تلاميذه

- ‌المبحث الخامس: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه

- ‌المبحث السادس: قوته في المناظرة

- ‌المبحث السابع: فصاحته وبلاغته

- ‌المبحث الثامن: أخلاقه وعبادته

- ‌1 - إخلاصه:

- ‌2).2 -تواضعه:

- ‌3 - عزة نفسه:

- ‌4 - حياؤه:

- ‌5 - صرامته في الحق وصدعه به، وعدم محاباته فيه:

- ‌6 - زهده في الدنيا وجوده:

- ‌7 - عبادته وتقواه:

- ‌8 - صبره:

- ‌9 - كراماته:

- ‌المبحث التاسع: مُصَنَّفاته

- ‌المبحث العاشر: وفاته والرؤى التي رُئيت له

- ‌المبحث الحادي عشر: مراثيه

- ‌الفصل الثالث: التعريف بالشيخ تاج الدين السبكي

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه

- ‌المبحث الثاني: ولادته ونشأته

- ‌المبحث الثالث: طلبه العلم وشيوخه

- ‌المبحث الرابع: تلامذته

- ‌المبحث الخامس: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌المبحث السادس: مناصبه العلمية

- ‌المبحث السابع: فصاحته وبلاغته

- ‌المبحث الثامن: حفظه

- ‌المبحث التاسع: أخلاقه وصفاته

- ‌1 - الإنصاف:

- ‌2).2 -الرجوع إلى الحق:

- ‌3 - إعراضه عن المناصب:

- ‌4 - العفو والصفح:

- ‌5 - الجود والإحسان:

- ‌6 - التواضع:

- ‌7 - مهابته وحبُّ الناس له:

- ‌8 - أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر:

- ‌9 - مشاركته في الجهاد:

- ‌المبحث العاشر: محنته

- ‌المبحث الحادي عشر: مصنفاته

- ‌أولًا: في أصول الدين:

- ‌ثانيًا: في أصول الفقه:

- ‌ثالثًا: في الفقه:

- ‌رابعًا: في الحديث:

- ‌خامسًا: في التاريخ والتراجم:

- ‌سادسًا: في الأخلاق والإصلاح:

- ‌سابعًا: في الألغاز:

- ‌المبحث الثاني عشر: وفاته

- ‌الجانب الثانيمنهج دراسة الكتاب

- ‌المبحث الأول: توثيق نسبة الكتاب

- ‌المبحث الثاني: الملاحظات العامة على كتاب (الإبهاج في شرح المنهاج)

- ‌المبحث الثالث: في المنهج الذي اتبعه التاج في شرح الكتاب

- ‌أولًا: مقدمة الشرح:

- ‌بيان أهمية علم الفقه ومعرفة الحلال والحرام

- ‌بيان أهمية أصول الفقه

- ‌بيان أهمية كتاب المنهاج للبيضاوي

- ‌بيان الدافع لتأليفه هذا الشرح

- ‌بيان أن والده شرع في شرح هذا المتن

- ‌بيان أهمية شرحه لمتن البيضاوي

- ‌بيان أن عادته في الشرح الإطناب والاختصار حيث يقتضي ذلك

- ‌بيان خاتمة المقدمة بالدعاء، وبيان بداية شرحه عند المحل الذي بلغه والده

- ‌ثانيًا: خاتمة الشرح

- ‌ثالثًا: موضوعات الكتاب:

- ‌تعامله مع التعريفات والمصطلحات

- ‌أولًا: التعريفات اللغوية:

- ‌ثانيًا: التعريفات الاصطلاحية:

- ‌تعامله مع المصادر

- ‌أولًا: الدقة في النقل، والتحري فيه

- ‌ثانيًا: الإكثار من الاقتباس من مصادر أصولية بالنص أحيانا وبالمعنى

- ‌الأمثلة:

- ‌ثالثًا: مقارنة موجزة بين شرح التاج وكتاب الصفي الهندي

- ‌رابعًا: الاقتباس من المصادر بالواسطة

- ‌خامسًا: ذكر الأقوال التي أخذها شفاهًا عن والده وبعض شيوخه

- ‌أمثلة أخرى عن شيخه الذهبي:

- ‌سادسًا: منهجه في النقد

- ‌تعامله مع المسائل الأصولية والقواعد الفقهية

- ‌العناية بتقسيم الموضوع

- ‌بيان موضع الخلاف وتحرير محل النزاع فيه:

- ‌التنصيص على الرأي المختار

- ‌اعتناؤه بالقواعد الفقهية المتعلقة بالقواعد الأصولية:

- ‌من ذلك قاعدة: الميسور لا يسقط بالمعسور

- ‌وقاعدة إذا بطل الخصوص هل يبقى العموم

- ‌وقاعدة: أنَّ الشرع يعلّق الحِكَم على مظانها المنضبطة لا على أنفسها

- ‌وقاعدة: الإكراه يسقط أثر التصرف

- ‌وقاعدة: أن ما ليس له حد في الشرع ولا في اللغة يرجع فيه إلى العرف

- ‌وقاعدة: الشيء يُغتفر إذا كان تابعًا ولا يُغتفر إذا كان أصلًا

- ‌وقاعدة: أن الصبي هل هو مسلوب العبارة بالكلية

- ‌تفصيل بعض المسائل تفصيلًا لا تجده عند غيره:

- ‌ذكره لأمور لم يُسبق إليها:

- ‌عنايته بالفوائد الأصولية:

- ‌الإحالات العلمية

- ‌الاستدلال بالأدلة النقلية من الكتاب والسنة والإجماع، وآراء الصحابة وأشعار العرب وأقوال أهل اللغة، والأدلة العقلية

- ‌مثال للاستدلال من الكتاب والسنة والإجماع، والدليل العقلي واللغة:

- ‌ذكر وجه الدلالة من النصوص

- ‌إيراد أدلة الخصوم وشبههم ومناقشتها وبيان وجه الضعف فيها

- ‌تعامله مع القضايا الفقهية

- ‌موقفه من آراء العلماء

- ‌ الآراء الفردية

- ‌الآراء الجماعية:

- ‌تعامله مع القضايا اللغوية والنحوية والأدبية

- ‌تعامله مع الصناعة الحديثية

- ‌ذكره للفوائد

- ‌نقاط أخرى في المنهج

- ‌التعريف ببعض الأعلام أثناء الشرح

- ‌عدم عزو أبيات الشعر إلا في النادر والقليل

- ‌منهجه في تفسير الآيات القرآنية

- ‌ذكر مجالس المذاكرة والمناظرة

- ‌التحري في عزو الأقوال إلى أصحابها

- ‌بيان وجهة نظر المصنف في ترتيب الموضوعات الأصولية

- ‌وجهة نظره في عدم ذكر بعض الموضوعات الأصولية

- ‌المبحث الرابع: مصادر الشارحين في الكتاب

- ‌المصادر الأصولية:

- ‌المصادر الأخرى:

- ‌أولًا - مصادره الفقهية:

- ‌ثانيًا- مصادره الحديثية:

- ‌متون وشروح الحديث

- ‌كتب مصطلح الحديث

- ‌كتب الرجال (الجرح والتعديل)

- ‌ثالثًا - مصادره في التفسير:

- ‌رابعًا - مصادره اللغوية:

- ‌خامسًا - مصادره العقيدية وعلم الكلام:

- ‌سادسًا - مصادره في القواعد الفقهية والأشباه والنظائر:

- ‌سابعًا: مصادر متنوعة:

- ‌المبحث الخامس: منهج التحقيق

- ‌المبحث السادس: وصف النسخ المعتمدة في التحقيق

- ‌المبحث السابع: في بيان المصطلحات التي استخدمها الشارح

الفصل: يُطلب منهم من أموال وهم صاغرون (1) .   ‌ ‌وأما الصناعة: فقد ازدهرت في عصر

يُطلب منهم من أموال وهم صاغرون

(1)

.

‌وأما الصناعة:

فقد ازدهرت في عصر المماليك نتيجةً لكثرة الثروة. والمعروف أن الصانع أو الفَنَّان يحاول دائمًا أن يرقى بإنتاجه إذا اطمأنَّ إلى أنه سيجني في النهاية ثمنَ أتعابه، ويتقاضى جزاءً يناسب ما يبذله من جهدٍ ووقت، ومن ناحية أخرى فإن المستهلك إذا عظمت ثروته وفاضت عن مطالبه الأساسية فإنه يفكِّر في اقتناء الكماليات، ولا يضن بمالٍ يبذله في شراء التحف والحصول على النفائس. وكان هذا الوضع الذي أثَّر في ارتقاء الصناعة والصُّنَّاع على عصر المماليك عندما فاضت الخزائن بالثروة العظيمة، فانعكس أثر ذلك فيما خلَّفه ذلك العصر من مصنوعات راقية، بلغت شأوًا بعيدًا في الدقة والإتقان.

ومن المعلوم أن دولة المماليك دولةٌ حربية بكل معاني الكلمة، قامت وليدة المعركة الصليبية في أرض المنصورة

(2)

، وأثبتت جدارتها في ساحة الحرب ضد التتار والصليبيين في الشام، واستمدت بقاءها من نجاحها في الدفاع عن مصر والشام ضد الأخطار الخارجية الكبرى التي هددتهما في ذلك الدور الهام من العصور الوسطى. هذا إلى أن المماليك أنفسهم من سلاطين وأمراء وأجناد كانوا يمثِّلون طبقةً حربية تعتمد على الفروسية، ويستطيع كلُّ فردٍ فيها أن يصل إلى أسمى الدرجات، ويحقِّق أضخم الآمال

(1)

انظر: العصر المملوكي في مصر والشام ص 285 - 288.

(2)

انظر: معركة المنصورة في العصر المماليكي ص 7 - 8.

ص: 68

بفضل مهارته في القتال، واستعمال القوس والنشاب والحربة.

لذلك لا عجب إذا احتلت الصناعات الحربية مكانًا بارزًا في النشاط الصناعي لدولة المماليك، وقد وُجد بالقاهرة في ذلك العصر سوق كبير اسمه سوق السلاح ذَخَر بالأسلحة المتنوعة، وبالصُّنَّاع الذين كانوا يصنعونها، فإذا حدثت فتنة أو نشبت حربٌ هَرَع الأمراء والجنود إلى ذلك السوق، وعندئذٍ يرتفع سعر الحديد، وأجور الحدَّادين وصُنَّاعِ آلات السلاح؛ لإقبال الناس على شرائه.

ويرتبط بالصناعات الحربية صناعة السفن، إذ حَرِص سلاطين المماليك على إنشاء أسطول بحري قوي يحمي شواطئ دولتهم الواسعة، ويَصُدُّ غارات المعتدين، ويؤدِّب القراصنة الذين دأبوا على مهاجمة السفن الإسلامية في البحر المتوسط.

وكانت السفن الحربية على أنواع، منها الشواني والحراريق والطرائد:

أما الشواني: فكانت أعظمها شأنًا، وهي مراكب حربية كبيرة أقيمت فيها أبراج وقِلاع للدفاع والهجوم، وتكونت هذه الأبراج من عدة طبقات، تقف في الطبقة العليا منها العساكر المسلحة بالأقواس والسهام والحِراب، وفي الطبقة السفلى الملَّاحون بالمجاديف.

وأما الحراريق: فكانت أقلَّ حجمًا، وهي بمثابة ناقلات الجند والذخيرة، فكان يُحمل فيها المشاة المقاتلون فضلًا عن الذخيرة والبارود والنفط.

ص: 69

أما الطرائد: فهي السفن الخاصة بحمل الخيل، وكانت تتسع لنحو أربعين فرسًا، وأحيانًا لثمانين فرسًا

(1)

.

هذا عن الصناعات الحربية، أما الصناعات المدنية فكانت عديدة، وعلى جانب كبير من الرقي في عصر المماليك، ومن أهم هذه الصناعات صناعة المنسوجات المتنوعة، حتى غدت لمصر في ذلك العصر شهرة خاصة في صناعة أنواع معينة من المنسوجات، مثل قماش الفستيان نسبة إلى الفسطاط

(2)

، والقماش الدبيقي نسبةً إلى دَبِيق

(3)

. وكذلك اشتهرت دمياط بصناعة أقمشة من التيل ذات عدة ألوان بحيث يتغير لونها باختلاف الضوء الواقع عليها.

وسواءٌ كانت الأقمشة التي صُنعت في مصر في عصر المماليك من الحرير أو القطن أو الصوف أو الكتان، فإنها امتازت جميعًا بدقة الصناعة، وثبات الألوان، وجودة الخامة، ومتانة النسج، كما تشهد على ذلك قِطَع النسيج المتبقاة من ذلك العصر.

كذلك اشتهرت مصر في ذلك العصر بصناعة الفرش، والستور،

(1)

انظر: العصر المماليكي ص 288 - 291.

(2)

الفسطاط: هي المدينة التي بناها عمرو بن العاص رضي الله عنه في مصر، وسبب تسميتها بالفسطاط أن عمرو بن العاص نصب فسطاطه في تلك البقعة، ثم أمر المسلمين أن يحيطوا حول فسطاطه ففعلوا. انظر: معجم البلدان 4/ 263 - 264، حسن المحاضرة 1/ 25.

(3)

قال ياقوت رحمه الله: "دَبِيقٌ: بُليدة كانت بين الفَرَما وتِنِّيس من أعمال مصر، تنسب إليها الثياب الدبيقية، والله أعلم". معجم البلدان 2/ 438.

ص: 70

والخيام، والفساطيط، والحبال المكسوة بالقطن والحرير.

ولم تكن العنايةُ بصناعة المعادن في عصر المماليك أقلَّ منها بصناعة المنسوجات، فاستخدم النحاس بصفةٍ خاصةً في صناعة الثُّرَيَّات والأواني المنزلية والأباريق والصحون والطسوت وغيرها.

كذلك استخدم النحاس في عيسر المماليك في تغطية بعض أبواب المساجد وقصور السلاطين والأمراء، وكان النحاس عند استخدامه في هذا الغرض يُعَدُّ على هيئة صفائح رقيقة مُقَسَّمة إلى أشكال هندسية بديعة المنظر، وما زال بدار الآثار العربية بالقاهرة باب من مِصْراعين مُصَفَّحَيْن بصفائح من النحاس، منقوشة برسومات عربية رائعة، تتخللها كتابة بالنسخ الجميل، وهذا الباب كان لأحد أمراء السلطان قلاوون.

وازدهرت صناعة الزجاج في مصر في العصر المماليكي، وتشهد بذلك أعداد المِشْكاوات الزجاجية المحفوظة بدور الآثار، والتي تمتاز بجمال أشكالها، وانسجام زخرفتها، وإتقان صنعها.

وبالإضافة إلى ذلك صُنع في مصر الزجاج الملون المستخدم في الشبابيك، وكذلك بعض أنواع البلور الصخري المحبَّب.

أما الخزف فكانت مصر من المراكز الأساسية لصناعته في العالم الإسلامي، ومنها انتشر كثير من نماذجه إلى البلاد الأخرى.

وبلغت المصنوعات الخشبية درجةً كبيرة من التقدم في عصر المماليك، واتبع المصريون في زخرفة المصنوعات الخشبية عدة طرق.

ص: 71

ويضيق بنا المقام عن تتبع كافَّة الصناعات الصغيرة التي ازدهرت في عصر المماليك، ولكن يكفي أن نختتم هذا العرض السريع بالإشارة إلى أن مصر شهدت أيضًا في ذلك العصر عددًا من الصناعات الغذائية أهمها صناعة السكر، ويذكر المقريزي

(1)

أنه كان في سَمْهود

(2)

سبعة عشر معصرًا لعصير القصب، كما كان في ملوى عدة معاصر.

هذا عن الصناعة، أما الصُّنَّاع وأصحاب الحِرَف فقد خضعوا في عصر المماليك لنظام النقابات، فكان أفراد كل حرفة يُكَوِّنون نقابةً خاصةً بهم، لها نظام ثابت يحدِّد عددَهم ومعاملاتهم فيما بينهم وبين بعضٍ من ناحية، وفيما بينهم وبين الجمهور من ناحيةٍ ثانية، وفيما بينهم وبين الحكومة من ناحيةٍ ثالثة، ولكل نقابة من هذه النقابات رئيس أو شيخ يرأسهم، يفض مشاكل أفراد النقابة، ويرجعون إليه في كل ما يهمهم.

ولما كان دخول أيِّ فردٍ غريبٍ في حِرْفةٍ من الحِرَف يؤدي إلى منافسة

(1)

هو أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد الحسيني العبيدي، البعلي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، ويعرف بابن المقريزي وهي نسبة لحارة في بعلبك تُعرف بحارة المقارزة. ولد سنة 766 هـ بالقاهرة.

من تصانيفه: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، وعقد جواهر الأسفاط في ملوك مصر والفسطاط، والسلوك بمعرفة دول الملوك، والتاريخ الكبير، وغيرها. مات سنة 845 هـ. انظر: الضوء اللامع 2/ 21، حسن المحاضرة 1/ 557، معجم المؤلفين 2/ 11.

(2)

سمهود: بفتح السين وبالدال في آخرها على المشهور، ويقال بالطاء بدل الدال: قرية كبيرةٌ غربيَّ نيل مصر بالصعيد. انظر: تاج العروس 10/ 298، مادة (سمهط)، معجم البلدان 3/ 255.

ص: 72