الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمرين كلاهما حق معتبر، أحدهما: أنْ يكون قد حفظ لفظ الحديث، واعتمد الآخر على المكتوب فالحافظ أولى؛ لما لعلّه يعتور الخطّ من نقص وتغيير. قال الإمام: وفيه احتمال. قلت: وهو احتمال بعيد. وقد ذهب بعض العلماء إلى أنَّه لا يحتج برواية من يعول على كتابه"
(1)
.
ولعلنا بذكر هذه الأمثلة نكون قد أحطنا ببعض الجوانب من نقده لمن سبقوه، وجئنا بنبأ عن هذه النقطة، ومن أراد المزيد، فعليه الرجوع إلى شرحه، فهو مشحون بآرائه النقدية.
تعامله مع المسائل الأصولية والقواعد الفقهية
اهتم التاج اهتمامًا بالغ النظير بالمسائل الأصولية لا من حيث الشرح والتوضيح فحسب، بل حقق المسائل وأماط اللثام عن الكثير من الفوائد، ويمكن تبيين ذلك في النقاط التالية:
العناية بتقسيم الموضوع
لا يمر موضوع من الموضوعات إلا ويقدم له بمقدمة أو تمهيد يبين فيه خلاصة الموضوع، وتقسيماته، ولو أخذنا أي موضوع دون أن نختار، نجد أنفسنا أمام منهج لم يحد عنه صاحبه قدر أنملة في طرحه لهذه الموضوعات، والمثال أحسن دليل على ما ادعيته:
مثال: يقول التاج في الإبهاج: "أركان القياس أربعة، الأصل، والفرع، والجامع بينهما، وحكم الأصل، وأما حكم الفرع فهو حكم
(1)
ينظر: ص 2771 - 2772.
الأصل بالحقيقة، وإن كان غيره باعتبار المحل فلذلك لم تكن الأركان خمسة، وقول الآمدي: حكم الفرع ثمرة القياس وليس ركنًا منه لأنَّ الحكم في الفرع متوقف على صحة القياس، فلو كان ركنًا منه لتوقف على نفسه، مدخول، فإن المتوقف على صحة القياس هو العلم بثبوت الحكم في الفرع الذي هو ثمرة القياس، لا نفس حكم الفرع، ثمّ إنّ المصنف اكتفى بتعريف الحكم في أوّل الكتاب عن إعادته هنا"
(1)
.
مثال آخر: "إنما أفرد بيان العلّة بفصل مقدّم على بيان الأصل والفرع ومتعلقاتهما لكثرة تشعب الآراء عندها وعِظَم موقعها ولتشتت المباحث فيها.
قد اختلفت مقالات الناس في تفسيرها على مذاهب:
الأول: وبه جزم المصنف واختاره الإمام، وأكثر الأشاعرة أنّها المعرِّف للحكم، وقد يقال: العلامة، والأمارة. . . ."
(2)
.
مثال آخر: "هذا مبدأ القول في الأمور المبطلة للعلية وهي ستة: النقض، وعدم التأثير، والكسر والقلب، والقول بالموجب، والفرق.
الأول: النقض: وهو عبارة عن إبداء الوصف الذي ادّعى المستدل حجّة عليته في بعض الصور مع تخلف الحكم عنه فيها وربما يعبر عنه المعبرون بتخصيص العلّة.
(1)
ينظر: ص 2273 - 2274.
(2)
ينظر: ص 2283 - 2284.
ومثاله قولنا: من لم يبيت النّية يعرى أوّل صومه عنها، فلا يصح؛ لأنَّ الصوم عبارة عن إمساك النّهار جميعه مع النية، فيجعل العراء عن النيّة في أوّل الصّوم علّة بطلانه. . .
الكلام في النقض من عظائم المشكلات أصولًا وجدلًا، ونحن نتوسط في النقض، فلا نسهب ولا نوجز بل نأتي بالمقنع، فنقول: . . ."
(1)
.
مثال آخر: "الأحكام الكلية للتراجيح هي الأمور العامة لأنواعها التي لا تخص فردًا منها. والباب مشتمل على مقدمة معرفة لماهية الترجيح وأربع مسائل.
وقد عرّف الترجيح بأنّه: تقوية إحدى الأمارتين على الأخرى ليعمل بها أي بالأمارة التى قويت، وهو مأخوذ من الإمام إلا أنّ الإمام أبدل الأمارتين بالطريقين
وما فعله المصنف أصرح بالمقصود، إذ يمتنع الترجيح في غير الأمارتين، والإمام قال ليعلم الأقوى فيعمل به. وحذف المصنف لفظة العلم وهو حسن، إذ يكتفى في الترجيح بالظنّ"
(2)
.
ونكتفي بهذا القدر من الأمثلة التي سردناها لبيان هذه النقطة فالمقام لا يتسع لأكثر من ذلك. وحتى يتسنى لنا أن نعرج على كل نقطة بالبيان والتوضيح.
(1)
ينظر: ص 2407 - 2410.
(2)
ينظر: ص 2723 - 2724.