الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعتمد هذا الاختيار على مكانة المدرِّس وشهرته العلمية، بحيث ينتقل طالب العلم من بلد بعيدٍ ليتتلمذ على فقيه أو محدث مشهور. فإذا أتم الطالب دراسته وتأهل للفتيا والتدريس أجاز له شيخه ذلك، وكتب له إجازة يذكر فيها اسم الطالب وشيخه ومذهبه وتاريخ الإجازة وغير ذلك.
ولا شك في أن قيمة هذه الإجازة كانت تتوقف على سمعة الشيخ الذي صدرت عنه ومكانته العلمية.
والواقع أن المدارس في عصر المماليك تمتعت بدخل مالي ثابت مكَّنها من أداء رسالتها وتدعيم نظامها. أما هذا الدخل فكان مصدره الأوقاف: من أراضٍ وبيوتٍ وأسواقٍ ومعاصرَ وغيرها، وهي أوقاف كان يُنفق مِنْ ريعها على المدرسة ومَنْ فيها مِنْ مدرسين وطلاب علمٍ وموظفين
(1)
.
المكتبات:
وإذا كانت الحياة العلمية قد نشطت في عصر المماليك - فإنه يلاحظ أن الركن الأول للنشاط العلمي في أي زمان ومكان هو الكتب والمكتبات. فبدون الكتب والمكتبات لا تستطيع المدارس أن تؤدي مهمتها، ولا يستطيع المتعلِّمون والمعلِّمون أن يواصلوا رسالتهم. لذلك لا عجب إذا شهد عصر المماليك نشاطًا منقطع النظير في التأليف من ناجية، وفي جمع الكتب وإنشاء المكتبات والعناية بها من ناحية ثانية. وكان سلاطين المماليك أنفسهم أول مَنْ قدَّر أهمية الكتب فاحتفظوا في قلعة الجبل بخزانة كتب
(1)
انظر: العصر المماليكي ص 342 - 345.
جليلة القدر، حوت مجموعة ضخمة من الكتب الدينية وغير الدينية. وقد ظلت هذه المكتبة عامرة بالكتب محتفظة بأهميتها، رغم الحريق الذي تعرضت له سنة 1292 م على عهد السلطان الأشرف خليل بن قلاوون
(1)
.
أما مكتبات المدارس والجوامع في عصر المماليك فكانت على درجة فائقة من الإعداد والغنى. فإذا كان السلطان الظاهر بيبرس قد أنشأ المدرسة الظاهرية، فإن المراجع تشير إلى أنه ألحق بتلك المدرسة خزانة كتب جليلة تشتمل على مجموعة ضخمة من المراجع في مختلف العلوم. وكذلك حرص السلطان المنصور قلاوون على أن يزوّد مكتبة المدرسة المنصورية بالكثير من كتب التفسير، والحديث، والفقه، واللغة، والطب، والأدبيات، ودواوين الشعراء. وكذلك المدرسة الناصرية التي أقامها السلطان الناصر محمد، إذ أنشأ بها خزانة كتب جليلة.
ولم يَقِلَّ سلاطينُ المماليك الجراكسة عنايةً بالكتب عن سلاطين دولة المماليك الأولى أو الأتراك، فنسمع عن خزائن الكتب العامرة التي ألحقها سلاطين الجراكسة مثل الظاهر برقوق والمؤيد شيخ
(2)
والأشرف قايتباي
(1)
هو خليل بن قلاوون الصالحي، الملك الأشرف صلاح الدين ابن السلطان الملك المنصور. ولد سنة 666 هـ. ولي بعد وفاة أبيه سنة 689 هـ، واستفتح الملك بالجهاد. قتل غيلة بمصر سنة 693 هـ. انظر: البداية والنهاية 13/ 354، شذرات 5/ 422، الأعلام 2/ 321.
(2)
هو شيخ بن عبد الله المحموديُّ الظاهريّ، أبو النصر الجركسيُّ الأصل. ولد سنة 770 هـ تقريبًا. أصله. تولى السلطنة في سنة 815 هـ. توفي سنة 824 هـ. انظر: الضوء اللامع 3/ 308، الأعلام 3/ 182، العصر المماليكي ص 168.