الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأشرف قانصوه الغوري بمدارسهم، هذا مع ملاحظة أن خزانات الكتب في عصر المماليك لم تلحق بالمدارس فحسب وإنما ألحقت أيضًا بالخانقاوات
(1)
والجوامع، وذلك تحقيقًا وتعميمًا للفائدة العلمية المرجوة. وفي جميع الحالات قام بالإشراف على خزانة الكتب "خازن الكتب" ومهمته ترتيب الكتب وتنظيمها وحفظها وحبكها وترميمها بين حين وآخر، فضلًا عن إرشاد القراء إلى ما يلزمهم من مراجع، لذلك كان يُختار لخزانة الكتب عادة فقيهٌ أو عالمٌ يراعى فيه سعة العلم والأمانة.
وكانت عملية تغذية المكتبات بالكتب مستمرة، فبالإضافة إلى مجموعة الكتب التي يحبسها صاحب المدرسة على خزنتها، استمرت المكتبات تحصل على جديد من الكتب إما عن طريق الهدايا والهبات وإما عن طريق النسخ وإما عن طريق الشراء. ولعل صعوبة نسخ الكتب والحصول عليها في ذلك العصر هي التي تطلبت تحريم إعارة الكتب خارجيًا تحريمًا باتًّا إلا في حالات نادرة خاصة. ومعنى ذلك أن الاستفادة من الكتب اقتصرت على الاطلاع الداخلي وفق شروط خاصة تضمن المحافظة على الكتب وعدم استهلاكها
(2)
.
المكاتب:
وإذا كانت المدارس في عصر المماليك تمثل المعاهد العليا أو الجامعات - فإن المكاتب نهضت عندئذ بالمرحلة الأولى من مراحل التعليم. ويبدو أن
(1)
الخانقاوات جمع خانقاه: وهو بيت ينقطع فيه الصوفية للعبادة والذكر. انظر: العصر المماليكي ص 433.
(2)
انظر: العصر المماليكي ص 345 - 347.
الهدف الأساسي من إنشاء معظم المكاتب كان تعليم أيتام المسلمين، ولذلك أقبل الخيِّرون على إقامتها وحبسِ الأوقاف عليها رغبةً في الثواب. وكان يقوم بتعليم الأطفال في المكتب "المؤدِّب" الذي أطلق عليه أحيانًا اسم "الفقيه"، واشترط فيه أن يكون: خيِّرًا ديِّنًا أمينًا على أطفال المسلمين، متين الخلق عَفًّا متزوجًا عارفًا بصناعته صالحًا للتعليم.
وساعد المؤدب في عمله "العريف" وهو أشبه بالمعيد في المدارس، إذ كان يعاون المتخلِّفين من الأطفال، ويعرضون عليه ألواحهم في غيبة المؤدِّب. وربما كان في المكتب الواحد أكثر من مؤدِّب وعريف إذا تطلبت كثرة الأطفال ذلك، بحيث يكون لكل مؤدب عدد معين من الأطفال يقوم بالإشراف عليهم وتعليمهم. وقد ذكر النويري
(1)
كيف أن السلطان المنصور قلاوون رتب في مكتب السبيل الذي أنشأه فقيهين يعلِّمان مَنْ كان صغيرًا من أيتام المسلمين كتاب الله تعالى، ورتَّب لهما جامكية في كل شهر وجراية في كل يوم: وهي لكل منهما في كل شهر ثلاثون درهمًا، وفي كل يوم من الخبز ثلاثة أرطال، وكسوة في الشتاء وكسوة في الصيف. ورتب للأيتام لكل منهم في كل يوم رطلان خبزًا، وكسوة في الشتاء وكسوة في الصيف.
(1)
هو أحمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الدائم القرشيُّ التيميُّ البكريّ، شهاب الدين النويري. نسبته إلى نُويرة: قرية من قرى بني سويف بمصر، ومولده ومنشأه بقوص. ولد سنة 677 هـ. كان عالمًا بحَّاثًا غزير الاطلاع، ويكفيه أنه مصنِّف "نهاية الأرب في فنون الأدب" كبير جدًا، وهو أشبه بدائرة معارف لما وصل إليه العلم عند العرب في عصره. توفي سنة 733 هـ. انظر: الدرر 1/ 197، الأعلام 1/ 165، معجم المؤلفين 1/ 306.