الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دون الصحيح كما سبق. هذا ما في الكتاب.
والحديث المشار إليه لا تقوم به الحجّة، ولا يصلح معارضًا؛ لأنَّ رواية جبارة بن المغلس وهو ضعيف، عن حماد بن يحيى الأبح، وقد قال فيه البخاري: يهم في الشيء بعد الشيء.
قال ابن عدي: وسمعت ابن حماد يقول: قال السعدي: حماد بن يحيى الأبح روى عن الزهري حديثا معضلًا، يعني هذا الحديث، ورواه حماد عن الزهري كما ذكر عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا.
فإن قلت: سلمنا ضعفَ الحديث ومعارضتَه لما تقدم، ومعارضةَ الإجماع أيضًا، وأنّه يجب التوفيق بينهما"
(1)
.
وبهذين المثالين يمكن أن نحكم على بقية الشرح، ونتعرف على منهجه في الباقي.
تعامله مع القضايا الفقهية
حين ترجمنا للتاج السبكي، قلنا: إنه يعد من فقهاء الشافعية، فقد كالن متضلعًا في المذهب، بل يختار أحيانًا ويرجح بين الأقوال داخل المذهب. كما أن له مؤلفات فقهية ذكرناها في الترجمة. ومن هذه المعطيات كان يتعامل مع القضايا الفقهية تعامل الرجل الممارس للفقه، صاحب الملكة الفقهية، المطلع على المذهب، العارف بخباياه، ونظرة سريعة على المصادر التي استعملها أثناء الشرح، تعطيك انطباعًا واضحًا على مدى
(1)
ينظر: ص 2213 - 2215.
رسوخه في مذهبه. ولذلك ينحو في شرحه منحى تخريج الفروع على الأصول خاصة في كتاب التعادل والتراجيح فقد أكثر الأمثلة من الفروع الفقهية. وبذكر الأمثلة تتضح الصورة أكثر وتبدو ناصعة.
مثال: "وأما تحقيق المناط: فهو أنْ يتفق على عليّة وصف بنص أو إجماع، ويجتهد في وجودها في صورة النزاع كالاجتهاد في تعيين الإمام بعدما علم من إيجاب نصب الإمام، وكذا تعيين القضاة والولاة وكذا في تقدير التعزيرات، وتقدير الكفاية في نفقة القريب. وإيجاب المثل في قيم المتلفات، وأروش الجنايات، وطلب المثل في جزاء الصيد، فإنّ مناط الحكم في نفقة القريب الكفاية وذلك معلوم بالنّص"
(1)
.
مثال آخر: "ومنها الجنين يضمن بالغرّة ويستوي فيه الذكر والأنثى. ومنها المقدرات الشرعية في الشجاج كالموضحة مع اختلافها في الصغر والكبر. ومنها جزاء الصيد فليس من شرط الضمان أنْ يكون بالمثل أو القيمة من النقدين ولا من شرط المثل أنْ يضمن بالمثل والعدول في الأمور التي لا تنضبط إلى شيء مقدر لا يختلف من محاسن الشريعة قطعًا للتشاجر والتخاصم. والتمر كان أغلب أقواتهم كما أنّ الإبل غالب أموالهم"
(2)
.
مثال آخر: "مثاله قولنا: رقّ الأمّ علّة رقّ الولد، فيكون هذا الولد رقيقًا، فإنْ نقض بولد المغرور، بحرية الجارية حيث كان رقّ الأمّ موجودًا مع انعقاد الولد حرًّا.
(1)
ينظر: ص 2399.
(2)
ينظر: ص 2436 - 2437.
قلنا: رقّ الولد موجود تقديرًا أو مقدر وجوده إذ لو لم يقدر رقّه لم نوجب قيمته، إذ لا قيمة في الحرّ، ولذلك حكي وجه: أنَّه ينعقد رقيقًا ثمّ يعتق على المغرور، حكاه الرافعي في كتاب العتق وجزم في النكاح بخلافه"
(1)
.
مثال آخر: "وأيضًا، فلعل أبا بكر رضي الله عنه نهى زيدًا عن الحكم فيما يخالفه فيه، وقصر توليته على الحوادث التي يوافقه فيها. وقد صرح بجواز مثل هذا الماوردي كما نقله الرافعي فقال: ولو ولَّى الإمام رجلًا، وقال: لا تحكم في قتل المسلمِ [بـ] الكافرِ والحرِّ [بـ] العبْدَ، جاز وقد قصر عمله على باقي الحوادث. وواقعة زيد واقعة عين، لا يمكن فيها نفي هذا الاحتمال"
(2)
.
مثال آخر: "قال الرافعي: فالقياس أنّا إنْ أوجبنا تقليدَ الأعلم، فهو كما لو تغير اجتهاد مقلده وإلا فلا أثر له. قال النووي: وهذا ليس بشيء بل الوجه الجزم بأنّه لا يلزمه شيء ولا أثرَ لقولِ الثاني"
(3)
.
مثال آخر: "وحاصل هذا أنَّه لا عموم وخصوص في هذه الصورة وليس للشافعي إلزام الحنفي بها؛ لأنَّ الضمان إذا ثبت لا يستقر على المكره، وهو كلام صحيح، إلا أنّ المذهب الصحيح المشهور في الجديد أنّ قرار الضمان في مسألة التغرير على الآكل دون المضيف، والصحيح في
(1)
ينظر: ص 2455 - 2456.
(2)
ينظر: ص 2928 - 2929.
(3)
ينظر: ص 2933.
مسألة الإكراه استقرار الضمان على المكْرِه بكسر الراء على خلاف ما قاله فيهما"
(1)
.
مثال آخر: "فهذا الخبر يقتضي ثبوت رمضان بشهادة الواحد، ويترتب عليه وجوب الصوم، وحلول الدّين المؤجل، ووقوع الطلاق والعتاق المعلقين به، وهو معارض للقياس، فإنّه يقتضي عدم ثبوته بقول الواحد، كما في سائر الشهور ويترتب على عدم ثبوته عدم ترتب شيء مما ذكرناه، فيحمل الأوّل على وجوب الصوم، والقياس على عدم حلول الأجل والطلاق والعتاق، وهذا قد صرح به القاضي الحسين والبغوي، لكن قال الرافعي: لو قال قائل: هلا يثبت ذلك ضمنًا كما سبق نظيره لأحوج إلى الفرق.
والذي سبق أنا إذا قلنا بالقول الصحيح، وصُمْنَا بقول الواحد، ولم نر الهلال بعد ثلاثين أفطرنا على أحد الوجهين وإن كنّا لا نفطر بقول واحد ابتداء ولا يثبت به هلال شوال على المذهب الصحيح؛ وذلك لأنّه لا يجوز أنْ يثبت الشيء ضمنا بما لا يثبت به أصلًا ومقصودًا، ألا ترى أنّ النسب والميراث لا يثبتان بشهادة النساء ويثبتان ضِمنًا للولادة إذا شهدن عليها.
وفرق ابن الرفعة بأن النّسب والميراث وكذا الإفطار عقيب الثلاثين لازم للمشهود فلا يتعقل ولادة منفكة عن النسب والميراث ولا صوم ثلاثين يومًا بوصف كونها رمضان منفكة عن الفطر بعدها، والدّين
(1)
ينظر: ص 2487.