الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: خاتمة الشرح
ثنينا بالخاتمة لما للخاتمة من علاقة بالمنهج المتبع أثناء شرحه فقد بينه كما سبق في المقدمة، ثم أوضحه في الخاتمة. فذكر أنه راعى فيه جانب التوسط، فلم يطل ولم يخل، وعلل ذلك بأن كتاب البيضاوي مختصر، والأجدر بمن يتصدى لشرح مثل هذا المختصر أن يحذو حذوه، وقد كان أحيانا يطيل النفس في المسألة، وهناك مباحث ترك ذكرها خشية التطويل، وأضرب عن الخوض فيها، مع أنّ النفس فيها حزازات، وهو يعتذر أنه لم ينصف المصنف في شرحه، رغم أنه لم يغادر مسألة صغيرة كانت أم كبيرة إلا وقد جمع لها من النقول والزيادات والفوائد ما جعل شرحه متكاملا من كل جوانبه، وقد صاغ هذا في خاتمة مؤنقة بألفاظ راعى فيها الصناعة الأدبية. ونتركه يعبر عن نفسه فيقول:
"وقدْ راعينا فيه جانب التَّوسط؛ لأنَّ الكتاب مختصر، فالألْيَقُ بشارحه أنْ يحذو حذوه ولا يتعدى ممشاه فوق خطوه، وقد كنّا نروح ونغدو على المسألة، وربما لم نخرج عن حدّ الشرح قدرَ أُنْمُلة، وفي النفس حزازات من مباحثَ نترك ذكرَها خشيةَ التطويلِ، ونَسْلُكُ في الإضرابِ عنها سبيلَ غيرنا، وإنْ كنَّا لا نرتضي تلك السبيل، على أنَّا لم نألُ جهدًا فيما وضعناه، ولم نرض إلَّا أنْ نحله محلَ النَّجم، وفي الظنِّ أنَّا ما أنصفناه، فإنَّا لم نغادر صغيرة ولا كبيرة مما يطالب الشارح بها إلَّا وقد جمعناها فيه، مع زيادات مِنْ نُقُولٍ، وفرائدَ يَهِيمُ الفَهْمُ إذا سَمِعَها طربًا، وينطق شاكرُها ملءَ فيه، ومباحثٍ ما البدورُ الكواملُ إلَّا ما تطلعُ، ولا العُرُبُ الأترابُ إلَّا
ما تَفُوهُ به بناتُ فكرِها وتسمعُ.
لكنَّ الكتابَ مع أنّه الروضُ المبدعةُ أزهارُه، والواضحُ الجليُّ الذي ينضال لديه النّهار وأنواره، لم يغنِ على نفسه لقلّة ما أودع فيه من المسائل، ولم يبن عن جمعٍ كبيرٍ، فلم نهتم له ولا به، وكيف لا؟ وقد كنَّا نكتب فيه بأطراف الأنامل، ونجيء إليه وقد سئمنا الطلب، وقالت: النَّفس حِطَّة، وبعد عليه، فنقول: من رأى القلم يكتب والهمّة تملي عليه. أمَّا القلم قد أبلَ وليس في تلك شطّة. . ."
(1)
.
وفي ختام الخاتمة عزم أن يجعل لمختصر ابن الحاجب الأصولي شرحا يميط فيه اللثام، وقد فعل فقد كان كتابه (رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب) من أحسن ما كتب في شروح ابن الحاجب، وقد حقق في الأزهر الشريف، هو مطبوع الآن ثلاثة أجزاء بمطبعة عالم الكتب، تحقيق علي معوض وعادل أحمد.
يقول التاج: "وفي عزمي والله الميسر أنْ أضع شرحًا على مختصر ابن الحاجب بسيطًا لا عذر لي إذا لم آت فيه بالعَجَبِ العُجَاب، محيطًا بهذا العلم على أتمّ وجه، لا أميط عنه إلَّا القشر عن اللباب، والله المسؤول أنْ يوفقنا لصالح الأعمال، ويجمعنا على العلم ونشره في كلّ حال بمنِّه وكرمِه، إنّه المرجو خيرُه المأمولُ يسرُه، والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرا إلى يوم الدين"
(2)
.
(1)
ينظر: ص 2967، 2968.
(2)
ينظر: ص 2968.