الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعض الأحيان يصرح بكثرة النقل من بعض المصادر الأصولية، فانظر إليه حين يقول:"واعلم أن هذا الكتاب قد أكثرنا النقل عنه في هذا الشرح، وهو كتاب التلخيص لإمام الحرمين، وذلك حيث يظهر لي أن الكلام من إمام الحرمين، فإنه زاد من قبل نفسه أشياء على طريقة المتقدمين في الاختصار، وتارة أعزوه إلى مختصر التقريب وهو حيث لا يظهر لي ذلك، والذي أقوله ليستفاد أني على كثرة مطالعتي في الكتب الأصولية للمتقدمين والمتأخرين، وتنقبي على ثقة بأني لم أر كتابًا أجل من هذا التلخيص لا لمتقدم ولا لمتأخر، ومن طالعه مع نظره إلى ما عداه من المصنفات علم قدر هذا الكتاب"
(1)
.
ثالثًا: مقارنة موجزة بين شرح التاج وكتاب الصفي الهندي
.
لو تصفحنا أي باب من أصول الفقه في كتاب الإبهاج وحاولنا أن نجري مقارنة بينه وبين كتاب النهاية للصفي الهندي، فلن نجد فرقًا كبيرًا في العبارة، اللهم إلا تقديم أو تأخير في الفقرات، أو تصرف في اللفظ والمؤدى واحد، وهذا لا يخدش في التاج، فهو قد عرف بسيلان في الذهن، والموسوعية في المعرفة، فقد يكون كتبها من حفظه، وقد ورد عنه في معرض الكلام عن أحد العلماء شيء من هذا ". . . الحسين بن عيسى معتزلي قدري له كتاب في أصول الفقه سماه النكت ورأيت عبارته تشابه عبارة المحصول، فعلمت أن الإمام كان كثير المراجعة له"
(2)
ولا تكون هذه
(1)
ينظر: ص 1272 - 1273.
(2)
ينظر: ص 1461 - 1462.
دعوى تشابه الكتابين في العبارة صادقة، إلا إذا اكتنفها من القرائن والأدلة التى لا تقبل النقض. ومن الأمثلة على ذلك لا على سبيل الحصر فنأخذ مثالا من أول الكتاب وآخر من وسطه وثالث من أخيره.
مثال من أول الكتاب: في مبحث جريان القياس في الحدود، والكفارات: يقول التاج: "البحث الثاني: أنَّه يجري في الحدود والكفارات والرخص والتقديرات خلافا لأبي حنيفة.
لنا أنّ أدلة القياس دالة على جريانه في الأحكام الشرعية مطلقًا من غير فصل بين باب وباب ويخص المسألة ما روي أنّ الصحابة اجتهدوا في حدّ شارب الخمر فقال علي: أراه ثمانين؛ لأنّه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى وحدّ المفتري ثمانون، وهذا قياس في الحدود ثم لم ينكر عليه فكان إجماعًا.
إن قلت: إن أردتم أنَّ أدلة القياس تدل على جريانه في الأحكام الشرعية مطلقًا سواءً أوجدت الأركان والشرائط أو لم توجد فهو ممنوع ظاهر الفساد. . ."
(1)
.
ويقول الصفي الهندي في النهاية: "ذهب أصحابنا وأكثر الأئمة إلى أنه يجوز إثبات الحدود والكفارات، والرخص، والتقديرات بالأقيسة خلافًا لأبي حنيفة وأصحابه رحمهم الله.
لنا: ما تقدم من أدلة القياس، فإنه يدل على جواز القياس في الأحكام
(1)
ينظر: ص 2250 - 2251.
الشرعية مطلقًا من غير فصل بين باب وباب، فالتخصيص بباب دون باب خلاف لإطلاق تلك الأدلة فكان باطلًا.
ويخص المسألة ما روى أنّ الصحابة اجتهدوا في حد شارب الخمر فقال علي رضي الله عنه: أراه ثمانين، إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وحد المفتري ثمانون، ولا شك أنه قياس. . .
فإن قيل: تدعي أن تلك الأدلة تدل على جريان القياس فى الأحكام الشرعية مطلقًا سواء وجدت أركان القياس وشرائطه، أو لم توجد، أو تدعى أن دلالتها عليها إنما هي عند حصول الأركان والشرائط، والأول ظاهر. . ."
(1)
.
مثال من وسط الكتاب: في الكتاب الخامس في دلائل اختلف فيها.
يقول التاج في الإبهاج: "هذا الكتاب معقود للمدارك التي وقع الاختلاف بين المجتهدين المعتبرين في أنّها هل هي مدارك للأحكام أم لا؟ أولها: الأصل في المنافع الإذن وفي المضار المنع خلافا لبعضهم. وهذا بعد ورود الشرع فأمّا قبله، فقد تقدّم تقريره في مسألة حكم الأشياء قبل ورود الشرع"
(2)
.
يقول الصفي الهندي في النهاية "الكلام في المدارك التي اختلف المجتهدون في أنها هل هي مدارك للأحكام أم لا؟ وفيه مسائل: المسألة
(1)
ينظر: النهاية للهندي: 7/ 3220.
(2)
ينظر: ص 2599 - 2600.