الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: مصادر الشارحين في الكتاب
سبق وأن قلنا إن العصر الذي عاشه السبكي، يعد عصر الموسوعات، وكان العلماء يتوسعون في المعرفة، وينهلون من جميع أنواعها وتخصصاتها، ولعل ذلك راجع لخوفهم على اندثار العلوم بعد أن فعل فيها الغزو الهمجي التتاري الأفاعيل، حينما جعل من الكتب جسورًا لعبور خيولهم ودوابهم، وبنيت بها الاصطبلات. فألزم العلماء أنفسهم بحفظ هذا الدين من أن تعبث به أيدي العابثين، فسهروا على حفظ كثير من الكتب عن ظهر قلب، وظهر ذلك في كتابتهم، فلا تكاد ترى مصنفًا في ذلك العصر إلا وقد امتلأ بسيل من المعلومات فكانت عقولهم كالشبكات المعرفية المعروفة في عصرنا بـ (الإنترنت) فأي موقع أردت أن تزوره لتعرف ما فيه من علوم ومعارف، فبمجرد ضغطة زر تنساب أمامك تلك المعلومات، وكذلك كان علماؤنا رحمهم الله بما حباهم الله من السيلان الذهني واستحضار المسائل مع الفارق في التشبيه، فهذه الآلات قد تخرب أو تعتريها الآفات كانقطاع التيار الكهربائي أو غيره، وأما عقول سلفنا فقد كانت محفوظة بحفظه سبحانه.
لذا فإن شيخنا الجليل الإمام تاج الدين السبكي عليه شآبيب الرحمة والغفران، كان نبوغه وتفوقه لا يكاد يخفى على أحد، فقد كان أحد
أساطين العلم ودهاقنة المعرفة الغنية عن التعريف بها، فقد عرفنا سابقًا إتقانه لعلوم شتى كالفقه والأصول واللغة والأدب، والتاريخ، واللغة، وغيرها من العلوم. وظهر ذلك جليًا في شرحه فغدا شرحه موسوعة تضم بين جنباتها أقوال العلماء الأصولية، ولا سيما المتقدمين منهم، والأمثلة الفقهية التي أكثر من الاستشهاد بها، بالإضافة إلى أقوال أئمة الحديث ومصطلحه.
وهكذا نجد شرح الشيخ قد شمل التفسير وعلومه، والفقه وأصوله، والحديث ومصطلحه، والبلاغة والأدب، واللغة والنحو، والتاريخ والمنطق، وكان يورد هذه العلوم حسب ما يقتضيه المقام، فلم يكن من الذين يطنبون حتى يشرد ذهن القارئ، ويثقل كاهله بما يمكن الاستغناء عنه، كما أنه لم يكن من المختصرين الذين يحتاج شرحهم إلى شرح وحاشية وتقرير وطرة، فلا هو بالطويل الممل ولا المختصر المخل.
ناهيك عن الاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة والتي جمعها من مظانها من الصحاح والسنن والمستدركات والمسانيد والأجزاء والمستخرجات، وكتب الرجال في الجرح والتعديل.
وبهذا يكون شرحه متسمًا بوفرة من المصادر التي استمد منها شرحه، غير أننا لا ندعي الإحاطة بتلك المصادر التي اعتمد عليها في شرحه، فقد يكون ذلك غمط في حق الرجل، لذلك فإنها من الكثرة والتنوع بمكان، مما يجعلنا نستبعد الاعتقاد السائد بأن مراجع الأولين هي تلكم المصادر
المحصورة فقط فيما يورده في تأليفه. وخاصة وأن التأليف هو عبارة عن شرح لمتن، فمن اقتحم مثل هذا الأمر يستدعي منه أن يجمع إلى ثقافة عصره ثقافة عصر المصنف الإمام البيضاوي، وخاصة إذا بعدت الشقة الزمنية بينهما.
وقد حاولنا استقراء هذه المصادر من خلال شرحه. واستأنسنا بذكره لمصادر شرحه لمختصر ابن الحاجب رفع الحاجب فهناك قد صرح حين قال: "فلقد نظرنا عليه مع توخينا الاختصار فيه كتبًا شتى منها:
1 -
الرسالة للإمام الشافعي رضي الله عنه.
2 -
وشرحها لأبي بكر الصيرفي.
3 -
و [شرحها] للأستاذ أبي الوليد النيسابوري.
4 -
و [شرحها] لأبي بكر القفال الشاشي الكبير.
5 -
و [شرحها] لأبي محمد الجويني.
6 -
والتقريب والإرشاد في ترتيب طرق الاجتهاد للقاضي أبي بكر الباقلاني. . .
7 -
ومختصره المسمى بالتلخيص لإمام الحرمين.
8 -
وتعليقة الشيخ أبي حامد الإسفراييني.
9 -
وتعليقة الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني.
10 -
وآداب الجدل لأبي الحسين الجلّال.
11 -
ومعيار الجدل للأستاذ أبي منصور عبد القاهر البغدادي.
12 -
وشرح الكفاية للقاضي أبي الطب الطبري.
13 -
والعمد للقاضي عبد الجبار.
14 -
والمعتمد لأبي الحسين البصري.
15 -
والتقريب لسليم الرازي.
16 -
وكتاب الأستاذ أبي بكر بن فورك.
17 -
والبرهان لإمام الحرمين.
18 -
وشرحه للإمام لأبي عبد الله المازري المالكي.
19 -
والكلام عى مشكله للمازري أيضا.
20 -
وشرح أيضا لأبي الحسن للأبياري. . .
21 -
واللمع وشرحه للشيخ أبي إسحاق الشيرازي.
22 -
والملخص والمعرفة له أيضا في الجدل.
23 -
والقواطع للإمام الجليل أبي مظفر بن محمد السمعاني.
24 -
والمستصفى والمنخول للإمام حجة الإسلام.
25 -
وشفاء الغليل في بيان مسالك التعليل له أيضًا.
26 -
وعدّة العالم للشيخ أبي نصر بن الصباغ.
27 -
وتعليقة إلكيا أبي الحسن الهراسي.
28 -
والملخص للقاضي عبد الوهاب.
29 -
وأصول الفقه للأستاذ أبي نصر ولد أبي القاسم القشيري.
30 -
والوجيز لأبي الفتح بن برهان.
31 -
وكتاب الإمام محمد بن يحيى.
32 -
والعقيدة لتلميذه شرف شاه بن ملكداد.
33 -
وشرح اللمع لأبي عمرو عثمان بن عيسى الكردي صاحب الاستقصاء.
34 -
ومشكلات اللمع لمسعود عليّ اليماني.
35 -
والمحصول للإمام وغيره من أتباعه.
36 -
كشرحه للقرافي.
37 -
وشرحه للأصفهاني.
38 -
والمؤاخذات عليه للنقشواني.
39 -
والتنقيح للتبريزي.
40 -
وشرح المعالم لابن التلمساني.
41 -
والنهاية لصفي الهندي.
42 -
والفائق له أيضًا.
43 -
والإحكام للإمام سيف الدين الآمدي.
44 -
والمنتهى له أيضا.
45 -
وكتب المخالفين من الحنفية.
46 -
والمنهاج للقاضي أبي الطيب.
47 -
والنكت للشيخ أبي إسحاق.
48 -
والأساليب لإمام الحرمين.
49 -
والتحصين للغزالي.
50 -
وشفاء المسترشدين للإلكيا الهراسي.
51 -
وتعليقة الإمام محمد بن يحيى.
52 -
و [تعليقة] أسعد الميهني.
53 -
و [تعليقة] القاضي الرّشيد والطاووسي، وغيرهم.
54 -
ومن الخلافيات للحنفية كتاب الأسرار للقاضي أبي زيد.
55 -
وتعليقة ابن مارة، وغيرهما. وغير ذلك كله مما لو عددناه لضيعنا الأنفاس، وضيعنا القرطاس. وع ما حشوناه فيه من فروع الفقه، وفنون الفوائد وما سمح به الخاطر من المباحث. . ."
(1)
. فمن خلال هذا النّص يمكن أن يقال إن الشيخ السبكي كانت لديه مكتبة غنية بالمصادر والمراجع، ويمكن أيضا أن يستأنس بها ليقال إنها المصادر نفسها التي اعتمد عليها في شرحه على منهاج البيضاوي.
وسوف نذكر أمهات الكتب الأصولية التي ضمنها الشارح شرحه، وجمع مادته العلمية منها، وهذا بيان بأهمها مرتبة بحسب سني وفاة مؤلفيها:
(1)
رفع الحاجب: اللوحتان: ب، 3/ أ. وينظر رفع الحاجب 231 - 238 المطبوع لمزيد الفائدة.