الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْقَاعِدَة التَّاسِعَة وَالْعشْرُونَ
(الْمَادَّة / 30))
("
دَرْء الْمَفَاسِد أولى من جلب الْمصَالح
")
(أَولا _ الشَّرْح)
" دَرْء الْمَفَاسِد أولى من جلب الْمصَالح " فَإِذا تَعَارَضَت مفْسدَة ومصلحة قدم دفع الْمفْسدَة غَالِبا، لِأَن اعتناء الشَّارِع بالمنهيات أَشد من اعتنائه بالمأمورات. قَالَ عليه الصلاة والسلام:(مَا نَهَيْتُكُمْ عَنهُ فَاجْتَنبُوهُ، وَمَا أَمرتكُم بِهِ فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم) ، رَوَاهُ الإِمَام النَّوَوِيّ فِي الْأَرْبَعين.
(ثَانِيًا _ التطبيق)
مِمَّا تفرع على هَذِه الْقَاعِدَة: (أ) أَن كلا من صَاحب السّفل وَصَاحب الْعُلُوّ لَيْسَ لَهُ أَن يتَصَرَّف تَصرفا مضراً بِالْآخرِ، وَإِن كَانَ يتَصَرَّف فِي خَالص ملكه وَله مَنْفَعَة. (ر: الْمَادَّة / 1192 / من الْمجلة) .
(ب) وَمِمَّا يتَفَرَّع عَلَيْهَا أَيْضا: الْحجر على السَّفِيه.
(ج) وَمِنْه: أَنه لَيْسَ للْإنْسَان أَن يفتح كوَّة تشرف على مقرّ نسَاء جَاره، بل يُكَلف أَن يتَّخذ فِيهَا مَا يقطع النّظر. وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَن يحدث فِي ملكه مَا يضر بجاره ضَرَرا بَينا، كاتخاذه بِجَانِب دَار جَاره طاحوناً مثلا يوهن الْبناء أَو معصرة أَو فرناً يمْنَع السُّكْنَى بالرائحة وَالدُّخَان. وَكَذَا لَو اتخذ بِجَانِب دَار جَاره كنيفاً أَو بالوعة أَو ملقى قمامات يضر بالجدار فَلصَاحِب الْجِدَار أَن يكلفه إِزَالَة
الضَّرَر (ر: الْمَادَّة / 1200 / من الْمجلة) وَإِذا كَانَ الضَّرَر لَا يَزُول إِلَّا بِرَفْعِهِ بالمرة فَإِنَّهُ يرفع (ر: الْمَادَّة / 1212 / من الْمجلة) وَإِن كَانَ لمحدثه مَنْفَعَة فِي إبقائه لِأَن دَرْء الْمَفَاسِد أولى من جلب الْمَنَافِع.
(د) وَمِنْه: مَا تقدم تَحت الْمَادَّة / 26 / من أَنه يمْنَع من اتِّخَاذ حَانُوت للطبخ أَو للحدادة بَين البزازين كَمَا تُشِير إِلَيْهِ الْقَاعِدَة (ر: الْمَادَّة / 25) .
(هـ) وجوزوا الْكَذِب بَين المتعاديين للإصلاح.
وَالظَّاهِر أَن هَذَا (أَي تَقْدِيم الْمَنْفَعَة ومراعاتها حِين تربو على الْمفْسدَة) فِيمَا إِذا كَانَت الْمفْسدَة عَائِدَة على نفس الْفَاعِل، كَمَسْأَلَة تَجْوِيز الْكَذِب الْمَذْكُورَة، أما إِذا كَانَت الْمفْسدَة عَائِدَة لغيره، كَمَسْأَلَة الْعُلُوّ والسفل الْمُتَقَدّمَة ونظائرها، فَإِنَّهُ يمْنَع مِنْهَا لمُجَرّد وجود الضَّرَر للْغَيْر وَإِن كَانَت الْمَنْفَعَة تربو كثيرا على الْمفْسدَة.