الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاعهَا مِنْهُ أَو تصدق بهَا عَلَيْهِ، فَأَرَادَ الْوَاهِب أَن يرجع بهبته لَا يملك ذَلِك (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، من الرُّجُوع فِي الْهِبَة) .
وَلذَلِك لَو بَاعَ عقارا لغيره، وَكَانَ لَهُ شَفِيع، فَسلم الشَّفِيع الشُّفْعَة للْمُشْتَرِي، ثمَّ تقايل البَائِع مَعَ المُشْتَرِي البيع، فَللشَّفِيع أَن يَأْخُذ الْعقار من البَائِع بِالشُّفْعَة حَيْثُ كَانَ عوده إِلَيْهِ بِسَبَب جَدِيد وَهُوَ الْإِقَالَة، لِأَنَّهَا بيع جَدِيد فِي حق ثَالِث، وَالشَّفِيع هُنَا ثالثهما (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، من الشُّفْعَة من بَاب مَا تثبت هِيَ فِيهِ) .
وَكَذَا لَو اشْتَرَاهُ البَائِع من المُشْتَرِي كَانَ للشَّفِيع أَخذه بِالْأولَى.
وَقد فرع شرَّاح الْمجلة هُنَا فروعاً لَا تدخل فِي الْقَاعِدَة فَلم نعرج عَلَيْهَا.
(تَنْبِيه:)
نقل فِي ذخيرة الْفَتْوَى (فِي الِاسْتِحْقَاق من الْبيُوع، الْفَصْل / 21) فرع الِاسْتِحْقَاق الْمَذْكُور أَعْلَاهُ عقب الْفَرْع الأول من فروع الْقَاعِدَة، وَاسْتَشْكَلَهُ من وَجْهَيْن: حَاصِل الأول أَن ظَاهر الرِّوَايَة أَنه إِذا اسْتحق الْمَبِيع لَا يرجع أحد من الباعة على بَائِعه بِالثّمن مَا لم يرجع عَلَيْهِ، فَكيف يرجع هُنَا على بَائِعه وَلم يرجع عَلَيْهِ المُشْتَرِي مِنْهُ؟ ! وَحَاصِل الثَّانِي: أَنه نقل الْفَرْع الأول (فرع الرَّد بِالْعَيْبِ) وَعلله بِأَنَّهُ لَو رده عَلَيْهِ كَانَ للمردود عَلَيْهِ أَن يردهُ عَلَيْهِ ثَانِيَة لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَلَا يُفِيد، وَلَيْسَ لَهُ أَن يردهُ على البَائِع الأول أَيْضا، لِأَن هَذَا الْملك غير مُسْتَفَاد من جِهَته وَأَنه يَنْبَغِي على قِيَاس هَذَا أَن يكون الحكم فِي فصل الِاسْتِحْقَاق كَالْحكمِ فِي فصل الرَّد بِالْعَيْبِ. ثمَّ قَالَ: وَيجوز أَن يكون بَين الِاسْتِحْقَاق وَبَين الرَّد بِالْعَيْبِ فرق. انْتهى مُلَخصا. وَلم يُنَبه على الْفرق وَلم يُبينهُ. وَلَعَلَّ الْفرق هُوَ أَنه بِالِاسْتِحْقَاقِ ظهر أَن البَائِع بَاعَ وَسلم مَا لَيْسَ ملكا لَهُ. وَلَا يخفى أَن هَذَا البيع وَالتَّسْلِيم لَهُ شبهان: فَهُوَ يشبه من جِهَة بيع الْفُضُولِيّ بِدَلِيل مَا نصوا عَلَيْهِ فِي بَاب الِاسْتِحْقَاق من أَنه بِالْقضَاءِ للْمُسْتَحقّ لَا تَنْفَسِخ الْبياعَات على الْأَصَح مَا لم يفْسخ الْمُسْتَحق، أَو يقْض على البَائِع بِالثّمن للْمُشْتَرِي أَو يرض البَائِع برد الثّمن لَهُ. وعللوه بِأَنَّهُ بيع فُضُولِيّ يحْتَمل الْإِجَازَة. وَهُوَ يشبه من جِهَة أُخْرَى
الْغَصْب بِدَلِيل مَا نصوا عَلَيْهِ فِي كتاب الْغَصْب من أَن البيع وَالتَّسْلِيم يُوجب الضَّمَان وَلَو الْمَبِيع عقارا على الْأَصَح، وَمن جِهَة كَونه غصبا يكون المُشْتَرِي بِمَنْزِلَة غَاصِب الْغَاصِب، وَيكون الْمَبِيع وَاجِب الرَّد، وَإِذا كَانَ وَاجِب الرَّد شرعا فَبِأَي جِهَة وَقع الرَّد يكون أَدَاء لذَلِك الْوَاجِب، كَالْمَبِيعِ فَاسِدا وَالْمَغْصُوب، إِذا بَاعه المُشْتَرِي من بَائِعه، أَو بَاعه الْغَاصِب من مَالِكه، أَو وهبه إِيَّاه، يكون ردا بِحكم الْفساد الْوَاجِب عَلَيْهِ رَفعه (ر: مَا تقدم تَحت الْمَادَّة / 2) وغاصب الْغَاصِب يبرأ برد الْعين الْمَغْصُوبَة على الْغَاصِب أَو برد بدلهَا عَلَيْهِ إِذا هَلَكت كَمَا يبرأ بِالرَّدِّ على الْمَغْصُوب مِنْهُ (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، من الْغَصْب) وَعَلِيهِ فَيكون بيع المُشْتَرِي الْأَخير الْمَبِيع للْمُشْتَرِي الأول يعْتَبر بعد ظُهُور كَونه مُسْتَحقّا ردا على الْغَاصِب لَا بيعا، لما لَهُ من شبه الْغَصْب. وَإِذا كَانَ ردا لم يكن مستفيداً للْملك من جِهَة غير البَائِع، فَيرجع عَلَيْهِ بِالثّمن. بِخِلَاف مَا أوردهُ صَاحب الظَّهِيرِيَّة من فرع الرَّد بِالْعَيْبِ فَإِن شِرَاء المُشْتَرِي فِيهِ للْمَبِيع الْمَعِيب ثَانِيًا من مُشْتَرِيه هُوَ شِرَاء مَحْض، وَالْمَبِيع لَيْسَ لَهُ شبه الْغَصْب حَتَّى يُمكن اعْتِبَاره ردا، فَافْتَرقَا.
هَذَا مَا ظهر لي، وَالله سبحانه وتعالى أعلم.
((الصفحة فارغة))