الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الِاجْتِهَاد فِي مُقَابلَة الْمُفَسّر والمحكم مِنْهَا، فَبَطل القَوْل بِحل الْمُطلقَة ثَلَاثًا للْأولِ بِمُجَرَّد عقد الثَّانِي عَلَيْهَا بِلَا وَطْء، وَالْقَوْل بِحل نِكَاح الْمُتْعَة، وَالْقَوْل بِسُقُوط الدّين بِمُضِيِّ سِنِين بِلَا مُطَالبَة، وَالْقَوْل بِالْقصاصِ بِتَعْيِين الْوَلِيّ وَاحِدًا من أهل الْمحلة وَحلف أيماناً على أَنه هُوَ الْقَاتِل، وَبَطل القَوْل بِأَن لَا دخل للنِّسَاء فِي الْعَفو عَن دم الْعمد، وَالْقَوْل بِبُطْلَان إِقْرَار الْمَرْأَة، وَبطلَان وصيتها بِغَيْر رِضَاء زَوجهَا، لعدم استنادها إِلَى دَلِيل مُعْتَبر، ولمخالفتها للنصوص الشَّرْعِيَّة الَّتِي لَا تحْتَمل التَّأْوِيل. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار وحاشيته رد الْمُحْتَار، كتاب الْقَضَاء. ومعين الْحُكَّام، من فصل فِيمَا لَا ينْعَقد من أَحْكَام القَاضِي) .
وَمثل لفظ الْكتاب وَالسّنة لفظ شَرط الْوَاقِف وَلَفظ الْمُوصي، فَإِنَّهُمَا كنص الشَّارِع فِي الْمَفْهُوم وَالدّلَالَة وَوُجُوب الْعَمَل بِهِ. (ر: التَّنْقِيح) ، مَا لم يكن فِيهِ تَغْيِير لحكم الشَّرْع، فَلَو كَانَ، كَمَا لَو شَرط أَن الْمُتَوَلِي أَو الْوَصِيّ لَا يُحَاسب، فَإِن شَرطه لَا يُرَاعى. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار وَغَيره، من كتاب الْوَقْف) .
(تَنْبِيه)
قَوْلهم: لَا مساغ للِاجْتِهَاد فِي مورد النَّص " لَا فَائِدَة لوضعه هُنَا فِيمَا يتَبَادَر، لِأَن بَاب الِاجْتِهَاد مسدود الْآن فِي وَجه من يتَصَدَّى لدُخُوله مُطلقًا، سَوَاء كَانَ فِي مورد نَص لَا يسوغ الِاجْتِهَاد فِيهِ أَولا. فَفِي " الْخُلَاصَة " من آخر فصل الْحَبْس: لَيْسَ أحد من أهل الِاجْتِهَاد فِي زَمَاننَا.
وَيحْتَمل أَن يكون الْمَقْصُود من وضع هَذِه الْقَاعِدَة الْمَذْكُورَة الْإِيمَاء للمفتين والقضاة بِأَن يقفوا عِنْد حَدهمْ، ويقصروا أنظارهم أَن تتطلع وأعناقهم أَن تمتد إِلَى مُجَاوزَة مَا فوض إِلَيْهِم من الِاجْتِهَاد فِي تَرْجِيح إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ متساويتين أَو أحد قَوْلَيْنِ متعادلين يخْتَلف التَّرْجِيح فيهمَا بِحَسب الْحَوَادِث والأشخاص إِلَى مَا لم يُفَوض إِلَيْهِم.
وَذَلِكَ مثل مَا قَالُوا فِي الزَّوْج إِذا أوفى زَوجته معجل مهرهَا فَهَل لَهُ أَن يُسَافر بهَا أَو لَا؟ فَظَاهر الرِّوَايَة أَن لَهُ ذَلِك، وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الصفار
وَأَبُو اللَّيْث: لَيْسَ لَهُ ذَلِك لفساد الزَّمَان وَسُوء حَال الْأزْوَاج، وَاخْتَارَ بَعضهم تَفْوِيض ذَلِك للمفتي، فَمَتَى علم من حَاله الْإِضْرَار بهَا أفتاه بِعَدَمِ الْجَوَاز، وَمَتى علم مِنْهُ غير ذَلِك أفتاه بِالْجَوَازِ. وَقد نصوا فِي مثل هَذَا على أَن الْمُفْتِي لَا بُد لَهُ من نوع اجْتِهَاد وَأَنه يُفْتِي بِمَا وَقع عِنْده من الْمصلحَة.
وكما قَالُوا فِي حق سُقُوط نَفَقَة الزَّوْجَة بِالطَّلَاق الْبَائِن إِذا كَانَت غير مستدانة بِأَمْر القَاضِي، أَن القَاضِي ينظر فِي حَال الزَّوْج، فَإِن كَانَ طَلقهَا بَائِنا توصلاً لإِسْقَاط النَّفَقَة المتراكمة عَن نَفسه رد قَصده عَلَيْهِ وَحكم عَلَيْهِ بِعَدَمِ سُقُوطهَا عَنهُ، وَإِن كَانَ أَبَانهَا لَا لهَذَا حكم بسقوطها. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار وحاشيته رد الْمُحْتَار، من النَّفَقَة) .
وكما فوض إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد فِي تَقْدِير حبس الْمَدْيُون مُدَّة يغلب على ظَنّه أَنه لَو كَانَ لَهُ مَال لأظهره.
وفوضوا إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد فِي تَقْدِير تَعْزِير المذنب بِحَسب مَا يرَاهُ كَافِيا لزجره من حبس أَو ضرب أَو تعبيس فِي وَجهه.
وفوضوا إِلَيْهِ النّظر وَالِاجْتِهَاد فِي بيع الْأَب وَالْوَصِيّ عقار الصَّغِير، فَإِن رأى أَن نقضه أصلح للصَّغِير وأنفع فَلهُ نقضه. (ر: فيض المستفيض فِي مسَائِل التَّفْوِيض للغزي) .
وَقد فَوضُوا أَيْضا للْحَاكِم تَحْلِيف الشُّهُود إِذْ رأى ذَلِك، لفساد الزَّمَان، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَام على الْمَادَّة / 39 /:" لَا يُنكر تغير الْأَحْكَام بِتَغَيُّر الْأَزْمَان " نقلا عَن معِين الْحُكَّام.
فَيحْتَمل أَنهم أَرَادوا بِوَضْع هَذِه الْقَاعِدَة هُنَا إيقاف اجتهادهم وقصره على مثل هَذَا. وَأما فِيمَا عداهُ مِمَّا لم يُفَوض إِلَيْهِم وَقد وَقع فِيهِ الْخلاف فَلَا مساغ لاجتهادهم فِيهِ، بل التَّرْجِيح فِيهِ تَابع لترجيح المرجحين من عُلَمَاء الْمَذْهَب على حسب مَا هُوَ مَبْسُوط فِي " رسم الْمُفْتِي " فَلَيْسَ للمفتي وَلَا للْقَاضِي مُخَالفَة
مَا رجحوه بِاجْتِهَاد مِنْهُ، وَلَو فعل لَا يقبل مِنْهُ، لِأَنَّهُ اجْتِهَاد فِي مورد النَّص، وَالنَّص لَا مساغ للِاجْتِهَاد فِي مورده.
وَإِذا صَحَّ مَا ذَكرْنَاهُ يكون المُرَاد بِالنَّصِّ هَا هُنَا هُوَ الْمَنْقُول فِي كتب الْمَذْهَب. لَا مَا سبق.