الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ثَالِثا: الْمُسْتَثْنى)
يسْتَثْنى من هَذِه مسَائِل: مِنْهَا: أَن البيع بِلَا ثمن يبطل، وَلَا ينْعَقد هبة، وَلم أر فِيهِ خلافًا. وَكَذَا الْإِجَارَة بِلَا بدل لَا تَنْعَقِد عَارِية إِلَّا على قَول (ر: رد الْمُحْتَار، أَوَائِل الْإِجَارَة) .
وَوجه عدم الِانْعِقَاد فِي الفرعين ظَاهر، وَذَلِكَ أَنه دَار الْأَمر فيهمَا بَين عقد مَحْظُور، وَهُوَ البيع بِلَا ثمن وَالْإِجَارَة بِلَا بدل وَكِلَاهُمَا فَاسد وَهُوَ مَحْظُور، وَبَين عقد مُبَاح، وَهُوَ الْهِبَة وَالْعَارِية، فغلب الحاظر، بِخِلَاف بَقِيَّة مَا فرع على الْقَاعِدَة فَإِنَّهُ قد دَار الْأَمر فِي جَمِيعهَا بَين أَمريْن مباحين فَاعْتبر فيهمَا الْمَقْصد وَالْمعْنَى. هَذَا مَا ظهر لي وَالله سُبْحَانَهُ أعلم.
(خَاتِمَة)
هَذِه فروع مُتَعَلقَة بِبيع الْوَفَاء، مقتطفة من جَامع الْفُصُولَيْنِ، من الْفَصْل الثَّامِن عشر مِنْهُ، تذكر فِي هَذِه الْمَادَّة زِيَادَة للفائدة وَتجْعَل خَاتِمَة لَهَا.
(أ) لَا يدْخل الزَّرْع وَالثَّمَر وقوائم الْخلاف فِي بيع الْوَفَاء. وَلَو شَرط دُخُولهَا فِي البيع كَانَ البيع بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا نَافِذا باتاً، وَلها حِصَّة من الثّمن، حَتَّى لَو تفاسخا بيع الْوَفَاء بعد ذَلِك، وَكَانَ المُشْتَرِي قد أَخذ الزَّرْع وَالثَّمَر والقوائم، فَللْبَائِع أَن يقتطع على المُشْتَرِي من الثّمن الَّذِي قَبضه قدر قيمتهَا (كَمَا يُسْتَفَاد ذَلِك من أَوَاخِر صفحة / 240 / وأوائل صفحة / 241 / مِنْهُ) .
(ب) مَا كَانَ مَوْجُودا وَقت بيع الْوَفَاء، من الزَّرْع وَالثَّمَر والقوائم، لَا يجْبر المُشْتَرِي على الصّرْف مِنْهُ على الْعقار الْمَبِيع، لِأَنَّهُ دخل فِي ملكه بِحِصَّة من الثّمن، حَتَّى لَو صرف مِنْهُ بعد البيع، وَلَو صرف مِنْهُ على الْمَبِيع فَلهُ رَفعه عِنْد الْفَسْخ، وَإِنَّمَا يجْبر على الصّرْف على الْمَبِيع بِقدر مُتَعَارَف من غلَّة حدثت بعد البيع.
(ج) بَاعَ كرماً بيعا بِالْوَفَاءِ، فَمضى بعض الْمدَّة وَخرج الثَّمر ثمَّ بَاعه من مُشْتَرِي الْوَفَاء بيعا باتاً وَلم يذكر الثَّمر، فالثمر للْبَائِع لَا للْمُشْتَرِي. وَالظَّاهِر أَن هَذَا مَبْنِيّ على القَوْل بِأَنَّهُ رهن من كل الْوُجُوه، فَتكون زوائده مَمْلُوكَة للْبَائِع، وَلَا تدخل فِي البيع بِدُونِ تنصيص عَلَيْهَا.
(د) لَو اشْتَرَاهُ وَفَاء ثمَّ أجره ثمَّ البَائِع بَاعه من آخر بيعا باتاً وَأَجَازَ مُشْتَرِي الْوَفَاء هَذَا البيع لَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة، لِأَنَّهُ لَيْسَ بمضطر فِي هَذِه الْإِجَازَة فَبَقيت الْإِجَارَة، وَحَيْثُ إِنَّهَا بقيت تكون أُجْرَة مَا بَقِي من الْمدَّة بعد الْإِجَازَة للمؤجر، وَهُوَ المُشْتَرِي وَفَاء. أما لَو كَانَ فسخ بيع الْوَفَاء من جِهَة البَائِع ينظر، فَإِن كَانَت مُدَّة الْإِجَارَة متعارفة لم تَنْفَسِخ، وَلَو كَانَت غير متعارفة، كَأَن آجره عشر سِنِين، لَا تبقى الْإِجَارَة، لِئَلَّا يتفاحش الضَّرَر، بِخِلَاف الْمدَّة المتعارفة لقلَّة الضَّرَر فِيهَا، وَلَو طَالب المُشْتَرِي البَائِع بِثمن الْوَفَاء وَقد كَانَ آجر الْمَبِيع فَللْبَائِع أَن يمْتَنع من أَدَاء الثّمن مَا لم تَنْفَسِخ الْإِجَارَة، وَمثل انفساخها انْتِهَاء مدَّتهَا.
(هـ) البيع بِالْوَفَاءِ يَنْفَسِخ بِالتَّخْلِيَةِ بَين المُشْتَرِي وَبَين ثمنه بِلَا قبض. (كل ذَلِك من صفحة / 241 /) .
(و) لَو بَاعَ عقار غَيره لنَفسِهِ (أَي لأجل نَفسه لَا أَنه بَاعه من نَفسه وَجعل نَفسه مُشْتَريا) بيعا بِالْوَفَاءِ ليصرف ثمنه إِلَى مصلحَة نَفسه، وَكَانَ ذَلِك بِأَمْر مَالِكه صَحَّ وَكَانَ كمستعير (ر: جَامع الْفُصُولَيْنِ، صفحة / 242 / بِالْمَعْنَى) وَقَوله: وَكَانَ كمستعير، أَي مستعير الرَّهْن.
(ز) بَاعَ أرضه وَفَاء فزرعها المُشْتَرِي ثمَّ أدّى البَائِع مَال الْوَفَاء للْمُشْتَرِي حَتَّى انْفَسَخ البيع، وَالزَّرْع بقل، فَهَل يجْبر المُشْتَرِي على تَفْرِيغ الأَرْض أَو تتْرك فِي يَده بِأَجْر الْمثل؟ أجَاب بَعضهم بِأَنَّهُ لَو أدّى البَائِع ثمنه بِطَلَب المُشْتَرِي يجْبر المُشْتَرِي على تفريغها، لَا لَو أَدَّاهُ بِلَا طلبه، بل يتْرك فِي يَده بِأَجْر الْمثل. وَلَو قيل إِنَّه يتْرك فِي يَده بِأَجْر مثله فِي الْوَجْهَيْنِ فَلهُ وَجه (ر: صفحة / 244 / مِنْهُ) ثمَّ نقل بعده مَا يُؤَيّد أَنه يبْقى بِأَجْر الْمثل فِي الْوَجْهَيْنِ.
(ح) ادّعى أَنه شراه باتاً ثمَّ ادّعى أَنه شراه وَفَاء لَا تسمع دَعْوَاهُ الثَّانِيَة، لِأَنَّهُ لَا يُمكن توفيقه (ر: صفحة / 247) .
(ط) بَاعه جَائِزا (أَي وَفَاء) ثمَّ احْتَاجَ إِلَى الْعِمَارَة فَفعل بِأَمْر القَاضِي على أَن يرجع فَلهُ الرُّجُوع (ر: نور الْعين، الْفَصْل الثَّامِن عشر) .
(ي) بَاعَ كرماً بيعا باتاً أَو وَفَاء فِي أَوَان ورد الثَّمر، قيل يدْخل الثَّمر تبعا، وَهُوَ الصَّوَاب، إِذْ الثَّمر لم يظْهر أَو ظهر وَلَكِن لَا قيمَة لَهُ فَصَارَ كحادث بعد البيع (ر: جَامع الْفُصُولَيْنِ، الْفَصْل الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ، صفحة / 100) .
(ك) لَو قبض المُشْتَرِي الْمَبِيع بيعا جَائِزا (أَي بيع وَفَاء) بِحَضْرَة البَائِع قبل نقد الثّمن وَلم يَنْهَهُ لم يجز قَبضه قِيَاسا واستحساناً حَتَّى كَانَ لَهُ أَن يسْتَردّهُ (ر: بَدَائِع الصَّنَائِع، كتاب الْهِبَة، بحث الْقَبْض ج 6 / 124) .
(ل) لَو تواضعا على الْوَفَاء قبل البيع ثمَّ عقد بِلَا شَرط الْوَفَاء فَالْعقد جَائِز، وَلَا عِبْرَة بالمواضعة السَّابِقَة إِلَّا إِذا تَصَادقا أَنَّهُمَا تبَايعا على تِلْكَ الْمُوَاضَعَة (ر: معِين الْحُكَّام، الْبَاب الْأَرْبَعين) .
(م) الْكفَالَة بِمَال الْوَفَاء تصح مُضَافَة لَا فِي الْحَال، إِذْ المَال يجب على البَائِع بعد الْفَسْخ لَا فِي الْحَال (ر: الْمحل الْمَذْكُور قبلا) .
(ن) بَاعه جَائِزا (أَي بيعا بِالْوَفَاءِ) بوكالة ثمَّ مَاتَ مُوكله لَا يَنْعَزِل بِمَوْتِهِ الْوَكِيل (ر: جَامع الْفُصُولَيْنِ، الْفَصْل الثَّامِن عشر، صفحة / 243) . وَالظَّاهِر أَن معنى عدم انعزال الْوَكِيل بِمَوْت الْمُوكل فِي هَذِه الصُّورَة هُوَ بَقَاء الْحُقُوق مُتَعَلقَة بالوكيل، كَمَا فِي البيع البات، فَالْمُرَاد بِهِ دفع توهم أَن الْوَكِيل بِبيع الْوَفَاء يغاير الْوَكِيل بِالْبيعِ البات.