الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْقَاعِدَة السَّابِعَة وَالسِّتُّونَ
(الْمَادَّة / 68))
("
دَلِيل الشَّيْء فِي الْأُمُور الْبَاطِنَة يقوم مقَامه
")
(أَولا _ الشَّرْح)
دَلِيل الشَّيْء فِي الْأُمُور الْبَاطِنَة يقوم مقَامه فيحال الحكم عَلَيْهِ، وَيجْعَل وجود الدَّلِيل وثبوته بِمَنْزِلَة وجود الْمَدْلُول وثبوته، يَعْنِي أَنه يحكم بِالظَّاهِرِ، وَهُوَ الدَّلِيل، فِيمَا يتعسر الِاطِّلَاع عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَمر الباطني.
وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بِالدَّلِيلِ هُنَا الْعَلامَة، كالنصب الَّتِي وضعت لتدل على الْإِذْن بِالدُّخُولِ أَو على عَدمه، كَمَا تقدم فِي الْمَادَّة / 13، لَا مَا يلْزم من الْعلم بِهِ الْعلم بِشَيْء آخر، لِأَن ذَلِك لَيْسَ من الظَّاهِر بل من الْقطعِي الَّذِي لَا يتَخَلَّف.
(ثَانِيًا _ التطبيق)
يتَفَرَّع على هَذِه الْقَاعِدَة مسَائِل: (أ) مِنْهَا: أَن المُشْتَرِي إِذا اطلع على عيب قديم فِي الْمَبِيع، فداواه أَو عرضه للْبيع مثلا كَانَ ذَلِك رضَا مِنْهُ بِالْعَيْبِ.
(ب) وَمِنْهَا إِذا أوجب أحد الْمُتَعَاقدين فتشاغل الآخر بِمَا يدل على الْإِعْرَاض من قَول أَو عمل بَطل الْإِيجَاب.
(ج) وَمِنْهَا: أَن الْمُلْتَقط إِذا أشهد حِين الْأَخْذ وَعرفهَا كَانَت أَمَانَة عِنْده لَا تضمن، وَإِلَّا فَهِيَ غصب، لِأَن الْقَصْد لَا يُوقف عَلَيْهِ.
فمداواته أَو عرضه للْبيع فِي الْفَرْع الأول دَلِيل الرِّضَا، والاشهاد والتعريف
فِي الْفَرْع الثَّالِث دَلِيل قصد الرَّد على الْمَالِك، وَقَالَ أَبُو يُوسُف: لَو لم يشْهد أَو لم يعرفهَا فَقَالَ الْمَالِك: أَخَذتهَا لنَفسك، وَقَالَ الْآخِذ: أَخَذتهَا لأردها، فَالْقَوْل قَول الْآخِذ بِيَمِينِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمد.
(د) وَمِنْهَا: أَن من رأى شَيْئا فِي يَد آخر يتَصَرَّف فِيهِ تصرف الْملاك بِلَا معَارض وَلَا مُنَازع، وَكَانَ مِمَّن يملك أَمْثَاله مثله، جَازَ لَهُ أَن يشْهد لَهُ بِأَنَّهُ ملكه، لِأَن الْملك من الْأُمُور الْخفية غير الْمُشَاهدَة، وَإِنَّمَا تشاهد دلائله من وضع الْيَد وَالتَّصَرُّف.
(هـ) وَمِنْهَا: عدم سَماع الدَّعْوَى فِيمَا إِذا تَركهَا الْمُدَّعِي مُدَّة مُرُور الزَّمن الْمقدرَة ب (36) سنة فِي الْوَقْف، وب (15) سنة فِي غَيره.
وَكَذَا لَو كَانَ حَاضرا عقد البيع ثمَّ شَاهد المُشْتَرِي يتَصَرَّف بِالْمَبِيعِ تصرف الْملاك فِي أملاكهم من هدم وَبِنَاء وَنَحْوهمَا وَهُوَ سَاكِت بِلَا عذر، وَبعد ذَلِك جَاءَ يَدعِي بِأَن هَذَا الْمَبِيع ملكه، فَإِن دَعْوَاهُ أَيْضا لَا تسمع وَإِن لم يمض عَلَيْهَا مُرُور الزَّمن. (ر: الْمَادَّتَيْنِ / 1659 و 1660 / من الْمجلة) . لِأَن تَركه الدَّعْوَى مُدَّة مُرُور الزَّمن فِي الْمَسْأَلَة الأولى، وسكوته فِي الثَّانِيَة دَلِيل عدم الْحق الَّذِي هُوَ من الْأُمُور الْخفية.
(و) وَمِنْهَا: الْقَتْل الْعمد، فَإِن قصد الْقَتْل لَا يُوقف عَلَيْهِ، فأقيم اسْتِعْمَاله الْآلَة الْجَارِحَة مقَام الْقَصْد والتعمد (ر: شرح الْمَادَّة / 2) .
(ز) وَمِنْهَا: إقامتهم الْخلْوَة بِالزَّوْجَةِ مقَام الْوَطْء فِي إِلْزَام الزَّوْج كل الْمهْر لِأَن الْوَطْء مِمَّا يخفى، وَالْخلْوَة الصَّحِيحَة دَلِيل عَلَيْهِ فأقيمت مقَامه.
(ح) وَمِنْهَا: أَن الْعمَّال والجباة وَالتَّابِعِينَ لبيت المَال ومتولي الْأَوْقَاف وكتبتها إِذا توسعوا فِي الْأَمْوَال، وبنوا الْأَمَاكِن، وتعاطوا أَنْوَاع اللَّهْو كَانَ ذَلِك دَلِيلا على خيانتهم الْبَاطِنَة، فللحاكم حِينَئِذٍ مصادرتهم بِأخذ الْأَمْوَال وعزلهم. فَإِن عرف خِيَانَة أَرْبَاب الْأَوْقَاف فِي وقف معِين رد المَال إِلَيْهِ، وَإِلَّا وَضعه فِي بَيت المَال (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، قبيل كَفَالَة الرجلَيْن) .
فَلْينْظر إِلَى عَدَالَة هَذَا الشَّرْع المطهر، وحزمه وَضَبطه وسياسته الكافية الكافلة لسعادة الْأمة.
(ط) وَمِنْهَا: ردهم شَهَادَة الْأَجِير الْخَاص لمستأجره، وَشَهَادَة الْآبَاء للأبناء، وَالزَّوْج لزوجته وَعَكسه. فقد أَقَامُوا دَلِيل الْخِيَانَة من الْأَمْوَال فِي الْفَرْع الأول (رقم ز) ، وَدَلِيل الْمُحَابَاة فِي الشَّهَادَة فِي الْفَرْع الْأَخير، مقَام الِاطِّلَاع على الْخِيَانَة والمحاباة حَيْثُ كَانَت الْخِيَانَة والمحاباة من الْأُمُور الْبَاطِنَة.
(ي) وَمِنْهَا: مَا لَو دخل رجل مَعْرُوف بالدعارة على رجل فِي منزله، فبادره صَاحب الْمنزل فَقتله وَقَالَ: إِنَّه دخل عَليّ ليقتلني، لم يجب الْقصاص حَيْثُ كَانَ الدَّاخِل مَعْرُوفا بالدعارة (ر: معِين الْحُكَّام، الْقسم الثَّالِث، الْفَصْل الثَّالِث فِي الدَّعَاوَى بالتهم والعدوان) .
(ثَالِثا _ الْمُسْتَثْنى)
يسْتَثْنى من هَذِه الْقَاعِدَة: - مَا لَو أدخلت الْمَرْأَة حلمة ثديها فِي فَم الرَّضِيع وَلم يدر أَدخل اللَّبن فِي حلقه أم لَا؟ فَإِنَّهُ لَا يحرم. (ر: مَا تقدم فِي الْمَادَّة / 9) .
((الصفحة فارغة))