الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ز) وَمِنْهَا: مَا لَو عقد على أُخْتَيْنِ متعاقباً وَنسي الأول، ثمَّ دخل على إِحْدَاهمَا اعْتبر دُخُوله بهَا بَيَانا لكَونهَا هِيَ السَّابِق نِكَاحهَا فَإِذا صرح بعد دُخُوله بهَا أَن تِلْكَ الْأُخْرَى هِيَ السَّابِق نِكَاحهَا يعْتَبر تصريحه بذلك، إِذْ الدّلَالَة لَا تعَارض التَّصْرِيح. (ر: رد الْمُحْتَار، من الْمُحرمَات، عِنْد قَول الْمَتْن: وَإِن تزوجهما مَعًا أَو بعقدين وَنسي الأول) .
(ح) وَمِنْهَا: مَا لَو تنَازع شخصان شَيْئا فِي يَد أَحدهمَا وكل مِنْهُمَا يزْعم أَنه ملكه بِالشِّرَاءِ من شخص ثَالِث وَلم يذكرَا تَارِيخ الشِّرَاء أَو ذكره أَحدهمَا فَقَط وَأقَام كل مِنْهُمَا الْبَيِّنَة على دَعْوَاهُ، ترجح بَيِّنَة ذِي الْيَد، لِأَن تمكنه من قَبضه دَلِيل على سبق شِرَائِهِ، لَكِن لَو ادّعى الْخَارِج أَن شِرَاءَهُ قبل شِرَاء ذِي الْيَد وَأقَام بَيِّنَة شهِدت لَهُ بذلك يحكم لَهُ، لِأَن تَصْرِيح الشُّهُود يفوق دلَالَة الْيَد على سبق الشِّرَاء. (ر: الدُّرَر وَغَيره من بَاب دَعْوَى الرجلَيْن) .
(ط) وَكَذَلِكَ مِنْهَا: مَا لَو تنَازع رجلَانِ فِي امْرَأَة، فَكل مِنْهُمَا يَدعِي أَنَّهَا زَوجته، وَأَقَامَا بينتين على ذَلِك وَلم يبينا تَارِيخا للنِّكَاح، ينظر: فَإِن لم يكن دخل بهَا أَو نقلهَا إِلَى منزله أَحدهمَا ترد الْبَيِّنَتَانِ، لعدم إِمْكَان الِاشْتِرَاك فِي النِّكَاح، وَيحكم بنكاحها لمن تصدقه هِيَ مِنْهُمَا، وَإِن كَانَت فِي بَيت أَحدهمَا أَو كَانَ دخل بهَا ترجح بَينته وَلَا يلْتَفت إِلَى تصديقها لخصمه الآخر، لِأَن تمكنه من نقلهَا أَو الدُّخُول بهَا هُوَ دلَالَة على سبق عقده، إِلَّا إِذا برهن الآخر على أَنه تزَوجهَا قبله فَيكون حينئذٍ هُوَ أولى بهَا، لِأَن الصَّرِيح يفوق الدّلَالَة. (ر: الدُّرَر، من الْبَاب الْمَذْكُور) .
وَإِذا كَانَت الْمُدعى نِكَاحهَا ميتَة يخْتَلف الحكم فِيهَا حينئذٍ، وَقد قدمْنَاهُ فِي البند / 12 / من كلامنا على الْمَادَّة الثَّالِثَة:" الْعبْرَة فِي الْعُقُود للمقاصد والمعاني " فَانْظُرْهُ هُنَاكَ.
(تَنْبِيهَات)
- إِنَّمَا يعْتَبر الصَّرِيح وَيقدم على الدّلَالَة إِذا لم يجِئ بعد أَن تعْمل الدّلَالَة عَملهَا، أما إِذا جَاءَ بعد أَن عملت الدّلَالَة عَملهَا تعْتَبر الدّلَالَة دون التَّصْرِيح.
(ر: الدُّرَر، أَوَائِل الْبيُوع، عِنْد قَول الْمَتْن: وَيبْطل الْإِيجَاب بِقِيَام أَيهمَا عَن الْمجْلس قبل الْقبُول)، حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ: لِأَن الْقيام دَلِيل الرُّجُوع، وَالدّلَالَة تعْمل عمل الصَّرِيح. اعْترض بِأَنَّهَا إِنَّمَا تعْمل عمله إِذا لم يُوجد صَرِيح يعارضها، وَهَا هُنَا لَو قَالَ بعد الْقيام قبلت وجد الصَّرِيح وَلم يعْتَبر. ورد بِأَن الصَّرِيح إِنَّمَا وجد بعد الدّلَالَة وَلذَا لم يعارضها.
- قد تكون الدّلَالَة فِي بعض الْأَوْقَات أقوى من الصَّرِيح، يثبت بهَا مَا لَا يثبت بِهِ، وَذَلِكَ فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة لم أظفر بثانية لَهَا، وَهِي مَا نصوا عَلَيْهِ من أَن الْحَاكِم لَيْسَ لَهُ أَن يَسْتَنِيب آخر عَنهُ إِلَّا إِذا كَانَ مفوضاً لَهُ بالاستنابة صَرِيحًا، كول من شِئْت وَنَحْوه، أَو مفوضاً لَهُ دلَالَة كجعلناك قَاضِي الْقُضَاة، فَإِذا كَانَ التَّفْوِيض لَهُ صَرِيحًا بِمَا ذكر فَإِنَّهُ يملك الِاسْتِنَابَة وَلَا يملك عزل النَّائِب، أما إِذا كَانَ التَّفْوِيض لَهُ دلَالَة فَإِنَّهُ يملك الِاسْتِنَابَة والعزل. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، فصل الْحَبْس، عِنْد قَول الْمَتْن: وَلَا يسْتَخْلف قَاض) . فقد عملت الدّلَالَة هُنَا مَا لَا يعمله الصَّرِيح، وَيثبت بهَا مَا لم يثبت بِهِ.
- إِن مَا نقل عَن الدُّرَر من كتاب الْبيُوع يشكل عَلَيْهِ مَا نقل سَابِقًا عَن رد الْمُحْتَار من كتاب النِّكَاح، بَاب الْمُحرمَات، من اعْتِبَار وَطْء الزَّوْج إِحْدَى الْأُخْتَيْنِ بَيَانا لكَونهَا هِيَ السَّابِق نِكَاحهَا ثمَّ إِذا صرح بِأَن الثَّانِيَة هِيَ ذَات النِّكَاح السَّابِق اعْتبر تصريحه، حَيْثُ إِن التَّصْرِيح فِيهَا جَاءَ مُعْتَبرا بعد أَن عملت الدّلَالَة عَملهَا.
وَيُمكن أَن يُجَاب بِأَن تبين ذَات النِّكَاح السَّابِق أَمر تَابع للْوَاقِع وَنَفس الْأَمر، لَا للْبَيَان. فوطء الزَّوْج لإحداهما لَا يَجْعَلهَا هِيَ ذَات النِّكَاح السَّابِق فِي نفس الْأَمر، بل يَجْعَل بَيَانا ضَرُورَة حمل فعله على الصّلاح، فَإِذا صرح بعده بِأَن الْأُخْرَى هِيَ السَّابِق نِكَاحهَا كَانَ تصريحه فَوق الْبَيَان الَّذِي صير إِلَيْهِ ضَرُورَة، وَأقوى فِي الدّلَالَة على الْوَاقِع وَنَفس الْأَمر، فَاعْتبر.
(ثَالِثا _ الْمُسْتَثْنى)
يسْتَثْنى من هَذِه الْقَاعِدَة:
(أ) مَا لَو اشْترى شَيْئا ثمَّ اطلع على عيب فِيهِ فَاسْتَعْملهُ اسْتِعْمَالا يدل على الرِّضَا بِالْعَيْبِ وَهُوَ يُصَرح بِعَدَمِ الرِّضَا بِهِ فَإِنَّهُ يلْزمه الْمَبِيع وَلَا يقبل مِنْهُ تصريحه بِعَدَمِ الرِّضَا. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار وحاشيته رد الْمُحْتَار، من خِيَار الْعَيْب) .
(ب) وَيسْتَثْنى أَيْضا مَا لَو بنى الْمُتَوَلِي أَو غرس فِي عقار الْوَقْف وَلم يشْهد أَنه لنَفسِهِ ثمَّ اخْتلف مَعَ الْمُسْتَحقّين فَقَالَ: فعلته لنَفْسي، وَقَالُوا: بل للْوَقْف، فَالْقَوْل قَوْلهم، تَرْجِيحا للدلالة بِكَوْنِهِ مُتَوَلِّيًا، وبناؤه وغرسه لنَفسِهِ غير جَائِز ويعد خِيَانَة مِنْهُ، وَالْأَصْل عَدمه على تصريحه بِأَنَّهُ فعل لنَفسِهِ. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار وحاشيته رد الْمُحْتَار، من الْوَقْف) .
(ج) وَيسْتَثْنى أَيْضا: مَا لَو اشْترى إِنْسَان حَيَوَانا ثمَّ قَالَ لمن يساومه عَلَيْهِ: اشتره فَلَا عيب بِهِ، وَلم يتَّفق بَينهمَا البيع ثمَّ وجد بِهِ عَيْبا، فَلهُ رده على بَائِعه، وَلَا يمنعهُ إِقْرَاره السَّابِق لمن ساومه بِأَنَّهُ لَا عيب فِيهِ لِأَن كَلَامه ذَلِك مجَاز عَن الترويج، لظُهُور أَنه لَا يَخْلُو عَن عيب، فيتيقن بِأَن ظَاهر إِقْرَاره غير مُرَاد.
إِلَّا إِذا كَانَ عين نوع الْعَيْب فَقَالَ: لَا شلل بِهِ أَو لَا عور مثلا، فَإِنَّهُ لَا يردهُ بعد ذَلِك بِهَذَا الْعَيْب الَّذِي نَفَاهُ، لِأَنَّهُ يُحِيط الْعلم بِهِ فَيعْتَبر إِقْرَاره وَيحكم بِأَن هَذَا الْعَيْب حدث عِنْده بعد إِقْرَاره بِعَدَمِهِ. (ر: تنوير الْأَبْصَار وَشَرحه الدّرّ الْمُخْتَار، فِي بَاب خِيَار الْعَيْب، عِنْد قَول المُصَنّف: اشْترى عبدا فَقَالَ لمن ساومه إِيَّاه اشتره فَلَا عيب بِهِ) .